فصل الشتاء ربيع المؤمن – أبو جابر عبد الحليم توميات حفظه الله 2024.

الخطبة الأولى:[بعد الحمد والثّناء]

فيقول المولى تبارك وتعالى:{أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِيالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)}.
يستفتح الله تعالى هذه الآية بأداة الاستفتاح والتّنبيه، وذلك لنُصغِي إليه الأسماع والآذان، ونفتح له الفؤاد والجنان، ليحدّثك عن وعده لأوليائه، وأنصاره وأحبّائه، أن: لا خوفٌ عليهم فيما هو آت، ولا حزن على ما قد مضى أو فات، ويبشّرهم بشارة ظاهرة، بالسّعادة في الدّنيا والآخرة، {وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: من الآية111].
أمّا في الحياة الدّنيا: فقد كتب الله كتابا لا تبديل فيه أنّ أولياءه هم الغالبون فقال:{وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}[المائدة: 56].

أمّا في ساعة توديع الحياة الدّنيا: فقد كتب الله كتابا لا تبديل فيه أنّ أولياءه هم الآمنون، فقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31)} [فصّلت].
أمّا يوم القيامة: فقد كتب الله كتابا لا تبديل فيه أنّ أولياءه هم الفائزون:{يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68) الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70)} [الزّخرف].
فمن هم أولياء الله ؟
أهم الّذين تُبنى عليهم القِباب ؟ أهُم الذين تبنى عليهم الأضرحة ويُقصَدون دون العزيز الوهّاب ؟
هذا ما شاع لدى عامّة المسلمين قرونا وقرونا طويلة، ظنّوا ولاية الله لعباده إنّما هي لخاصّة النّاس ! وكيف لا وهم لا يتدبّرون كلام الله الّذي فسّر لنا معنى الوليّ فقال:{الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} ؟
أي: إنّ الّذين حقّقوا توحيده والإيمان به ولم يُشركوا به شيئا، {وَكَانُوا يَتَّقُونَ}، فما من شيء أمرهم به إلاّ فعلوه، وما من شيء نهاهم عنه إلاّ اجتنبوه، وإن زلّت بهم الأقدام وضلّت بهم الأفهام تابوا إليه واستغفروه:{إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} [الأعراف:196].
فالصّالحون من عباد الله هم أولياؤه، وأهله وأحبّاؤه.
ولمّا ابتعد أكثر النّاس عن صفات الصّالحين، أضاعوا ما وعدهم الله به أن:{لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} فصاروا من أشدّ النّاس هلعا، وأكثرهم فزعا، وأشدّهم في الحياة طمعا، يُفتنون في كلّ عام مرّة أو مرّتين ثمّ لا يتوبون ولا هم يذّكرون.
{وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} فصار كثير منهم مثالا للحزن والشّقاء، تحت حرّ البأساء والضرّاء.
فالأزمة أزمة أولياء لله، والأزمة أزمة أقوام صالحين:{يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: من الآية104].
ينقصنا عدد كبير من أولياء الله تعالى الّذين تنبعِث من وجوههم أنوار الطّاعة، وتباشير الصّلاح، قال ابن عبّاس رضي الله عنه:" أولياء الله تعالى الّذين إذا رُؤوا ذُكِر الله تعالى "[1].
أولياء الله الّذين إذا أقسموا على الله أبرّهم، وإذا استنصروه نصرهم.
أولياء الله الّذين قال فيهم المولى تبارك وتعالى في الحديث القدسي الّذي رواه البخاري: (( مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُالَّتِي يَبْطِشُبِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ )).
فكيف السّبيل إلى بلوغ ولاية الله عزّ وجلّ ؟
ألا فاعلموا أنّ الله تعالى قد فتح بابين لبلوغ ولايته، وقربه وكرامته:
الباب الأوّل: العلمباللهعزّ وجلّ وبما يقرّب إليه.
ففي مقدّمة أولياء الله بعد الأنبياء هم ورثتهم من العلماء الربّانيّين، أعلام الهدى ومصابيح الدُّجى، قال تعالى:{يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: من الآية11].
وروى التّرمذي عن أبي هريرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلَا إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا، إِلَّا ذِكْرَ اللهِ، وَمَا وَالَاهُ، وَعَالِمٌ، أَوْ مُتَعَلِّمٌ )). قال الإمام أحمد: إن لم يكن أهل العلم هم أولياءَ الله فليس لله وليّ !
ولكن، لو حصرنا ولاية الله تعالى في العلماء، لقلّ عدد الصّالحين في هذه الأمّة ؟ فمن فضل الله تعالى ومنّه وكرمه أنّه فتح بابا واسعا لمن قصرت بهم الهمم في تحصيل العلم، وأن يكونوا من أهل العلم، ذلكم الباب هو:
الباب الثّاني: العبادة.
العبادة والإكثار منها .. العبادة التي من أجلها خُلِق ابن آدم، وهو فيها مقصّر، ثمّ تراه مقصِّرا في إدراك وتدارك هذا التّقصير !
العبادة الّتي جعلها الله أجمل حلّة وأفضل وسام، وأشرف منزل وأعظم مقام، وكفى بها شرفا أنّها تُدخِلُك في زمرة من ناداهم المولى تعالى قائلا:{يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} [الزخرف:68]..
كفاها شرفا أنّك تدخل بها تحت من وصفهم بقوله:{وَإِذَاسَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: من الآية186]، {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الحجر:42]، {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الحجر:49].
حتّى يأتيَ نصر الله وانتصاره:{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء:105].
وحتّى ينادى نداءً طال انتظاره:{فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر:29]..

وممّا زادني شرفـا وتَـْيهـاً *** وكِدْت بأَخْمُصَيَّ أطأ الثريّا
دخولي تحت قولك: يا عبادي*** وأن صيّرت أحمد لـي نبيّا

وتأمّلوا حال الأوّلين وعزّهم وسيادتهم، ومجدهم وشرفهم، ما رُفعوا إلاّ لأنّهم رفعوا ألوية العبادة.
هذا إمام العابدين، وحامل لواء المتّقيين، محمّد صلّى الله عليه وسلّم:
روى أبو داود والنّسائي – وأصل الحديث في صحيح مسلم – عن حذيفَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ، فَكَانَ يَقُولُ: (( اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا، ذُو الْمَلَكُوتِ وَالْجَبَرُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ )).
ثُمَّ اسْتَفْتَحَ، فَقَرَأَ الْبَقَرَةَ ثُمَّ رَكَعَ، فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، وَكَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ (( سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ ))، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ، فَكَانَ قِيَامُهُ نَحْوًا مِنْ رُكُوعِهِ يَقُولُ: (( لِرَبِّيَ الْحَمْدُ ))، ثُمَّ سَجَدَ فَكَانَ سُجُودُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، فَكَانَ يَقُولُ في سُجُودِهِ: (( سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى ))، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ، وَكَانَ يَقْعُدُ فِيمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ نَحْوًا مِنْ سُجُودِهِ، وَكَانَ يَقُولُ: (( رَبِّاغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي )) فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَقَرَأَفِيهِنَّالْبَقَرَةَ، وَآلَعِمْرَانَ، وَالنِّسَاءَ، وَالْمَائِدَةَ، أَوْالْأَنْعَامَ.
وروى الإمام أحمد عن عَلِيٍّ رضي الله عنه قال: مَا كَانَ فِينَا فَارِسٌ يَوْمَ بَدْرٍ غَيْرُ الْمِقْدَادِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا فِينَا إِلَّا نَائِمٌ، إِلَّا رَسُولَ اللهِصلّىالله عليه وسلّمتَحْتَ شَجَرَةٍ يُصَلِّي وَيَبْكِي حَتَّى أَصْبَحَ – وفي رواية: يناشد ربّه -.
وروى البخاري عن عائشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم كَانَ يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللهِ، وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ؟! قال: (( أَفَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا ! )).
وروى النّسائي وابن ماجه عن أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قالَ: ( قَامَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم حَتَّى إِذَا أَصْبَحَ بِآيَةٍ، وَالآيةُ:{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.
{اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سـبأ: من الآية13].
وعلى هذا الصّراط السّويّ سار الصّحابة والتّابعون، وصاروا خير القرون، مع ما هم عليه من الجهاد في سبيل الله، والإنفاق ابتغاء مرضاة الله، حازوا قصبات السّباق، فلا طمع لأحد من الأمّة بعدهم في اللّحاق، ولكن المبرّز من اتّبع صراطهم المستقيم، واقتفى منهاجهم القويم.
أبو بكررضي الله عنه:
صدّيق هذه الأمّة، روى مسلم عنْ أبِي هريرةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ صَائِمًا ؟)) قال أبو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا ! قالَ: (( فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ جَنَازَةً ؟)) قالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا ! قالَ: (( فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مِسْكِينًا ؟)) قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا ! قالَ: (( فَمَنْ عَادَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مَرِيضًا ؟)) قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ )).

