﴿ وَ إنْ تُطيعُوهُ تَهْتَدُوا ﴾محــاضــرة ألقاها فضيلة الشيخ العلاّمة ربيع بن هادي عمير المدخلي 2024.

﴿ وَ إنْ تُطيعُوهُ تَهْتَدُوا ﴾
دفاعاً عن رسولِ الله – صلَّى الله عليه وآله وسلَّم- وأصحابِه الكرام -رضوان الله عليهم-
محــاضــرة ألقاها فضيلة الشيخ العلاّمة
ربيع بن هادي عمير المدخلي
– وفقه الله لكل خير وأطال عمره على طاعته –
إنّ الحمدَ لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا ومن سيّئاتِ أعمالنا، من يهدهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِلْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إلهَ إلاّ اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمّدًا عبدُه ورسولُه.
﴿يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102]
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا  يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 70-71].
أمّا بعد : فإنّ أصدقَ الحديثِ كلامُ الله وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ  وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة وكلَّ بدعةٍ ضلالة وكلّ ضلالةٍ في النار.
أيُّها الأبناء والإخوة إنَّها لفُرصَة طَيِّبة مُبَاركة أن نلتقي في ذات الله ـ إن شاء الله ـ لنعرف شيئًا أو يُذَكِّرَ بعضُنا بعضًا بما ينفعنا ـ إن شاء الله ـ في ديننا ودنيانا، ـ أسأل الله أن يكون هذا اللِّقاء نافعًا، وعنوان هذا اللِّقاء ما سمعتموه من الأخ المُقَدِّم ﴿وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾ الضمير يعود إلى الرَّسول الكريم عليه الصَّلاَة والسَّلاَم، فطاعة الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام فيها الهداية الكاملة؛ لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام جاء بالهدى والنُّور، وأرسله الله تبارك وتعالى ليُظهِرَه على الدِّين كلِّه ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: 33]؛ فجاء بالهُدى وجاء بدين الحق؛ فكيف لا يهتدي من يطيعه ويتبعه عليه الصَّلاة وَالسَّلام! والله يشهد لهذا الرَّسول بأنَّه يهدي إلى صراط مستقيم ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: 52]؟! وكان في خُطَبِه عليه الصَّلاة وَالسَّلام يقول: «أَمَّا بَعد؛ فَإِنَّ خَيْرَ الحَدِيثِ كَلاَمُ الله، وَخَيْرَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم »( ) .
واللهُ وَصَفَ كتابَه الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم بأنَّه هُدًى للمتقين كما في أول سورة البقرة وفي غيرها،و في سورة لقمان بأنَّه هدى للمحسنين، وفي غيرها أنه هدى للمؤمنين، وقال عز وجل في سورة البقرة: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ [البقرة:185]؛ فهو أفضل الرُّسل وأكمَلُهُم، وبه خُتِمَت الرِّسَالات وعنده أَكْمَلُ هِدَاية، كتاب الله وما أوحاه إليه من السُنَّة المُطَهَّرة التي هي تفصيلٌ وبيانٌ وشرحٌ لهذا القرآن العظيم .
منها بيانه( ) لقوله عز وجل:﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الأنفال: 41] ، قال الله تعالى : ﴿ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 44]
فصلواتُ الله وسلامُه عليه، لقد أكرمه الله وأنزله أعظَمَ منزلة لمخلوق مِنْ خَلْقِه -صَلَوَاتُ الله وَسَلاَمُه عَلَيْه- ؛فعلينا أن نتّبعه، وعلينا أن نُطيعه لنَهتَدِيَ -إن شاء الله- الهداية الكاملة التي نسألها ربَّنَا  في كلِّ ركعة من ركعاتِنَا الفريضة والنافلة ﴿اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ﴾ [الفاتحة: 6]، ونسأله أن يهدينا الصِّرَاط المستقيم في عقائدنا وفي عباداتنا وفي سائر شؤون حياتنا، وأعظم وسيلة إلى هذه الهداية هي طاعة الرَّسول الكريم ـ عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم ـ واتِّبَاعه، فمن يريد الهداية والاهتداء بهذا النُّور فعليه أَنْ يُوَطِّنَ نَفْسَهُ على الالتزام الكامل بطاعة هذا الرَّسُول الكَرِيم -عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم- وتَرَسُّمِ خُطَاه، واحتِرام أقوالِه وأفعالِه وتقريراتِه وأخبارِه الصادقة؛ فيُؤمن بهذه الأخبار، ويطيعُ هذه الأَوامر، ويجتنب النَّواهي، ويؤمن بالوعد والوعيد وبالجنَّة والنَّار؛ تصديقًا لهذا الرَّسول وطاعةً واتِّباعًا له -عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم- .
وهذه الآية التي اختير منها العنوان تبدأ بقول الله تبارك وتعالى : ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ [النور: 54] صَلَوَاتُ الله وَسَلاَمُهُ عَلَيْه؛ ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ طاعة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم طاعة لله  ؛ كما قال في آية أخرى : ﴿ مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً﴾ [النساء: 80]، ومن يعص الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فقد عصى الله ؛ كما جاء في أحاديث( ) فعلينا بطاعة الرَّسول الكريم -عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم- وذلك أخذٌ منَّا بأعظم أسباب الهداية، ويدخل في هذه الطَّاعة التزام العقائد التي جاء بها في رسالتِه، تضمَّنَها القرآن وتضمَّنَتها السُنَّة، وتصديق الأخبار كلِّها ما يتعلَّق بالماضي والحاضر وما يأتي في المستقبل؛ ما يتعلَّق بالماضي من قَصَصِ الأنبياء عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَم من آدم -عليه الصلاة والسلام- مُرُورًا بنوح وغيره من الأنبياء هود وصالح وإبراهيم وإسحاق و موسى وغيرهم-صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- ،كلُّها فيها عظات، وفيها عِبَر وفيها تربية، بل وفيها عقائد ؛إذ عَرَضَ الله علينا عقائدَهم ودعواتِهم عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَم ،وأخباره التي تُحَدِّثُنَا عن المستقبل سواء في القرآن أو في السُنَّة نؤمن بها، وأوامرُه نطيعُه فيها في السَرَّاء وفي الضَرَّاء وفي المنشط وفي المكره وليس واللهِ لنا أيُّ خيار في أن نأخذ أو نترك؛ قال تعالى : ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً﴾[الأحزاب : 36] فلسنا مختارين، علينا أن نطيع هذا الرَّسُولَ الكريم عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم .
طاعته فَرْضٌ حَتمٌ من الله تبارك وتعالى الذي خلقنا لعبادته، وأكرمنا  بإرسال الرُّسل، وإنزال الكتب ومن أكمل هذه الكتب الكتاب الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وهو أَكملُ الرُّسُل؛ فليس لنا أي عذر في التَخَلُّف عن طاعته، وليس واللهِ أمامنا أيُّ خِيَار واختيار غير طاعته اختيار للشَّقاء، واختيار للضَّلاَل، واختيار للمصير إلى النَّار.
وإيثار طاعته، والاستسلام لأوامره ونواهيه، والانقياد لتوجيهاته هي طريق الهداية إلى كلِّ خير وتخليصنا من كلِّ شر.
﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ﴾ هذا إنذار، إنذار للَّذين يُعرضون ويَتَوَلَّون عن طاعتِه، الرَّسول – عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم -عليه البلاغ؛ حُمِّلَ هذه الرِّسَالة العظيمة، وكُلِّفَ بتبليغها، وقال الله عز وجل له : ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ [المائدة: 67] فقد بَلَّغَ البَلاَغَ الكامل المبين عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم إذ ما قَصَّر في حرف أوحاه الله إليه، ولا في أمر أمره الله بتبليغه -عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم- ،وقد أَشهَد على هذا التبيلغ في أكبر مجمع في آخر حياته عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم : «اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْت » قالوا: نعم، قال: «اللَّهُمَّ فَاشْهَدْ»( ) عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم فقد بَلَّغَ الرِّسالة وأدَّى الأمانة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين ،ما على الرَّسول إلاَّ البلاغ المبين أنتم تتحمَّلون المسؤولية إن قصَّرتم .
الرَّسول عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم أدَّى واجبَه وبلَّغ رسالتَه عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم ،وأنتم تتحمَّلون مسؤولية التقاعس عن طاعته ،واتِّباع ما جاء به عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم .
لا تقل: "واللهِ الرَّسول جَدِّي يشفع لي وأنا أذهب ألعب وأعبث وأرتكب المُحرَّمَات وأجد الشفاعة هناك" ! كلا .
قال النبي عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم :« لا أُلْفِيَنَّ أَحَدُكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَغِثْنِي. فَأَقُولُ: لا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا ، قَدْ أَبْلَغْتُكَ. لا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي. فَأَقُولُ: لا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ. لا أُلْفِيَنَّ أَحَدُكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ، لا أُلْفِيَنَّ أَحَدُكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ فَيَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي. فَأَقُولُ: لا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا، قَدْ بَلَّغْتُكَ»( ).

إذًا ﴿عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ﴾ ؛ ﴿عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ﴾ من تبيلغ الرِّسالة وأداء الأمانة، وقد بَلَّغَ الرِّسالة وأدَّى الأمانة، ونبقى نحن تحت طائلة المسؤولية إن لم ننهض بهذه الرِّسالة إيمانًا بأخبارها وتصديقًا بهذه الأخبار والتزامًا للتشريعات من أوامر ونواه في كلِّ شؤون الحياة، نحن حُمِّلْنَا هذا؛ حُمِّلْنَا النُّهوض بهذه الرِّسالة، والقيام بأعبائها في نفوسنا، وفي أُسَرِنا، وفي الأُمَّة كلِّها؛ دعوةً، وأمرًا بالمعروف، ونهيًا عن المنكر، وجهادًا في سبيل الله ،هذه كلُّها مسؤوليات هذه الأُمَّة التي هي خير أمة أخرجت للناس .
النبي صلى الله عليه وسلم أدَّى لهذه الأمَّة رسالتها عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم ،وبلَّغ البلاغ المبين البيِّن الواضح؛ إذ لا نحتاج إلى شيء إلاَّ وقد بيَّـنه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أكمل الوجوه صَلَوَاتُ الله وَسَلاَمُهُ عَلَيْه : « مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبِيٍّ إلاَّ كَانَ حَقًا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَـى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَأَنْ يُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ » ( ) فما من خيرٍ تستفيده هذه الأُمَّـة
وتنتفع به إلاَّ وقد دلّهم عليه في الدُّنيا والدِّين، وما من شَرٍّ يضرُّهم في دينهم ودنياهم إلاَّ وقد أنذرهم إيَّاه وحذَّرهم منه عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم ،وهنا تأتينا آية أخرى يمكن أن نقرأ قبلها بعض الآيات وهي مُنَاسِبَة جدًّا، وهي وعد الله للمؤمنين المطيعين بأن يكرمهم الله في الدُّنيا، ويكرمهم في الآخرة إذا هم أطاعوا هذا الرَّسول صلى الله عليه وسلم فصدَّقوا أخبارَه، وامتثلوا أوامرَه، واجتنبوا نواهيَه، واحترموا شريعتَه، وعدهم الله وعدًا عظيمًا، وقد أَنجزَ هذا الوعد العظيم لمن قام بهذه الرِّسالة على أكمل وجوهها؛ وهم صحابة مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وخيارُ التابعين الذين اتَّبعوهم بإحسان، قال الله تعالى : ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ، وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [النور: 55-56]

