من درر العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم
و السلام عليكم و رحمة الله وبركاته

من درر العلامة الشيخ
محمد بن صالح العثيمين
– رحمه الله –

الحكمة مِن السُّجودِ:

أنه مِن كمال التعبُّد لله والذُّلِّ له، فإن الإنسان يضع أشرف ما فيه وهو وجهه؛ بحذاء أسفل ما فيه وهو قدمه.

وأيضاً: يضعه على موطء الأقدام، يفعل كلَّ هذا تعبُّداً لله تعالى وتقرُّباً إليه.
ومِن أجل هذا التَّطامن والنزول الذي فَعَلَهُ لله تعالى صار أقرب ما يكون الإنسان من رَبِّه وهو ساجد، مع أنه لو قام لكان أعلى وأقرب، لكن لنزوله لله عزَّ وجلَّ صار أقرب إلى الله، «فما تواضعَ أحدٌ لله إلا رَفَعَهُ اللَّهُ» .

هذه هي الحكمة والسِّرُّ في هذا السجود العظيم، ولهذا ينبغي لنا أن تسجد قلوبُنا قبل أن تسجدَ جوارحنا؛ بأن يشعر الإنسان بهذا الذُّلِّ والتَّطامن والتواضع لله عزَّ وجلَّ، حتى يدرك لذَّةَ السُّجود وحلاوته، ويعرف أنَّه أقرب ما يكون إلى الله.

وهذا المعنى قد يغفل عنه أصحابُ الظَّواهر الذين يريدون أن يُجمِّلُوا الطاعات بظاهرها، وهم يُحمدون على هذا، ولا شَكَّ أنَّنا مأمورون أن نُجَمِّلَ الطاعات بظواهرها، بتمام الاتِّباعِ وكماله، لكن هناك شيءٌ آخر يَغْفُلُ عنه كثيرٌ من الناس؛ ويعتني به أربابُ السُّلوكِ، وهو تكميل الباطن؛ بحيث يركعُ القلبُ قبل رُكوع البدن، ويسجد قبل سجودِ البدن، ولكن قد يُقصِّر أربابُ السُّلوكِ الذين يعتنون بالبواطن في إصلاح الظواهر؛ فتجدهم يُخِلُّون كثيراً في إصلاح الظواهر، والكمال هو إصلاح الأمرين جميعاً؛ والعنايةُ بكمالهما جميعاً؛ بكمال البواطن وكمال الظواهر.

وإنِّي والله، وأشهد الله، أننا لو أقمنا الصَّلاةَ كما ينبغي؛ لكُنَّا كُلَّما خرجنا من صلاة؛ نخرج بإيمان جديد قوي؛ لأن الله يقول ( اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر)ِ (العنكبوت: من الآية45)

لكن؛ نسألُ اللهَ أن يعاملنا بعفوه؛ ندخل فيها بقلب ونخرج بقلب، هو القلب الأول؛ لأننا لا نأتي بما ينبغي أن نأتيَ به مِن خضوع القلب وحضوره؛ وشعوره بهذه التنقُّلات؛ التي هي رياض متنوِّعة وأفعال مختلفة، وأقوال هي ما بين قراءة كلام الله عزَّ وجلَّ، وذكره وتعظيمه، وتكبيره ودعائه، والثناء عليه، ووصفه بأكمل الصفات «التحيات لله والصلوات… إلخ»، فهي رياض عظيمة، لكن فينا قصور مِن جهة مراعاة هذه الأسرار.

جزاك الله خيرا. والنعم. لو سجدت القلوب لما كنا على ما نحن عليه الان

الف شكر الجيرياالجيريا

كيفية الغسل من الجنابة؟ الشيخ محمد بن صالح العثيمين 2024.

مكتبة الفتاوى : فتاوى نور على الدرب (نصية) : الطهارة

السؤال: فضيلة الشيخ محمد هذه الرسالة وردتنا عن عبد الله عمر من جدة فيها أسئلة كثيرة كلها تدور حول الغسل من الجنابة وخرجنا من مجملها بالسؤال التالي ما هي كيفية الغسل من الجنابة؟


الجواب
الشيخ: الحمد لله رب العالمين للغسل من الجنابة كيفيتان واجبة ومستحبة أما الواجبة فهي: تعميم جميع الجسم بالغسل بمعنى أن يغسل جميع جسمه بالماء على أي كيفيةٍ كانت ومنها لو نوى وانغمس في بركة أو في ساقي يمشي انغمس كله حتى عم الماء جميع بدنه فإنه بذلك يكون قد تطهر من الجنابة والكيفية الثانية المستحبة هي كالآتي، أولاً: يغسل يديه أي كفيه ثلاث مرات ثانياً:يغسل فرجه وما تلوث به من أثر الجنابة ثالثاً: يتوضأ وضوءه للصلاة أي يتمضمض ويستنشق ويغسل وجهه وذراعيه ويمسح رأسه وأذنيه ويغسل رجليه رابعاً: يغسل رأسه فإذا ظن أنه أروى بشرته أفاض عليه ثلاث مرات ولا بد أن يصل الماء إلى أصول الشعر خامساً:يغسل بقية جسمه بالماء مرةً واحدة فهذه كيفية مشروعة كما جاء ذلك في حديث عائشة رضي الله عنها في صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة وإن اغتسل على ما جاء في حديث ميمونة رضي الله عنها فلا حرج وهو قريبٌ من هذه الصفة إلا أنه يختلف بأنه لا يغسل رجليه إذا توضأ في أول الأمر وإنما يؤخر غسلها حتى ينتهي من الغسل ويغسلها بعد ذلك كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم.

شكرا على المعلومة

شكرا علي الموضوع المفيد

بارك الله فيك وجزاك خيرا

جزاكي الله خيرا

وفيكم بارك الله

بارك الله فيك

بارك الله فيك

وفيكم بارك الله

بارك الله لك وجازاك الله خير الجزاء إن شاء الله

أمين
حفظك الله ورعاك أخي

نريد شيئا جديدا اما الغسل فعرفناه حين كنا صغارا بارك الله فيك

شكرا لك على الجهد المبذول على امل ان يستفيد الاخرين وهناك من نسى ان الغسل هو الاساس لكنهم يبحثون عن الجديد

جزاك الله خيرا

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
جزاكم الله خيراً وبارك الله فيكم، منتظرين جديدكم المميز، وفقكم الله.

الفرق بين الشكر والحمد .للعلامة العثيمين رحمه الله 2024.

الفرق بين الحمد والشكر…. للعلامة العثيمين رحمه الله

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين :

«الشكر» يكون بالقلب، وباللسان، وبالجوارح؛ ولا يكون إلا في مقابلة نعمة؛ فسببه أخص من سبب «الحمد»؛ ومتعلَّقه أعم من متعلق «الحمد»؛ فيختلفان إذاً من حيث السبب؛ ويختلفان من حيث المتعلق؛
سبب «الحمد» كمال المحمود، وإنعام المحمود؛ فإذا كان سببه إنعام المحمود كان «الحمد» من «الشكر»؛
أما «الشكر» فسببه واحد؛ وهو نعمة المشكور؛ وأما متعلق «الحمد» فيكون باللسان فقط؛ وأما متعلق «الشكر» فثلاثة: يكون باللسان، والقلب، والجوارح؛ وعليه قول الشاعر:
(أفادتكم النعماء مني ثلاثة – يدي ولساني والضمير المحجبا) فـ«يدي» هذا الشكر بالجوارح؛ و«لساني» هذا الشكر باللسان – يعني القول؛ و«الضمير المحجبا» يعني القلب.

المصدر :
تفسير سور البقرة …. الشريط 31-ب

نفع الله بكم ورحم الله الشيخ العثيمين وجعلنا الله وإياكم من عباده الشاكرين

قال ابن القيم -رحمه الله- : (والفرق بينهما : أن الشكر أعم من جهة أنواعه وأسبابه ، وأخص من جهة متعلقاته ، والحمد أعم من جهة المتعلقات ، وأخص من جهة الأسباب . ومعنى هذا : أن الشكر يكون : بالقلب خضوعا واستكانة ، وباللسان ثناء واعترافاً ، وبالجوارح طاعة وانقيادا .

ومتعلقه : النعم دون الأوصاف الذاتية ، فلا يقال : شكرنا الله على حياته وسمعه وبصره وعلمه ، وهو المحمود عليها كما هو محمود على إحسانه وعدله .

والشكر يكون على الإحسان والنعم ، فكل ما يتعلق به الشكر يتعلق به الحمد من غير عكس ، وكل ما يقع به الحمد يقع به الشكر من غير عكس ، فإن الشكر يقع بالجوارح والحمد يقع بالقلب واللسان)
"مدارج السالكين" (2/246)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ألم الفراق الجيريا
نفع الله بكم ورحم الله الشيخ العثيمين وجعلنا الله وإياكم من عباده الشاكرين

قال ابن القيم -رحمه الله- : (والفرق بينهما : أن الشكر أعم من جهة أنواعه وأسبابه ، وأخص من جهة متعلقاته ، والحمد أعم من جهة المتعلقات ، وأخص من جهة الأسباب . ومعنى هذا : أن الشكر يكون : بالقلب خضوعا واستكانة ، وباللسان ثناء واعترافاً ، وبالجوارح طاعة وانقيادا .

ومتعلقه : النعم دون الأوصاف الذاتية ، فلا يقال : شكرنا الله على حياته وسمعه وبصره وعلمه ، وهو المحمود عليها كما هو محمود على إحسانه وعدله .

والشكر يكون على الإحسان والنعم ، فكل ما يتعلق به الشكر يتعلق به الحمد من غير عكس ، وكل ما يقع به الحمد يقع به الشكر من غير عكس ، فإن الشكر يقع بالجوارح والحمد يقع بالقلب واللسان)
"مدارج السالكين" (2/246)

و اياك أختي الكريمة . و جزاك الله خيرا على الاضافة الطيبة .

شكراااااا جزيلاااا على ما قدمت

بارك الله فيك اخي الفاضل …….

جزاك الله خيرا ………………..

و فيكم بارك الله اخواني . ربي يحفظكم.

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الاخ رضا الجيريا

الفرق بين الحمد والشكر…. للعلامة العثيمين رحمه الله

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين :

«الشكر» يكون بالقلب، وباللسان، وبالجوارح؛ ولا يكون إلا في مقابلة نعمة؛ فسببه أخص من سبب «الحمد»؛ ومتعلَّقه أعم من متعلق «الحمد»؛ فيختلفان إذاً من حيث السبب؛ ويختلفان من حيث المتعلق؛
سبب «الحمد» كمال المحمود، وإنعام المحمود؛ فإذا كان سببه إنعام المحمود كان «الحمد» من «الشكر»؛
أما «الشكر» فسببه واحد؛ وهو نعمة المشكور؛ وأما متعلق «الحمد» فيكون باللسان فقط؛ وأما متعلق «الشكر» فثلاثة: يكون باللسان، والقلب، والجوارح؛ وعليه قول الشاعر:
(أفادتكم النعماء مني ثلاثة – يدي ولساني والضمير المحجبا) فـ«يدي» هذا الشكر بالجوارح؛ و«لساني» هذا الشكر باللسان – يعني القول؛ و«الضمير المحجبا» يعني القلب.