عجبا من سيرك المدلّل *** تمشي رويدا وتجي في الأوّل

عمر بن الخطّابرضي الله عنه: يقول العبّاس رضي الله عنه:" كنت جارا لعمر بن الخطّاب فما رأيت أحدا أفضل من عمر: إنّ ليله صلاة ونهاره صيام، وإنّه لفي حاجة النّاس".
وكان رضي الله عنه يقول: لولا ثلاث لما أحببت البقاء: أن أُحْمَل على جياد الخيل في سبيل الله، ومكابدة اللّيل، ومجالسة الصّالحينينتقون أطايب الكلام كما ينتقون أطايب الثّمر ".
وعن هشام بن الحسن قال: كان عمر رضي الله عنه يمرّ بالآية في ورده، فتخنقه، فيبكي حتّى يسقط، ثمّ يلزم بيته حتّى يُعادَ يحسَبونَه مريضا ! وقرأ مرّة قول يعقوب عليه السّلام:{إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ} [يوسف: من الآية86] فسُمع نشيجه من آخر الصفّ.
فاللّهم أنت أصلحت الصّالحين، أصلح قلوبنا، واغفر ذنوبنا، واكشف همومنا وكروبنا، وصلّ اللهمّ على محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم.
الخطبة الثّانية:
الحمد لله على إحسانه، وعلى جزيل عطائه وعظيم امتنانه، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له تعظيما لشانه، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله الدّاعي إلى سبيله ورضوانه، اللهمّ صلّ عليه وسلّم وعلى أصحابه وآله، وعلى كلّ من اتّبع طريقه وسار على منواله، أمّا بعد:
فإنّ من مواسم العبادة الّتي يغفل عنها كثير من النّاس: هذه الأيّام الّتي تظّلنا، وعلى أرضها تقلّنا.
إنّنا نعيش أيّاما من موسم عظيم، ينادي المسلم بأعلى صوته، ويدعوه من قبل موته: اغتنم هذه الأيّام قبل انقضائها ! وتمسّك بهذه الفرص قبل فواتها ! ألا إنّه موسم فصل الشّتاء ..
النّاس جميعهم، والأجناس كلّهم لا يختلفون في النّظر إليه على أنّه فصل البرد والقرّ، فصل يُجبرك على أن تسارع إلى أن تتّخذ التّدابير لئلاّ تعاني من ألمه، ولتسلم من سقمه ..
فصل يستقبله الناس وكأنّه من الغزاة، فيُعِدّوا له ما استطاعوا من قوّة من أنواع المدافئ والمعاطف، والثّياب الثّقيلة والأغطية الكثيرة، صدًّا لهجوم رياحٍ باردة، وقرصات ليل لاذعة ..
وهنا يقف استعدادهم وتدبيرهم .. ويحُطّ رحاله تفكيرهم ..
إلاّ فئةً من النّاس يحيّرك موقفهم، وتلفت انتباهَك نظرتهم: إنّهم عبّاد هذه الأمّة.
لقد تأمّلوا آيات الله عزّ وجلّ القائل:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْل} [لقمان: من الآية29]، فرأوا أنّ الله يُدخل في فصل الشّتاء جزءا من النّهار في اللّيل، فيقصر النّهار ويطول اللّيل.
عندئذٍ أدرك سلف هذه الأمّة هذه الدّعوة إلى التأمّل، فعرفوا فضلَ هذا الموسم العظيم، وأنّه رحمة من العليّ الكريم، فراحوا يسارعون في الخيرات، واغتنام الأجر والثواب في الأعمال الصّالحات، ومن درر كلامهم رحمهم الله قولهم:" الشِّتَاءُ رَبِيعُ المُؤْمِنِ ".
وهذا كلام في غاية الجمال، وفي ذروة الجودة والكمال، قال ابن رجب رحمه الله في شرحه لهذا الأثر:
" وإنّما كان الشّتاء ربيعَ المؤمن لأنّه يرتع فيه في بساتين الطّاعات، ويسرح في ميادين العبادات ".
فمن الأعمال الجليلة هذه الأيّام: صيام النّهار، وقيام اللّيل.
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ( مَرْحبًا بِالشِّتَاءِ، تَنْزِلُ فِيهِ البَرَكَةُ، وَيَطُولُ فِيهِ اللَّيْلُ لِلْقِيَامِ، وَيَقْصُرُ فِيهِ النَّهَارُ لِلصِّيَامِ ).
وقال الحسن البصري رحمه الله: ( نِعْمَ زَمَانُ المُؤْمِنِ الشِّتَاءُ: لَيْلُهُ طَوِيلٌ فَيَقُومُهُ، وَنَهَارُهُ قَصِيرٌ فَيَصُومُهُ ).
وكان عبيد بن عمير رحمه الله إذا جاء الشّتاء قال: ( يا أهل القرآن ! طال ليلكم لقراءتكم فاقرؤوا، وقصُر النّهار لصيامكم فصوموا ).
وقال يحيى بن معاذ: ( اللّيل طويل فلا تقصّره بمنامك، والإسلام نقيّ فلا تدنّسه بآثامك ).
سينقضي هذا الفصل، ويعود النّاس من معركتهم معه بالسّلامة من برده وقرّه، ويعود المؤمن العامل بالغنيمة من أجره، ومن كلام السّلف: "الصّوْمُ في الشِّتَاءِ الغنِيمةُ البَارِدَةُ".
قال الخطّابي رحمه الله:" الغنيمة الباردة أي: السّهلة، ولأنّ حرّة العطش لا تنال الصّائم فيه ".
وقال ابن رجب:" غنيمة باردة: لأنّها حصلت بغير قتال ولا تعب ولا مشقّة، فصاحبها يحوز هذه الغنيمة عفواً صفواً بغير كلفة ".
وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول:" أَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى الغَنِيمَةِ البَارِدَةِ ؟" قالوا بلى. قال:" الصِّيَامُ فِي الشِّتَاءِ، وَقِيَامُ لَيْلِ الشِّتَاءِ ".
فحريٌّ بنا أيّها المؤمنون اقتناص هذه الغنيمة لا سيّما في مثل هذا الشّهر العظيم شهر الله المحرّم، فيغتنم المؤمن أيّامه الفاضلة مثل الاثنين والخميس، أو ما تيسّر منه، وأن نسارع في الأسحار إلى الوقوف بين يدي الواحد القهّار، فوالله ما كانت الأمّة أحوج إلى ذلك مثل هذه الأيّام.
روى الحاكم أنّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال لرجُلٍ وهو يَعِظُهُ: (( اِغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَقَبْلَهَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَقَبْلَسَقَمِكَ، وَغِنَاكَقَبْلَفَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَقَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَقَبْلَ مَوْتِكَ )).
ألا فاحرصوا على الطيّب من الأقوال والأعمال: صلّوا باللّيل والنّاس نيام، وتقرّبوا إلى المولى بالصّيام، وأطعموا الطّعام، تدخلوا جنّة ربّكم بسلام.

السلام عليك أخي ورحمة الله
اللهم وفقنا لكل ما تحب وترضى
بارك الله فيك

بارك الله فيك .

نيات المؤمن بأضحيته 2024.

الحمد لله رب العالمين,والصلاة والسلام على سيد ولد ءادم أجمعين,وعلى آله الطيبين, وصحابته الغر الميامين,ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين,أما بعد:
اعلم أن المسلم يمكن أن ينوي بالأضحية نيات عدة يؤجر عليها ,وهي في نفس الوقت حكَمٌ من حكم شرعية الأضحية,وهاهي دونك عض عليها بالنواجد:


1.التقرب إلى الله بالذبح.

2-التصدق على الفقراء والمحتاجين.

3-التودد إلى الأصدقاء بالهدية منها.

4-الأكل منها والتوسعة على الأهل والعيال.

5-إظهار شعائر الإسلام.

6-تذكر حال أئمة الهدى إبراهيم الخليل وإسماعيل وأتباعهما و الإعتبار بحالهم في بذل النفوس والأموال في طاعة الله.

7-التشبه بالحجاج والشوق إلى ما هم فيه,ولهذا سن التكبير في الأيام المعدودات[واذكروا الله في أيام معدودات] وشرع ترك قص الأظافر والشعر لمن قصد الأضحية.

