نصيحة تكتب بماء العيون للشيخ ربيع المدخلي 2024.

يقول السائل: حفظكم الله!! كيف نتعبد الله -عز وجل- بعلم الجرح والتعديل الذي هو من أشرف العلوم ؟
الجواب:
إذا وصلت إلى هذه المرتبة – من العلم والورع والزهد والإخلاص لوجه الله-فإنك ستعلم كيف تتقرب إلى الله بذلك, وأنك تحمي بذلك الدين.
فعلم الجرح والتعديل علم عظيم, ولا يتصدى له إلا أفراد من الناس, حتى كثير من كبار حفاظ الحديث؛ ما عدَّهم العلماء في الجرح والتعديل.
وأنا أقول لكم أني لست من علماء الجرح والتعديل, وأنصح الإخوان عن ترك الغلو -بارك الله فيكم-, فأنا ناقد ، ناقد, نقدت عدداً من الناس معينين في أخطائهم, فطورها الناس -بارك الله فيكم-, فأنا أبرأ إلى الله من الغلو.
لا تقولوا: الشيخ ربيع إمام الجرح والتعديل, أبداً , أُشهد الله أني أكره هذا الكلام، اتركوا هذه المبالغات يا إخوة.
والله- أنا من زمان إنِّي بفطرتي أكره هذه الأشياء, وإني لما أقف في كون ابن خزيمة إمام من الأئمة, وهو إمام والله عظيم, لكن إمام الأئمة أراها ثقيلة والله.
وألقاب دخلت على المسلمين ، شوف خطابات الصحابة: قال عمر ، قال عثمان ، قال علي ، قال كذا, وِحْنَا مانْجِيْ في المعالي -بارك الله فيكم-!! اتركوا هذه التهاويل.
والذي عنده علم ويعرف منهج السلف ينتقد.
خلاص علماء الجرح والتعديل بينوا لنا أحوال الرجال الكذابين والمتروكين وسيء الحفظ والواهين وإلى أخره ، الثقات والعدول والحفاظ إلى أخره.
احنا نقاد ، أنا ناقد ضعيف أنتقد أخطاء سكت عنها غيري أو غفل عنها ، اتركوا هذه الأشياء -بارك الله فيكم-.
يعني اللي عندو علم ويعرف منهج السلف ويرى هناك بدع واضحة أمامه يبينها لوجه الله, نصيحة لوجه الله تبارك وتعالى, حماية لهذا الدين.
يأتي المبتدع يشوه الدين ببدعته, ويتكلم عن الله بغير علم, وينشر ضلاله باسم الدين, سواء خطؤه في العقيدة ، في العبادة ، في المنهج ، في السياسة ، في الاقتصاد ، في شيء من الأشياء.
الآن الغلو ينتشر في الساحة السلفية, والمبالغات والتهاويل تنتشر, حتى وصل ببعضهم إلى درجة الروافض والصوفية والحلول, ونحن نبرأ إلى الله من هذا الغلو.
فأسلكوا منهج السلف في الوسطية والإعتدال وإنزال الناس منازلهم, بدون أي شيء من الغلو -بارك الله فيكم-.
فنحن الأن في الساحة طلاب علم ، طلاب علم انتقدنا بعض الأخطاء, عندنا شيء من المعرفة.
فأوصيكم يا إخوة أن تسيروا في طريق السلف الصالح تعلماً وأخلاقاً ودعوةً, لا تشدد ، لا غلو ، دعوة يرافقها الحلم والرحمة والأخلاق العالية, والله تنتشر الدعوة السلفية.
الدعوة السلفية الأن تتآكل ويأكل منتمون – ما أقول السلفيون – المنتمون بعضهم منتمون ظلماً إلى هذا المنهج, يتآكلون أمام الناس ، شوهوا الدعوة السلفية بهذه الطريقة.
فأنا أنصح هذا أن يتقي الله عز وجل, وأن يتعلم العلم النافع, وأن يعمل العمل الصالح, وأن يدعوا الناس بالعلم والحكمة.
يا إخوة مواقع الأنترنت زفت الآن ، وكل الناس يسخرون بمن يسمون سلفيين ، يسخرون منهم ويصفقون بفرح -بارك الله فيكم-.
الذي يتعلم منكم وفهم التفسير يُقدِّم للناس مقالات في التفسير؛ آيات تتعلق بالأحكام ، آيات تتعلق بالأخلاق آيات تتعلق بالعقائد ,خلاص وينشر للناس, هذه دعوة.
اللي يتمكن في الحديث -بارك الله فيكم- ينشر مقالات في معاني الحديث وما يتضمنه من أحكام ومن حلال ومن حرام ومن أخلاق وإلى أخره.
املأوا الدنيا علماً ، الناس بحاجة إلى هذا العلم.
المهاترات هذه تشوه المنهج السلفي وتنفر الناس منه.
واتركوا المهاترات سواء على الأنترنت, أو في أي مجال من المجالات, في أي بلد من البلدان, قدموا للناس العلم النافع.
والجدال لا تدخلوا فيه مع الناس ولا مع أنفسكم, وقد قرأتم في هذا الكتاب أن السلف كانوا ينفرون من المناظرات.
لا تناظر إلا في حال الضرورة, ولا يُنَاظِر إلا عالم يستطيع أن يقمع أهل البدع.
ولا تدخلوا في خصومات بعضكم البعض.
وإذا حصل شيء من الخطأ فردوه إلى أهل العلم ، لا تدخل في متاهات وإفتراءات.
لأن هذا ضيع الدعوة السلفية, وأضر بها أضراراً بالغة ما شهدت مثله في التاريخ.
وساعدت هذه الوسائل الأجرامية: الأنترنت الشيطاني ساعد على هذه المشاكل.
كل من حك رأسه حط بلاءه في الأنترنت.
اتركوا هذه الأشياء.
تكلموا بعلم يُشرِّفكم ويشرف دعوتكم, والذي ما عنده علم لا يكتب للناس؛ لا في أنترنت ولا في غيره -بارك الله فيكم-.
وابتعدوا عن الأحقاد والضغائن, وإلا والله ستُميتون هذه الدعوة.
وأرجوا ألا يكون فيكم أحد ممن شارك في هذا البلاء.
أسال الله أن يثبتنا وإياكم على السنة.
اسمعوا يا إخوة من عنده علم وأَحْكَمَهُ فليكتب في الأنترنت ما ينفع الناس, في التفسير -وهو واثق- يِضَّمَّنْ عقائد وأخلاق وأحكام وا.. وا.. إلى آخره -بارك الله فيكم-.
والتفسير كذلك بحر, بحر, والله تغرفون من بحر.
كل الأحاديث عندكم وأشرحوها, استعينوا عليها بشروح العلماء شرحاً متقناً, ونزلوها للناس؛ في العقيدة ، في العبادة ، في الأخلاق ، بأسلوب حكيم هادىء ينفع الناس.
والله تِشُوْفُون كيف تتطور, وكيف تنموا, وكيف تضيء الدنيا منها.
أما الآن تظلم السلفية -بارك الله فيكم- بهذه الطرق.
أنصحكم بترك الجدال والخصومة على الأنترنت, وفي الساحات أيضاً, أنصحكم من هذا -بارك الله فيكم-.
والذي عنده علم يتكلم بعلم ، يكتب بعلم ، يدعوا بعلم ، يدعوا بالحجة والبرهان.
واجتنبوا الخلاف.
وأسباب الفرقة لا تثيروها بينكم.
وإذا حصل من إنسان خطأ يُعرضه على العلماء يأخذوا على إيديه وكيف يعالجوه.
بارك الله فيكم, وسدد خطاكم, وألف بين قلوبكم, بارك الله فيكم .


منقول من منتدى دار الحديث بمأرب

بسم الله.الرحمن.الرحيم
الحمد لله.رب.العالمين والصلاة والسلام على أشرف.الأنبياء والمرسلين وبعد:
السلام.عليكم و رحمة.الله و بركاته
جزاك.الله. خيرا.على الموضوع القيم.و بارك .الله. فيك
فعلا نصائح قيمة تصب في واقع المسلمين اليوم نسأل الله أن يرد الجميع ردا مبينا لصراطه المستقيم
شكرا على حسن الإختيار
و السلام.عليكم و رحمة.الله و بركاته

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم الورقلي الجيريا

فأسلكوا منهج السلف في الوسطية والإعتدال وإنزال الناس منازلهم, بدون أي شيء من الغلو -بارك الله فيكم-.
فنحن الأن في الساحة طلاب علم ، طلاب علم انتقدنا بعض الأخطاء, عندنا شيء من المعرفة.
فأوصيكم يا إخوة أن تسيروا في طريق السلف الصالح تعلماً وأخلاقاً ودعوةً, لا تشدد ، لا غلو ، دعوة يرافقها الحلم والرحمة والأخلاق العالية, والله تنتشر الدعوة السلفية.
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
دعوة يرافقها الحلم والرحمة والأخلاق العالية
دعوة يرافقها الحلم والرحمة والأخلاق العالية
دعوة يرافقها الحلم والرحمة والأخلاق العالية
دعوة يرافقها الحلم والرحمة والأخلاق العالية
دعوة يرافقها الحلم والرحمة والأخلاق العالية
دعوة يرافقها الحلم والرحمة والأخلاق العالية
دعوة يرافقها الحلم والرحمة والأخلاق العالية

جزاك الله خير

شكرا لكم على مروركم الجميل

الجيريا

لكم الشكر والتقدير لما تفعلوه لصالح الاسلام والمسلمين
والنهج الصحيح

طلب العلم في زماننا وزمن من قبلنا للعلامة محمد بن هادي المدخلي 2024.

درس ممتع و جد مفيد
بعنوان

طلب العلم في زماننا وزمن من قبلنا

للعلامة المحدث محمد بن هادي المدخلي حفظه الله و رعاه

طلب العلم في زماننا وزمن من قبلنا [1]

ملاحظة: في حال و جود خلل في رابط التحميل يرجى إبلاغي عبر الردود و شكرا

هل يعمل الرابط عندكم؟

بارك الله فيك …وبارك الله في الشيخ العلامة اسد السنة
نعم اخيتي الرابط يعمل جزاك الله عنا

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا أخيتي ، والرابط يعمل جيدا ولله الحمد.

الحمد لله
و بارك الله فيكن

أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا و أن ينصرنا على أعداء الملة

شكرا على الموضوع وجزاكم الله خيرا

و إياكم…………

الشيخ ربيع المدخلي : حاربوني لأنني أدافع عن الصحابة 2024.

إن الحمد لله، نحمدُه ونستغفره ونستعينه ونستهديه ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا، من يهْدِ اللهُ فلا مضِلَّ له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أنْ لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه ، بعثه اللهُ رحمةً للعالمين
هادياً ومبشراً ونذيراً


الشيخ ربيع المدخلي : حاربوني لأنني أدافع عن الصحابة

https://www.4cyc.com/play-U2tVQO3xfEM

شكرا على الموضوع الجميل
بارك الله فيك

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة htc.ws الجيريا

شكرا على الموضوع الجميل
بارك الله فيك


وفيكم بارك الله

الجيريا

الجيريا

حفظ الله ربيع السنة وبارك الله فيكم

ليس كل من يقول أنا كذا فهو كذلك
الشيخ يقول "أدافع عن الصحابة" ربما هو من قوم "جا يكحلها عماها"
لماذا هؤلاء الشيوخ يزكون أنفسهم وينسبونها إلى السلف الصالح
الصحابة كانو قوامين صوامين ومع ذالك خائفين على المصير
الأمر يدعو إلى الغرابة فعلا

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحضني28 الجيريا
ليس كل من يقول أنا كذا فهو كذلك
الشيخ يقول "أدافع عن الصحابة" ربما هو من قوم "جا يكحلها عماها"
لماذا هؤلاء الشيوخ يزكون أنفسهم وينسبونها إلى السلف الصالح
الصحابة كانو قوامين صوامين ومع ذالك خائفين على المصير
الأمر يدعو إلى الغرابة فعلا

انت اذا صاحب موضوع
جا يكحلها عماها"
عميتها في القسم العقيدة وجأت لهذا القسم ايضا
احترموا هذه الاقسام وردوا بحجة العلم الشرعي او لا تتدخلوا ..

الجيريا

الجيريا

قد لا ابالغ ان قلت انها من افضل واجمل الرسائل التي تم تداولها في اجهزة الاتصال للشيخ فواز المدخلي 2024.