المصدر :
تفسير سور البقرة …. الشريط 31-ب

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ألم الفراق الجيريا
نفع الله بكم ورحم الله الشيخ العثيمين وجعلنا الله وإياكم من عباده الشاكرين

قال ابن القيم -رحمه الله- : (والفرق بينهما : أن الشكر أعم من جهة أنواعه وأسبابه ، وأخص من جهة متعلقاته ، والحمد أعم من جهة المتعلقات ، وأخص من جهة الأسباب . ومعنى هذا : أن الشكر يكون : بالقلب خضوعا واستكانة ، وباللسان ثناء واعترافاً ، وبالجوارح طاعة وانقيادا .

ومتعلقه : النعم دون الأوصاف الذاتية ، فلا يقال : شكرنا الله على حياته وسمعه وبصره وعلمه ، وهو المحمود عليها كما هو محمود على إحسانه وعدله .

والشكر يكون على الإحسان والنعم ، فكل ما يتعلق به الشكر يتعلق به الحمد من غير عكس ، وكل ما يقع به الحمد يقع به الشكر من غير عكس ، فإن الشكر يقع بالجوارح والحمد يقع بالقلب واللسان)
"مدارج السالكين" (2/246)


جزاكما الله خيرا ونفع بكما

و جزاك خيرا .

فتوى حكم قول صدق الله العظيم بعد الانتهاء من قراءة القرآن ابن باز والعثيمين 2024.

حكم قول: (صدق الله العظيم) عند انتهاء قراءة القرآن
إنني كثيرا ما أسمع من يقول: إن (صدق الله العظيم) عند الانتهاء من قراءة القرآن بدعة، وقال بعض الناس: إنها جائزة واستدلوا بقوله تعالى: قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا[1] وكذلك قال لي بعض المثقفين: إن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يوقف القارئ قال له: ((حسبك))، ولا يقول: صدق الله العظيم، وسؤالي هو: هل قول: (صدق الله العظيم) جائز عند الانتهاء من قراءة القرآن الكريم أرجو أن تتفضلوا بالتفصيل في هذا؟

اعتياد الكثير من الناس أن يقولوا: (صدق الله العظيم) عند الانتهاء من قراءة القرآن الكريم وهذا لا أصل له، ولا ينبغي اعتياده بل هو على القاعدة الشرعية من قبيل البدع إذا اعتقد قائله أنه سنة فينبغي ترك ذلك، وأن لا يعتاده لعدم الدليل، وأما قوله تعالى: قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فليس في هذا الشأن، وإنما أمره الله عز وجل أن يبين لهم صدق الله فيما بينه في كتبه العظيمة من التوراة وغيرها، وأنه صادق فيما بينه لعباده في كتابه العظيم القرآن، ولكن ليس هذا دليلا على أنه مستحب أن يقول ذلك بعد قراءة القرآن أو بعد قراءة آيات أو قراءة سورة؛ لأن ذلك ليس ثابتا ولا معروفا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته رضوان الله عليهم.
ولما قرأ ابن مسعود على النبي صلى الله عليه وسلم أول سورة النساء حتى بلغ قوله تعالى: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا[2] قال له النبي ((حسبك)) قال ابن مسعود فالتفت إليه فإذ عيناه تذرفان عليه الصلاة والسلام أي يبكي لما تذكر هذا المقام العظيم يوم القيامة المذكور في الآية وهي قوله سبحانه: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ أي يا محمد على هؤلاء شهيدا، أي على أمته عليه الصلاة والسلام، ولم ينقل أحد من أهل العلم فيما نعلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: صدق الله العظيم بعد ما قال له النبي: ((حسبك))، والمقصود أن ختم القرآن بقول القارئ صدق الله العظيم ليس له أصل في الشرع المطهر، أما إذا فعلها الإنسان بعض الأحيان لأسباب اقتضت ذلك فلا بأس به.

[1] سورة آل عمران الآية 95.

[2]سورة النساء الآية 41.
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء السابع

الشيخ العثيمين يشتري مد النبي عليه الصلاة والسلام ويعطيك وزنه 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
قال الشيخ العثيمين في الشرح الممتع (6/177)

وعلى هذا نقول: إن أردت أن تعرف الصاع النبوي، فزن ألفين وأربعين جراماً من البر الرزين أي: البر الجيد، ثم ضعه بعد ذلك في الإناء فما بلغ فهو الصاع النبوي.
وقد عُثِرَ على مد نبوي في عنيزة، في إحدى الخربات، وقد اشتريته من صاحبه بثمن غال، وهو من النحاس، وقد كتب عليه: إن هذا المد قدر على مد فلان، عن فلان، إلى أن وصل إلى زيد بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ إلى مد النبي صلّى الله عليه وسلّم.
وقد وجدناه مقارباً لما قاله العلماء من أن زنته خمسمائة وعشرة جرامات؛ لأن المد النبوي ربع الصاع النبوي، وقد اتخذنا مداً وصاعاً نبوياً قياساً على ذلك.

بارك الله فيكم

الجيريا

بارك الله فيكم على الإفادة

بارك الله فيكم

جزاك الله خيرا بارك الله فيك

جزاكم الله خيرا

الجيريا

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواثق الجيريا
بارك الله فيكم

الجيريا

وفيكم بارك الله

بارك الله فيك أختي ألم الفراق على الموضوع الطيب.

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواثق الجيريا
بارك الله فيكم

الجيريا

أخي الواثق هل هناك نسخة عالية الدقة لهذه الصورة لغرض الطباعة و بارك الله فيك.

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة djamila21000 الجيريا
بارك الله فيك أختي ألم الفراق على الموضوع الطيب.

أخي الواثق هل هناك نسخة عالية الدقة لهذه الصورة لغرض الطباعة و بارك الله فيك.

وفيكِ بارك الرحمن
أختي تفضلي هنا: 10 تجدين مطوية مثل التي وضع الأخ وروابط تحميله وهي جاهزة للطباعة

كلام و لا اروع للعلامة ابن العثيمين رحمه الله حول البدع و منها المولد 2024.

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اخواني اخواتي، كم كثرت المواضيع التي تتكلم عن بدعة الاحتفال بالمولد، و الكلام عليها، و الناس هنا، يقولون نعم، لقد فهمنا، لا داعي للتكرار، و لكن نكرر و نكرر كلام اهل العلم، و سوف نرى اناس كالعادة، كأنهم لم يسمعوا قط ما يقوله اهل العلم،و يحتفلون و يخالفون و يحدثون في الدين ما ليس منه

اترككم مع الشيخ رحمه الله

مِنْ مَفاسِد البِدَع



قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-:

أيّ إنسان يُحدِثُ بدعةً؛ فإنَّنا نقول له: إنَّك واقعٌ في معصية الرسول عليه الصلاة والسلام، وفيما حذَّر عنه في قوله عليه الصلاة والسلام: ((إِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ)) [1]. وهذه مفسدة عظيمة.


¦ ومِنْ مَفاسِد البِدَع: أنَّها نوعٌ من الشَّركِ؛ كما قال الله -تبارك وتعالى-: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [2]
ولا يخفى أنَّ الشَّركَ لا يُغْفَر؛ كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [3].

وظاهر الآية الكريمة: أنَّ الشَّركَ لا يُغْفَر ولو كان أصغرًا.


¦ومِنْ مَفاسِد البِدَع: أنََّ فيها صدٌّ عن سبيل الله؛ لأنَّ الإنسانَ يشتغلُ بها عن العبادة الثابتة حقًّا، فما ابتَدَع قومٌ بدعة إلا أضاعوا من السُّنـَّةِ ما هو مثلها، أو أعظم منها.


¦ومِنْ مَفاسِد البِدَع: أنَّها تستلزمُ القدحَ في الرَّسول صلى الله عليه وسلم، وأنَّه لم يُبلِّغ ما أرسل به، أو كان جاهلاً به.
ووجهُ ذلك:
أنَّنا إذا بحثنا في القرآن والسنة لم نجد هذه البدعة؛ فإما أنْ يكون الرَّسول عليه الصلاة والسلام غيرُ عالمٍ بها، وهذا قدحٌ فيه عليه الصلاة والسلام.
وإمَّا أن يكون عالمًا؛ لكن لم يُبلِّغها للنَّاس! وهذا قدحٌ فيه أيضًا، في أنَّه لم يُبلِّغ مَا أُرسِلَ إليه.



¦ومِنْ مَفاسِد البِدَع: أنَّها تنافي قولَ الله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا﴾ [4]؛ لأنَّ مقتضى المبتدع: أنَّ الدين لم يَكْمُل؛ لأنَّنا لا نجد هذه البدعة في دين الله، وإذا كانت من دين الله على زعم هذا المبتدع، وهي لم توجد فيه فإن الدين على زعمه لم يَكْمُل، وهذه مصادمة عظيمة، لقول الله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾[5] .


¦ومِنْ مَفاسِد البِدَع: أنَّ مُبتدِعها نَزَّل نفسه منزلة الرَّسول؛ لأنَّه لا أحد يُشرِّع للخلقِ ما يُقرِّب إلى الله -تعالى- إلا مَن أرسله الله -عزَّ وجلَّ-، ولا نبيّ بعد محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
فهذا الذي ابتدع كأنَّه بلسان الحال يقول: إنَّه يُشَرِّع للنَّاس ما يُقرِّب إلى الله، وهذه تعني أنَّه مشاركٌ للرسول صلى الله عليه وسلم في الرِّسالة.



¦ومِنْ مَفاسِد البِدَع: أنَّها قولٌ على الله بلا علم، وهذا محرمٌ بإجماعِ المسلمين، قال الله -تبارك وتعالى-: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [6].
ولها مفاسد أخرى لو تأملها الإنسان لوجدها تزيد على هذا بكثير؛ لكنَّا نقتصر على ذلك.


لقاء الباب المفتوح (131/5)

———————————-

[1] رواه أحمد، وأبو داود، وصححه الألباني.
[2][الشورى:21].

[3][النساء:48].

[4][المائدة:3].

[5][المائدة:3] .

[6][الأعراف: 33].

للاستماع
هنا


فاذا تبين لك ذلك
يجب ان تتنبه الى امر اخر و هو


السؤال: هل يجوز أكل طعام أهل البدعة؟ علماً بأنهم يصنعون هذا الطعام لهذه البدعة، كصنع الطعام للمولد النبوي؟

الجواب الواجب تنبيههم على أن يبتعدوا عن البدع، ويتركوا الأمور المحرمة، وعلى الإنسان أن لا يأكل من الطعام الذي صنع لأمور مبتدعة ولأمور محرمة

للعلامة عبد المحسن العباد حفظه الله
حمل من هنا
.