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

بارك الله فيكم و جزاكم خيرا

أردت التأكد هل إهداء الثلث من الأضحية واجب أم سنة أم ما حكمه إن أمكن من أقوال العلماء ؟؟

و بارك الله فيكم

بارك الله فيكم اخي الفاضل

فهذه رسالة من تأليف فقيه زمانه الشيخ العلامة
محمد بن صالح بن عثيمين
-رحمه الله-
بعنوان
تلخيص كتاب أحكام الأضحية والذكاة

للتصفح
https://www.calameo.com/read/0001319106c6388233b8e

للتحميل

https://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=30475

شكرا على كل هذه التوضيحات والمعلومات القيمة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهج السلف الجيريا
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

بارك الله فيكم و جزاكم خيرا

أردت التأكد هل إهداء الثلث من الأضحية واجب أم سنة أم ما حكمه إن أمكن من أقوال العلماء ؟؟

و بارك الله فيكم

وعليكم السلام ورحمة الله

وفيكم بارك الله

على الرابط أو في التوقيع بحث يخص أحكام الأضحية:

الأُضْحِيَّةُ: حِكَمٌ وَأَحْكَامٌ

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواثق الجيريا
بارك الله فيكم اخي الفاضل

فهذه رسالة من تأليف فقيه زمانه الشيخ العلامة
محمد بن صالح بن عثيمين
-رحمه الله-
بعنوان
تلخيص كتاب أحكام الأضحية والذكاة

للتحميل

https://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=30475

وفيك بارك الله أخي الواثق

وفيما يخص الرسالة بعد التحميل الآيات تظهر بلغة غير مفهومة

بارك الله فيك أخي الكريم

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nardjesse2 الجيريا
بارك الله فيك أخي الكريم

وفيكم بارك الله…

نيات المؤمن بأضحيته

أفضل مايحن إليه المؤمن 2024.

[i][font=c
وأي حنين أعظم من هذا

كل المشاركون يحنون إلى الدنيا وزخارفها وغفلوا عن من هو أعظم

اللهم أحيي قلوبنا يوم تموت القلوب[/center]

السعدي : المؤمن القوي ! 2024.

السعدي : المؤمن القوي !

محمد جميل حمامي

قال العلامة السعدي رحمه الله تعالى :

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ. احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ. وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ، كان كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» رواه مسلم.

هذا الحديث اشتمل على أصول عظيمة وكلمات جامعة :
فمنها: إثبات المحبة صفة لله، وأنها متعلقة بمحبوباته وبمن قام بها ودل على أنها تتعلق بإرادته ومشيئته، وأيضا تتفاضل. فمحبته للمؤمن القوي أعظم من محبته للمؤمن الضعيف.

ودل الحديث على أن الإيمان يشمل العقائد القلبية، والأقوال والأفعال، كما هو مذهب أهل السنة والجماعة ; فإن الإيمان بضع وسبعون شُعْبَةً، أَعْلَاهَا: قَوْلُ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) وَأَدْنَاهَا: إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ منه. وهذه الشعب التي ترجع إلى الأعمال الباطنة والظاهرة كلها من الإيمان. فمن قام بها حق القيام، وكمل نفسه بالعلم النافع والعمل الصالح، وكمل غيره بالتواصي بالحق، والتواصي بالصبر: فهو المؤمن القوي الذي حاز أعلى مراتب الإيمان، ومن لم يصل إلى هذه المرتبة: فهو المؤمن الضعيف.
وهذا من أدلة السلف على أن الإيمان يزيد وينقص، وذلك بحسب علوم الإيمان ومعارفه، وبحسب أعماله.
وهذا الأصل قد دل عليه الكتاب والسنة في مواضع كثيرة.

ولما فاضل النبي صلى الله عليه وسلم بين المؤمنين قويهم وضعيفهم خشي من توهم القدح في المفضول، فقال: «وفي كل خير» وفي هذا الاحتراز فائدة نفيسة، وهي أن على من فاضل بين الأشخاص أو الأجناس أو الأعمال أن يذكر وجه التفضيل، وجهة التفضيل. ويحترز بذكر الفضل المشترك بين الفاضل والمفضول، لئلا يتطرق القدح إلى المفضول وكذلك في الجانب الآخر إذا ذكرت مراتب الشر والأشرار، وذكر التفاوت بينهما. فينبغي بعد ذلك أن يذكر القدر المشترك بينهما من أسباب الخير أو الشر. وهذا كثير في الكتاب والسنة.
وفي هذا الحديث: أن المؤمنين يتفاوتون في الخيرية، ومحبة الله والقيام بدينه وأنهم في ذلك درجات {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} [الأحقاف: 19]
ويجمعهم ثلاثة أقسام: السابقون إلى الخيرات، وهم الذين قاموا بالواجبات والمستحبات، وتركوا المحرمات والمكروهات، وفضول المباحات، وكملوا ما باشروه من الأعمال، واتصفوا بجميع صفات الكمال. ثم المقتصدون الذين اقتصروا على القيام بالواجبات وترك المحظورات، ثم الظالمون لأنفسهم، الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «احرص على ما ينفعك واستعن بالله» كلام جامع نافع، محتو على سعادة الدنيا والآخرة.
والأمور النافعة قسمان: أمور دينية، وأمور دنيوية.
والعبد محتاج إلى الدنيوية كما أنه محتاج إلى الدينية. فمدار سعادته وتوفيقه على الحرص والاجتهاد في الأمور النافعة منهما، مع الاستعانة بالله تعالى، فمتى حرص العبد على الأمور النافعة واجتهد فيها، وسلك أسبابها وطرقها، واستعان بربه في حصولها وتكميلها: كان ذلك كماله، وعنوان فلاحه. ومتى فاته واحد من هذه الأمور الثلاثة: فاته من الخير بحسبها.
فمن لم يكن حريصا على الأمور النافعة، بل كان كسلانا، لم يدرك شيئا. فالكسل هو أصل الخيبة والفشل. فالكسلان لا يدرك خيرا، ولا ينال مكرمة، ولا يحظى بدين ولا دنيا ومتى كان حريصا، ولكن على غير الأمور النافعة: إما على أمور ضارة، أو مفوتة للكمال كان ثمرة حرصه الخيبة، وفوات الخير، وحصول الشر والضرر، فكم من حريص على سلوك طرق وأحوال غير نافعة لم يستفد من حرصه إلا التعب والعناء والشقاء.
ثم إذا سلك العبد الطرق النافعة، وحرص عليها، واجتهد فيها: لم تتم له إلا بصدق اللجأ إلى الله ; والاستعانة به على إدراكها وتكميلها وأن لا يتكل على نفسه وحوله وقوته، بل يكون اعتماده التام بباطنه وظاهره على ربه. فبذلك تهون عليه المصاعب، وتتيسر له الأحوال، وتتم له النتائج والثمرات الطيبة في أمر الدين وأمر الدنيا، لكنه في هذه الأحوال محتاج – بل مضطر غاية الاضطرار – إلى معرفة الأمور التي ينبغي الحرص عليها، والجد في طلبها.
فالأمور النافعة في الدين ترجع إلى أمرين: علم نافع، وعمل صالح.

أما العلم النافع: فهو العلم المزكي للقلوب والأرواح، المثمر لسعادة الدارين. وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من حديث وتفسير وفقه، وما يعين على ذلك من علوم العربية بحسب حالة الوقت والموضع الذي فيه الإنسان، وتعيين ذلك يختلف باختلاف الأحوال. والحالة التقريبية: أن يجتهد طالب العلم في حفظ مختصر من مختصرات الفن الذي يشتغل فيه. فإن تعذر أو تعسر عليه حفظه لفظا، فليكرره كثيرا، متدبرا لمعانيه، حتى ترسخ معانيه في قلبه. ثم تكون باقي كتب هذا الفن كالتفسير والتوضيح والتفريع لذلك الأصل الذي عرفه وأدركه، فإن الإنسان إذا حفظ الأصول وصار له ملكة تامة في معرفتها هانت عليه كتب الفن كلها: صغارها وكبارها. ومن ضيع الأصول حرم الوصول.
فمن حرص على هذا الذي ذكرناه، واستعان بالله: أعانه الله، وبارك في علمه، وطريقه الذي سلكه.
ومن سلك في طلب العلم غير هذه الطريقة النافعة: فاتت عليه الأوقات، ولم يدرك إلا العناء، كما هو معروف بالتجربة. والواقع يشهد به، فإن يسر الله له معلما يحسن طريقة التعليم، ومسالك التفهيم: تم له السبب الموصل إلى العلم.

