جدلية العالم الثقافي 2024.

بسم الله والصلاة على النبي ومن والاه وبعد

جدلية العالم الثقافي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عالم الثقافة ليس ساكنا ـ فله حياة وتاريخ وله صيرورة

وتعديل العالم في البنية التحتية ينتج عنه تعديلات في البنية الفوقية

لذلك العلاقة طردية في الجانب العملي وتستند على العلاقات الداخلية بين الاشخاص والافكار والاشياء هذه المقاييس الثابتة تتداخل فيم بينها وفي نشاط الفرد والمجتمع

وللأسف هناك لحظات تزداد فيها ثقل أحد المقاييس على اﻷخرى عندما يكون النشاط الفردي أو اﻹجتماعي مركزا على أحد المقاييس بصورة اكثر خصوصية

هنا يكون إخلال بالتوازن وهذه هي اللحظة الخاصة التي تغير العالم الثقافي وتُخِلُّ بتوازنه

ونحن في مجتمعنا نحاول أن نتحرك من جديد وإقلاعنا صعب مقارنة باليابان أو الصين الشعبية

والصعوبات من جهة أولى تكمن في اﻹسلام الذي لم نفهمه جيدا فنتج عن فهمنا السيئ نشوء الطوائف والتطاحنات في داخل مجتمعنا

ومن جهة أخرى اﻹستعمار الثقافي الذي نشأ عنه خلل في اﻹقلاع واﻹبداع

فالجهة الاولى لانعلم أن اليهود وأمريكا قد وسخوا ديننا ولم نعرف تاريخنا ودور اﻹسلام في طمس الاستدمار الغربي لذلك بقينا حائرين في كيفية معرفة الاسلام وإعادة بناء مقاييسنا الفردية وإصلاحها ﻹصلاح المجتمع

والجهة الاخرى نتجاهل أننا لم نواجه قابليتنا للإستعمار ولاحتى اﻹستعمار بعينه

للاسف نعاني في نهضتنا من معالجة الجوانب المحيطة بالمقاييس الثلاثة اﻷساسية وفي ثقافتنا ليس لنا جهاز في فكرنا للتحليل والنقد ومن ثم الهدم وإعادة البناء

فنحن خارج مقياس الفاعلية وأفكارنا في فوضى عارمة وهذا ناتج من عدم تماسك أفكارنا نتيجة لعلاقاتنا الهزيلة في مجتمعنا وزيادة طغيان المادة واﻷشياء على أصعدة مختلفة

فنحن في قيمنا وأخلاقنا أصبحنا نقيسها بسلم اﻷشياء فالمدير أو الموظف له اربع تلفونات في مكتبه وأفرشة ومقاعد فاخرة عليها غبار وخيوط عنكبوت

فبدل أن يكون للشعب حكومة أصبح للحكومة شعب فانتكست قيمنا وأخلاقنا

والحمد لله رب العالمين

موضوع قيّم جدير بالمتابعة …ولولا تأخر الوقت لأتيت على مضمونه كلية ويكو ن لي تعقيب على مضمونه بارك الله فيك…

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عُمر الجيريا
موضوع قيّم جدير بالمتابعة …ولولا تأخر الوقت لأتيت على مضمونه كلية ويكو ن لي تعقيب على مضمونه بارك الله فيك…
وفيك بارك الله استاذي عمر غدا ان شاء الله تصرف على راحتك ^_^

ربي يوفق شكرا

الأمن الفكري والثقافي 2024.

الخطبة الأولى

إن الحمد لله نحمده وستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا .. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ(102 سورة آل عمران)يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا(1 سورة النساء)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (70 – 71 سورة الأحزاب)

أما بعد .. فياأيها الناس إن من يسبر التاريخ الغابر والحاضر ببداهة فهمٍ واتزان نظر، ويتعرف على واقع الأمم السالفة والمجتمعات الحاضرة فلن يتطرق إليه شك البتة في وجود حقيقةٍ ثابتة ومبتغى ينشده كل مجتمع، وأس لا يتغير ولا يتبدل مهما توالت عليه العصور وعصفت به رياح الأيام التي يداولها الله بين الناس .. ألا وهو مطلب الأمن والأمان ؛ الأمن الذي يهنأ فيه الطعام ويسوغ فيه الشراب ويكون فيه النهار معاشا والنوم سباتا والليل لباسا .

عباد الله .. إنه متى اختل إيجاد الضمانات الواقعية والاعتداءات الشمولية ضد ما يعكر الصفو في أجواء الحياة اليومية للمجتمعات المسلمة .. إنه متى اختل ذلكم يومًا ما فاحكموا على أمان الناس واستقرارهم بالغيبة والتيه المفرزين للممارسات اللامسئولة والإخلال المرفوض بداهةً بكل ما له مساس بالأمن والذي يحدد سفينة المجتمع المسلم الماخرة .. في حين أنه لا قبول له بأي صفةٍ كانت مهما وضعت له المبررات والحيثيات التي يرفضها كل ذي عقل حيٍّ وفؤادٍ ليس هواء وإن استعمل في نفاذ مثل تلكم الممارسات بعض بني أمتنا وممن يتكلمون بلغتنا ليجعلوا نتيجة الممارسات النشاز في المجتمع المسلم عرضةً لحتفهم قبل حتف من سواهم ..

ومتى دب في الأمة داء التسلل أو الافتئات الأمني من قبل بعض أفرادها فإنما هم بذلك يهينون التراث على مفهوم الاستقرار ويقطعون شرايين الحياة عن الأجيال الحاضرة والآمال المرتقبة .. هذا إن لم تكن تلك المممارسات تكأة يتكئ عليها أعداء الإسلام من الكفرة الحاقدين ومبررًا سائغًا لهم في تنفيذ ما من شأنه إيجاد المسوغات المشروعة بمفهومهم في التضييق المتتالي على حياض المسلمين ؛ فتأتيهم مثل هذه الإخلالات على طبق من ذهب ليجتاحوا بلاد المسلمين بأدنى الحيل .

أيها المسلمون .. إنه ينبغي لنا في هذا المقام أن ندرك مفهوم الأمن بمعناه الشمولي والواقعي ، وألا يكون محملًا لضيق العطن أو الفهم المقلوب لأبعاده وصوره أو لهما معا .. وذلكم من خلال قصر مفهوم الأمن على نطاق ضيقٍ متمثلٍ في حماية المجتمع من السرقة أو النهب أو القتل وأمثال ذلك فحسب .. كلا .. فالأمن له مفهومٌ أعمّ من ذلكم وأجلّ بأن أول وأعظم مفهوم للأمن هو أن ينطلق المجتمع المسلم على تقرير أن عقيدة المجتمع هي تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله بالبعد عن الشرك بالله في ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته ، وبالبعد عن الشرك به في حكمه والبعد عن الكفر بملة الإسلام والإلحاد فيها أو تنحية شرعة الباري – جل شأنه – عن واقع الحياة أو مزاحمة أي شرعة غير شرعة الله مع شرعته – جل وعلا – : صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ[IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CDIDEN1%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5 Cmsohtmlclip1%5C01%5Cclip_image003.gif[/IMG](138 سورة البقرة)أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83 سورة آل عمران)

كما أن مفهوم الأمن – عباد الله – ينبغي أن لا ينحى عن مراكز القوى في المجتمعات المسلمة أو يدب التجاهل فيه دبيبًا لينسينا أمر هذه المراكز الملموسة لأمن المجتمعات سلبا أو إيجابا ؛ فهناك ما يسمى مفهوم الأمن الغذائي والأمن الصحي والوقائي ، وهناك ما يتعلق بالضوابط الأمنية في مجال التكافل الاجتماعي ، وتهيأت فرص العمل والإنتاج والقضاء على البطالة والعناية بالنشء في كل ما يفيد ولا يضر ، وحسم مادة البطالة الفكرية والفراغ الروحي أيا كان نوع ذلكم لكونه مثمرًا الخلل والفوضى في الشبه والشهوات .. إضافة إلى فهم النواحي الأمنية المنبثقة من دراسة الظواهر الأسرية وما يعتريها من ثقوب واهتزاز في بنيتها التحتية ..

كما أنه يجب أن لا نغفل عما يعد هاجسا أمنيا لكل مجتمع وصماما للفتح أو الإغلاق لمادة الإخلال بالأمن .. ألا وهو الأمن الفكري الذي يحمي عقول المجتمعات ويحفظها من الوقوع في الشبهات بالسذاجة أو العب من الشهوات بنهم ، ومثل هذا النوع من الأمن لا يتسنى له التمام إلا من خلال مراعاة محورين أساسيين :
أولهما : محور الفكر التعليمي التربوي .
وثانيهما محور الأمن الإعلامي الثقافي ..
إذ يجب على الأمة ألا تقع في مزالق الانحدار والتغريب أو التبعية والإخلال عبر هذين المحورين ؛ حيث إن الأمن على العقول لا يكون هاجسًا عن أمن الأرواح والأموال .. فقد نرى للعقول لصوصًا ومختلسين كما نرى للبيوت لصوصا ومختلسين ؛ فينبغي أن يحمى التعليم بين المسلمين عن أن يستلل لواذًا عن هويته ، بل ويحمى من خلال إيجاد الآلية الفاعلة التي توفر سبل العلم النافع الداعي إلى العمل الصالح والبعد عن التبعية المقيتة أو التقليل من شأن العلوم الدينية النافعة أو استثقالها على النفوس أو الاعتراف بها على الاستحياء والتخوف المفرزين الفتون – الذي يتردد بين الحين والآخر – عن مدى جدوى الأخذ بها على مضضٍ مقلقٍ بحجة أن مثل ذلك ليس من أوليات سوق العمل ؛ فالفكر التعليمي ينبغي أن يغذي سوق العمل بخاصة وحاجات المجتمع التربوية بوجه عام ، ولاغنى للمجتمع المسلم عن الاثنين جميعًا .

وأما محور الفكر الإعلامي فهو مقبض رحى المجتمعات المعاصرة وأقنوم تأثيرها الأساس ؛ إذ به يبصر الناس ويرشدون وبه يخدع الناس ويرغبون به .. تخدم قضايا المسلمين وتنصر وبه تطمس الحقائق وتهدر .. بالفكر الإعلامي تُعرف المجتمعات الجادة من المجتمعات المستهترة .. فما يكون فيها من اعتدال وكمال يكون كمالًا في بنية الأمن الإعلامي واعتدالا ، فمن الخطأ الفادح أن يترجم الفكر الإعلامي على أنه جملة من الأفلام الهابطة أو الأغاني الماجنة التي لا تعترف بالقيم والمبادئ ولا ترى للحياة صورةً ولا جسدا .. كلا فهذا غشٌّ في التصور ، ومن غشنا فليس منا .