قد لا ابالغ ان قلت انها من افضل واجمل الرسائل
التي تم تداولها في اجهزة الاتصال
سر علاقتك بربك

===============
قد يراك البعض تقياً،
وقد يراك آخرون مجرماً،
وقد يراك آخرون…… لكن..
أنت أدرى بنفسك
السر الوحيد الذي لايعلمه غيرك هو:
[ سر علاقتك بربك ]
فلا يغرك المادحون..
ولا يضرك القادحون.. قال تعالى:
{ بَل الإنسَان على نَفسِهِ بَصيرَة }
– من خطورة العيش بين الطاعة والمعصية أنك لا تدري في أي فترة منهم ستكون الخاتمة ..
– افعل الطاعة إخلاصاً لا تخلصاً ، وحافظ على النفل تقرباً لا تكرماً .. فأنت والله أحوج للطاعة وربُك سُبحانه غنيٌ عنها .. – لا تجعل همُّك هو حب الناس لك فالناس قلوبهم متقلبة ، قد تحبك اليوم وتكرهك غداً وليكن همُّك كيف يُحبك رب الناس فإنه إن أحبك جعل أفئدة الناس تحبك
والحرام يبقى حراماً حتى لو كان الجميع يفعله
لا تتنازل عن مبادئك ودعك منهم
فسوف تحاسب وحدك !
لذا استقم كما أُمرت ، لا كما رغبت ..
اجعل لنفسك خبيئة وسريرة لا يعلمها إلا الله … فكما أن ذنوب الخلوات مهلكات .. فكذلك حسنات الخلوات منجيات)..

الصور المرفقة
نوع الملف: jpg 10442954_732997640090942_1898153147146860759_n.jpg‏ (109.7 كيلوبايت, المشاهدات 110)

الدعوة الى الله الشيخ ربيع المدخلي 2024.

_الرجوع إلى القرآن العظيم والسنة النبوية الصحيحة وفهمهما على النهج الذي كان عليه السلف الصالح رضوان الله عليهم , عملا بقول ربنا جل شأنه ( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) , وقوله تعالى : ( فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا ) , وقول نبينا صلى الله عليه وسلم : " إنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ , وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة " , ونعني بالسلف الصالح , أهل الثلاثة القرون الهجرية الأولى المفضّلة , وعلى رأسهم محمد صلى الله عليه وسلم , وأصحابه وتابعيهم بإحسان , تحقيقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ".

2- تصفية ما علق بحياة المسلمين من الشرك على اختلاف مظاهره , صغيره وكبيره , والحرص على دعوتهم إلى التوحيد الذي هو حق الله على العبيد , وسبيل النجاة الوحيد , وطريق الأنبياء الفريد , الذي من تركه صار عن الحق بعيد , واستحقّ الوعيد , قال تعالى : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) , وقال سبحانه وتعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ) , كما نحرص على تحذير المسلمين من البدع المنكرة -وأهلها- , والأفكار والمناهج الدخيلة الباطلة -ودُعاتها- , وتنقية السنّة من الروايات الضعيفة والموضوعة التي شوّهت صفاء الإسلام وحالت دون انتشاره بين الأنام على الوجه الذي يُرضي القدّوس السلام , كل ذلك أداءً لأمانة العلم , وكما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : ( يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ) , وتطبيقا لأمر الله عز وجل : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ).

3- تربية المسلمين على دينهم الحق ودعوتهم إلى العمل بأحكامه , والتحلّي بفضائله وآدابه , التي تكْفُل لهم رضوان الله , وتحقق لهم السعادة والمجد , تحقيقا لوصف القرآن للفئة المستثناه من الخسران , ( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) , ولأمره سبحانه : ( وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ) , ويكون ذلك بالحرص على طلب العلم النافع , مع الصبر واليقين الذي يتبعه العمل , مصداقا لقول نبينا صلى الله عليه وسلم : ( من يرد الله به خيرا ; يفقه في الدين ).

4- إحياء المنهج العلمي الإسلامي الصحيح في ضوء الكتاب والسنة , وعلى نهج سلف الأمة , وإزالة الجمود المذهبي والتعصب الحزبي الذي سيطر على عقول كثير من المسلمين , وأبعدهم عن صفاء الأخوّة الإسلامية النقيّة , تنفيذا لأمر الله جل وعلا : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ) , وقوله صلى الله عليه وسلم : " وكونوا عباد الله إخوانا " , ويكون ذلك بربط المسلمين بأكابر العلماء الربانيين العاملين , وتحذيرهم من أهل البدع والمنحرفين , كما قال رسولنا الكريم : " البركة مع أكابركم ".

5- عدم تهييج الناس وتحريضهم على حُكّامهم وإن جاروا وظلموا – لا من فوق المنابر ولا في المجالس الخاصة – لأن ذلك خلاف هدي سلفنا الصالح , وامتثالا لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : " من أراد أن ينصح لذي سلطان , فلا يبده علانية , ولكن ليأخذ بيده فيخلوا به , فإن قَبِل منه فذاك , وإلا كان قد أدّى الذي عليه " , والحرص على طاعة ولاة أمور المسلمين امتثالا لقول النبي الأمين صلى الله عليه وسلم : " اسمع وأطع في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك ".

6- السعي نحو استئناف حياة إسلامية راشدة على منهاج النبوّة , وإنشاء مجتمع ربّاني , وتطبيق حكم الله في الأرض , إنطلاقا من منهج (التصفية والتربية) المبني على قوله تعالى : ( وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ) , ودعوة الناس إلى التوحيد وتربيتهم عليه وعلى آدابه وواجباته , فهو – أي التوحيد – لُبّ دعوتنا وخُلاصة منهجنا , وهو سبيلنا الوحيد لإنشاء المجتمع الربّاني , نسعى إلى ذلك واضعين نصب أعيننا قول ربنا سبحانه لنبيه : ( وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ ) , وتحقيقا للقاعدة الشرعية : " من تعجّل الشيئ قبل أوانه عوقب بحرمانه ".

أصل هذه المقالة مأخوذ من غلاف كتاب الشيخ ربيع المدخلي بعنوان منهج الانبياء في الدعوة الى الله -دار الفرقان

شكرا جزيلا أخي

[كلمةٌ عبر الهاتف للوالد العلامة ربيع بن هادي المدخلي إلى دار الحديث بدماج ] ومعها تقديم العلامة يحيى الحجوري 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم
كلمةٌ عبر الهاتف بين مغرب وعشاء
بين
الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي
حفظه الله تعالى
وبين
الشيخ العلامة يحيى بن علي الحجوري
حفظه الله تعالى
سجلت هذه الكلمة
ليلة الثلاثاء
16/ صفر 1445هـ
من موقع الشيخ يحيى الحجوري

منقول

بارك الله فيك ….. الحمد لله

بارك الله فيك يا اخي
بشارة خير ان شاء الله
اللهم ابعد عنا الفتن و عن اخواننا في اليمن و في كل بلاد

السلام عليكم

بارك الله فيك على النقل الطيب
اللهم وحد كلمة المسلمين وانصررهم على اعداء الدين

بارك الله فيك وجزاك خيرا

﴿ وَ إنْ تُطيعُوهُ تَهْتَدُوا ﴾محــاضــرة ألقاها فضيلة الشيخ العلاّمة ربيع بن هادي عمير المدخلي 2024.

﴿ وَ إنْ تُطيعُوهُ تَهْتَدُوا ﴾
دفاعاً عن رسولِ الله – صلَّى الله عليه وآله وسلَّم- وأصحابِه الكرام -رضوان الله عليهم-
محــاضــرة ألقاها فضيلة الشيخ العلاّمة
ربيع بن هادي عمير المدخلي
– وفقه الله لكل خير وأطال عمره على طاعته –
إنّ الحمدَ لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا ومن سيّئاتِ أعمالنا، من يهدهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِلْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إلهَ إلاّ اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمّدًا عبدُه ورسولُه.
﴿يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102]
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا  يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 70-71].
أمّا بعد : فإنّ أصدقَ الحديثِ كلامُ الله وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ  وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة وكلَّ بدعةٍ ضلالة وكلّ ضلالةٍ في النار.
أيُّها الأبناء والإخوة إنَّها لفُرصَة طَيِّبة مُبَاركة أن نلتقي في ذات الله ـ إن شاء الله ـ لنعرف شيئًا أو يُذَكِّرَ بعضُنا بعضًا بما ينفعنا ـ إن شاء الله ـ في ديننا ودنيانا، ـ أسأل الله أن يكون هذا اللِّقاء نافعًا، وعنوان هذا اللِّقاء ما سمعتموه من الأخ المُقَدِّم ﴿وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾ الضمير يعود إلى الرَّسول الكريم عليه الصَّلاَة والسَّلاَم، فطاعة الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام فيها الهداية الكاملة؛ لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام جاء بالهدى والنُّور، وأرسله الله تبارك وتعالى ليُظهِرَه على الدِّين كلِّه ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: 33]؛ فجاء بالهُدى وجاء بدين الحق؛ فكيف لا يهتدي من يطيعه ويتبعه عليه الصَّلاة وَالسَّلام! والله يشهد لهذا الرَّسول بأنَّه يهدي إلى صراط مستقيم ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: 52]؟! وكان في خُطَبِه عليه الصَّلاة وَالسَّلام يقول: «أَمَّا بَعد؛ فَإِنَّ خَيْرَ الحَدِيثِ كَلاَمُ الله، وَخَيْرَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم »( ) .
واللهُ وَصَفَ كتابَه الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم بأنَّه هُدًى للمتقين كما في أول سورة البقرة وفي غيرها،و في سورة لقمان بأنَّه هدى للمحسنين، وفي غيرها أنه هدى للمؤمنين، وقال عز وجل في سورة البقرة: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ [البقرة:185]؛ فهو أفضل الرُّسل وأكمَلُهُم، وبه خُتِمَت الرِّسَالات وعنده أَكْمَلُ هِدَاية، كتاب الله وما أوحاه إليه من السُنَّة المُطَهَّرة التي هي تفصيلٌ وبيانٌ وشرحٌ لهذا القرآن العظيم .
منها بيانه( ) لقوله عز وجل:﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الأنفال: 41] ، قال الله تعالى : ﴿ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 44]
فصلواتُ الله وسلامُه عليه، لقد أكرمه الله وأنزله أعظَمَ منزلة لمخلوق مِنْ خَلْقِه -صَلَوَاتُ الله وَسَلاَمُه عَلَيْه- ؛فعلينا أن نتّبعه، وعلينا أن نُطيعه لنَهتَدِيَ -إن شاء الله- الهداية الكاملة التي نسألها ربَّنَا  في كلِّ ركعة من ركعاتِنَا الفريضة والنافلة ﴿اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ﴾ [الفاتحة: 6]، ونسأله أن يهدينا الصِّرَاط المستقيم في عقائدنا وفي عباداتنا وفي سائر شؤون حياتنا، وأعظم وسيلة إلى هذه الهداية هي طاعة الرَّسول الكريم ـ عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم ـ واتِّبَاعه، فمن يريد الهداية والاهتداء بهذا النُّور فعليه أَنْ يُوَطِّنَ نَفْسَهُ على الالتزام الكامل بطاعة هذا الرَّسُول الكَرِيم -عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم- وتَرَسُّمِ خُطَاه، واحتِرام أقوالِه وأفعالِه وتقريراتِه وأخبارِه الصادقة؛ فيُؤمن بهذه الأخبار، ويطيعُ هذه الأَوامر، ويجتنب النَّواهي، ويؤمن بالوعد والوعيد وبالجنَّة والنَّار؛ تصديقًا لهذا الرَّسول وطاعةً واتِّباعًا له -عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم- .
وهذه الآية التي اختير منها العنوان تبدأ بقول الله تبارك وتعالى : ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ [النور: 54] صَلَوَاتُ الله وَسَلاَمُهُ عَلَيْه؛ ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ طاعة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم طاعة لله  ؛ كما قال في آية أخرى : ﴿ مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً﴾ [النساء: 80]، ومن يعص الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فقد عصى الله ؛ كما جاء في أحاديث( ) فعلينا بطاعة الرَّسول الكريم -عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم- وذلك أخذٌ منَّا بأعظم أسباب الهداية، ويدخل في هذه الطَّاعة التزام العقائد التي جاء بها في رسالتِه، تضمَّنَها القرآن وتضمَّنَتها السُنَّة، وتصديق الأخبار كلِّها ما يتعلَّق بالماضي والحاضر وما يأتي في المستقبل؛ ما يتعلَّق بالماضي من قَصَصِ الأنبياء عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَم من آدم -عليه الصلاة والسلام- مُرُورًا بنوح وغيره من الأنبياء هود وصالح وإبراهيم وإسحاق و موسى وغيرهم-صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- ،كلُّها فيها عظات، وفيها عِبَر وفيها تربية، بل وفيها عقائد ؛إذ عَرَضَ الله علينا عقائدَهم ودعواتِهم عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَم ،وأخباره التي تُحَدِّثُنَا عن المستقبل سواء في القرآن أو في السُنَّة نؤمن بها، وأوامرُه نطيعُه فيها في السَرَّاء وفي الضَرَّاء وفي المنشط وفي المكره وليس واللهِ لنا أيُّ خيار في أن نأخذ أو نترك؛ قال تعالى : ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً﴾[الأحزاب : 36] فلسنا مختارين، علينا أن نطيع هذا الرَّسُولَ الكريم عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم .
طاعته فَرْضٌ حَتمٌ من الله تبارك وتعالى الذي خلقنا لعبادته، وأكرمنا  بإرسال الرُّسل، وإنزال الكتب ومن أكمل هذه الكتب الكتاب الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وهو أَكملُ الرُّسُل؛ فليس لنا أي عذر في التَخَلُّف عن طاعته، وليس واللهِ أمامنا أيُّ خِيَار واختيار غير طاعته اختيار للشَّقاء، واختيار للضَّلاَل، واختيار للمصير إلى النَّار.
وإيثار طاعته، والاستسلام لأوامره ونواهيه، والانقياد لتوجيهاته هي طريق الهداية إلى كلِّ خير وتخليصنا من كلِّ شر.
﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ﴾ هذا إنذار، إنذار للَّذين يُعرضون ويَتَوَلَّون عن طاعتِه، الرَّسول – عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم -عليه البلاغ؛ حُمِّلَ هذه الرِّسَالة العظيمة، وكُلِّفَ بتبليغها، وقال الله عز وجل له : ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ [المائدة: 67] فقد بَلَّغَ البَلاَغَ الكامل المبين عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم إذ ما قَصَّر في حرف أوحاه الله إليه، ولا في أمر أمره الله بتبليغه -عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم- ،وقد أَشهَد على هذا التبيلغ في أكبر مجمع في آخر حياته عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم : «اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْت » قالوا: نعم، قال: «اللَّهُمَّ فَاشْهَدْ»( ) عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم فقد بَلَّغَ الرِّسالة وأدَّى الأمانة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين ،ما على الرَّسول إلاَّ البلاغ المبين أنتم تتحمَّلون المسؤولية إن قصَّرتم .
الرَّسول عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم أدَّى واجبَه وبلَّغ رسالتَه عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم ،وأنتم تتحمَّلون مسؤولية التقاعس عن طاعته ،واتِّباع ما جاء به عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم .
لا تقل: "واللهِ الرَّسول جَدِّي يشفع لي وأنا أذهب ألعب وأعبث وأرتكب المُحرَّمَات وأجد الشفاعة هناك" ! كلا .
قال النبي عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم :« لا أُلْفِيَنَّ أَحَدُكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَغِثْنِي. فَأَقُولُ: لا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا ، قَدْ أَبْلَغْتُكَ. لا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي. فَأَقُولُ: لا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ. لا أُلْفِيَنَّ أَحَدُكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ، لا أُلْفِيَنَّ أَحَدُكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ فَيَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي. فَأَقُولُ: لا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا، قَدْ بَلَّغْتُكَ»( ).