وأما الأمر الثاني – وهو العمل الصالح (ماهيته) -: فهو الذي جمع الإخلاص لله، والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو التقرب إلى الله: باعتقاد ما يجب لله من صفات الكمال، وما يستحقه على عباده من العبودية، وتنزيهه عما لا يليق بجلاله، وتصديقه وتصديق رسوله في كل خبر أخبرا به عما مضى، وعما يستقبل عن الرسل، والكتب والملائكة، وأحوال الآخرة، والجنة والنار، والثواب والعقاب وغير ذلك. ثم يسعى في أداء ما فرضه الله على عباده: من حقوق الله، وحقوق خلقه ويكمل ذلك بالنوافل والتطوعات، خصوصا المؤكدة في أوقاتها، مستعينا بالله على فعلها، وعلى تحقيقها وتكميلها، وفعلها على وجه الإخلاص الذي لا يشوبه غرض من الأغراض النفسية. وكذلك يتقرب إلى الله بترك المحرمات، وخصوصا التي تدعو إليها النفوس، وتميل إليها. فيتقرب إلى ربه بتركها لله، كما يتقرب إليه بفعل المأمورات، فمتى وفق العبد بسلوك هذا الطريق في العمل، واستعان الله على ذلك أفلح ونجح. وكان كماله بحسب ما قام به من هذه الأمور، ونقصه بحسب ما فاته منها.

وأما الأمور النافعة في الدنيا: فالعبد لا بد له من طلب الرزق. فينبغي أن يسلك أنفع الأسباب الدنيوية اللائقة بحاله. وذلك يختلف باختلاف الناس، ويقصد بكسبه وسعيه القيام بواجب نفسه، وواجب من يعوله ومن يقوم بمؤنته، وينوي الكفاف والاستغناء بطلبه عن الخلق. وكذلك ينوي بسعيه وكسبه تحصيل ما تقوم به العبوديات المالية: من الزكاة والصدقة، والنفقات الخيرية الخاصة والعامة مما يتوقف على المال، ويقصد المكاسب الطيبة، متجنبا للمكاسب الخبيثة المحرمة. فمتى كان طلب العبد وسعيه في الدنيا لهذه المقاصد الجليلة، وسلك أنفع طريق يراه مناسبا لحاله كانت حركاته وسعيه قربة يتقرب إلى الله بها.
ومن تمام ذلك: أن لا يتكل العبد على حوله وقوته وذكائه ومعرفته، وحذقه بمعرفة الأسباب وإدارتها، بل يستعين بربه متوكلا عليه، راجيا منه أن ييسره لأيسر الأمور وأنجحها، وأقربها تحصيلا لمراده، ويسأل ربه أن يبارك له في رزقه: فأول بركة الرزق: أن يكون مؤسسا على التقوى والنية الصالحة. ومن بركة الرزق: أن يوفق العبد لوضعه في مواضعه الواجبة والمستحبة. ومن بركة الرزق: أن لا ينسى العبد الفضل في المعاملة، كما قال تعالى: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237] بالتيسير على الموسرين، وإنظار المعسرين، والمحاباة عند البيع والشراء، بما تيسر من قليل أو كثير، فبذلك ينال العبد خيرا كثيرا.

فإن قيل: أي المكاسب أولى وأفضل؟
قيل: قد اختلف أهل العلم في ذلك، فمنهم من فضل الزراعة والحراثة، ومنهم من فضل البيع والشراء، ومنهم من فضل القيام بالصناعات والحرف ونحوها. وكل منهم أدلى بحجته، ولكن هذا الحديث هو الفاصل للنزاع، وهو أنه صلى الله عليه وسلم قال: «احرص على ما ينفعك، واستعن بالله» والنافع من ذلك معلوم أنه يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، فمنهم من تكون الحراثة والزراعة أفضل في حقه، ومنهم من يكون البيع والشراء والقيام بالصناعة التي يحسنها أفضل في حقه، فالأفضل من ذلك وغيره الأنفع.
فصلوات الله وسلامه على من أعطي جوامع الكلم ونوافعها.

ثم إنه صلى الله عليه وسلم حض على الرضى بقضاء الله وقدره، بعد بذل الجهد، واستفراغ الوسع في الحرص على النافع. فإذا أصاب العبد ما يكرهه، فلا ينسب ذلك إلى ترك بعض الأسباب التي يظن نفعها لو فعلها، بل يسكن إلى قضاء الله وقدره ليزداد إيمانه، ويسكن قلبه وتستريح نفسه ; فإن ” لو ” في هذه الحال تفتح عمل الشيطان بنقص إيمانه بالقدر، واعتراضه عليه، وفتح أبواب الهم والحزن المضعف للقلب. وهذه الحال التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم هي أعظم الطرق لراحة القلب، وأدعى لحصول القناعة والحياة الطيبة، وهو الحرص على الأمور النافعة، والاجتهاد في تحصيلها، والاستعانة بالله عليها، وشكر الله على ما يسره منها، والرضى عنه بما فات، ولم يحصل منها.
واعلم أن استعمال ” لو ” يختلف باختلاف ما قصد بها، فإن استعملت في هذه الحال التي لا يمكن استدراك الفائت فيها، فإنها تفتح على العبد عمل الشيطان، كما تقدم، وكذلك لو استعملت في تمني الشر والمعاصي فإنها مذمومة، وصاحبها آثم، ولو لم يباشر المعصية، فإنه تمنى حصولها.
وأما إذا استعملت في تمني الخير، أو في بيان العلم النافع، فإنها محمودة؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
وهذا الأصل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم وهو الأمر بالحرص على الأمور النافعة، ومن لازمه اجتناب الأمور الضارة مع الاستعانة بالله يشمل استعماله والأمر به في الأمور الجزئية المختصة بالعبد ومتعلقاته، ويشمل الأمور الكلية المتعلقة بعموم الأمة. فعليهم جميعا أن يحرصوا على الأمور النافعة، وهي المصالح الكلية والاستعداد لأعدائهم بكل مستطاع مما يناسب الوقت، من القوة المعنوية والمادية، ويبذلوا غاية مقدورهم في ذلك، مستعينين بالله على تحقيقه وتكميله، ودفع جميع ما يضاد ذلك. وشرح هذه الجملة يطول وتفاصيلها معروفة.

وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بين الإيمان بالقضاء والقدر، والعمل بالأسباب النافعة، وهذان الأصلان دل عليهما الكتاب والسنة في مواضع كثيرة، ولا يتم الدين إلا بهما، بل لا تتم الأمور المقصودة كلها إلا بهما، لأن قوله «احرص على ما ينفعك» أمر بكل سبب ديني ودنيوي، بل أمر بالجد والاجتهاد فيه والحرص عليه، نية وهمة، فعلا وتدبيرا.
وقوله: «واستعن بالله» إيمان بالقضاء والقدر، وأمر بالتوكل على الله الذي هو الاعتماد التام على حوله وقوته تعالى في جلب المصالح ودفع المضار، مع الثقة التامة بالله في نجاح ذلك. فالمتبع للرسول صلى الله عليه وسلم يتعين عليه أن يتوكل على الله في أمر دينه ودنياه، وأن يقوم بكل سبب نافع بحسب قدرته وعلمه ومعرفته والله المستعان.

العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى
بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ، صفحة (23)

المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف
شكرا بارك الله فيك

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رجل الفضاء الجيريا
المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف
شكرا بارك الله فيك

و بارك الله فيك ايضا
مشكوراخي على هذه الزيارة

بارك الله فيك

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة choayb1987 الجيريا
بارك الله فيك

و وبارك الله فيك ايضا

بارك الله فيك

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة raafatalaa الجيريا

بارك الله فيك

و فيك بارك الله ايضا
شكرا على المرور

ما الحكمة من أن النبي وصف المؤمن بأوصاف كثيرة؟ 2024.