اذن، اخواني اخواتي، من قام والديه او احد اقاربه او اصدقاءه بدعوته الى العشاء بمناسبة المولد، فلا يجوز له ان يقبل الدعوة و لا يجوز له ان يأكل
و يا ايها الطلبة و يا ايتها الطالبات الذين هم في الاقامات الجامعية، فهم كعادتهم يصنعون عشاء من اجل المولد، فلا يجوز الاكل منه

و السلام عليكم و رحمة الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم أخي الفاضل على النقل والنّصح القيّم

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
و فيكم بارك الله

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته….
ماشآء الله كــــلام قيم …..
بارك الله فيك على النقل ….
وجزى الله شيخنا ابن عثيمين خيرا ….نسأل الله ان يرحمه ويسكنه الجنة ….آمين

و فيكم بارك الله اختي الكريمة

جزاك الله خيرا

(…أما من أراد الحق ؛ فإن الحق سهل قريب ، لا يحتاج إلى مجادلات كبيرة ؛ لأنه واضح ..)

مقتبس من كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

لا تقل من أين أبدأ … طاعة الله بداية
لا تقل أين طريقى … شرع الله الهداية
لا تقل أين نعيمى … جنة الله كفاية
لا تقل غداً سأبدأ .. ربما تأتى النهاية

بارك الله فيك اخي الكريم………..وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء

بارك الله فيك وجزاك خير الجزاء

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
و فيكم بارك الله جميعا اخواني اخواتي، على مشاركاتكم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرالجزاء
وجعله في ميزان حسناتك
( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله )

السلام عليكم

بارك الله فيك على النصيحة

لو كان حبك صادقاً لأطعته *** إن المحب لمن يحب مطيع


اذن محبتنا تقتضي ان نقتدي بما امربه رسول الله صلى الله عليه وسلم ونتبع سنته ونبتعد عن الشبهات والبدع

ومن كثر سواد قوم فهو منهم
رحم الله شيخنا ابن عثيمين وأسكنه فسيح جناته وحفظ الله شيخنا العباد ونفع بعلمهما
جزاكم الله خيرا أخي أبو بكر

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة boub2017 الجيريا
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اخواني اخواتي، كم كثرت المواضيع التي تتكلم عن بدعة الاحتفال بالمولد، و الكلام عليها، و الناس هنا، يقولون نعم، لقد فهمنا، لا داعي للتكرار، و لكن نكرر و نكرر كلام اهل العلم، و سوف نرى اناس كالعادة، كأنهم لم يسمعوا قط ما يقوله اهل العلم،و يحتفلون و يخالفون و يحدثون في الدين ما ليس منه

نعم هي كثرت مواضيع التحذير من بدعة الإحتفال…
هل تعلم ؟؟؟
5 مواضيع فقط على الصفحة الأولى من القسم الإسلامي..
وإني لأعجب من أمر من يثور لهذه البدعة …تتساءل لماذا ؟؟؟
سأجيبك….
أنتم وقعتم بالضبط فيم تحذرون الناس منه …كيف ذلك ؟؟؟؟
سأجيبك…
الناس تتذكر الحبيب المصطفى مرة في العام فتحيي يوم مولده…وأنتم..تدقون طبول الحرب على بدعة تمارس مرة في العام فقط…فأين هذه الثورة على البدعة باقي أيام العام..أم هو جديد فاجأكم..؟؟؟
هذه من ناحية ..أما من ناحية أخرى..فكأن حالكم حال..من آلمه طول ظفر في أصبع رجله اليسرى فيُسمع صراخا وعويلا ..مناديا ويلا وثبورا وعظائم أمور…
ولايقيم وزنا لكسر عظم ذراعه اليسرى…
يارجل
..أين تحذيركم من مصيبة بيع الخمور جهارا نهارا وشربها والترنح بين المارة لسكرتها ؟؟؟
أين تحذيركم من حرمة عري النساء في الشوارع ؟؟
أين مواضيعكم من آفة الرشوة التي صارت ومع الوقت ألفها الناس فتحول أمرها الى مباح المباحات..؟؟؟
أين تحذيركم ..من الربا الذي خالط بيوعاتنا وشراءنا ومعاملاتنا..؟؟؟
أين وأين وأين…..
يعني هي البدعة فقط مارأيتموه خطرا على الأمة فتثيرون منع أكل طعام عُدّ أكله بمناسبة المولد..
هل بلع خطره أو تجاوز حد المحرم ؟؟؟؟؟
أعلم وأنا على يقين أنه ستنهمر التعليقات مبررة وواجدة مخرجا لما يُطرح….فلتعلقوا ما شئتم..
من الغرابيل تحجبون بها عين الشمس لاحول ولاقوة الا بالله…
ــــــــــــــــ

استدراك…
رحم الله الشيخ الفاضل ابن عثيمين..وجزاه خيرا في آخرته لما أنعم به على أمة الإسلام من فضل علمه…

أستاذي الحبيب عمر .
أمة الإسلام مأمورة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإذا مافعلت فهي مهددة بالعقاب من الله عز وجل
قال تعالى // كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله// آل عمران
الرشوة والزنا والتبرج كلها معاصي وجب التحذير منها وهذا لا يتناقض مع التحذير من البدع الأخرى المنكرة مثل بدعة إحياء المولد النبوي ولعل كثرة التحذير منها في هذا الوقت بالذات هو بسبب قرب تاريخها فقط وإلا فالتحذير يكون طوال العام وإذا قرب تاريخ مناسبة معينة يحتاج المسلمون إلى التذكير بها أكثر .
مثلا الآن مافيه دروس للعلماء خاصة بشهر رمضان ولكن إذا قرب دخول الشهر تجد العلماء يتكلمون عن شهر مضان ويشرحون للناس آداب الصيام وواجباته ومبطلاته إلى غير ذلك مما يتعلق بهذه الشعيرة وأيضا موسم الحج وغيره من المواسم لأن القلوب تحتاج دائما إلى الذكرى والذكرى تنفع المؤمنين
ثم الاحتفال بالمولد بدعة والبدعة أعظم خطرا من المعصية لان مرتكب البدعة يعتقد أنه على هدى لان هذا من الشبه فالواجب التحذير منها دائما كما وجب التحذير من بقية المعاصي والكبائر مثل الخمور والكذب والسرقة والزنا وغيرها.

تفسير سورة الفاتحة – الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة الفاتحة

سورة الفاتحة سمِّيت بذلك؛ لأنه افتتح بها القرآن الكريم؛ وقد قيل: إنها أول سورة نزلت كاملة..
هذه السورة قال العلماء: إنها تشتمل على مجمل معاني القرآن في التوحيد، والأحكام، والجزاء، وطرق بني آدم، وغير ذلك؛ ولذلك سمِّيت "أم القرآن"(47)؛ والمرجع للشيء يسمى "أُمّاً"..
وهذه السورة لها مميزات تتميّز بها عن غيرها؛ منها أنها ركن في الصلوات التي هي أفضل أركان الإسلام بعد الشهادتين: فلا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب؛ ومنها أنها رقية: إذا قرئ بها على المريض شُفي بإذن الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ( قال للذي قرأ على اللديغ، فبرئ: "وما يدريك أنها رقية"(48) ..
وقد ابتدع بعض الناس اليوم في هذه السورة بدعة، فصاروا يختمون بها الدعاء، ويبتدئون بها الخُطب ويقرؤونها عند بعض المناسبات .، وهذا غلط: تجده مثلاً إذا دعا، ثم دعا قال لمن حوله: "الفاتحة"، يعني اقرؤوا الفاتحة؛ وبعض الناس يبتدئ بها في خطبه، أو في أحواله . وهذا أيضاً غلط؛ لأن العبادات مبناها على التوقيف، والاتِّباع..


القرآن

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم)

التفسير:
قوله تعالى: { بسم الله الرحمن الرحيم }: الجار والمجرور متعلق بمحذوف؛ وهذا المحذوف يقَدَّر فعلاً متأخراً مناسباً؛ فإذا قلت: "باسم الله" وأنت تريد أن تأكل؛ تقدر الفعل: "باسم الله آكل"..
قلنا: إنه يجب أن يكون متعلقاً بمحذوف؛ لأن الجار والمجرور معمولان؛ ولا بد لكل معمول من عامل..
وقدرناه متأخراً لفائدتين:
الفائدة الأولى: التبرك بتقديم اسم الله عزّ وجل.
والفائدة الثانية: الحصر؛ لأن تأخير العامل يفيد الحصر، كأنك تقول: لا آكل باسم أحد متبركاً به، ومستعيناً به، إلا باسم الله عزّ وجلّ.
وقدرناه فعلاً؛ لأن الأصل في العمل الأفعال . وهذه يعرفها أهل النحو؛ ولهذا لا تعمل الأسماء إلا بشروط
وقدرناه مناسباً؛ لأنه أدلّ على المقصود؛ ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم : "من لم يذبح فليذبح باسم الله"(49) . أو قال صلى الله عليه وسلم "على اسم الله"(50) : فخص الفعل..
و{ الله }: اسم الله رب العالمين لا يسمى به غيره؛ وهو أصل الأسماء؛ ولهذا تأتي الأسماء تابعة له..
و{ الرحمن } أي ذو الرحمة الواسعة؛ ولهذا جاء على وزن "فَعْلان" الذي يدل على السعة..
و{ الرحيم } أي الموصل للرحمة من يشاء من عباده؛ ولهذا جاءت على وزن "فعيل" الدال على وقوع الفعل.
فهنا رحمة هي صفته . هذه دل عليها { الرحمن }؛ ورحمة هي فعله . أي إيصال الرحمة إلى المرحوم . دلّ عليها { الرحيم }..
و{ الرحمن الرحيم }: اسمان من أسماء الله يدلان على الذات، وعلى صفة الرحمة، وعلى الأثر: أي الحكم الذي تقتضيه هذه الصفة..
والرحمة التي أثبتها الله لنفسه رحمة حقيقية دلّ عليها السمع، والعقل؛ أما السمع فهو ما جاء في الكتاب، والسنّة من إثبات الرحمة لله . وهو كثير جداً؛ وأما العقل: فكل ما حصل من نعمة، أو اندفع من نقمة فهو من آثار رحمة الله..
هذا وقد أنكر قوم وصف الله تعالى بالرحمة الحقيقية، وحرّفوها إلى الإنعام، أو إرادة الإنعام، زعماً منهم أن العقل يحيل وصف الله بذلك؛ قالوا: "لأن الرحمة انعطاف، ولين، وخضوع، ورقة؛ وهذا لا يليق بالله عزّ وجلّ"؛ والرد عليهم من وجهين:.
الوجه الأول: منع أن يكون في الرحمة خضوع، وانكسار، ورقة؛ لأننا نجد من الملوك الأقوياء رحمة دون أن يكون منهم خضوع، ورقة، وانكسار..
الوجه الثاني: أنه لو كان هذا من لوازم الرحمة، ومقتضياتها فإنما هي رحمة المخلوق؛ أما رحمة الخالق سبحانه وتعالى فهي تليق بعظمته، وجلاله، وسلطانه؛ ولا تقتضي نقصاً بوجه من الوجوه..
ثم نقول: إن العقل يدل على ثبوت الرحمة الحقيقية لله عزّ وجلّ، فإن ما نشاهده في المخلوقات من الرحمة بَيْنها يدل على رحمة الله عزّ وجلّ؛ ولأن الرحمة كمال؛ والله أحق بالكمال؛ ثم إن ما نشاهده من الرحمة التي يختص الله بها . كإنزال المطر، وإزالة الجدب، وما أشبه ذلك . يدل على رحمة الله..
والعجب أن منكري وصف الله بالرحمة الحقيقية بحجة أن العقل لا يدل عليها، أو أنه يحيلها، قد أثبتوا لله إرادة حقيقية بحجة عقلية أخفى من الحجة العقلية على رحمة الله، حيث قالوا: إن تخصيص بعض المخلوقات بما تتميز به يدل عقلاً على الإرادة؛ ولا شك أن هذا صحيح؛ ولكنه بالنسبة لدلالة آثار الرحمة عليها أخفى بكثير؛ لأنه لا يتفطن له إلا أهل النباهة؛ وأما آثار الرحمة فيعرفه حتى العوام، فإنك لو سألت عامياً صباح ليلة المطر: "بِمَ مطرنا؟"، لقال: "بفضل الله، ورحمته"..

