المفكر الداعية الشيخ محمد سعيد رحمه الله 2024.

الشيخ محمد سعيد إمام وداعية ومفكر جزائرى ومن مؤسسي رابطة الدعوة الإسلامية هو إذن الشيخ محمد سعيد ولد في 14 جويلية 1945 بقرية أيت سيدي عثمان بلدية واسيف ولاية تيزى وزو في عائلة محافظة ويعود نسبه للحسن بن علي سبط رسول الله إلتحق أخوه الحسن بالثورة سببا في تشريد عائلته من طرف المستعمر الفرنسي البغيض وبذلك إلتخق ببلدية مولاي العربي بسعيدة كان يشتغل ببقالة هناك ونظرا لنبغاته كان أنذاك عمره لا يتجاوز 14 سنة يكتب رسائل رد للمجاهدين وكان يقرأ رسائل القادة علي المجاهديين هناك وكان أخوه الحسن إستشهد مع العقيد عميروش في نواح سيدي عيسي وبعد الإسقلال إلتق بالمدرسة الخرة لجمعية العلماء فكان يدرس نهارا ويحترف الخياطة ليلا إلا أن إلتحق بمهنة التدريس وكان يزاول دراسته وكان يواظب علي دروس مالك بن نبي وكذا ندوات نادي الترقي وكان من الأوائل المؤسسين لجماعة الدعوة والتبليغ في الستينات وبعد إلتحاقه بالجامعة إحتك هناك بجماعة الفكر البنابي وأسسو نواة لحركة فكرية منظمة تحت إشراف الأستاذ بوجلخة حفظه الله وبعد تأسيس مسجد الجامعة كان الشيخ رحمه الله يلقي ندوات وحلقات داخل الجامعة وبذلك أكتشفت نباغة الشيخ واتصل به من طرف جمعية مسجد دار الأرقم وألقي خطبة جمعة سنة 1969 بحضور الشيخ عبد اللطيف سلطاني رحمه الله والذي إنبهر لفن الخطابة لديه وبعدها بقي يتناوب علي الرقم والجامعة المركزية جمعة بجمعة بغض النظر عن الندوات والمحاضرات للنخبة بالجامعات والأحياء الجامعية وكذا دروس مسجدية للعامة وفي سنة 1981 لما توجه للحج مع أحد شباب دار الأرقم وجمعه بالمدينة المنورة لقاء ببعض العلماء فهمس أحد العلماء في أدن المرافق للشيخ أن هذا الشخص يملك أفكار تجديدية بذلك لا يعمر كثيرا لسنة كونية أن المجديدن يموتون غدرا . وفي سنة 1981 كان هناك تجمع للحركة الإسلامية بالجزائر وكان الشيخ عبد اللطيف سلطاني مدرسا والشيخ محمد سعيد خطيبا وتلي بيان 14 نقطة قرأه الشيخ عباسي وهذا ما كلفهم سنتين سجن نافذه وبعد العفو عليهم واصل الشيخ دربه الجهادي الدعوى بالجزائر خطيبا ومحاضرا ومدرسا وكذا نشاطه بمنطقة القبائل باللغة البربرية فأحدث نقلة نوعية أنه أثناء الإنتخابات التشريعية 1991 تساوت الجبهة الإسلامية مع جبهة القوى الإشتراكية في عقر دارها. في سنة 1989 أعلن الشيخ عباسي وعلي بلحاج عن تأسيس ح** إسلامي وكان الشيخ دائما صاحب مواقف فحرر بيان مع الشيخ أحمد سحنون رحمه الله للتريث للخروج بالصحوة بموقف موحد ولاكن بعض الرعاع أشبعوه سبا وأرادو ضربة لولا العناية الإلاهية وتدخل الشيخ علي بلحاج لتهدئة الأوضاع
رغم أن الشيخ لم يوافق التأسيس الإنفرادي لجبهة الإنقاذ إلا أنه لم يتوان في نصرة إخوانه لما قال له الشيخ عباسي مدني في ملتقي الدعوة الإسلامية في مسجد دار الأرقم الجبهة جبهتكم أحببتم أم كرهتم فكان الشيخ علي ثغلرة من ثغور الإسلام رغم اختلاف الرئ فكان كالطود يصول ويجول من أجل شحذ الهمم للإنتخاب علي الجبهة الإسلامية والمشروع الإسلامي كان دائما يعمل علي توحيد الصف ويكره التفرقة وهو الذي آخي بين الشيخ محفوظ نحناح والشيخ جاب الله سنة 1988 بدار الأرقم.
وبعد الإضراب السلمي للجبهة وإعتقال الشيوخ بادر هو وثله من إخوانه علي رأب الصدع وتجميد عضوية الخونة من المجس الشوري وأصدر البيان التاريخي بمسجد النور وبقيت الجبهة كالطود الأشم وفازت بالإنتخابات البرلمانية بالأغلبية في الدور الأول ولما رأت الذئاب من الجنرالات أبناء بيجار الخوف علي مصالحهم بادرو للإنقلاب علي إختيار الشعب فكان للشيخ إن إختار السرية ولاكن في الإطار السياسي للجبهة إلا أن إشتد ظلم النظام بادر إلي وحدة الجماعات المسلحة حتي لا تنفلت الأمور لاكن أزلام النظام منهم جمال زيتوني قامو بالإغتيال الجبان للشيخ محمد سعيد ورجام حتي يفوتو الفرصة علي الأمة ولاكن الله متم نوره ولو كره الكافرون
ملاحظة
الرجل المفكر هذا قال فيه الشيخ الغزالي رحمه الله ما رأيت خطيبا مثله قط أكتبو وأبحثو في تاريخه فهو قدم حياته قربانا للجزائر والدعوة

مقالات قانونية مفيدة من مجلة المفكر 2024.

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته

أحكام طلاق المضطرب نفسيا
آرسطو و المرأة
الإعتبارات العملية للدفع بالنظام العام
التكوين العقلي و أثره في جنوح الأحداث
الثقافة الإستنباطية في الفقه الإسلامي
القتل الرحيم بين الإباحة و التحريم
اللعان بين الزوجين في الفقه الإسلامي و مدى تطبيقه في القانون الجزائري
المرأة الجزائرية و حق الترشح في المجالس المنتخبة بين الإعتراف القانوني و محدودية الممارسة
حقوق المرأة العاملة
حكم الإسلام في زواج المتعة مع بيان حكم أنكحة التحليل .الشغار .الهبة .النكاح بدون وليّ .النكاح من الزانية .الزواج العرفي
مجلة دبي القانونية
دليل الباحث في كتابة البحث و شكله
دور المرأة في المشاركة السياسية
عبئ الإثبات في المواد الجزائية و المدنية
ماهية الهجرة غير الشرعية
هل أقرت الشريعة الإسلامية عقوبة الإعدام
موقف القضاء الدولي من التعارض بين الإتفاقات و القانون الدولي .

وهذا ملف ( rar.) فيه جميع المقالات .

سلام بالتوفيق للجميع الجيريا

شكرا جزيلا اختي العزيزة

بارك الله فيكي الأخت الواثقة بالله .

السلام عليكم:
شكرا جزيلا.

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عيسى قيرش الجيريا
شكرا جزيلا اختي العزيزة
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رنيم ألاء الجيريا
بارك الله فيكي الأخت الواثقة بالله .
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الفارس الجدَّاوي الجيريا
السلام عليكم:
شكرا جزيلا.

بارك الله فيكم شكرا جزيلا لكم

الجيريا الجيريا الجيريا

شكرا جزيلا وثوققققققةةةة ربي يوفقك دكتر

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة *نور الأمل* الجيريا
شكرا جزيلا وثوققققققةةةة ربي يوفقك دكتر
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مرشد الحيران الجيريا

العفو بارك الله فيكما

السلام عليكم
بارك الله فيك أختي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة faridsd الجيريا
السلام عليكم
بارك الله فيك أختي

و عليكم السلام و الرحمة

و فيك بارك الله

الشكر موصول …

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة idari الجيريا
الشكر موصول …

العفو أخي الكريم الجيريا

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواثقة بالله 23 الجيريا
العفو أخي الكريم الجيريا

موفقة باذن الله ..

جزاك الله خيرا

السلام عليكم جزاك الله ألف خير

المفكر الاسلامي مالك بن نبي 2024.

من أعلام الفكر الإسلامي العربي في القرن العشرين (مالك بن نبي) رحمه الله (1905-1973م)، الذي ولد في مدينة (قسنطينة) في (الشرق الجزائري) سنة (1905)، في أسرة فقيرة، بين مجتمع جزائري محافظ، حيث فتح (مالك) عينيه على تحوّلات حوله في (قسنطينة) أو قريبة منه في (عنابة) أو بعيداً عنه، شرع يدرك آثارها لاحقاً في (الجزائر) العاصمة أو نذرها في الجنوب.‏

انتقل بعد مولده صحبة أسرته إلى (تبسة) حيث زاول تعليمه الابتدائي والإعدادي، ونجح في "امتحان المنح، ذلك الذي كان ذا دلالة لطفل من (الأهالي) ماكان في وسع أبويه أن يرسلاه إلى المدرسة الثانوية" بقسنطينة، حيث قضى سنته الدراسية الأولى (1921-1922م) وقد شرعت (قسنطينة) ذاتها تمور بالحس الوطني، والفكر الإصلاحي بعد الحرب العالمية الأولى، فتتلمذ في المدرسة نفسها على أساتذة وطنيين، في العربية، زرعوا في نفسه بذرة العمل الوطني، كما درس على أساتذة فرنسيين عنصريين، أشعروه بالخط الاستعماري الفرنسي لمسخ الشخصية الإسلامية العربية في الجزائر، وتشويه تاريخ الوطن.‏

من هنا شرع فضوله يكبر، واهتمامه بالشيخ (عبد الحميد بن باديس) يزداد اتساعاً، لكنه ماكاد ينهي تعليمه في هذه الثانوية حتى عاد إلى العزلة في (تبسة) باحثاً عن عمل، مفكراً في مشاريع لذلك، ثم في (آفلو) بالجنوب الجزائري، موظّفاً بمحكمتها، راضياً بذلك، في محيط عام بدأ يتصعلك منذ ما قبل الحرب العالمية الأولى "ولم يبق للشباب إلا الرغبة في الحصول على بعض المقاعد يتبوأونها في ظل الاستعمار".‏

