كتاب فك أسرار ذي القرنين ويأجوج ومأجوج 2024.

كتاب فك أسرار ذي القرنين ويأجوج ومأجوج

تأليف: حمد يبن حمزة أبوزيد عضو مجلس الشورى السعودي

نبذة عن الكتاب: في هذا الكتاب يفك الكاتب شخصية ذي القرنين بانياً حقائقه على
وثائق وأدلة تاريخية وقراءة دقيقة ومتأنية للتاريخ القديم ويفاجأ القراء بأن ذو القرنين ماهو إلا
أخناتون ذلك الملك الفرعوني الموحد لله ويكشف أيضاأسرارقوم يأجوج ومأجوج أصلهم
زمانهم وأوطانهم
يقع هذاالكتاب في 543 صفحة متضمنا ملاحق لصور ردم يأجوج ومأجوج ومواقع مطلع
ومغرب الشمس مفسرابذلك سرالآيات الواردة في سورةالكهف تفسيرا دقيقا ويجعلك
تعيد قراءة تلك الآيات بنظرة مختلفة واحساس آخر
كما وتحدث ايضا عن الفروقات الجوهرية بين الاسكندر المقدوني
وذي القرنين..

لتحميل الكتاب من هنا
https://www.webyfile.com/846/__34.pdf.htm

ذو القرنين و عمارة الأرض دروس و عبر 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته

ذو القرنين وعمارة الأرض .. دروس وعبر

تبقى نظرتنا إلى كتاب الله تعالى ناقصة جزئيًا حتى تشمل كافة جوانب حياتنا، وحتى يدخل توجيه القرآن في كل جزئية، وفي كل ميدان، وفي كل فن.

ذلك التوجيه الذي أعنيه هو توجيه هداية وتنوير، نعرف من خلاله حكم ذلك الفن، وموقفنا منه وأخلاقنا فيه وكيف نتعامل معه، ومن خلاله، ويرسم لنا قواعد عامة، وضوابط وكليات جامعة شاملة، وأسس هامة ومبادئ رفيعة عالية في ذلك الميدان.

ولك أن تتصور إلى أي المستويات سنرتفع، وأي درجة سنبلغ، إذا توقفنا عند كل خطوة هامة مصيرية في حياتنا، لا نتجاوزها حتى نستهدي بهدي القرآن، ونستضيء بنوره، ليس في معرفة الحكم فحسب -كما هو غاية مطلب الكثير منا- بل إلى تلمس أسرار أخرى في المقدار الذي يحل ويحرم علينا، وإلى توجيه نفسي، وإيحاء شعوري، وما هو موقف الأفضلية؟، وما هو الأكمل والأرقى؟ لو فعلنا ذلك لبلغنا في العبودية ومراتب الكمال والتوفيق شأنًا عاليًا.

وتمثيلا لذلك وتوضيحًا له سأقف مع قصة (ذي القرنين)، محاولًا استخراج تلك المقاصد، ومتلمسًا أسرار القصة وأبعادها، وتوجيهاتها فيما يخص الجانب الأكاديمي للمتخصصين في العلوم التجريبية كالطب والهندسة والبرمجة والمحاسبة ونحوها، ولعل القاسم المشترك فيما بينهما، أن كلًا منهما يسعى في إعمار الأرض ويتسابق في إصلاحها وبنائها، ويتنافس في توجيه دفتها وقيادتها بشكل أو بآخر.

فيا ترى! هل يجب علينا إعمار الأرض؟ ومن سيتولى ذلك؟ وكيف يعمرها؟ وبم يعمرها؟ وما هي عوامل النجاح في إعمارها؟ وما هي أخلاق أولئك؟ وبأي لغة يتحدثون؟ بل كيف يجب أن تكون نفسياتهم ومشاعرهم، تجاه ربهم أولا، ثم تجاه مجتمعاتهم ومن هم دونهم؟
أسئلة واردة سأسعى للوصول إلى إجابات موجزة عليها من خلال القصة أضعها بين يدي طالب العلوم التجريبية عله أن يستضيء بها أو يجد فيها هدى.

قبل ذلك كله، لا أظنه يخفى على متعلم أن قصص القرآن تعتبر صورة حية مرئية يراد منها أن ترتسم في الخيال وتنطبع في النفس، وأن تبقى مثالًا حيًا فاعلًا في حياة من اتخذها مثالًا أعلى، ولا شك أن ذي القرنين محل ثناء من الله تعالى، جعله الله مثالًا وأنموذجًا لنا بكل تفاصيل قصته التي أوردها في كتابه. وإلا لنبّه على أخطائه وعلق عليها ونقدها، ولو بإشارة أو إيحاءٍ كما هي عادة القرآن.
قال القاسمي رحمه الله: "ليس في القرآن شيء من التاريخ من حيث هو قصص وأخبار، وإنما هي الآيات والعبر والأحكام والآداب تجلت في سياق تلك الوقائع، ولذا يجب صرف العناية إلى وجوه تلك الفوائد والثمرات، وما يستنبط من تلك الآيات…".

الوقفة الأولى: طموح يناطح السحاب، يحقق التمكين

سعى ذو القرنين حتى بلغ حيث انتهت طاقته وقدرته، ولم يرض بمنزلةٍ دون منزلة أحد من أهل زمانه حتى في مناصب الدنيا، ولم يقف عند حد، بل سعى في الأرض حتى بلغ مغرب الشمس ثم سار بجيوشه حتى بلغ مشرقها ثم أتبع سببًا حتى بلغ بين السدين، وتملك تلك المناطق كلها حتى حكم فيها وأثر بفكره ومبادئه على أهلها وسيطر عليها وغدا شرطيًا أعلى للعالم وحارسًا لأهل الأرض، وملجأ للمظلومين، ومأمنًا للخائفين، عندها طابت نفسه وتحقق حلمه، همة متفجرة وطموح يناطح السحاب.

بهذا يبني ذو القرنين في نفس طالب العلوم التجريبية طموحًا عاليًا وهمةً شامخة، ويرسم له صورة مشرقة في سماء التفوق والجد والعزم، والتنافس والتصارع من أجل السيادة والغلبة والوصول إلى مفاصل التغيير والتأثير وهي صورة المؤمن القوي.
ويحطم في المقابل صور الهزيمة والخمول والكسل، التي تعشعش في نفوس كتير ممن ضعفت همتهم وخارت عزائمهم.
قال القاسمي رحمه الله: "ومن فوائد نبأ ذي القرنين: تنشيط الهمم لرفع العوائق، وأنه ما تيسرت الأسباب، فلا ينبغي أن يُعد ركوب البحر ولا اجتياز القفر، عذرًا في الخمول والرضا بالدون، بل ينبغي أن ينشط ويمثل في مرارته حلاوةَ عقباه من الراحة والهناء، كما قضى الاسكندر عمره ولم يذق إلا حلاوة الظفر ولذة الانتصار، إذ لم يكن من الذين تُقعدهم المصاعب عن نيل مايبتغون".
في حين أنا نلحظ زهدًا واضحًا من أبناء أمتنا في العلوم التجريبية، وتكاسلًا وضعفًا، بل يُتهم عالي الهمة فيها بأنه يلهث وراء الدنيا وأنه باع آخرته بدنياه، وبهذا رضينا لأنفسنا الهوان وذلت أمتنا حين مدت يدها إلى عدوها لتأكل وتشرب وتعيش، وازدادت مع بُعدها عن دينها وكتاب ربها ظلمة على ظلمة، وتأخر بهذا قطار أمتنا وتجاهَلَنا العالم وغَدونا لا نُهاب ولايُعبأ بنا.

ولو علت همة شباب أمتنا وسمت طموحاتهم، وارتقت آمالهم وأهدافهم، ووُجهت توجيهًا صائبًا، وشاعت وعمّت ثقافة الطموح، والتفوق والاجتهاد، وتنافسوا على المراتب العليا في مجالاتهم وتخصصاتهم، ولم يرضوا بالدون وبالصفوف المتأخرة، لرفعنا عن أمتنا شيئًا من الغمة، واستعدنا لها شيئًا من كرامتها وهيبتها، وأعدنا لها مكانتها وريادتها، وتلك بلا شك أداة جهاد أخرى نجاهد بها عدونا لنقيم من خلالها دين الله في الأرض.