مسألة:

هل البسملة آية من الفاتحة؛ أو لا؟
في هذا خلاف بين العلماء؛ فمنهم من يقول: إنها آية من الفاتحة، ويقرأ بها جهراً في الصلاة الجهرية، ويرى أنها لا تصح إلا بقراءة البسملة؛ لأنها من الفاتحة؛ ومنهم من يقول: إنها ليست من الفاتحة؛ ولكنها آية مستقلة من كتاب الله؛ وهذا القول هو الحق؛ ودليل هذا: النص، وسياق السورة..
أما النص: فقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين: إذا قال: { الحمد لله رب العالمين } قال الله تعالى: حمدني عبدي؛ وإذا قال: { الرحمن الرحيم } قال الله تعالى: أثنى عليَّ عبدي؛ وإذا قال: { مالك يوم الدين } قال الله تعالى: مجّدني عبدي؛ وإذا قال: { إياك نعبد وإياك نستعين } قال الله تعالى: هذا بيني وبين عبدي نصفين؛ وإذا قال: { اهدنا الصراط المستقيم }… إلخ، قال الله تعالى: هذا لعبدي؛ ولعبدي ما سأل"(51) ؛ وهذا كالنص على أن البسملة ليست من الفاتحة؛ وفي الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "صلَّيت خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر؛ فكانوا لا يذكرون { بسم الله الرحمن الرحيم } في أول قراءة، ولا في آخرها"(52) : والمراد لا يجهرون؛ والتمييز بينها وبين الفاتحة في الجهر وعدمه يدل على أنها ليست منها..
أما من جهة السياق من حيث المعنى: فالفاتحة سبع آيات بالاتفاق؛ وإذا أردت أن توزع سبع الآيات على موضوع السورة وجدت أن نصفها هو قوله تعالى: { إياك نعبد وإياك نستعين } وهي الآية التي قال الله فيها: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين"؛ لأن { الحمد لله رب العالمين }: واحدة؛ { الرحمن الرحيم }: الثانية؛ { مالك يوم الدين }: الثالثة؛ وكلها حق لله عزّ وجلّ { إياك نعبد وإياك نستعين }: الرابعة . يعني الوسَط؛ وهي قسمان: قسم منها حق لله؛ وقسم حق للعبد؛ { اهدنا الصراط المستقيم } للعبد؛ { صراط الذين أنعمت عليهم } للعبد؛ { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } للعبد..
فتكون ثلاث آيات لله عزّ وجل وهي الثلاث الأولى؛ وثلاث آيات للعبد . وهي الثلاث الأخيرة؛ وواحدة بين العبد وربِّه . وهي الرابعة الوسطى..
ثم من جهة السياق من حيث اللفظ، فإذا قلنا: إن البسملة آية من الفاتحة لزم أن تكون الآية السابعة طويلة على قدر آيتين؛ ومن المعلوم أن تقارب الآية في الطول والقصر هو الأصل..
فالصواب الذي لا شك فيه أن البسملة ليست من الفاتحة . كما أن البسملة ليست من بقية السور..


القرآن

( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

التفسير:.
قوله تعالى: { الحمد لله رب العالمين }: { الحمد } وصف المحمود بالكمال مع المحبة، والتعظيم؛ الكمال الذاتي، والوصفي، والفعلي؛ فهو كامل في ذاته، وصفاته، وأفعاله؛ ولا بد من قيد وهو "المحبة، والتعظيم" ؛ قال أهل العلم: "لأن مجرد وصفه بالكمال بدون محبة، ولا تعظيم: لا يسمى حمداً؛ وإنما يسمى مدحاً"؛ ولهذا يقع من إنسان لا يحب الممدوح؛ لكنه يريد أن ينال منه شيئاً؛ تجد بعض الشعراء يقف أمام الأمراء، ثم يأتي لهم بأوصاف عظيمة لا محبة فيهم؛ ولكن محبة في المال الذي يعطونه، أو خوفاً منهم؛ ولكن حمدنا لربنا عزّ وجلّ حمدَ محبةٍ، وتعظيمٍ؛ فلذلك صار لا بد من القيد في الحمد أنه وصف المحمود بالكمال مع المحبة، والتعظيم؛ و "أل" في { الحمد } للاستغراق: أي استغراق جميع المحامد..
وقوله تعالى: { لله }: اللام للاختصاص، والاستحقاق؛ و "الله" اسم ربنا عزّ وجلّ؛ لا يسمى به غيره؛ ومعناه: المألوه . أي المعبود حباً، وتعظيماً..
وقوله تعالى: { رب العالمين }؛ "الرب" : هو من اجتمع فيه ثلاثة أوصاف: الخلق، والملك، والتدبير؛ فهو الخالق المالك لكل شيء المدبر لجميع الأمور؛ و{ العالمين }: قال العلماء: كل ما سوى الله فهو من العالَم؛ وُصفوا بذلك؛ لأنهم عَلَم على خالقهم سبحانه وتعالى؛ ففي كل شيء من المخلوقات آية تدل على الخالق: على قدرته، وحكمته، ورحمته، وعزته، وغير ذلك من معاني ربوبيته..
الفوائد:
.1 من فوائد الآية: إثبات الحمد الكامل لله عزّ وجلّ، وذلك من "أل" في قوله تعالى: { الحمد }؛ لأنها دالة على الاستغراق..
.2 ومنها: أن الله تعالى مستحق مختص بالحمد الكامل من جميع الوجوه؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أصابه ما يسره قال: "الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات" ؛ وإذا أصابه خلاف ذلك قال: "الحمد لله على كل حال"[53] ..
.3 ومنها: تقديم وصف الله بالألوهية على وصفه بالربوبية؛ وهذا إما لأن "الله" هو الاسم العَلَم الخاص به، والذي تتبعه جميع الأسماء؛ وإما لأن الذين جاءتهم الرسل ينكرون الألوهية فقط..
.4 ومنها: عموم ربوبية الله تعالى لجميع العالم؛ لقوله تعالى: (العالمين.. )

القرآن

(الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)

التفسير:.
قوله تعالى: { الرحمن الرحيم }: { الرحمن } صفة للفظ الجلالة؛ و{ الرحيم } صفة أخرى؛ و{ الرحمن } هو ذو الرحمة الواسعة؛ و{ الرحيم } هو ذو الرحمة الواصلة؛ فـ{ الرحمن } وصفه؛ و{ الرحيم } فعله؛ ولو أنه جيء بـ "الرحمن" وحده، أو بـ "الرحيم" وحده لشمل الوصف، والفعل؛ لكن إذا اقترنا فُسِّر { الرحمن } بالوصف؛ و{ الرحيم } بالفعل..

الفوائد:
.1 من فوائد الآية: إثبات هذين الاسمين الكريمين . { الرحمن الرحيم } لله عزّ وجلّ؛ وإثبات ما تضمناه من الرحمة التي هي الوصف، ومن الرحمة التي هي الفعل..
.2 ومنها: أن ربوبية الله عزّ وجلّ مبنية على الرحمة الواسعة للخلق الواصلة؛ لأنه تعالى لما قال: { رب العالمين } كأن سائلاً يسأل: "ما نوع هذه الربوبية؟ هل هي ربوبية أخذ، وانتقام؛ أو ربوبية رحمة، وإنعام؟" قال تعالى: { الرحمن الرحيم }..

القـرآن

(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)

التفسير:
قوله تعالى: { مالك يوم الدين } صفة لـ{ الله }؛ و{ يوم الدين } هو يوم القيامة؛ و{ الدين } هنا بمعنى الجزاء؛ يعني أنه سبحانه وتعالى مالك لذلك اليوم الذي يجازى فيه الخلائق؛ فلا مالك غيره في ذلك اليوم؛ و "الدين" تارة يراد به الجزاء، كما في هذه الآية؛ وتارة يراد به العمل، كما في قوله تعالى: {لكم دينكم ولي دين} [الكافرون: 6] ، ويقال: "كما تدين تدان"، أي كما تعمل تُجازى..
وفي قوله تعالى: { مالك } قراءة سبعية: { مَلِك}، و "الملك" أخص من "المالك"..
وفي الجمع بين القراءتين فائدة عظيمة؛ وهي أن ملكه جلّ وعلا ملك حقيقي؛ لأن مِن الخلق مَن يكون ملكاً، ولكن ليس بمالك: يسمى ملكاً اسماً وليس له من التدبير شيء؛ ومِن الناس مَن يكون مالكاً، ولا يكون ملكاً: كعامة الناس؛ ولكن الرب عزّ وجلّ مالكٌ ملِك..
الفوائد:
.1 من فوائد الآية: إثبات ملك الله عزّ وجلّ، وملكوته يوم الدين؛ لأن في ذلك اليوم تتلاشى جميع الملكيات، والملوك..
فإن قال قائل: أليس مالك يوم الدين، والدنيا؟
فالجواب: بلى؛ لكن ظهور ملكوته، وملكه، وسلطانه، إنما يكون في ذلك اليوم؛ لأن الله تعالى ينادي: {لمن الملك اليوم} [غافر: 16] فلا يجيب أحد؛ فيقول تعالى: {لله الواحد القهار} [غافر: 16] ؛ في الدنيا يظهر ملوك؛ بل يظهر ملوك يعتقد شعوبهم أنه لا مالك إلا هم؛ فالشيوعيون مثلاً لا يرون أن هناك رباً للسموات، والأرض؛ يرون أن الحياة: أرحام تدفع، وأرض تبلع؛ وأن ربهم هو رئيسهم..
.2 ومن فوائد الآية: إثبات البعث، والجزاء؛ لقوله تعالى: ( مالك يوم الدين )
.3 ومنها: حث الإنسان على أن يعمل لذلك اليوم الذي يُدان فيه العاملون..