إذًا ﴿عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ﴾ ؛ ﴿عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ﴾ من تبيلغ الرِّسالة وأداء الأمانة، وقد بَلَّغَ الرِّسالة وأدَّى الأمانة، ونبقى نحن تحت طائلة المسؤولية إن لم ننهض بهذه الرِّسالة إيمانًا بأخبارها وتصديقًا بهذه الأخبار والتزامًا للتشريعات من أوامر ونواه في كلِّ شؤون الحياة، نحن حُمِّلْنَا هذا؛ حُمِّلْنَا النُّهوض بهذه الرِّسالة، والقيام بأعبائها في نفوسنا، وفي أُسَرِنا، وفي الأُمَّة كلِّها؛ دعوةً، وأمرًا بالمعروف، ونهيًا عن المنكر، وجهادًا في سبيل الله ،هذه كلُّها مسؤوليات هذه الأُمَّة التي هي خير أمة أخرجت للناس .
النبي صلى الله عليه وسلم أدَّى لهذه الأمَّة رسالتها عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم ،وبلَّغ البلاغ المبين البيِّن الواضح؛ إذ لا نحتاج إلى شيء إلاَّ وقد بيَّـنه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أكمل الوجوه صَلَوَاتُ الله وَسَلاَمُهُ عَلَيْه : « مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبِيٍّ إلاَّ كَانَ حَقًا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَـى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَأَنْ يُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ » ( ) فما من خيرٍ تستفيده هذه الأُمَّـة
وتنتفع به إلاَّ وقد دلّهم عليه في الدُّنيا والدِّين، وما من شَرٍّ يضرُّهم في دينهم ودنياهم إلاَّ وقد أنذرهم إيَّاه وحذَّرهم منه عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم ،وهنا تأتينا آية أخرى يمكن أن نقرأ قبلها بعض الآيات وهي مُنَاسِبَة جدًّا، وهي وعد الله للمؤمنين المطيعين بأن يكرمهم الله في الدُّنيا، ويكرمهم في الآخرة إذا هم أطاعوا هذا الرَّسول صلى الله عليه وسلم فصدَّقوا أخبارَه، وامتثلوا أوامرَه، واجتنبوا نواهيَه، واحترموا شريعتَه، وعدهم الله وعدًا عظيمًا، وقد أَنجزَ هذا الوعد العظيم لمن قام بهذه الرِّسالة على أكمل وجوهها؛ وهم صحابة مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وخيارُ التابعين الذين اتَّبعوهم بإحسان، قال الله تعالى : ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ، وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [النور: 55-56]

والذي يتأمَّل ذكر الطاعة في كتاب الله تعالى يجد أنَّها وردت في القرآن في أكثر من ثلاثين موضعًا ،إذا تأمَّل ما يكتنف هذه الأوامر من طاعات يجدها أمورًا عظيمة، ومنها هذه الآيات التي ذكرناها أنَّ الأُمَّة إذا آمنت، وأطاعت هذا الرَّسول صلى الله عليه وسلم وآمنت به ،وعملت الصَّالحات أن يكرمها الله في هذه الدُّنيا بالعزِّ والتمكين والاستخلاف وقد حصل هذا للرَّسول صلى الله عليه وسلم ولخلفائِه الرَّاشدين، وحقَّق الله لهم هذا الوعد الذي وعدهم في كتابه الكريم وفي السُنَّةِ المطهَّرة .
قال عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم : « إِنَّ اللهَ زَوَى ليَ الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَأَنَّ مُلْكَ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مَا زُوِيَ لي مِنْهَا »( )؛ فهؤلاء الذين أطاعوا الرَّسول صلى الله عليه وسلم ونهضوا برسالته إيمانًا بها وعملاً وتطبيقًا وهو عَمَلُ الصَّالحات، حَقَّقَ الله لهم الوعد، وإنَّ الله لا يخلف الميعاد، وإذا حصل شيء فيما يبدو للنَّاس من عدم نفوذ الوعد فهذا من العباد بإخلالهم بمقتضى هذه الرِّسالة، وتقاعسهم عن القيام بها، ونكولهم عن النُّهوض بها وتبيلغها؛ ففي عهد الخلفاء الرَّاشدين نهضوا بهذه الرِّسالة، عقائد صحيحة، وأعمال صحيحة، وجهاد صحيح، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر؛ فحقَّقَ الله لهم هذا الوعد، مَكَّنَهُم واستخلفهم، ومَكَّنَ لهم دينَهم الَّذي ارتضى لهم، وقال بعضُ المُفَسِّرين في قوله: ﴿وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ قال: «أوَّل من كَفَر بهذه النِّعمة قتلةُ عثمان» ؛لأنَّ الإسلام امتدَّ في الأرض على يدي الخليفتين قبله أبي بكر وعمر، وزاد اتِّساعًا في عهده؛ فانتشرت الفُتوحات في مشارق الأرض ومغاربها، وبلَغت الأُمَّة في عهد عثمان قِمَّة المجد والعِزِّ، ووثب عليه هؤلاء السُّفهاء الفُسَّاق فقتلوه؛ فهم أوَّل من كفر بهذه النِّعمة، ولا يريد أن يُفَسِّر أنَّهم ارتدُّوا وإنما يريد بذلك أنَّهم ارتكبوا مُوبقات عظيمة جدًّا، جَنَت على الأُمَّة الإسلامية، وكانت كُفرًا بهذه النِّعمة، وأنتم تعرفون الفَرقَ بين الكفر المُخرِج من الإسلام وبين كفر النِّعمة، ولا شَكَّ أنَّ ابن سبأ ولعلَّ بعض المنافقين كانوا مُندَسِّين في صفوف هؤلاء القَتَلَة؛ ولهذا ورد في بعض الأحاديث أنَّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم وصفهم بالنِّفاق؛ قال لعثمان  : « إِذَا أَلْبَسَكَ اللهُ قَمِيصًا فَأَرَادَكَ المُنَافِقُونَ عَلَى خَلْعِهِ فَلاَ تَخْلَعْه»( ) .
فهـؤلاء أرادوا من عثمان رضي الله عنه أن يتنازل عن الخلافة، يتنازل لهؤلاء الأوباش الأوغاد تلاميذ ابن سبأ
فأبى حتى قُتُل ، فَحَقَّقَ الله هذا الوعد على أيدي الخُلفاء الرَّاشدين رضوان الله عليهم لأنَّهم نهضوا بهذه الرِّسالة. ولو أَنَّ الأُمَّة الآن جَدَّت وعزَمَت على النُّهوض بهذه الرِّسالة لأعاد الله هذا الوعد من جديد وما تخلَّفَ أبدًا، نُشهِدُ الله ونؤمن أنَّ الأُمَّة لو تَقُومُ بهذا الإسلام كما قامَ به الصَّحابة الكرام رضوان الله عليهم تطبيقًا على مستوى الأُسَر والأفراد والجماعات، وأمرًا بالمعروف، ونهيًا عن المنكر، ودعوةً إلى الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى صادقة وجهادًا مخلَصًا لله لإعلاء كلمة الله واللهِ ليُعِيدَنَّ لهم هذا، وليُحَقِّقنَّ الله لهم هذا الوعد؛ ولكنَّ البَّلاء والدَّاء العُضَال في الأُمَّة مع الأسف . فنسأل الله أن يُهيِّئ لها العلماءَ الصَّادقين المخلصين، المطيعين لله باطنًا وظاهرًا، المستقيمين على منهج الله باطنًا و ظاهرًا، لو توجد نُخبة من العلماء يُشمِّرُون عن ساعد الجِدِّ، ويخلصون في تبليغ هذه الرِّسالة، ويحاولون أن يجمعوا الأُمَّة على كتاب الله وعلى سُنَّةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى تطبيقِها تطبيقًا صحيحًا، لا يشوبُه أهواء، ولا تأويلات باطلة ؛لا في العقائد ولا في العبادات، لا تأويلات، ولا بدع، ولا ضلالات، ولا معاصٍ، ولا منكرات؛ كما كان في عهد خير القُرُون الذين تَوَّجَهُم الله، وأكرَمَهم بالسِّيادة والعِزَّة والكرامة في الدُّنيا والآخرة، هذا إكرام الله في الدُّنيا لمن يطيع هذا الرَّسول الكريم عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم .
وبعد هذا الوعد والحديث ,لمحة عن تحقيقه على أيدي الصَّحابة الكرام رضوان الله عليهم أفضل الطَّائعين، وأفضل المؤمنين، وأفضل المجاهدين -بعد الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام- .
قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾ إقامة الصَّلاة ليس الصَّلاة فقط؛ إقامة للصَّلاة « صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»( ) تصلِّي كأنَّك تشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا يقتضي منك أن تدرس سُنَّة رسول الله عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم وتحاول أن تُطَبِّقَها بحذافيرها في كلِّ حركة من حركات هذه الصَّلاة، إضافةً إلى الخشوع لله ربِّ العالمين، والرُّقي إلى درجة الإحسان أن تَعبُد اللهَ كأنَّك تراه فإن لم تكن تراه فإنَّه يراك، لا نُصَلِّي يا إخوة صلاة جوفاء .
يقول ابن القيم -رحمه الله- : (( الذي يُصَلِّي صـلاةً لا خُشوع فيها ولا حُضـور فيها
للقلب تكون مثل الَميْتَة صلاتُه، أيحسن للعبد أن يُقَدِّم لملكٍ من الملوك أو عظيم من العُظماء أن يُقَدِّم له مَيْتَةً بشكل هديَّة ؟!!)) ؛فأنت حينما تُصَلِّي يا أخي تقف بين يَدَيْ الله تَبَارَكَ وَتَعَالى وتناجي الله ، فحَاوِل أن تُصَلِّيَ صلاةً كاملةً تستوفي الشُّروط والأركان؛ من الطَّهارة، إلى الأذكار، إلى القــراءة ،إلى الخشــوع ،إلى استحضار عظمـة الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى وهذا قيامٌ بحقِّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى .
﴿ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾ : إحسانٌ إلى المخلوقين بإيتاء الزَّكاة، وإن كانت هي حقُّ الله لكنَّها تتضمن الإحسان إلى المخلوقين، فالمؤمن يقوم بحقِّ الله، ويقوم بحقوق العباد التي شرعها الله، وافترضها على عباده لعباده؛ من البرِّ والإحسان، والدَّعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر، والذَّب عن هذا الدِّين؛ لأنَّ ذبَّك عن هذا الدِّين ذبٌ عن الأُمَّة؛ لأنَّها لمّا تأتيها البدع والضَّلالات فيقعون في حمأتها وأنت ترى ذلك ما أَحْسَنْتَ إلى هذه الأُمَّة، وما أَحْسَنْتَ إلى الإسلام، وما نَهضْتَ بالواجب الذي يتطلَّبُه منك الإسلام.