كما أنه يجب على كل صاحب لسانٍ فصيحٍ مسموعٍ أو قلمٍ سيّالٍ مقروءٍ أن يتحدثوا عن شغل المسلمين بكل مصداقيةٍ وواقعيةٍ وعدلٍ وإنصاف .. وأن لا تستهجنهم الحوادث وردود الأفعال ويستهويهم الشيطان فينطلقوا من خلال الحديث المتشنج والسباب المسترسل والخصام الحاجب للقضية الأم، الذي قد يفقأ العين ولا يقتل العدو : .. فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ(17 سورة الرعد).

إن عزو الأمور إلى المسببات الحقيقية ووضع النقاط على الحروف ينبغي أن يكون هو أول طرق معاجلة المعضلات والقضايا المزعجات ، وإن تجاهل الأسباب والبواعث أو عزوها إلى غير مصادرها لا يزيد الأمور إلا تعقيدًا والشرور إلا اتساعا .. وإن العقول السليمة لتستخف بالطبيب يعزو سبب السرطان إلى شرب الماء أو استنشاق الهواء لأن نتيجة التشخيص أيًّا كانت فعاقبتها ستطال نفسي ونفسك – أيها المسلم – أو ولدي وولدك وبنتي وبنتك وأسرتي وأسرتك .. كما أنه ينبغي أن تكون هذه المعاجلة من قِبل ذوي الاختصاص من العلماء الأفذاذ والحكماء الموثوقين في دينهم وأمانتهم دون تشويشٍ وتهويش أو قيل وقال وظن وخرص ؛ فالله – جل وعلا – يقول : قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ (10-11 سورة الذاريات) يقول قتادة – رحمه الله – : " الخراصون هم أهل الغرة والظنون " .

إن إطلاق اللسان وسيلان الأقلام خائضةً في المدلهمات ولاتتةً في النوازل دون زمامٍ ولا خطام لمن شأنه أن يحدث البلبلة ويوغر الصدور ويخرج المجتمع المسلم من تشخيص النازلة الواقعة إلى التراشق والاختلاف وتصفية الحسابات الكامنة في النفوس ، ولا تسألوا بعد ذلك عن محاولة الفكر لرموز اللامز والغمز والهمز بنميم من قبل المشككين في تدين المجتمع المسلم وسلامة المنهل الإسلامي العذب فيه من كل تهمةٍ تصيبه أو تحل قريبًا من داره ؛ فيكثر اللغط ويقل استحضار العلم فتضمحل العافية والسلامة من الخطر ، فضلًا عن عدم القدرة في تقديم حلٍّ عاجلٍ سوى الخلط والجهل والتضليل ؛ ومن ثم تُزال المشكلة بأشكل منها .. وعلى سبيل المثال : لو سرق إنسانٌ في المسجد لعلت صيحات بعض اللاهازم أو المبغضين مناديةً بإغلاق المساجد أو هدمها قطعًا لدابر السرقة ، ولو أن امرأةً محجبةً غشّت وخدعت لسمع رجع الصدى للمناداة بنزع الحجاب حسمًا لمادة الغش والخداع .. زعموا .. فلا هم في الحقيقة نادوا بقطع يد السارق ولا طالبوا بتعزير تلك التي غشت وخدعت ، وإنما دعوا إلى هدم المسجد ونزع الحجاب ، وهذا هو سر العجب وهو ما يثير الدهشة وينشئ الغلو وردود الأفعال ؛ فيتسارع الإفراط والتفريط على حساب الاعتدال المنشود في المجتمعات المسلمة .

والإسلام – عباد الله – يكره الثرثرة الفارغة التي قد تخلو من ضررٍ ملحوظٍ في الباطن فكيف بالضرر المتحقق في الظاهر والتناوش المفرق : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (9 سورة المجادلة) .. إن الإسلام شديدُ الوضوح في تحديد موقفه من حرية النقد والحوار ؛ فهو لا يرى أن ذلك كلأً مباحًا لكل إنسان ولا أنه يكتب ويقول ما شاء بما شاء كيف شاء غير مقيدٍ بضوابط الشرع وحدوده .. وإن من المؤسف أن يكون مفهوم حرية التعبير وحرية الحوار قد شاع مقلوبًا في أذهان الأغرار من حملة الأقلام وعليمي اللسان فظنوه لا يعدو إرسال الكلام على عواهنه وتسويد الصفحات بضروب من الهرف يضر ولا ينفع .

إن الأمن الإعلامي في المجتمعات لهو أحوج ما يكون إلى دراساتٍ موسعةٍ تقتنص الهدف الواعي من خلال دراسة أوساط المجتمعات المسلمة والربط بينهما وبين الخلفيات الشرعية والاجتماعية للطبقة الممارسة لمثل هذه الأنشطة الإعلامية الفاعلة ..
كما ينبغي تحليل الأفعال وردود الأفعال بين معطيات المتطلبات الشرعية والمتطلبات الاجتماعية وبين متطلبات الرغبات الشخصية المحفوفة بالشبهات أو الشهوات وأثر تلك المشاركات في إذكاء الحس الأمني الإعلامي والكفاية الإنتاجية باستقرار المجتمع العائد للأسر والأفراد من النفع العام والهدوء اللامحدود في الدارين ..

فالواجب علينا جميعا – أيها المسلمون – أن ننظر إلى الحقيقة الأمنية من أوسع أبوابها وأقرب الطرق الموصلة إليها ، وأن ننزل الأمور منازلها في كل المستجدات ، وأن لا نقحم أنفسنا في القضايا الكبار التي لا يصلح لها إلا الكبار كلٌّ بما أوكل الله إليه من مصالح المسلمين ورعايتهم وإقامة الحق والقسط فيمن استرعاهم الله ؛ فالله الله أن نزاحم فضول الكلام والقيل والقال:وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً (36 سورة الإسراء)

بارك الله لي ولكم في الكتاب والسنة ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والحكمة .. قد قلت ما قلت إن صوابًا فمن الله وإن خطأ فمن نفسي والشيطان ، وأستغفر الله إنه كان غفارا .

الخطبة الثانية :

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد ..

فاتقوا الله – أيها المسلمون – واعلموا أن ثمة مسلّمات وثوابت ينبغي أن تدركها المجتمعات المسلمة بعامة ؛ أعني بذلك المجتمعات التي جعلت شرعة الله غايتها وبغيتها ، وهذا التأكيد ينبغي أن يكرر كلما سنحت فرصةٌ وادلهمت خطوب ..
فمن تلك الثوابت – عباد الله – أن عقيدة المسلمين أساسها التوحيد لله والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك ، وهيهات هيهات أن يفلح أي تجسيد عقدي سواه : حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ(31 سورة الحـج) ..

وثابتٌ آخر يؤكد أن الشريعة الإسلامية شريعةٌ ثابتةٌ مستقرةٌ تصلح لكل زمانٍ ومكان ، ويخضع لها كل شيء ولا تخضع هي لكل شيء منذ بعثة النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى يومنا هذا ، وقد كان المسلمون عبر هذه القرون يعيشون بين انتصارات يتواضعون عندها وبين هزائم وخسائر يسترجعون فيها ويحوقلون وهم صابرون على ذلك حتى يأتي الله بالفتح أو أمرٍ من عنده وشريعتهم باقية لا تتبدل ولا تتغير .

ومن الثوابت أيضًا أن الأمة الإسلامية مهما بلغت من أوجه التسلح العسكري والثورة الصناعية والعولمة الحضارية فإنها لا غنى لها عن العلماء الربانيين والدعاة الصادقين الذين تجتمع عليهم القلوب وتتألف حولهم النفوس .. ينطلقون من فهمٍ صحيحٍ ثابتٍ لكتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – فهم النجوم الثواقب والبدور المضيئة ، ولولاهم بعد الله لمادت الأرض بأهلها ، ولكن هم فيها أوتاد ورواسي ؛ فهم عدة الأمة في مكافحة الفكر الإلحادي المنحرف والدعوات المضللة المسعورة ، وهم عدتها في كبح جماح الغلو وتنشيط المفرطين والعلماء والدعاة .. لن يتمكنوا من القيام بهذه المهمة في ظل غياب الثقة أو الاعتزاز بهم وفق مجتمعاتهم ؛ إذ لا شرف للمجتمع إلا بانتسابه للإسلام والالتفاف حول علمائه أولي النهي والصدق والأمانة .

هذا ، وصلوا – رحمكم الله – على خير البرية وأزكى البشرية محمد بن عبد الله صاحب الحوض والشفاعة ؛ فقد أمركم الله بأمرٍ بدأ فيه بنفسه وثنى بملائكته المسبحة بقدسه ، وأيه بكم أيها المؤمنون فقال – جل وعلا – : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56 سورة الأحزاب) ، وقال – صلى الله عليه وسلم – : " من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا " .. اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ على عبدك ورسولك محمدٍ صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر ، وارض اللهمّ عن خلفائه الأربعة – أبي بكر وعمر وعثمان وعلي – وعن سائر صحابة نبيك محمدٍ – صلى الله عليه وسلم – وعن التابعين وتابعي التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بعفوك وجودك وكرمك ياأرحم الراحمين .

اللهم أعز الإسلام والمسلمين . اللهم أعز الإسلام والمسلمين . اللهم أعز الإسلام والمسلمين واخذل الشرك والمشركين .. اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين .

اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين ، ونفس كرب المكروبين ، واقض الدين عن المدينين ، واشف مرضانا ومرضى المسلمين .

اللهم آمنا في أوطاننا ، وأصلح أئتمنا وولاة أمورنا ، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين .. اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه من الأقوال والأعمال ياحي ياقيوم ، اللهم أصلح له بطانته ياذا الجلال والإكرام.. اللهم ما سألناك من خير فأعطنا ، وما لم نسألك فابتدرنا ، وما قصرت عنه آمالنا من الخيرات فبلغنا .

ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار .. سبحان ربنا رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .
https://www.alharamain.gov.sa/index.cfm?do=cms.AudioDetails&audioid=36246&audiot ype=khutbah&browseby=khateeb

جزاك الله خيرا

شكرا على الموضوع

السلام عليكم
شكرا على المعلومات

من علامات السعادة والفلاح: أنَّ العبد كُلَّما زيدَ في عِلْمِه زِيْدَ في تواضعهِ ورَحْمَتِهِ، وكُلَّما زِيدَ في عملهِ زِيدَ في خَوْفِهِ وحذَرِهِ، وكُلَّما زِيدَ في عمرهِ نَقَصَ مِنْ حِرْصِهِ، وكُلَّما زِيدَ في مالهِ زِيْدَ في سَخَائِهِ وبذلهِ، وكُلَّما زيدَ في قَدْرِهِ وَجَاهِهِ زيدَ في قُرْبِهِ مِنَ النَّاسِ وقضاءِ حوائجهم والتَّواضع لهم.