تخرج (مالك) بعد سنوات الدراسة الأربع، في مدرسته التي اعتبرها "سجناً يعلّم فيه كتابة صك زواج أو طلاق" وتخرج في (جوان 1925) وفي نفسه مع زميل له توق إلى (فرنسا) من أجل "أن نفتح لأنفسنا باباً على العالم، لأن الأبواب موصدة في الجزائر"، فركبا (الباخرة) من (سكيكدة) إلى (مرسيليا)، بحثا عن عمل لهما (مالك وقاواو)، زميله لكن (مالك) في (مرسيليا) يبيع معطفه الجديد بثلث ثمنه كي يستطيع السفر إلى (ليون) التي ظفر فيها مرافقان من (الجزائر) يهودي وفرنسي بعمل، الأول في بيرلييه(Birlier) والثاني في (زينيت)(Z鮩th) وأخفق (مالك) وصاحبه (قاواو) فباتا يضيقان "ذرعاً بالحياة بعد قضاء سحابة نهارنا ننتظر الفرج من غير طائل في مكاتب الاستخدام"، لكنهما عثرا على عمل في مصنع للإسمنت في (Noterdame – lorette) لحمل الآجر والأكياس، ذات الخمسين كيلو غراماً، وسرعان ما تركه للعمل بباريس، في مصنع للمشروبات، لكن على "رصيف الزجاجات الفارغة"، باقتراح من (تبسي) سبقه هناك، لكن سعير الحرارة في (جهنّم) الموقع أكل روحه وجسده، فأرسل إلى أهله في (تبسة) "ابعثوا مالاً للعودة" فكانت مراسلته الأولى، "ولم أعرف من باريس إلا أرصفة ************ولا الفارغة والمملوءة، وعرفت عن بعد برج (إفل)…. عدت إلى الجزائر وعاد معي السؤال: ما العمل؟ ذلك السؤال الذي دفعني إلى المغامرة البائسة التي عشتها مع قاواو".‏

وبعد العودة تبدأ تجارب جديدة في الاهتداء إلى عمل، كان أهمها، عمله في محكمة (آفلو) حيث وصل في (مارس 1927م)، في محيط بدا له غريباً: "لكن العشرة الحسنة للناس الذين رحبوا بي في آفلو طمأنتني، وبلغ بها الأمر أن شغفتني حباً"، بل" كانت آفلو المدرسة التي تعلمت فيها أن أعرف أكبر معرفة فضائل الشعب الجزائري التي ما تزال سليمة لم يمسها شيء، كما كانت حقاً في الجزائر كلها قبل أن يعيث الاستعمار فيها فساداً".‏

لكنه اكتفى بقضاء سنة واحدة هناك، فعاد إلى (تبسة) في (مارس) أيضاً‏

(1928م)، ليدخل في مشروع تجاري مع زوج أخته انتهى بالخسران وخيبة الأمل الطاحنة، مما آلمه أكثر لكون شريكه ذا أسرة في حاجة إلى طعام، فتجدّد مشروع السفر إلى الخارج من جديد، لكن بطريقة معقولة، زكّاها والداه، فقالت له أمّه: "اذهب إلى باريس وتابع دراستك"..‏

وأتمّ أبي تفكيرها فقال:‏

تعلم أن (ابن ستيتي) درس سنة في مدرسة اللغات الشرقية، بعد أن أتمّ دراسته في المدرسة مثلك، وهكذا أعفي من شهادة الدراسة الثانوية فسجل نفسه في كلية الحقوق..‏

سوف نبعث إليك ما أنت في حاجة إليه كلّ شهر"..‏

فلم تمض سوى ثلاثة أيام حتى استقل الباخرة من (عنابة) إلى (مرسيليا)، ومن هنالك إلى (باريس) بالقطار، حين نزل في (محطة ليون) صباح يوم من شهر (سبتمبر 1930) معلناً في نفسه "لا أعود هذه المرة إلى الوراء مثلما عدت المرة الأخيرة بعد النكسة التي أصابتني مع رفيقي قاواو في صيف 1925 ..‏

فكانت الرحلة هنا علمية جادة، طمح فيها (ابن نبي) للدراسة "بمعهد الدراسات الشرقية في باريس أملاً في التخرج محامياً، فهيأ نفسه لامتحان الدخول، وانتظره هنالك واستعدّ له". ، ثم اجتازه وكله ثقة في النجاح، لكن النتيجة كانت خيبة الأمل، المقررة مسبقاً، فقال عنها: "لقد طلبني مدير المعهد، وفي هدوء مكتبه الوقور شرع يشعرني بعدم الجدوى في الإصرار على الدخول لمعهده، فكان الموقف يجلي لنظري بكل وضوح هذه الحقيقة: إن الدخول لمعهد الدراسات الشرقية لا يخضع بالنسبة لمسلم جزائري لمقياس علمي وإ********ا لمقياس سياسي، ونزلت كلمات المدير على طموحي نزول سكين المقصلة على عنق المعدوم…. وفي ذلك اليوم لم يتحطم فقط أملي، بل شعرت أن حلم والدتي ووالدي قد تحطم أيضاً على صخرة الإرادة المقررة في خبايا الدوائر" الاستعمارية، في (فرنسا) مثلما في (الجزائر).‏

فاضطّر للتعديل في أهدافه وغاياته، فالتحق بمدرسة (اللاسلكي) غير البعيدة عن (معهد اللغات الشرقية) للتخرج كمساعد مهندس، ممّا يجعل موضوعه تقنياً خالصاً، بطابعه العلمي الصرف، على العكس من المجال القضائي والسياسي..‏

لكن تشاء الأقدار أن يدخل (مالك بن نبي) من هذا الباب نفسه إلى عالم (الفكر السياسي): فبدأ الكاتب هنا يرتفع بشعوره إلى مستوى وطني رفيع، يحس بمسؤولية ما تجاه وطنه ومجتمعه للخروج من التخلف، والأخذ بأسباب الحضارة والثقافة الحديثة"‏

وانغمس في الدراسة، وفي الحياة الفكرية، كما تزوج (فرنسية) واختار الإقامة في (فرنسا) مع تردّد على (الجزائر) مع زوجته الفرنسية المسلمة (خديجة) وشرع يؤلف، في قضايا العالم الإسلامي كله، فكان سنة (1946)، كتابه "الظاهرة القرآنية" ثم "شروط النهضة" 1948، و"وجهة العالم الإسلامي"1954.‏

ثم ينتقل إلى القاهرة بعد إعلان الثورة المسلحة في الجزائر (سنة 1954) وهناك حظي باحترام، فكتب "فكرة الإفريقية الآسيوية" 1956. وتشرع أعماله الجادة تتوالى، وبعد استقلال (الجزائر) عاد إلى الوطن، فعين مديراً للتعليم العالي الذي كان محصوراً في (جامعة الجزائر) المركزية، حتى استقال سنة‏

(1967) متفرغاً للكتابة، بادئاً هذه المرحلة بكتابة مذكراته، بعنوان عام"مذكرات شاهد القرن"، فنشر الجزء الأول بهذا العنوان وحده بالفرنسية، وترجمه إلى العربية السيد (مروان القنواتي)، سنة 1969 وأضيف تحت هذا العنوان في الجزء الثاني الذي نشر في 1970 اسم (الطالب) لكونه يخص مرحلة الدراسة في فرنسا (ابتداء من سنة 1930) أما الجزء الثالث فبقي مخطوطاً بعد وفاة المؤلف في (31-10-1973)…‏

و(مذكرات شاهد القرن)، صورة عن نضال (مالك بن نبي) الشخصي في طلب العلم والمعرفة أولاً، والبحث في أسباب الهيمنة الأوروبية ونتائجها السلبية المختلفة وسياسة الاحتلال الفرنسي في (الجزائر) وآثاره، ممّا عكس صورة حية لسلوك المحتلين الفرنسيين أنفسهم في (الجزائر) ونتائج سياستهم، ووجوهها وآثارها المختلفة: الاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية..‏

فحمل الفرنسيون معهم كلّ الآفات الاجتماعية التي لاحظ (ابن نبي) انعكاساتها على محيطه، في (قسنطينة) نفسها (1921-1925) حيث "بدأ يتفشى إدمان الكحول وأثره السيء"، "وبدأ المجتمع القسنطيني يتصعلك من فوق، ويتدهور من تحت، بدأت ملامح التصعلك حتى في التفاصيل الشكلية للرجال الذين تغيرت أزياؤهم في شوارع قسنطينية"(14).. مع اجتياح أوروبي ويهودي، حتى مضت "الحياة الأهلية تتقلص وتنزوي في شوارع ضيقة"(15)، فشرعت تتفشى القيم والسلوكات الأوروبية، والحياة المتهتكة "فكان البورجوازي وفلاح سطيف في حاجة إلى المال حتى يحيي الأوّل عرساً ويشتري الثاني سيارة سيتروين تمكنه من أن يقضي سهراته الماجنة في شارع السلم في قسنطينة، وكان اليهودي مستعداً دائماً لإقراضهما ذلك المال بربّى قدره ستون في المئة، وكان أكل الربا أضعافاً مضاعفة يجعل ملكيتهما تمرّ من أيديهما إلى أيدي المستعمر مروراً آلياً بعد عام أو عامين"..‏

شكرا جزيلا

أخي الفاضل (( عبد الله )) بارك الله فيك على هذا الموضوع الرائع

حول هذا العملاق من عمالقة الفكر الإسلامي الأستاذ المرحوم (( مالك بن نبي ))

ما رايك أخي بهذا الإقتراح :

تواصل في هذا السلسلة ونساعدك فيها حيث نتدارس فكر هذا الرجل العظيم

ونقدمه لأمتنا حتى نفيد ونستفيد

واش رايك ؟؟؟

أخوك طارق

الجيريا

بارك الله فيك ايها الفاضل

أخي الفاضل عبد الله : أعانك الله مكتب لك بكل حرف تكتبع على هذا العملاق

الذي لايعرفه إلا القليل ، لكن أقول لك أخي الحبيب

لو تسمح لي بالتطفل على موضوعك : من أجل إضافات للمناقشة حول المعندس الكهربائي ومفكر علم الإجتماع

والرجل الذي عاش في فرنسا وكتب بالفرنسية ولم يتأثر بثقافتها

بل ضل مؤمنا بطلا للفكر ومبشرا بنهظه تظهر سناياها من بعيد

لي عودة أخي الفاضل

أخوك طارق

شكرا أخي التفاتة طيبة لهذا الرمز الذي أثبت أن الجزائري له مقالة في الفكر الانساني و له وجهة نظر و له رؤية خاصة و تحليل وتشخيص بمستوى عمق القضابا الانسانية.
وأن مع الاقتراح الذي وضعه الاخ المتيجي.
مع الشكر.