ثم قال  : ﴿وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ ؛ فالرحمة سببها طاعة هذا الرَّسول صلى الله عليه وسلم والهداية سببها طاعة هذا الرَّسول صلى الله عليه وسلم والفلاح والظَفَر بالمطلوب الأعظم يكمن في طاعة الرَّسول صلى الله عليه وسلم .
وكما أشرت سابقًا أنَّ الأمر بطاعة الله ورسوله تأتي في مواقف عظيمة من القرآن؛ فمثلاً في سورة النِّساء ذكر الله حقوقَ النِّساء والأيتام والمواريث والوصايا إلى غير ذلك ثم قال تعالى : ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [النساء: 13] ثم قال : ﴿ وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾ [النساء: 14] ذكر هذه التشريعات العظيمة، ووعد المطيعين الَّذين ينهضون بها على وجهها الأكمل سواءً في المواريث أو في الوصايا طبعًا هذا بعد الإيمان الصَّادق وعدهم بجنَّاتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها، وتَوَعَّدَ من يعصي اللهَ ويَتَعَدَّى حُدودَه في هذه الأشياء وفي غيرها أن يُدخله نارًا خالدًا فيها -وَالعِيَاذُ بِالله-؛ فهذه من آثار طاعة هذا الرَّسول صلى الله عليه وسلم ومن آثار مخالفتـه ومعصيته عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم ؛إمَّـا جَنَّة كما وصف، وإمَّا نار
وخلود كما ذكر في هذه الآية .
وأذكر من هذا النَّمط مثلاً؛ لمّا نهى الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى عن الخمر والمَيْسِر قال  : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ (91) وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ (92) ﴾ [المائدة: 90-92].
فهنا توجيهات عظيمة جدًّا لإصلاح النُّفُوس، وإصلاح العُقُول، والحفاظ على الأعراض والدِّماء، وعلى الدِّين قبل ذلك؛ فإنَّ الخمر تُذهِبُ العقل، وإذا ذهب العقل بالسُّكْر أدَّى إلى مفاسد عظيمة جدًّا ولهذا قال  :﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ (91) ﴾ ثم قال : ﴿وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ (92) ﴾
المَيْسِر : " هو المغالبات والمراهنات والقمار " فإنَّه يذهب الأموال ويؤدِّي إلى مفاسدَ عظيمة والخمر تُذهِبُ العقول ،وتؤدِّي إلى مفاسد عظيمة ,إلى القتل ،إلى الزنا ،وقبائح كثيرة. والأنصاب : الأوثان، ففي هذا حفاظ على الدِّين، وتطهيرٌ للنُّفُوس من أوضار الشِّرك أفرادٍ وجماعات، هذه هي رسالة محمد عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم كلُّ هذه رجس من عمل الشَّيطان؛ فالله تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَبَّحَ هذه الأشياء، وبَيَّن أنَّها رِجس؛ أي نَجَس معنوي وحِسِّي؛ بعضُها فيه نجاسة حِسِيَّة، وبعضُها نجاسة معنويَّة، والذي فيه نجاسة حِسِيَّة فيه نجاسة معنويَّة أيضًا؛ فالأزلام وهي الاستقسام بالأزلام عمل جاهلي خُرَافي رُبَّما يفعله الآن كثيرٌ من النَّاس، الاستقسام بالأزلام فيها قِدَاح من خشب يعني عود السِّهام التي يُرمَى بها، هذا العود الأساسي يُسَمَّى القِدْح، ولها ريش، ولها نصل، وهو الذي ينصبه الرَميَّة، والرِّيش هو التي يجعلها معتدلة في ذهابها إلى الرميَّة، هذه القِدَاح و السِّهام المنحوتة من الخشب كانوا يستقسمون بها، الواحد يريد الخروج في أمرٍ من الأمور فيكتب على قِدْح : أَمَرني ربِّي، وعلى الثَّاني نهاني ربِّي،ويأتي يحرِّكها هكذا إن جاءت نهاني ربِّي رجع، وإن جاءت أمرني ربَّي مضى، ولهم أقوال أُخَر حول الدُّخول، والخروج، والسَّفر، والزَّواج، وما شاكل ذلك؛ وهي خرافات وضلالات، يقال: إنَّ كثيرًا من الخرافيين يستقسمون بالسُّبَح، لهم طُرُق ما نعرفها، أو يستقسمون بالمصاحف يستفتحون كما يُسمُّونه، استفتاح لا يُسَمُّونَه استقسام بالأزلام! فهذه رذائل وقبائح وخرافات يجب أن يَتَنـزَّه عنها المسلمون؛ لأنَّها من أوساخ وأنتان الجاهلية؛ فعلى المسلمين أن يتناصحوا فيما بينهم، ويتآمروا بالمعروف ويتناهَوْا عن المنكر؛ سواء ارتُكِبَ الشِّرك كما في الأنصاب، أو الكبائر العظيمة والقبائح المُخزيَّة كالخمر والمَيْسِر التي تُدَمِّرُ العقول، وتُفسِدُ الأموال، وتُنهِكُ أصحابَها ,قد تَذهَب بمال الرَّجل، المَيْسِر هو القِمار؛ المُقامرات -وَالعِيَاذُ بِالله- قد تذهَب بمال الرَّجل كلِّه -وَالعِيَاذُ بِالله- .
فالإسلام يحافظ على عُقُول المسلمين، وعلى دمائِهم، وعلى أموالِهم، وعلى أعراضِهم التي إذا تَعَاطى النَّاس هذه القاذورات أدَّت إلى فسادٍ عظيم في حياة المسلمين؛ فهذا من هداية محمد صلى الله عليه وسلم وإرشاده لهذه الأمة بما تقتضيه الفطر السليمة والشرائع العظيمة، وبما تقتضيه العقول؛ فإن العاقل حتى ولو لم يسمع القرآن ويتأمل هذه الأمور بعقله يدرك ما فيها من الفساد، كيف وقد جاء بها القرآن الكريم ناهيا عنها، أو حاربها القرآن الكريم، وحاربتها السنة المطهرة، فالقرآن أو هذه الرسالة على يد سيِّد الهداة محمد صلى الله عليه وسلم فيها ما يحقِّقُ الهداية الكاملة إلى كلِّ خير، وإلى الابتعاد عن كلِّ شر.
وأنتقل إلى آيةٍ أخرى فيها الأمر بتقوى الله ؛ اختَلَف الصَّحابة في وقعة بدر على الغنيمة فانقسموا إلى ثلاثة أقسام: قسم لما انهزَم العدوّ ذهب يُطارِد العدوّ ويواصل هزيمتَه، وقسمٌ ذهبوا يجمعون الغنائم، وقسمٌ أحاطُوا برسول الله صلى الله عليه وسلم يحمونه من غوائل الأعداء، ولما انتهى الأمر وهدأت النُّفوس واجتمعوا قال الذين جَمَعُوا الغنيمة: الغنيمةُ لنا؛ لأنَّنا نحن جمعناها، وقال أولئك: نحن ذَهبْنا نُطارِد العدوّ، ونواصل هزيمتَه، ولولا أنَّا فعلنا ذلك لأمكن أن يكرُّوا عليكم ويأخذوها، وقال أولئك: نحن أحطنا برسول الله صلى الله عليه وسلم نحميه؛ فأنزل الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [الأنفال:1] فأسند الأمر إليه جل وعلا وإلى رسوله الكريم عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم .

﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (1) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) ﴾ [الأنفال : 3/1]، هذا إكرام من الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى لهم بهذا الثَّنَاء العاطر، وبهذه الشَّهادة، وبهذا الجزاء العظيم في الجَنَّة الذي أَعدَّه لهم؛ فهذا من ثمار طاعة الرَّسول عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم وتقوى الله في نفس الوقت والإيمان بالله المستكمِل لهذه الصِّفات العظيمة التي استحقُّوا بها هذا الجزاءَ العظيم؛ كما في آية أخرى:﴿أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ [آل عمران : 136] واستحقُّوا بها الشَّهادة من الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى بأنَّ هؤلاء الموصوفون بهذه الصِّفات وعلى رأسهم واللهِ أصحابُ محمَّد صلى الله عليه وسلم ﴿ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ ورزق كريم في الجَنَّة، والدَّرجات هذه في الجنة؛ "للمجاهد في سبيل الله مائة درجة ما بين الدَّرجتين كما بين السَّماء والأرض"( )؛ فكيف إذا جاهد في عشرات الغزوات!! وكيف إذا فَتَح أصحابُ محمَّد صلى الله عليه وسلم الدُّنيا كلَّها!! ،فتحوا الأرض والبُلدان والقلوب رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ ، فكم لهم من عظيم الدَّرجات عند اله، تَبَارَكَ وَتَعَالَى ؟! حياتهم كلُّها جهاد وفتوحات، وهَدَى الله بهم أممًا وشعوبًا لا تُحصى؛ فلهم أجرُ ذلك الجهاد، ولهم أجر من أسلم على أيديهم إلى يوم القيَّامة، فكم نتخيَّل من الفضائل والمنازل العظيمة لمُحمَّد صلى الله عليه وسلم وأصحابِه ؟! لا يلحقهم أحدٌ بعد الأنبياء عَلَيْهِمْ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَم ،هم أفضل النَّاس بعد الأنبياء عَلَيْهِمْ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَم ،وخِيارُ النَّاس بعد الأنبياء عَلَيْهِمْ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَم ،وخِيارُ القُرون، فمالهم منَّا إلا أن نترضى عليهم، ونقول : ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [الحشر : 10]، «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَه»( )، لقد واللهِ ظَفِرُوا بالدَّرجات العُلا، وشَهِدَ الله لهم بأنَّهم المؤمنون حقًّا، ووعدهم بالجَنَّة؛ كما قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: 100] .

وقال جل وعلا : ﴿لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُـلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً ﴾ [النساء: 95] ، وقال جل وعلا : ﴿لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾[الحديد: 10] .
بيَّن تفاضلَهم ووعد الكُلّ ،من أَنفَق من قبْل الفتح ،وقاتل ومن أَنفْق بعده وقاتَل ،وكلُّ الصَّحابة رضي الله عنهم يشتركون في الإنفاق والبَذْل، والقِتَال في سبيل الله؛ فاستحقّوا من الله الُحسنى وهي الجَنَّة .
فعلينا أن نعرف فضلَهم على هذه الأُمَّة، وأن نعرف منزلتَهم، وأن نؤدِّي ما نستطيعه من حقوقِهم بما في ذلك الذَّبُ عن أعراضهم رضي الله عنهم ،ومن أحقُّ منهم -بعد الرسل عليهم الصلاة والسلام- بأن يُذَبَّ عن عِرضِه وهذه منزلتُهم ؟!
ومن المؤسف أشدَّ الأسف أن من يتصدَّى للذَّبِّ عن أعراضِهم يُؤذَى أشدَّ الأذى، ومع الأسف في هذه الأيَّام الحالكة المدلهمَّة التي تُسمَّى بأيَّام الصَّحوة -مع الأسف- يوجد هذا البلاء يتنشر سبُّ أصحاب محمَّد صلى الله عليه وسلم في كتب ويُروَّجُ لها .
وإذا قال إنسان هذا غلط قامت الدُّنيا وقعدت من أبناء هذه الأُمَّة ! -مع الأسف- . فتوبوا إلى الله جميعًا أيُّها الشَّباب، واعرِفُوا قدْر محمَّد صلى الله عليه وسلم .