وعلامات الشَّقاوة: أنَّه كُلَّما زيدَ في عِلْمِهِ زيدَ في كِبْرِهِ وتِيْهِهِ، وكُلَّما زيدَ في عَمَلِهِ زيدَ في فَخْرِهِ واحتقارِهِ للنَّاسِ وحسن ظنِّه بنفسهِ، وكُلَّما زيدَ في عُمرهِ زيدَ في حرصهِ، وكُلَّما زيدَ في مالهِ زيدَ في بُخْلِهِ وإمْسَاكهِ، وكُلَّما زيدَ في قَدْرِهِ وجَاهِهِ زيدَ في كِبْرِه وتِيْهِهِ، وهذه الأمورُ ابتلاءٌ مِنَ الله وامتحانٌ يبْتلي بها عبَادهُ فيَسْعدُ بها أقوامٌ ويَشْقَى بها أقوامٌ”.
قال أبوالدرداء رضي الله عنه: “علامة الجهلِ ثلاثة: العجبُ، وكثرة المنطق فيما لا يعنيه، وأنْ ينهى عن شيءٍ ويأتيه”

تاريخ الجزائر الثقافي 2024.

اخواني من فضلكم ابحث عن كتاب تاريخ الجزائر الثقافي لفضيلة الدكتور ابو القاسم سعد الله الجزء الاول عاجلا من فضلكم واجركم على الله

عندي الجزء الثانيكتاب: تاريخ الجزائر الثقافي. الجزء الثاني. (1500- 1830)

المؤلف : أبو القاسم سعد الله

الناشر : دار الغرب الإسلامي – بيروت

الطبعة : الأولى – 1998م
الرابط:
https://archive.org/details/Tareikh.Al-jazair-Part2

التعرب الثقافي 2024.

قبائل مشهورة في شجرة النسب الأمازيغية تعربت ثقافيا[3] [13] بل يرجح أن أغلب من لم يعربوا هم من قبيلة واحدة مصمودة "المصامدة هم أهل الجبال بالمغرب الأقصى إلا قليلا منها وغيرهم في البسائط‏"[14] وسكنى هذه القبيلة البعيد عن الحاضرة جعل لها الكثرة على باقي القبائل المغربية لأنه قبل الطفرة العلمية كانت الأمراض المعدية والابادات زمن الحرب تصيب التجمعات السكانية الكبيرة من المدن مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة السلالات التي تستوطن الجبال والبوادي، ثم تدريجيا تهاجر هذه القبائل إلى البسائط والمدن فيكثر نسلها في مواطنها الجديدة فتجد من مصمودة بطون مشهورة تعربت ثقافيا.
"أهل جبال درن الخبر عن أهل جبال درن [جبال الأطلس والريف] بالمغرب الأقصى من بطون المصامدة وما كان لهم من الظهور والأحوال ومبادئ أمورهم وتصاريفها هذه الجبال بقاسية المغرب من أعظم جبال المعمور بنا أعرق في الثرى أصلها وذهبت في السماء فروعها وملأت الجو هياكلها ومثلت سياجاً على ريف المغرب سطورها تبتدئ من ساحل البحر المحيط عند أسفى وما إليها وتذهب في الشرق إلى غير نهاية‏.‏ ويقال إنها تنتهي إلى قبلة برنيق من أرض برقة وهي في الجانب مما يلي مراكش قد ركب بعضها بعضاً متتالية على نسق من الصحراء إلى التل‏.‏ يسير الراكب فيها معترضاً من تامسنا وسواحل مراكش إلى بلاد السوس ودرعة من القبلة ثماني مراحل وأزيد تفجرت فيها الأنهار وجلل الأرض خمر الشعراء وتكاثفت بينها ظلال الأدواح‏.‏ وزكت فيها مواد الزرع والضرع وانفسحت مسارح الحيوان ومراتع الصيد وطابت منابت الشجر ودرت أفاويق الجباية يعمرها من قبائل المصامدة أمم لا يحصيهم إلا خالقهم قد اتخذوا المعاقل والحصون وشيدوا المباني والقصور واستغنوا بقطرهم منها عن أقطار العالم فرحل إليهم التجار من الآفاق واختلفت إليهم أهل النواحي والأمصار ولم يزالوا منذ أول الإسلام وما قبله معتمرين بتلك الجبال قد أوطنوا منها أقطاراً بل أقاليم تعددت فيها الممالك والعمالات بتعدد شعوبهم وقبائلهم وافترقت أسماؤها بافتراق أحيائهم‏.‏ تنتهي ديارهم من هذه الجبال إلى ثنية المعدن المعروفة ببني فازاز حيث تبتدئ مواطن صناكة ويحفون بهم كذلك من ناحية القبلة إلى بلاد السوس‏.‏ وقبائل هؤلاء المصامدة بهذه المواطن كثير فمنهم‏:‏ هرغة وهنتاتة وتينملل وكدميوة وكنفيسة ووريكة وركراكة ومزميرة ودكالة وحاحة وأصادن وبنو وازكيت وبنو ماكر وإيلانة ويقال هيلانة بالهاء‏.‏ ويقال أيضاً إن إيلان هو ابن بر أصهر المصامدة فكانوا خلفاءهم‏.‏ ومن بطون أصادن مسفاوة وماغوس ومن مسفاوة دغاغة ويوطانان‏.‏ ولقال إن غمارة ورهون وأمول بن أصادن والله أعلم‏.‏ ويقال إن من بطون حاحة زكن وولخص الظواعن الآن بأرض السوس أحلافاً لذوي حسان المتغلبين عليها من عرب المعقل‏.‏ ومن بطون كنفيسة أيضاً قبيلة سكسيوة الموطنون بأمنع المعاقل من هذه الجبال يطل جبلهم على بسيط السوس من القبلة وعلى ساحل البحر المحيط من الغرب ولهم بمنعة معقلهم ذلك اعتزاز على أهل جلدتهم حسبما نذكره بعد‏.‏ وكان لهؤلاء المصامدة صدر الإسلام بهذه الجبال عدد وقوة وطاعة للدين ومخالفة لإخوانهم برغواطة في نحلة كفرهم‏.‏ وكان من مشاهيرهم كسير بن وسلاس بن شملال من أصادة وهو جد يحيى بن يحيى راوي الموطأ عن مالك‏.‏ ودخل الأندلس وشهد الفتح مع طارق في آخرين من مشاهيرهم استقروا بالأندلس وكان لأعقابهم بها ذكر في دولة الأموية‏.‏ وكذلك كان منهم قبل الإسلام ملوك وأمراء‏.‏ ولهم مع لمتونة ملوك المغرب حروب وفتن سائر أيامهم حتى كان اجتماعهم على المهدي وقيامهم بدعوته فكانت لهم دولة عظيمة أدالت من لمتونة بالعدوتين ومن صنهاجة لإفريقية حسبما هو مشهور"[15]

13.المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الأول "قال الشريف محمد بن أسعد الجوّانيّ‏:‏ دكالة من البربر بطن من المصامدة"
14.تاريخ ابن خلدون الجزء الثالث فصل الخبر عن غمارة
15.تاريخ ابن خلدون الجزء الثالث

الجيريا

هل اختلاف المستوى الثقافي بين الزوجين يؤثر على الحياة الزوجية ؟؟؟؟ 2024.

هل اختلاف المستوى الثقافي بين الزوجين يؤثر على الحياة الزوجية …؟؟؟
سؤال للإجابة عليه لابد من معرفة حالات ومدى اختلاف المستوى الثقافي بين الزوجين
وهي ثلاث حالات :
الأولى : أن يكون الزوج أعلى في مستواه الثقافي من الزوجة.
الثانية : أن يكون كلا الزوجين في مستوى ثقافي واحد .
الثالثة : أن تكون الزوجة أعلى في مستواها الثقافي من الزوج .

ترى كيف ستكون الحياة الزوجية في هذه الحالات الثلاث ….؟؟؟
أولا : إذا كان الزوج أعلى في مستواه الثقافي من الزوجة
في هذه الحالة لا يوجد أي مشكلة
لأن الزوج هو المدبر وهو رب البيت وهو الأعلى
لذا لا نرى في هذه الحالة مشاكل إلا ما قل وندر
ربما نرى مشاكل ولكن لا تصل إلى درجة الطلاق وما إلى ذلك .

ثانيا : أن يكون كلا الزوجين في مستوى ثقافي واحد
وهي أفضل الحالات
وفيها يرتاح كلا الزوجين
فكلاهما في مستوى ثقافي واحد
يعلم كل منهما دوره وما له وما عليه
وأغلب الأزواج في هذه الحالة متفقين .

ثالثا : أن تكون الزوجة أعلى في مستواها الثقافي من الزوج
وهنا يظهر دور الزوج
فإذا كان ذا حكمة وصاحب عقل ومعرفة ستكون العائلة تقريبا 90% على ما يرام
أما إذا لم يكن صاحب عقل وحكمة هنا تكمن المشكلة
وستبدأ المشاكل بين الزوجين
لأن الزوج يشعر بالذل والإهانة ويشعر بالنقص لأن زوجته تفوقت عليه
يراها مثقفة عارفة بشؤونها وهو لا يعرف شيئا

فلا يوجد اتفاق بين الزوجين
في عقلهما وفي ثقافتهما وفي تفكيرهما وتدبيرهما للأمور
وغالبا تكون النتيجة النهائية لهذه الحالة هي الطلاق

مما سبق نصل إلى نتيجة أساسية في استمرار العائلة وعدم هزها وخرابها
وهي أن يكون الزوجين في مستوى ثقافي واحد متفقين
ولا بأس إن كانت الزوجة أقل مستوى من الزوج

والآن :
أيها الرجل ….!!
لو كانت زوجتك أقل منك في مستواها الثقافي … هل تتكبر عليها …؟؟
عندما تنوي الزواج هل تختار امرأة في نفس مستواك الثقافي أم أقل ؟؟ ولماذا …؟؟
ولا مشكلة من إجابة البنات على تلك الأسئلة
أسئلة لكلا الجنسين :
لو كانت زوجتك أعلى منك في المستوى الثقافي كيف تتعامل معها ..؟؟ أو بمعنى آخر كيف تدير أمور العائلة دون مشاكل
انا قلت إذا كان الزوج ذا حكمة وصاحب عقل تستمر الحياة الزوجية
في رأيك كيف ذلك ….؟؟ " طبعا أحتاج لرأي البنات "

لو كان الزوج أقل من الزوجة في المستوى الثقافي …. كيف للمرأة أن تعامل مع الوضع حتى تستمر الحياة الزوجية دون مشاكل …؟؟

الفتاة بشكل عام تحلم برجل صاحب مال ودراسة أكبر منها …
هل أنت من تلك الفتيات أم أنك ترغبينه من مستواك الثقافي …؟؟أنتظر ردودكم وآرائكم

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هبة الله اريج الجيريا
هل اختلاف المستوى الثقافي بين الزوجين يؤثر على الحياة الزوجية …؟؟؟
سؤال للإجابة عليه لابد من معرفة حالات ومدى اختلاف المستوى الثقافي بين الزوجين
وهي ثلاث حالات :
الأولى : أن يكون الزوج أعلى في مستواه الثقافي من الزوجة.
الثانية : أن يكون كلا الزوجين في مستوى ثقافي واحد .
الثالثة : أن تكون الزوجة أعلى في مستواها الثقافي من الزوج .