والذي يتأمَّل ذكر الطاعة في كتاب الله تعالى يجد أنَّها وردت في القرآن في أكثر من ثلاثين موضعًا ،إذا تأمَّل ما يكتنف هذه الأوامر من طاعات يجدها أمورًا عظيمة، ومنها هذه الآيات التي ذكرناها أنَّ الأُمَّة إذا آمنت، وأطاعت هذا الرَّسول صلى الله عليه وسلم وآمنت به ،وعملت الصَّالحات أن يكرمها الله في هذه الدُّنيا بالعزِّ والتمكين والاستخلاف وقد حصل هذا للرَّسول صلى الله عليه وسلم ولخلفائِه الرَّاشدين، وحقَّق الله لهم هذا الوعد الذي وعدهم في كتابه الكريم وفي السُنَّةِ المطهَّرة .
قال عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم : « إِنَّ اللهَ زَوَى ليَ الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَأَنَّ مُلْكَ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مَا زُوِيَ لي مِنْهَا »( )؛ فهؤلاء الذين أطاعوا الرَّسول صلى الله عليه وسلم ونهضوا برسالته إيمانًا بها وعملاً وتطبيقًا وهو عَمَلُ الصَّالحات، حَقَّقَ الله لهم الوعد، وإنَّ الله لا يخلف الميعاد، وإذا حصل شيء فيما يبدو للنَّاس من عدم نفوذ الوعد فهذا من العباد بإخلالهم بمقتضى هذه الرِّسالة، وتقاعسهم عن القيام بها، ونكولهم عن النُّهوض بها وتبيلغها؛ ففي عهد الخلفاء الرَّاشدين نهضوا بهذه الرِّسالة، عقائد صحيحة، وأعمال صحيحة، وجهاد صحيح، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر؛ فحقَّقَ الله لهم هذا الوعد، مَكَّنَهُم واستخلفهم، ومَكَّنَ لهم دينَهم الَّذي ارتضى لهم، وقال بعضُ المُفَسِّرين في قوله: ﴿وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ قال: «أوَّل من كَفَر بهذه النِّعمة قتلةُ عثمان» ؛لأنَّ الإسلام امتدَّ في الأرض على يدي الخليفتين قبله أبي بكر وعمر، وزاد اتِّساعًا في عهده؛ فانتشرت الفُتوحات في مشارق الأرض ومغاربها، وبلَغت الأُمَّة في عهد عثمان قِمَّة المجد والعِزِّ، ووثب عليه هؤلاء السُّفهاء الفُسَّاق فقتلوه؛ فهم أوَّل من كفر بهذه النِّعمة، ولا يريد أن يُفَسِّر أنَّهم ارتدُّوا وإنما يريد بذلك أنَّهم ارتكبوا مُوبقات عظيمة جدًّا، جَنَت على الأُمَّة الإسلامية، وكانت كُفرًا بهذه النِّعمة، وأنتم تعرفون الفَرقَ بين الكفر المُخرِج من الإسلام وبين كفر النِّعمة، ولا شَكَّ أنَّ ابن سبأ ولعلَّ بعض المنافقين كانوا مُندَسِّين في صفوف هؤلاء القَتَلَة؛ ولهذا ورد في بعض الأحاديث أنَّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم وصفهم بالنِّفاق؛ قال لعثمان  : « إِذَا أَلْبَسَكَ اللهُ قَمِيصًا فَأَرَادَكَ المُنَافِقُونَ عَلَى خَلْعِهِ فَلاَ تَخْلَعْه»( ) .
فهـؤلاء أرادوا من عثمان رضي الله عنه أن يتنازل عن الخلافة، يتنازل لهؤلاء الأوباش الأوغاد تلاميذ ابن سبأ
فأبى حتى قُتُل ، فَحَقَّقَ الله هذا الوعد على أيدي الخُلفاء الرَّاشدين رضوان الله عليهم لأنَّهم نهضوا بهذه الرِّسالة. ولو أَنَّ الأُمَّة الآن جَدَّت وعزَمَت على النُّهوض بهذه الرِّسالة لأعاد الله هذا الوعد من جديد وما تخلَّفَ أبدًا، نُشهِدُ الله ونؤمن أنَّ الأُمَّة لو تَقُومُ بهذا الإسلام كما قامَ به الصَّحابة الكرام رضوان الله عليهم تطبيقًا على مستوى الأُسَر والأفراد والجماعات، وأمرًا بالمعروف، ونهيًا عن المنكر، ودعوةً إلى الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى صادقة وجهادًا مخلَصًا لله لإعلاء كلمة الله واللهِ ليُعِيدَنَّ لهم هذا، وليُحَقِّقنَّ الله لهم هذا الوعد؛ ولكنَّ البَّلاء والدَّاء العُضَال في الأُمَّة مع الأسف . فنسأل الله أن يُهيِّئ لها العلماءَ الصَّادقين المخلصين، المطيعين لله باطنًا وظاهرًا، المستقيمين على منهج الله باطنًا و ظاهرًا، لو توجد نُخبة من العلماء يُشمِّرُون عن ساعد الجِدِّ، ويخلصون في تبليغ هذه الرِّسالة، ويحاولون أن يجمعوا الأُمَّة على كتاب الله وعلى سُنَّةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى تطبيقِها تطبيقًا صحيحًا، لا يشوبُه أهواء، ولا تأويلات باطلة ؛لا في العقائد ولا في العبادات، لا تأويلات، ولا بدع، ولا ضلالات، ولا معاصٍ، ولا منكرات؛ كما كان في عهد خير القُرُون الذين تَوَّجَهُم الله، وأكرَمَهم بالسِّيادة والعِزَّة والكرامة في الدُّنيا والآخرة، هذا إكرام الله في الدُّنيا لمن يطيع هذا الرَّسول الكريم عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم .
وبعد هذا الوعد والحديث ,لمحة عن تحقيقه على أيدي الصَّحابة الكرام رضوان الله عليهم أفضل الطَّائعين، وأفضل المؤمنين، وأفضل المجاهدين -بعد الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام- .
قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾ إقامة الصَّلاة ليس الصَّلاة فقط؛ إقامة للصَّلاة « صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»( ) تصلِّي كأنَّك تشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا يقتضي منك أن تدرس سُنَّة رسول الله عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم وتحاول أن تُطَبِّقَها بحذافيرها في كلِّ حركة من حركات هذه الصَّلاة، إضافةً إلى الخشوع لله ربِّ العالمين، والرُّقي إلى درجة الإحسان أن تَعبُد اللهَ كأنَّك تراه فإن لم تكن تراه فإنَّه يراك، لا نُصَلِّي يا إخوة صلاة جوفاء .
يقول ابن القيم -رحمه الله- : (( الذي يُصَلِّي صـلاةً لا خُشوع فيها ولا حُضـور فيها
للقلب تكون مثل الَميْتَة صلاتُه، أيحسن للعبد أن يُقَدِّم لملكٍ من الملوك أو عظيم من العُظماء أن يُقَدِّم له مَيْتَةً بشكل هديَّة ؟!!)) ؛فأنت حينما تُصَلِّي يا أخي تقف بين يَدَيْ الله تَبَارَكَ وَتَعَالى وتناجي الله ، فحَاوِل أن تُصَلِّيَ صلاةً كاملةً تستوفي الشُّروط والأركان؛ من الطَّهارة، إلى الأذكار، إلى القــراءة ،إلى الخشــوع ،إلى استحضار عظمـة الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى وهذا قيامٌ بحقِّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى .
﴿ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾ : إحسانٌ إلى المخلوقين بإيتاء الزَّكاة، وإن كانت هي حقُّ الله لكنَّها تتضمن الإحسان إلى المخلوقين، فالمؤمن يقوم بحقِّ الله، ويقوم بحقوق العباد التي شرعها الله، وافترضها على عباده لعباده؛ من البرِّ والإحسان، والدَّعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر، والذَّب عن هذا الدِّين؛ لأنَّ ذبَّك عن هذا الدِّين ذبٌ عن الأُمَّة؛ لأنَّها لمّا تأتيها البدع والضَّلالات فيقعون في حمأتها وأنت ترى ذلك ما أَحْسَنْتَ إلى هذه الأُمَّة، وما أَحْسَنْتَ إلى الإسلام، وما نَهضْتَ بالواجب الذي يتطلَّبُه منك الإسلام.

ثم قال  : ﴿وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ ؛ فالرحمة سببها طاعة هذا الرَّسول صلى الله عليه وسلم والهداية سببها طاعة هذا الرَّسول صلى الله عليه وسلم والفلاح والظَفَر بالمطلوب الأعظم يكمن في طاعة الرَّسول صلى الله عليه وسلم .
وكما أشرت سابقًا أنَّ الأمر بطاعة الله ورسوله تأتي في مواقف عظيمة من القرآن؛ فمثلاً في سورة النِّساء ذكر الله حقوقَ النِّساء والأيتام والمواريث والوصايا إلى غير ذلك ثم قال تعالى : ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [النساء: 13] ثم قال : ﴿ وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾ [النساء: 14] ذكر هذه التشريعات العظيمة، ووعد المطيعين الَّذين ينهضون بها على وجهها الأكمل سواءً في المواريث أو في الوصايا طبعًا هذا بعد الإيمان الصَّادق وعدهم بجنَّاتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها، وتَوَعَّدَ من يعصي اللهَ ويَتَعَدَّى حُدودَه في هذه الأشياء وفي غيرها أن يُدخله نارًا خالدًا فيها -وَالعِيَاذُ بِالله-؛ فهذه من آثار طاعة هذا الرَّسول صلى الله عليه وسلم ومن آثار مخالفتـه ومعصيته عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم ؛إمَّـا جَنَّة كما وصف، وإمَّا نار
وخلود كما ذكر في هذه الآية .
وأذكر من هذا النَّمط مثلاً؛ لمّا نهى الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى عن الخمر والمَيْسِر قال  : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ (91) وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ (92) ﴾ [المائدة: 90-92].
فهنا توجيهات عظيمة جدًّا لإصلاح النُّفُوس، وإصلاح العُقُول، والحفاظ على الأعراض والدِّماء، وعلى الدِّين قبل ذلك؛ فإنَّ الخمر تُذهِبُ العقل، وإذا ذهب العقل بالسُّكْر أدَّى إلى مفاسد عظيمة جدًّا ولهذا قال  :﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ (91) ﴾ ثم قال : ﴿وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ (92) ﴾
المَيْسِر : " هو المغالبات والمراهنات والقمار " فإنَّه يذهب الأموال ويؤدِّي إلى مفاسدَ عظيمة والخمر تُذهِبُ العقول ،وتؤدِّي إلى مفاسد عظيمة ,إلى القتل ،إلى الزنا ،وقبائح كثيرة. والأنصاب : الأوثان، ففي هذا حفاظ على الدِّين، وتطهيرٌ للنُّفُوس من أوضار الشِّرك أفرادٍ وجماعات، هذه هي رسالة محمد عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم كلُّ هذه رجس من عمل الشَّيطان؛ فالله تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَبَّحَ هذه الأشياء، وبَيَّن أنَّها رِجس؛ أي نَجَس معنوي وحِسِّي؛ بعضُها فيه نجاسة حِسِيَّة، وبعضُها نجاسة معنويَّة، والذي فيه نجاسة حِسِيَّة فيه نجاسة معنويَّة أيضًا؛ فالأزلام وهي الاستقسام بالأزلام عمل جاهلي خُرَافي رُبَّما يفعله الآن كثيرٌ من النَّاس، الاستقسام بالأزلام فيها قِدَاح من خشب يعني عود السِّهام التي يُرمَى بها، هذا العود الأساسي يُسَمَّى القِدْح، ولها ريش، ولها نصل، وهو الذي ينصبه الرَميَّة، والرِّيش هو التي يجعلها معتدلة في ذهابها إلى الرميَّة، هذه القِدَاح و السِّهام المنحوتة من الخشب كانوا يستقسمون بها، الواحد يريد الخروج في أمرٍ من الأمور فيكتب على قِدْح : أَمَرني ربِّي، وعلى الثَّاني نهاني ربِّي،ويأتي يحرِّكها هكذا إن جاءت نهاني ربِّي رجع، وإن جاءت أمرني ربَّي مضى، ولهم أقوال أُخَر حول الدُّخول، والخروج، والسَّفر، والزَّواج، وما شاكل ذلك؛ وهي خرافات وضلالات، يقال: إنَّ كثيرًا من الخرافيين يستقسمون بالسُّبَح، لهم طُرُق ما نعرفها، أو يستقسمون بالمصاحف يستفتحون كما يُسمُّونه، استفتاح لا يُسَمُّونَه استقسام بالأزلام! فهذه رذائل وقبائح وخرافات يجب أن يَتَنـزَّه عنها المسلمون؛ لأنَّها من أوساخ وأنتان الجاهلية؛ فعلى المسلمين أن يتناصحوا فيما بينهم، ويتآمروا بالمعروف ويتناهَوْا عن المنكر؛ سواء ارتُكِبَ الشِّرك كما في الأنصاب، أو الكبائر العظيمة والقبائح المُخزيَّة كالخمر والمَيْسِر التي تُدَمِّرُ العقول، وتُفسِدُ الأموال، وتُنهِكُ أصحابَها ,قد تَذهَب بمال الرَّجل، المَيْسِر هو القِمار؛ المُقامرات -وَالعِيَاذُ بِالله- قد تذهَب بمال الرَّجل كلِّه -وَالعِيَاذُ بِالله- .
فالإسلام يحافظ على عُقُول المسلمين، وعلى دمائِهم، وعلى أموالِهم، وعلى أعراضِهم التي إذا تَعَاطى النَّاس هذه القاذورات أدَّت إلى فسادٍ عظيم في حياة المسلمين؛ فهذا من هداية محمد صلى الله عليه وسلم وإرشاده لهذه الأمة بما تقتضيه الفطر السليمة والشرائع العظيمة، وبما تقتضيه العقول؛ فإن العاقل حتى ولو لم يسمع القرآن ويتأمل هذه الأمور بعقله يدرك ما فيها من الفساد، كيف وقد جاء بها القرآن الكريم ناهيا عنها، أو حاربها القرآن الكريم، وحاربتها السنة المطهرة، فالقرآن أو هذه الرسالة على يد سيِّد الهداة محمد صلى الله عليه وسلم فيها ما يحقِّقُ الهداية الكاملة إلى كلِّ خير، وإلى الابتعاد عن كلِّ شر.
وأنتقل إلى آيةٍ أخرى فيها الأمر بتقوى الله ؛ اختَلَف الصَّحابة في وقعة بدر على الغنيمة فانقسموا إلى ثلاثة أقسام: قسم لما انهزَم العدوّ ذهب يُطارِد العدوّ ويواصل هزيمتَه، وقسمٌ ذهبوا يجمعون الغنائم، وقسمٌ أحاطُوا برسول الله صلى الله عليه وسلم يحمونه من غوائل الأعداء، ولما انتهى الأمر وهدأت النُّفوس واجتمعوا قال الذين جَمَعُوا الغنيمة: الغنيمةُ لنا؛ لأنَّنا نحن جمعناها، وقال أولئك: نحن ذَهبْنا نُطارِد العدوّ، ونواصل هزيمتَه، ولولا أنَّا فعلنا ذلك لأمكن أن يكرُّوا عليكم ويأخذوها، وقال أولئك: نحن أحطنا برسول الله صلى الله عليه وسلم نحميه؛ فأنزل الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [الأنفال:1] فأسند الأمر إليه جل وعلا وإلى رسوله الكريم عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم .

﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (1) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) ﴾ [الأنفال : 3/1]، هذا إكرام من الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى لهم بهذا الثَّنَاء العاطر، وبهذه الشَّهادة، وبهذا الجزاء العظيم في الجَنَّة الذي أَعدَّه لهم؛ فهذا من ثمار طاعة الرَّسول عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم وتقوى الله في نفس الوقت والإيمان بالله المستكمِل لهذه الصِّفات العظيمة التي استحقُّوا بها هذا الجزاءَ العظيم؛ كما في آية أخرى:﴿أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ [آل عمران : 136] واستحقُّوا بها الشَّهادة من الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى بأنَّ هؤلاء الموصوفون بهذه الصِّفات وعلى رأسهم واللهِ أصحابُ محمَّد صلى الله عليه وسلم ﴿ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ ورزق كريم في الجَنَّة، والدَّرجات هذه في الجنة؛ "للمجاهد في سبيل الله مائة درجة ما بين الدَّرجتين كما بين السَّماء والأرض"( )؛ فكيف إذا جاهد في عشرات الغزوات!! وكيف إذا فَتَح أصحابُ محمَّد صلى الله عليه وسلم الدُّنيا كلَّها!! ،فتحوا الأرض والبُلدان والقلوب رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ ، فكم لهم من عظيم الدَّرجات عند اله، تَبَارَكَ وَتَعَالَى ؟! حياتهم كلُّها جهاد وفتوحات، وهَدَى الله بهم أممًا وشعوبًا لا تُحصى؛ فلهم أجرُ ذلك الجهاد، ولهم أجر من أسلم على أيديهم إلى يوم القيَّامة، فكم نتخيَّل من الفضائل والمنازل العظيمة لمُحمَّد صلى الله عليه وسلم وأصحابِه ؟! لا يلحقهم أحدٌ بعد الأنبياء عَلَيْهِمْ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَم ،هم أفضل النَّاس بعد الأنبياء عَلَيْهِمْ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَم ،وخِيارُ النَّاس بعد الأنبياء عَلَيْهِمْ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَم ،وخِيارُ القُرون، فمالهم منَّا إلا أن نترضى عليهم، ونقول : ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [الحشر : 10]، «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَه»( )، لقد واللهِ ظَفِرُوا بالدَّرجات العُلا، وشَهِدَ الله لهم بأنَّهم المؤمنون حقًّا، ووعدهم بالجَنَّة؛ كما قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: 100] .

وقال جل وعلا : ﴿لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُـلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً ﴾ [النساء: 95] ، وقال جل وعلا : ﴿لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾[الحديد: 10] .
بيَّن تفاضلَهم ووعد الكُلّ ،من أَنفَق من قبْل الفتح ،وقاتل ومن أَنفْق بعده وقاتَل ،وكلُّ الصَّحابة رضي الله عنهم يشتركون في الإنفاق والبَذْل، والقِتَال في سبيل الله؛ فاستحقّوا من الله الُحسنى وهي الجَنَّة .
فعلينا أن نعرف فضلَهم على هذه الأُمَّة، وأن نعرف منزلتَهم، وأن نؤدِّي ما نستطيعه من حقوقِهم بما في ذلك الذَّبُ عن أعراضهم رضي الله عنهم ،ومن أحقُّ منهم -بعد الرسل عليهم الصلاة والسلام- بأن يُذَبَّ عن عِرضِه وهذه منزلتُهم ؟!
ومن المؤسف أشدَّ الأسف أن من يتصدَّى للذَّبِّ عن أعراضِهم يُؤذَى أشدَّ الأذى، ومع الأسف في هذه الأيَّام الحالكة المدلهمَّة التي تُسمَّى بأيَّام الصَّحوة -مع الأسف- يوجد هذا البلاء يتنشر سبُّ أصحاب محمَّد صلى الله عليه وسلم في كتب ويُروَّجُ لها .
وإذا قال إنسان هذا غلط قامت الدُّنيا وقعدت من أبناء هذه الأُمَّة ! -مع الأسف- . فتوبوا إلى الله جميعًا أيُّها الشَّباب، واعرِفُوا قدْر محمَّد صلى الله عليه وسلم .

وواللهِ ما تعرفون قدْره صلى الله عليه وسلم إلاَّ إذَا قَدَّرتُم أَصحابَه -رضي الله عنهم-

الذين ربَّاهم أحسن تربية ،وقاموا برسالتِه خيرَ قيام بما لم يسبق لأُمَّة نبيٍّ من الأنبياء، ما أحدٌ بَلَّغ مثل تبليغهم، ما أُمَّة من الأُمَم جاهدت مثل جهادهم، ما هَدَى الله أُممًا وشعوبًا على أيدي أُمَّةِ نَبيٍّ من الأنبياء مثل ما هَدَى الله على أيدي أصحاب محمَّد صلى الله عليه وسلَّم فواجب على المسلمين جميعًا أن يحترموهم، وأن يُقَدِّروهم، وأن يُنزلوهم منازلَهم العظيمة التي أَنزلهم الله فيها ،ومن أراد أن يُزحزِحَ أحدًا منهم عن مكانتِه فقد تعرَّض لغضب الله ولعناتِه؛ كما لعنَ ذلك رسولُ صلى الله عليه وسلم من يفعل ذلك( ) .
فعلينا أن نعرف قدرَهم، وأن نعرف منزلتَهم؛ فهُم واللهِ أدَّوا إلينا رسالةَ محمَّد صلى الله عليه وسلم غَضَّةً طريَّة، فبِها نَنعَم، وبها -إن شاء الله- نَسعَد، وبها عنهم نَذُب ونَفدِيهم بأرواحِنا ومُهَجِنَا؛ فهُم واللهِ نفديهم بأموالِنا وآبائِنا وأنفسِنا رضي الله عنهم ؛فلهم علينا أعظم الحقوق بعد الأنبياء عَلَيْهِمْ الصَّلاَة وَالسَّلاَم ؛فلنعرف لهم كرامتَهم، ولنعرف لهم منزلتَهم، وليكن لنا المواقف المشرِّفة في الذَّب عنهم وفي وجه من يتصدَّى لهم أو لأحد منهم، هذا واجب من أعظم واجبات هذه الأُمَّة، وأصلٌ من أصول دينِها( )، لا يجوز لهم أن يتهاونوا فيه أو يتخلَّوا عنه، -ونعوذ بالله- من التهاون في ذلك ، ونعوذ بالله من التخلِّي ،ونعوذ بالله أشد وأشد إذا تصدَّينا لمن يَذُبّ عنهم؛ فإنَّه واللهِ لمن أعظم البوائق ومن أعظم الكوارث التي حلَّت بالأُمَّة، وأعتقد وربِّي أنَّ ما نزل بالأُمَّة من هوان من أعظم أسبابِه هو الاستهانة بأصحاب محمَّد صلى الله عليه وسلم ,فلما استهانُوا بأصحاب محمَّد صلى الله عليه وسلم أهانهم الله وأذلَّهم وسلَّط عليهم أذلَّ الأُمَم، ولا ينـزع الله عنهم هذا الذلّ إلاَّ بعد أن يعرفوا قدرَ الإسلام وقدرَ من بَلَّغ لهم هذا الإسلام، وهم أصحابُ محمَّد صلى الله عليه وسلم .
واللهِ كنت أذكر ما أسباب هوان هذه الأُمَّة ؟ طبعًا منها معاصي؛ لكن أنا أعتقد أنَّ من أعظم أسباب هذا الهوان النَّازل بهذه الأُمَّة لمّا لم تعرف حقَّ هؤلاء الأصحاب رضي الله عنهم استهانوا بهم فسقطوا في عين الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى ،وماذا تستحقُّ أُمَّةٌ تستهين بمنزلة َمْن هذا شأنُهم عند الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى وعند رسولِه صلى الله عليه وسلم وعند المؤمنين؟، ماذا تستحقُّ من الله إلاَّ الهوان، حتى تنـزِع من كلِّ المخالفات، ومن أشنعِها وأفظعِها أن يُهان محمد وأصحاب محمَّد صلى الله عليه وسلم (!!) ولا تَحمَى الأُنُوف لهم (!) وتحمَى لأهلِ الضَّلال والبدع السَّخيفة -مع الأسف-(!!) .
تجد شبابًا تَحمَى أُنُوفهم لأضَّل النَّاس وأسقطِهم في البدع والضَّلالات، ولا تأخذهم الغيرة ولا تَحمَى أُنوفُهم لمحمد وأصحاب محمَّد صلى الله عليه وسلم (!!!) .
فأيُّ هُوَّةٍ ارتطم فيها هذا النَّمَط من البَشَر -مع الأسف الشَّديد-؟!
ما هذه الموازين ؟!! أهذه موازين إسلامية ؟!! أن يُهَان أصحابُ محمَّد صلى الله عليه وسلم ؟!
ومن تصدَّى للذَّب عنهم يُؤذَى ويُحَارَب على كلِّ المستويات وفي كلِّ الأصعدة (!!) . والله أنا ذببت عن محمد وأصحابِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم, وأتَشَرَّف بهذا الذَّب، وواللهِ يحاربوننا في كلِّ مكان؛ في نَشَرَات على مستوى الدُّنيا وفي مواقع الانترنت وفي الشبكات العنكبوتية … لأجل واحد سبَّ أصحابَ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم،وسبَّ بعضَ الأنبياء عَلَيْهِمْ الصَّلاَة وَالسَّلاَم ! وهذه الحرب كلُّها لأجل هذا السَّاقط ! سيِّد قطب لأجل هذا الضَّال التعيس الذي نَكَبَ هؤلاء الشَّباب !!
فاتّقوا الله يا شباب الأُمَّة ويا شباب محمَّد صلى الله عليه وسلم،واعرِفُوا للنَّاس قدْرَهم، واعرِفُوا لأصحاب محمَّد صلى الله عليه وسلم قدرَهم، أُنَبِّهكم يا إخوة .
وأعتقد أنَّ كثيرًا ممن وقع في هذه الهُوَّة يَسمَع الآن ومن لم يَسمَع فليَسمَع! هذه نصيحة يا إخوة! هذا واللهِ بلاءٌ عظيم؛ بلاءٌ عظيم الذي يَسبُّ عثمان ويُهينه يا إخوة، ويقول : " تَحَطَّمَت رُوحُ الإسلام في عهده ،وتحطَّمت أُسُس الإسلام في عهده " !!
خليفةٌ بَسَط نُفوذَه على الدُّنيا كلِّها، يَنشُر الإسلام، ويُجَهِّز السَّرايَا والجُيُوش لإعلاء كلمة الله، ويَنشُر العدل والإسلام في أرض الله يُتَّهم بهذه التُّهم ثم لا يَحمَى له أنف! ويُروَّج لهذا الذَّم وهذا الطَّعن وهذا التشويه لأصحاب محمَّد صلى الله عليه وسلم لعثمان  وغيرِه!
لا تنتظرُوا خيرًا من الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى إذا كان هذا حالُكم، فتوبوا إلى الله جميعًا أيُّها المؤمنون، وانصروا الله، ومن نَصْرِ الله وَنَصْرِ دِينِه الذبُّ عن محمد وأصحابِ محمَّد صلى الله عليه وسلم .
والذَّبُّ عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم له صلة قويَّة بهذا الموضوع .
فأقول : إنَّه واللهِ من أعظم المُروق من طاعة الرَّسول صلى الله عليه وسلم أن يُسبَّ أصحابُ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ،ويُشَاع هذا السَّب بين أُنَاس لا يخجلون ولا يَغَارُون لأصحاب محمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم ، واللهِ لو أمامنا السُّيوف والرِّماح والله لقَذَفْنا بأنفسِنا عليهم من أجل أصحاب محمَّد عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم ,ما هو بالكلام السَّاقط الباطل، فلا نزدادُ -إن شاء الله- إلا حَميَّة لهم؛ حَمِيَّة إسلاميَّة لا جاهليَّة، ولا نزدادُ إلا ذَبًّا عنهم -ونحن واللهِ- نرفع رؤوسَنا بهذا . ونسأل الله أن يتقبَّل منَّا هذا، وأن يرزقنا فيه الإخلاص، ونَعُدُّه والله من أفضل أنواع الجهاد، الذَّب عن سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،والذَّب عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يَعدِلُه جهاد، أيُّ قيمة لجهاد يقوم على سبِّ أصحاب محمَّد عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم ؟! أيُّ قيمة ؟!
أو يُغضّ الطَّرْفُ عمن يَسبُّهم ، بل يعتبرونهم أئمَّةَ هُدَى! يعتبرون من يَسُبُّ أصحابَ محمَّد صلى الله عليه وسلم ، وبعضَ الأنبياء عَلَيْهِمْ الصَّلاَة وَالسَّلاَم إلى عقائد طويلة عريضة، عقائد فاسدة .
والله يَشهدون لهم بالتجديد وبأنَّهم أئمَّة هُدَى! ويُعلَن هذا -مع الأسف-! ولا أحد يحَاسِب من يقول هذا الكلام، ويشهد هذه الشَّهادة الباطلة الضَّالة! لا أعرف شهادة أَكذَب ولا أَفجَر منها -وربِّ السَّماء-، إنسان يَسُبُّ أصحابَ محمَّد صلى الله عليه سلم ويَسُبُّ موسى ،ويَسخَر منه …