وواللهِ ما تعرفون قدْره صلى الله عليه وسلم إلاَّ إذَا قَدَّرتُم أَصحابَه -رضي الله عنهم-

الذين ربَّاهم أحسن تربية ،وقاموا برسالتِه خيرَ قيام بما لم يسبق لأُمَّة نبيٍّ من الأنبياء، ما أحدٌ بَلَّغ مثل تبليغهم، ما أُمَّة من الأُمَم جاهدت مثل جهادهم، ما هَدَى الله أُممًا وشعوبًا على أيدي أُمَّةِ نَبيٍّ من الأنبياء مثل ما هَدَى الله على أيدي أصحاب محمَّد صلى الله عليه وسلَّم فواجب على المسلمين جميعًا أن يحترموهم، وأن يُقَدِّروهم، وأن يُنزلوهم منازلَهم العظيمة التي أَنزلهم الله فيها ،ومن أراد أن يُزحزِحَ أحدًا منهم عن مكانتِه فقد تعرَّض لغضب الله ولعناتِه؛ كما لعنَ ذلك رسولُ صلى الله عليه وسلم من يفعل ذلك( ) .
فعلينا أن نعرف قدرَهم، وأن نعرف منزلتَهم؛ فهُم واللهِ أدَّوا إلينا رسالةَ محمَّد صلى الله عليه وسلم غَضَّةً طريَّة، فبِها نَنعَم، وبها -إن شاء الله- نَسعَد، وبها عنهم نَذُب ونَفدِيهم بأرواحِنا ومُهَجِنَا؛ فهُم واللهِ نفديهم بأموالِنا وآبائِنا وأنفسِنا رضي الله عنهم ؛فلهم علينا أعظم الحقوق بعد الأنبياء عَلَيْهِمْ الصَّلاَة وَالسَّلاَم ؛فلنعرف لهم كرامتَهم، ولنعرف لهم منزلتَهم، وليكن لنا المواقف المشرِّفة في الذَّب عنهم وفي وجه من يتصدَّى لهم أو لأحد منهم، هذا واجب من أعظم واجبات هذه الأُمَّة، وأصلٌ من أصول دينِها( )، لا يجوز لهم أن يتهاونوا فيه أو يتخلَّوا عنه، -ونعوذ بالله- من التهاون في ذلك ، ونعوذ بالله من التخلِّي ،ونعوذ بالله أشد وأشد إذا تصدَّينا لمن يَذُبّ عنهم؛ فإنَّه واللهِ لمن أعظم البوائق ومن أعظم الكوارث التي حلَّت بالأُمَّة، وأعتقد وربِّي أنَّ ما نزل بالأُمَّة من هوان من أعظم أسبابِه هو الاستهانة بأصحاب محمَّد صلى الله عليه وسلم ,فلما استهانُوا بأصحاب محمَّد صلى الله عليه وسلم أهانهم الله وأذلَّهم وسلَّط عليهم أذلَّ الأُمَم، ولا ينـزع الله عنهم هذا الذلّ إلاَّ بعد أن يعرفوا قدرَ الإسلام وقدرَ من بَلَّغ لهم هذا الإسلام، وهم أصحابُ محمَّد صلى الله عليه وسلم .
واللهِ كنت أذكر ما أسباب هوان هذه الأُمَّة ؟ طبعًا منها معاصي؛ لكن أنا أعتقد أنَّ من أعظم أسباب هذا الهوان النَّازل بهذه الأُمَّة لمّا لم تعرف حقَّ هؤلاء الأصحاب رضي الله عنهم استهانوا بهم فسقطوا في عين الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى ،وماذا تستحقُّ أُمَّةٌ تستهين بمنزلة َمْن هذا شأنُهم عند الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى وعند رسولِه صلى الله عليه وسلم وعند المؤمنين؟، ماذا تستحقُّ من الله إلاَّ الهوان، حتى تنـزِع من كلِّ المخالفات، ومن أشنعِها وأفظعِها أن يُهان محمد وأصحاب محمَّد صلى الله عليه وسلم (!!) ولا تَحمَى الأُنُوف لهم (!) وتحمَى لأهلِ الضَّلال والبدع السَّخيفة -مع الأسف-(!!) .
تجد شبابًا تَحمَى أُنُوفهم لأضَّل النَّاس وأسقطِهم في البدع والضَّلالات، ولا تأخذهم الغيرة ولا تَحمَى أُنوفُهم لمحمد وأصحاب محمَّد صلى الله عليه وسلم (!!!) .
فأيُّ هُوَّةٍ ارتطم فيها هذا النَّمَط من البَشَر -مع الأسف الشَّديد-؟!
ما هذه الموازين ؟!! أهذه موازين إسلامية ؟!! أن يُهَان أصحابُ محمَّد صلى الله عليه وسلم ؟!
ومن تصدَّى للذَّب عنهم يُؤذَى ويُحَارَب على كلِّ المستويات وفي كلِّ الأصعدة (!!) . والله أنا ذببت عن محمد وأصحابِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم, وأتَشَرَّف بهذا الذَّب، وواللهِ يحاربوننا في كلِّ مكان؛ في نَشَرَات على مستوى الدُّنيا وفي مواقع الانترنت وفي الشبكات العنكبوتية … لأجل واحد سبَّ أصحابَ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم،وسبَّ بعضَ الأنبياء عَلَيْهِمْ الصَّلاَة وَالسَّلاَم ! وهذه الحرب كلُّها لأجل هذا السَّاقط ! سيِّد قطب لأجل هذا الضَّال التعيس الذي نَكَبَ هؤلاء الشَّباب !!
فاتّقوا الله يا شباب الأُمَّة ويا شباب محمَّد صلى الله عليه وسلم،واعرِفُوا للنَّاس قدْرَهم، واعرِفُوا لأصحاب محمَّد صلى الله عليه وسلم قدرَهم، أُنَبِّهكم يا إخوة .
وأعتقد أنَّ كثيرًا ممن وقع في هذه الهُوَّة يَسمَع الآن ومن لم يَسمَع فليَسمَع! هذه نصيحة يا إخوة! هذا واللهِ بلاءٌ عظيم؛ بلاءٌ عظيم الذي يَسبُّ عثمان ويُهينه يا إخوة، ويقول : " تَحَطَّمَت رُوحُ الإسلام في عهده ،وتحطَّمت أُسُس الإسلام في عهده " !!
خليفةٌ بَسَط نُفوذَه على الدُّنيا كلِّها، يَنشُر الإسلام، ويُجَهِّز السَّرايَا والجُيُوش لإعلاء كلمة الله، ويَنشُر العدل والإسلام في أرض الله يُتَّهم بهذه التُّهم ثم لا يَحمَى له أنف! ويُروَّج لهذا الذَّم وهذا الطَّعن وهذا التشويه لأصحاب محمَّد صلى الله عليه وسلم لعثمان  وغيرِه!
لا تنتظرُوا خيرًا من الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى إذا كان هذا حالُكم، فتوبوا إلى الله جميعًا أيُّها المؤمنون، وانصروا الله، ومن نَصْرِ الله وَنَصْرِ دِينِه الذبُّ عن محمد وأصحابِ محمَّد صلى الله عليه وسلم .
والذَّبُّ عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم له صلة قويَّة بهذا الموضوع .
فأقول : إنَّه واللهِ من أعظم المُروق من طاعة الرَّسول صلى الله عليه وسلم أن يُسبَّ أصحابُ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ،ويُشَاع هذا السَّب بين أُنَاس لا يخجلون ولا يَغَارُون لأصحاب محمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم ، واللهِ لو أمامنا السُّيوف والرِّماح والله لقَذَفْنا بأنفسِنا عليهم من أجل أصحاب محمَّد عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم ,ما هو بالكلام السَّاقط الباطل، فلا نزدادُ -إن شاء الله- إلا حَميَّة لهم؛ حَمِيَّة إسلاميَّة لا جاهليَّة، ولا نزدادُ إلا ذَبًّا عنهم -ونحن واللهِ- نرفع رؤوسَنا بهذا . ونسأل الله أن يتقبَّل منَّا هذا، وأن يرزقنا فيه الإخلاص، ونَعُدُّه والله من أفضل أنواع الجهاد، الذَّب عن سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،والذَّب عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يَعدِلُه جهاد، أيُّ قيمة لجهاد يقوم على سبِّ أصحاب محمَّد عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَم ؟! أيُّ قيمة ؟!
أو يُغضّ الطَّرْفُ عمن يَسبُّهم ، بل يعتبرونهم أئمَّةَ هُدَى! يعتبرون من يَسُبُّ أصحابَ محمَّد صلى الله عليه وسلم ، وبعضَ الأنبياء عَلَيْهِمْ الصَّلاَة وَالسَّلاَم إلى عقائد طويلة عريضة، عقائد فاسدة .
والله يَشهدون لهم بالتجديد وبأنَّهم أئمَّة هُدَى! ويُعلَن هذا -مع الأسف-! ولا أحد يحَاسِب من يقول هذا الكلام، ويشهد هذه الشَّهادة الباطلة الضَّالة! لا أعرف شهادة أَكذَب ولا أَفجَر منها -وربِّ السَّماء-، إنسان يَسُبُّ أصحابَ محمَّد صلى الله عليه سلم ويَسُبُّ موسى ،ويَسخَر منه …