ترى كيف ستكون الحياة الزوجية في هذه الحالات الثلاث ….؟؟؟
أولا : إذا كان الزوج أعلى في مستواه الثقافي من الزوجة
في هذه الحالة لا يوجد أي مشكلة
لأن الزوج هو المدبر وهو رب البيت وهو الأعلى
لذا لا نرى في هذه الحالة مشاكل إلا ما قل وندر
ربما نرى مشاكل ولكن لا تصل إلى درجة الطلاق وما إلى ذلك .

ثانيا : أن يكون كلا الزوجين في مستوى ثقافي واحد
وهي أفضل الحالات
وفيها يرتاح كلا الزوجين
فكلاهما في مستوى ثقافي واحد
يعلم كل منهما دوره وما له وما عليه
وأغلب الأزواج في هذه الحالة متفقين .

ثالثا : أن تكون الزوجة أعلى في مستواها الثقافي من الزوج
وهنا يظهر دور الزوج
فإذا كان ذا حكمة وصاحب عقل ومعرفة ستكون العائلة تقريبا 90% على ما يرام
أما إذا لم يكن صاحب عقل وحكمة هنا تكمن المشكلة
وستبدأ المشاكل بين الزوجين
لأن الزوج يشعر بالذل والإهانة ويشعر بالنقص لأن زوجته تفوقت عليه
يراها مثقفة عارفة بشؤونها وهو لا يعرف شيئا

فلا يوجد اتفاق بين الزوجين
في عقلهما وفي ثقافتهما وفي تفكيرهما وتدبيرهما للأمور
وغالبا تكون النتيجة النهائية لهذه الحالة هي الطلاق

مما سبق نصل إلى نتيجة أساسية في استمرار العائلة وعدم هزها وخرابها
وهي أن يكون الزوجين في مستوى ثقافي واحد متفقين
ولا بأس إن كانت الزوجة أقل مستوى من الزوج

والآن :
أيها الرجل ….!!
لو كانت زوجتك أقل منك في مستواها الثقافي … هل تتكبر عليها …؟؟
عندما تنوي الزواج هل تختار امرأة في نفس مستواك الثقافي أم أقل ؟؟ ولماذا …؟؟
ولا مشكلة من إجابة البنات على تلك الأسئلة
أسئلة لكلا الجنسين :
لو كانت زوجتك أعلى منك في المستوى الثقافي كيف تتعامل معها ..؟؟ أو بمعنى آخر كيف تدير أمور العائلة دون مشاكل
انا قلت إذا كان الزوج ذا حكمة وصاحب عقل تستمر الحياة الزوجية
في رأيك كيف ذلك ….؟؟ " طبعا أحتاج لرأي البنات "

لو كان الزوج أقل من الزوجة في المستوى الثقافي …. كيف للمرأة أن تعامل مع الوضع حتى تستمر الحياة الزوجية دون مشاكل …؟؟

الفتاة بشكل عام تحلم برجل صاحب مال ودراسة أكبر منها …
هل أنت من تلك الفتيات أم أنك ترغبينه من مستواك الثقافي …؟؟أنتظر ردودكم وآرائكم

سأعطيك مثال

دكتور جراح إختصاص طب نساء من بين أشهر الإختصاصيين على مستوى الجزائر زوجته لا تعرف لا القراءة ولا الكتابة ولا اي امر لهم ابناء وكبروا ولاشيئ يضرهم

طبيبة عامة زوجها مستوى ثانية ثانوي في مشاكل

استاذة جامعية تحضر في دكتوراه خطبها الكثير منهم مدراء أطباء مقاولون أساتذه جامعيين رفضتهم وتزوجت من حبيب سابق بطال لايعمل لم يكمل جامعته وتسرب الى الشارع وهي اليوم تطلب الطلاق

معلومات اكيدة

طبيعي أن أبحث عمن هي ذو مستوى ثقافي لكن ان أعجبت بمن هي أقل فسأرضى بذلك فهو ليس عنصر مهم
و ان كانت أعلى مني فقد أكون فخورا بذلك علها تعلمني أشياءا و قد أغار منها أيضا لا أدري…

شكرا لكم على المرور

بالطبع يؤثر خاصة اذا كان مستوى الزوجة احسن من مستوى الزوج
او كانت هي عاملة و هو بطال
يجب ان يكون هناك تكافؤ و الا فان الزواج لن يكون ناجح

السلام عليكم

الإختلاف يأثر في حالات ولا يأثر في حالات أخرى

مثلا لو تتزوج طبيبة مع بناء أو إسكافي هل في نظركم راح يكون توافق في الأفكار اكيد لا ولا نغلط بعضنا

لكن مثلا لو تزوج طبيب أو مهندس مع إمرأة بسيطة وذات تعليم بسيط راح يكون الزواج ناجح ولا يوجد به اي خلل

أنا نعطيكم فكرتي هي من الأحسن دائما يكون مستوى الرجل أكثر من مستوى التعليمي لزوجته أو يتساوا على الأكثر

والله أعلم ….

ماذا تقصد بالمستوى الثقافي ؟؟؟؟…………………..انا في رأيي كل حالة هي حالة خاصة …………………بالنسبة تعرفت على دكاترة ومستواهم عادي جدا حتى ارائهم في بعض الاحيان سخيفة وخاصة من جانب النساء ……………وهناك العكس من لديه مستوى ماشاء الله ويظهر ذلك في كثير من معاملاته وكلامه

ان اتمنى ان تكون زوجتي على دين اكثر مني فحقيقة لم اجد من يفوقني في المستوى الا المتدين والمتخلق او المتدينة والمتخلقة اما الشهادات فلا اساس لها فالكثير ممن يحمل جبال معلومات لكنه غير اجتماعي ولايعرف حتى التعبير عن مشاعره وارائه …………..وهناك من معلوماته بسيطة ويعبر بشكل جميل عن افكاره

والزواج هو علاقة اجتماعية وليس تجارية او علمية فمن المهم ان يكون الطرفين اجتماعيين ولهما مستوى تفكير جيد ……….وكما قال ابائنا *** هاتلي فاهم الله لا قرى ***

والله اعلم بالصواب

بارك اله فيكم على آرائكم

اكيد التفاوت الكبير في المستوى بين الزوجين راح يؤثر على الحياة الزوجية بالنسبة لي .. ..لكن الامر يبقى نسبي وليس بصفة مطلقة ..كاين الي عندو الامر عادي وما يفرقش معاه واشوف لجوانب اخرى تظهر له انها اهم.

اكيد جدا يصعب التوفيق بين مستويين مختلفين

مرات غير معالاصدقاء تحكي معهم علئ موضوع ف السياسة او الاقتصاد و الا الطب او حتئ الاختراعات الحديثة تلقئ صعوبة باش تفهمه حتئ انك تنزل لمستواه و ربما لا يصل فكرك لفكره و علئ هذا انا نفضل يكون المستوئ متقارب و علئ الاقل يكون احد الطرفين عنده القابلية و البديهية لتقبل فكر الاخر بسهولة و التفاعل منطقيا مع الافكار
لانو تعقيدات الحياة بوسائل تكنولوجية و الامور النفسية و الدراسات الحديثة تتطلب من الطرفين مواكبتها و المرونة ف الاندماج فيها بكل حرية
هكذا باش حتئ واحد من الزوج ما يتعب

شكرا لآرائكم

السلام عليكم
لازم نعرفوا حجا بلي المستوى التعليمي لايعكس حقيقة المستوى الثقافي
والواقع يبين هذا الاغلب عندهم شهادات بصح ثقافة ماعندهمش حتى في المجال لي عندهم شهادة فيه
اما بالنسبة للحياة الزوجة ممكن اختلاف المستوى الثقافي ياثر على حياتهم خاطر من ذاك نلقاو واحد
في واد واخر في واد واحد اخري ومكانش حتى جسر يربط بيناتهم
المشكل تاع دوك انك متقدرش تحكم على المستوى الثقافي تاع اي شخص حتى تتناقش معاه مباشرة و هذا يشمل الزوجين ايضا

شكرا لك على رآيك

السلام عليكم ورحمة الله وبركآته

اولا حبيت نهدر على نقطة مهمة جدااااااااا , المستوى التعليمي لا يعكس أبدا المستوى الثقافي

مثلا تلقاي ناس عندهم دكتوراه أو ليسانس أو حتى أطباء ( لأني مخالطة بزاااف بحكم دراستي ) ليس لديهم حتى أسلوب النقاش , ليس لديهم ثقافة أبدااااااا , تسقسيهم على حاجة تاع الدين وهي أهم حاجة ميعرفهاش ومنهم حتى اللي ميصليش …………
وبالعكس كاين ناس كتب ربي أنهم ميكملوش الدراسة لظروف ربما أو لأسباب أخرى , لكن كي تهدري معاهم تلقايهم ماشاء الله , دين وخلق وأسلوب حوار راقي ……..

نرجع لموضوعك , المستوى التعليمي أقول وليس الثقافي قد يؤثر إذا كانت المرأة هي المتفوقة على زوجها ولكن ليس دااائما , مثلا أنا أختي عندما تزوجت كان لديها شهادة مهندس دولة فالإعلام الآلي وزوجها لم يكن لديه حتى شهادة البكالوريا , وأخذها بعد زواجه منها فقط وهو كبير في السن , ودرك راه يقرا فالجامعة بالمراسلة بحكم عمله , ولحد الآن راهم عايشين عيشة ماشاء الله لأنه مثقف وفاهم في أمور الحياة أكثر منها , والله هيا سعات تقولي جيني روحي والو معاه لأنو ثقافتو في كل المجالات الله يبارك ويكملهم ………

أنا حقيقة لو أكملت دراستي سأعمل طبيبة بإذن الله , وأتمنى أن يكوووون زوجي في نفس مستواي ( يعني جامعي ولا يهم الإختصاص وحبذا لو لم يكن طبيبا لأني كارهة الطب ههههه ) أو أعلى مستوى مني مثلا مهندس او أستاذ , ليس تكبرا مني على من يحز على شهادة البكالوريا لااااا وكن خوفا مني على المستقبل , مثلا يقولي تتكبري عليا ولا حاجة أخرى لأني انا منعرفش التكبر زيماه وعمري ما تكبرت ………

ولكن كل شي مكتوب ربي والزواج تاني مكتووووووب ربي

بارك الله فيك اختي

دعوة لأهل البُليدة لشهود محاضرة "الوسائل المفيدة للحياة السعيدة " غدًا بالمركز الثقافي الاسلامي 2024.