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طارق المتيجي الجيريا
أخي الفاضل (( عبد الله )) بارك الله فيك على هذا الموضوع الرائع

حول هذا العملاق من عمالقة الفكر الإسلامي الأستاذ المرحوم (( مالك بن نبي ))

ما رايك أخي بهذا الإقتراح :

تواصل في هذا السلسلة ونساعدك فيها حيث نتدارس فكر هذا الرجل العظيم

ونقدمه لأمتنا حتى نفيد ونستفيد

واش رايك ؟؟؟

أخوك طارق

ولم لا اقتراح رائع بارك الله فيك اخي طارق
تقبل تحياتي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طارق المتيجي الجيريا
أخي الفاضل عبد الله : أعانك الله مكتب لك بكل حرف تكتبع على هذا العملاق

الذي لايعرفه إلا القليل ، لكن أقول لك أخي الحبيب

لو تسمح لي بالتطفل على موضوعك : من أجل إضافات للمناقشة حول المعندس الكهربائي ومفكر علم الإجتماع

والرجل الذي عاش في فرنسا وكتب بالفرنسية ولم يتأثر بثقافتها

بل ضل مؤمنا بطلا للفكر ومبشرا بنهظه تظهر سناياها من بعيد

لي عودة أخي الفاضل

أخوك طارق

بارك الله فيك وجزاك الله خيراااااااااااااااااااااا

لا تتخيل كل الناس ملائكة فتنهار أحلامك,ولا تجعل ثقتك بهم عمياء لأنك سوف تبكي ذات يوم على سذاجتك ـ ولتكن فيك طبيعة الماء الذي يحطم الصخرة بينما ينساب قطرة قطرة
اجمل ما قرات من الحكم رحمك الله ، جوزيت خيرا على الطرح الرائع اخي

اللهم ارحمه؛ فقد رضع لبان الحسن من الشيخ عبد الحميد بن باديس ، اللهم ارحم جميع أعلامنا أعلام المسلمين و كل من شهد لك ربي بالوحدانية

بسم الله الرحمن الرحيم

دمتم لنا مفيدين ومستفيدين

وفقكم الله

الجيريا

وفقكم الله……………..

كا الدول التي تهتم و تحترم العلماء استفادت من هذا العبقريمثل ماليزيا و تركيا على سبيل المثال لا الحصر الا الجزائر
جزائر خليدة تومي و بن بوزيد وغيرهم كثير

المفكر الجزائري محمد أركون 2024.

لماذا هو معروف في العالم ويجهله الكثير هنا في الجزائر ؟، لماذا لا نقرأفكره بموضوعية بعيدا عن كل اديولوجية .

محمد اركون اعجب كثيرا بأبي حيان التوحيدي ….وهو ينهج مذهب العقلانيين والمعتزلة…مفكر عظيم …..للاسف حتى قبره في الدار البيضاء المغربية

مشكوررررررر

علال الفاسي المفكر السلفي والزعيم السياسي 2024.

علال الفاسي المفكر السلفي والزعيم السياسي

كان علال الفاسي من الرواد المجددين على رؤوس المئات أنصب اهتمامه على تجديد النظم السياسية والاجتماعية والدينية التي خضعت لها أمته عصورا مديدة، من أجل تهيئتها للتحرر الكامل من الاستعمار لكي تستطيع ركوب قطار الرقي والتطور….
كان صاحب فكر شمولي، ينظر إلى جميع المسائل التي لها علاقة بقضية النهضة من منظور شمولي "تمثل فيه التحليلات السوسيولوجية المكانة الأولى" لأن الغرض الأساسي للمفكر الذي يعمل للنهضة في رأيه ينبغي أن يكون "توجيه الأنانية والفكر والشعور توجيها اجتماعي إنسانيا. وكان يرى ضرورة تنوير الرأي العام، وإصلاح ما فسد منه، وتحريره من مظاهر الجمود، والخرافة، والتقاليد الفاسدة . وقد ربط الديمقراطية بالحرية "لأنه لا مسؤولية بدون حرية ولا حرية بغير تفكير" وكذلك بأصول أخلاقية لا يجوز التنصل منها حتى لا نسقط في براثين عبادة القوة أو عبادة المال. وبالتالي فإن التحرر من كل سيطرة غير سيطرة الفكر المؤمن بالحرية هو الشرط الأساسي الذي به نستطيع أن نحرر الفكر العام من خرافات الماضي ومضللات العصر الحديث".

إلا أن الحرية الحقيقية كما يراها. ليست هي حرية "الاستواء: أو "التساوي" أي حرية الاختيار بين أطراف متعادلة القوة ا والمبررات، وإنما هي القدرة على اختيار الخير الأسمى بالذات (أي المثل الاعلى الذي يعبر عن الأفكار الصحيحة).
هذه بعض المؤشرات التي من خلالها نسعى إلى تحديد بعض ملامح شخصية علال الفاسي. رائد الحركة الوطنية المغربية المفكر المناضل والعالم السلفي المجدد… كان إشعاعه قويا وتأثيره بارزا في تاريخ المغرب الحديث. كان علال الفاسي رجلا استثنائيا كزعيم، وقائد ومفكر وعالم ومناضل… قال عنه الملك الراحل الحسن الثاني: كان علال استاذا للأجيال التي تتلمذت على يديه في الوطنية والعلم. كان سلفيا بقدر ما كان مناضلا ومكافحا، أحب بلاده وبلاد العروبة والإسلام وناضل إلى أخر رمق في سبيلها، وكان يرفع اسم المغرب أينما كان وحيثما حل
إن التاريخ كما يرى "توماس كارلايل" صاحب كتاب الأبطال إنما هو تاريخ بطولة وأبطال تجري أحداثه على مسرح التاريخ..
ومن ثمة فإن الكلام عن عظماء الرجال وما أدوا من أدوار وأنجزوا من أعمال جسام يعد من المباحث العويصة لأن سير العظماء من صميم ولباب التاريخ.
ومن هذا المنطلق فإن دراستنا سوف ترتكز على بلورة وإبراز المقومات والخصائص التي شكلت الدور التاريخي لعلال الفاسي باعتباره أهم الوجوه التاريخية في المغرب المعاصر. فقد جمع في بوتقة واحدة الفكر والممارسة السياسية، فانصهرت في شخصيته التاريخية المميزة دور المفكر المنظم المربي، والزعيم السياسي الذي يساهم في تغيير الواقع ويقوم بإعادة تشكيله أو توجيهه ..

إذن هذا الحضور الواعي والفاعل في التاريخ هو الذي طبع المسار الفكري والسياسي لعلال الفاسي، وجعل منه بطلا من أبطال التاريخ.

في عصره وإذا كان الناس يتطلعون إلى الصورة التاريخية للبطولة من أجل الاقتداء والأسوة، فإننا سوف نهتم في بحثنا لبيان بعض مظاهر التجديد التي طبعت فكر الرجل وعمله..

1 ـ العصر وتحولاته

إن النظر في الصورة التي تبلورت بها الشخصية التاريخية واستوت،يقتضي الإلمام بالعوامل والمؤثرات التي أسهمت في تشكيل عصرها، وكذلك معرفة محيطها وأصولها ومحتدها الذي تفرعت عنه .
ـ كيف كان العصر الذي نشأ فيه علال الفاسي وتشكلت فيه مداركه. وتفتح وعيه وتحددت اختياراته ..
يمكن أن نقول أنه مع بداية القرن العشرين كان التمدد الاستعماري الأمبريالي الأوروبي قد بلغ أوجه ومداه مع استمرار أحكام قبضته وسيطرته على مختلف أقطار العالم. وكان المغرب طبعا داخلا ضمن مخططات الهيمنة الاستعمارية وخاصة الفرنسية التي احتلت الجزائر وتونس وبدأت في بسط سيطرتها وترسيخ نفوذها على أجزاء كبيرة من القارة السمراء وخاصة في إفريقيا جنوب الصحراء المحاذية للمجال الجغرافي للمغرب والتي تعتبر عمقا "جيوسياسي" وثقافي واقتصادي واجتماعي لمختلف الدول التي تداولت على سدة الحكم في المغرب عبر العصور.
وبناء على علاقة الترابط والتشابك والتداخل بين المغرب وافريقيا جنوب الصحراء، فإن قادة الحملة الاستعمارية الفرنسية جعلوا من احتلال المغرب هدفا استراتيجيا لا يمكن أن يستتب لهم الأمر في إمبراطوريتهم الاستعمارية المترامية الأطراف من دون إحكام السيطرة على المغرب وفرض الحماية عليه وشل قدراته كدولة وتطلعاته كشعب له ثقافة وحضارة متجذرة ….
ـ كيف إذن كانت حالة المغرب ونخبته، أمام التحدي الاستعماري الذي يهدد الكيان الوطني والهوية الحضارية والثقافية و الدينية للبلاد.
إن الدقة الموضوعية في البحث عن أسباب تردي الأوضاع في المغرب، وفشل النخبة المخزنية في إيجاد الحلول اللازمة العميقة والعامة والمتفاقمة التي شهده المغرب منذ أواخر القرن التاسع عشر، وقد بدت مظاهرها جلية للعيان طافية على السطح مع بداية القرن العشرين.
إن أزمة المغرب في ذلك الحين المتمثلة في تردي الأحوال العامة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية كانت نتيجة العديد من التراكمات التي أدت إلى شلل الدولة وعجز نخبتها على مواجهة التحديات والمخاطر التي كانت تحيط بالبلاد من كل صوب..
يقول أحد شهود هذه المرحلة مولاي الطيب العلوي (1896-1964) بأنه في هذا العهد انحطت القيم الأخلاقية، وظهر التواكل..، الأمر الذي جعل الأفراد والجماعات لا تشعر بأي مسؤولية بسبب الجهل المخيم على النفوس، وعدم الاطلاع على ما يجرى عند الجيران بل في العالم .