قال محمد إسماعيل المقدَّم: "وإذا كان آخر هذه الأمة لا يصلح إلا بما صلح به أولها، فإن أعظم ما أصلح سلفنا البرار جمعهم القوة العلمية، والقوة العملية التي هي نشدان الكمال الممكن في العلم والعمل، واستصغار ما دون النهاية من معالي الأمور".

وقال ابن القيم: "كمال الإنسان بهمَّة تُرقِّيه، وعلم يبصِّره ويهديه".

وإذا كـانت النفـوس كبـارًا *** تعبت في مرادها الأجسام


الوقفة الثانية: موهبة وملَكة، مع قدرة وإرادة

قال الله تعالى: {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ} [الكهف: 84]، أي: بالقوة والتمكين والتدبير والسعة في المال، والاستظهار بالعدد وعِظَم الصّيت، وكبر الشهرة،{وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا} [الكهف: 84]، أي: طريقا موصلًا إليه من علم أو قدرة أو آلة.

مكَّن الله لذي القرنين في الأرض ويسَّر له السبل، وأعطاه من الأسباب في شخصه وعقله وأخلاقه وفي جيشه وقوته وماله، ما جعله أهلًا للوصول إلى ما وصل إليه، من الملك والتمكين والحكم.

والموهبة مفهوم يحمل معنى امتلاك الفرد لميزة ما، ويُقصد بها استعداد طبيعيي أو طاقة فطرية كامنة غير عادية في مجال أو أكثر من مجالات الاستعداد الإنساني التي تحظى بالتقدير الاجتماعي في مكان وزمان معين ويستدل على تلك الاستعدادات من تحليل التعليقات اللفظية، وعن طريق ملاحظة النشاط التخيّلي والحركي للمرء.
والموهبة هي الركن الرئيسي في البنية الإبداعية، وبدونها يتعرض البنيان للتفتت والانهيار، وهي التي تجر الإنسان إلى دراسة فن ما، وليست الدراسة هي التي تصنع الموهبة.
ومن هنا نلفت النظر إلى أهمية نظر طالب العلوم التجريبية في نفسه وقدراته وما يمتلك من أسباب وفرص عند اختيار تخصص هو مجاله، فلا يطالب نفسه بما لا يقدر عليه، ومالم يُمكَّن له فيه، وما ليس هو له أهل من جهة، ولا يتهرب مما هو في مقدوره وما أوتي فيه سبب، ولا يتكاسل عن أداء واجبه وما هو مناط به من جهة أخرى.

قال القاسمي: "ومن فوائد القصة: الاعتبار برفع الله بعض الناس درجات على بعض، ورزقه من يشاء بغير حساب ملكًا ومالًا، لما له من خفي الحكم وباهر القدرة، فلا إله سواه" على هذا، فليس لتخصص فضلٌ على تخصص مطلقًا -كما هي ثقافة شائعة- بل إن الأمر نسبي، فما يُفضل لشخص ربما لا يُناسب شخصا آخر. وهكذا رفع الله الناس بعضهم فوق بعض درجات في الأرزاق والأخلاق والمحاسن والمساوئ، والمناظر والأشكال والألوان، وقسم التخصصات بين خلقه ويسر لكل طريقًا خُلق له، والأذواق تتعدد والمواهب شتى، والناس معادن.

وليس امتلاكُ الموهبةِ ووجودُ الرغبةِ وحده كاف في تحديد التخصص، إذ لابد أن يضاف له توفر القدرة العقلية والنفسية والمادية لمواصلة التعلّم، وعند اجتماعهما معًا يُرجى لطالب العلم تسديدًا وتفوقًا، ولعلّ الفشل والضعف الذي يُلحظ في واقع الكثير إنما مرده إلى عدم اختيار التخصص المناسب، وذلك يحتاج إلى بحث دقيق، ودراسة متأنية، وتصور واقعي للتخصصات المتاحة من جهة، ولواقع الشخص المقبل على اختيار تخصص ما، من جهة أخرى.

الوقفة الثالثة: اجتهادٌ وبذلٌ للسبب بلا كسلٍ أو تواكل

قال الله تعالى عن ذي القرنين مرة:{فَأَتْبَعَ سَبَبًا} [الكهف: 85]، أي: فأتبع سببًا، سببًا آخر. أو: فأتبع أمره سببًا، ثم قال عنه مرتين: {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا} [الكهف: 89 وَ 92].
مكن الله لذي القرنين وآتاه من كل شيء سببًا مع ذلك كله لم يكتف بهذا في تحقيق هدفه والوصول إلى مبتغاه -وأنى له أو لغيره أن يصل بهذا وحده- بل أتبع هذا بسبب يبلغه ذلك، ويحقق له أمله، فبذل جهدًا عظيمًا وجيَّش جنده وعدته وعتاده وما يمتلك من مال وقوة، ليواصل مسيرته وجهاده، ذلك لأنه أدرك حقيقة اتضحت لنا من خلال سيرته أنه لابد من بذل الأسباب والاجتهاد والنصَب ليصل المرء إلى مراده.

قال الرازي عند قوله تعالى:{وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۚ} [آل عمران: 159]: "دلت الآية على أنه ليس التوكل أن يُهمل الإنسان نفسه، وإلا لكان الأمر بالمشاورة منافيًا للأمر بالتوكل، بل التوكل أن يراعي المرء الأسباب الظاهرة، ولكن لا يعول بقلبه عليها بل يعول على عصمة الحق" {إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159].

بهذا يرتسم لنا منهجٌ واضحٌ لنيل المعالي، وهو أننا وإن كنا صالحين في أنفسنا، وإن كنا عباد الله وجنده، وإن كان منهجنا وديننا هو المنهج الحق، فإن هذا لن يمنحنا بمفرده تفوقًا وبلوغًا لما نصبوا إليه حتى يضاف إليه بذل للسبب الكوني المحسوس واجتهاد في تحصيل ذلك الأمر، وهي سنة ماضية مطردة لا تجامل أحدًا ولا تحابي فردًا: {سُنَّةَ اللَّـهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّـهِ تَبْدِيلًا} [الفتح: 23].

قال القاسمي رحمه الله: "ومن فوائد القصة: الإشارة إلى القيام بالأسباب، والجري وراء سنة الله في الكون من الجد والعمل، وأن على قدر بذل الجهد يكون الفوز والظفر …".

وبالأخذ بهذه الأسباب الكونية على تمامها مع اقترانها بالأسباب الشرعية، يتحقق للمرء ما يريده وينال خيري الدنيا والآخرة، ويُوفق ويُسدد في طريقه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ} [العنكبوت: 69]، وأما من قصَّر في أحد هذين الأمرين أو كليهما، فإما أن يفشَل ويُخفق في طريقه ولا يتحقق هدفه، وإما أن يُستدرج بتحقيق مراده، وربه ساخط عليه وهو يظن أنه موفق مسدد، عياذًا بالله تعالى.

يُضاف إلى هذا وذاك، أنه متى ما بذل السالك أقصى ما في يده من سبب، حتى استنفد جميعَ ما يملكُ من وسائلَ وأدواتٍ لبلوغ ما يراه خدمة لأمته ودينه بعد مشورة واستخارة وإعادة نظر وتفحص، ومع هذا لم يصل إلى ما يصبو إليه وانقطعت به السبل.
عندها.. وعندها فقط يتنَزَّل عليه فرجُ الله، وفتحه وتوفيقه، ويكون أهلًا للمعونة والتسديد، ومحلا للإكرام والتصويب من حيث لا يحتسب ولو حيل بينه وبين تحقيق مشروعه وهدفه فإنه يرضى ويسلم وأجره على ربه والخير عندها فيما اختاره له مولاه.