تَشهد له أنَّه إمام هُدى ؟! أيُّ أُمَّة الآن هذه التي يعيش فيها أمثال هؤلاء، ويستطيعون أن يجهروا بمثل هذه الشَّهادة الُمزَوَّرة على رؤوس الأشهاد؟! ولا مِنْ نكير لمثل هذا !
فنبرأ إلى الله من هذه الأساليب ومن هذه الأفاعيل، وندعو الشباب المسلم في كلِّ مكان إلى احترام الإسلام، واحترام العقائد الإسلاميَّة، والسَّيْر على منهج السَّلف باتِّباع سنَّة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه واحترام أصحابه الكرام رضوان الله عليهم .
قال بعض السَّلف : ((من انتَقَص صَحابِيًّا واحدًا فهو زِنديق))( ).
هذه نظْرَتُهم إلى من ينتقص واحدًا من أصحابِ محمَّد صلى الله عليه وسلم .
كيف بمن يقول في معاوية وعمرو بأنَّهما كذَّابَيْن وخائِنَيْن وغَشَّاشَيْن …؟!!
سُئلَ ابنُ المُبَارَك : أيُّهُما أفضل عمر بن عبد العزيز أو معاويَّة ؟ فقال : (( الغُبار الذي دَخَل في أَنْف معاويَّة وهو يغزُو مع رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم أفضل من عمر بن عبد العزيز ))( ).
ويُقسِمُ أحدُ التَّابعين أنَّ : " أيَّام معاويَّة أفضل من أيَّام عمر بن عبد العزيز؛ فقال في ماذا ؟ قال: في العَدْل"( ) .
الَعدْل كان قائمًا في أيَّام معاويَّة أحسن منه في أيَّام عمر بن عبد العزيز -رِضْوَانُ الله عَلَى الجَمِيع-.
هذه شهادة من تابعيٍّ ثقة مأمون عَرَف العَهدَيْن ؛أنَّ أيَّام مُعاويَّة في العدل أفضل من أيَّام عمر بن عبد العزيز ورضي الله عن عمرَ بن عبد العزيز؛ لكن والله لا يُقَدَّم على أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا في عدل ولا في فضل، وإن كان بعضُ النَّاس يتجرَّأ ويُفَضِّل عمر بن عبد العزيز على معاويَّة، هذه جُرأةٌ عظيمة -أستغفر الله وأتوب إليه-،منزلة الصُّحبة يا إخوة لا يَلحَقُها شيء( )، أنت تُنفِق جَبَلا من الذَّهب وهو يُنفِق مُدًّا من الشَّعير أو نصف مُدّ ما تَلحَقُه، هذا دليل على كرامتِه ومنزلتِه عند الله يا إخواني .
على كلِّ حال : أنا كنت أعددت أحاديث في هذا الباب، ولعلي أَذكُر لكم منها شيئًا يتعلق بالهداية، ومنها ما يتعلق بالطَّاعة والمعصية، -ومع ضيق الوقت- أقرَؤُها عليكم إذا استحضرتها.
فيما يتعلق بالهداية حديث أبي موسى الأشعري « مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ مِنَ الهُدَى وَالعِلْم كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أَرْضًا فَكَانَ مِنْهَا طَائِفَةٌ طَيِّبَة قَبِلَتْ المَاءَ فَأَنْبَتَتْ العُشْبَ وَالكَلأَ الكَثِير وَكَانَ مِنْهَا طَائِفَةٌ أَجَادِبْ أَمْسَكَتِ المَاءَ فَشَرِبَ مِنْهَا النَّاسُ وَسَقَوْا وَزَرَعُوا وَكَانَ مِنْهَا طَائِفَةٌ إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً وَلاَ تُنْبِتُ كَلأً »( ) .
شَبَّه الهُدى والعِلم الذي جاء به محمَّد صلى الله عليه وسلم بالغيث وقسَّم استقبال النَّاس له وقَبُولهم إيَّاه أو إعراضهم عنه ثلاثة أقسام :
قِسْمٌ يَقبَل هذا الهُدى، ويتعلَّم ويُعَلِّم، ويَنشُر هذا الخير؛ فهذا مَثَل الأرض الطيِّبة التي قَبلت الماء فأنبتت الكلأ والعُشبَ الكثير.
وأناس منهم حَفِظُوا هذا العلم وهذا الغَيث، واستفاد النَّاس من هذا المحفوظ؛ فانَتَشَر في النَّاس هذا الخير كانتشار نفع الماء الذي أمْسَكَتْهُ الأرض الأجادب؛ سَقَوْا وَزَرَعُوا، يعني ناس يَنهَلُون من هذا العلم، ويستفيدون منه، ويشتَّقُون منه الأنهار والعلوم وما شاكل ذلك؛ ولهذا قال في آخر هذا الحديث : «فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فقه في دين الله فنفعه ما بعثني الله به فَعَلِمَ وَعَلَّمَ وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللهِ الَّذِي جِئْتُ بِهِ»؛ فطائفتان قَبِلَتا، لكن تفاوتتا في نفع العباد وفي الانتفاع فعلاً من فِقهٍ وغيرِه، وطائفةٌ نَفعَت ونَشَرَت الخير في النَّاس، ولكنَّها دون الطَّائفة الأولى، وطائفةٌ لم تقبل هُدَى الله، ولم تَرفَع به رأسًا؛ فهي كالسِّباخ لا تمسِك ماءً ولا تُنبِتُ كلأً، وهذا قد يَشمَل الكُفَّار، ويشمل المنافقين، ويَشمَل العُصاة والفاسقين من هذه الأُمَّة -عِيَاذًا بِالله- أن نكون من هذه الأصناف .
ونسأله تَبَارَكَ وَتَعَالَى أن يجعلنا من الصِّنفين المستفيدين اللَّذَين استفادَا وأفادَا النَّاس.
وفي الطَّاعة والمعصيَّة؛ يقول الرَّسول الكريم عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَم : «كُلُّكُم يَدْخُلُ الجَنَّة إِلاَّ مَنْ يَأْبَى، قاَلُوا وَمَنْ يَأْبَى يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى»( ) فالحديث يوافِق الآيات القرآنيَّة، من يُطِع الله فله الجَنَّة، ومن يعص الله فله النَّار؛ كما مرَّت بنا الآيات التي استَعرضْنَا بعضَها فيما سبق.
وفي حديث أبي موسى رضي الله عنه يقول صلى الله عليه وسلم : « مَثَلِي وَمَثَلُ مَا جِئْتُ بِهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا فَقَالَ يَا قَوْمْ! إِنِّي رَأَيْتُ الجَّيْشَ بِعَيْنِي وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ العُرْيَان فَالنَّجَاءَ فَأَطَاعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ قَوْمِهِ فَأَدْلَجُوا فَنَجَوْا وَكَذَّبَهُ طَائِفَةٌ فَأَصْبَحُوا مَكَانَهُمْ فَصَبَّحَهُمْ الجَّيْشُ وَاجْتَاحَهُمْ وَأَهْلَكَهُمْ فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ أَطَاعَنِي فَاتَّبَعَ مَا جِئْتُ بِهِ وَمَثَلُ مَنْ عَصَانِي وَكَذَّبَ بِمَا جِئْتُ بِهِ مِنَ الحَق»( ) .
فهذه الأحاديث تتوافق مع الآيات الكثيرة في الوعد والوعيد، الوعد العظيم لمن يطيع الله، والوعيد الشَّديد لمن يعصي الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ﴾ [الجن: 23]؛ فهذه معصية الكفر .
وتبقى معصية الكبائر والمخالفات أيضًا لهم قِسطٌ من كثيرٍ من نصوص الوعيد التي وردت في نُصوص القرآن والسُنَّة؛ كالوعيد على الرِّبا، والوعيد على الزِّنا، والوعيد على شُرب الخَمر ،والوعيد والذمّ الشَّديد لمن يقع في الكبائر والمخالفات ولو كان من المسلمين وفيها من الوعيد ما تشيب له النَّواصي، وقد يكون هذا المُنهمِك في المعاصي قد يموت على سوء الخاتمة -مع الأسف- فيلتحق بالكافرين ،وقد يرتد وهو حي -والعياذ بالله تعالى- ،وقد يؤدِّي بذلك التَّمادي والإصرار على المعاصي قد يؤدِّي به إلى زيغ القلوب والنِّفاق الأكبر -والعياذ بالله تعالى-.
فالحرص الحرص على طاعة هذا الرَّسول الكريم صلى الله عليه وسلم واحترام تعاليمه وتوجيهاته، والحذر الحذر من عصيان هذا الرَّسول صلى الله عليه وسلم ومخالفة أوامرِه؛ ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63] قال الإمام أحمد -رحمه الله-: (( أتدري ما الفتنة؟ لعلَّه يصيبُه شيءٌ من الزَّيغ فيَهلَك))( ) .
فنسأل الله -تَبَارَكَ وَتَعَالى- أن يُوَفِّقَ هذه الأُمَّة وأن يسدِّدَها في الالتزام بكتاب ربِّها وسُنَّة نبيِّها صلى الله عليه وسلم والاعتصام بذلك، ونسأله أن يُهيِّئ لها الدُّعاة الصَّادقين المخلصين الذين يلتزمون شريعةَ الله ظاهرًا وباطنًا، ويَشعُرون بِثِقَل الأمانة وعِظَم المسؤولية في تربية شباب الأُمَّة، وقيادتهم إلى كلِّ خير وتجنيبهم كلَّ شر .
أسأل الله أن يحقِّقَ ذلك .
إنَّ ربَّنا لسميع الدُّعاء. وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم .
والسَّلام عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه .

الشيخ العلاّمة محمّد العربي التبّاني السطايفي رحمه الله 2024.

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أمّا بعد:
فهذه إطلالة سريعة على حياة العلاّمة محمد العربي التّبّاني السطايفي.
اسمه ونسبه: هو محمد العربي بن التّباني بن الحسين بن عبد الرحمن بن يحيى السطايفي الجزائري، ولد سنة 1315هـ الموافق لـ: 1898م، بقرية رأس الوادي من مدينة سطيف بشرق الجزائر.
نشأته العلمية ورحلته في الطلب: تلقّى تعليمه الابتدائي في قريته حيث حفظ القرآن الكريم وعمره 12 عاما، ثمّ حفظ بعض المتون كالآجرُّوميّة والجزرية، ودرس النّحو والفقه والعقيدة..، ثمّ انتقل إلى تونس حيث درس على بعض علماء جامع الزيتونة، ثمّ انتقل بعد ذلك إلى المدينة النبويّة حيث لازم فيها كبار العلماء من بينهم العلاّمة أحمد بن محمد خيرات الشنقيطي وكذلك العلامة حمدان الونيسي القسنطيني الجزائري، فقرأ عليهما بعض الكتب وبعض الشّروح، ثمّ انتقل إلى دمشق حيث اغتنم إقامته فيها ليعتكف على كتب المكتبة الظّاهريّة، وبعدها انتقل إلى مكّة المكرّمة واستقرّ فيها.
مكانته العلمية: عُيِّنَ مُدرّسا بمدرسة الفلاح بمكّة المكرّمة، وكان أيضا يُدرّس بالمسجد الحرام بين المغرب والعشاء عدّة كتب من بينها تفسير القرآن العظيم لابن كثير وسيرة ابن هشام والجامع الصغير للحافظ السّيوطي إلى آخره.
آثاره العلميّة: من بينها:
خلاصة الكلام فيما هو المراد بالمسجد الحرام.
اعتقاد أهل الإيمان بنـزول المسيح ابن مريم عليه وعلى نبيّنا السلام في آخر الزّمان.
تنبيه الباحث السّرّي إلى ما في رسائل وتعليق الكوثري…وغيرها من المؤلّفات والمخطوطات.
وفاته: كانت وفاته رحمه الله تعالى سنة 1390هـ من شهر صفر الموافق لـ 1970م بمكّة المكرّمة، وصُلِّي عليه بالمسجد الحرام ودُفِن بمكّة، فرحمه الله رحمة واسعة.

جزاك الله خيرا
وبارك الله فيك على ما طرحت هنا
سلمت على الحط الراقي
مودتي
.
.
طبتـ..