تم يضيف أصبح المغرب عبارة عن مجتمع من الدراويش الذين لا يفكرون إلا في الرغيف..، ولم يقتصروا على العامة بل تعدوهم إلى أرباب الدولة من وزراء وولاة وقضاة وعلماء..، فأدى ذلك إلى استفحال أمر المشايخ الطرقية بحيث أصبحوا يؤثرون على السياسية العامة، وصاروا عرقلة في سبيل كل إصلاح يراد إدخاله بدعوى أنه مخالف للدين..
والحقيقة أن فرنسا وإسبانيا لم تمد أيدهما إلينا حتى صرنا جيفة قد مر على موتها زمن طويل، فتعدت رائحة نتنها حدود البلاد".
والخلاصة أن المغرب كان يعيش في بداية القرن الماضي أزمة اقتصادية وسياسية وعسكرية ستؤدي مضاعفاتها إلى إقرار معاهدة الحماية في 20 مارس سنة 1912 أي بعد سنتين من ميلاد علال الفاسي ..
واجهت فرنسا مقاومة شرسة في جميع أنحاء المغرب وسطه إلى شرقه ومن غربه وجنوبه وكذلك في الصحراء.
في سنة 1914 سوف تشتعل الحرب العالمية بين الدول الأوربية .. هل تم انتهاز فرصة الحرب للتحرر من قيد الاستعمار الفرنسي، يرى علال الفاسي بأن العواطف في المغرب كانت تتأرجح بين الجهاد المقدس الذي أعلنه الخليفة العثماني، والذي يقضى بالثورة على الحلفاء والانضمام لألمانيا، ، وهو ما كان يتفق في حقيقة الأمر مع الرغبة التي تملأ نفوس المواطنين الذين لا ينتظرون غير سنوح الفرصة لانقضاض الكلي على المستعمر وإجلائه عن الوطن. ولكن الدعوة العثمانية لم تكن تجد المجال ما يتيح لها الاتصال بالشعب المغربي والحديث إليه إلا من بعيد.. بينما كانت دعاوة الفرنسيين تملأ الأرجاء بأنواع من الخطب والكتب والمصورات".
وكان ليوطي يرى أن الحرب ستطول، وأنه لابد من هجوم عنيف في المشرق العربي بمهاجمة الائتلاف الألماني التركي وضربه في نقطة ضعفه. لأن جعل الأتراك غير قادرين على الكفاح ذو أثر عظيم في الإسلام الإفريقي ".
لقد أسفرت الحرب العالمية الأولى عن تمزيق الإمبراطورية العثمانية وسقوط الخلافة الإسلامية سنة 1924 بفعل ذلك، إلا أن هذا السقوط سيحدث شروخا عميقة في الجسم الإسلامي. سياسية وفكرية، سيكون لها بالغ الأثر على الأجيال المتعاقبة في العالم الإسلامي.
ومن نتائج تمزيق الإمبراطورية العثمانية صدور وعد بلفور (وزير خارجية بريطانيا) سنة 1917 الذي يعد مقدمة لنكبة فلسطين التي تشبه في بعض وجوهها نكبة الأندلس وطرد المسلمين منها بعد سقوط غرناطة سنة 1492.
2 ـ الوطني الثائر
بدأ نجم علال الفاسي يلمع في سماء السياسة في أواخر العشرينات … ثم أصبح أحد قادة كتلة العمل الوطني ومنذ مطلع الثلاثينيات وهو يتصدر زعامة الحركة الوطنية إلى أن توفي سنة 1974.
ـ الوطنية المغربية هي تقدمية في الدين والفكر والعلم والأدب، وهي إبداع في السياسة والاجتماع والريادة رسالة يتحمل مسؤوليتها القادة …
والماهدون بطبيعتهم ثوريون في فكرهم وعملهم وممارستهم، يقومون دائما بتغيير الواقع الأسن الراكد والمتخلف، فهم عنه غير راضين …
ثورتهم تنبع من فكرهم الخلاق، ونظرتهم التاريخية وتنبع أيضا من نظرتهم المستقبلية. وحلمهم الذي لا حد لآفاقه.
عاش علال الفاسي حياة متحركة، أكسبته شخصية ذات أبعاد متعددة (الوطني والمناضل والمفكر والعالم والكاتب والشاعر والخطيب) فهو من نماذج زعماء الثورات الكبرى الذين لا يناضلون من منطلق عاطفي أو فلسفي، لأن فكره الوطني شمولي، ولذلك كانت الوطنية هي مفتاح شخصيته. ولعل ما جعل وطنيته صلبة، أنه درس التاريخ، تاريخ المغرب وجغرافيته وموقعه الاستراتيجي.. فالوطنية عنده لا يحددها التاريخ وحده أو الأرض والإنسان، ولكنها مدينة لكل ذلك ولأكبر من ذلك وهو الإنسانية..
ويؤكد بأن الفكر الوطني ينبع من التحام النموذج النفسي بروح الأرض والتحامها بروح العصر.
لهذا فهو ينظر إلى المغرب العربي على أنه وطن للمغاربة وإلى الوطن العربي بأنه نموذج للوحدات الثقافية والحضارية والجغرافية
وإلى العالم الإسلامي على أنه وطن للمسلمين الذين توحدهم العقيدة ويمكن أن يتعاونوا من خلالها سياسيا واقتصاديا وثقافيا وهو منظر ( النظرية عنده تسبق الفعل وهي أساسه) يدرس الموضوع ويتعمق فيه قبل أن يصدر فيه رأيا فيأخذ الطابع المذهبي والنظري.
كان يكره التقليد في العقيدة والممارسة الدينية والاجتماعية ويؤمن بالاجتهاد ويمارسه في تنظيره الفقهي.
يؤصل النظريات السياسية في البناء الديمقراطي وتحديث الدولة المغربية، وفي وحدة المغرب العربي والوحدة الإسلامية، كما يؤصل للنظريات الاجتماعية والاقتصادية من أجل تحرير المجتمع من كل مظاهر التخلف .
إنما نتحراه من شخصية علال الفاسي الثرية التي تجمع في بوتقة واحدة عناصر الفكر والعلم والنضال السياسي هو أن تكون قوة حية تلهم الأجيال وتنير لها معالم الطريق وينبوع قوة روحانية تطوي عوارض الزمن فيما تفيض به من حياة إنسانية كريمة.
وقد اضطلع الرجل بأمانة العقيدة وأمانة الفكر، وأمانة الحق وأمانة الإخلاص للخلق والخالق، فهو إذن أولى أن يأتم به المقتدي من طلاب القدوة الحسنة الذين يتطلعون الى تجديدالفكر والعمل في كل مجال أو ميدان من ميادين الحياة الإنسانية الخصبة المثمرة.

3 ـ الفكر الحر:السلفي الفيلسوف
يتغنى علال الفاسي بالحرية فيقول:
الحرية جهادنا حتى نراها والتضحية سبيلنا إلى لقاها

ولا غرو في ذلك باعتبار أن الحرية هي القيمة الأساسية والمتركز الذي يقوم عليه فكره كله، انطلاقا من إيمانه بأن تاريخ الإنسانية كله هو تاريخ الحرية.

وما كان كفاح قوم إلا من أجل الحرية، لأنها الغاية التي نسعى لها عن طريق العمل وبالتالي تضفي على العمل صفته وخاصيته وتجلي قيمته ولذلك فهي مرادفة للمدنية أو الحضارة.

ويرى بأن أول مظهر للحرية هو حرية الإرادة أي أن أكون حرا في أن أريد، وأن لا أريد.. ثم أن أعمل ما أريد أولا أعمل…

"ذلك هو المفهوم البدائي للحرية أي الحرية المطلقة"

العقل يعقل الأشياء بذاته دون إلزام من الخارج. الأمر الذي يجعل من الإيمان اقتناع وإطمئنان وبالتالي فإن الإيمان الظاهري ليس بإيمان فالإيمان الحق هو الإيمان الباطني.

إن العقل وسيلة وأداة للمعرفة ولكن في حركته مع الحياة أي مع معطياتها والتجربة الوجودية وسيلة للمعرفة ولكن في تفاعلها مع العمل أي مع الوعي الإنساني الباحث عن الوجود أي عن الاستقلال .

هناك إذن حرية مطلقة، لا متناهية، وهي من صفات المطلق اللا متناهية..(26) أي أن أعظم صفات الله قدرته على ما يشاء وكل شيء يصدر عن إرادته…

لقد شغل الشعور بحرية النفس منذ قرون الفلاسفة والمفكرون (أرسطو وابن سينا والغزالي وديكارت وكانط ومالبرنش وسبينوزا وبرجسون..) وغيرهم.

الجبريون أنصار نظرية الجبر (Déterminisme ) يقولون بخضوع كل شيء لناموس طبيعي وأن النفس والضمير يخضعان لعوامل خارجية. وهذا بالفعل ما يحقر من صفة الضمير الواعي الذي يجعل الإنسان يختار بحرية ومسؤولية، باعتبار أن الحرية أقصى درجات المسؤولية كما يرى ديكارت، مما يؤكد أن المشاحنات الفلسفية كما يرى برجسون إنما هي جهل بجوهر الحرية التي هي أعظم صفات الوجدان الإنساني.

فالحرية إذن تتحقق بالمواءمة بين المعرفة والإرادة وليست مجرد شعور ثابت..