الوقفة الرابعة: وماذا بعد الانتصار والوصول والتفوق؟

قال الله عن ذي القرنين: {قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ … * وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ ۖ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا} [الكهف: 87-88].

حكى الله لنا موقف ذو القرنين حين بلغ مغرب الشمس، ووجد عندها قومًا، فبيّن أنه أقام فيهم دين الله وحاكمهم إلى شرعه، وهو بهذا يرسم لنا منهجًا واضحًا في الغاية من اجتهاده ومجاهدته حتى بَلَغ تلك المنازل الرفيعة في المُلك والحُكم، فهل يا ترى! يمتلك شبابنا كذلك منهجًا واضحًا ورسالةً جليّة، وأخلاق فاضلة راقية، يبلغونها العالم من ورائهم إذا وصلوا في تخصصاتهم التجريبية إلى مراتب عالية وشهرة عالمية، كما فعل ذو القرنين؟

يقول ابن تيمية: "فالمقصود الواجب بالولايات: إصلاح دين الخلق الذي متى فاتهم خسروا خسرانًا مبينًا، ولم ينفعهم ما نعموا به في الدنيا، وإصلاح ما لا يقوم الدين إلا به من أمر دنياهم".

قال القاسمي: "ومن فوائد القصة: الاعتبار بتخليد جميل الثناء، وجليل الآثار، فإن من أنعم النظر فيما قص عنه في هذه الآيات الكريمة، يتضح له جليًا حُسن سجاياه، وسمو مزاياه، من الشجاعة وعلو الهمة والعفة والعدل، ودأبه على توطيد الأمن وإثابة المحسنين، وتأديبه للظالمين، والإحسان إلى النوع البشري".

إننا وإن كنا ندعي أننا نحمل همًّا لهذا الدين، فهل نمتلك برامج حقيقة في تأصيل تلك المشاريع في أنفسنا؟ وهل خطونا خطوات حقيقية صادقة نحو ذلك أم أنها مجرد مشاعر وأماني نداعب بها أنفسنا؟؟

إنه لمن المحتم على كل صاحب همٍّ في العمل لخدمة هذا الدين ورفع الغمة عنه، أن يخصص ساعات يبني فيها مشروعه الذي سينفع به أمته، وقد تتالت دعوات المصلحين تنادي بأهمية التخصص في فن شرعي بجانب التخصص الأكاديمي التجريبي، كلٌّ بحسب ميوله واهتماماته، في علوم القرآن، أو الحديث أو الفقه أو التاريخ، أو في جوانب العمل الخيري والإغاثي وخدمة المجتمع، أو في جوانب السياسة الشرعية والعلاقات الدولية وغيرها.

إنه من يقرأ ستة كتب متخصصة في فن من الفنون، يُصبح أحد أفضل عشرةٍ في العالم في ذلك الفن، ولا أظن ذلك يصعب علينًا، وما دام أنه ولابد أننا سنطَّلع على شيء ما في غير تخصصنا، فلمَ لا تكون اطلاعاتنا موجهة ومتخصصة؟

وما أجمل اصطحاب تلك الموازنة التي نادى بها أحد المصلحين حين دعا إلى تقسيم المطالعات والاهتمامات إلى ثلاثة أقسام: خمسون بالمائة للتخصص الأكاديمي، وثلاثون بالمائة لتخصص شرعي مصاحب، وعشرون للاطلاع العام المتنوع في كافة أمور الحياة والأحداث والنوازل ونحوها، وهي تجربة جديرة بالمتابعة إن شئت فخذ بها.

يُذكر في هذا الصدد أنه يُؤلف في كل شهر في العالم ما يقارب خمسون ألف كتاب يستحق القراءة، فهل يا تُرى سنستطيع استيعاب ذلك كله ومتابعة كل جديد؟ لا أظن أن ذلك ممكنًا، وقد مضى عصر الموسوعيين الذي يُلمّون بكل العلوم والفنون، وكفانا سطحية وانتقائية بغيضة.

الوقفة الخامسة: عبودية وافتقار، مع نجاح وتفوق، لا يفترقان!

تكررت لفظةٌ واحدةٌ (خمسَ مرات) على لسان ذي القرنين في قصته التي جاءت في صفحة واحدة، لتعكس لنا شيئًا من نفسيّته وروحه، ولغته التي يتعامل بها وحقيقة واقعه، أَدخل تلك الكلمة في سياقات متنوعة، وقالها في مواطن مختلفة، ألا وهي كلمة (ربِّي)، (ربِّه) ليُشعر بعبوديته التامة لله تعالى وافتقاره إليه، وأنه هو وحده مربيه والمنعم عليه وهو الذي منحه تلك المنزلة الرفيعة، وبلغه إياها، وحينما حكم أهل المغرب أراد أن يوحي إليهم أنه مجرد عبد مطيع لأمر سيده، في موطن ربما أشعر بأنه هو المتصرف المطلق والحاكم الأعلى فقال:{ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا} [الكهف: 87]، ثم قالها في موطن عز وشرف حين ارتفعت الأعناق إليه طالبين إليه بناء السد فقال:{مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ} [الكهف: 95]، وبعد أن أتم مشروعه وأكمل بناء السد، والنفوس كلها ممتنةٌ له مسرورةٌ بخدمته ونجاح خطواته، أرجع الفضل كله في ذلك إلى الله تعالى وعدّه من شواهد رحمة الله تعالى، ليربط القلوب بالله تعالى: {قَالَ هَـٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي ۖ } [الكهف: 98]، مستغلًا لحظات النجاح تلك في تعبيد الخلق لله تعالى، وتلك هي والله الغاية العليا لتفوقنا ونجاحنا وتصدرنا، إن كنا نعي دورنا حقًا.

قال القاسمي رحمه الله: "ومن فوائد القصة: الإعلام بالدور الأخرويّ، وانقضاء هذا الطور الأوليّ، لتبقى النفوس طامحة إلى ذلك العالم الباقي والنعيم السرمدي ولذا قال{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي} [الكهف: 98]، إننا بحاجة دائمًا لأن نتذكر أننا مهما بلغنا في العلم والمجد والعلو مبلغًا رفيعًا، فإننا لا نخرج عن طور عبوديتنا لله تعالى والافتقار إليه، بل ما كان ذلك لنا إلا بتوفيق الله ومعونته ورحمته {هَـٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي ۖ }، وكلما زاد الموفق رفعة ونجاحًا في مجاله وتخصصه، ازدادت مِنّة الله عليه، فازداد انكسارًا وذلةً لله تعالى وعبَّد النفوس معه لله تعالى، وهي علاقة مطردة متى ما اختلت خُشي على ذلك المرء أن يكون قد استُدرج عياذًا بالله".

قال ابن القيم رحمه الله: "من أخص خصائص العبودية: الافتقار المطلق لله تعالى فهو حقيقة العبودية ولبُّها".
وقال رحمه الله: "إن مقام العبودية هو بتكميل مقام الذل والانقياد، وأكمل الخلق عبوديةً، أكملهم ذلًا لله وانقيادًا وطاعة …".

إن النفوس المؤمنة متعطشةٌ لسماع كلمات العبودية والاعتراف بالفضل والمنة لله تعالى من كبار علماء الأرض وقياداتها، فقل لي بربك متى ستقر عيوننا برؤية مشاهد العبودية، وسماع كلمات الافتقار والذلة من أولئك؟؟ بل لِمَ لا نكون نحن أصحاب تلك المنازل حتى نشيع في العالم تلك الثقافة وتعود تلك اللهجة من جديد؟!!

الوقفة السادسة: إعمار للأرض وتأمين لأهلها، وبإتقان

حين شَكي من بين السدين إلى ذي القرنين:{قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ …} [الكهف: 94]، سارع إلى نجدتهم ومعونتهم، وكشف الغمة عنهم، وأسكن لوعتهم وأَمّنَهم، ولم يأخذ على ذلك عِوضًا، وأقام السد وبناه بإتقان ودقة {فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا} [الكهف: 97].
بهذا عبّر ذو القرنين عن أمر آخر سعى لأجله، وتحقق على يديه، ليعلمنا نحن أهل الإسلام وأصحاب الدين الحق أننا مسؤولون عن تأمين أهل الأرض ودفع الشرور عنهم، وتحقيق السلام والأمن للبشرية جمعاء، وأنَّا نحن وليس غيرنا من يقود سفينة البشرية إلى بر الأمان والسعادة في الدنيا ثم في الآخرة.