تَشهد له أنَّه إمام هُدى ؟! أيُّ أُمَّة الآن هذه التي يعيش فيها أمثال هؤلاء، ويستطيعون أن يجهروا بمثل هذه الشَّهادة الُمزَوَّرة على رؤوس الأشهاد؟! ولا مِنْ نكير لمثل هذا !
فنبرأ إلى الله من هذه الأساليب ومن هذه الأفاعيل، وندعو الشباب المسلم في كلِّ مكان إلى احترام الإسلام، واحترام العقائد الإسلاميَّة، والسَّيْر على منهج السَّلف باتِّباع سنَّة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه واحترام أصحابه الكرام رضوان الله عليهم .
قال بعض السَّلف : ((من انتَقَص صَحابِيًّا واحدًا فهو زِنديق))( ).
هذه نظْرَتُهم إلى من ينتقص واحدًا من أصحابِ محمَّد صلى الله عليه وسلم .
كيف بمن يقول في معاوية وعمرو بأنَّهما كذَّابَيْن وخائِنَيْن وغَشَّاشَيْن …؟!!
سُئلَ ابنُ المُبَارَك : أيُّهُما أفضل عمر بن عبد العزيز أو معاويَّة ؟ فقال : (( الغُبار الذي دَخَل في أَنْف معاويَّة وهو يغزُو مع رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم أفضل من عمر بن عبد العزيز ))( ).
ويُقسِمُ أحدُ التَّابعين أنَّ : " أيَّام معاويَّة أفضل من أيَّام عمر بن عبد العزيز؛ فقال في ماذا ؟ قال: في العَدْل"( ) .
الَعدْل كان قائمًا في أيَّام معاويَّة أحسن منه في أيَّام عمر بن عبد العزيز -رِضْوَانُ الله عَلَى الجَمِيع-.
هذه شهادة من تابعيٍّ ثقة مأمون عَرَف العَهدَيْن ؛أنَّ أيَّام مُعاويَّة في العدل أفضل من أيَّام عمر بن عبد العزيز ورضي الله عن عمرَ بن عبد العزيز؛ لكن والله لا يُقَدَّم على أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا في عدل ولا في فضل، وإن كان بعضُ النَّاس يتجرَّأ ويُفَضِّل عمر بن عبد العزيز على معاويَّة، هذه جُرأةٌ عظيمة -أستغفر الله وأتوب إليه-،منزلة الصُّحبة يا إخوة لا يَلحَقُها شيء( )، أنت تُنفِق جَبَلا من الذَّهب وهو يُنفِق مُدًّا من الشَّعير أو نصف مُدّ ما تَلحَقُه، هذا دليل على كرامتِه ومنزلتِه عند الله يا إخواني .
على كلِّ حال : أنا كنت أعددت أحاديث في هذا الباب، ولعلي أَذكُر لكم منها شيئًا يتعلق بالهداية، ومنها ما يتعلق بالطَّاعة والمعصية، -ومع ضيق الوقت- أقرَؤُها عليكم إذا استحضرتها.
فيما يتعلق بالهداية حديث أبي موسى الأشعري « مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ مِنَ الهُدَى وَالعِلْم كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أَرْضًا فَكَانَ مِنْهَا طَائِفَةٌ طَيِّبَة قَبِلَتْ المَاءَ فَأَنْبَتَتْ العُشْبَ وَالكَلأَ الكَثِير وَكَانَ مِنْهَا طَائِفَةٌ أَجَادِبْ أَمْسَكَتِ المَاءَ فَشَرِبَ مِنْهَا النَّاسُ وَسَقَوْا وَزَرَعُوا وَكَانَ مِنْهَا طَائِفَةٌ إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً وَلاَ تُنْبِتُ كَلأً »( ) .
شَبَّه الهُدى والعِلم الذي جاء به محمَّد صلى الله عليه وسلم بالغيث وقسَّم استقبال النَّاس له وقَبُولهم إيَّاه أو إعراضهم عنه ثلاثة أقسام :
قِسْمٌ يَقبَل هذا الهُدى، ويتعلَّم ويُعَلِّم، ويَنشُر هذا الخير؛ فهذا مَثَل الأرض الطيِّبة التي قَبلت الماء فأنبتت الكلأ والعُشبَ الكثير.
وأناس منهم حَفِظُوا هذا العلم وهذا الغَيث، واستفاد النَّاس من هذا المحفوظ؛ فانَتَشَر في النَّاس هذا الخير كانتشار نفع الماء الذي أمْسَكَتْهُ الأرض الأجادب؛ سَقَوْا وَزَرَعُوا، يعني ناس يَنهَلُون من هذا العلم، ويستفيدون منه، ويشتَّقُون منه الأنهار والعلوم وما شاكل ذلك؛ ولهذا قال في آخر هذا الحديث : «فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فقه في دين الله فنفعه ما بعثني الله به فَعَلِمَ وَعَلَّمَ وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللهِ الَّذِي جِئْتُ بِهِ»؛ فطائفتان قَبِلَتا، لكن تفاوتتا في نفع العباد وفي الانتفاع فعلاً من فِقهٍ وغيرِه، وطائفةٌ نَفعَت ونَشَرَت الخير في النَّاس، ولكنَّها دون الطَّائفة الأولى، وطائفةٌ لم تقبل هُدَى الله، ولم تَرفَع به رأسًا؛ فهي كالسِّباخ لا تمسِك ماءً ولا تُنبِتُ كلأً، وهذا قد يَشمَل الكُفَّار، ويشمل المنافقين، ويَشمَل العُصاة والفاسقين من هذه الأُمَّة -عِيَاذًا بِالله- أن نكون من هذه الأصناف .
ونسأله تَبَارَكَ وَتَعَالَى أن يجعلنا من الصِّنفين المستفيدين اللَّذَين استفادَا وأفادَا النَّاس.
وفي الطَّاعة والمعصيَّة؛ يقول الرَّسول الكريم عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَم : «كُلُّكُم يَدْخُلُ الجَنَّة إِلاَّ مَنْ يَأْبَى، قاَلُوا وَمَنْ يَأْبَى يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى»( ) فالحديث يوافِق الآيات القرآنيَّة، من يُطِع الله فله الجَنَّة، ومن يعص الله فله النَّار؛ كما مرَّت بنا الآيات التي استَعرضْنَا بعضَها فيما سبق.
وفي حديث أبي موسى رضي الله عنه يقول صلى الله عليه وسلم : « مَثَلِي وَمَثَلُ مَا جِئْتُ بِهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا فَقَالَ يَا قَوْمْ! إِنِّي رَأَيْتُ الجَّيْشَ بِعَيْنِي وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ العُرْيَان فَالنَّجَاءَ فَأَطَاعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ قَوْمِهِ فَأَدْلَجُوا فَنَجَوْا وَكَذَّبَهُ طَائِفَةٌ فَأَصْبَحُوا مَكَانَهُمْ فَصَبَّحَهُمْ الجَّيْشُ وَاجْتَاحَهُمْ وَأَهْلَكَهُمْ فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ أَطَاعَنِي فَاتَّبَعَ مَا جِئْتُ بِهِ وَمَثَلُ مَنْ عَصَانِي وَكَذَّبَ بِمَا جِئْتُ بِهِ مِنَ الحَق»( ) .
فهذه الأحاديث تتوافق مع الآيات الكثيرة في الوعد والوعيد، الوعد العظيم لمن يطيع الله، والوعيد الشَّديد لمن يعصي الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ﴿وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ﴾ [الجن: 23]؛ فهذه معصية الكفر .
وتبقى معصية الكبائر والمخالفات أيضًا لهم قِسطٌ من كثيرٍ من نصوص الوعيد التي وردت في نُصوص القرآن والسُنَّة؛ كالوعيد على الرِّبا، والوعيد على الزِّنا، والوعيد على شُرب الخَمر ،والوعيد والذمّ الشَّديد لمن يقع في الكبائر والمخالفات ولو كان من المسلمين وفيها من الوعيد ما تشيب له النَّواصي، وقد يكون هذا المُنهمِك في المعاصي قد يموت على سوء الخاتمة -مع الأسف- فيلتحق بالكافرين ،وقد يرتد وهو حي -والعياذ بالله تعالى- ،وقد يؤدِّي بذلك التَّمادي والإصرار على المعاصي قد يؤدِّي به إلى زيغ القلوب والنِّفاق الأكبر -والعياذ بالله تعالى-.
فالحرص الحرص على طاعة هذا الرَّسول الكريم صلى الله عليه وسلم واحترام تعاليمه وتوجيهاته، والحذر الحذر من عصيان هذا الرَّسول صلى الله عليه وسلم ومخالفة أوامرِه؛ ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63] قال الإمام أحمد -رحمه الله-: (( أتدري ما الفتنة؟ لعلَّه يصيبُه شيءٌ من الزَّيغ فيَهلَك))( ) .
فنسأل الله -تَبَارَكَ وَتَعَالى- أن يُوَفِّقَ هذه الأُمَّة وأن يسدِّدَها في الالتزام بكتاب ربِّها وسُنَّة نبيِّها صلى الله عليه وسلم والاعتصام بذلك، ونسأله أن يُهيِّئ لها الدُّعاة الصَّادقين المخلصين الذين يلتزمون شريعةَ الله ظاهرًا وباطنًا، ويَشعُرون بِثِقَل الأمانة وعِظَم المسؤولية في تربية شباب الأُمَّة، وقيادتهم إلى كلِّ خير وتجنيبهم كلَّ شر .
أسأل الله أن يحقِّقَ ذلك .
إنَّ ربَّنا لسميع الدُّعاء. وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم .
والسَّلام عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه .

أمور لا يطيع فيها الزوج زوجته للشيخ محمد بن هادي المدخلي 2024.

أمور لا يطيع فيها الزوج زوجته

للاستماع للمادة الصوتية

قال الشيخ محمد بن هادي حفظه الله معلقًا على قول ابن بطة رحمه الله الذي ذكره في معرض ذكر المنهيات الشرعية "وَأَنْ يُطِيعَ عِرْسَهُ":
يعني: لا ينبغي لهُ أنْ يُطيعَ زوجتهُ، فعِرْسَهُ هنا: بكسر العين، وإسكان الرَّاء، وفتح السِّين، هي الزَّوجة.
• ويقول رحمه الله "في الخروج إلى العُرُسَات":
بضمِّ العين والرَّاء، وفتح السِّين.
• "والنِّيَاحَاتِ والعُرسات":
جمع عُرْس، والعُرس هو طعام الوليمة، ويقالُ: أعراس، والسَّبب في المنع للنِّساء من الحضور إليها؛ هو ما يكون فيها من كثيرٍ من المنكرات التي تقع وتحدث، فيكونُ حينئذٍ سائقًا لأهله إلى المُنكرات، وهو مأمورٌ بحفظهم وصيانتهم وتجنيبهم المنكرات.