فالاختيار حسب ديكارت ناشئ عن بداهة فكري أو من ترتيب في باطن ذهني من الله، أما عدم الاختيار بين أحد أمرين فهو أدنى درجات الحرية… كما أن عدم الاهتمام ما هو إلا نقص في المعرفة وليس نتيجة كمال في الإرادة.

وكلما عرفت ما هو حق وما هو خير يسهل الإمعان في الاختيار وفي الحكم " ومن هذا المنطلق فإن إرادة الحرية الإنسانية تتجلى في مقدرة الإنسان على تكوين أحكام ثابتة على الضرورة الموضوعية.. ومن ثم فإن الحرية في الواقع حق اجتماعي وإنساني تفرضه ضرورة الحياة وحاجة الناس إلى التعايش فيما بينهم والحرية لازمة لتقدم المعرفة، وهي سابقة على الطبيعة ولو لا ضرورة ظهورها ما كانت الطبيعة..

ومن تجليات الحرية أن القانون ما هو إلا مظهر الإرادة العامة يساهم المواطنون بأنفسهم أو عن طريق ممثليهم في وضعه.

فالقانون لا يضع حدا للحرية أو يقيدها كما يرى روسو، بل هو تعميم لها إذا كان فعلا يعكس حقيقة الإرادة العامة.

ضمن هذا السياق الفلسفي يتناول علال الفاسي في كتابه "الحرية" كل القضايا والإشكاليات الفكرية بالشرح والتحليل، مع ربط كل مسألة يعالجها بالحرية باعتبار أن كل شيء يبدأ من الحرية وينتهي إلى الحرية ..

كيف يتحقق التوازن بين المصلحة العامة والخاصة؟

وما هي الحرية التي تضمن للناس أن يتعايشوا فيما بينهم في حدود القانون وفي دائرة التضامن العام؟.

يجيب بأن الأمر لا يتعلق بحرية النفس التي هي مطلقة لأنها خاصة بالفكر وعلاقته بالإرادة وبالواقع، ولكنها الحرية المدنية التي مناطها الحياة الاجتماعية وهي الحريات الأساسية لأنها تتعلق بحياة الإنسان .

تم يعرض لبعض أصناف الحريات المدنية :

الحرية القومية وتعني الاستقلال الوطني استقلالا تاما من سيطرة الأجنبي أو التبعية له والحرية الوطنية حق للجميع وكل اعتداء عليها يعتبر جرما إنسانيا خطيرا

الحرية الشخصية تعني أن لكل شخص الحق في أن يبقى حرا دائم الحرية لا يعتدي أحد على حريته الشخصية .

وضمان الحريات الفردية إنما يتحقق بضمان الحريات السياسية، إن مبرر نشوء الدولة هو ضمان حرية الأفراد وتعميمها والمحافظة عليها.. وذلك بإلزام الجميع باحترام القانون.

وحرية الفكر من أعظم مظاهر الحرية كافحت من أجلها الشعوب وضحى في سبيلها الأبطال، ومن العبث أن يحاول أحد إلزام فرد أو جماعة برأي معين لأن الرأي شيء باطني، وكل إكراه لا يتعدى حدود الظاهر.

أما الحرية السياسية فهي حرية العمل في الميدان العام والمشاركة في تدبير شؤون البلاد، كالإدارة والأمن ووضع النظم والقوانين وما يرجع للعلاقات الخارجية والتعليم والقضاء، والإنتاج الاستهلاك ونحو ذلك.. وللتمتع بهذه الحرية يجب أن يكون البلد مستقلا الاستقلال التام وثانيا يجب أن لا يكون هناك نظام استبدادي أو مطلق يجعل السلطة كلها في يد فرد أو جماعة لا تؤمن بحق الشعب في المساهمة في الحكم ومراقبته. وثالثا يجب أن يكون الحكم. مسندا من الشعب لأنه نتيجة اختياره ورضاه فإذا لم تتحقق هذه الشروط فإن الحرية تصبح مجرد تنفيس كما أن سلامة الشعب من الفاقة والبؤس وسيطرة أصحاب المصالح عليه. يمكن اعتباره من الشروط، لأنه لا أحد يستطيع التمتع بالحرية السياسية على وجهها إذا كان عيشه منوطا برضا مجموعة من الناس أو كان الحاكمون خاضعين في تصرفاتهم وأعمالهم لما يريده أصحاب الثراء ورجال المال.

إن كل نظام للحكم قد يأتي بإصلاحات ومنافع لكن الحرية السياسية لا تتحقق إلا في الحكم الديمقراطي أي النظام الذي يحكم فيه الشعب نفسه بنفسه…

والصحافة أداة لابد منها لجس نبض الرأي العام ومعرفة توجيهاته وفي مقارعة الأفكار بعضها ببعض تنبثق النظرية الصحيحة والرأي المقبول.. والأحزاب مدرسة تثقيفية لا غنى للشعب عنها.

الحرية إذن قوام فكر علال الفاسي باعتبارها لازمة من لوازم الجماعة البشرية، وخير وسيلة لتطور الأنظمة والقوانين والانتقال من حالة إلى أخرى. في غير رجة ولا اضطراب.

فبالحرية تتطور المجتمعات، وبانتكاسة الحرية ترتكس المجتمعات.

وانطلاقا من هذه الجدلية فإن تطور المجتمع في كل شأن من شؤون الحياة مرتبط بنمو الحرية، لأنها قيمة إيمانية وإنسانية لا غنى عنها لمن يريد صلاح الفكر أو صلاح العمل..

وهذا هو المرتكز والأساس الذي قامت عليه الحركة السلفية الإصلاحية التي يعد علال الفاسي من أقطابها وقادتها البارزين المجددين.
lمنقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــول

المفكر مالك بن نبي 2024.

الجيريا
سيرة المفكر الجزائري مالك بن نبي
حياته
ولد في مدينة قسنطينة في الشرق الجزائري سنة 1905 م ، في أسرة فقيرة بين مجتمع جزائري محافظ تخرج بعد سنوات الدراسة الأربع، في مدرسته التي اعتبرها "سجناً يعلّم فيه كتابة "صك زواج أو طلاق" وتخرج سنة 1925م.

سافر بعدها مع أحد أصدقائه إلى فرنسا حيث كانت له تجربة فاشلة فعاد مجددا إلى مسقط رأسه. وبعد العودة تبدأ تجارب جديدة في الاهتداء إلى عمل، كان أهمها، عمله في محكمة (آفلو) حيث وصل في (مارس 1927م)، احتك أثناء هذه الفترة بالفئات البسيطة من الشعب فبدأ عقله يتفتح على حالة بلاده.

ثم أعاد الكرة سنة 1930م و لكن هذه كانت رحلة علمية. حاول أولا الإلتحاق بمعهد الدراسات الشرقية، إلا أنه لم يكن يسمح للجزائريين أمثاله بمزاولة مثل هذه الدراسات. تركت هذه الممارسات تأثيرا في نفسه. فاضطّر للتعديل في أهدافه وغاياته، فالتحق بمدرسة (اللاسلكي) للتخرج كمساعد مهندس، ممّا يجعل موضوعه تقنياً خالصاً، بطابعه العلمي الصرف، على العكس من المجال القضائي والسياسي.

ثم انغمس في الدراسة، وفي الحياة الفكرية، كما تزوج فرنسية واختار الإقامة في فرنسا وشرع يؤلف، في قضايا العالم الإسلامي كله، فكان سنة 1946 كتابه "الظاهرة القرآنية" ثم "شروط النهضة" 1948 الذي طرح فيه مفهوم القابلية للاستعمار و"وجهة العالم الإسلامي" 1954،أما كتابه " مشكلة الأفكار في العالم الاسلامي" فيعتبر من أهم ماكتب بالعربية في القرن العشرين .‏

انتقل إلى القاهرة بعد إعلان الثورة المسلحة في الجزائر سنة 1954م وهناك حظي باحترام، فكتب "فكرة الإفريقية الآسيوية" 1956. وتشرع أعماله الجادة تتوالى، وبعد استقلال (الجزائر) عاد إلى الوطن، فعين مديراً للتعليم العالي الذي كان محصوراً في (جامعة الجزائر) المركزية، حتى استقال سنة‏ 1967 متفرغاً للكتابة، بادئاً هذه المرحلة بكتابة مذكراته، بعنوان عام"مذكرات شاهد القرن".

مذكرات شاهد القرن
صورة عن نضال (مالك بن نبي) الشخصي في طلب العلم والمعرفة أولاً، والبحث في أسباب الهيمنة الأوروبية ونتائجها السلبية المختلفة وسياسة الاحتلال الفرنسي في الجزائر وآثاره، ممّا عكس صورة حية لسلوك المحتلين الفرنسيين أنفسهم في (الجزائر) ونتائج سياستهم، ووجوهها وآثارها المختلفة: الاقتصادية، والثقافية، والاجتماعي.

لكن مذكراته ممّا عبر بشكل قوي عن صلته بوطنه، وآثار الاستعمار والدمار الذي أحدثه في (الجزائر) سياسياً، وزراعياً، واقتصادياً، وثقافياً، واجتماعياً، فهو شاهد على حقبة مظلمة في تاريخ الجزائر وظروف مواجهة الفعل الاستعماري العنصري، فكانت الشهادة قوية زاخرة، وستبقى من المناجم الثرية للباحثين في أكثر من مجال من مجالات الحياة المختلفة، وفي مقدمتها المجال الاجتماعي والثقافي والسياسي أولاً وأخيراً، حيث يسجل لنا مالك مواقف مختلفة في مسار الحركة الوطنية نفسها، مما خدم القضية الوطنية في (الجزائر) ومما خذلها منذ أصيب المجتمع بمرض (الكلام) بتعبير (مالك بن نبي) نفسه، بعد إخفاق (المؤتمر الإسلامي الجزائري) سنة (1936) إلى (باريس) في الحصول على مطالبه "ولا يستطيع أحد تقييم ما تكبدنا من خسائر جوهرية منذ استولى علينا مرض الكلام، منذ أصبح المجتمع سفينة تائهة بعد إخفاق البيالمؤتمر" المؤتمر ذلك المشروع الذي قضى نحبه "في الرؤوس المثقفة: مطربشة كانت أم معممة" فكان ذلك عبرة للحركة الوطنية التي فصلت الخطاب فيها ثورة نوفمبر (1954-1962)، في ليل اللغط الحزبي البهيم؛ فكانت هذه الثورة (جهينة الجزائر) التي قادت إلى استقلال مضرج بالدماء والدموع، وسرعان ما عمل العملاء والانتهازيون والوصوليون على اغتصابه، وتهميش الشرفاء الأطهار من صانعيه، وفي مقدمة هؤلاء الشرفاء رجال الفكر والرأي ومنهم (مالك بن نبي) الذي قضى يوم (31/10/1973)، في صمت معدماً، محاصراً منسياً، وهي سبة عار في جبين أولئك الديماغوجيين ومنهم (أشباه المجاهدين) الذين باعوا الوطن ـ مقايضة ـ على (طبق من ذهب) لعملاء الاستعمار، وبيادقه، وأحفاده انتماء، وهوى؛ ليمرغوا سمعته في الأوحال العفنة.