فهل أمتنا اليوم من يقوم بهذا الدور حقًا؟ وإلا، فهل تجهَّزَت واستعدَّت لتقوم بهذه المهمة المنوطة بها؟ وهل أعدت رجالها لقيادة البشرية؟ ولِأن يكونوا مفزعًا لأهل الأرض، وملجأ للخائف والمنكوب من المجتمعات، بديلًا لمجلس الأمن والأمم المتحدة وكافة مؤسسات الكفر؟!
فضلًا عن هذا فإننا مطالبون بأداء هذا كله ليس على أي وجه، إنما بصورة متقنة تامة تُرضي أهل الأرض عنا وتُقنعهم بنا، كما أتقن ذو القرنين مشروعه وأداه على أكمل وجه وأحسن صورة، لكن وللأسف تبقى ثقافة الإتقان والدقة بعيدة كل البعد عن واقع أمتنا على مستوى الفرد والمجتمع والمؤسسات، وذلك كله يحتاج إلى مراجعات جادة صادقة لتغدو بعدها ثقافة الإتقان عادةً وسجيةً في أفراد أمتنا، عندها نرجوا لأنفسنا أن نكون في المقدمة.

كانت هذه إشارات سريعة، وخواطر عابرة، أضعها منارات وعلامات على الطريق، يستضيء بها السائر ويحدو بها الحادي أرجو أن أكون قد وُفقت في عرضها وترتيبها، وأن لا أكون قد حمّلت القصة ما لا تحتمل، وأستغفر الله من الزلل والخطأ، ومن اللافت للنظر أن هذه القصة ذُكرت في سورة الكهف، والتي استحب الشارع لنا أن نتلوها في كل يوم جمعة، ليرسخ هذا المثال في نفوسنا فنحذوا حذوه، فيحسن بالتالي لهذه السورة تذكر هذه المعالم وغيرها.

أسأل الله أن ينفع بها كما أسأله أن يفتح علينا من أسرار كتابه وكنوز كلامه، مانهتدي به إلى صراطه القويم، وأن يجعلنا ممن يقول ويسمع القول فيتبع أحسنه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.

ذي القرنين و يأجوج و مأجوج . القصة الحقيقية 2024.

لقد حكى اللـه قصة ذي القرنين في سورة واحدة من سور القرآن ألا وهي سورة الكهف قال اللـه تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرض وَءَاتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا فَأَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا وَأَمَّا مَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلا قَالُوا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرض فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ءَاتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ ءَاتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا [الكهف:83-98].

هذه هي قصة ذي القرنين مع يأجوج ومأجوج وأقول لك أن قصة ذي القرنين هي الأخرى قد نُسِجَ حولها من الأساطير والخرافات والخيالات والأوهام ما يندى له جبين التحقيق خجلاً وحياءً.

لا يجوز لأحد يحترم علمه وعقله أن يتجاوز النص القرآني في قصة ذي القرنين فما ذكره اللـه في القرآن عن ذي القرنين فيه الغنى وفيه الكفاية، ولسنا في حاجة لأن نلهث وراء الإسرائيليات لننسج حول شخصية ذى القرنين الأساطير والخرافات والأوهام .

والآن أدعوك لنتجول سوياً لنتعرف على قصة ذي القرنين مع يأجوج ومأجوج بالنص القرآني والتفسير اليسير.

ذو القرنين عبد صالح اختلف أهل التفسير في نبوته لكن لا يستطيع أحد أن يجزم بذلك.

والقصة تبدأ بسؤال المشركين للنبي المصطفى ويأتي الجواب من اللـه جل وعلا: "قل" يا محمد، وكلمة "قل" يسميها علماء التفسير وعلماء اللغة قل التلقينيه أي القصة ليست من عند رسول اللـه بل هي وحي من عند اللـه جل وعلا: قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا : كلمة " منه " التبعيضية: أي سأتلوا عليكم بعض الشيء من قصة ذي القرنين ولو علم اللـه في الزيادة عن النص القرآني خيراً لذكرها لنا فلنقف عند ما ورد في القرآن وما ثبت في حديث النبي عليه الصلاة والسلام: إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرض : تدبر … فمن الذي مَكَّنَ لذي القرنين؟

فالتمكين إن نقبت عنه في القرآن سترى أنه في كل مرة وردت لفظة التمكين تنسب إلى اللـه رب العالمين، وهذه القاعدة البلاغية تؤصل في القلوب قاعدة إيمانية .

فالذي يُمَكِّن للدول والأمم والشعوب هو اللـه، فيجب علينا جميعا أن نعلق قلوبنا بالملك الذي يفعل كل شيء، مع الأخذ بالأسباب فهذا من حقيقة التوكل على اللـه .

لا تسود أمة إلا بإذن اللـه ولا تزول أمة إلا بإذن اللـه .

قال تعالى: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [آل عمران:26].

إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرض وَءَاتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا فَأَتْبَعَ سَبَبًا . أخذ بهذه الأسباب والوسائل للتمكين والنصر والفتح والظهور .

الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرض أَقَامُوا الصَّلاةَ وَءَاتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ [الحج:41].

فهناك من الأمم من يمكن اللـه لها فتأخذ بأسباب التمكين فيزيدها اللـه ثباتا وتمكينا فإن فرطت أذهب اللـه عنها التمكين. وهناك من الناس من إذا مكن اللـه له أخذ بوسائل التمكين فزاده اللـه رفعة ونصرا فإن فرط في هذه الأسباب والوسائل أمر اللـه عز وجل بزاوله وهلاكه .

وَءَاتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا . أعطاه من الأسباب ما يستطيع أن يفتح وأن ينتصر وأن يجوب البلاد شرقا وغربا .

يبدأ ذو القرنين الرحلة الجهادية الأولى في سبيل اللـه نحو المغرب .

حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا .

ومن المعلوم أنه ليس للشمس مشرقاً واحداً ولا مغرباً واحداً بل لها عدة مشارق ومغارب .

قال اللـه تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ [المعارج:40].

فالشمس لها مشارق ومغارب بحسب فصول السنة وأيامها وشهورها، لها مشارق ومغارب بحسب المكان، لها مشارق ومغارب بحسب رؤية الرائي إلى قرص الشمس أثناء الشروق أو الغروب .

قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا .

فبين ذو القرنين منهجه العادل ودستوره الحكيم، فقال كما ذكر في كتاب ربنا: قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا وَأَمَّا مَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا .

وأما من ظلم نفسه بالشرك وعدم اتباعي فسوف أعذبه وله عند اللـه العذاب العظيم، أما من اتبعني وآمن بما جئت به ووحد اللـه واستقام على منهج اللـه فله الحسنى وهى الجنة، أما من ناحيتي فسنقول له يسرا .

ثم انطلق نحو المشرق في رحلة ثانية :

حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا . لا يحمى هؤلاء الناس والقوم شيء على الإطلاق، لا يحول بينهم وبين الشمس شيء.

كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا : أي علم اللـه عز وجل كل ما يدور في قلبه وفي نفسه.

وتبدأ الرحلة الثالثة التي هي محل الشاهد في موضوعنا:

حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ والسدين: الجبلين العظيمين .

وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلا .

لا يعرفون لغة ذي القرنين أو لا يستطيعون أن ينفتحوا على غيرهم من الأمم، فهم قوم منعزلون على أنفسهم، تعرضوا إلى أشد الهجمات وأعنف الضربات على يدي يأجوج ومأجوج، فلما رأوا ذا القرنين الملك الفاتح العادل توسلوا إليه وانطلقوا وقوفا بين يديه وقالوا: يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرض فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا .

هؤلاء القوم يقولون لذي القرنين هل نبذل لك من أموالنا ما تشاء وما تريد على أن تبنى لنا سدا منيعا يحمينا من يأجوج ومأجوج .

فرد عليهم بزهد وورع وقال: قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ .

لقد أعطاني اللـه عز وجل من وسائل التمكين ما أغنانى به عن مالكم ولكنه لمح فيهم الكسل، فأراد أن يشركهم في هذا المشروع العظيم وفي هذا العمل الضخم، فقال لهم ولكن!

فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا . أي قال بلغة العصر: التخطيط الهندسي والمعماري والإنفاق المادي لبناء هذا السد ولإقامة هذا المشروع، سنتكفل نحن بذلك، ولكننا في حاجة إلى العمال، في حاجة إلى عمالة يحملون ويبنون ويقيمون هذا العمل: فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا .

وبدأ ذو القرنين المهندس البارع الذي سبق علماء الهندسة المعاصرين بعدة قرون .

أمر بالبدء في المرحلة الأولى من مراحل هذا المشروع .

ءَاتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ : أي اجمعوا لي قطع الحديد الضخمة وأمرهم بوضع هذه القطع في مكان ضيق بين هذين السدين، فلما وضعت قطع الحديد حتى ساوت قمة الجبلين قال: انفخوا النار المشتعلة التي تصهر هذا الحديد، ولك أن تتصور حجم هذه النيران التي اشتعلت لتصهر أطناناً من الحديد لا يعلم وزنها إلا العزيز الحميد، اشتعلت النيران تحت هذا الحديد بين السدين في مكان ضيق، يريد أن يسد على يأجوج ومأجوج الطريق الذي ينفذون منه إلى هذه الأمم المسكينة المغلوبة على أمرها .

فأشعل النيران حتى انصهر الحديد وذاب بين السدين أي بين الجبلين، فأمر ذو القرنين أن يدخلوا في المرحلة الثانية من مراحل البناء، ألا وهي أن يذيبوا النحاس حتى ينصهر .

فلما انصهر النحاس أمرهم بصب النحاس على الحديد فتخلل النحاس الحديد فأصبح النحاس والحديد معدناً واحداً ليزداد صلابة وقوة فلا تستطع يدى يأجوج ومأجوج أن تتسلقه أو أن تنقبه .

وبذلك يكون ذو القرنين قد سبق العلم المعاصر في تقوية الحديد بالنحاس فلما ساوى بين الصَّدَفين بهذا الحديد وبهذا النحاس ليبين لنا سمات القيادة الفذة الناجحة التي تستطيع أن تجمع بين الخيوط والخطوط .

التي تستطيع أن تجمع بين المواهب والطاقات والقدرات والإمكانيات لتستغل الموارد والطاقات أعظم استغلال.

ذو القرنين يبين لنا سمات القيادة الناجحة، وما أحوج الأمة إلى هذه القيادة الفذة، فلما نظر إلى هذا السد العظيم لم تسكره نشوة القوة والعلم، لم يقل فن الإدارة!!

لم يقل: إنما أوتيته على علم عندي!! وإنما نسب الفضل لصاحب الفضل جل وعلا فقال: قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا

درس عظيم .. هذا رحمة من ربي ثم بين للحضور معتقده الصافي في الإيمان بالبعث والإيمان بيوم القيامة فقال لهم إن الذي أمر ببناء هذا السد هو اللـه، وأن الذي أمر بحجز يأجوج ومأجوج هو اللـه، وأن الذي سيأذن لهم بالخروج هو اللـه، وحتما سيأتي يوم على هذا السد المنيع ليجعله اللـه عز وجل دكاء أي ليسويه بالأرض وذلك لا يكون إلا بين يدي الساعة كما سيسوى جبال الأرض كلها بالأرض .

فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا .

هكذا يبين ذو القرنين العقيدة الصافية في الإيمان بالبعث، في الإيمان بيوم القيامة وعلامته الكبرى حين يأذن الحق تبارك وتعالى ليأجوج ومأجوج في الخروج حينئذ يستطيعون أن ينفذوا هذا السد ويخرجوا وهذا هو عنصرنا الرابع من عناصر هذا اللقاء:

رابعاً: خروجهم بين يدي الساعة:

في صحيح البخاري من حديث زينب بنت جحش رضي اللـه عنها: أن النبي دخل عليها يوما فزعا وهو يقول: ((لا إله إلا اللـه، لا إله إلا اللـه ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه)) وحلق بأصبعه السبابة والإبهام فقالت زينب بنت جحش: يا رسول اللـه أَنهلِكُ وفينا الصالحون فقال المصطفىالجيريا(نعم إذا كَثُرَ الخبث))(4).

يهلك الصالح والطالح ويبعث اللـه الصالحين والطالحين على نيـاتهـم .

وتدبر معي هذا الحديث: الذي رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم في المستدرك وصحح الحاكم الحديث على شرط الشيخين وأقر الحاكمَ الذهبيُ والألبانيُ في السلسلة الصحيحة من حديث أبي هريرة أن الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى قال: ((إن يأجوج ومأجوج يحفرون السد كل يوم، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قالوا: ارجعوا فستحفرونه غداً فيرجعون فيعيد اللـه السد أشد مما كان، حتى إذا أراد اللـه أن يبعثهم خرجوا يحفرون السد فقال الذي عليهم إذا ما رأوا شعاع الشمس: ارجعوا وستحفروه غدا إن شاء اللـه تعالى فيعودون فيرون السد كهيئته التي تركوه عليها فيحفرونه ويخرجون))(5)

وفي رواية مسلم في حديث النواس بن سمعان ((فيمرون على بحيرة طبرية فإذا مَرَّ أوائل يأجوج ومأجوج شربوا ماء البحيرة كله فإذا مر آخرهم قال: لقد كان في هذه البحيره ماء)).

فيخرجون فيخاف الناس ويتحصنون منهم في الحصون، يتركون لهم الشوارع والطرقات لا قدرة لأحد بقتالهم كما سأذكر في رواية النواس بن سمعان قال المصطفى : ((أوحى الله إلى عيسى: يا عيسى إني قد بعثت قوما (أي يأجوج ومأجوج) لا يدان لأحد بقتالهم (أي لا طاقة لأحد بقتالهم) فحرز عبادي إلى الطور أي اجمع عبادي من المؤمنين إلى جبل الطور في سيناء)). ويتحصن الناس منهم في حصونهم فيقول يأجوج ومأجوج: لقد قتلنا أهل الأرض تعالوا لنقتل أهل السماء.

انظر إلى الفجور!! وبهذه العبارة فقط تستطيع أن تتصور حجم الفساد في الأرض إذ تجرأ هؤلاء وفكروا في أن يقاتلوا أهل السماء وبالفعل يوجهون النشاب (أي السهام) إلى السماء فيريد الملك أن يبتليهم فيرد اللـه عليهم نشابهم ملطخة دماً فتنة من اللـه تعالى فيقولون قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء. في الوقت الذي تبتلى فيه الأرض بهذه الفتنة تكون فتنة أخرى عصفت بأهل الأرض عصفاً ألا وهى فتنة الدجال فينزل عيسى عليه السلام

baraka allah fik

بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك

شكرا على الموضوع

بارك الله فيكم , وجعله في موازين حسناتكم .

السلام عليكم الجيريا
شكرااااااااا على الردود السابقة و باركالله فيكم
مازالت القصة لم تنهي …………….الجيريا
شكرااااااااااا

الله يعطيك الف خير اخي الكريم

بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك

قصة سيدنا ذي القرنين مع يأجوج ومأجوج 2024.