وقوله -رحمه الله-: "والنِّيَاحَاتِ" مأخوذٌ من النَّوح، والنَّوح هو رفع الصَّوت بالبكاء على الميِّت، كما كان النِّساء في الجاهلية يجتمعنَ ويصحنَ ويبكينَ، ويحثينَ على رؤوسهنَّ التُّراب حزنًا على الميّت؛ هذا هو النَّوح، رفع الصَّوت بالبكاء على الميِّت، وهو من عادات الجاهلية، فهذا لا يجوز، ولا ينبغي للإنسان أن يترك أهله، عِرْسَهُ، زوجته، تذهب إلى أماكن النّياحات هذه، وهذا باقٍ في أمَّة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد أخبر عنه -عليه الصَّلاة والسَّلام- حيث قال: ((أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَتْرُكُونَهُنَّ))، وذكر منها النِّياحة، [خرّجهُ مسلمٌ في "صحيحه"]، فالنِّياحة أمرٌ منكرٌ من أمر الجاهلية؛ والنبي – عليه الصَّلاة والسَّلام – قد أخبر عن أمر النَّائحة: أنها تأتي يوم القيامة إذا لم تتب وعليها سربالٌ من جرب؛ -نعوذ بالله من ذلك-، هذا يدلُّ على عظيم فعلهنَّ، ونكارته وشناعته، فلا يجوز للإنسان أن يلقي بأهله إلى هذه الأماكن الَّتي فيها عادات الجاهلية، وسيأتي الكلام عليها منفردةً، النِّياحة بالذَّات؛ عندكم، سيذكرها المصنّف -رحمه الله- مفردة في صفحة: (356)، فقرة: (440).
• وقال:"وَالْحَمَّامَاتِ":
يعني: كذلك ولا يجوز له أن يترك أهله يذهبنَّ إلى الحمّامات.
والحمّامات: هي الأماكن المخصصّة للاستحمام والتّنظّف، وليس المقصود بها محلات قضاء الحاجة، كما هو في عُرف النّاس اليوم الغالب، وإلَّا فالحمّامات المُراد بها: يعني: قريب من الحمَّامات البُخاريّة الآن، تُجعل في المواقع، وقديمًا كانت هذه في بلاد الشَّام، وفي ما جاورها؛ لأنَّها بلادٌ باردةٌ، والنَّاس يحتاجون إلى التَّنظُّف، وفي فصل الشِّتاء يشتدّ عليهم هذا، فيذهبون إلى الحمَّامات هذه المخصَّصة للتَّنظُّف؛ فإنهم يجدون بها الرَّاحة، ويتنظَّفون بأقل كلفة مما لو عانوه هم، فالنبي صلى الله عليه وسلم أيضًا قد نهى عن هذا، فقد جاء في حديث جابرٍ رضي الله عنه كما ذكره عندكم المحشّي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ الْحَمَّامَ)). رواه أحمد، والنَّسائي، والتِّرمذيُّ وحسَّنه، والحاكم وصحَّحه على شرط مسلمٍ، ووافقه الذَّهبي، وأيضًا جاء عن أبي المَليح الهُذليّ -رحمه الله-: أن نساءً من أهل حمص، أو من أهل الشَّام دخلن على عائشة -رضي الله عنها-، فقالت لهن: " أنتنَّ اللائي يدخلنَ نساؤكنَّ الحمامات؟ سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((مَا مِنْ امْرَأَةٍ تَضَعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا؛ إِلَّا هَتَكَتْ السِّتْرَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَبِّهَا)) خرّجه الإمام أحمد، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والحاكم وصحَّحه.
فالشَّاهد: أنَّ نساء المُسلمين ينبغي لهنَّ أنْ يتحصَّنَّ، وينبغي لهنَّ أنْ يتركنَ الذَّهاب إلى مثل هذه الأماكن؛ لأنَّ هذه الأماكن مفتوحةً عامَّةً، فقد يسرق النَّظر إليها رجلٌ وهي لا تراه؛ فينبغي للمرأة المؤمنة أنْ تصون نفسها عن الذَّهاب إلى مثل هذه الأماكن، والرِّجال كذلك إذا كان فيها كشف العورة، وللأسف الآن النَّاس لا يُبالي كثيرٌ منهم بهذا، وهذه الأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما سمعتم.
• وقوله رحمه الله "وَأَنْ يُطِيعَهَا فِي هَوَاهَا":
يعني: لا يجوز للرَّجل أنْ يطيع عِرْسه، زوجته في هواها.
ذلك لأنَّ الهوى مُردِي؛ سمِّيَ الهوى هوى: لأنَّهُ يهوي بصاحبه في النَّار -والعياذُ بالله-، والمُراد ما تشتهيه، قال -جلَّ وعلا- مادحًا عباده المؤمنين: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ﴾ ﴿النازعات: 40، 41﴾، وأخبر عن عكسهم: ﴿فَأَمَّا مَن طَغَىٰ * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَىٰ﴾ ﴿النازعات: 37، 39﴾، فينبغي لهُ أنْ يأخذ بحقِّ القِوامة لا يكون ضعيفًا، كلَّما طلبت المرأة أعطاها؛ ينبغي لهُ أنْ يقوم بهذا عملًا بقوله -جل وعلا-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ ﴿التحريم: 6﴾، فهذا هو محل القِوامة، يقوم على الزَّوجة بأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، أما يترك الحبل لها على الغارب في كل باب هذا لا يصح، هذا يُذهب هيبته، فلا بدَّ أنْ ينظر فيما تطلب، فإنْ كان مباحًا أعطاها، وإنْ كان مشروعًا فهو أعلى، أعطاها من باب أولى، كأن تطلب الذهاب إلى المسجد ولا فتنة عليها، هذا حقٌّ لها لا تمنعها، وإن كان بيتها أفضل، طلبت مباحًا من النَّفقة والكسوة، حقٌّ لها، لا تكلّفك فوق طاقتك وأنت لا تُقتِّر عليها حقٌّ لها، أما في كل ما تهوى صوابٌ وخطأ؛ هذا لا يجوز.
• قال ابن بطة رحمه الله بعد ذلك: "وَمَنْ أَطَاعَ امْرَأَتَهُ فِي كُلِّ مَا تُرِيدُ أَكَبَّتْهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي النَّارِ":
أحسنَ إذْ لَمْ ينسبهُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، هذا أصلهُ حديثٌ منسوبٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم عن عليٍّ رضي الله عنه ، هو حديثٌ موضوعٌ خرَّجه الدَّيلميُّ في "مسند الفردوس"، وقد أحسنَ المصنِّف إذْ لَمْ ينسبهُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنَّما جعلهُ هكذا، وجاء أيضًا في معناه أيضًا حديثٌ آخرٌ موضوعٌ عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم ((طاعة النِّساء ندامة))، هذا موضوعٌ أيضًا؛ ذكره ابن الجوزيُّ في "الموضوعات"، حديثٌ موضوعٌ، إذْ طاعة النِّساء ليست في كل الأحوال ندامة، لكن! لا شكَّ أنَّ توليَّتها كل ما تريد هذا هلاكٌ لها ولوليّها؛ فقد جاء في "مسند الإمام أحمد" عن أبي بكرة -رضي الله عنه-، أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لما أُخْبِرَ أنَّ العدوَّ قد ولَّوا أمرهم امرأةً قال -عليه الصَّلاة والسَّلام-: ((الْآنَ هَلَكَتِ الرِّجَالُ إِذَا أَطَاعَتِ النِّسَاءَ، هَلَكَتِ الرِّجَالُ إِذَا أَطَاعَتِ النِّسَاءَ، هَلَكَتِ الرِّجَالُ إِذَا أَطَاعَتِ النِّسَاءَ)). ثلاثًا، فلا شكَّ طاعة النِّساء، وتوليَّتها كلَّ شيءٍ في أمرِها وأمر بيتها هذا هلاكٌ؛ لأنَّ المرأة ضعيفةٌ، وقوامتها قاصرةٌ، ونظرها يعتريه القصور؛ وذلك لأنها لا تخالط الناس في الخارج، فهي لا تدري عن أمور الحياة، ولا تعرف كيد الكائدين، ولا مكر الماكرين ولا غدر الغادرين، هذا إنما يعرفه الرِّجال، فإذا ترك الرَّجل لامرأته الحبل على الغارب هلكت وأهلكته؛ ينالهُ بسبب تركِهِ إيَّاها من المعرَّة ما يناله، فينبغي لهُ أنْ يأخذ على يديها وأنْ تكون القِوامة بيده هو، كما قال -جلَّ وعلا-: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّـهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ ﴿النساء: 34﴾، وأنا قد قلتُ غير مرَّةٍ أنَّ النِّساء اليوم قد أطاعوا دعوات الفاجرين الماكرين الغادرين بهنَّ؛ وأصبحوا لا يرون للرِّجال فضلًا إلَّا بما أنفقوا، قال: خلاص، هي الآن ما تُنفق عليها موظّفة، ولها راتب ما تُنفق عليها، خلاص ما عاد لك عليها فضيلة؛ طيِّب، أين أوَّل الآية؟ ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ بإيش؟ أوَّل سبب: ﴿بِمَا فَضَّلَ اللَّـهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ﴾ ﴿النساء: 34﴾، فجنس الرِّجال أفضل من جنس النساء ولا ينفي هذا أنْ يوجد أنَّ بعض النِّساء آحاد النِّساء أفضل أحيانًا من آحادٍ من الرِّجال، لكن! جنس الرِّجال أفضل، ﴿بِمَا فَضَّلَ اللَّـهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ ﴿النساء: 34﴾، هذا سببٌ ثانٍ، السَّبب الأصل فهو التَّفضيل الأصلي، التَّفضيل الأصلي هو فضل الرَّجل على المرأة، لا شكَّ في ذلك، ولا ريب، فإنَّ الله – سبحانه وتعالى- قد خلق المرأة من الرَّجل فهو أصل وجودها، كما قال – سبحانه وتعالى-: ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ ﴿النِّساء: 1﴾، ﴿يأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء﴾الآية ﴿النساء: 1﴾، فالنَّفس الواحدة: هي آدم، فالمرأة خُلقت من الذكر، فهو أصلها، فهو أفضل، ثمَّ بعد ذلك: ﴿وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾، لأنَّ الأصل أنَّ النَّفقة من الرَّجل على المرأة، ولو كانت غنيةً، ولو كانت لها أموال قارون، فإنَّ الشَّرع لم يهضمها حقَّها، أوجب النَّفقة عى الزَّوج: ﴿لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾ ﴿الطلاق : 7﴾، فأمر بالنَّفقة على الرَّجل في قدر استطاعته.
• وقال رحمه الله"وَأَنْ يُطِيعَهَا فِي عُقُوقِ وَالِدَيْهِ":
هذا لا يجوز، من المنكرات، وهو من الجفاء أن يطيع الرَّجل زوجه ويعصي أمه، ويعصي أباه ويطيع صديقه، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا هلاكٌ، هذا عقوقٌ، يعقّ الوالدين ويطيع الزَّوجة على أمِّه، والصَّاحب على أبيه، هذا لا يجوز، فالوالدة والوالد مقدَّمان في حقِّهما، والزَّوجة لها حقّها، فإذا أمرت بعقوقه لوالديه لم يجز له ذلك، لأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِق)). وهذه أمرته بمعصيه فلا يجوز، كذلك قطع الرَّحم من الكبائر؛ لا يجوز، فإنَّ الله – سبحانه وتعالى- قد لعن فاعله: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّـهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ﴾ ﴿محمد : 22-23﴾.
• وقال رحمه الله"وَمُوَاسَاةِ أَخِيهِ فِي اللَّهِ" :
نزلت بأخيك ضائقة من المال واحتاج إليك، فمنعتك الزَّوجة لا يجوز لك أن تطيعها؛ ((الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا)). فهُنا يجب عليك أن تواسيه إذا نزلت به الحاجة، ولا تطع الزوجة، فإنَّ الزَّوجة هنا تأمر بغير طاعة الله -تبارك وتعالى-، والولد مجبنةٌ مبخلةٌ، يحمل الوالد على أنْ يجبن فلا يقاتل، ويدع الجهاد في سبيل الله، ويحمل الوالد على أنْ يبخل، فلا يُنفق في سبيل الله، ومواساة الإخوان وقضاء حوائجهم من مكارم الأخلاق، ومن محاسن المروءات، وقد كُتبت في ذلك الكتُب المستقلة مثل: "قضاء الحوائج" لأبي الغنائم النَّرسي، جزءٌ مستقلٌ في هذا، وكُتب في ذلك في كتب الحديث عامَّةً.
• وأما قوله:"خَالفُوهُنَّ تَرشُدُوا ويُبَارَك لَكُم" هذا حديث أصله ضعيفٌ جدًّا، هذا أصله حديثٌ ضعيفٌ جدًّا، وقد أورده السَّخاويُّ في "المقاصد الحسنة" وعزاهُ إلى الدَّيلميّ في "مسند الفردوس" وإلى ابن لالٍ في "جزئه" وهو حديثٌ ضعيفٌ جدًّا، فلا أصل لمثل هذا يصح في قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقد أحسن المصنِّف إذْ لَمْ ينسبهُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وجاء عن عمر هذا رضي الله عنه.

أخوكم أبو الليث الباعمراني

جزء من الدرس التاسع من شرح الإبانة الصغرى – الشيخ محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله تعالى-.

ميراث الأنبياء

بارك الله فيك أخي الفاضل وزادك حرصا

بارك الله فيك أخي

و فيكم بارك الله .

ترجمة موجزة للشيخين العلامتين ربيع بن هادي عمير المدخلي ومحمد أماني الجامي 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

من هنا : ترجمة موجزة للشيخ العلامة ربيع بن هادي عمير المدخلي

و من هنا :ترجمة الشيخ محمد أماني الجامي

مكانة الصلاة في الإسلام وآثارها الطيبة الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله 2024.

مكانة الصلاة في الإسلام وآثارها الطيبة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد-

فإن للصلاة شأناً عظيماً في الإسلام ومكانة رفيعة عند الله ورسله والمؤمنين، إذ هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين.
عن ابن عمر- رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:” بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا”.
وقد حث الله المؤمنين على إقامتها في آيات كثيرة، منها، قوله تعالى:
(مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)[الروم:31-32]

وقال تعالىالجيريا(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ))[البينة:5]

وقال تعالى: (قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ))[إبراهيم:31]
ومن دعاء خليل الرحمن إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلامالجيريارَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ) [إبراهيم:40].
فرضها الله على كل مسلم بالغ عاقل.
وشرع تربية الصغار عليها” علموا أولادكم الصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر”

وأمر بصلاتها في جماعة في بيوت الله ألا وهي المساجد ، وأشاد بذكر المصلين فيها وذكر صفاتهم الحميدة وما أعده لهم من الجزاء العظيم،

قال تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)[ النور:36-38].

وقال تعالى: ( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) [التوبة:18].

وقال تعالى: (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) [الأعراف:29].
فأمر عباده بالقسط وهو العدل والاستقامة واستقبال القبلة في أي مسجد كان.

وقال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).[الأعراف:31]
والمراد بالزينة ما يستر العورة في الصلاة جماعة في المساجد كانت أو غير جماعة، بل ستر العورة واجب في كل حال” والله أحق أن يستحيا منه”.
والشاهد من هذه الآيات كلها بيان أهمية المساجد التي أمر الله برفعها للصلاة فيها جماعة، فالمساجد من أعظم شعائر الإسلام، والصلاة فيها جماعة والنداء لها من أعظم شعائر الإسلام، والتخلف عن إقامتها في الجماعة من علامات النفاق والعياذ بالله.

قال تعالى عن الصلاةالجيرياوَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) [البقرة:45-46].

عن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال:قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ” إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر لو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم الحطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار” متفق عليه، أخرجه البخاري في فضل صلاة العشاء في جماعة، حديث (657)، ومسلم في المساجد، حديث (651).
وعن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- قال: ” لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق قد علم نفاقه أو مريض، إن كان المريض ليمشي بين رجلين حتى يأتي الصلاة، وقال: إن رسول الله علمنا سنن الهدى، وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه” أخرجه مسلم في المساجد، حديث(654).
وبيَّن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فضل الصلاة في جماعة، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “تفضل صلاة الجميع على صلاة الرجل وحده خمساً وعشرين درجة، قال ويجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر” قال أبو هريرة – رضي الله عنه – : اقرأوا إن شئتم: ( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً)،أخرجه مسلم في المساجد حديث(649)، وأخرجه البخاري نحوه، حديث(648).
وعن ابن عمر- رضي الله عنهما- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال:” صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة” متفق عليه، أخرجه البخاري في فضل صلاة الجماعة، حديث(645)، ومسلم في المساجد، حديث(650).
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-:
” صَلاةُ الرَّجُلِ في الْجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ على صَلاتِهِ في بَيْتِهِ وفي سُوقِهِ خمسة وَعِشْرِينَ ضِعْفًا وَذَلِكَ أَنَّهُ إذا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إلى الْمَسْجِدِ لا يُخْرِجُهُ إلا الصَّلاةُ لم يَخْطُ خَطْوَةً إلا رُفِعَتْ له بها دَرَجَةٌ وَحُطَّ عنه بها خَطِيئَةٌ فإذا صلى لم تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عليه ما دَامَ في مُصَلاهُ اللهم صَلِّ عليه اللهم ارْحَمْهُ ولا يَزَالُ أحدكم في صَلاةٍ ما انْتَظَرَ الصَّلاةَ”. متفق عليه، أخرجه البخاري في فضل صلاة الجماعة، حديث(647)، ومسلم في المساجد، حديث(649).