وفاته
توفي يوم 31 أكتوبر 1973م، مخلفا وراءه مجموعة من الأفكار القيمة و المؤلفات النادرة، رحمه الله.

مؤلفاته
تحلَّى مالك ابن نبيّ بثقافة منهجيَّة، استطاع بواسطتها أن يضع يده على أهم قضايا العالم المتخلِّف، فألف سلسلة كتب تحت عنوان " مشكلات الحضارة" بدأها بباريس ثم تتابعت حلقاتها في مصر فالجزائر، وهي ( مرتبة ترتيبا هجائيا):

1- بين الرشاد والتيه 1972.
2- تأملات 1961.
3- دور المسلم ورسالته في الثلث الأخير من القرن العشرين (محاضرة ألقيت في 1972).
4- شروط النهضة 1948.
5- الصراع الفكري في البلاد المستعمَرة 1959.
6- الظاهرة القرآنية 1946.
7- الفكرة الإفريقية الآسيوية 1956.
8- فكرة كومنولث إسلامي 1958.
9- في مهبِّ المعركة 1962.
10- القضايا الكبرى.
11- مذكرات شاهد للقرن _الطفل 1965.
– مذكرات شاهد للقرن _الطالب 1970.
12- المسلم في عالم الإقتصاد 1972.
13- مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي 1970.
14- مشكلة الثقافة 1958.
15- من أجل التغيير.
16- ميلاد مجتمع.
17- وجهة العالم الإسلامي 1954.
كما له أيضا:

" آفاق جزائرية" 1964.
" لبيك" 1947.
"النجدة…الشعب الجزائري يباد" 1957.
"حديث في البناء الجديد" 1960 ( ألحق بكتاب تأملات).
"إنتاج المستشرقين " 1968.
" الإسلام والديمقراطية" 1968.
" معنى المرحلة"

موضوع رائع بارك الله فيك

وفيك بارك الله اخي نايل
شكرا لك

محمد أركون :المفكر الجزائري المجهول 2024.

الجيريا

أثناء تكريمه ومنحه جائزة ابن رشد، ألقى محمد أركون كلمة أكبر فيها من فكر ابن رشد، وموقعه في الثقافة العالمية، وتحدث عن التواصل الفكري بين الحضارات، ورفض بشدة مقولة صدام الحضارات قائلاً: «الاصطدام ليس باصطدام الحضارات كما قال أحد القائلين الذي لا أسميه باسمه لأنه أصبح نبياً لكثيرٍ من الناس الذين يستشهدون به. هناك اصطدامات بين منظومات من الجهل المؤسس. ليس هناك مجتمع، ليس هناك فكر، نظام فكري لا يستتبع في منظومته وممارسته إنتاج جهله، لا نستشعر به أنه جهل فيما ننطق به، وهذا ما يحدث في جميع المجتمعات العربية منذ خرجنا من ملامح النهضة ودخلنا في معارك الأيديولوجيا المميتة للفكر الحر».‏

يشدد محمد أركون على ضرورة عدم الفصل بين الحضارات، شرقية وغربية، ‏واحتكار الإسقاطات على إحداهما دون الأخرى، بل إمكانية فهم ‏الحضارات دون النظر إليها على أنها شكل غريب عن الأخرى. لذلك ‏كان دائما ينادي بوحدة الإنسان و»بأنسنة» المعرفة بعيداً عن كافة ‏التعصبات المذهبية والعرقية والأيديولوجية.‏

إن المشروع الفكري لأركون هو مشروع مفكر حر، لا يرى في الفلسفة إلا تقدماً، ولا حياة لأمة من دون أن يكون لديها مشروعها الفلسفي الخاص بها، والمندغم ضمن مشروع العالم. وحين يعم الجهل على أمة من الأمم، فإنها تفقد بوصلتها وتغرق في بحر من الظلام لا آخر له.‏

حاول أركون صياغة مشروع فكري خاص به، وفعلاً فقد اعترف له الكثيرون بأنه صاحب مدرسة فكرية متفردة وصاحب مشروع فكري ‏نقدي تنويري يرتكز على العقل العلمي لتجديد الفكر العربي ‏ وقراءة التراث قراءة واعية بعيدة عن الدوغمائية والجهل ‏المؤسس والأيديولوجيا ولغة الشعارات الرنانة، وتقترب من استنباط ‏الأحكام والمفاهيم الكلية والاجتهاد وتطبيق مناهج العلوم الإنسانية الحديثة ‏وآخر النظريات المكتشفة في العالم.‏ ولذلك اشتهر باستخدامه مناهج علمية عدة بينها الانثروبولوجيا التاريخية واللسانيات وأدوات قراءة التاريخ في دراسة الأديان والنصوص الدينية.‏

يرفض أركون قبول العرب للتمزق والتشتت الذي أصابهم، ويقول: «للأسف كان هذا التشتت، ‏ووضعت حدود سياسية جعلت سكان هذا الفضاء الواسع يحتاجون إلى ‏تأشيرة في تنقلهم من بلد إلى آخر. وهذه كارثة لا أقبلها شخصياً، لأنني ‏أعتبر نفسي ابن هذا الفضاء الواسع، رغم أن البعض يحاول أن ينفي عني ‏انتمائي ويقول محمد أركون ليس منا، ولكنني أحبهم وأدافع عنهم وأطلب ‏منهم أن نتحابب».‏‏

يرى أركون أن خروجنا كعرب من أزمتنا التاريخية، بحاجة إلى مرحلة تنوير تضيء تراثنا الديني بمناهج حديثة، من أجل التصالح مع الحداثة الكونية، ويقول: «لكن مشكلة النزعة الإنسانية في الفكر العربي قديمه وحديثه هي هذا الهجوم الشديد الذي يلاقيه من يحاول مس المسألة بعمق أو حتى سطحياً.. وربما يكون الأمل هو في تلك القوانين التي تحكم اتجاه حركة التاريخ..».‏

كيف يمكن للمجتمعات العربية والإسلامية الخروج من مأزقها الحضاري؟ هل يجب العودة إلى التراث الفكري العربي، كما فعل الغربيون وأقاموا أعمدتهم الفكرية الحديثة على تراثهم اليوناني الفلسفي؟‏

تعاني المجتمعات العربية والإسلامية – حسب أركون – من قطيعة مع تراثها الإسلامي العريق، وقطيعة مع عصر النهضة الأوربية والحداثة. كما أنها تعاني أيضاً من قطيعة مع مرحلة ما بعد الحداثة الأوروبية. لذلك تبدو مشكلة المثقف العربي المستنير والتغييري في غاية التعقيد. ويخلص أركون إلى أن الإصلاح الآن غير ممكن باستعمال الوسائل الفكرية القديمة، وأن على حركة التنوير الإسلامية المنتظرة أن تجيب على سؤال محير: هل نحتاج إلى إصلاح المفاهيم القديمة، أم أن الحل يكون بالقطيعة معها؟‏

محمد أركون مفكر وباحث جزائري من مواليد العام 1928 في بلدة تاوريرت في تيزي وزو بمنطقة القبائل الكبرى بالجزائر، وانتقل مع عائلته إلى بلدة عين الأربعاء «ولاية عين تموشنت» حيث درس الابتدائية بها. وأكمل دراسته الثانوية في وهران، وإبتدأ دراسته الجامعية بكلية الفلسفة في الجزائر ثم أتم دراسته في «السوربون» في باريس. وحصل على شهادة الدكتوراه في الآداب، كما درّس بجامعات عديدة في أوربا وأمريكا والمغرب، واهتم بدراسة وتحليل الفكر الإسلامي. وهو عضو اللجنة الوطنية لعلوم الحياة والصحة بفرنسا، وعدة لجان أخرى.‏

وترك أركون مكتبة ثرية بالمؤلفات والكتب، ومن أهم عناوينه: ملامح الفكر الإسلامي الكلاسيكي، دراسات الفكر الإسلامي، الإسلام أمس وغداً، من اجل نقد للعقل الإسلامي، الإسلام أصالة وممارسة، الفكر الإسلامي: قراءة علمية، الإسلام: الأخلاق والسياسة، الفكر الإسلامي: نقد واجتهاد، العلمنة والدين: الإسلام، المسيحية، الغرب، من الاجتهاد إلى نقد العقل الإسلام، من فيصل التفرقة إلى فصل المقال: أين هو الفكر الإسلامي المعاصر؟، الإسلام أوروبا الغرب، رهانات المعنى وإرادات الهيمنة، نزعة الأنسنة في الفكر العربي، قضايا في نقد العقل الديني، كيف نفهم الإسلام اليوم؟، الفكر الأصولي واستحالة التأصيل: نحو تاريخ آخر للفكر الإسلامي، معارك من أجل الأنسنة في السياقات الإسلامية، من منهاتن إلى بغداد: ما وراء الخير والشر، نزعة الأنسنة في الفكر العربي: جيل مسكويه والتوحيدي.‏