قصة سيدنا ذي القرنين مع يأجوج ومأجوج

——————————————————————————–

اختلفت كتب الرواة في وصف سيدنا ذي القرنين ان كان نبيا ام رجل صالح وكذلك اختلف في وصف يأجوج ومأجوج … كتب التفاسير تتشابه في بعض وتختلف في بعض وكذلك روايات التاريخ .. ولكني سارويها كما رواها ابن كثير بطريقه سهله ومبسطه …

بسم الله الرحمن الرحيم

وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً (84) فَأَتْبَعَ سَبَباً (85) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً (86) قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً (88) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (89) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْراً (90) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً (91) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (92) حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً (95) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً (97) قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً (98) وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً (99) وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضاً (100) الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاء عَن ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً (101)

صدق الله العظيم

الراوي هنا الله سبحانه تعالي مخاطبا سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم …

يقول تعالى يسالونك عن ذي القرنين اي عن خبره والذي يسالون الرسول هم الكفار ..

كان ذي القرنين شابا من الروم بنى الاسكندريه ويقال هو ملك الروم و فارس ويقال كانت له ظفيرتين من الشعر لذلك لقب بذي القرنين وقيل ان كان على راسه ما يشبه القرنين .ويقال ان اسمه الاسكندر… ويروي ابن كثير قصه اخرى عن سبب تسميته بذي القرنين ( وهي انه كانا عبدا صالحا ودعا قومه الى الله فضربوه على قرنه فمات فأحياه الله فدعا قومه الى الله فضربوه على قرنه فمات فسمي بذي القرنين ) وتختلف القصص في تسميته .. والبعض يقول بنبوته لان الله يخاطبه في السورة بقوله ( وقلنا يا ذي القرنين ) وهذا يدل على انه نبي يوحى له .. والبعض الآخر يقول بانه رجل حكيم علا بالملك في الارض ولقد اتاه الله من كل شي سببا اي اعطاه الله الملك والحكم والسلطان لكي يحكم في الارض بالعدل وينشر الخير بين الناس …
والبعض يقول انه قصته في بلوغه المغارب والمشارق حيث يطلع قرن الشمس ويغرب لذلك سمي بذي القرنين …

فلقد سلك طريقا حتى وصل الى أقصى ما يسلك فيه الارض من ناحية المغرب وهو مغرب الارض حيث تغرب الشمس في البحر المحيط الاطلنطي وهذا شان كل من انتهى الى ساحله يرى الشمس تغرب فيه وهي لا تفارق الفلك ….

هناك وجد مدينة لها اثنا عشر الف باب لولا اصوات اهلها لسمع الناس وجوب الشمس حين تجب .. وهم امة من الامم ذكروا انها كانت امة عظيمة من بني آدم … ولقد مكنه الله منهم واظفره بهم وخيره إن شاء قتل وسبى وإن شاء من عليهم أو فدى فعرف عدله وايمانه فما أبداه عدله وبيانه في قوله من استمر على كفره وشركه فسوف نعذبه ثم ينقلب الى ربه ويلاقي العذاب الشديد وفي هذا اثبات ليوم الميعاد وجزائه .. ثم قال ومن آمن واتبع ما ندعو اليه من عبادة الله وحده لا شريك له فله الجزاء وهو الدار الاخرة عند الله …

وبعد ان انتهى من المغرب … غير اتجاهه وسلك طريقا يؤدي به من مغرب الشمس الى مطلعها اي المشرق .. وكان كلما مر بقوم قهرهم وغلبهم الى الله عز وجل .. وهكذا فان اطاعوه وإلا اذلهم وارغم آنافهم واستباح اموالهم وامتعتهم واستخدم من كل امة ما تستعين به جيوشه على قتال الاقليم المتاخم لهم … ويقال انه عاش الفا وستمائة سنة يجوب الارض طولها والعرض حتى بلغ المشارق والمغارب ولما انتهى الى مطلع الشمس من الارض وجد امة من الناس ليس لهم بناء يكنهم ولا اشجار تظلهم وتسترهم من حر الشمس وقد كانوا حمرا قصارا مساكنهم الغيران اكثر معيشتهم من السمك … وقيل ان ارضهم لا تحمل البناء فاذا طلعت الشمس تغدروا في المياه فاذا غربت خرجوا يتراغون كما ترغى البهائم .. وان ارضهم لا تنبت لهم شيئا فهم اذا طلعت الشمس دخلوا في اسراب حتى اذا زالت الشمس خرجوا الى حروثهم ومعايشهم .. وقيل ليست لهم اكنان اذا طلعت الشمس طلعت عليهم فلأحدهم أذنان يفرش إحداهما ويلبس الاخرى .. وقيل هم الزنج لم يبنوا فيها بناء قط ولم يبن عليهم فيها بناء قط كانوا اذا طلعت الشمس دخلوا اسرابا لهم حتى تزول الشمس او دخلوا البحر وذلك ان ارضهم ليس فيها جبل .. جاءهم جيش مرة فقال لهم اهلها لا تطلعن عليكم الشمس وانتم بها ،،، قالوا لا نبرح حتى تطلع الشمس . وعندما سالوا ما هذه العظام ؟ اجابوا انها جيف جيش طلعت عليهم الشمس فماتوا ههنا ..

وقيل لا يندب قتيلهم وهو وصف لهم لشدة البأس والحرص على القتال وانهم لا يبالون بالموت لانهم كانوا عبيدا غرباء لم يكن لهم اهل وولد ممن عادتهم الندبة وافتقاد الغائب وقيل لا يفقد غائبهم وذلك وصف لهم بالكثرة وانه اذا قتل منهم قتيل سد مسده غيره .. يخرجون بجيش لا يكون له غبار ولا لجب ولا قعقعة ولا حمحمة خيل ، يثيرون الارض باقدامهم كانهم اقدام النعام يومئ بذلك الى صاحب الزنج لا يندب قتيلهم ولا يفقد غائبهم ..

وهنا يسلك ذي القرنين مسلك يصل به الى مشارق الارض حتى اذا بلغ بين السدين وهما جبلان متناوحان بينهما ثغرة يخرج منها يأجوج ومأجوج على بلاد الترك فيعيثون فيها فسادا ويهلكون الحرث والنسل ..

ويأجوج ومأجوج من سلالة آدم عليه السلام …..
تكملة القصة " 2 "

——————————————————————————–

بلغ المشارق والمغارب يبتغي اسباب آمر من حكيم مرشد
فرأى مغيب الشمس عند غروبها في عين ذي خلب وثاط حرمد

——–

يقال ان الله تعالى يقول " يا آدم فيقول لبيك وسعديك فيقول ابعث بعث النار فيقول وما بعث النار ؟ فيقول من كل الف تسعمائة وتسعة وتسعون الى النار وواحد الى الجنة ، فحينئذ يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها فقال إن فيكم أمتين ما كانتا في شيء إلا كثرتاه يأجوج ومأجوج .

وقد ذكر احد الائمة انه قد ذكرت في كتب أهل الكتاب ان يأجوج ومأجوج خلقوا من أدم فقط ولم يكونوا من أدم وحواء … ولكن والله اعلم لم يذكر هذا في كتابنا …

ويقول تعالى .. ان اصحاب هذه القرية شكوا الى ذي القرنين بأن يأجوج ومأجوج وأرادو أن يجمعوا له من بينهم مالا يعطونه إياه حتى يجعل بينه وبينهم سدا فقال ذي القرنين بعفة وديانة وصلاح للخير إن ما اعطاني الله من الملك والتمكين خير لي من الذي تجمعونه .. فأنا فيه بخير مما تبذلونه ولكن ساعدوني بقوة عملكم وآلات البناء والزبر ( الزبر هي القطعة وهي كاللبنة يقال كل لبنة زنة قنطار بالدمشقي أو تزيد عليه ) ….
وبدأ بمساواة اللبنات ووضع بعضه على بعض من الأساس حتى إذا حاذى به رؤوس الجبلين طولا وعرضا … امرهم بأن يأججوا عليه بالنار حتى صار كله نارا وهو النحاس وقيل هو النحاس المذاب تفسيرا لقوله ( وأسلنا له عين القطر ) ولذلك يشبه بالبرد المحبر ..