يسر إخوانكم القائمين على جمعية السلام العلمية الثقافية بولاية البُليدة دعوتكم لحضور :

محاضرة

" الوسائل المفيدة للحياة السعيدة "

لفضيلة الشيخ أبي عبد الباري العيد بن سعد شريفي حفظه الله تعالى
أستاذ مادة الحديث النبوي بكلية العلوم الاسلامية – الخروبة –

يوم السبت 14 ديسمبر 2024 م بعد صلاة العصر بالمركز الثقافي الاسلامي ببلدية أولاد يعيش ولاية البُليدة (بالقرب من مسجد الحياة)

(الدعوة عامة للجميع)
[يوجد مكان مخصص للنساء]

الجيريا

منقول

بارك الله فيك وهنيئا لاصحاب بليدة واولاد عايش

وفيك بارك الله

حفظ الله الشيخ ابا عبد الباري

صفحات من تاريخ مستغانم الثقافي 2024.

! Cannot email the file C:DOCUME~1U2TEKLOCALS~1TempRar$ML12.797mosta ganem.rar

؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

بارك الله فيك

أخي عدل الرابط

دعوة للقراءة قصة التفريغ الثقافي 2024.

ذيل الرسالة / قصة التفريغ الثقافي

ذيل الرسالة

والآن لم يبق إلا أن أضع بين يديك قصة التفريغ الثقافي الذي حتمت به كلماتي آنفا في رسالة في الطريق إلى ثقافتنا أنقلها من كتاب المتنبي ص 19 34 في التصدير الذي سميته لمحة من فساد حياتنا الأدبية وفيها شهادتان :
شهادتي أنا من موقعي بين أفراد جيلي إليه وهو جيل المدارس المفرغ من كل أصول ثقافة أمته وهو الجيل الذي تلقى صدمة التدهور الأولى حيث نشأ في دوامة من التحول الاجتماعي والثقافي والسياسي
وشهادة الدكتور طه حسين من موقع الأستاذية لهذا الجيل
فاقرأهما بتدبر وأناة حتى تلم بأطراف البلاء الذي حاق بي وبك وبأمتك العربية و الإسلامية وحتى لا تدخل تحت المعنى الذي قاله أبو عبادة البحتري :