الجيريا

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاارس الجيريا
جزاك الله خيرا
وبارك الله فيك على ما طرحت هنا
سلمت على الحط الراقي
مودتي
.
.
طبتـ..
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العمري محمود الجيريا
الجيريا

شكرا لكم
أسرني مروركما

موضوع رائع شكرا لك

شكرا جزيلا لك … ميدو ^_^

بارك الله فيك

أعراض الدعاة والمصلحين [.سماحة الوالد العلاّمة ابن باز رحمه الله تعالى ] 2024.


السّلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته..

أعراض الدعاة والمصلحين

كثرت في الأيام الأخيرة ظاهرة الوقوع في أعراض الدعاة وتقسيمهم
ونسبتهم إلى أحزاب ، فما رأيك بذلك ؟.

الحمد لله

إن الله عز وجل يأمر بالعدل والإحسان وينهى عن الظلم والبغي والعدوان ،
وقد بعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بما بعث به الرسل جميعاً من الدعوة
إلى التوحيد وإخلاص العبادة لله وحده . وأمره بإقامة القسط ونهاه عن ضد ذلك
من عبادة غير الله ، والتفرق والتشتت والاعتداء على حقوق العباد .

وقد شاع في هذا العصر أن كثيراً من المنتسبين إلى العلم والدعوة إلى الخير يقعون في أعراض كثير
من إخوانهم الدعاة المشهورين ، ويتكلمون في أعراض طلبة العلم والدعاة والمحاضرين .
يفعلون ذلك سراً في مجالسهم . وربما سجلوه في أشرطة تنشر على الناس ،
وقد يفعلونه علانية في محاضرات عامة في المساجد ، وهذا المسلك مخالف لما أمر
الله به ورسوله من جهات عديدة منها :

أولاً :
أنه تعد على حقوق الناس من المسلمين ، بل من خاصة الناس من طلبة العلم والدعاة الذي بذلوا وسعهم
في توعية الناس وإرشادهم وتصحيح عقائدهم ومناهجهم ، واجتهدوا في تنظيم
الدروس والمحاضرات وتأليف الكتب النافعة .

ثانياً :
أنه تفريق لوحدة المسلمين وتمزيق لصفهم ، وهم أحوج ما يكونون إلى الوحدة والبعد عن الشتات
والفرقة وكثرة القيل والقال فيما بينهم ، خاصة وأن الدعاة الذين نيل منهم هم من أهل السنة
والجماعة المعروفين بمحاربة البدع والخرافات ، والوقوف في وجه الداعية إليها ، وكشف خططهم وألاعيبهم .
ولا نرى مصلحة في مثل هذا العمل إلا للأعداء المتربصين من أهل الكفر والنفاق أو من
أهل البدع والضلال .

ثالثاً :
أن هذا العمل فيه مظاهرة ومعاونة للمغرضين من العلمانيين والمستغربين وغيرهم من الملاحدة الذين
اشتهر عنهم الوقيعة في الدعاة والكذب عليهم والتحريض ضدهم فيما كتبوه وسجلوه ، وليس من حق الأخوة الإسلامية أن يعين هؤلاء المتعجلون أعداءهم على إخوانهم من طلبة العلم والدعاة وغيرهم .

رابعاً :
إن في ذلك إفساداً لقلوب العامة والخاصة ، ونشراً وترويجاً للأكاذيب والإشاعات الباطلة ،
وسبباً في كثرة الغيبة والنميمة وفتح أبواب الشر على مصاريعها لضعاف النفوس الذين يدأبون على بث
الشبه وإثارة الفتن ويحرصون على إيذاء المؤمنين بغير ما اكتسبوا .

خامساً :
أن كثيراً من الكلام الذي قيل لا حقيقة له ، وإنما من التوهمات التي زينها الشيطان لأصحابها وأغراهم بها
وقد قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن
إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً … ) الحجرات/12 ، والمؤمن ينبغي أن يحمل كلام أخيه المسلم
على أحسن المحامل ، وقد قال بعض السلف : لا تظن بكلمة خرجت من أخيك سوءً وأنت
تجتهد لها في الخير محملاً .

سادساً :
وما وجد من اجتهاد لبعض العلماء وطلبة العلم فيما يسوغ فيه الاجتهاد فإن صاحبه لا يؤاخذ به ولا يثرب
عليه إذا كان أهلاً للاجتهاد ، فإذا خالفه غيره في ذلك كان الأجدر أن يجادله بالتي
هي أحسن ، حرصاً على الوصول إلى الحق من أقرب طريق ودفعاً لوساوس الشيطان وتحريشه بين المؤمنين ،
فإن لم يتيسر ذلك ، ورأى أحد أنه لا بد من بيان المخالفة فيكون ذلك بأحسن عبارة
وألطف إشارة ، ودون تهجم أو تجريح أو شطط في القول قد يدعو إلى رد الحق أو الإعراض عنه .
ودون تعرض للأشخاص أو اتهام للنيات أو زيادة في الكلام لا مسوغ لها .
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في مثل هذه الأمور ما بال أقوام قالوا كذا وكذا .

فالذي أنصح به هؤلاء الإخوة الذين وقعوا في أعراض الدعاة ونالوا منهم أن يتوبوا إلى الله تعالى
مما كتبته أيديهم ، أو تلفظت به ألسنتهم مما كان سبباً في إفساد قلوب بعض الشباب وشحنهم
بالأحقاد والضغائن ، وشغلهم عن طلب العلم النافع ، وعن الدعوة إلى الله بالقيل والقال والكلام عن فلان
وفلان ، والبحث عما يعتبرونه أخطاء للآخرين وتصيدها ، وتكلف ذلك .

كما أنصحهم أن يكفروا عما فعلوا بكتابة أو غيرها مما يبرؤون فيه أنفسهم من مثل هذا الفعل
ويزيلون ما علق بأذهان من يستمع إليهم من قولهم ، وأن يقبلوا على الأعمال المثمرة التي تقرب إلى
الله وتكون نافعة للعباد ، وأن يحذروا من التعجل في إطلاق التكفير
أو التفسيق أو التبديع لغيرهم بغير بينة ولا برهان وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم
: ( من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما ) متفق على صحته .

ومن المشروع لدعاة الحق وطلبة العلم إذا أشكل عليهم أمر من كلام أهل العلم أو غيرهم أن يرجعوا فيه
إلى العلماء المعتبرين ويسألوهم عنه ليبينوا لهم جلية الأمر ويوقفوهم على حقيقته ويزيلوا
ما في أنفسهم من التردد والشبهة عملاً بقول الله عز وجل في سورة النساء : ( وإذا جاءهم أمر من الأمن
أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلاً )
النساء/83 .

والله المسؤول أن يصلح أحوال المسلمين جميعاً ويجمع قلوبهم وأعمالهم على التقوى ،
وأن يوفق جميع علماء المسلمين ، وجميع دعاة الحق لكل ما يرضيه وينفع عباده ،
ويجمع كلمتهم على الهدى ويعيذهم من أسباب الفرقة والاختلاف ، وينصر بهم الحق ويخذل
بهم الباطل إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه ، ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين .

كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة
لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
– رحمه الله – م/7 ، ص/311.

منقول من موقع الإسلام سؤال وجواب ..

والله الموفق لا إله غيره ولا ربّ سواه..



يُرْفَعُ عسى يكون ذكرى للإخوة والأخوات في المنتدى إن شاء الله

أحسنت أخي راجي الصمد
جزاك الله خيرا على الموضوع المهم و القيم

و أضيف هاتين الرسالتين القيمتين
للعلامة عبد المحسن العباد حفظه الله

رفقا أهل السنة بأهل السنة
https://www.saaid.net/book/172.zip

C:Documents and SettingsadminBureau16.rar

و مرة أخرى رفقا أهل السنة بأهل السنة.
https://www.ballighofiles.com/emad/rifqan.pdf

الجيريا

الجيريا

الجيريا

الجيريا

تنبيه مهم حول الرسالتين للعلامة العباد حفظه الله.

السؤال:
لقد شاع عند بعض الشباب أن الشيخ عبدالمحسن العباد تراجع عن تقريض كتاب مدارك النظر للشيخ عبد المالك وأن دليل تراجعه هو كتابه المطبوع رفقا بأهل السنة بأهل السة
فما هو الردعلى هذا الكلام حفظكم الله ؟

أجاب الشيخ عبد المحسن قائلاً:

"أولاً كتاب مدارك النظر أنا قرأته مرتين يعني أنا سُئِلت يعني عدة مرات أنني ما قرأت يعني الكتاب كله أو إنما قرأت بعضه أو اطلعت على بعضه و أنا قلت وأقول إنني قرأته مرتين من أوله إلى آخره المرة الأولى قرأته لأن ما طُلِب مني أن أكتب فيه أكتب شيء عنه فقرأته قراءة يعني الاطلاع على ما فيه من أوله لآخره و لمَّا فرغت و قلت لمؤلفه أني اطلعت عليه و أنه مفيد قال لو كتبت يعني مقدمة له فقلت إذاً أقرأه مرة ثانية فقرأته من أوله إلى آخره و انتقيت منه بعض المواضع التي تكلمت عليها التي تكلمت عليها فإذاً الكتاب قرأته كله من أوله إلى آخره و ما ذكرته يعني أو ما نصيت عليه هذا يعني ذكر لبعض ما فيه ذكر لبعض ما فيه و ليس لكل ما فيه و لم أتراجع عن شيئاً مما كتبته.
والكتاب الذي كتبته أخيراً وهو (رفقاً أهل السنة بأهل السنة) لا علاقة للذين ذكرتهم في مدارك النظر بهذا الكتاب لا علاقة للذين ذكرتهم في مدارك النظر بهذا الكتاب فهذا الكتاب الذي هو (رفقاً أهل السنة بأهل السنة ) لا يعني الإخوان المسلمين و لا يعني المفتونين بسيد قطب و غيره من الحركيين و لا يعني أيضاً المفتونين بفقه الواقع و النيل من الحكام و كذلك التزهيد في العلماء لا يعني هؤلاء لا من قريب و لا من بعيد وإنما يعني أهل السنة فقط وهم الذين على طريقة أهل السنة حيث يحصل بينهم الاختلاف فينشغل بعضهم ببعض تجريحاً و هجراً و ذماً " اهـ

أكمل الشيخ الجواب بعد الأذان فقال:
" ذكرت أن هذا الكتاب لا يعني هذه الطوائف وهذه الفرق المنحرفة عن منهج أهل السنة والجماعة وعن طريقة أهل السنة و الجماعة و إنما يعني من كان من أهل السنة مشتغلاً بغيره من أهل السنة تجريحاً و هجراً و تتبعاً للأخطاء و التحذير بسبب هذه الأخطاء و كذلك إذا حصل خلاف بين شخصين ينقسم أهل السنة إلى قسمين قسم يؤيد هذا و قسم يؤيد هذا ثم يحصل التهاجر والتقاطع بين أهل السنة في كل مكان نتيجة لهذا الاختلاف فإن هذا من أعظم المصائب و من أعظم البلاء يعني حيث يتهاجر أهل السنة و يتقاطعون بسبب خلاف بين شخص و شخص و ما قاله فلان في فلان و ما قاله في فلان و فلان و ما موقفك من فلان و إن وقفت سلمت و إن لم تقف وإن لم يكن لك موقف فإنك تكون مبتدعاً ثم يحصل التهاجر و ينقسم أهل السنة إلى هذا الانقسام الخطير هذا هذا هو هذا هو الذي يعنيه هذا الكتاب و من المعلوم أن هذا الكتاب لا يعجب الحركيين لأنهم لأن الحركيين يحبون أن ينشغل أهل السنة بعضهم ببعض حتى يسلموا منهم حتى يسلموا من أهل السنة و ذلك بانشغال بعضهم ببعض و هذا الكتاب يدعو إلى إصلاح ذات البين و أن يرفق أهل السنة بعضهم ببعض وأن يحرص بعضهم على تسديد البعض وهذا هو الذي يعنيه الكتاب وأما أهل الحركات المناهضة أو المباينة لطريقة أهل السنة فهؤلاء يعجبهم هذا الاختلاف لأنهم إذا انشغل أهل السنة بعضهم ببعض هم سلموا من أهل السنة و صار بأس أهل السنة فيما بينهم وهذا هو الذي يريدونه " اهـ

__________________

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أثابك الله خيرا أخي رضا وجعل الله إضافتكم الطيبة في ميزان حسناتكم

الشّاشيّة بقلم الأستاذ العلاّمة الجزائريّ ابن أبي شنب 2024.