ولقد وصف سيدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا السد بقوله ( كالبرد المحبر طريقة سوداء وطريقة حمراء )

ويذكر انه في عهد الخليفة الواثق .. انه اجهز جيشا وبعث معهم بعض أمراءه لينظروا الى السد ويعاينوه وينعتوه له اذا رجعوا … فتوصلوا من بلاد الى بلاد ومن ملك الى ملك حتى وصلوا اليه ورأوا بناءه من الحديد ومن النحاس وذكروا انهم رأوا فيه بابا عظيما وعليه اقفال عظيمة ورأوا بقية اللبن والعمل في برج هنا . وأن عمده حرسا من الملوك المتاخمة له وأنه عال منيف شاهق لا يستطاع ولا ما حوله من الجبال ثم رجعوا الى بلادهم ولقد كانت غيبتهم أكثر من سنتين وشاهدوا أهوالا وعجائب (((( ليتنا كنا معهم فنرى عجائب خلق الله ))) سبحانه ربي …

يقول تعالى مخبرا …. أن يأجوج ومأجوج ما قدروا على أن يصعدوا من فوق هذا السد ولا قدروا على نقبه من أسفله ولما كان الظهور عليه أسهل من نقبه قابل كلا بما يناسبه …

ولقد ذكر لنا سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في حديث ذكره ابى هريرة ..
قال ( إن يأجوج ومأجوج ليحفرون السد كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم ارجعوا فستحفرونه غدا فيعودون إليه غدا فيعودون إليه كأشد ما كان حتى اذا بلغت مدتهم وأراد الله ان يبعثم على الناس حفروا متى اذا كادوا يرونشعاع الشمس قال الذي عليهم ارجعوا فستحفرونه غدا ان شاء الله فيستثني فيعودون اليه وهو كهيئته حين تركوه فيحفرونه ويخروجون على الناس فينشفون المياه ويتحصن الناس منهم في حصونهم فيرمون بسهامهم الى السماء فترجع وعليها كهيئة الدم فيقولون قهرنا اهل الارض وعلونا اهل السماء فيبعث الله عليهم نغفا في رقابهم فيقتلهم بها …
يقول صلى الله عليه وآله وسلم ( والذي نفس محمد بيده أن دواب الارض لتسمن وتشكر شكرا من لحومهم ودمائهم ) …

وتقول السيدة زينب بنت جحش زوج الرسول عليها السلام استيقظ صلى الله عليه وآله وسلم من نومه وهو محمر وجهه وهو يقول ( لا إله الا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا ) قال يا رسول الله انهلك وفينا الصالحون ؟ قال ( نعم اذا كثر الخبيث )

وفي موضع آخر ذكر ان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال ( فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا وعقد التسعين ) …

موضوع رائع شكرا لك على الافادة

ما اعرفه عن دي القرنين انه معروف عند اليهود-للاسف لقد نسيت اسم الدي يعطونه اياه- و هم يقدسونه و ينوون بناء تمثال له في معبدهم المزعوم في مكان المسجد الاقصى و سبب تقديسهم له انهم يقولون بانه هو الدي حررهم من الاسر في بابل و سمح لهم بالعودة الى فلسطين فقد كان قائد عظيم غلب الفرس و شعوب اسيا اما فيما يخص ما اوردته من قصص يا اخي فهى مجرد اساطير معضمها اسرائيلي للاسف-فيما يخص الاسكندر لقد قال ابن كثير ان الكثير يعتقدون انه دي القرنين و هدا خطأ لاننا نعرف تاريخيا انه نصب نفسه الها عندما دخل الى مصر و الله اعلم

بارك الله فيك

شكرا على هذه المعلومات من اخ عميمور

موضوع رائع شكرا لك على الافادة

بارك الله فيك

موضوع جميل

شكرا على الموضوع القيم
وأستسمحك على نقله وعرضه في منتدى آخر

موضوع رائع شكرا لك

بارك الله فيك

موضوع جميل

بارك الله فيك
بارك الله فيك
بارك الله فيك
بارك الله فيك
بارك الله فيك
بارك الله فيك
بارك الله فيك
بارك الله فيك
بارك الله فيك
بارك الله فيك
بارك الله فيك
بارك الله فيك
بارك الله فيك
بارك الله فيك
بارك الله فيك
بارك الله فيك
بارك الله فيك
بارك الله فيك
بارك الله فيك
بارك الله فيك
بارك الله فيك
بارك الله فيك
بارك الله فيك
بارك الله فيك
بارك الله فيك
بارك الله فيك

حقا افدتنا بهده المعلومات..جازاك الله كل الخير

بارك الله فيك

ربي يخليكم على هدا الموضوع شكراااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

نشاء الله تنجحو في كل مجلات

من هم قوم يأجوج ومأجوج ومن هو ذي القرنين 2024.

جاء في المؤتمر العلمي للإعجاز القرآني، وصفاً لدراسة علمية هي الأولى من نوعها لأنها تتدبر الآيات القرآنية بينما الدراسات التي تهتم بالإعجاز العلمي في القرآن تأتي عادة بالنظرية العلمية أولاً ثم تنسبها إلى الآيات القرآنية المناسبة لهذه النظرية .
إن هذه الدراسة تحتاج إلى أبحاث كثيرة تشمل عدة علوم في نفس الوقت مثل علوم الأرض والجيولوجيا والجغرافيا وعلم المعادن والهندسة وعلوم الآثار والتاريخ والأنتروبولوجيا وعلوم اللغة وتطورها .
إن هذه الدراسة تعتقد أن ذي القرنين(كورش الأخميني) ، قد بدأ رحلته كما ينص القرآن ، من الغرب أي من العالم الجديد وهو ( آمريكا الشمالية والجنوبية) متجهاً إلى الشرق القديم وهو (آسيا وأفريقيا وأوروبا ) .
كما ترجح الدراسة بأن رحلة ذي القرنين كانت بالبر عن طريق مضيق ( برنج ) الذي يفصل بين شمال غرب أمريكا الشمالية وشمال شرق آسيا ،وهو يكون يابساً في الفترات الجليدية لأن مستوى سطح البحر يكون منخفضاً ومتجمداً .
وتعتقد الدراسة أن ذي القرنين وصل إلى سيبيريا لأنها تتميز بشروق الشمس الدائم وفقاً للآيه ( حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها ستراً ) أي ليس بينهم وبين الشمس ستراً ومن المعروف أن الشمس تظل مشرقة لمدة شهرين كاملين أثناء فصل الصيف في هذه المنطقة .
ويعتقد أيضا أن ذي القرنين التقى بقبائل الإسكيمو التي تسكن سيبيريا لأنه لم يلتقي بقبائل خلال رحلته الطويلة وهذا يتوافق تماما مع سيبيريا الخالية من السكان ماعدا قبائل الإسكيمو .
وتعتقد الدراسة أنه واصل سيره حتى وصل إلى جبال القوقاز التابعة إلى روسيا حالياً والتقى بقوم يعيشون في شمال جبال القوقاز ( قوم بين السدين ) وأن يأجوج ومأجوج كانوا يغيرون عليهم من جنوبها .والمعروف أن البشر الأكثر تحضراً وقوة يغيرون على القوم الأضعف والأقل حضارة ,وهذا يعني أن يأجوج وماجوج كانوا من البشر واكثر حضارة من (قوم بين السدين) لذلك طلب ( قوم بين السدين) من ذي القرنين أن يبنى لهم سداً أو ردماً.
إن يأجوج ومأجوج ليسوا من الجن بل هم من البشر وذلك لما جاء في كتب التفسير مثل تفسير ابن كثير ، لكنهم بشر غزاة لانهم أكثر قوة و اكثر حضارة من ( قوم بين السدين ) وهم ينتمون إلى الحضارات الموجودة في جنوب القوقاز .
وما يثير الدهشة هو أن جميع الحضارات التي جاءت بعد بناء الردم كانت تتوقف توسعاتها عند الجانب الجنوبي لجبال القوقاز .
تعتقد الدراسة أن هذا الردم يعرف اليوم بسد ( دربند ) الموجود حالياً في جبال القوقاز ، وهذا الاعتقاد ناتج عن الأسباب التالية :
إن الردم يشبه كثيراً ردم ( دربند).
إن الردم يقع على نفس امتداد رحلة ذي القرنين وهو جبال القوقاز.
إن مناطق شمال جبال القوقاز لم تتعرض لأي فتوحات خلال التاريخ القديم . فكل الفتوحات القديمة مثل فتوحات الإسكندر الأكبر والفتوحات الإسلامية لم تتجاوز حدود جبال القوقاز. وكأنها محمية من أي غزو .
وجود العين الحمئة في غرب العالم الجديد وعدم وجودها في غرب العالم القديم ” حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة و وجد عندها قوماً. . . “.
إن العيون الحمئة أو ما يعرف بالينابيع الحارة تتواجد في مناطق بركانية غرب أمريكا الشمالية و الجنوبية ونيوزيلنده وأيسلندا.
إن الردم وصفه ذو القرنين يتألف من الحديد أو صخور مليئة بالحديد كما جاء في القرآن ( زبر الحديد ) وهذا يتوافق تماماً مع انتشار معدن الحديد بكميات هائلة في جبال القوقاز .
تعتقد الدراسة أن ذي القرنين عندما طلب من القوم أن يأتوه بالقطر كان يقصد بالقطران وليس النحاس على الرغم من أن النحاس يمنع صدأ الحديد وذلك للأسباب التالية :
1- عدم وجود النحاس في جبال القوقاز.
2- إن النحاس يحتاج إلى درجات حرارة مرتفعة حتى يصل إلى درجة الذوبان لكي يصب مع الحديد . بينما القطران لا يحتاج إلى النار لكي يصل إلى درجة الذوبان ، بل على العكس فإنه لا يتجمد بدرجة حرارة الجو العادية.
يتضح من هنا أن ذي القرنين قطع الحجر الذي يحتوي على الحديد ثم أشعل النار ليذوب الحديد ، ثم أضاف عليه بعد ذلك القطران وهو ذائب . ولو أنه وضع القطران مع الحديد وأشعل النار لذهبت فائدة القطران لأنه سوف يحترق . لكن وجوده كسائل فوق سائل الحديد المذاب يقوي من خصائصه .وهذا ما يتم حالياً في صناعة الحديد والفولاذ .
أما بالنسبة للردم ، فإن ذي القرنين قام بالردم بين الجبلين بتلك المواد حتى جعل ارتفاع الجبلين متساوي وفقاً للآية:
( حتى إذا ساوى بين الصدفين ) أي الجبلين المتباعدين . إن الردم ملا مكان الفراغ بين الجبلين فساوى بينهما أي جعل الارتفاع بينهما متساو ياً وجعل ارتفاع الردم بينهما متساوياً ، ثم طلب من القوم أن يوقدوا النار حتى ذاب الحديد من الحجارة وأصبح كالنار ثم صب فوقه القطران ,وهكذا عجز قوم يأجوج و مأجوج اعتلاء الردم بسبب ارتفاعه الشاهق ولاستواء جوانبه كما أنهم لم يستطيعوا له نقباً لصلابة الحديد غير القابل للصدأ ( من الفولاذ