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
ما الحكمة من أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف المؤمن بأوصاف كثيرة؟
في الأحاديث الصحيحة, أحاديث كثيرة تتحدث عن المؤمن, وقد يسأل سائل: ما الحكمة من أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف المؤمن بأوصاف كثيرة؟.
لأن الإنسان دائماً يتألق نفسه, الإنسان يسخط من رزقه, لكنه يثني على عقله.
فالإنسان من طبيعته: أنه يتملق نفسه, فكل يدعي أنه مؤمن, أما إذا قرأت الأحاديث الصحيحة التي وصف الله بها المؤمنين, يجب أن تضع نفسك في موضع الموازنة, هل هذه الصفات تنطبق عليه؟.
مثلاً: لو أن واحداً من الناس, ادعى أنه يحمل إجازة في اللغة الإنكليزية, هذه دعوى, قلنا له: اقرأ هذه الأسطر, لم يقرأ, ذكرنا له تعبيراً لم يفهم, اكتب, لا يكتب, ولا يفهم, ولا يقرأ, ولا يسمع, معنى: دعواه باطلة.
فحتى الإنسان ما يتملق نفسه, ما يعيش بوهم, كل يدعي أنه مؤمن, لكن المؤمن له صفات.
محور درسنا اليوم: كلمة المؤمن, حيثما وردت في كتاب رياض الصالحين, وهو من أجمع كتب حديث, وكل أحاديثه صحيحة.
من صفات المؤمن :
1-مهما كانت الظروف لا يبدل ولا يغير :
فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول:
((عجبت لأمر المؤمن, ﺇن أمره كله له خير, وليس ذلك لأحد إلا للمؤمنين, إن أصابته سراء شكر فكان خير له, وﺇن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له))
أكثر الناس في الرخاء, يحمدون الله ويشكرونه, أما عند أول بادرة مشكلة, تجده ساء ظنه بالله, أساء الظن بالله, أهمل عبادته.
فالإنسان الذي يتغير, انظر تغير الظروف, ليس مؤمناً كاملاً كما قال عليه الصلاة والسلام.
منعطف خطير :
أيها الأخوة, الله عز وجل قال:
﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا﴾
[سورة آل عمران الآية:146]
حينما قال الله عز وجل:
﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا﴾
[سورة الأحزاب الآية:10]
﴿هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً﴾
[سورة الأحزاب الآية:11]
﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً﴾
[سورة الأحزاب الآية:12]
﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾
[سورة الأحزاب الآية:23]
معناها: تغير ظنك بالله مع تغير الظروف, تغير عبادتك مع تغير الظروف, تغير استقامتك مع تغير الظروف, هذا ينفي عنك الإيمان الكامل, أما المؤمن الإيمان الكامل:
((ﺇن أصابته سراء شكر فكان ذلك له خير, وﺇن أصابته ضراء صبر فكان ذلك له خير))
وليس ذلك لغير المؤمن, التغيير: أن في العقيدة, أو في حسن ظنك بالله, أو في العبادة, أو في السلوك, أو في الإقبال والإعراض, إذا حصل تغييراً مع الظروف, عليك أن تشمر على ساعد الجد, وأن تجدد إيمانك, المؤمن الصادق: لا يغير ولا يبدل:
﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾
[سورة آل عمران الآية:146]
هذه أول خاصة؛ فسوء الظن, أو حسن الظن في العبادة: السلوك, الاستقامة, عقيدة, عبادة, سلوك, ﺇن تبدلت وتغيرت, وفق المعطيات والظروف, وإقبال الدنيا وإدبارها, معناها: ليس هذا هو المؤمن الذي أراده الله عز وجل, المؤمن لا يبدل ولا يغير:
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾
[سورة الحج الآية:11]
هذا ما يضع الله به المؤمن :
أيها الأخوة, الله عز وجل لا يمكن إلا وأن يضع المؤمن في امتحان دقيق:
﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾
[سورة العنكبوت الآية:2]
لا بد من امتحان:
﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾
[سورة البقرة الآية:155]
إذا السوق حامي, تجد التاجر متألق, ويتحدث بالدين, ويتحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, ويريد أن يعمل أعمالاً صالحة, أما إذا كان السوق برد يبرد, تبتر همته, المؤمن الكامل لا يتأثر بالظروف, لأنه يعامل خالق الكون, يعامل الله عز وجل, هذه أول صفقة.
2-محبته للمؤمنين يؤلمه ما يؤلمهم, ويفرحه ما يفرحهم :
الصفة الثانية: في الحديث المتفق عليه:
((المؤمن للمؤمن كالبنيان, يشد بعضه بعضاً))
[أخرجه النسائي في سننه]
يعني: تعاونك مع أخوانك من علامة إيمانك, محبتك لأخوانك من علامة إيمانك, أن تخفف عنهم بعض المتاعب من علامة إيمانك, فالتعاون من صفات المؤمن, والتنافس من صفات المنافس, لذلك قيل:
((لا بد للمؤمن من كافر يقاتله, ومن منافق يبغضه, ومن مؤمن يحسده))
إذا المؤمنون تحاسدوا, هبط مستواهم جميعاً.
العلامة الثانية: أن تحب المؤمنين, أن تعاونهم, أن يؤلمك ما يؤلمهم, أن يفرحك ما يفرحهم, أن يسعدك ما يسعدهم, لذلك: أصاب أحد المؤمنين خير, تحس أنه خير, لك إنسان ارتقى, إنسان نجح في عمل, إنسان نجح في زواج, نجح في شهادة, مؤمن من أخوانك, إن فرحت له فرحاً حقيقياً, فأنت مؤمن ورب الكعبة, أما المنافق:
﴿إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا﴾
[سورة آل عمران الآية:120]
فهذه علامة ثانية.
((المؤمن للمؤمن كالبنيان, يشد بعضه بعضاً))
3-يتميز بحسن الخلق :
يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث عن المؤمن:
((ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن))
[أخرجه أبو داود والترمذي في سننهما]
الإيمان: حسن الخلق, الإيمان يعني: الشجاعة, الإيمان يعني: الكرم, الإيمان يعني: الحلم, الإيمان يعني: العفو, الإيمان يعني: المسامحة, الإيمان يعني: التواضع.
((ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن))
[أخرجه أبو داود والترمذي في سننهما]
يعني: إذا قلت: مؤمن, معنى ذلك: أنه ذو أخلاق حسنة, فإذا كانت أخلاقه سيئة, كان سبب التنفير من الدين, وكان في مستوى لا يرضي الله أبداً, وأبرز ما تظهر أخلاقه في بيته, لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول:
((خيركم خيركم لأهله))
[أخرجه الترمذي في سننه]
طبعاً: إنسان في بيته, لا يوجد عليه رقابة, ولا يخش شيئاً, فإذا كان أخلاقياً في بيته, فهو أخلاقي قطعاً مع الناس, أما إذا كان خارج البيت لطيف, ومهذب, وفي البيت شرس, فهذا اللطف والتهديد, ليس أخلاقاً ترضي الله, لكنها أخلاق نفعية, مبنية على ذكاء الإنسان, وعلى مصالحه, لذلك يقول عليه الصلاة والسلام:
((إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم))
[أخرجه أبو داود عن عائشة في سننه]
((المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم))
[أخرجه أبو داود عن عائشة في سننه]
4-من لوازم المؤمن: تلاوة القرآن الكريم :
وفي الحديث الصحيح:
((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن, مثل الأترجَّة –البرتقالة- ريحها طيب, وطعمها طيب, ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن, كمثل التمرة, لا ريح لها, وطعمها حلو, ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن, مثل الريحانة, ريحها طيب, وطعمها مر, ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن, كمثل الحنظلة, ليس لها ريح, وطعمها مر))
معنى ذلك: من لوازم الإيمان تلاوة القرآن, القرآن ربيع المؤمن, القرآن حبل الله المتين, القرآن هو الصراط المستقيم, المؤمن يتعبد الله بتلاوة القرآن.
بشرى لك يا قارئ القرآن :
النبي عليه الصلاة والسلام يقول:
((من تعلم القرآن, متعه الله بعقله حتى يموت))
يعني: تعلم كتاب الله, نجاة من الخوف, ألم يقل الله عز وجل:
﴿وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً﴾
[سورة النحل الآية:70]
أنا ذكر لي أخ, قال لي: لي والدة, نضعها على سرير, ونربطها من يديها ورجليها, قلت له: لماذا؟ قال: إذا كانت يداها طليقتين, خلعت ثيابها كلها, وأكلت من غائطها, هذه أرذل العمر:
﴿وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً﴾
[سورة النحل الآية:70]
تفقد ذاكرتها, تمزق ثيابها, تتقرب, تأكل من غائطها, هذا أرذل العمر.
((من تعلم القرآن, متعه الله بعقله حتى يموت))
معنى ذلك: أن تلاوة القرآن, وفهم القرآن, وتدبر القرآن, والعمل بالقرآن, من لوازم المؤمن.
5-لا يبتاع على بيع أخيه, ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر :
((المؤمن أخو المؤمن, فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه, ولا أن يخطب على خطبة أخيه حتى يذر))
[أخرجه مسلم في الصحيح]
علامة الإيمان: أخ اشترى شروة, أو باع بيعة, أنت تبتعد إلى أن ينتهي الموضوع, أما باع بيعة أخوك, مسلم, مؤمن, جارك, بكم باعك إياها؟ أنا عندي أرخص, أرجعها له, والله لست مؤمن, إذا كان أخوك باع بيعة, وسعرها معقول, أردت أن تنافسه, فسألت الذي اشتراها: بكم اشتريتها؟ أنا أعطيك أفضل منها, وأرخص, ردها إليه, ليس هذا من صفات المؤمن.
يقول عليه الصلاة والسلام:
((المؤمن أخو المؤمن, فلا يحل لمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه, ولا أن يخطب على خطبة أخيه حتى يذر))
كان السلف الصالح: كانوا على عكس ذلك, يأتي المشتري يشتري, يأتي المشتري الثاني, يقول: لا, أنا استفتحت, اذهب إلى جاري.
هكذا كان السلف الصالح –نعم-.
هذه من صفات المؤمن: أن تبتاع على بيع أخيك, أو أن تخطب على خطبة أخيك, هذا يتنافى مع كمال الإيمان.
6-الكياسة والعقل والفطنة والذكاء :
والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:
((لا يلدغ المؤمن من حجر مرتين, من جرَّب المجرب, كان عقله مخرب))
((لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين))
((لا أسمح -كما قال الشافعي- لعدوي أن يغشني مرتين))
((المؤمن كيس فطن حذر))
قال تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ﴾
[سورة النساء الآية:71]
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ﴾
[سورة النساء الآية:71]
النبي عليه الصلاة والسلام يقول:
((المؤمن كيس فطن حذر))
فأن تجد مؤمناً خباً, مستحيل أن تجده مخدوعاً, مستحيل, لأن سيدنا عمر رضي الله عنه يقول:
((لست بالخب ولا الخب يخدعني))
أي لست من الخبث بحيث أخدع, ولا من السذاجة بحيث أَخدع.
إذاً: الكياسة, والعقل, والحذر, والفطنة, من صفات المؤمن, والأخلاق العالية, ألا تبتاع على بيع أخيك, ولا أن تخطب على خطبة أخيك, من صفات المؤمن ……
7-من مبشرات المؤمن :
يقول عليه الصلاة والسلام:
((أرأيت الرجل, يعمل العمل من الخير, ويحمده الناس عليه))
شخص سأل النبي عليه الصلاة والسلام:
((يا رسول الله! أرأيت الرجل, يعمل العمل من الخير, ويحمده الناس عليه؟ فقال عليه الصلاة السلام: تلك عاجل بشرى المؤمن))
أحياناً: المؤمن مستقيم, وعمله طيب, شيء طبيعي جداً, أن يلهج الناس بالثناء عليه, أن يحبونه, أن يمدحونه, فهذا ليس رياء ولا نفاقاً, طبيعة إيمانه تقضي: أنه مستقيم, أنه صابر, أنه متواضع, أنه رحيم, فلان أخلاقه الإيمانية أخلاق رضية, الناس يحبونه, فإذا أحبه الناس, وأثنوا عليه, ليس معنى هذا: أنه يتمنى السلوك, أن ينتزع إعجابهم, لا, هذا هو الإيمان. هذه بشرى معجلة من الله عز وجل.
يعني: إذا أحبك الله, ألقى حبك في قلوب الخلق.
وقد قال بعضهم في تفسير قوله تعالى …….
يعني: إذا أحبك الله أحبك الناس, لأن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن, فحب الخلق لك إذا كنت مستقيماً, ومؤمناً إيماناً كاملاً, هذه بشرى من الله.
((يا رسول الله, أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير, ويحمده الناس عليه؟ فقال عليه الصلاة والسلام: تلك عاجل بشرى المؤمن))
8-ليس بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء :
ويقول عليه الصلاة والسلام:
((ليس المؤمن بالطعان, ولا اللعان, ولا الفاحش, ولا البذيء))
[أخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه عن عبد الله بن مسعود]
يضبط لسانه, لا يطعن, ولا يلعن, ولا يفحش في القول, ولا يستخدم العبارات البذيئة.
أحياناً: يقول لك: إذا لم تكن قاسياً, الصانع لا يكون رجلاً, أنت كنت قاسياً, لكنك خالفت السنة, أحياناً: يسب أباه على الذي خلفه, أنت مثل كذا البعيد, هذه أخلاق المؤمن؟ هذه أخي هذه مصلحة, لا ليست مصلحة, ليس لك مصلحة بهذا الكلام, مهما كان الظرف عصيباً, أن تتلفظ بكلمات نابية, أن تقسو بالكلام.
((ليس المؤمن بالطعان, ولا اللعان, ولا الفاحش, ولا البذيء))
[أخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه عن عبد الله بن مسعود]
الفحش: مجاوزة القدر المعلوم إلى قدر لا يحتمل, كلام قاس, ذكر عورات, سباب, لعن, طعن.
((ليس المؤمن بالطعان, ولا اللعان, ولا الفحش, ولا البذيء))
[أخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه عن عبد الله بن مسعود]
هذه من صفات المؤمن, الذي رضي الله عنها.
بماذا تتعلق نفس المؤمن؟ وماذا تفهم من هذه الأحاديث؟ :
ويقول عليه الصلاة والسلام:
((نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه))
يعني: موضوع الدين: هذا من حقوق العباد.
((وحقوق العباد مبنية على المشاححة, بينما حقوق الله مبينة على المسامحة))
وأكثر الناس يتوهمون: أنهم إذا ذهبوا إلى الحج, عادوا من ذنوبهم كيوم ولدتهم أمهاتهم, هذا كلام صحيح إلى حد ما, فيما بينك وبين الله, عدت من ذنوبك التي بينك وبين الله كيوم ولدتك أمك, أما في الذنوب التي بينك وبين الناس, هذه لا تسقط ولا بمثابة حجة, لا تسقط إلا بالأداء والمسامحة, بالأداء أو المسامحة, فلذلك: موضوع الدين, أما الذمة الواسعة: يتساهل, حالته المالية جيدة, من أموال لا تأكلها النيران, ما لم أعطيه, لست مؤمناً, لأن نفس المؤمن معلقة بدينه, حتى يقضى عنه, بل إن الشهيد الذي بذل روحه في سبيل الله, يغفر له كل ذنب إلا الدين, أبداً.
كان عليه الصلاة والسلام إذا أراد أن يصلي على أحد أصحابه, يقول:
((أعليه دين؟ فإن قالوا: نعم, يقول: صلوا على صاحبكم, فإذا قال أحدهم: علي دينه, صلى عليه))
ومرة قال:
((أعليه دين؟ قالوا: ديناران, فقال: صلوا على صاحبكم, فصلوا عليه, إلى أن قال أحدهم: علي دينه يا رسول الله -ابن مسعود- فصلى عليه النبي, في اليوم التالي سأله: يا بن مسعود, أدفعت الدين؟ قال: لا, في اليوم الثالث سأله: يا بن مسعود, أدفعت الدين؟ قال: لا, في اليوم الرابع سأله: يا بن مسعود, أدفعت الدين؟ قال: نعم, قال: الآن ابترد جلده))
معنى ذلك: أن نجاة الإنسان من عذاب الدين, ليس بالكلمات, ولكن بالأداء –نعم-.
حديث ينبغي أن تعلمه :
يقول عليه الصلاة والسلام:
((لا يتمنى أحدكم الموت, ولا يدع به من قبل أن يأتيه.
-يعني: أكثر الناس لأتفه سبب, الله ينهي عمره, ويخلص من الحياة, هذا كلام غير إسلامي-.
ﺇنه إذا مات انقطع عمله, وﺇنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيراً))
العمر لا يزيد المؤمن إلا خيرا, لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
((خيركم من طال عمره وحسن عمله))
أيضاً: لا بد من ضبط اللسان, في ساعات الغضب, في ساعات الشدة, معظم الناس يدعون على أنفسهم, أو على أولادهم, أو على أهليهم بالموت.
يقول عليه الصلاة والسلام:
((لا يتمنى أحدكم الموت, ولا يدع به من قبل أن يأتيه, ﺇنه إذا مات انقطع عمله, وﺇنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيراً))
–نعم-.
بيان لك في معرفة هذا الحديث :
ويقول عليه الصلاة والسلام:
((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف.
-والقوة مطلقة؛ هناك قوة المال, هناك قوة السلطان, فالمؤمن المتفوق: يستطيع أن يفعل الخيرات الكثيرة, التي لا يستطيع أن يفعلها الضعيف, المؤمن الغني يستطيع أن يفعل الخيرات, التي لا يستطيع أن يفعلها الفقير, والمؤمن العالم يستطيع أن ينفع الناس بعلمه, بحيث لا يستطيع الجاهل أن يفعل ذلك, لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
((علو الهمة من الإيمان))
التفوق من صفات المؤمن, القوة المطلقة خير وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف, لكن النبي عليه الصلاة والسلام أوتي الحكمة, قال-:
وفي كل خير))