القـرآن

( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)

التفسير:
قوله تعالى: { إياك نعبد }؛ { إياك }: مفعول به مقدم؛ وعامله: { نعبد }؛ وقُدِّم على عامله لإفادة الحصر؛ فمعناه: لا نعبد إلا إياك؛ وكان منفصلاً لتعذر الوصل حينئذ؛ و{ نعبد } أي نتذلل لك أكمل ذلّ؛ ولهذا تجد المؤمنين يضعون أشرف ما في أجسامهم في موطئ الأقدام ذلاً لله عزّ وجلّ: يسجد على التراب؛ تمتلئ جبهته من التراب . كل هذا ذلاً لله؛ ولو أن إنساناً قال: "أنا أعطيك الدنيا كلها واسجد لي" ما وافق المؤمن أبداً؛ لأن هذا الذل لله عزّ وجلّ وحده..
و "العبادة" تتضمن فعل كل ما أمر الله به، وترك كل ما نهى الله عنه؛ لأن من لم يكن كذلك فليس بعابد: لو لم يفعل المأمور به لم يكن عابداً حقاً؛ ولو لم يترك المنهي عنه لم يكن عابداً حقاً؛ العبد: هو الذي يوافق المعبود في مراده الشرعي؛ فـ "العبادة" تستلزم أن يقوم الإنسان بكل ما أُمر به، وأن يترك كل ما نُهي عنه؛ ولا يمكن أن يكون قيامه هذا بغير معونة الله؛ ولهذا قال تعالى: { وإياك نستعين } أي لا نستعين إلا إياك على العبادة، وغيرها؛ و "الاستعانة" طلب العون؛ والله سبحانه وتعالى يجمع بين العبادة، والاستعانة، أو التوكل في مواطن عدة في القرآن الكريم؛ لأنه لا قيام بالعبادة على الوجه الأكمل إلا بمعونة الله، والتفويض إليه، والتوكل عليه..
الفوائد:
.1 من فوائد الآية: إخلاص العبادة لله؛ لقوله تعالى: { إياك نعبد }؛ وجه الإخلاص: تقديم المعمول..
.2 ومنها: إخلاص الاستعانة بالله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: { وإياك نستعين }، حيث قدم المفعول..
فإن قال قائل: كيف يقال: إخلاص الاستعانة لله وقد جاء في قوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} [المائدة: 2] إثبات المعونة من غير الله عزّ وجلّ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تعين الرجل في دابته، فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة"؟(54) ..
فالجواب: أن الاستعانة نوعان: استعانة تفويض؛ بمعنى أنك تعتمد على الله عزّ وجلّ، وتتبرأ من حولك، وقوتك؛ وهذا خاص بالله عزّ وجلّ؛ واستعانة بمعنى المشاركة فيما تريد أن تقوم به: فهذه جائزة إذا كان المستعان به حياً قادراً على الإعانة؛ لأنه ليس عبادة؛ ولهذا قال الله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} [المائدة: 2 ].
فإن قال قائل: وهل الاستعانة بالمخلوق جائزة في جميع الأحوال؟
فالجواب: لا؛ الاستعانة بالمخلوق إنما تجوز حيث كان المستعان به قادراً عليها؛ وأما إذا لم يكن قادراً فإنه لا يجوز أن تستعين به: كما لو استعان بصاحب قبر فهذا حرام؛ بل شرك أكبر؛ لأن صاحب القبر لا يغني عن نفسه شيئاً؛ فكيف يعينه!!! وكما لو استعان بغائب في أمر لا يقدر عليه، مثل أن يعتقد أن الوليّ الذي في شرق الدنيا يعينه على مهمته في بلده: فهذا أيضاً شرك أكبر؛ لأنه لا يقدر أن يعينه وهو هناك..
فإن قال قائل: هل يجوز أن يستعين المخلوقَ فيما تجوز استعانته به؟
فالجواب: الأولى أن لا يستعين بأحد إلا عند الحاجة، أو إذا علم أن صاحبه يُسَر بذلك، فيستعين به من أجل إدخال السرور عليه؛ وينبغي لمن طلبت منه الإعانة على غير الإثم والعدوان أن يستجيب لذلك..

القـرآن

(اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)

التفسير:
قوله تعالى: { اهدنا الصراط المستقيم }: { الصراط } فيه قراءتان: بالسين: {السراط} ، وبالصاد الخالصة: { الصراط }؛ والمراد بـ{ الصراط } الطريق؛ والمراد بـ "الهداية" هداية الإرشاد، وهداية التوفيق؛ فأنت بقولك: { اهدنا الصراط المستقيم } تسأل الله تعالى علماً نافعاً، وعملاً صالحاً؛ و{ المستقيم } أي الذي لا اعوجاج فيه..
الفوائد:
.1 من فوائد الآية: لجوء الإنسان إلى الله عزّ وجلّ بعد استعانته به على العبادة أن يهديه الصراط المستقيم؛ لأنه لا بد في العبادة من إخلاص؛ يدل عليه قوله تعالى: { إياك نعبد }؛ ومن استعانة يتقوى بها على العبادة؛ يدل عليه قوله تعالى: { وإياك نستعين }؛ ومن اتباع للشريعة؛ يدل عليه قوله تعالى: { اهدنا الصراط المستقيم }؛ لأن { الصراط المستقيم } هو الشريعة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم.
.2 ومن فوائد الآية: بلاغة القرآن، حيث حذف حرف الجر من { اهدنا }؛ والفائدة من ذلك: لأجل أن تتضمن طلب الهداية: التي هي هداية العلم، وهداية التوفيق؛ لأن الهداية تنقسم إلى قسمين: هداية علم، وإرشاد؛ وهداية توفيق، وعمل؛ فالأولى ليس فيها إلا مجرد الدلالة؛ والله عزّ وجلّ قد هدى بهذا المعنى جميع الناس، كما في قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدًى للناس} [البقرة: 185] ؛ والثانية فيها التوفيق للهدى، واتباع الشريعة، كما في قوله تعالى: {ذلك الكتاب لا ريب فيه هدًى للمتقين} [البقرة: 2] وهذه قد يحرمها بعض الناس، كما قال تعالى: {وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى} [فصلت: 17] : {فهديناهم} أي بيّنّا لهم الحق، ودَلَلْناهم عليه؛ ولكنهم لم يوفقوا..
.3 ومن فوائد الآية: أن الصراط ينقسم إلى قسمين: مستقيم، ومعوج؛ فما كان موافقاً للحق فهو مستقيم، كما قال الله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه} [الأنعام: 153] ؛ وما كان مخالفاً له فهو معوج..

القرآن

( صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ)

التفسير:.
قوله تعالى: { صراط الذين أنعمت عليهم } عطف بيان لقوله تعالى: { الصراط المستقيم }؛ والذين أنعم الله عليهم هم المذكورون في قوله تعالى: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً} (النساء: 69).
قوله تعالى: { غير المغضوب عليهم }: هم اليهود، وكل من علم بالحق ولم يعمل به..
قوله تعالى: { ولا الضالين }: هم النصارى قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وكل من عمل بغير الحق جاهلاً به..
وفي قوله تعالى: { عليهم } قراءتان سبعيتان: إحداهما ضم الهاء؛ والثانية كسرها؛ واعلم أن القراءة التي ليست في المصحف الذي بين أيدي الناس لا تنبغي القراءة بها عند العامة لوجوه ثلاثة:.
الوجه الأول: أن العامة إذا رأوا هذا القرآن العظيم الذي قد ملأ قلوبهم تعظيمه، واحترامه إذا رأوه مرةً كذا، ومرة كذا تنزل منزلته عندهم؛ لأنهم عوام لا يُفرقون..
الوجه الثاني: أن القارئ يتهم بأنه لا يعرف؛ لأنه قرأ عند العامة بما لا يعرفونه؛ فيبقى هذا القارئ حديث العوام في مجالسهم..
الوجه الثالث: أنه إذا أحسن العامي الظن بهذا القارئ، وأن عنده علماً بما قرأ، فذهب يقلده، فربما يخطئ، ثم يقرأ القرآن لا على قراءة المصحف، ولا على قراءة التالي الذي قرأها . وهذه مفسدة..
ولهذا قال عليّ: "حدِّثوا الناس بما يعرفون؛ أتحبون أن يُكذب الله، ورسوله"(55) ، وقال ابن مسعود: "إنك لا تحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة"(56) ؛ وعمر بن الخطاب لما سمع هشام بن الحكم يقرأ آية لم يسمعها عمر على الوجه الذي قرأها هشام خاصمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لهشام: "اقرأ" ، فلما قرأ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "هكذا أنزلت" ، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: "اقرأ" ، فلما قرأ قال النبي صلى الله عليه وسلم "هكذا أنزلت"(57) ؛ لأن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فكان الناس يقرؤون بها حتى جمعها عثمان رضي الله عنه على حرف واحد حين تنازع الناس في هذه الأحرف، فخاف رضي الله عنه أن يشتد الخلاف، فجمعها في حرف واحد . وهو حرف قريش؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم الذي نزل عليه القرآن بُعث منهم؛ ونُسيَت الأحرف الأخرى؛ فإذا كان عمر رضي الله عنه فعل ما فعل بصحابي، فما بالك بعامي يسمعك تقرأ غير قراءة المصحف المعروف عنده! والحمد لله: ما دام العلماء متفقين على أنه لا يجب أن يقرأ الإنسان بكل قراءة، وأنه لو اقتصر على واحدة من القراءات فلا بأس؛ فدع الفتنة، وأسبابها..
الفوائد:
.1 من فوائد الآيتين: ذكر التفصيل بعد الإجمال؛ لقوله تعالى: { اهدنا الصراط المستقيم }: وهذا مجمل؛ (صراط الذين أنعمت عليهم ): وهذا مفصل؛ لأن الإجمال، ثم التفصيل فيه فائدة: فإن النفس إذا جاء المجمل تترقب، وتتشوف للتفصيل، والبيان؛ فإذا جاء التفصيل ورد على نفس مستعدة لقبوله متشوفة إليه؛ ثم فيه فائدة ثانية هنا: وهو بيان أن الذين أنعم الله عليهم على الصراط المستقيم..
.2 ومنها: إسناد النعمة إلى الله تعالى وحده في هداية الذين أنعم عليهم؛ لأنها فضل محض من الله..
.3 ومنها: انقسام الناس إلى ثلاثة أقسام: قسم أنعم الله عليهم؛ وقسم مغضوب عليهم؛ وقسم ضالون؛ وقد سبق بيان هذه الأقسام..
وأسباب الخروج عن الصراط المستقيم: إما الجهل؛ أو العناد؛ والذين سببُ خروجهم العناد هم المغضوب عليهم . وعلى رأسهم اليهود؛ والآخرون الذين سبب خروجهم الجهل كل من لا يعلم الحق . وعلى رأسهم النصارى؛ وهذا بالنسبة لحالهم قبل البعثة . أعني النصارى؛ أما بعد البعثة فقد علموا الحق، وخالفوه؛ فصاروا هم، واليهود سواءً . كلهم مغضوب عليهم..
.4 ومن فوائد الآيتين: بلاغة القرآن، حيث جاء التعبير عن المغضوب عليهم باسم المفعول الدال على أن الغضب عليهم حاصل من الله تعالى، ومن أوليائه..
.5 ومنها: أنه يقدم الأشد، فالأشد؛ لأنه تعالى قدم المغضوب عليهم على الضالين؛ لأنهم أشد مخالفة للحق من الضالين؛ فإن المخالف عن علم يصعب رجوعه . بخلاف المخالف عن جهل..
وعلى كل حال السورة هذه عظيمة؛ ولا يمكن لا لي، ولا لغيري أن يحيط بمعانيها العظيمة؛ لكن هذا قطرة من بحر؛ ومن أراد التوسع في ذلك فعليه بكتاب "مدارج السالكين" لابن القيم رحمه الله..