توفيّ محمد أركون مساء الثلاثاء الماضي في 14-09-2016 بالعاصمة الفرنسية باريس عن عمر يناهز 82 عام بعد معاناة مع المرض. ومع أنه من بين المفكرين الكبار في العالم الغربي، إلا أن كتبه لم تنتشر بالشكل الكافي عربياً، وبقي بعيداً عن متناول القراء العرب. كتب باللغتين الفرنسية والإنجليزية، وترجمت كتبه إلى أغلب ‏لغات العالم بينها العربية؛ وهو ينتمي إلى جيل ميشيل فوكو وبيير بورديو.‏

اهتم الغربيون كثيراً بدراساته التنويرية التي تناولت الإسلام والعرب، وحضر بقوة في الدراسات الأوروبية والأمريكية، كعقل لا يمكن الاستغناء عنه أثناء دراسة التاريخ الفكري العربي والخطاب الديني. ورغم أنه لم يأخذ حقه في الدراسات العربية، إلا أنه، ومع بعض التمحيص في مؤلفاته وخاصة «الفكر العربي»، سنجد أن أركون محلل كبير لتاريخية الفكر العربي، ومفكر مستنير، يعرف نقاط الضعف والقوة في هذا الفكر، مستنداً في ذلك إلى التراث المقروء من قبله بدقة، وإلى التراث الأوروبي ودراساته المعمقة في شتى المجالات.‏

إن القراءة الدقيقة لفكر محمد أركون، لا تجعلنا بالضرورة نوافق على آرائه حول الثقافة العربية والفكر العربي، ولكنها ستدفعنا إلى إعمال الفكر في الآراء التي يطرحها، ويناور ويعمل على تبيان صدقها، مستشهداً بالتاريخ، أو بنقاط منه تؤيد أفكاره. وليس بالضرورة أيضاً أن نوافق على تحليله للأمور التي نهضت بالفكر العربي أو خلفته، أو أوقفته عن التفكير لمدد زمنية ما. إن ما يهمنا في دراسات أركون هو هذا الحيز الواسع من الجدل العقلي، الذي يفتح الباب واسعاً لخلق جدل مضاد، يطور ويغني وينير.‏

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة matrixano02 الجيريا
الجيريا

أثناء تكريمه ومنحه جائزة ابن رشد، ألقى محمد أركون كلمة أكبر فيها من فكر ابن رشد، وموقعه في الثقافة العالمية، وتحدث عن التواصل الفكري بين الحضارات، ورفض بشدة مقولة صدام الحضارات قائلاً: «الاصطدام ليس باصطدام الحضارات كما قال أحد القائلين الذي لا أسميه باسمه لأنه أصبح نبياً لكثيرٍ من الناس الذين يستشهدون به. هناك اصطدامات بين منظومات من الجهل المؤسس. ليس هناك مجتمع، ليس هناك فكر، نظام فكري لا يستتبع في منظومته وممارسته إنتاج جهله، لا نستشعر به أنه جهل فيما ننطق به، وهذا ما يحدث في جميع المجتمعات العربية منذ خرجنا من ملامح النهضة ودخلنا في معارك الأيديولوجيا المميتة للفكر الحر».‏

يشدد محمد أركون على ضرورة عدم الفصل بين الحضارات، شرقية وغربية، ‏واحتكار الإسقاطات على إحداهما دون الأخرى، بل إمكانية فهم ‏الحضارات دون النظر إليها على أنها شكل غريب عن الأخرى. لذلك ‏كان دائما ينادي بوحدة الإنسان و»بأنسنة» المعرفة بعيداً عن كافة ‏التعصبات المذهبية والعرقية والأيديولوجية.‏

إن المشروع الفكري لأركون هو مشروع مفكر حر، لا يرى في الفلسفة إلا تقدماً، ولا حياة لأمة من دون أن يكون لديها مشروعها الفلسفي الخاص بها، والمندغم ضمن مشروع العالم. وحين يعم الجهل على أمة من الأمم، فإنها تفقد بوصلتها وتغرق في بحر من الظلام لا آخر له.‏

حاول أركون صياغة مشروع فكري خاص به، وفعلاً فقد اعترف له الكثيرون بأنه صاحب مدرسة فكرية متفردة وصاحب مشروع فكري ‏نقدي تنويري يرتكز على العقل العلمي لتجديد الفكر العربي ‏ وقراءة التراث قراءة واعية بعيدة عن الدوغمائية والجهل ‏المؤسس والأيديولوجيا ولغة الشعارات الرنانة، وتقترب من استنباط ‏الأحكام والمفاهيم الكلية والاجتهاد وتطبيق مناهج العلوم الإنسانية الحديثة ‏وآخر النظريات المكتشفة في العالم.‏ ولذلك اشتهر باستخدامه مناهج علمية عدة بينها الانثروبولوجيا التاريخية واللسانيات وأدوات قراءة التاريخ في دراسة الأديان والنصوص الدينية.‏

يرفض أركون قبول العرب للتمزق والتشتت الذي أصابهم، ويقول: «للأسف كان هذا التشتت، ‏ووضعت حدود سياسية جعلت سكان هذا الفضاء الواسع يحتاجون إلى ‏تأشيرة في تنقلهم من بلد إلى آخر. وهذه كارثة لا أقبلها شخصياً، لأنني ‏أعتبر نفسي ابن هذا الفضاء الواسع، رغم أن البعض يحاول أن ينفي عني ‏انتمائي ويقول محمد أركون ليس منا، ولكنني أحبهم وأدافع عنهم وأطلب ‏منهم أن نتحابب».‏‏

يرى أركون أن خروجنا كعرب من أزمتنا التاريخية، بحاجة إلى مرحلة تنوير تضيء تراثنا الديني بمناهج حديثة، من أجل التصالح مع الحداثة الكونية، ويقول: «لكن مشكلة النزعة الإنسانية في الفكر العربي قديمه وحديثه هي هذا الهجوم الشديد الذي يلاقيه من يحاول مس المسألة بعمق أو حتى سطحياً.. وربما يكون الأمل هو في تلك القوانين التي تحكم اتجاه حركة التاريخ..».‏

كيف يمكن للمجتمعات العربية والإسلامية الخروج من مأزقها الحضاري؟ هل يجب العودة إلى التراث الفكري العربي، كما فعل الغربيون وأقاموا أعمدتهم الفكرية الحديثة على تراثهم اليوناني الفلسفي؟‏

تعاني المجتمعات العربية والإسلامية – حسب أركون – من قطيعة مع تراثها الإسلامي العريق، وقطيعة مع عصر النهضة الأوربية والحداثة. كما أنها تعاني أيضاً من قطيعة مع مرحلة ما بعد الحداثة الأوروبية. لذلك تبدو مشكلة المثقف العربي المستنير والتغييري في غاية التعقيد. ويخلص أركون إلى أن الإصلاح الآن غير ممكن باستعمال الوسائل الفكرية القديمة، وأن على حركة التنوير الإسلامية المنتظرة أن تجيب على سؤال محير: هل نحتاج إلى إصلاح المفاهيم القديمة، أم أن الحل يكون بالقطيعة معها؟‏

محمد أركون مفكر وباحث جزائري من مواليد العام 1928 في بلدة تاوريرت في تيزي وزو بمنطقة القبائل الكبرى بالجزائر، وانتقل مع عائلته إلى بلدة عين الأربعاء «ولاية عين تموشنت» حيث درس الابتدائية بها. وأكمل دراسته الثانوية في وهران، وإبتدأ دراسته الجامعية بكلية الفلسفة في الجزائر ثم أتم دراسته في «السوربون» في باريس. وحصل على شهادة الدكتوراه في الآداب، كما درّس بجامعات عديدة في أوربا وأمريكا والمغرب، واهتم بدراسة وتحليل الفكر الإسلامي. وهو عضو اللجنة الوطنية لعلوم الحياة والصحة بفرنسا، وعدة لجان أخرى.‏

وترك أركون مكتبة ثرية بالمؤلفات والكتب، ومن أهم عناوينه: ملامح الفكر الإسلامي الكلاسيكي، دراسات الفكر الإسلامي، الإسلام أمس وغداً، من اجل نقد للعقل الإسلامي، الإسلام أصالة وممارسة، الفكر الإسلامي: قراءة علمية، الإسلام: الأخلاق والسياسة، الفكر الإسلامي: نقد واجتهاد، العلمنة والدين: الإسلام، المسيحية، الغرب، من الاجتهاد إلى نقد العقل الإسلام، من فيصل التفرقة إلى فصل المقال: أين هو الفكر الإسلامي المعاصر؟، الإسلام أوروبا الغرب، رهانات المعنى وإرادات الهيمنة، نزعة الأنسنة في الفكر العربي، قضايا في نقد العقل الديني، كيف نفهم الإسلام اليوم؟، الفكر الأصولي واستحالة التأصيل: نحو تاريخ آخر للفكر الإسلامي، معارك من أجل الأنسنة في السياقات الإسلامية، من منهاتن إلى بغداد: ما وراء الخير والشر، نزعة الأنسنة في الفكر العربي: جيل مسكويه والتوحيدي.‏

توفيّ محمد أركون مساء الثلاثاء الماضي في 14-09-2016 بالعاصمة الفرنسية باريس عن عمر يناهز 82 عام بعد معاناة مع المرض. ومع أنه من بين المفكرين الكبار في العالم الغربي، إلا أن كتبه لم تنتشر بالشكل الكافي عربياً، وبقي بعيداً عن متناول القراء العرب. كتب باللغتين الفرنسية والإنجليزية، وترجمت كتبه إلى أغلب ‏لغات العالم بينها العربية؛ وهو ينتمي إلى جيل ميشيل فوكو وبيير بورديو.‏

اهتم الغربيون كثيراً بدراساته التنويرية التي تناولت الإسلام والعرب، وحضر بقوة في الدراسات الأوروبية والأمريكية، كعقل لا يمكن الاستغناء عنه أثناء دراسة التاريخ الفكري العربي والخطاب الديني. ورغم أنه لم يأخذ حقه في الدراسات العربية، إلا أنه، ومع بعض التمحيص في مؤلفاته وخاصة «الفكر العربي»، سنجد أن أركون محلل كبير لتاريخية الفكر العربي، ومفكر مستنير، يعرف نقاط الضعف والقوة في هذا الفكر، مستنداً في ذلك إلى التراث المقروء من قبله بدقة، وإلى التراث الأوروبي ودراساته المعمقة في شتى المجالات.‏