يعني: حتى المؤمن الضعيف على العين والرأس, حتى المؤمن العابد غير العالم على العين والرأس, حتى المؤمن الفقير على العين والرأس, لكن أنت بالقوة المالية, والإدارية, والعلمية, تستطيع أن تفعل أشياء كثيرة, لا يستطيعها الأقل منك درجة, لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف, وفي كل خير, احرص على ما ينفعك, واستعن بالله ولا تعجز, -احرص, الاستسلام, والمشكلة, الخنوع, يقول لك: هذا حظي, هذا قدري, ليس بيدي شيء, لا؛ لا تستسلم, لا تيأس, لا تخنع, لا تستخز-.
وﺇن أصابك شيء, فلا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا, ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل, فإن كلمة لو تفتح عمل الشيطان))
يعني المؤمن: كل شيء أصابه, يعد برداً وسلاماً, يراه من الله عز وجل.
هذا ما يتعلق بعقيدتك :
البارحة شبهت لإنسان مثل: إذا الإنسان تلقى ضرباً, ضرب بعصاة من يد رحيمة, من والده, هل يحقد على العصاة؟ العصاة ليس لها علاقة, فالمؤمن أية مصيبة تأتيه من إنسان, هذا الإنسان أداة بيد الله:
﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾
[سورة الأنفال الآية:17]
﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾
[سورة الفتح الآية:10]
فحينما توحد, لا تحقد, حينما توحد, الحقد أساسه الشرك:
﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ﴾
[سورة الشعراء الآية:213]
﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾
[سورة الشعراء الآية:214]
خاتمة القول :
أيها الأخوة, كل هذه الأحاديث الصحيحة, ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام, لتكون مقياساً وهدفاً, مقياساً لنا, نقيس بها أنفسنا.
ذكرت في أول الدرس, أن الإنسان من عادته: أنه يتملق نفسه, يثني عليها, لا يرضى عن رزقه, ولكنه يرضى عن عقله, عن إيمانه, فلئلا نقع بهذه المتاهة, ولئلا نظن بأنفسنا خيراً, ونحن دون ذلك.
هذه بعض الخصائص التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام للمؤمن.
اللهم علمنا ما ينقعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, والحمد لله رب العالمين.
والحمد لله رب العالمين
منقول