——————–

(47) أخرجه البخاري في صحيحه ص61، كتاب الأذان، باب 104: القراءة في الفجر، حديث رقم 772؛ وأخرجه مسلم في صحيحه ص740 في كتاب الصلاة، باب 11: وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، حديث رقم 878 [38] 395؛ وأخرجه الترمذي في جامعه ص1968، كتاب تفسير القرآن، باب 15: ومن سورة الحجر، حديث رقم 3124، ولفظه: "الحمد لله أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني".
(48) أخرجه البخاري في صحيحه ص177، كتاب الإجارة، باب 16: ما يعطى في الرقية على أحياء العرب بفاتحة الكتاب، حديث رقم 2276؛ وأخرجه مسلم في صحيحه ص1068، كتاب السلام، باب 23: جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار، حديث رقم 5733 [65] 2201.
(49) أخرجه البخاري في صحيحه ص77، كتاب العيدين، باب 23: كلام الإمام والناس في خطبة العيد، حديث رقم 985؛ وأخرجه مسلم في صحيحه ص1027، كتاب الأضاحي، باب 1: وقتها، حديث رقم 5064 [1] 1960.
(50) أخرجه البخاري في صحيحه ص474، كتاب الذبائح والصيد، باب 17: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "فليذبح على اسم الله"، حديث رقم 5500؛ وأخرجه مسلم في صحيحه ص1027، كتاب الأضاحي، باب 1: وقتها، حديث رقم 5064 [2] 1960.
(51) أخرجه مسلم في صحيحه ص740، كتاب الصلاة، باب 11: وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، حديث رقم 878 [38] 395.
(52) أخرجه مسلم في صحيحه ص741، كتاب الصلاة، باب 13، حجة من قال: لا يجهر بالبسملة، حديث رقم 892 [52] 399.
[53] أخرجه ابن ماجه في سننه ص 2703 كتاب الأدب باب 55 فضل الحامدين حديث رقم 2803 وأخرجه الحاكم في المستدرك 1/499 كتاب الدعاء وقال: هذا حديث صحيح الإسناد وأقره الذهبي وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه 2/319 حديث رقم 3066.
(54) أخرجه البخاري ص232، كتاب الجهاد، باب 72: فضل من حمل متاع صاحبه في السفر حديث رقم 2891؛ وأخرجه مسلم ص837، كتاب الزكاة، باب 16: بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، حديث رقم 2335 [56] 1009، واللفظ لمسلم.
(55) أخرجه البخاري ص14، كتاب العلم، باب 49: من خص بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن لا يفهموا، رقم 127.
(56) أخرجه مسلم ص675، مقدمة الكتاب، رقم 14.
(57) أخرجه البخاري ص189، كتاب الخصومات، باب 4: كلام الخصوم بعضهم في بعض، حديث رقم 2419؛ وأخرجه مسلم ص805 – 806، كتاب صلاة المسافرين، كتاب فضائل القرآن وما يتعلق به، باب 48: بيان أن القرآن أنزل على سبعة أحرف وبيان معناها، حديث رقم 1899 [270] 818

– منقول للفائدة من موقع -مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية –

الجيريا

الجيريا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا
وبارك فيكم
الجيريا
الجيريا

بارك الله فيك

بارك الله فيك

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sido milano31 الجيريا
بارك الله فيك
وفيكم بارك الله وجزاكم خيرا
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه
وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه

جزاك الله كل خير

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة tawfi الجيريا
جزاك الله كل خير

بارك الله فيكم
و جزاكم خيرا
جعلنا الله وإياك من المتبعين لهدي و سنة
نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم
اللهم ولا تجعلنا من المبتدعين الظالين

بارك الله فيكم و جزاكم خيرا..
جعلنا الله وإياك من المتبعين لهدي و سنة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.اللهم ولا تجعلنا من المبتدعين الضالين

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة aoufi2017 الجيريا
بارك الله فيكم و جزاكم خيرا..
جعلنا الله وإياك من المتبعين لهدي و سنة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.اللهم ولا تجعلنا من المبتدعين الضالين
الجيريا

الجيريا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا
وبارك فيكم
شكرا لمروركم الطيب
و ردكم العطر
الجيريا
الجيريا

بارك الله فيك

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبومحمد17 الجيريا
بارك الله فيك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم و جزاكم خيرا
شكرا لمروركم

يرفع بإذن الله
للفائدة وللتذكير

الله يفتح عليكم

وفيكم بارك الله وجزاكم خيرا

ربنا يبارك فيك اخى الفاضل على مجهودك الطيب
من الله سبحانه وتعالى عليك من فضائله الواسعة واتم الله عليك ثوابغ النعم واتاك الله من حظوظ الدارين
ارفعها واجلها عاجلا واجلا

منهج لطالب العلم – الشيخ العثيمين 2024.

نصيحة من الشيخ رحمه الله لأحد طلابه حول منهج يسير عليه

بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد الصالح العثيمين إلى الابن…. حفظه الله تعالى.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد فقد سألتني بارك الله فيك أن أضع لك منهجاً تسير عليه في حياتك،
وإني لأسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً لما فيه الهدى والرشاد والصواب والسداد،
وأن يجعلنا هداة مهتدين مصلحي ن….

فأقول:

أولاً: مع الله عز وجل

1- احرص على أن تكون دائماً مع الله عز وجل، مستحضراً عظمته، متفكراً
في آياته الكونية مثل: خلق السماوات والأرض وما أودع فيهما من بالغ حكمته،
وباهر قدرته، وعظيم رحمته ومنته. وآياته الشرعية التي بعث بها رسله
ولا سيما خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم .

2 أن يكون قلبك مملوءا بمحبة الله تعالى لما يغذوك به من النعم ويدفع عنك من النقم
ولا سيما نعمة الإسلام، والاستقامة عليه حتى يكون أحب شيء إليك.

3 أن يكون قلبك مملوءا بتعظيم الله عز وجل، حتى يكون في
نفسك أعظم شيء.
وباجتماع محبة الله تعالى، وتعظيمه في قلبك، تستقيم على طاعته، قائماً بما أمر
به لمحبتك إياه، تاركاً لما نهى عنه لتعظيمك له.

4 أن تكون مخلصاً له جل وعلا في عباداتك متوكلاً عليه في جميع أحوالك
لتحقق بذلك مقام (إياك نعبد وإياك نستعين) .وتستحضر بقلبك أنك إنما تقوم بما أمر
امتثالاً لأمره، وتترك ما نهى عنه امتثالاً لنهيه، فإنك بذلك تجد للعبادة طعماً
لا تدركه مع الغفلة، وتجد في الأمور عوناً منه لا يحصل لك مع الاعتماد على نفسك.

ثانياً: مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم – .

1 أن تقدم محبته على محبة كل مخلوق، وهديه وسنته على كل هدي وسنة.
2 أن تتخذه إماماً لك في عباداتك وأخلاقك بحيث تستحضر عند فعل العبادة أنك
متبع له، وكأنه أمامك تترسم خطاه وتنهج نهجه.
وكذلك في مخالقة الناس أنك متخلق بأخلاقه التي قال الله له عنها

(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ((1) سورة القلم، الآية: 4.) .
ومتى التزمت بهذا فستكون حريصاً غاية الحرص على العلم

بشريعته وأخلاقه.

3 أن تكون داعياً لسنته ناصراً لها مدافعاً عنها فإن الله تعالى سينصرك
بقدر نصرك لشريعته.

ثالثاً: عملك اليومي غير المفروضات

1 إذا قمت من الليل فاذكر الله تعالى وادع الله بما شئت فإن الدعاء في هذا الموطن
حريّ بالإجابة، واقرأ قول الله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) 190آل عمران
( آل عمران وهي عشر آيات) حتى تختم السورة سورة.

2 صل ما كتب لك في آخر الليل، واختم صلاتك بالوتر.
3 حافظ على ما تيسر لك من أذكار الصباح. قل مئة مرة:
" لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير"
4 صل ركعتي الضحى.
5 حافظ على أذكار المساء ما تيسر لك منها.

رابعاً: طريقه طلب العلم.
1 احرص على حفظ كتاب الله تعالى، واجعل لك كل يوم شيئاً معيناً
تحافظ على قراءته، ولتكن قراءتك بتدبر وتفهم. وإذا
بانت لك فائدة أثناء القراءة فقيدها.
ــــــــــ

2 احرص على حفظ ما تيسر من صحيح سنة الرسول صلى الله عليه وسلم
ومن ذلك حفظ عمدة الأحكام.
3 احرص على التركيز والثبات بحيث لا تأخذ العلم نُتَفاً من هذا شيء وهذا شي؛
لأن هذا يضيع وقتك ويشتت ذهنك.
4 ابدأ بصغار الكتب وتأملها جيداً، ثم انتقل إلى ما فوقها، حتى تحصل
على العلم شيئاً فشيئاً على وجه يرسخ في قلبك وتطمئن إليه نفسك.

5 احرص على معرفة أصول المسائل وقواعدها وقيّد كل شيء يمر بك من
هذا القبيل فقد قيل: من حرم الأصول حرم الوصول.
6 ناقش المسائل مع شيخك، أو من تثق به علماً وديناً من أقرانك ولو بأن تقدر
في ذهنك أن أحداً يناقشك فيها إذا لم تمكن المناقشة مع من سمينا.

هذا وأسأل الله تعالى أن يعلمك ما ينفعك، وينفعك بما عملك، ويزيدك
علماً، ويجعلك من عباده الصالحين وحزبه المفلحين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه محمد الصالح العثيمين
في 3 رجب سنة 1412 هـ

منقول

بارك الله فيك و جزاك خيرا .
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه

لا إله إلا الله وحده لا شريك له
بوركت على الموضوع

بارك الله فيكم ..

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة oum salim الجيريا
بارك الله فيك و جزاك خيرا .
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رجل الفضاء الجيريا
لا إله إلا الله وحده لا شريك له
بوركت على الموضوع
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أشجان عابرة الجيريا
بارك الله فيكم ..

بارك الله فيكم و أحسن اليكم

السلام عليكم
بارك الله فيك
و جزاك خيرا

الجيريا

كلمة عن شهر رمضان للشيخ العثيمين رحمه الله 2024.