الشّاشيّة بقلم الأستاذ العلاّمة الجزائريّ ابن أبي شنب

ذكر الأستاذ المؤرِّخ عبد الرّحمن الجيلاليّ (رحمه الله) في كتابه: «محمّد بن أبي شنب حياته وآثاره» (ص34و136): أنّ الأستاذ العلاّمة ابن أبي شنب (رحمه الله) كتب بحثًا لُغَويًّا تاريخيًّا في بيانِ أصلِ كلمة «شاشيّة»، ونَشرَهُ بالفرنسيَّة سنة (1907م)، في «المجلّة الإفريقيّة»
(Revue africaine , p.55 et suivente).
وكانَ قد ظهر على صفحات مجلّة «الفتح» للعلاّمة محبّ الدّين الخطيب ذِكْرٌ لهذه الكلمة في أحد المقالاتِ، فبعثَ العلاّمة ابن أبي شنب (رحمه الله)، ببحثٍ مختصرٍ في تحقيقُ نسبة هذه المُفرَدَة إلى صاحبِ «الفتح».
وها هُو كما نُشِرَ في العدد (9)، السنة الأولى، الخميس 4 صفر 1345هـ – 12 أغسطس 1926م، (ص 10):
«الشّاشيّة:
لمّا وصل الجزء الخامس من صحيفة «الفتح» إلى الأستاذ العلاَّمة الجليل الشّيخ محمد ابن أبي شنب مدرّس اللّغة العربيّة بكلّيّة الآداب العليا بجزائر المغرب، وصاحب المؤلّفات والأعمال العلميّة الكثيرة باللّغتين العربيّة والفرنسيّة، اهتمّ للمقال الممتع الّذي أنشأه العلاَّمة المحقّق صاحب السّعادة أحمد تيمور باشا في تاريخ الطّربوش، وقد ورد في ذلك المقال أنّ العمامة تسمّى في المغرب «الشّاشية»، فرأى الأستاذ الشيخ محمد بن أبي شنب أن يزيد البيان في سبب تسميتها فتفضّل بكتابة ما يأتي:
لا يخفى أنّ «الشّاشية» بالمغرب قُلُنْسُوَةٌ مِن صُوف خاصة مثل الطربوش عند أهل المشرق، وقد اشتهر عند علماء العرب والإفرنج في زماننا أنّ لفظة «شاشية» مأخوذة من «الشاش» الّذي هو نسج رقيق من القطن أبيض غالبا ويُلَفّ على الرَّاس فيُسمّى عمامة، وقد أورده الخفاجي في «شفاء الغليل»، وقال: إِنَّهُ مُوَلَّدٌ مَنقول مِن اللّغة الهنديّة، وجاءت لفظة «شاشة» بمعنى العمامة في «رسائل بديع الزمان الهمذاني» (ط. بيروت ص265).
هذا ويصعب قبول القول بنسبة «الشاشية» إلى «الشاش» ولو مجازًا، لكون «الشاش» نسجًا رقيقًا من القطن الأبيض، وكون «الشاشية» تُصنع من صوف أحمر في الغالب. وذكر «الشاشية» القاضي عياض في «مداركه» في ترجمة سحنون، وأنّه كان يلبس الشاشية الطويلة، والعباسي في «شرح شواهد التّلخيص» أثناء ترجمة مسلم بن الوليد (مصر 1316 ج2 ص12 ص19)، ووردت هذه الكلمة أيضًا في «خِطط المقريزي» و«رحلة ابن بطوطة» و«ألف ليلة وليلة».
قد كنت حرَّرْتُ مقالة صغيرة باللّغة الفرنسيّة أدرجتُها في «المجلة الإفريقيّة» (سنة1907 ص55)، ذكرتُ فيها أنّي عند مطالعتي «مجموعة رسائل الجاحظ» (مصر 1324) وقفتُ في الرّسالة الثانية إلى الفتح بن خاقان في مناقب الترك وعامة جند الخلافة (ص11 س11) على هذه العبارة: «ونحن أصحاب التجافيف والقلانس الشاشية»، فحقّقتُ بأنّ لفظة «شاشية» نسبة إلى «بلاد الشاش»: «أرض واسعة وراء نهر سيحون»، ثمّ راجعتُ «معجم ما استعجم» للبكري، فقال عند كلامه على «الشاش»: «وإليه تُنسب الشاشية»، فزاد تحقّقي وأنّ «شاشية» صفةٌ لقُلنسوة أُقيمت مقام الموصوف لكثرة الاِستعمال، وهذا كثير في الثِّياب والبرود نحو: التزيدية والباغزية والشرعية والمسندية والكرباسية والسحولية والجهرمية والشطوية والقوهية والمقدية والقطرية والقسية والاتحمية.
وآخر الأمر أنّ لفظة «شاشية» منسوبة إلى «بلاد الشاش»، لا إلى نوعٍ من المنسوجات القطنية يُقال لهُ: «الشاش»، والله أعلم.
م. ابن أبي شنب
مُدرِّس العربيّة بكلّيّة الآداب العليا بالجزائر»اهـ

ايضا شاش بالعامية تعنى وصل الى القمة او الذروة,فى اى شئ,والشاشية تعلو الراس .

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة البرنوس الجيريا
ايضا شاش بالعامية تعنى وصل الى القمة او الذروة,فى اى شئ,والشاشية تعلو الراس .

شكرا
بارك الله فيك على هذه المعلومة

شكرا
بارك الله فيك على المعلومات

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الهادي ع الجيريا
شكرا
بارك الله فيك على المعلومات

الشكر موصول اليك أخي

بارك الله فيك

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نورالدين5 الجيريا
بارك الله فيك

شكرا بارك الله فيك

الشاشية هي التي توضع على راس

شكرا

شيخنا العلاّمة أبو اسحاق الحويني حفظه الله 2024.

بِسْمِ ﭐللهِ ﭐلرَّحْمَٰنِ ﭐلرَّحِيمِ

ترجمةُ الشيخِ أبيْ إسحاقَ الحوينيِّ
اسمُهُ ومولدُهُ

هوَ: أبو إسحاقَ حجازيْ بنُ محمدِ بنِ يوسفَ بنِ شريفٍ الحوينيُّ المصريُّ (وإسحاقُ هذا ليسَ بولدِهِ، إنمَا تكنَّىٰٰ الشيخُ بِهِ تيمُّـناً بكنيةِ الصحابيِّ سـعدِ بنِ أَبيْ وقاصٍ t وكنيةِ الإمامِ أبيْ إسحاقَ الشاطبيِّ -رحمهُ اللهُ-).

وُلدَ يومَ الخميسِ غرةِ ذي القَعدةِ لعامِ 1375هـ، الموافقِ 06 / 1956م بقريةِ حوينٍ بمركزِ الرياضِ منْ أعمالِ محافظةِ كفر الشيخِ بمصرَ.

عائلتُهُ

وُلدَ الشيخُ فيْ أسرةٍ ريفيةٍ بسيطةٍ لا تعرفُ إلا الزراعةَ، وما كانتْ فقيرةً ولا غنيةً، ولكنَّهَا كانتْ متوسطةَ الغِنَىٰٰ، لهَا وجاهتُهَا فيْ القريةِِ واحترامُهَا، بسببِ معاملتِهَا الطيبةِ للناسِ وما اشتُهرَ عنِ الأبِّ منْ حُسنِ خلقِهِ، وقدْ كانَ متزوجًا بثلاثٍ (كانَ الشيخُ منَ الأخيرةِ وكـانَ الأوسطَ -الثالثَ- بيـنَ الأبناءِ الذكورِ الخمسةِ) وكانَ متديناً بالفطرةِ -كحالِ عامةِ القَرويينَ إذْ ذاكَ- يحبُّ الدينَ. يُذكرُ أنَّ سرقةَ محصولِ القُطنِ كانتْ مشهورةً فيْ ذلكَ الحينِ، وكانَ الأبُّ يمشيْ مرةً بجانبِ حقلِهِ فرأىٰٰ شخصاً يأخذُ قطناً منهُ، فمَا كانَ منهُ إلا أنِ اختبأَ حتَّىٰ لا يراهُ هذا الشخصُ، ولمْ يُرَوِّعْه حتَّىٰٰ أخذَ ما أرادَ وانصرفَ!.

لـمْ يذهبْ قطُّ إلىٰٰ طبيبٍ، إلا في مرضِ موتِهِ حيثُ أُجبرَ علىٰٰ الذَّهابِ. توفِّـيَ -رحمهُ اللهُ- يومَ الثلاثاءِ 28 / 02 / 1972م.

دراستُهُ النظاميةُ

أُدخلَ الشيخُ المدرسةَ الابتدائيةَ الحكوميةَ غيرَ الأزهريةِ بقريةٍ مجاوِرةٍ (الوزاريةِ)، تبعدُ حوالَيْ 2كم عنْ حوينٍ، مضَّىٰ فيْهَا ستَّ سنواتٍ، وانتقلَ إلىٰٰ المرحلةِ الإعداديةِ فيْ مدينةِ كفرِ الشيخِ (تبعدُ عنْ حوينٍ ربعَ الساعةِ بالسيارةِ) بمدرسةِ الشهيدِ حمديْ الإعداديةِ، بدأَ في السنةِ الأولىٰ منْهَا كتابةَ الشعرِ، ومنْهَا إلىٰٰ المرحلةِ الثانويةِ بالقسمِ العلميِّ بمدرسةِ الشهيدِ رياضٍ الثانويةِ. ولِبُعدِ المسافةِ، أجَّرواْ (الشيخُ وإخوتُه) شقةً فيْ المدينةِ، يذهبونَ إليْهَا فيْ بدايةِ الأسبوعِ ومعَهُمْ ما زودتْهُمْ بِهِ أمُّهُمْ -حفِظَهَا اللهُ ورعَاهَا- (الزُّوَّادَةُ) ونصفُ جنيهٍ منْ أخِيْهِمِ الأكبرِ.

وبعدَ إنهاءِ الدراسةِ الثانويةِ حدثَ جدالٌ حولَ أيِّ الكلياتِ يدخلُ الشيخُ، فتردّدَ بينَ كلياتٍ حتَّىٰٰ استقرَ فيْ قسمِ اللغةِ الأسبانيةِ (وإنمَا كانتِ الأسبانيةَ، حتَّىٰٰ يتساوىٰٰ بالطلابِ فيستطيعُ أن يتفوّقَ عليْهِمْ) بكليةِ الألسنِ بجامعةِ عينِ شمسٍ بـالقاهرةِ، والتِي لمْ يخرجْ عنِ الثلاثةِ الأُولِ فيْ السنينِ الثلاثةِ الأولىٰ وفيْ الرابعةِ نزلَ عنْهُمْ، وتخرَّجَ فيْهَا بتقديرٍ عامٍ امتيازٍ. وكانَ يريدُ أنْ يصبحَ عضواً فيْ مَجْمَعِ اللغةِ الأسبانيِّ، وسافرَ بالفعلِ إلىٰٰ أسبانيا بمنحةٍ منَ الكليةِ، ولكنَّهُ رجعَ لعدمِ حبِّه البلدَ هناكَ.

الرحلةُ العلميةُ

فيْ حياتِهِ فيْ القريةِ والمدينةِ (مراحلِ ما قبلَ الجامعةِ)، لمْ يكنْ هناكَ اهتمامٌ منْه ولا منْ أحدٍ بالعلمِ الشرعيِّ، إنمَا كانواْ يعرفُونَ كيفَ الصلاةُ ومثلَهَا منَ الأشياءِ البسيطةِ، حتَّىٰٰ سافرَ الشيخُ فِيْ أواخرِ العامِ الأخيرِ منَ الدراسةِ الثانويةِ (سنةِ 1395هـ / 74-1975م) إلىٰٰ القاهرةِ ليذاكـرَ عندَ أخِيْهِ، وكانَ يحضُرُ الجُمعةَ للشيخِ عبدِ الحميدِ كِشكٍ -رحمهُ اللهُ- فيْ مسجدِ ‘عينِ الحياةِ’. ومرةً، وجدَ بعدَ الصلاةِ كتابًا يباعُ علىٰٰ الرصيفِ للشيخِِ الألبانيِّ -رحمهُ اللهُ- كتابَ "صفةِ صلاةِ النبيِّ r منَ التكبيرِ إلىٰٰ التسليمِ كأنَّكَ ترَاهَا"، فتصفَّحَهُ ولكنَّه وجدَهُ غالياً (15 قرشاً) فتركَه ومضَىٰ، حتَّىٰ وقعَ علىٰ التلخيصِ فاشتراه، فقرأَه ولما أنهىٰ القراءةَ، وجدَ أنَّ كثيراً مما يفعلُه الناسُ في الصلاةِ وما ورثُوه عنِ الآباءِ – متضمناً نفسَهُ، خطأً ويصادمُ السنةَ الصحيحةَ، فصمَّمَ علىٰٰ شراءِ الكتابِ الأصليِّ، فلمَّا اشترَاهُ أُعجبَ بطريقةِ الشيخِ فيْ العرضِ وبالذاتِ مقدمةِ الكتابِ، وهيَ التيْ أوقفتْهُ علىٰٰ الطريقِ الصحيحِ والمنهجِ القويمِ منهجِ السلفِ، والتيْ بسطَ فيْهَا الشيخُ الكلامَ علىٰٰ وجوبِ اتباعِ السنةِ ونبذِ ما يخالفُهَا ونقلَ أيضاً كلاماً عنِ الأئمةِ المتبوعينَ -رحمَهُمُ اللهُ- إذْ تبرؤُوْا منْ مخالفةِ السنةِ أحياءً وأمواتاً. وقدْ لفتتَ انتباهَهُ جداً حواشِيْ الكتابِ -معَ جهلِهِ التامِّ فيْ هذا الوقتِ بهذِه المصطلحاتِ المعقدةِ بلْ لقدْ ظلَّ فترةً منَ الزمنِ -كمَا يقولُ- يظنُّ أنَّ البخاريَّ صحابيٌّ لكثرةِ ترضِّيْ الناسِ عليهِ-، فهُوَ، وإنْ لمْ يكُنْ يفهمُهَا، إلا أنَّهُ شعرَ بضخامةِ وجزالةِ الكتابِ ومؤلِّفِهِ، وصمّمَ بعدَهَا علىٰٰ أنْ يتعلمَ هذا العلمَ علمَ الحديثِ.