بارك الله فيك أختي
موضوعك قيم و رائع
جعله الله في ميزان حسناتك

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليندا ب الجيريا
بارك الله فيك أختي

موضوعك قيم و رائع

جعله الله في ميزان حسناتك

و فيك بارك
شكرا على المرور الكريم

المؤمن لايلدغ من الجحر مرتين 2024.

أستاذة التعليم الأساسي والتعليم الابتدائي غير المكونين ( تكوين المهزلة )يقولون بالحرف الواحد لا للتكوين ولو كان يوم واحدا
ولا للتأهيل مطالبنا تتبناها نقابة يحكمها أستاذ تعليم أساسي غير متكون وفقط حقنا في الإدماج مشروع ويطبق علينا كما طبق على المدراء والمفتشين وأساتذة التعليم الثانوي هكذا يكون العدل والإنصاف
لا لنقابة العار والكذب التي باعتنا بثمن بخس واستعملتنا وقودا لتحقيق مطالبهم الخاصة فاحذروا ثم احذوا فالمؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين

عليكم بنقابة خاصة بالإبتدائي حتى تستفيدوا كما استفاد الثانويون وهو الحل الوحيد

عليكم بنقابة خاصة

المؤمن الصادق رمز الإسلام 2024.

بُعث سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم بدين الإسلام وآمن به من آمن من أهل الجاهلية فكانوا خيارا في كل أمورهم نموذجيين في أخلاقهم كاملين في كل تصرفاتهم وأحوالهم حتى قال رجل من الأعراب من كبرائهم يصف ما جاء به النبي صلي الله عليه وسلم : لو لم يكن ما جاء به محمد دينا لكان في خلق الناس حسنا لأنه جاء بالأخلاق الكريمة

ونحن أتباع النبي ووراث دعوة النبي مع تقدم العلم وازدهار المعلومات وتقدم الوسائل التكنولوجية في توصيل المعلومات نرى العالم يجتمع على الإسلام يشوه صورته ويصفه بما ليس فيه لأنهم ينظرون إلى أهله وذويه فيجدونهم يخالفون الحق الذي نزل الحبيب به لماذا يشوهون صورة الإسلام كما نرى جماعة المؤمنين؟ هل تغيرت أخلاق الإسلام التي نزل بها المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام؟ أبداً والله هل غيرنا المعاملات الشرعية التي نزلت في محكم الآيات القرآنية؟ لم تتغير في كتاب الله ولا في سنة رسول الله ولا في شريعة الله ولكننا جعلناها خلف ظهورنا ومشينا على أهوائنا في التعامل مع بعضنا في هذه الحياة ورأونا مسلمين فنسبوا إلى الإسلام ما يرونه من تصرفاتنا وأفعالنا وأحوالنا وكأننا ننفذ ونلتزم بتعاليم الإسلام التي جاء بها المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام

كان الرجل فيما مضى لو سأل عن الإسلام يقولون له أنظر إلى أي مسلم في قوله لا يقول إلا الصدق وفي فعله لا يفعل إلا ما يحبه الله ولا يخلف وعد ولا ينقض عهد ولا يخون أمانة ولا يتعرض لأي عمل يشينه لأنه يعلم أن الشين له شين لدينه وإساءة لله ولكتابه ولحبيبه صلوات ربي وتسليماته عليه فكانوا نموذجا قويما لهذا الدين من أراد أن ينظر إلى تعامل المسلمين مع بعضهم يأخذونه إلى السوق فيجدون التجار لا يطففون الكيل ولا الميزان ويعلنون عن العيب الموجود في السلعة عملا بما أوصى به النبي العدنان يبين التاجر العيب الذي في سلعته لأنه فطن إلى قول الحبيب{مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا}[1]ويريد أن يكون مع الذين قال فيهم النبي{التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الْأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ}[2]

عجب الصليبيون والكافرون والمشركون من أخلاق المقاتلين الأشداء المسلمين في القتال لا يقتلون امرأة ولا صبياً صغيراً ولا شيخاً عجوزاً ولا رجل دين تفرغ لعبادة الله في صومعة وإن كانوا لا يقرون ولا يعترفون بهذا الدين الصليبيين عندما استولوا على بيت المقدس قتلوا في ساعة واحدة سبعين ألفا من المسلمين حتى صارت الدماء إلى الركب في شوارع بيت المقدس من كثرة القتلى لكن صلاح الدين الأيوبي دخل بعدهم فاتحا وهو يمثل دين الله ويفعل ما يأمره به حبيب الله ومصطفاه أبقى على الأسرى فجاءه وفد من نساء الصليبيين وقالوا: إنا نريد منك مكرمة أن تفك أسر رجالنا ونأخذهم ونذهب إلى ديارنا لأنا لا نستطيع أن نعيش من غيرهم ففك أسر الصليبيين ابتغاء وجه الله وإظهاراً لكمال أخلاق المسلمين وإظهاراً لجمال دين الله كان قاضي المسلمين يأمر أمير المؤمنين أن يقف بجوار خصمه إذا اشتكى له خصم من المؤمنين ولا يجلسه ولا يجامله وإنما يحكم بالعدل ليرى الناس جمال دين الله

سقط من علي ابن أبي طالب رضي الله عنه درعه وكان أميراً للمؤمنين فوقع الدرع في يد يهودي فوجده الإمام علي وقال: هذا درعي قال: ليس درعك فاشتكاه إلى قاض المسلمين فوقف أمير المؤمنين بجوار اليهودي قال القاضي لأمير المؤمنين: هل معك بينة على أن هذه الدرع درعك؟ هل معك شاهد؟ قال: يشهد لي ابني الحسن قال: الابن لا يشهد لأبيه قال: يشهد خادمي قال: الخادم لا يشهد لمخدومه هل معك شاهد آخر؟ قال: لا قال: الدرع درعك يا يهودي فقال اليهودي:ما رأيت كاليوم قاضي أمير المؤمنين ينصف اليهودي على أمير المؤمنين إن هذه هي العدالة التي أتت بها شرائع السماء أشهدكم أن هذه الدرع درع أمير المؤمنين وقد سقطت منه عندما كان ذاهبا ليصلي الفجر فوجدتها وأخذتها ونطق بالشهادتين لما رأى من أخلاق المسلمين فقال أمير المؤمنين: ما دمت قد أسلمت فالدرع هدية لك
[1] صحيح مسلم وابن حبان وسنن الترمذي وأبي داود
[2] سنن الترمذي وابن ماجة

https://www.fawzyabuzeid.com/table_bo…C9&id=92&cat=2

منقول من كتاب [أمراض الأمة وبصيرة النبوة]

اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً

الجيريا

الجيريا

الجيريا

المؤمن كالجمل الأنف. الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير. 2024.