والصلاة تكفر بها الخطايا:
فعن أبي هريرة – رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يقول: ” أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال : ” فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا” أخرجه البخاري، حديث(528) ومسلم، حديث(667).
وعن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ” مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار غمر على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات” أخرجه مسلم، حديث(668)، وأحمد(2/426) من حديث جابر وأبي هريرة – رضي الله عنهما- .

إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة :
عن جابر بن عبد الله الأنصاري- رضي الله عنه-قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول:” إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة” أخرجه مسلم في الإيمان،حديث (82)، وأبو داود في كتاب السنة، حديث (4678) بلفظ: ” بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة”.
وأخرجه الترمذي في أبواب الإيمان، حديث (2618) بلفظ: ” بين الكفر والإيمان ترك الصلاة”، وحديث (2619) بلفظ: ” بين العبد وبين الشرك أو الكفر ترك الصلاة”.
وأخرجه ابن ماجة بلفظ: ” بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة”، حديث (1078).
وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: ” العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر” أخرجه الترمذي في أبواب الإيمان، حديث (2621)، وقال عقبه: هذا حديث حسن صحيح غريب.
وفي إسناده حسين بن واقد وثقه ابن معين وتكلم فيه الإمام أحمد، وقال الحافظ: ثقة له أوهام فحديثه حسن.
وأخرج هذا الحديث من هذا الوجه ابن ماجة في الصلاة، حديث (1079)، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (5/346) والنسائي في الصلاة، حديث (463).
واختلف العلماء في المراد بكفره، فمنهم من يرى أنه الكفر الأكبر المخرج من الملة، وحجة من كفره هذا الحديث وقول عبد الله بن شقيق: كان أصحاب رسول الله لا يرون شيئا من العمل تركه كفر إلا الصلاة وأدلة أخرى.
ومنهم من يرى أنه الكفر الأصغر الذي لا يخرج صاحبه من الملة إلا إذا استحل تركها فإنه يكفر الكفر الأكبر بالإجماع، وحجة من لا يكفره قول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا) [النساء:48]وعمومات أخرى.
والجماهير من السلف والخلف أنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل.(1)
وذهب أبو حنيفة وبعض العلماء إلى أنه لا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يصلي.

وجوب تسوية الصفوف في الصلاة وسد الخلل فيها :

قال الإمام أحمد في مسنده (2/97) حديث رقم( 5724): ” ثنا هَارُونُ بن مَعْرُوفٍ ثنا عبد اللَّهِ بن وَهْبٍ عن مُعَاوِيَةَ بن صَالِحٍ عن أبي الزَّاهِرِيَّةِ عن كَثِيرِ بن مُرَّةَ عن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: ” أَقِيمُوا الصُّفُوفَ فَإِنَّمَا تَصُفُّونَ بِصُفُوفِ الْمَلاَئِكَةِ وَحَاذُوا بين الْمَنَاكِبِ وَسُدُّوا الْخَلَلَ وَلِينُوا في أيدي إِخْوَانِكُمْ وَلاَ تَذَرُوا فُرُجَاتٍ لِلشَّيْطَانِ وَمَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ الله”.
وقال – رحمه الله- في مسنده ( 5/262): ” ثنا هَاشِمٌ ثنا فَرَجٌ ثنا لُقْمَانُ عن أبي أُمَامَةَ قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ” إن اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ على الصَّفِّ الأَوَّلِ قالوا يا رَسُولَ اللَّهِ وَعَلَى الثاني قال إن اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ على الصَّفِّ الأَوَّلِ قالوا يا رَسُولَ اللَّهِ وَعَلَى الثاني قال وَعَلَى الثاني قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَوُّوا صُفُوفَكُمْ وَحَاذُوا بين مَنَاكِبِكُمْ وَلِينُوا في أيدي إِخْوَانِكُمْ وَسُدُّوا الْخَلَلَ فان الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ بَيْنَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْحَذَفِ يَعْنِى أَوْلاَدَ الضَّأْنِ الصِّغَارَ”، حسن بشواهده.
وقال الإمام أبو داود في سننه (1/178) حديث(666): “حدثنا عِيسَى بن إبراهيم الْغَافِقِيُّ ثنا ابن وَهْبٍ ح وحدثنا قُتَيْبَةُ بن سَعِيدٍ ثنا اللَّيْثُ وَحَدِيثُ ابن وَهْبٍ أَتَمُّ عن مُعَاوِيَةَ بن صَالِحٍ عن أبي الزَّاهِرِيَّةِ عن كَثِيرِ بن مُرَّةَ عن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ قال قُتَيْبَةُ عن أبي الزَّاهِرِيَّةِ عن أبي شَجَرَةَ لم يذكر ابن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال أَقِيمُوا الصُّفُوفَ وَحَاذُوا بين الْمَنَاكِبِ وَسُدُّوا الْخَلَلَ وَلِينُوا بِأَيْدِي إِخْوَانِكُمْ لم يَقُلْ عِيسَى بِأَيْدِي إِخْوَانِكُمْ ولا تَذَرُوا فُرُجَاتٍ لِلشَّيْطَانِ وَمَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ الله وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ الله، قال أبو دَاوُد أبو شَجَرَةَ كَثِيرُ بن مُرَّةَ قال أبو دَاوُد وَمَعْنَى وَلِينُوا بِأَيْدِي إِخْوَانِكُمْ إذا جاء رَجُلٌ إلى الصَّفِّ فَذَهَبَ يَدْخُلُ فيه فَيَنْبَغِي أَنْ يُلِينَ له كُلُّ رَجُلٍ مَنْكِبَيْهِ حتى يَدْخُلَ في الصَّفِّ “، صحيح بشواهده .
وعن أنس بن مالك – رضي الله عنه- أن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: سوّوا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة” أخرجه أحمد (3/177)، والبخاري(732) ومسلم (433) وغيرهم.
وعنه – رضي الله عنه- قال: كان رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم- يقبل علينا بوجهه قبل أن يكبر فيقول: ” تراصوا واعتدلوا” متفق عليه.
وعن النعمان بن بشير، قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- يسوي صفوفنا كأنما يسوي بها القداح حتى رأى أنا قد عقلنا عنه، ثم خرج يوماً فقام حتى كاد أن يكبر، فرأى رجلا باديا صدره من الصف، فقال عباد الله لتسوّنَّ صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم”، رواه الجماعة إلا البخاري، فإن له منه” لتسوّنَّ صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم” ولأحمد وأبي داود في رواية قال: فرأيت الرجل يلزق كعبه بكعب صاحبه وركبته بركبته ومنكبه بمنكبه” المنتقى للمجد ابن تيمية، حديث(1479) والحديث أخرجه أحمد(4/276) ومسلم حديث(436) والترمذي(2027) وأبو داود(663) والنسائي(810).
وعن جابر بن سمرة- رضي الله عنه- قال:
” خرج علينا رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال: ” ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ فقلنا: يا رسول الله كيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: يتمون الصف الأول ويتراصون في الصف” رواه أحمد في مسنده (5/106) ومسلم(430) وأبو داود (661) والنسائي(816).
وعن أبي مسعود – رضي الله عنه-، قال: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، ليلني منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، قال أبو مسعود: فأنتم اليوم أشد اختلافا”.
وعن ابن مسعود – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- :” ليلني منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم( ثلاثا) وإياكم وهيشات الأسواق” رواهما مسلم، حديث(432)، وحديث ابن مسعود في الترمذي(228).

ومن الأمور المهمة في الصلاة أن يتخذ المصلي سترة تحول بينه وبين المار من إنسان وغيره وقد جاءت أحاديث عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يأمر فيها رسول الله –صلى الله عليه وسلم –باتخاذ السترة للمصلي منها:
1-عن أبي سعيدالخدري رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيُصَلِّ إِلَى سُتْرَةٍ وَلْيَدْنُ مِنْهَا).رواه أبو داود وابن ماجه.
2-وعن ابن عمر رضي الله عنهماقال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذَا خَرَجَ يَوْمَ العِيدِ يأَمُرُ بِالحَرْبَةِ، فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيُصَلِّي إِلَيْهَا وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ ).متفق عليه
مقدار المسافة بين المصلي والسترة:
3- وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: ((كان بين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الجدار مَمَرّ شاة)).متفق عليه
4- وعن بلال رضي الله عنه (( أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة فصلى وبينه وبين الجدار نحو ثلاث أذرع )) رواه أحمد والنسائي

مشروعية دفع المار وما على المار من الإثم
*وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: ( إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلْيَدْفَعْ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ )
رواه الجماعة إلا الترمذي
*وعن أبي جهيم عبدالله بن الحارث الأنصاري قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( لَوْ يَعْلَمُ المَارُّ بَيْنَ يَدَيِ المُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ، لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ).

فهذه الأحاديث تدل المسلم على أهمية السترة في الصلاة ومكانتها فيها،ولقد تساهل كثير من الناس في أمر السترة على أهميتها ومكانتها.
أسأل الله أن يوفق المسلمين لإدراك مكانتها وأن يوفقهم لامتثال أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم والقيام بها على أحس الوجوه وأكملها.

وختاماً أقول:
*إن من آثار الصلاة التي تقام على الوجه المشروع والتي يتوفر فيها الإخلاص وتستكمل فيها شروطها وأركانها وخشوعها الفلاح وهو الفوز بالمطلوب الأعظم عند الله قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ)[المؤمنون :1-4]
*ومن آثار هذه الصلاة أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر وأن يذكرك الله في الملأ الأعلى، قال تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [العنكبوت:45]
وقصدي من هذا المقال تذكير إخواني المسلمين بأهمية هذه الصلاة العظيمة ومكانتها في الإسلام، وحثهم على إقامتها في بيوت الله، وحثهم على ما أرى أن كثيراً من المسلمين المصلين أئمة(2)ومأمومين لا يهتمون به ألا وهو تسوية الصفوف، وإلصاق المناكب بالمناكب، والكعاب بالكعاب، وسد الفرج التي يتخللها الشيطان، الأمور التي كان يلتزمها أصحاب محمد – صلى الله عليه وسلم- تنفيذاً لأوامره وتوجيهاته، فلقد رأيت كثيراً من المصلين يتساهلون في هذه الأمور، ولا يدركون ما يترتب على التساهل فيها، وهو ما حذر منه رسول الله – صلى الله عليه وسلم- بقوله: ” لتسوّنَّ صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم “، وهذه النتيجة المرة ملموسة في حياة المسلمين بما يبثه بينهم الشيطان من التقاطع والتدابر والتباغض والتفرق.
ومن أهم الأسباب لهذه المعضلات مخالفتهم لهديه –صلى الله عليه وسلم- وهدي أصحابه في إقامة الصلاة على الوجه الذي بينه رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وحذَّر من مخالفته.أسأل الله أن يوفق المسلمين للتمسك بكتاب ربهم وسنة نبيهم والسير في منهج السلف الصالح في عقائدهم وعباداتهم وسائر شئوون حياتهم، وأن يجعلنا من المفلحين الذين تنهاهم صلاتهم عن الفحشاء والمنكر، إن ربي لسميع الدعاء.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كتبه
ربيع بن هادي عمير المدخلي
24/11/ 1445هـ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)والذي يتولى قتله إنما هو الحاكم الشرعي لا أفرادالناس ولا عامتهم
(2)وذلك أن كثيراً من الأئمة يكتفون بقولهم: ” استووا، سووا صفوفكم” ونحو هذا، ولا يُذكرون المصلين بما كان يقوله- صلى الله عليه وسلم- : ” لتسونَّ صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم”، ولا يؤكدون على سد الخلل إلى آخره.

شكرااااا بارك الله فيك على ما قدمت

شكرااااااااااااا بارك الله فيك

جزاك الله خيرا
وجزى الله الشيخ ربيع السنة وحفظه

شكرآآا جزيلا بارك الله فيك