ومن العجائب أن أرى أعين مفتوحة …. وعقولهن تجول في الأحلام

= أحلام النهضة والتجديد والأصالة والمعاصرة والثقافة العالمية وأحلام أخرى كثيرة لا تنقضي !! أحلام جعلت صدمة التدهور مستمرة متمادية متفاقمة إلى هذه الساعة التي تقرأ فيها هذه الرسالة ولله الأمر من قبل ومن بعد
قلت : ومرت الأيام والليالي والسنون بين سنة 1928 وسنة 1936 وهي السنة التي كتبت فيها هذا الكتاب المتنبي وهمي مصروف أكثره إلى قضية الشعر الجاهلي وإلى طلب اليقين فيها لنفسي لا معارضة لأحد من الناس ومشت بي هذه القصة في رحلة طويلة شاقة ودخلت بي في دروب وعرة شائكة وكلما أوغلت انكشفت عني غشاوة من العمى وأحسست أني والجيل الذي أنا منه وهو جيل المدارس المصرية قد تم تفريغنا تفريغا يكاد يكون كاملا من ماضينا كله من علومه وآدابه وفنونه وتم أيضا هتك العلائق بيننا وبينه وصار ما كان في الماضي متكاملا متماسكا مزقا متفرقة مبعثرة تكاد تكون خالية عندنا من المعنى و من الدلالة ولأنه غير ممكن أن يظل الفارغ فارغا أبدا فقد تم ملؤ هذا الفراغ بجديد من العلوم والآداب والفنون بحيث لا تمت إلى هذا الماضي بسبب وإننا انستقبله استقبال الظاميء المحترق قطرات من الماء النمير المثلج
في خلال هذه الأعوام تبين لي أمر كان في غاية الوضوح عندي وهو قصة طويلة قد تعرضت لأطراف منها في بعض ما كتبت ولكني أذكرها هنا على وجه الإحتصار صار بينا عندي أننا نعيش في عالم منقسم انقساما سافرا : عالم القوة والغنى وعالم الضعف والفقر = أو عالم الغزاة الناهبين وعالم المستضعفين المنهوبين
كان عالم الغزاة الممثل في الحضارة الغربية يريد أن يحدث في عالم المستضعفين تحولا اجتماعيا وثقافيا وسياسيا فهو صيد غزير يمد حضارتهم بكل أسباب القوة والعلو والغنى والسلطان والغلبة والطريق إلى هذا التحول عمل سياسي محض لا غاية له إلا إخضاع هذا العالم (المتخلف) إخضاعا تاما لحاجات العالم (المتحضر) التي لا تنفد ولسيطرته السياسية الكاملة أيضا ومع أن هذا العمل السياسي المحض المتشعب قد بدأ تنفيذه منذ زمن في أجزاء متفرقة من عالمنا إلا أنه بدأ عندنا في مصر قلب العالم الإسلامي و العربي مع الطلائع الأولى لعهد محمد علي بسيطرة القناصل الأروبية عليه وعلى دولته وعلى بناء هذه الدولة كلها بالمشورة والتوجيه ثم ارتفع إلى ذروته في عهد حفيده اسماعيل بن إبراهيم بن محمد علي الخديوي حتى جاء الإحتلال الإنجليزي في سنة 1882 وبمجيئه سيطر الإنجليز سيطرة مباشرة على كل شيء وعلى التعليم خاصة إلى أن جاء (دنلوب) في (18 مارس 1897) ليضع للأمة نظام التعليم المدمّر الذي لا نزال نسير عليه مع الأسف إلى يومنا هذا .
كان التمهيد لهذا العهد طويلا متعدد الجوانب وكان قوامه إعداد جيل من (المبعوثين) يعودون من أوربة ليكونوا قادة هذا التحول الرفيق العميق ويراد منهم أن يؤسسوا قاعدة ثابتة لانطلاق التحوّل إلى غاية يراد لنا أن نبلغها على تمادي الأيام . وكان الغزاة يقنعون يومئذ من هؤلاء المبعوثين بأن يعودوا إلى بلادهم ببضعة أفكار يردّدونها ترديد الببغاوات تتضمّن الإعجاب المزهوّ ببعض نظاهر الحياة الأوربية مقرونا بنقد بعض مظاهر الحياة في بلادهم = وبأن يكاشفوا أمتهم بأنّ ما أعجبوا به هو سرّ قوّة الغزاة وغلبتهم وأن الذي عندنا هو سرّ ضعفنا وانهيارنا . وقد وجدت ذلك ظاهرا ممثلا أحسن تمثيل عند رفاعة ال طهطاوي وأشباهه . ولكن لما جاء عهد ( دنلوب ) أصبح كان أمر المبعوثين وحده لا يكفي وأصبح الأمر محتاجا إلى ما هو أكبر وأوسع انتشارا . فكان الرأي أن تنشأ أجيال متعاقبة من ( تلاميذ المدارس ) في البلاد يرتبطون ارتباطا وثيقا بهذا التحوّل عن طريق تفريغهم تفريغا كاملا من ماضيهم كلّه مع هتك أكثر العلائق التي تربطهم بهذا الماضي اجتماعيا وثقافيا ولغويا ومع ملئ هذا الفراغ بالعلوم والآداب والفنون = ولكنها فنونهم هم وآدابهم هم وتاريخهم هم ولغاتهم هم أعني الغزاة .
وقد تولى نظام (دنلوب) تأسيس ذلك في المدارس المصرية مع مئات من مدارس الجاليات التي يتكاثر على الأيام عدد من تضمّ من أبناء المصريين وبناتهم . وقد كان ما أراد الغزاة ولم يزل الأمر إلى يومنا هذا مستمرا على ما أرادوا بل زاد بشاعة وعمقا في سائر أنحاء العالم العربي والإسلامي بظهور دعوات مختلفة كالدعوة إلى الفرعونية والفينيقية وأشباه ذلك في الصحافة والكتب المؤلفة . لأنّ تفريغ الأجيال من ماضيها المتدفّق في دمائها مرتبطا بالعربية والإسلام يحتاج إلى ملئ بماض آخر يغطّي عليه فجاؤوا بماض بائد مغرق في القدم والغموض ليزاحم بقايا ذلك الماضي المتدفق الحيّ الذي يوشك أن يتمزّق ويختنق بالتفريغ المتواصل .
في ظلّ هذا التفريغ المتواصل وهذا التمزيق للعلائق وهذه الكثرة التي تخرج مفرّغة أو شبه مفرّغة إلى (البعثات) وهذا التحول الاجتماعي والثقافي والسياسي المضطرب وهذا التغليب المتعمّد للثقافة الغازية واللغات الغازية بلا مقابل في النفوس من ثقافة ماضية حيّة حياة ما وباقية على تماسكها وتكاملها = في ظل هذا كلّه انتعشت الحركة الأدبية والثقافية انتعاشا غير واضح المعالم ولكنه يقوم على أصل واحد في جوهره هو ملئ الفراغ بما يناسب آدابا وفنونا غازية كانت قد ملأت بعض هذا الفراغ فهي تحدث في النفوس تطلّعا إلى زاد جديد منها .
فالمسرح مثلا وكان له شأن أيّ شأن يعتمد اعتمادا واضحا على المسرح الأروبي في تكوينه كلّه . وأيسر سبيل كان إلى إمداده بمادّته هو (السطو) على مؤلفات المسرح الأوربي مسلوخة يعاد تكوينها بألفاظ عربية أو عامية على الأصحّ ودون إشارة إلى هذا (السطو) وكانوا يسمّون هذا حياء ومكرا : (التمصير) بيد أنه عبث مجرّد وسطو لا رقيب عليه . أمّا الكتاب الجادون فكان أكثرهم يعتمد على تلخيص نتاج الفكر الأوربي في الأدب والفلسفة والإجتماع والسياسة تلخيصا ما وإن كان أكثره خطفا وسطوا ينسبه الكاتب إلى نفسه بلا رقيب ولا محاسب .
والقصة أيضا كانت ضربا من ( السطو ) والتقليد تحوّر فيها الأسماء والأماكن والوقائع ثمّ ترقّع بأفكار مسلوبة مختطفة ثمّ توزّع توزيعا ماهرا على فصولها المختلفة حتى تضمن لأصحابنا إخفاء معالم السطو والانتهاب والتقليد [ وهذا أمر لم يزل مستمرّا بقوّة إلى يومنا هذا ] .
وبالثرثرة واللجاجة في الصحف والمجلات صارت هذه الظاهرة مألوفة لا غبار عليها . وزادها رسوخا إثارة قضية كثيرة الضجيج محفوفة بألفاظ مبهمة مغرية تقبلها النفوس بلا ممانعة وهي قضية (القديم) و (الجديد) و(التجديد) و(ثقافة العصر) .. والنظر في حقيقة هذه القضية يفضي إلى شيئين ظاهرين : ميل ظاهر إلى رفض (القديم) والإستهانة به دون أن يكون الرافض ملما إلماما ما بحقيقة هذا (القديم) = وميل سافر إلى الغلوّ في شأن (الجديد) دون أن يكون صاحبه متميّزا في نفسه تميزا صحيحا بأنه (جدّد) تجديدا نابعا من نفسه وصادرا عن ثقافة متكاملة متماسكة بل كل ما يميّزه أنّ الله قد يسّر له الإطّلاع على آداب وفنون وأفكار تعب أصحابها في الوصول إليها من خلال ثقافتهم المتماسكة المتكاملة وكفى الله المؤمنين القتال
هذه خطوط من صورة لجانب من الحركة الأدبية والثقافية في ذلك العهد وأكثرها باق إلى يومنا هذا ومقبول أيضا بلا استبشاع له .
ولكن هذه الصورة لا تتم وحدها . في خلال التحوّل الإجتماعي الثقافيّ المتصاعد المتكاثر كان هناك جانب راكد مختنق لم يفرّغ هذا التفريغ ولكن ضرب عليه حصار مفزع وبيل مهين . هذا الجانب كان هو الوارث للماضي المتكامل المتماسك ولكنه كان يزداد على مرّ الأيّام تخلخلا وتفككا وحيرة وانطواء . يمثّل هذا الجانب جمهور المتعلمين المنتسبين إلى الأزهر ودار العلوم وأشباههما . كان أكبر همّ هذا الجانب في هذا اليمّ المتلاطم من حوله هو محاولة المحافظة على الماضي محافظة مّا ولكنّ قبضته كانت تسترخي شيئا فشيئا تحت الحصار وتحت القذائف المدمّرة التي يرمى بها والتي تزلزل نفوس أبنائه من قواعدها . وكان مطلوبا طلبا حثيثا أن تفتح أبواب هذا الحصن العتيق المنيع لتدخل عليه نفس العوامل التي أدّت إلى تفريغ (تلاميذ المدارس) من ماضيها وإلى تهتّك علائق ثقافته وعلومه وإلى ربطه بالحركة الأدبية الغازية المتصاعدة تحت ألوية (الجديد) و(التجديد) و(ثقافة العصر) وسائر الألفاظ المبهمة المغرية
وقد كان واحتاج شقّ الطريق إلى هذه الغاية إلى وسائل كثيرة متنوعة والذي يهمّني منها هو ما يتعلّق بأمر (السطو) لا غير . كان الذي يحول بينهم وبين بلوغ هذا الغرض هو أنّ جمهور المتعلمين المنتسبين إلى الأزهر ودار العلوم لم يكن لهم لسان غير العربية قلّما كان يعرف أحدهم غير هذا اللسان فعمدوا في مصر خاصة إلى إجافة باب يتيح لهم أن يطّلعوا = أو يصدموا على الأقل بما عند الحضارة الغازية من نظر ورأي في آداب العربية وعلومها وفنونها وتاريخها ودينها أيضا كان هذا موفورا في مؤلفات (المستشرقين) عامّة لأنّه هو كلّ عملهم في (الإستشراق) المرتبط كلّ الإرتباط بالإستعمار والتبشير أي تدمير الأمم المستضعفة وتحطيم ثقافتها وآثارها وماضيها كله . فكان ولابدّ إذن من نشر هذه الأفكار على نطاق واسع ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا .
انبرى لذلك رجال كثيرون في مصر والشام وغيرها لا يربطهم في أنفسهم بهذا الماضي إلاّ اللسان العربي وحده أما ضمائرهم فمرتبطة بشيء آخر . فكتبوا مقالات ونشروا كتبا في آداب العرب وعلومها وفنونها وتاريخها ودينها على قلّة معرفتهم بها معرفة تتيح لهم الكتابة ولكنها كانت معبّرة عن اتجاه (الإستشراق) لا غير .
فكانت كلّها (سطو) مجرّدا على آراء المستشرقين ومناهجهم في النظر مبثوثا في ثنايا كلّ ما يكتبون . وكذلك تيسّر لكل من لا يعرف غير العربية لسانا أن يجد على مدّ يده شيئا (جديدا) يقال عن ماضيه وبمناهج لم يألفها أيضا .
ولكن حال بين هذا الضرب من (السطو) وبين أن يكون شيئا عامّا مؤثرا تأثيرا نافذا في جمهور (المحافظين) الذين لا يعرفون غير العربية = أنهم رجال وفدوا إلى مصر مع استقرار الاحتلال الإنجليزي فيها (1892) وكانت الشبهة فيهم توجب الحذر منهم فأضعف الحذر أثر ما يكتبون في أكثر القراء من هذا الجمهور وإن كان لهم في جمهور (تلاميذ المدارس) المفرّغين من ماضيهم أثر بليغ . ومع ذلك فإن الهدف لم يذهب هدرا فإنه على الأقل فتح الباب ويسّر السبيل للساطين وجعل (السطو) المباشر أمرا مألوفا لا غبار عليه بل زاد فقرّب إلى الأذهان سبيل الإقناع بأنه ضرب من (التجديد) ومن متابعة (ثقافة العصر) ومناهج تفكيره في الدراسات الأدبية والتاريخية الخاصة يلغة العرب وتاريخهم وعلومهم وفنونهم ودينهم أيضا
ومعنى ذلك باختصار هو أنّه صار الآن ممكنا أن يصبح من الممكن ومن السهل اليسير أن يكون معنى (الجديد) و(التجديد) في دراسة آداب أمة ما وفي دراسة تاريخها : أن يعمد (المجدد) إلى اقتباس آراء وأفكار قد تولّى صياغتها من هو لصيق دحيل عليها وعلى لسانها لم ينشأ فيه وإنما تعلمه على كبر فهو لا يعلم مته إلاّ القليل ومن هو نابت في لسان آخر بآدابه وعلومه وفنونه وعقائده ومن هو محروم
بطبيعته من القدرة على تذوق آدابها تذوقا شاملا = والتذوق وحده عقدة العقد= ومن هو مسلوب كلّ إحساس بتاريخه كلّه فضلا عمّا يكنّه في سريرته من العداوة المتوارثة والبغضاء المتأججة ومن المصلحة المتجددة في تشويه صورتها تشويها متعمدا لأغراض (حضارية) = يا للعجب
أهذا ؟ أم أنّ (الجديد) و(التجديد) لا يمكن أن يكون مفهوما ذا معنى إلاّ أن ينشأ نشأة طبيعية من داخل ثقافة متكاملة متماسكة حيّة في أنفس أهلها = ثم لا يأتي التجديد إلاّ من متمكّن النشأة في ثقافته متمكّن في لسانه ولغته متذوّق لما هو ناشيء فيه من آداب وفنون وتاريخ مغروس تاريخه في تاريخها وفي عقائدها وفي زمان قوتها وضعفها ومع المتحدّر إليه من خيرها وشرها محسّا بذلك كلّه إحساسا خاليا من الشوائب = ثم لا يكون (التجديد) تجديدا إلاّ من حوار ذكي بين التفاصيل الكثيرة المتشابكة المعقّدة التي تنطوي عليها هذه الثقافة وبين رؤية جديدة نافذة حين يلوح للمجدد طريق آخر يمكن سلوكه من خلاله يستطيع أن يقطع تشابكا من ناحية ليصله من ناحية أخرى وصلا يجعله أكثر استقامة ووضوحا وأن يحلّ عقدة من طرف ليربطها من طرف آخر ربطا يزيدها قوة ومتانة وسلاسة .
فالتجديد إذن حركة دائبة عمادها الخبرة والتذوق والإحساس المرهف بالخطر عند الإقدام على القطع والوصل وعند التهجم على الحلّ والربط . فإذا فقد هذا كله كان القطع والحلّ سلاحا قاتلا مدمّرا للأمة وثقافتها وينتهي الأمر بأجيالها إلى الحيرة والتفكك والضياع إذ يورث كلّ جيل منها جيلا بعده ما يكون به أشدّ منه حيرة وتفككا وضياعا .
هذه هي العاقبة التي تفرض نفسها فرضا وما أبشعها من عاقبة .
فما ظنّك إذن بالعاقبة إذا كان القطع والحلّ مرادا لذاته وكان مرادا أيضا أن لا يكون معه أو معه أو بعده وصل وربط في داخل التكامل والتماسك الذي يجعل لهذه الثقافة معنى وحياة وحركة ؟ = وما ظنك بالعاقبة إذا كان هذا ولم تكن الأفكار (المجددة) إلاّ ترديدا لصياغة غريبة صاغها غريب عن الثقافة منتسب إلى ثقافة غازية مباينة وهو مع ذلك ناقص الأداة لا خيرة له بتشابكها وعقدها ثم هو نفسه لا يضمر لها إلاّ التدمير والاستهانة لغرض راسخ في قرارة النفس ؟ = ثم ما ظنّك أيضا بالعاقبة إذا صار (التجديد) عند أصحاب الثقافة أنفسهم لا يزيد على أن يكون (سطو) مجرّدا على هذه الصيغة الغريبة ثم إقحامها إقحاما على ثقافتهم لا لحاجة أدّى إليها النظر والفكر والتدبر بل الهوى وخبّ الظهور من مفرّغ أو من شبيه بالمفرّغ من ثقافته المتكاملة المتماسكة ؟ ما أبشع العواقب عندئذ وأبشعها التدهور المستمر
وكذلك كان مقدّرا لجيلنا نحن جيل المدارس المفرّغ أن يتلقى صدمة التدهور الأولى لأنّه نشأ في دوامة دائرة من التحول الإجتماعي والثقافي والسياسي . جئنا في أعقاب حرب الإستعمار الكبرى وهي التي يسميها أصحابها (الحرب العالمية الأولى) .
خرج منها (الحلفاء) منصورين وبدأوا من فورهم في تقسيم عالمنا وتبديده وأخذ كلّ مستعمر منهم يشدد قبضته على ما وقع في يده من الغنائم . وبالدهاء والمكر والسطوة جعل يدفع هذا التحوّل دفعا شديدا لكي يتمّ له أن يخضع عالمنا (المتخلف) لحاجات عالمه (المتحضر) وجئنا أيضا في مصر مع الرّجةالعظمى التي أحدثتها ثورة سنة 1919 والتي انتهت بعد قليل بفجيعة مزّقت الأمة تمزيقا مفزعا بفضل الدستور والانتخابات وتعدّد الأحزاب وتكالب كلّ حزب على الظفر بالحكم تحت علم السيادة البريطانية المتحضّرة .. وتبددت نفوسنا وتفتّتت تحت ضغط هذا التحوّل السريع المتمادي المريب المروّع