الجيريا

********************************************

تفضلوا بزيارة موقع الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير حفظه الله

الجيرياإضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.الجيريا

********************************************

اضغط هنا لتحميل الفائدة
الجيريا الجيريا الجيريا
بسم الله الرحمن الرحيم

https://www.khudheir.com/text/5444

المؤمن كالجمل الأنف
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
((فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد)) يعني سهل القياد، لا ينتصر لحظوظ نفسه ويعاند ويصر، لا، يتبع الحق حيثما انقيد حيثما قيد بالحق انقاد، كالجمل الأنف الذي يجعل الزمام في أنفه ويجر به، هذا الجمل الذي خرم أنفه، ووضع فيه القياد –الزمام- وقيد به لا يستطيع أن يخالف قائده، فعلى هذا المؤمن ينقاد حيثما قيد بالنصوص، لا أنه مغفل يجر حيثما أراد من أراد أن يجره، ويستهويه من حيث من أراد أن يجلبه إلى هواه، لا، المؤمن كيس فطن ومع ذلك سهل القياد، وقد جاء في الحديث: ((لينوا بأيدي إخوانكم)) ومن الناس من هو وإن انتسب إلى الإسلام من هو عسر الطبع، بحيث يكون معانداً في كل ما يؤمر به، كما قال بعضهم: السهل يوطأ، ولا شك أن الإنسان إذا دعي إلى الحق عليه أن يستجيب، وليس له خيرة، فينقاد لأمر الله وأمر رسوله، ومن يأمر بهما.
المصدر: شرح: مقدمة سنن ابن ماجه (6)

السلام عليكم

بارك الله فيك على النقل الطيب
سبق وصادفني هذا الحديث ورايت من يضعفه لكني وعملا بنصيحة الاخوة
الافاضل هنا احنكمت لاصحاب الحجة القوية حيث قال فيه الشيخ الألباني ( حسن ) انظر حديث رقم : 6669 في صحيح الجامع
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما يعلمنا ويزيدنا في العلم والعمل والهدى والتقى والعفاف إنه سميع قريب وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه أجمعين


و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته.
أحسنت أختي الكريمة و جزاك الله خيرا على اضافة تخريج للحديث.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكم ونفع بكم

لم يسبق لي أن قرأت الحديث

جزاكم الله خيرآ على الافادة

والشكر موصول للاخت زينب لانها اضافت تخريج الحديث…جزاكِ الله خيرآ

كيف ينجو المؤمن من السحر فلا يضره 2024.

كيف ينجو المؤمن من السحر فلا يضره
السؤال: مالعلاج لمن به صرف أو عطف أو سحر؟وكيف يمكن للمؤمن أن ينجو من ذلك ولايضره فعله؟وهل هناك أدعية أو ذكر من القرىنوالسنة لذلك الشيء؟
الجواب : هناك أنواع من العلاج :
أولا : ينظر فيما فعله الساحر اذا عرف أنه مثلا جعل شيئا من الشعر في مكان, أو جملة في أمشاط, أو في غير ذلك, اذا عرف انه وضعه في المكان الفلاني أزيل هذا الشيء وأحرق وأتلف فيبطل مفعوله ويزول ما أراده الساحر.
ثانيا : أن يلزم الساحر اذا عرف ان يزيل مافعل , فيقال له: أما أن تزيل مافعلت أو تضرب عنقك, ثم أذا أزال ذلك الشيء يقتله ولي الأمر,للأن الساحر يقتل على الصحيح بدون أستتابة,كما فعل عمر رضي الله عنه ,وقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال((حد الساحر ضربة بالسيف)) ولما علمت حفصه أم المؤمنين رضي الله عنها ان جارية لها تتعاطى السحر قتلتها.
ثالثا :القراءة , فان لها تأثير عظيم في أزالة السحر: وهو أن يقرأ على المسحور أو في أناء آية الكرسي وآيات السحر التي في سورة الأعراف, وفي سورة يونسوفي سورة طه, ومعها سورة الكافرون,وسورة الأخلاص
, والمعوذتين ويدعو له بالشفاء والعافية ولاسيما بالدعاء الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم((اللهم رب الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي لاشفاء الا شفاءك شفاء لايغادر سقما))
ومن ذلك مارقىبه جبريل النبي صلى الله عليه وسلم وهو((باسم الله أرقيك من كل شي يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك باسم الله أرقيك)) ويكرر هذه الرقية ثلاثا. ويكرر قراءة ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )والمعوذتين ثلاثا, ومن ذلك أن يقرأ ماذكرناه في ماء ويشرب منه المسحور ويغتسل بباقيه مرة أو أكثر حسب الحاجة,فأنه يزول باذن الله تعالى وقد ذكر هذا العلماء رحمهم الله, كما ذكر ذلك الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله في كتاب: (فتح المجيدشرح كتاب التوحيد) في باب( ماجاء في النشرة) وذكره غيره.
رابعا : أن يأخذ سبع ورقات من السدر الأخضر ويدقها ويجعلها في ماء ويقرأ فيه ماتقدم من الآيات والسور السابقة والدعوات فيشرب منه ويغتسل,
كما أن ذلك ينفع في علاج الرجل أذا حبس عن زوجته فتوضع السبع ورقات من السدر الأخضر في ماء فيقرأ فيه ماسبق ثم يشرب ويغتسل فانه نافع باذن الله جل وعلا.
والآيات التي تقرأفي الماء وورق السدر الأخضر بالنسبة للمسحورين,ومن حبس عن زوجته ولم يجامعها هي كما يلي:
1-سورة الفاتحة.
2- آية الكرسي وهي قوله تعالى(اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)
3- قراءة آيات الأعراف وهي قوله تعالى(
قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ {106} فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ {107} وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ {108} قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَـذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ {109} يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ {110} قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ {111} يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ {112} وَجَاء السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالْواْ إِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ {113} قَالَ نَعَمْ وَإَنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ {114} قَالُواْ يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ {115} قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ {116} وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ {117} فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {118} فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ {119} وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ {120}‏ قَالُواْ آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ {121} رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ)
4- قراءة آيات في سورة يونس,وهي قوله تعالى(وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ {79} فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُواْ مَا أَنتُم مُّلْقُونَ {80} فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ {81} وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ)
5- قراءة آيات في سورة طه وهي قوله تعالى(‏ قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى {65} قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى {66} فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى {67} قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى {68} وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَ
تَى)
6-قراءة سورة الكافرون.
7- قراءة سورة الخلاص والمعوذتين وهما سورة الفلق والناس ثلاث مرات.
8-قراءة بعض الأدعية الشرعية مثل : ((اللهم رب الناس أذهب الباس واشف انت الشافي لا شفاء الا شفاءك شفاء لايغادر سقما)) ثلاث مرات فهذا طيب,واذا قرأ مع ذلك((باسم الله أرقيك من كل شيئ يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك باسم الله أرقيك)) ثلاث مرات فهذا طيب.
وان قرأ ماسبق على المسحور مباشرة ونفث على رأسه أو على صدره فهذا من أسباب الشفاء بأذن الله أيضا كما تقدم.
*مجموع فتاوى ومقالات متنوعة,ج8ص144

شكـــــــــــــ بارك الله فيك ـــــــــرآآآآآآآآآآآآآآآآآآ

مشكووووووور ربي يحفضك

شكراااااااااااا على الموضوع القيم بارك الله فيك

جزاك الله خيرا على الموضوع القيم وجعله في ميزان حسناتك

بارك الله فيك و جزاك عنا كل خير……………

الف شكرلك اخي

ينقل إلى قسم الرقية

بارك الله فيك

شرف المؤمن 2024.


الجيريا

لما كانت الصلاة من أهم الأعمال و القربات لله تعالى

فقد شرع الله تعالى لعباده أيضا أن يتقربوا بنوافلها فمدح الذين يكثرون من الصلاة و خصوصاً في الليل

فقيام الليل و الصلاة فيه من أفضل القربات و أشرف الأعمال

يبدأ قيام الليل من بعد صلاة العشاء إلى أذان الفجر فمن قام بعد صلاة العشاء فهو قائم لليل

و أقل قيام الليل يحصل بركعتين فقط

لحديث : ( إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليَّا ركعتين جميعاً كتبا من الذاكرين والذاكرات ) صححه الألباني

و قال ابن عباس: عند قوله تعالى : { وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } ، قال : " من صلى ركعتين أو أكثر بعد العشاء فقد بات لله ساجداً و قائماً "

فضل قيام الليل – مقطع رائع للشيخ محمد حسان

الجيريا

قيل للحسن البصري رحمه الله : ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجوهاً ؟ ، فقال : لأنهم خلو بالرحمن فألبسهم من نوره

ركعتين فقط أخي / أختي قبل نومك لتكتب من القائمين بإذن الله

قال عليه الصلاة و السلام : ( من قام بعشر آيات لم يُكتب من الغافلين ، و من قام بمائة آية كتب من القانتين ، و من قام بألف آية كتب من المقنطرين ) رواه أبو داود و صححه الألباني

و المقنطرون هم الذين لهم قنطار من الأجر ، و القنطار العقدة الكبيرة من المال

ألبسنا الله و إياكم من نوره و جعلنا من القائمين القانتين

بارك الله فيك

وفيك بارك الله
شكرا

بارك الله فيك

الجيريا

الجيريا

الجيريا

الجيريا

الجيريا

رمضًــــآن كــَريـــمَ *_* (( ^_^ ))