إن القراءة الدقيقة لفكر محمد أركون، لا تجعلنا بالضرورة نوافق على آرائه حول الثقافة العربية والفكر العربي، ولكنها ستدفعنا إلى إعمال الفكر في الآراء التي يطرحها، ويناور ويعمل على تبيان صدقها، مستشهداً بالتاريخ، أو بنقاط منه تؤيد أفكاره. وليس بالضرورة أيضاً أن نوافق على تحليله للأمور التي نهضت بالفكر العربي أو خلفته، أو أوقفته عن التفكير لمدد زمنية ما. إن ما يهمنا في دراسات أركون هو هذا الحيز الواسع من الجدل العقلي، الذي يفتح الباب واسعاً لخلق جدل مضاد، يطور ويغني وينير.‏

un autre homme qui qui disparait dont le savoir restera a jamais

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة matrixano02 الجيريا
الجيريا

أثناء تكريمه ومنحه جائزة ابن رشد، ألقى محمد أركون كلمة أكبر فيها من فكر ابن رشد، وموقعه في الثقافة العالمية، وتحدث عن التواصل الفكري بين الحضارات، ورفض بشدة مقولة صدام الحضارات قائلاً: «الاصطدام ليس باصطدام الحضارات كما قال أحد القائلين الذي لا أسميه باسمه لأنه أصبح نبياً لكثيرٍ من الناس الذين يستشهدون به. هناك اصطدامات بين منظومات من الجهل المؤسس. ليس هناك مجتمع، ليس هناك فكر، نظام فكري لا يستتبع في منظومته وممارسته إنتاج جهله، لا نستشعر به أنه جهل فيما ننطق به، وهذا ما يحدث في جميع المجتمعات العربية منذ خرجنا من ملامح النهضة ودخلنا في معارك الأيديولوجيا المميتة للفكر الحر».‏

يشدد محمد أركون على ضرورة عدم الفصل بين الحضارات، شرقية وغربية، ‏واحتكار الإسقاطات على إحداهما دون الأخرى، بل إمكانية فهم ‏الحضارات دون النظر إليها على أنها شكل غريب عن الأخرى. لذلك ‏كان دائما ينادي بوحدة الإنسان و»بأنسنة» المعرفة بعيداً عن كافة ‏التعصبات المذهبية والعرقية والأيديولوجية.‏

إن المشروع الفكري لأركون هو مشروع مفكر حر، لا يرى في الفلسفة إلا تقدماً، ولا حياة لأمة من دون أن يكون لديها مشروعها الفلسفي الخاص بها، والمندغم ضمن مشروع العالم. وحين يعم الجهل على أمة من الأمم، فإنها تفقد بوصلتها وتغرق في بحر من الظلام لا آخر له.‏

حاول أركون صياغة مشروع فكري خاص به، وفعلاً فقد اعترف له الكثيرون بأنه صاحب مدرسة فكرية متفردة وصاحب مشروع فكري ‏نقدي تنويري يرتكز على العقل العلمي لتجديد الفكر العربي ‏ وقراءة التراث قراءة واعية بعيدة عن الدوغمائية والجهل ‏المؤسس والأيديولوجيا ولغة الشعارات الرنانة، وتقترب من استنباط ‏الأحكام والمفاهيم الكلية والاجتهاد وتطبيق مناهج العلوم الإنسانية الحديثة ‏وآخر النظريات المكتشفة في العالم.‏ ولذلك اشتهر باستخدامه مناهج علمية عدة بينها الانثروبولوجيا التاريخية واللسانيات وأدوات قراءة التاريخ في دراسة الأديان والنصوص الدينية.‏

يرفض أركون قبول العرب للتمزق والتشتت الذي أصابهم، ويقول: «للأسف كان هذا التشتت، ‏ووضعت حدود سياسية جعلت سكان هذا الفضاء الواسع يحتاجون إلى ‏تأشيرة في تنقلهم من بلد إلى آخر. وهذه كارثة لا أقبلها شخصياً، لأنني ‏أعتبر نفسي ابن هذا الفضاء الواسع، رغم أن البعض يحاول أن ينفي عني ‏انتمائي ويقول محمد أركون ليس منا، ولكنني أحبهم وأدافع عنهم وأطلب ‏منهم أن نتحابب».‏‏

يرى أركون أن خروجنا كعرب من أزمتنا التاريخية، بحاجة إلى مرحلة تنوير تضيء تراثنا الديني بمناهج حديثة، من أجل التصالح مع الحداثة الكونية، ويقول: «لكن مشكلة النزعة الإنسانية في الفكر العربي قديمه وحديثه هي هذا الهجوم الشديد الذي يلاقيه من يحاول مس المسألة بعمق أو حتى سطحياً.. وربما يكون الأمل هو في تلك القوانين التي تحكم اتجاه حركة التاريخ..».‏

كيف يمكن للمجتمعات العربية والإسلامية الخروج من مأزقها الحضاري؟ هل يجب العودة إلى التراث الفكري العربي، كما فعل الغربيون وأقاموا أعمدتهم الفكرية الحديثة على تراثهم اليوناني الفلسفي؟‏

تعاني المجتمعات العربية والإسلامية – حسب أركون – من قطيعة مع تراثها الإسلامي العريق، وقطيعة مع عصر النهضة الأوربية والحداثة. كما أنها تعاني أيضاً من قطيعة مع مرحلة ما بعد الحداثة الأوروبية. لذلك تبدو مشكلة المثقف العربي المستنير والتغييري في غاية التعقيد. ويخلص أركون إلى أن الإصلاح الآن غير ممكن باستعمال الوسائل الفكرية القديمة، وأن على حركة التنوير الإسلامية المنتظرة أن تجيب على سؤال محير: هل نحتاج إلى إصلاح المفاهيم القديمة، أم أن الحل يكون بالقطيعة معها؟‏

محمد أركون مفكر وباحث جزائري من مواليد العام 1928 في بلدة تاوريرت في تيزي وزو بمنطقة القبائل الكبرى بالجزائر، وانتقل مع عائلته إلى بلدة عين الأربعاء «ولاية عين تموشنت» حيث درس الابتدائية بها. وأكمل دراسته الثانوية في وهران، وإبتدأ دراسته الجامعية بكلية الفلسفة في الجزائر ثم أتم دراسته في «السوربون» في باريس. وحصل على شهادة الدكتوراه في الآداب، كما درّس بجامعات عديدة في أوربا وأمريكا والمغرب، واهتم بدراسة وتحليل الفكر الإسلامي. وهو عضو اللجنة الوطنية لعلوم الحياة والصحة بفرنسا، وعدة لجان أخرى.‏

وترك أركون مكتبة ثرية بالمؤلفات والكتب، ومن أهم عناوينه: ملامح الفكر الإسلامي الكلاسيكي، دراسات الفكر الإسلامي، الإسلام أمس وغداً، من اجل نقد للعقل الإسلامي، الإسلام أصالة وممارسة، الفكر الإسلامي: قراءة علمية، الإسلام: الأخلاق والسياسة، الفكر الإسلامي: نقد واجتهاد، العلمنة والدين: الإسلام، المسيحية، الغرب، من الاجتهاد إلى نقد العقل الإسلام، من فيصل التفرقة إلى فصل المقال: أين هو الفكر الإسلامي المعاصر؟، الإسلام أوروبا الغرب، رهانات المعنى وإرادات الهيمنة، نزعة الأنسنة في الفكر العربي، قضايا في نقد العقل الديني، كيف نفهم الإسلام اليوم؟، الفكر الأصولي واستحالة التأصيل: نحو تاريخ آخر للفكر الإسلامي، معارك من أجل الأنسنة في السياقات الإسلامية، من منهاتن إلى بغداد: ما وراء الخير والشر، نزعة الأنسنة في الفكر العربي: جيل مسكويه والتوحيدي.‏

توفيّ محمد أركون مساء الثلاثاء الماضي في 14-09-2016 بالعاصمة الفرنسية باريس عن عمر يناهز 82 عام بعد معاناة مع المرض. ومع أنه من بين المفكرين الكبار في العالم الغربي، إلا أن كتبه لم تنتشر بالشكل الكافي عربياً، وبقي بعيداً عن متناول القراء العرب. كتب باللغتين الفرنسية والإنجليزية، وترجمت كتبه إلى أغلب ‏لغات العالم بينها العربية؛ وهو ينتمي إلى جيل ميشيل فوكو وبيير بورديو.‏

اهتم الغربيون كثيراً بدراساته التنويرية التي تناولت الإسلام والعرب، وحضر بقوة في الدراسات الأوروبية والأمريكية، كعقل لا يمكن الاستغناء عنه أثناء دراسة التاريخ الفكري العربي والخطاب الديني. ورغم أنه لم يأخذ حقه في الدراسات العربية، إلا أنه، ومع بعض التمحيص في مؤلفاته وخاصة «الفكر العربي»، سنجد أن أركون محلل كبير لتاريخية الفكر العربي، ومفكر مستنير، يعرف نقاط الضعف والقوة في هذا الفكر، مستنداً في ذلك إلى التراث المقروء من قبله بدقة، وإلى التراث الأوروبي ودراساته المعمقة في شتى المجالات.‏

إن القراءة الدقيقة لفكر محمد أركون، لا تجعلنا بالضرورة نوافق على آرائه حول الثقافة العربية والفكر العربي، ولكنها ستدفعنا إلى إعمال الفكر في الآراء التي يطرحها، ويناور ويعمل على تبيان صدقها، مستشهداً بالتاريخ، أو بنقاط منه تؤيد أفكاره. وليس بالضرورة أيضاً أن نوافق على تحليله للأمور التي نهضت بالفكر العربي أو خلفته، أو أوقفته عن التفكير لمدد زمنية ما. إن ما يهمنا في دراسات أركون هو هذا الحيز الواسع من الجدل العقلي، الذي يفتح الباب واسعاً لخلق جدل مضاد، يطور ويغني وينير.‏

un autre homme qui disparait dont le savoir restera a jamais