وفي ظلّ هذا كله كما قلت انتعشت الحركة الأدبية والثقافية انتعاشا غير واضح المعالم .. وأقول (غير واضح المعالم ) لأنّ الأساتذة الكبار الذين انتعشت على أيديهم هذه الحركة كانت علائقهم بثقافتهم غير ممزّقة كلّ التمزيق = أما نحن جيل هذه المدارس المفرّغ فقد تمزّقت علائقنا بها كلّ التمزيق فصار ما يكتبه الأساتذة فيما له علاقة بهذه الثقافة باطلا أو كالباطل . فهو لا يقع منا ومن أنفسنا بالموقع الذي ينبغي له من الفهم ومن الإثارة ومن الترغيب في متابعته ومن إعادة النظر في ارتباطنا بتلك الثقافة = بل كان عند كثير من أهل جيلنا غير مفهوم البتة فهو يمرّ عليه مرورا سريعا لا أثر له . أمّا الذي أخذه جيلنا عنهم فهو الإتجاه الغامض إلى المعنى المبهم الذي تتضمّنه كلمة (التجديد) = وإلى هذا الرفض الخفيّ للثقافة التي كان ينبغي أن ننتمي إليها = وإلى الإنحياز الكامل إلى قضايا الفكر والفلسفة والأدب والتاريخ التي أولع الأساتذة بتلخيصها لنا لكي نلحق بثقافة العصر الذي نعيش فيه وبمناهجه في التفكير كما صوّروا لنا ذلك من خلال ما يكتبونه وغاب عن الأساتذة الكبار أنّ الزمن الدوّار الذي يشيب الصغير ويفني الكبير هو الذي سيتولّى الفصل بينهم وبين أبنائهم الصغار الذين كاموا يتعلّمون اليوم على أيديهم .
والقصة تطول ومع ذلك فليس هذا مكان قصّها على وجهها إذا أنا أردت أن أقيّد ما كان كما شهدته فيما بين سنة 1928 وسنة 1936 بل إلى ما بعد ذلك إلى يومنا هذا أيضا . ويكفي أن أقول : إنّ جيلنا جيل المدارس المفرّغ كان في خلال ذلك قد كبر وانفلق عن فريقين : فريق قانع بما تجود به عليه أقلام الأساتذة الكبار من (تلخيص) و(تجديد) فهو لا يزال إليهم متطلّعا وبهم متعلّقا ثم لا يزيد = وفريق يسّر الله له السبيل إلى معرفة المنبع فرأى نفسه قادرا على أن يغترف من حيث اغترف أساتذته . لقد اطّع على أصول ما كانوا يلخّصونه وما كانوا (يجددون) به مكتوبا بلغته أو بلغاته على الأصحّ . وأحسّ أيضا أنّ (الأصل) الذي يقرؤه بلغته مضيء حيّ مكثف عميق الدلالة = وأن تلخيص الأساتذة وتجديدهم كاب لونه خامدة حياته متخلل قريب المتناول .
ومع هذا الذي أحسّ به فإنّه لا يدري يشعر بتفوّق هؤلاء الأساتذة الملخّصين المجدّدين عليه ولكنه لا يستطيع أن يجد تفسيرا لهذا التفوق مع أنّ تفسيره يسير هيّن . وذلك أنّ علائق الأساتذة بثقافة أمّتهم كانت علائق لم تمزّق كلّ التمزيق وبفضل هذه العلائق استطاعوا أن يعطوا تلخيصهم نفحة من سرّ أنفسهم يمتازون بها وأن يكونوا أقدر منهم على (التجديد) لأنّ ما عندهم كان يمكنهم من الإختيار ثم من نفي ما هو غث أو ساقط ومن إخفاء (السطو) إخفاء فيه ذرو من المعرفة . أمّا هم فقد فرّغوا تفريغا يكاد يكون تامّا من أصول ثقافتهم التي ينتمون إليها (بالوراثة) ولذلك فهم يحسّون في أنفسهم ما يشبه العجز إذا ما قارنوا بين أنفسهم وبين هؤلاء الأساتذة .
وهذا هو الموقف العصيب الذي كان فيه جيلنا يومئذ ثمّ استمرّت عليه الأجيال بعدنا وهي تشعر شعورا واضخا بتفوّق هذا الجيل من الأساتذة الكبار (الملخّصين) و(المجدّدين) مع أنّ الأمر كما قلت قائم في الحقيقة على (السطو) البيّن أو الخفي على أعمال ناس آخرين يكتبون في لغاتهم بألسنتهم ويعبّرون عن أنفسهم وعن حضارتهم وعن ثقافتهم = لا عن أنفسنا أوعن حضارتنا أو عن ثقافتنا نحن ..
ومع ذلك فإن جيلنا والأجيال التي تتابعت بعده لم ترد أن تكشف هذه الحقيقة لأنّهم إذا فعلوا ذلك كشفوا أمر أنفسهم لأنّهم لا يستطيعون شيئا آخر سوى منهج (التلخيص) و(التجديد) على السنّة التي سنّها لهم هؤلاء الأساتذة الكبار ولو فعلوا لما بقي لهم شيء يقولونه حين يرثون موقع الصدارة للتعليم والتثقيف بعد هؤلاء الأساتذة الكبار .
ولذلك فقد قنعوا بالوقوف تحت مظلّة (التجديد) و(عالمية الثقافة) و(الثقافة العالمية) و(الحضارة الإنسانية) وسائر هذه المبهمات التي أشرت إليها آنفا وتكاتموا هذه الحقيقة بينهم ثم كان الأمر بعد ذلك كما قيل في المثل (خلا لك الجوّ فبيضي واصفري) ..
ومع ذلك فأنا أحبّ أن أقرر هنا حقيقة أخرى تعين على توضيح هذه الصورة التي صوّرتها وكنت أنا أحد شهودها فصوّرتها فيما سلف . فالدكتور طه حسين وهو أحد هؤلاء الأساتذة الكبار سوف يشهد في سنة 1935 شهادته هو من موقعه هو أي من موقع الأستاذية ومن وجهة نظره هو ومن دوافعه هو إلى الإدلاء بهذه الشهادة .
ومن المعلوم أنّ الدكتور طه في سنة 1926 حين ألقى محاضراته (في الشعر الجاهلي) زعم أنّ له منهجا يدرّس به تراث العرب كلّه وسمّى هذا المذهب (مذهب الشكّ) فكان فيما قاله عن مذهبه إنّ هذا المذهب سوف : (يقلب العلم القديم رأسا على عقب وأخشى إن لم يمح أكثره أن يمحو منه شيئا كثيرا) [في الشعر الجاهلي ص:3]
ثم انطلق في كتابه هذا مستخفا بكلّ شيء بلا حذر حتى قال : (والنتائج الملازمة لهذا المذهب الذي يذهبه المجدّدون عظيمة جليلة الخطر .. وحسبك أنّهم يشكّون فيما كان الناس يرونه يقينا وقد يجحدون ما أجمع الناس على أنّه حقّ لا شكّ فيه . وليس حظ هذا المذهب منتهيا إلى هذا الحدّ بل هو يجاوزه إلى حدود أخرى أبعد منه مدى وأعظم أثرا . فهم قد ينتهون إلى تغيير التاريخ أو ما اتّفق الناس على أنّه تاريخ وهم قد ينتهون إلى تغيير التاريخ أو ما اتفق الناس على أنّه تاريخ وهم قد ينتهون إلى الشكّ في أشياء لم يكن يباح الشك فيها .. ) [في الشعر الجاهلي : 6]
والإستخفاف الذي بنى عليه الدكتور طه كتابه معروف أمّا الذي كان يقوله في أحاديثه بين طلبته فكان استخفافه عندئذ يتجاوز حدّه حتى يبلغ بنا إلى الإستهزاء المحضي بأقوال السلف . وأمّا الذي كان يدور بين طلبته الصغار (المفرّغين) من ثقافتهم كما قلت فكان شيئا لا يكاد يوصف لأنّه كان استخفاف جاهل واستهزاء خاو يردد ما يقوله الدكتور لا يعصمه ما كان يعصم الدكتور طه من بعض العلم المتصل بهذه الثقافة . وعلى مرّ الأيام كانت العاقبة وحيمة جدا . كبر الصّغار الذين تأثّروا بما قاله في سنة 1926 فقد فطمتهم السنّ وفطمتهم معرفة جديدة حازوها وتنكّروا أو كادوا للثدي الذي كان يرضعهم . وخرجت (الطلائع) تدفعها الحميّة وطلب الصّدارة في ميدان (التثقيف) و(التجديد) وبدا كأنّهم جاؤوا يزاحمون الأساتذة الكبار في مواقع الأستاذية . وساروا على نفس النّهج الذيمهّدوه لهم من (التلخيص) لفكر (الحضارة الحديثة) = أي الحضارة الأروبية = والذي هو في حقيقته سطوّ مجرّد ولكنّهم لم يسيروا سيرة الأساتذة في معالجة (القديم) حتّى يخيّل للناس أنّه إحياء للقديم وتجديد له بل كان الغالب على أكثرهم هو (رفض القديم) والإعراض عنه والإنتقاص له والإستخفاف به . وعندئذ أحسّ الدكتور طه نفسه بالخطر وهو هو الذي أضاء لهم الطريق بالضّجة التي أحدثها كتابه (في الشعر الجاهلي ) ..
كان إحساس الدكتور بهذا الخطر الذي تولّى هو كبر إحداثه ظاهر جدا ففي يناير سنة 1926 = بعد تسع سنوات من صدور كتابه : (في الشعر الجاهلي) سنة 1926 = بدأ ينشر في جريدة الجهاد مقالات انتهى منها في 22 مايو سنة 1935 وكان محصّلها رجوعا صريحا عن إدّعائه الأوّل في سنة 1926 الذي أعلنه في أوّل كتابه وهي قوله : ( إنّ الكثرة المطلقة مما نسميه شعرا جاهليا ليست من الجاهلية في شيء وإنّما هي منتحلة مختلقة بعد ظهور الإسلام فهي إسلامية تمثّل حياة المسلمين وميولهم وأهواءهم أكثر مما تمثّل حياة الجاهليين وأكاد لا أشك في أنّ ما بقي من الشعر الجاهلي الصحيح قليل جدا لا يمثل شيئا ولا يدلّ على شيء ) [في الشعر الجاهلي ص: 7]
بدأ الدكتور هذه المقالات بمقالة عنوانها : (أثناء قراءة الشعر القديم) وأدار الحديث بينه وبين صاحب له وهو يحاوره : (إنّكم لتشقّون علينا حين تكلّفوننا قراءة شعركم القديم هذا وتلحّون علينا فيه وتعيبوننا بالإعراض عنه والتقصير في درسه وحفظه وتذوّقه لأنّكم تنكرون الزمن إنكارا وتلغونه إلغاء وتحسبون أننا نعيش الآن في القرن الأوّل قبل الهجرة أو بعدها … ) إلى آخر ما صوّر به الدكتور حقيقة إحساسه بآراء من يحيطون به من جيلنا الذي بلغ الفطام واستقلّ .
ثمّ قال بعد ذلك (ص : 9 من حديث الأربعاء ج : 1) : ( وقد تحدّث إليّ المتحدّثون بأنّ أمثال صاحبي هذا قد أخذوا يكثرون ويظهر أنهم سيكثرون كلّما تقدّمت الأيام ) وصدق ظن الدكتور فقد كان ذلك وكان ما هو أبشع منه ..
وسأحاول هنا أن ألخّص ما قاله الدكتور طه بألفاظه هو لا بألفاظي لأنها شهادة أستاذ كبير يقول :
(والذين يظنون أن الحضارة الحديثة حملت إلى عقولنا
(خيرا خالصا يخطئون فقد حملت الحضارة الحديثة إلى عقولنا
(شرّا غير قليل … فكانت الحضارة مصدر جمود
(وجهل كما كان التعصب للقديم مصدر جحود وجهل
(هذا الشّاب أو هذا الشيخ الذي أقبل من أوربة
( يحمل الدرجات الجامعية ويحسن الرطانة بإحدى اللغات
( الأجنبية … يجلس إليك وإلى غيرك منتفخا متنفّشا
( مؤمنا بنفسه وبدرجاته وبعلمه الحديث أو أدبه الحديث
( ثم يتحدّث إليك كأنّه ينطق بوحي أبولون . فيعلن إليك
( في حزم وجزم أن أمر (القديم) قد انقضى وأن الناس
( قد أظلّهم عصر (التجديد) وأنّ الأدب القديم يجب
( أن يترك للشيوح الذين يتشدّقون بالألفاظ ويملأون
( أفواههم بالقاف والطاء وما أشبههما من الحروف الغلاظ
( وأنّ الإستمساك بالقديم جمود والإندفاع في الحياة إلى
( أمام هو التطوّر وهو الحياة وهو الرقي . هذا الشاب
( وأمثاله ضحية من ضحايا الحضارة الحديثة لأنه لم يفهم
( هذه الحضارة على وجهها ولو قد فهمها لعلم أنها لا تنكر
( القديم ولا تنفر منه ولا تنصرف عنه وإنّما تحببه وترغّب
( فيه وتحثّ عليه لأنّها تقوم على أساس منه متين …
( هذا الشابّ ضحية من ضحايا الحضارة الحديثة
( أو من ضحايا جهل الحضارة الحديثة وشرّه ليس مقصورا
( عليه وغنّما يتجاوزه إلى غيره من الناس . فهو يتحدّث
( وهو يعلّم وهو يكتب وهو في هذا كلّهينفث السمّ
( ويفسد العقول ويمسخ في نفوس الناس المعنى الصحيح
( لكلمة (التجديد) فليس التجديد إماتة القديم
( وإنما التجديد في إحياء القديم وأخذ ما يصلح منه للبقاء .
( وأكاد أتّخذ الميل إلى إماتة القديم أو إحيائه في
( الأدب مقياسا للذين انتفعوا بالحضارة الحديثة أو لم
( ينتفعوا بها فالذين تلهيهم مظاهر الحضارة عن أنفسهم
( حين تلهيهم عن أدبهم القديم لم يفهموا الحضارة الحديثة
( ولم ينتفعوا بها ولم يفهموها على وجهها وإنّما اتّخذوا
( منها صورا وأشكالا وقلّدوا أصحابها تقليد القردة
( لا أكثر ولا أقلّ ..
( والذين تلفتهم الحضارة الحديثة إلى أنفسهم وتدفعهم
( إلى إحياء قديمهم وتملأ نفوسهم إيمانا بأن لا حياة لمصر
( إلاّ إذا عنيت بتاريخها القديم وبتاريخها الإسلامي
( وبالأدب العربي قديمه وحديثه عنايتها بما يمس حياتها
( اليومية من ألوان الحضارة = هم الذين انتفعوا وهم
( الذين فهموا وهم الذين ذاقوا وهم القادرون على أن
( ينفعوا في إقامة الحياة الجديدة على أساس متين ) .
وهذه الشهادة من أحد الأساتذة الكبار الذين سنّوا لمن بعدهم السنن في الحياة الأدبية وفي مناهج تفكيرها شهادة مهمّة جدا لتاريخ الحياة الثقافية التي امتدّت بعدهم إلى يومنا هذا بل هي تكشف عن جذور التدمير المفزع الذي يشمل اليوم المجتمع العربي كلّه حيث تنطق العربية .. لا بل حيث يدين غير العرب بالإسلام ويوجب عليهم إسلامهم أن يضعوا العربية في المقام الأوّل لأنّ إسلامهم لا يكون إسلاما إلا بالقرآن وهو الذي نزل عليهم بلسان عربي مبين وإلاّ بسنّة الرسول الأميّ العربيّ صلى الله عليه وسلم وهي أيضا بلسان عربي مبين .
وليس من همّي هنا أن أفسر هذه الشهادة ولا أن أوضّح مدى صدقها حيث صدق توقع الدكتور في تكاثر عدد من وصفهم من (المثقفين) في شهادته وأخشى أن أقول إن هذه الصفة على نقصها تشمل عامة المثقفين في زماننا هذا إلى سنة 1977 = ولكن الذي يجب عليّ أن أقوله : إن شهادة الدكتور على اختصارها إنّما هي وجه آخر لشهادتي التي كتبتها هنا قالها هو من موقع (الأستاذية) وقلتها أنا من موقعي بين أفراد جيلي الذي أنتمي إليه وهو جيل المدارس المفرّغ من كلّ أصول ثقافة أمته وهو الجيل الذي تلقّى صدمة التدهور الأولى حيث نشأ في دوّامة من التحوّل الإجتماعي والثقافي والسّياسي كما أشرت إليه آنفا [ص : 161] .
ثمّ قلت في ختام ما سميته (لمحة من فساد حياتنا الأدبية) [كتاب المتنبي : 122-123] :
أمّا الآن فإنّي أتلفّت إلى الأيام الغابرة البعيدة حين كنت أشفق من مغبّة السنن التي سنّها لنا الأساتذة الكبار كسنّة (تلخيص) أفكار عالم آخر ويقضي أحدهم عمره كاملا في هذا التلخيص دون أن يشعر بأنّه أمر محفوف بالأخطار ودون أن يستنكف أن ينسبه لنفسه نسبة تجعله عند الناس كاتبا ومؤلفا وصاحب فكر هذا ضرب من التدليس كريه . ومع ذلك فهو أهون من (السطو) المجرّد حين يعمد الساطي على ما سطا عليه فيأخذه فيمزقه ثمّ يفرّقه ويغرقه في ثرثرة طاغية ليخفي معالم ما سطا عليه وليصبح عند الناس صاحب فكر ورأي ومذهب يعرف به وينسب كلّ فضله إليه . ومع ذلك فهذا أيضا أهون من (الإستخفاف) بتراث متكامل بلا سبب ولا بحث وبلا نظر ثم دعوة من يعلمون علما جازما أنه غير مطيق لما أطاقوا إلى الإستخفاف به كما استخفّوا . ومع ذلك أيضا فهذا أهون مما فعلوه وسنّوه من سنّة (الإرهاب الثقافي) الذي جعل ألفاظ (القديم) و(الجديد) و(التقليد) و (التجديد) و(التخلف) و (الجمود) و(التحرر) و(ثقافة الماضي) و(ثقافة العصر) = سياطا ملهبة بعضها سياط حث وتخويف لمن أطاع وأتى وبعضها سياط عذاب لمن خالف وأبى .
أتلفّت اليوم إلى ما أشفقت منه قديما من فعل الأساتذة الكبار .. لقد ذهبوا بعد أن تركوا من حيث أرادوا أو لم يريدوا حياة أدبية وثقافية قد فسدت فسادا وبيلا مدى نصف قرن وتجدّدت الأساليب وتنوّعت وصار (السطو) على أعمال الناس أمرا مألوفا غير مستنكر يمشي في الناس طليقا عليه طيلسان (البحث العلمي) و(عالمية الثقافة) و(الثقافة الإنسانية) وإن لم يكن محصوله إلاّ ترديدا لقضايا غريبة صاغها غرباء صياغة مطابقة لمناهجهم ومنابتهم ونظراتهم في كلّ قضية واختلط الحابل بالنابل قل ذلك في الأدب والفلسفة والتاريخ والفن أو ما شئت فإنّه صادق صدقا لا يتخلّف . فالأديب منّا مصوّر بقلم غيره والفيلسوف منا مفكّر بعقل سواه والمؤرّخ منّا ناقد للأحداث بنظر غريب عن تاريخه والفنّان منّا نابض قلبه بنبض أجنبي عن تراثه وفنّه .
وأمّا الثرثرة والإستخفاف فحدّث ولا حرج فالصبيّ الكبير يهزأ مزهوّا بالخليل وسيبويه وفلان وفلان ولو بعث أحدهم من مرقده ثم نظر إليه نظرة دون أن يتكلّم لألجمه العرق ولصار لسانه مضغة لا تتلجلج بين فكّيه من الهيبة وحدها [دون] علمه الذي يستخف به ويهزأ .
والله المستعان على كلّ بلية وهو المسؤول أن يكشفها وهو كاشفها بمشيئته رحمة بأمّة مسكينة هؤلاء ذنوبها وأشباه لهم سبقوا وغفرانك اللهمّ .