بسم الله الرحمان الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

قال العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله رحمة واسعة :

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
من محمد الصالح العثيمين إلى من يبلغه من عباد الله المؤمنين، سلك الله بنا وبهم طريق الهداية والصواب آمين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه بمناسبة استقبال شهر رمضان أقدم لإخواني هذه الكلمة راجياً من الله تعالى أن يجعل عملنا جميعاً خالصاً لوجهه، وتابعاً لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، فنقول مستعينين بالله:

1 ـ لا شك أن من نعمة الله على عباده أن منَّ عليهم بهذا الشهر الكريم، الذي جعله موسماً للخيرات، ومغتنماً لاكتساب الأعمال الصالحات، وأنعم عليهم فيه بنعم سابقة، ونعم مستمرة دائمة، ففي هذا الشهر أنزل الله القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.وفي هذا الشهر حصلت غزوة بدر الكبرى التي أعز الله فيها الإسلام وأهله، وخذل فيها الشرك وأهله، وسمي يومها يوم الفرقان.

وفي هذا الشهر حصل الفتح الأعظم الذي طهر الله فيه البيت الحرام من الأوثان، ودخل الناس بعده في دين الله أفواجاً.

وفي هذا الشهر أعطيت أمة محمد صلى الله عليه وسلم خمس خصال لم تعطهن أمة من الأمم قبلهم: خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا، ويزيين الله كل يوم جنته، ثم يقول: يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤونة والأذى ويصيروا إليك، وتصفد فيه مردة الشياطين فلا يخلصون فيه إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره، ويغفر لهم في آخر ليلة، قيل: يا رسول الله أهي ليلة القدر؟ قال: “لا، ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله”.

ومن صام هذا الشهر إيماناً بالله واحتساباً لما عند الله غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه.

2 ـ هذه التراويح التي نصليها من قيام رمضان وفي قيام رمضان إيماناً واحتساباً ما سبق من الأجر، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة”، وهذه نعمة كبرى لا ينبغي للمؤمن أن يتركها، بل ينبغي له أن يثابر عليها، ويحافظ على التراويح مع الإمام من أولها إلى آخرها، وكثير من الناس يضيعون قيامهم مع الإمام بالتجول في المساجد، فيصلون في هذا المسجد تسليمة أو تسليمتين، وفي المسجد الثاني كذلك، فيفوتهم القيام مع الإمام حتى ينصرف، ويحرمون أنفسهم هذا الخير الكثير وهو قيام الليلة، والأولى للإنسان إذا كان يحب أن يتخير من المساجد أن يذهب إلى المسجد الذي يريد من أول الأمر، ويبقى فيه حتى ينصرف الإمام.

3 ـ كثير من إخواننا أئمة المساجد يسرعون في التراويح في الركوع والسجود إسراعاً عظيماً، يخل بالصلاة ويشق على الضعفاء من المأمومين، وربما أسرع بعضهم إسراعاً يخل بالطمأنينة التي هي ركن من أركان الصلاة، ولا صلاة بلا طمأنينة، وإذا لم يخل بالطمأنينة فإنه يخل بمتابعة المأمومين، إذ لا يمكنهم المتابعة التامة مع هذه السرعة، وقد قال أهل العلم رحمهم الله: “إنه يكره للإمام أن يسرع سرعة تمنع المأمومين فعل ما يسن”، فكيف وهي قد تمنعه فعل ما يجب؟!

فنصيحتي لهؤلاء الأئمة أن يتقوا الله تعالى في أنفسهم وفيمن خلفهم من المسلمين، وأن يؤدوا تراويحهم بطمأنينة، وأن يعلموا أنهم في صلاتهم بين يدي مولاهم يتقربون إليه بتلاوة كلامه، وتكبيره وتعظيمه والثناء عليه ودعائه بما يحبون من خيري الدنيا والاۤخرة، وهم على خير إذا زاد الوقت عليهم ربع ساعة أو نحوها، والأمر يسير ولله الحمد.

4 ـ أوجب الله الصيام أداء على كل مسلم مكلف قادر مقيم، فأما الصغير الذي لم يبلغ فإن الصيام لا يجب عليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “رفع القلم عن ثلاثة”، وذكر: “الصبي حتى يبلغ”، ولكن يجب على وليه أن يأمره بالصيام إذا بلغ حدًّا يطيق الصيام فيه، لأن ذلك من تأديبه وتمرينه على فعل أركان الإسلام، ونرى بعض الناس ربما يترك أولاده فلا يأمرهم بصلاة ولا صوم وهذا غلط، فإنه مسؤول عن ذلك بين يدي الله تبارك وتعالى، وهم يزعمون أنهم لا يُصَوِّمون أولادهم شفقة عليهم ورحمة بهم، والحقيقة أن الشفيق على أولاده والراحم لهم هو من يمرنهم على خصال الخير وفعل البر، لا من يترك تأديبهم وتربيتهم تربية نافعة.
وأما المجنون ومن زال عقله بهرم أو نحوه فإنهم لا صيام عليهم ولا إطعام لعدم العقل عندهم.
وأما العاجز عن الصيام فإن كان يرجو زوال عجزه كالمريض الذي يرجو الشفاء، فإنه ينتظر حتى يعافيه الله، ثم يقضي ما فاته، لقوله تعالى: {وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، وأما العاجز الذي لا يرجو زوال عجزه: كالكبير والمريض الاۤيس من البرء، فهذا ليس عليه صيام، وإنما الواجب عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً، وهو بالخيار: إن شاء صنع طعاماً ودعا إليه فقراء بعدد أيام الشهر، وإن شاء أعطى كل فقير خمس صاع من البر.
والمرأة الحائض والنفساء لا تصوم، وتقضي بعد الطهر بعدد الأيام التي أفطرت.
وإذا حصل الحيض أو النفاس في أثناء يوم الصيام بطل الصوم، ووجب عليها قضاء ذلك اليوم الذي حدث فيه الحيض أو النفاس، كما أنه إذا انقطع الدم في أثناء نهار رمضان وجب عليها أن تمسك بقية يومها، ولا تحتسب به، بل تقضي بدله.
والمسافر مخير إن شاء صام وإن شاء أفطر، إلا أن يشق عليه الصيام، فإنه يفطر، ويكره له الصيام، لأن في ذلك رغبة عن رخصة الرحيم الكريم وزهداً فيها، وإن كان الصيام لا يشق عليه ولا يفوت حاجته، فالصوم أفضل لما في الصحيحين من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان في حر شديد، حتى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبدالله بن رواحة.

5ـ المفطرات هي:
1 ـ الأكل والشرب: من أي نوع كان المأكول أو المشروب، وبمعنى الأكل والشرب الحقن، أي الإبر التي يكون فيها تغذية للجسم أو تكسبه ما يكسبه الطعام من القوة، فهذه تفطر، ولا يجوز استعمالها للمريض، إلا حيث يجوز له الفطر، مثل أن يضطر إلى استعمالها نهاراً، فهذا يجوز له استعمالها ويفطر، ويقضي بدل الأيام التي استعملها فيها.
وأما الإبر التي ليست كذلك مثل إبر البنسلين فهذه لا تفطر، لأنها ليست طعاماً ولا شراباً، لا لفظاً ولا معنى لكن على كل حال الأحوط للإنسان تركها في الصيام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “دع ما يريبك إلى ما لا يريبك”.

2 ـ الجماع: وهو من كبائر الذنوب للصائم في نهار رمضان، وفيه الكفارة المغلظة: عتق رقبة، فإن لم يجد رقبة بأن كان ليس له مال، أو له مال ولكن لا يوجد رقيق بوجه شرعي، فإنه يصوم شهرين متتابعين، فإن لم يستطع وجب عليه إطعام ستين مسكيناً (وتقدم كيفية الإطعام).

3 ـ الإنزال: أي إنزال المني بفعل الصائم، مثل أن يقبّل زوجته فيمني فإنه يفسد صومه، وأما إذا كان الإنزال بغير فعله مثل أن يحتلم فينزل: فإن صيامه لا يبطل؛ لأن ذلك بغير اختياره، ويحرم على الصائم أن يباشر مباشرة يخشى من فساد صومه بها، فلا يجوز أن يقبِّل زوجته أو يلمسها مثلاً، إذا كان يظن أن ينزل منيه بسبب ذلك، لأن فيه تعريضاً لصيامه للفساد.

4 ـ الحجامة: فيفطر الحاجم والمحجوم لحديث رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أفطر الحاجم والمحجوم” (رواه الترمذي وأحمد وقال: هو أصح شيء في هذا الباب، وصححه ابن حبان والحاكم)، وروى أحمد وأبو داود وابن ماجه من حديث ثوبان وحديث شداد بن أوس مثله. فأما خروج الدم بالجرح، أو قلع الضرس، أو الرعاف أو نحوه فإنه لا يفطر الصائم.

5 ـ القيء: إذا استقاء فقاء، فأما إن غلبه القيء بغير اختياره فإنه لا يفطر.

ولا يفطر الصائم إن فعل شيئاً من هذه المفطرات جاهلاً أو ناسياً؛ لقول الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَـٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}، وقال: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَـٰنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَـٰفِرِين}، وقال صلى الله عليه وسلم: “إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه”، وقال: “من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه”، وثبت في صحيح البخاري من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: أفطرنا يوماً من رمضان في غيم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم طلعت الشمس ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالقضاء، ومثل ذلك إذا أكل يظن أن الفجر لم يطلع فتبين أنه طالع، فصومه صحيح، ولا قضاء عليه.

ويجوز للصائم أن يتطيب بما شاء من الطيب من بخور أو غيره، ولا يفطر بذلك.

ويجوز للصائم أيضاً أن يداوي عينه بما شاء من قطور أو ذرور، ولا يفطر بذلك، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد التاسع عشر – كتاب الصيام.

و في الختام نسأل الله أن يتقبل منا الصيام و القيام ويغفر لنا و لوالدينا و يدخلنا جنته بغير حساب و لا عذاب و يقينا فتنة المحيا و الممات و فتنة القبر و عذابه و فتنة المسيح الدجال آمين

و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

بارك الله فيكم ورحم العلامة الفقيه الشيخ ابن عثيمين وجمعنا به في جنته

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد جديدي التبسي الجيريا
بارك الله فيكم ورحم العلامة الفقيه الشيخ ابن عثيمين وجمعنا به في جنته


اللهم آمين

و فيكم بارك الله و جزاكم الجنة آمين

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم
رحم الله العلامة العثيمين رحمة واسعة.

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهج السلف الجيريا
بسم الله الرحمان الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

قال العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله رحمة واسعة :

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
من محمد الصالح العثيمين إلى من يبلغه من عباد الله المؤمنين، سلك الله بنا وبهم طريق الهداية والصواب آمين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه بمناسبة استقبال شهر رمضان أقدم لإخواني هذه الكلمة راجياً من الله تعالى أن يجعل عملنا جميعاً خالصاً لوجهه، وتابعاً لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، فنقول مستعينين بالله:

1 ـ لا شك أن من نعمة الله على عباده أن منَّ عليهم بهذا الشهر الكريم، الذي جعله موسماً للخيرات، ومغتنماً لاكتساب الأعمال الصالحات، وأنعم عليهم فيه بنعم سابقة، ونعم مستمرة دائمة، ففي هذا الشهر أنزل الله القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.وفي هذا الشهر حصلت غزوة بدر الكبرى التي أعز الله فيها الإسلام وأهله، وخذل فيها الشرك وأهله، وسمي يومها يوم الفرقان.