وتوالتِ الأيامُ, ودخلَ الجامعةَ، وبدأَ يبحثُ عنْ كتبٍ فيْ هذَا العلمِ، فكانَ أولَ كتابٍ وقعَ عليْهِ كتابُ "الفوائدِ المجموعةِ فيْ الأحاديثِ الموضوعةِ" للإمامِ الشوكانيِّ، فهالَ الشيخَ ما رأىٰٰ، لقدْ رأىٰٰ أنَّ كثيراً منَ الأحاديثِ التيْ يتناولُهَا الناسُ فيْ حياتِهِمْ لا تثبتُ عن النبيِّ r، فعكَّرَ ذلكَ، أيْ معرفتُهُ أنَّ هناكَ أحاديثُ لمْ تثبتْ، عكَّرَ ذلكَ عليْهِ استمتاعَهُ بخطبِ الشيخِ عبدِ الحميدِ كشكٍ -رحمهُ اللهُ-، فأصبحَ لا يمرُّ بِهِ حديثٌ إلا ويتشكَّكُ فيْ ثبوتِهِ. حتىٰٰ كانَ يومٌ، وكانتْ جمعةً عندَ الشيخِ كشكٍ -رحمهُ اللهُ- فذكرَ حديثاً تشكَّكَ الشيخُ فيْهِ، فبحثَهُ فوجدَ أنَّ ابنَ القيمِ -رحمهُ اللهُ- ضعَّفَهُ، فأخبرَ الشيخَ كشكاً بذلكَ، فردَّ وقالَ بأنَّ ابنَ القيمِ أخطأَ، ثمَّ قالَ كلمةً كانتْ منَ المحفزاتِ الكبارِ لهُ لتعلمِ الحديثِ والعلمِ الشرعيِّ، قالَ: ياْ بنيَّ! تعلمْ قبلَ أنْ تعترضَ. يقولُ الشيخُ: فمشيتُ منْ أمامِهِ مستخزياً، كأنمَا ديكٌ نقرنِيْ! وخرجتُ منْ عندِهِ ولديَّ منَ الرغبةِ فيْ دراسةِ علمِ الحديثِ ما يجلُّ عنْ تسطيرِ وصفِهِ بنانِيْ. اهـ.

وأخذَ الشيخُ يسألُ كلَّ أحدٍ عنْ أحدٍ منَ المشايخِ يُعَلِّمُهُ هذَا العلمَ أو يدلُّهُ عليْهِ، فدلوْهُ علىٰٰ الشيخِ محمدِ نجيبٍ المطيعيِّ -رحمهُ اللهُ-.

وأخذَ يبحثُ أكثرَ عنْ كتبٍ أكثرَ، فوقعَ علىٰٰ المئةِ حديثٍ الأُولىٰٰ منْ كتابِ "سلسلةِ الأحاديثِ الضعيفةِ والموضوعةِ وأثرِهَا السيئِ فيْ الأُمةِ" للشـيخِ الألبانيِّ -رحمهُ اللهُ-، فوجدَ أنَّ الشيخَ كانَ يركزُ علىٰٰ الأحاديثِ المنتشرةِ بينَ الناسِ والتيْ لا تصحُّ.

ولاحظَ الشيخُ أنَّ أحكامَ الشيخِ علىٰٰ الأحاديثِ ليستْ واحدةً، فمرةً يقولُ منكرٌ ومرةً يقولُ ضعيفٌ ومرةً باطلٌ، فأخذَ يبحثُ ويُنَقِّبُ كيْ يفهمَ هذِهِ المصطلحاتِ ويفرقَ بينَ أحكامِ الشيخِ علىٰ الأحاديثِ، وسألَ الشيخَ المطيعيَّ -رحمهُ اللهُ-، فدلَّهُ علىٰٰ كتابِهِ "تحتَ رايةِ السنةِ: تبسيطُ علومِ الحديثِ"، فأخذَهُ الشيخُ وعرفَ منْ حواشِيْهِ أسماءَ كتبِ السنةِ وأمهاتِ الكتبِ التيْ كانَ ينقلُ منْهَا الشيخُ، ومعانيْ المصطلحاتِ.

يقولُ الشيخُ: مكثتُ معَ الكتابِ (كتابِ الشيخِ الألبانيِّ –رحمهُ اللهُ-) نحوَ سنتينِ كانتْ منْ أفيدِ السنينِ فيْ التحصيلِ. اهـ.

وكانَ الشيخُ فيْ مراحلِ طلبِهِ المتقدمةِ، فيْ الجامعةِ، يعملُ نهاراً فِيْ محلِّ بقالةٍ بمدينةِ نصرٍ بالقاهرةِ ليعولَ نفسَهُ، ويطلبُ ليلاً، لذَا، كانتْ ساعاتُ نومِهِ قد تصلُ إلىٰٰ ثلاثِ ساعاتٍ فيْ اليومِ!.

وكانَ لحاجتِهِ، لا يستطيعُ شراءَ ما يبتغِيْهِ منْ كتبِ العلمِ، فكانَ يذهبُ إلىٰ مكتبةِ المتنبيْ، يذهبُ فقطْ ليتحسسَ الكتبَ بيدِهِ أوْ يرفعَهَا لأنفِهِ فيشمَّهَا ويخرجُ بسرعةٍ كيْ لا يظُنَّ صاحبُهَا به جنوناً فيطردُه منْهَا!، وكانَ ربمَا نسخَ منْهَا.

مَنْ أخذَ عنهُمْ

*ذهبَ الشيخُ لمجالسِ الشيخِ المطيعيِّ فيْ بيتِ طلبةِ ماليزيا بالقربِ منْ ميدانِ عبدُهْ باشَا بالعبَّاسيةِ. فأخذَ عليهِ شروحَ كلٍّ منْ: صحيحِ الإمامِ البخاريِّ، المجموعِ للإمامِ النوويِّ، الأشباهِ والنظائرِ للإمامِ السيوطيِّ، وإحياءِ علومِ الدينِ للإمامِ أبيْ حـامدٍ الغزاليِّ -رحمَهُمُ اللهُ-. ولزِمَ الشيخُ الشيخَ المطيعيَّ نحواً من أربعِ سنواتٍ حتَّىٰٰ توقفتْ دروسُهُ بسببِ الاعتقالاتِ الجماعيةِ التي أمرَ بهَا الساداتُ، فرحلَ الشيخُ المطيعيُّ إلىٰٰ السودانِ، ثمَّ المدينةِ النبويةِ وتوفيَّ هناكَ ودُفنَ بالبقيعِ، -رحمهُ اللهُ-.

*وأخذَ علىٰٰ الشيخِ سيدِ سابقٍ -رحمهُ اللهُ- بالمعاديْ.

*وأخذَ علىٰٰ بعضِ ‘شيوخِ الأعمدةِ’ فيْ الجامعِ الأزهرِ، فيْ أصولِ الفقهِ واللغةِ والقراءاتِ، ولكنْ ليسَ كثيراً.

*وأخذَ بعضَ قراءةِ ورشٍ علىٰٰ خالِهِ (وكانَ مدرسَ قراءاتٍ).

*وفيْ سنةِ 1396هـ قدمَ الشيخُ الألبانيُّ -رحمهُ اللهُ- لمصرَ، وألقىٰٰ محاضرةً فيْ المركزِ العامِّ لجماعةِ أنصارِ السنةِ المحمديةِ بعابدينَ، ولكنَّهُ رحلَ ولمْ يقابلْهُ الشيخُ.

وكانَ قدْ نُشرَ للشيخِ كتابُ "فصلِ الخِطَابِ بنقدِ المغنيْ عنِ الحفظِ والكتابِ"، وكانَ الشيخُ الألبانيُّ يقولُ: ليسَ ليْ تلاميذٌ (أيْ: علىٰٰ طريقتِهِ فيْ التخريجِ والنقدِ)، فلمَّا قرأَ الكتابَ قالَ: نعمْ (أيْ: هذَا تلميذُهُ).

وسافرَ الشيخُ إلـىٰٰ الشيخِ الألبانيِّ فيْ الأردنِ أوائلَ المحرمِ سنةَ 1407هـ وكانَ معَهُ لمدةِ شهرٍ تقريباً كانَ -كمَا يقولُ- منْ أحسنِ أيامِهِ.

وقدْ قابلَهُ مرةً أخرىٰ فيْ موسمِ الحجِّ فيْ الأراضيْ المقدسةِ سنةَ 1410هـ، وكانتْ أوَّلَ حجةٍ للشيخِ وآخرَ حجةٍ للشيخِ الألبانيِّ -رحمهُ اللهُ-، وآخرَ مرةٍ رآهُ الشيخُ فيْهَا.

فعلىٰ هذَا، فإنَّ الشيخَ لمْ يلقَ الشيخَ الألبانيَّ -رحمهُ اللهُ- إلا مرتينِ سجلَ لقاءاتِهِ وأسئلتَهُ فيْهِمَا علىٰ أشرطةِ ‘كاسيتْ’ ونُشرتْ هذِهِ اللقاءاتُ باسمِ "مسائلِ أبيْ إسحاقَ الحوينيِّ"، وهاتفَهُ بِضعَ مراتٍ. فأخذَ علمَهُ عنِ الشيخِ منْ كتبِهِ ومحاضراتِهِ المسموعةِ، ومنْ هاتينِ المرتينِ.

وذهبَ الشيخُ إلىٰ المملكةِ العربيةِ السعوديةِ، فأخذَ عنْ:

*الشيخِ عبدِ اللهِ بنِ قاعودٍ -رحمهُ اللهُ-. حضرَ بعضَ مجالسٍ فيْ شرحِ كتابِ "الكافيةِ في الجدلِ" للإمامِ الجويني، وكانَ يقرأُ عليْهِ آنذاكَ الشيخُ صالحٌ آلُ الشيخِ -حفظهُ اللهُ-.

*الشيخِ عبدِ العزيز بنِ بازٍ -رحمهُ اللهُ-. حضرَ بعضَ مجالسٍ فيْ مسجدِهِ المسجدِ الكبيرِ فيْ شروحٍ لكتبِ: "سننِ الإمامِ النسائيِّ"، "مجموعِ الفتاوىٰ" للإمامِ ابنِ تيميةَ، و"كتابِ التوحيدِ" للإمامِ محمدِ بنِ عبدِ الوهابِ -رحمَهُمُ اللهُ-.

*كمَا قابلَ الشيخُ الشيخَ ابنَ العثيمينِ -رحمهُ اللهُ- فيْ الحرمِ، ودخلَ غرفتَهُ الخاصةَ وسألَهُ عنْ بعضِ مسائلٍ.

الثناء عليه

*قدْ قدَّمْنَا وصفَ الشيخِ الألبانيِّ -رحمهُ اللهُ- للشيخِ أنَّهُ: تلميذُهُ.

*وقدْ قالَ لهُ -فيْ لقائِهِ بِهِ فيْ عمَّانَ-: قدْ صحَّ لكَ مَا لمْ يصحَّ لغيرِكْ. اهـ.

*وقالَ (الصحيحة ج5 ح2457) مختصاً المشتغلينَ الأقوياءَ فيْ علمِ الحديثِ: فعسىٰ أنْ يقومَ بذلكَ بعضُ إخوانِنَا الأقوياءُ فيْ هذَا العلمِ كالأخِّ عليٍّ الحلبيِّ، وسميرٍ الزهيريِّ، وأبيْ إسحاقَ الحوينيِّ، ونحوِهِمْ جزاهُمُ اللهُ خيراً. اهـ.

*وأيضاً (الصحيحة ج7 ح3953 والذيْ نُشرَ بعدَ وفاتِهِ): هذَا، ولقدْ كانَ منِ دواعِيْ تخريجِ حديثِ الترجمةِ بهذَا التحقيقِ الذيْ رأيتَهُ؛ أنَّ أخانَا الفاضلَ أبَا إسحاقَ الحوينيَّ سُئلَ فيْ فصلِهِ الخاصِّ الذيْ تنشرُهُ مجلةُ التوحيدِ الغراءِ فيْ كلِّ عددٍ منْ أعدادِهَا، فسُئلَ –حفظَهُ اللهُ وزادَهُ علماً وفضلاً– عنْ هذَا الحديثِ فيْ العددِ الثالثِ (ربيعِ الأولِ 1419هـ) فضعفَهُ، وبينَ ذلكَ ملتزماً علمَ الحديثِ ومَا قالَهُ العلماءُ فيْ رواةِ إسنادِهِ، فأحسنَ فيْ ذلكَ أحسنَ البيانِ، جزاهُ اللهُ خيراً، لكنيْ كنتُ أودُّ وأتمنىٰ أنْ يُتبعَ ذلكَ ببيانِ أنَّ الحديثَ بأطرافِهِ الثلاثةِ صحيحٌ؛ حتىٰ لا يتوهمَنَّ أحدٌ منْ قراءِ فصلِهِ أنَّ الحديثَ ضعيفٌ مطلقاً، سنداً ومتناً، كمَا يُشعرُ ذلكَ سكوتُهُ عنِ البيانِ المشارِ إليهِ. أقولُ هذَا، معَ أننيْ أعترفُ لَهُ بالفضلِ فيْ هذَا العلمِ، وبأنَّهُ يفعلُ هذَا الذيْ تمنيتُهُ لَهُ فيْ كثيرٍ منَ الأحاديثِ التيْ يتكلمُ علىٰ أسانيدِهَا، ويبينُ ضعفَهَا، فيُتبعُ ذلكَ ببيانِ الشواهدِ التيْ تُقَويْ الحديثَ، لكنَّ الأمرَ -كمَا قيلَ-: كفىٰ بالمرءِ إثماً أنْ تعدَّ معايبُهُ. اهـ.