الأحد 25 من ذي القعدة سنة 1397 .. 6 من نوفمبر سنة 1977
أبو فهر
محمود محمّد شاكر

والأصل الذي نسخته منه هو كتاب (رسالة في الطريق إلى ثقافتنا) نسخة pdf المرفوع على المكتبة الوقفية وجاء المحتوى المنسوخ ملحقا بآخر الكتاب تحت عنوان :

ذيل الرسالة / قصة التفريغ الثقافي
..

شكرا على الموضوع

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة zodiaque121 الجيريا
شكرا على الموضوع

عفواً .. تشكر على إهتمامك أيضا

المهرجان الثقافي اختبار اللغة العربية 2024.

الملفات المرفقة
نوع الملف: rar المهرجان الثقافي.rar‏ (7.6 كيلوبايت, المشاهدات 160)

جزاك الله خيرا.

الملفات المرفقة
نوع الملف: rar المهرجان الثقافي.rar‏ (7.6 كيلوبايت, المشاهدات 160)

جزاك الله خيرا
شكرا

الملفات المرفقة
نوع الملف: rar المهرجان الثقافي.rar‏ (7.6 كيلوبايت, المشاهدات 160)

بارك الله فيك

الملفات المرفقة
نوع الملف: rar المهرجان الثقافي.rar‏ (7.6 كيلوبايت, المشاهدات 160)

جزاك الله خيرا
شكرابارك الله فيك

الملفات المرفقة
نوع الملف: rar المهرجان الثقافي.rar‏ (7.6 كيلوبايت, المشاهدات 160)

جزاك الله خيرا

الملفات المرفقة
نوع الملف: rar المهرجان الثقافي.rar‏ (7.6 كيلوبايت, المشاهدات 160)

جزاك الله خيرا

الملفات المرفقة
نوع الملف: rar المهرجان الثقافي.rar‏ (7.6 كيلوبايت, المشاهدات 160)

بارك الله فيك و لك ألف شكر

الملفات المرفقة
نوع الملف: rar المهرجان الثقافي.rar‏ (7.6 كيلوبايت, المشاهدات 160)

جزاك الله خيرا.

الملفات المرفقة
نوع الملف: rar المهرجان الثقافي.rar‏ (7.6 كيلوبايت, المشاهدات 160)

جزاك الله خيرا

الملفات المرفقة
نوع الملف: rar المهرجان الثقافي.rar‏ (7.6 كيلوبايت, المشاهدات 160)