وفي هذا الشهر حصل الفتح الأعظم الذي طهر الله فيه البيت الحرام من الأوثان، ودخل الناس بعده في دين الله أفواجاً.

وفي هذا الشهر أعطيت أمة محمد صلى الله عليه وسلم خمس خصال لم تعطهن أمة من الأمم قبلهم: خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا، ويزيين الله كل يوم جنته، ثم يقول: يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤونة والأذى ويصيروا إليك، وتصفد فيه مردة الشياطين فلا يخلصون فيه إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره، ويغفر لهم في آخر ليلة، قيل: يا رسول الله أهي ليلة القدر؟ قال: “لا، ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله”.

ومن صام هذا الشهر إيماناً بالله واحتساباً لما عند الله غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه.

2 ـ هذه التراويح التي نصليها من قيام رمضان وفي قيام رمضان إيماناً واحتساباً ما سبق من الأجر، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة”، وهذه نعمة كبرى لا ينبغي للمؤمن أن يتركها، بل ينبغي له أن يثابر عليها، ويحافظ على التراويح مع الإمام من أولها إلى آخرها، وكثير من الناس يضيعون قيامهم مع الإمام بالتجول في المساجد، فيصلون في هذا المسجد تسليمة أو تسليمتين، وفي المسجد الثاني كذلك، فيفوتهم القيام مع الإمام حتى ينصرف، ويحرمون أنفسهم هذا الخير الكثير وهو قيام الليلة، والأولى للإنسان إذا كان يحب أن يتخير من المساجد أن يذهب إلى المسجد الذي يريد من أول الأمر، ويبقى فيه حتى ينصرف الإمام.

3 ـ كثير من إخواننا أئمة المساجد يسرعون في التراويح في الركوع والسجود إسراعاً عظيماً، يخل بالصلاة ويشق على الضعفاء من المأمومين، وربما أسرع بعضهم إسراعاً يخل بالطمأنينة التي هي ركن من أركان الصلاة، ولا صلاة بلا طمأنينة، وإذا لم يخل بالطمأنينة فإنه يخل بمتابعة المأمومين، إذ لا يمكنهم المتابعة التامة مع هذه السرعة، وقد قال أهل العلم رحمهم الله: “إنه يكره للإمام أن يسرع سرعة تمنع المأمومين فعل ما يسن”، فكيف وهي قد تمنعه فعل ما يجب؟!

فنصيحتي لهؤلاء الأئمة أن يتقوا الله تعالى في أنفسهم وفيمن خلفهم من المسلمين، وأن يؤدوا تراويحهم بطمأنينة، وأن يعلموا أنهم في صلاتهم بين يدي مولاهم يتقربون إليه بتلاوة كلامه، وتكبيره وتعظيمه والثناء عليه ودعائه بما يحبون من خيري الدنيا والاۤخرة، وهم على خير إذا زاد الوقت عليهم ربع ساعة أو نحوها، والأمر يسير ولله الحمد.

4 ـ أوجب الله الصيام أداء على كل مسلم مكلف قادر مقيم، فأما الصغير الذي لم يبلغ فإن الصيام لا يجب عليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “رفع القلم عن ثلاثة”، وذكر: “الصبي حتى يبلغ”، ولكن يجب على وليه أن يأمره بالصيام إذا بلغ حدًّا يطيق الصيام فيه، لأن ذلك من تأديبه وتمرينه على فعل أركان الإسلام، ونرى بعض الناس ربما يترك أولاده فلا يأمرهم بصلاة ولا صوم وهذا غلط، فإنه مسؤول عن ذلك بين يدي الله تبارك وتعالى، وهم يزعمون أنهم لا يُصَوِّمون أولادهم شفقة عليهم ورحمة بهم، والحقيقة أن الشفيق على أولاده والراحم لهم هو من يمرنهم على خصال الخير وفعل البر، لا من يترك تأديبهم وتربيتهم تربية نافعة.
وأما المجنون ومن زال عقله بهرم أو نحوه فإنهم لا صيام عليهم ولا إطعام لعدم العقل عندهم.
وأما العاجز عن الصيام فإن كان يرجو زوال عجزه كالمريض الذي يرجو الشفاء، فإنه ينتظر حتى يعافيه الله، ثم يقضي ما فاته، لقوله تعالى: {وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، وأما العاجز الذي لا يرجو زوال عجزه: كالكبير والمريض الاۤيس من البرء، فهذا ليس عليه صيام، وإنما الواجب عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً، وهو بالخيار: إن شاء صنع طعاماً ودعا إليه فقراء بعدد أيام الشهر، وإن شاء أعطى كل فقير خمس صاع من البر.
والمرأة الحائض والنفساء لا تصوم، وتقضي بعد الطهر بعدد الأيام التي أفطرت.
وإذا حصل الحيض أو النفاس في أثناء يوم الصيام بطل الصوم، ووجب عليها قضاء ذلك اليوم الذي حدث فيه الحيض أو النفاس، كما أنه إذا انقطع الدم في أثناء نهار رمضان وجب عليها أن تمسك بقية يومها، ولا تحتسب به، بل تقضي بدله.
والمسافر مخير إن شاء صام وإن شاء أفطر، إلا أن يشق عليه الصيام، فإنه يفطر، ويكره له الصيام، لأن في ذلك رغبة عن رخصة الرحيم الكريم وزهداً فيها، وإن كان الصيام لا يشق عليه ولا يفوت حاجته، فالصوم أفضل لما في الصحيحين من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان في حر شديد، حتى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبدالله بن رواحة.

5ـ المفطرات هي:
1 ـ الأكل والشرب: من أي نوع كان المأكول أو المشروب، وبمعنى الأكل والشرب الحقن، أي الإبر التي يكون فيها تغذية للجسم أو تكسبه ما يكسبه الطعام من القوة، فهذه تفطر، ولا يجوز استعمالها للمريض، إلا حيث يجوز له الفطر، مثل أن يضطر إلى استعمالها نهاراً، فهذا يجوز له استعمالها ويفطر، ويقضي بدل الأيام التي استعملها فيها.
وأما الإبر التي ليست كذلك مثل إبر البنسلين فهذه لا تفطر، لأنها ليست طعاماً ولا شراباً، لا لفظاً ولا معنى لكن على كل حال الأحوط للإنسان تركها في الصيام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “دع ما يريبك إلى ما لا يريبك”.

2 ـ الجماع: وهو من كبائر الذنوب للصائم في نهار رمضان، وفيه الكفارة المغلظة: عتق رقبة، فإن لم يجد رقبة بأن كان ليس له مال، أو له مال ولكن لا يوجد رقيق بوجه شرعي، فإنه يصوم شهرين متتابعين، فإن لم يستطع وجب عليه إطعام ستين مسكيناً (وتقدم كيفية الإطعام).

3 ـ الإنزال: أي إنزال المني بفعل الصائم، مثل أن يقبّل زوجته فيمني فإنه يفسد صومه، وأما إذا كان الإنزال بغير فعله مثل أن يحتلم فينزل: فإن صيامه لا يبطل؛ لأن ذلك بغير اختياره، ويحرم على الصائم أن يباشر مباشرة يخشى من فساد صومه بها، فلا يجوز أن يقبِّل زوجته أو يلمسها مثلاً، إذا كان يظن أن ينزل منيه بسبب ذلك، لأن فيه تعريضاً لصيامه للفساد.

4 ـ الحجامة: فيفطر الحاجم والمحجوم لحديث رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أفطر الحاجم والمحجوم” (رواه الترمذي وأحمد وقال: هو أصح شيء في هذا الباب، وصححه ابن حبان والحاكم)، وروى أحمد وأبو داود وابن ماجه من حديث ثوبان وحديث شداد بن أوس مثله. فأما خروج الدم بالجرح، أو قلع الضرس، أو الرعاف أو نحوه فإنه لا يفطر الصائم.

5 ـ القيء: إذا استقاء فقاء، فأما إن غلبه القيء بغير اختياره فإنه لا يفطر.

ولا يفطر الصائم إن فعل شيئاً من هذه المفطرات جاهلاً أو ناسياً؛ لقول الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَـٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}، وقال: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَـٰنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَـٰفِرِين}، وقال صلى الله عليه وسلم: “إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه”، وقال: “من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه”، وثبت في صحيح البخاري من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: أفطرنا يوماً من رمضان في غيم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم طلعت الشمس ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالقضاء، ومثل ذلك إذا أكل يظن أن الفجر لم يطلع فتبين أنه طالع، فصومه صحيح، ولا قضاء عليه.

ويجوز للصائم أن يتطيب بما شاء من الطيب من بخور أو غيره، ولا يفطر بذلك.

ويجوز للصائم أيضاً أن يداوي عينه بما شاء من قطور أو ذرور، ولا يفطر بذلك، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد التاسع عشر – كتاب الصيام.

و في الختام نسأل الله أن يتقبل منا الصيام و القيام ويغفر لنا و لوالدينا و يدخلنا جنته بغير حساب و لا عذاب و يقينا فتنة المحيا و الممات و فتنة القبر و عذابه و فتنة المسيح الدجال آمين

و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته
آمين آمين آمين
جزاكِ الله خيرا أخيتي
ورحم الله فقيه الزمان على نصحه للأمة وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المحبُّ لأهل السُّنة الجيريا
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم
رحم الله العلامة العثيمين رحمة واسعة.


و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته و مغفرته

اللهم آمين أجمعين

و فيكم بارك الله و جزاكم الجنة آمين

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مهاجرة إلى ربي الجيريا

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته
آمين آمين آمين
جزاكِ الله خيرا أخيتي
ورحم الله فقيه الزمان على نصحه للأمة وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة


اللهم آمين أختي , جزاك الله الجنة آمين

و رحم العالم الفذ و كافة موتى المسلمين آمين

جزاكم الجنة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohamed real morinho الجيريا
جزاكم الجنة

اللهم آمين

بارك الله فيكم


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

يرفع للفائدة رفع الله قدركم في الدنيا و الآخرة آمين

بارك الله فيكم ورحم الله شيخنا العثيمين

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الزيتون الجيريا
بارك الله فيكم ورحم الله شيخنا العثيمين

اللهم آمين

و فيكم بارك الله و جزاكم الجنة آمين

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
بارك الله فيك وجعلها في ميزان حسناتك ان شاء الله

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hicham dz3 الجيريا
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
بارك الله فيك وجعلها في ميزان حسناتك ان شاء الله


و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته و مغفرته

و فيكم بارك الله و جزاكم الجنة آمين

بارك الله فيكم
لو جعلتم موضوعا عاما عن احكام رمضان مدعما بأقوال أئمة تكون خفيفة وسهلة يرحمكم الله