*وقالَ الشيخُ عبدُ اللهِ بنُ آدمٍ الألبانيِّ -حفظهُ اللهُ- ابنُ أخيْ الشيخِ (فيْ رسالةٍ خطيةٍ بعثَ بهَا لأبيْ عمروٍ أحمدَ الوكيلِ والذيْ بدورِهِ نشرَ صورتَهَا فيْ كتابِهِ "المعجمِ المفهرسِ للأحاديثِ النبويةِ والآثارِ السلفيةِ التيْ خرَّجَهَا فضيلةُ الشيخِ أبوْ إسحاقَ الحوينيِّ" ص1759): فيْ شتاءِ عامَ 1410هـ زارَنَا الشيخُ الألبانيُّ -رحمهُ اللهُ- فيْ دارِنَا، وعرضْتُ عليْهِ جملةً منَ الأسئلةِ، أذكرُ منْهَا السؤالَ التاليْ: يا شيخْ! منْ ترىٰ لَهُ الأهليةَ منَ المشايخِ لسؤالِهِ فيْ علمِ الحديثِ بعدَ رحيلِكُمْ، وإنْ شاءَ اللهُ بعدَ عمرٍ طويلٍ؟. فقالَ: فيهْ شيخٌ مصريٌ اسمُهُ أبوْ إسحاقَ الحوينيُّ، جاءَنَا إلىٰ عمَّانَ منذُ فترةٍ ولمستُ معهُ أنَّهُ معَنَا علىٰ الخطِّ فيْ هذَا العلمِ. فقلتُ: ثمَّ منْ؟. قال: الشيخُ شعيبٌ الأرناءُوطُ. قلتُ: ثمَّ منْ؟. قالَ: الشيخُ مقبلُ بنُ هاديْ الوادعيُّ. اهـ.

*وقالَ الشيخُ بكرُ بنُ عبدِ اللهِ أبو زيدٍ -حفظهُ اللهُ- فيْ مقدمةِ كتابِهِ "التحديثِ بمَا لا يصحُّ فيْهِ حديثٌ" (ط1 ص9-10) وذكرَ منْ أفردَ كتباً لهذَا النوعِ منَ التأليفِ، فذكرَ أربعةً، كانَ الثالثُ والرابعُ منْهَا كتابي الشيخِ "فصلُ الخطابِ بنقدِ المغنيْ عنِ الحفظِ والكتابِ"، وَ"جنةُ المرتابِ بنقدِ المغنيْ عنِ الحفظِ والكتابِ". قالَ: والأولُ أخصرُ منَ الثانيْ، لكنَّ فيْهِ مَا ليسَ فيْ الآخرِ، وكلاهُمَا لأبيْ إسحاقَ الحوينيِّ حجازيْ بنِ محمدِ بنِ شريفٍ. اهـ.

*وقالَ أيضاً فيْ الكتابِ المذكورِ (ط1 ص21): "جنةُ المرتابُ" أوعبُ كتابٍ رأيتُهُ لتخريجِ ونقدِ هذِهِ الأبوابِ، وهوَ فيْ 600 صفحةٍ. اهـ.

مشروعاتُهُ العلميَّةُ

للشيخِ مَا يربُو علىٰ المئةَ مشروعٍ، منهَا مَا قدِ اكتملَ، ومنْهَا مَا لمْ يكتملْ، تتراوحُ مَا بينَ التحقيقاتِ والتخريجاتِ والاستدراكاتِ والنقدِ والتأليفِ الخالصِ. فمنْهَا:

** "تنبيهُ الهاجدِ إلىٰ مَا وقعَ منَ النظرِ فيْ كتبِ الأماجدِ". تأليفٌ/استدراكاتٌ

** "تسليةُ الكظيمِ بتخريجِ أحاديثِ تفسيرِ القرآنِ العظيمِ" للإمامِ ابنِ كثيرٍ. تأليفٌ/تحقيقٌ وتخريجٌ

** "تفسيرُ القرآنِ العظيمِ" للإمامِ ابنِ كثيرٍ. (هوَ اختصارٌ للكتابِ السابقِ)

** "ناسخُ الحديثِ ومنسوخُهُ" للإمامِ ابنِ شاهينٍ. تحقيقٌ

** "بُرءُ الكَلْمِ بشرحِ حديثِ قبضِ العلمِ". تأليفٌ (شرحُ حديثِ: إنَّ اللهَ لا يقبضُ العلمَ انتزاعاً…)

** "الفوائدُ" للإمامِ ابنِ بشرانَ. تحقيقٌ

** "المنتقىٰ" للإمامِ ابنِ الجارودِ. تحقيقٌ

** "تعلةُ المفئودِ شرحُ منتقىٰ ابنِ الجارودِ". تأليفٌ/تحقيقٌ حديثيٍّ معَ بحوثٍ فقهيةٍ

** "الديباج علىٰ صحيحِ مسلمِ بنِ الحجاجِ" للسيوطيِّ. تحقيقٌ وتخريجٌ

** "مسامرةُ الفاذِّ بمعنىٰ الحديثِ الشاذِّ". تأليفٌ

** "النافلة فيْ الأحاديثِ الضعيفةِ والباطلةِ". تأليفٌ

** "المعجمُ" للإمامِ ابنِ جُمَعٍ. تحقيقٌ

** "نبعُ الأمانيْ فيْ ترجمةِ الشيخِ الألبانيْ". تأليفٌ

** "الثمرُ الدانيْ فيْ الذبِّ عنِ الألبانيْ". تأليفٌ

……..وغيرُهَا.

خطبُهُ ومحاضراتُهُ

للشيخِ خطبتانِ فيْ كلِّ شهرٍ عربيٍّ، الجمعتانِ الأولىٰ والثالثةُ، ومحاضرةٌ كلَّ يومِ اثنينِ، بينَ المغربِ والعشاءِ، وكلُّهُمْ فيْ مسجدِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ بمدينةِ كفرِ الشيخِ.

ويحاضرُ الشيخُ علىٰ قناةِ الرحمة الفضائيةِ فيْ برامجِ: ساعة و ساعة(مباشرٌ أسبوعيٌّ)، كَذلكَ لهُ علَىٰ قناةِ الناسِ الفضائيةِ برنامجُ فضفضةٍ (مباشرٌ أسبوعيٌّ).

بارك الله فيك على الموضوع
حفظ الله العلاّمة المحدّث الشّيخ أبو إسحاق الحويني

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زكرياء1409 الجيريا
بارك الله فيك على الموضوع

حفظ الله العلاّمة المحدّث الشّيخ أبو إسحاق الحويني

جزاك الله خيرا يا أخي الحبيب

ما هي الأسباب والأعمال التي يضاعف ثوابها ؟ يجيبنا العلاّمة السّعديّ رحمه الله 2024.

بسم الله الرّحمن الرّحيم
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله ربّ العالمين
وبه نستعين وعليه التّكلانُ..

ما هي الأسباب والأعمال التي يضاعف ثوابها ؟

الجواب وبالله التوفيق :
أما مضاعفة العمل بالحسنة إلى عشر أمثالها , فهذا لابد منه في كل عمل صالح ,
كما قال تعالى : { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها } [ سورة الأنعام : الآية 159 ]
وأما المضاعفة بزيادة عن ذلك , وهي مراد السائل , فلها أسباب :
إما متعلقة بالعامل,
أو بالعمل نفسه ,
أو بزمانه , أو بمكانه , وآثاره ,
فمن أهم أسباب المضاعفة , إذا حقق العبد في عمله الإخلاص للمعبود والمتابعة للرسول ,
فالعمل إذا كان من الأعمال المشروعة , وقصد العبد به رضى ربه وثوابه ,
وحقق هذا القصد بأن يجعله هو الداعي له إلى العمل , وهو الغاية لعمله ,
بأن يكون عمله صادرا عن إيمان بالله ورسوله , وأن يكون الداعي له لأجل أمر الشارع ,
وأن يكون القصد منه وجه الله ورضاه , كما ورد في عدة آيات وأحاديث هذا المعنى ,
كقوله تعالى : { إنما يتقبل الله من المتقين } . [ سورة المائدة : الآية 27 ]
أي : المتقين الله في عملهم بتحقيق الإخلاص والمتابعة , وكما في قوله صلى الله عليه وسلم :
( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه
, ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) . وغيرها من النصوص ,
والقليل من العمل مع الإخلاص الكامل يرجح بالكثير الذي لم يصل إلى مرتبته في قوة الإخلاص ,
ولهذا كانت الأعمال الظاهرة تتفاضل عند الله بتفاضل ما يقوم بالقلوب من الإيمان والإخلاص ,
ويدخل في الأعمال الصالحة التي تتفاضل بتفاضل الإخلاص ترك ما تشتهيه النفوس
من الشهوات المحرمة إذا تركها خالصا من قلبه , ولم يكن لتركها من الدواعي غير الإخلاص
وقصة أصحاب الغار شاهدة بذلك ,,,,.

للاستزادة كتاب الفتاوى السعدية

موقع الشّيخ رحمه الله الرّسميّ…

والله الموفّقُ..

جزاك الله خيرا

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hiba-2016- الجيريا
جزاك الله خيرا

وجزاكم الله بمثله ..بارك الله فيكم..

بارك الله فيك اخي ورحم الله شيخنا السعدي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواثق الجيريا
بارك الله فيك اخي ورحم الله شيخنا السعدي

اللهمّ آمين آمين وجميع علماء المسلمين..
وفيكم يبارك الله أخي جزاكم الله خيرا..

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على الموضوع الطيِّب ،ورحم الله العلامة السعدي رحمة واسعة
قال ابن القيم رحمه الله: " فالأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها، وإنما تتفاضل بتفاضل ما في القلوب، فتكون صورة العملين واحدة، وبينهما من التفاضل كما بين السماء والأرض. قال: وتأمل حديث البطاقة التي توضع في كفة ويقابلها تسعة وتسعون سجلاً، كل سجل منها مدّ البصر تثقل البطاقة وتطيش السجلات، فلا يعذب. ومعلوم أن كل موحد له هذه البطاقة، وكثير منهم يدخل النار بذنوبه." أهـ. رحمه الله.

وهذا الكلام أيضا يعزز موضوعكم .

اقتباس:

فَلِوَاحِدٍ كُنْ وَاحِدًا فِي وَاحِدٍ
أَعْنِي سَبِيل الحَقِّ وَالإِيمَانِ

«فلواحد» هو الله عز وجل،
«كن واحدًا» في عزمك وصدقك وإرادتك،
«في واحد» وهو متابعة الرسول صلّى الله عليه وسلّم
الذي هو طريق الحق والإيمان…

بارك الله فيك

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مهاجرة إلى ربي الجيريا
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على الموضوع الطيِّب ،ورحم الله العلامة السعدي رحمة واسعة
قال ابن القيم رحمه الله: " فالأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها، وإنما تتفاضل بتفاضل ما في القلوب، فتكون صورة العملين واحدة، وبينهما من التفاضل كما بين السماء والأرض. قال: وتأمل حديث البطاقة التي توضع في كفة ويقابلها تسعة وتسعون سجلاً، كل سجل منها مدّ البصر تثقل البطاقة وتطيش السجلات، فلا يعذب. ومعلوم أن كل موحد له هذه البطاقة، وكثير منهم يدخل النار بذنوبه." أهـ. رحمه الله.

وهذا الكلام أيضا يعزز موضوعكم .

جزاكم الله خيرا على الإضافة الطّيبة
بارك الله فيكم ورزقكم من فضله ويسّر أموركم..آمين..

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ملك الاحلام الجيريا
بارك الله فيك

وفيكم يبارك الله شكر الله لكم مروركم الطّيّب
ومرحبا بكم بين أهلكم وإخوانكم..

بارك الله فيك

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ملك الاحلام الجيريا
بارك الله فيك

وفيكم يبارك الله جزاكم الله خيرا

بارك الله وفقك الله لصيام رمضان كما صامه الصحابة الكرام مصابيح الاسلام وقدوة الانام

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو مسلم السلفي الجيريا
بارك الله وفقك الله لصيام رمضان كما صامه الصحابة الكرام مصابيح الاسلام وقدوة الانام

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وفيكم يبارك الله جزاكم الله خيرا
وأعاننا الله وإيّاكم على صيام رمضان وقيامه إيمانا واحتسابا.