شكرا على ما قدمت بارك الله فيك

أسرار ذي القرنين 2024.

لكم كتاب فك أسرار ذي القرنين
https://www.restfile.com/zlfkssxmj3ie/book15.rar.html

لو بالإمكان فكرة عن الكتاب بارك الله فيك

هو كتاب قيم و سهل التحميل من نوع pdf يحكي عن ذي القرنين و هاجوج و ماجوج روعة
شكرا لكم و صح فطوركم

بارك الله فيكم جوزيتم الجنة

جزاك الله خيرا

شكرا لكم و صح فطوركم

شكرا جزيلا اخي نرجو المزيد

بارك الله فيكم

شكرا اخـــي

جزاك الله خيرا

شكرا أخي على الموضوع الرائع

جزاك الله خيرا

بارك الله فيك

دخلت الرابط لكن لم أعرف ماهي الخطوات التي اتبعها حتى أحمل هذا الكتاب نرجوا من الاخوى توضيح طريقة التحميل ….. صحة لفطركم و مشكوين عن تعبكم

أسس القيادة في ضوء قصة دي القرنين 2024.

السلام عليكم أحبتي في الله
هذا موضوع رائع عن القيادة تفيد كل راع لرعيته ، المعلم في قسمة المدير في مؤسسته …
دعاؤكم الصالح بارك الله فيكم

أسس القيادة والإدارة في ضوء قصة ذي القرنين
https://www.gulfup.com/?eHVZzM

الجيريا

جزاك الله عنا خير الجزاء

شكرا جزيلا
على الموضوع المفيد و الجميل
بارك الله فيك و في أهلك
و حفظك و رعاك و سدد خطاك

أشكركم جزيل الشكر على أدعيتكم المباركة ولكم بالمثل أضعاف مضاعفة جزاكم الله خير الجزاء

الجيريا

البحرية الجزائرية ما بين القرنين 17-19 2024.

السلا م عليكم و رحمة الله
أريد مساعدة حول بحث البحرية الجزائرية في بداية نشأتها ………………. و ليس الحالي أرجووووووووووووكممممممم ساعدوني لأني في مأزق كبير و ليس من ويكيبيديا ارجووووووووووكممممممممالجيرياالجيرياالجيرياالجيرياالجيريا:sd f:

كتاب فك أسرار ذي القرنين 2024.

لكم كتاب خاص بفك أسرار ذي القرنين
https://www.restfile.com/zlfkssxmj3ie/book15.rar.html

الجيريا
الجيريا

الجيريا

♪♫♪♪♫♪♪♫♪♪♫♪

الجيريا

█║▌│▌║║█│║▌║║▌│▌

قصة من اعظم القصص ذي القرنين 2024.

من هو ذو القرنين؟
هذا الرجل طاف لمسافات كبيرة جداً في الكرة الأرضية هو وفريق العلماء الذي يرافقه ومفتاح شخصية هذا الرجل شيئين الأول دنيوي والثاني إيماني. الشيء الدنيوي: هو حب اكتشاف المجهول الشيء الإيماني: هو حب الخير والإصلاح في الناس فاستخدم حبه لاكتشاف المجهول من أجل الإصلاح في الأرض.

قصته توجد في سورة الكهف، وبعد قصة موسى والخضر مباشرةً، ويقول الله سبحانه وتعالى في الآية: "… قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً "(الكهف83)، فلم يحكي الله عنه كل شيء من تفاصيل مولده أو حياته الشخصية، لكنه حكى لنا عن القوة العالمية حينما توَجَه للخير، وحينما تكون هناك قوة عالمية في الأرض فلا تُنهبُ ثرواتُ الشعوبِ وإنما تُصلحِ في الأرض، وهذه الزاوية التي سنراها اليوم وهي لمن يُعطي ولا يأخذ خير الآخرين . ثم تأتي الآية: "إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً "، إذن كل إمكانيات الإصلاح، والنهضة، والقوة العالمية موجودة لديه، من قوة عسكرية رهيبة، وقوة اقتصادية عظيمة، وقوة تكنولوجية، وعلمية غير موجودة في الأرض، وقوة روحية، وإيمانية، ودافعة غير موجودة في الأرض، وهو رائد التنمية بالإيمان. وهي الفكرة التي ذكرناها في صناع الحياة، فإذا أردت أن تراها مُجسدة في قصة من قصص القرآن فستجدها في ذي القرنين: التنمية بالإيمان.

فإذا قارناه بنابليون، فيكون هوالأفضل؛ فنابليون هُزم في النهاية، وإذا قارناه بالإسكندر الأكبر، فيكون هو الأفضل؛ فالإسكندر أفسد في النهاية، فإذا قارناه بأمريكا، فيكون هو الأفضل؛ فأمريكا لديها بعض أسباب القوة، لكن لم يجتمع لأحد من كل شيء سبباً، فهي قوة لم تحدث من قبل! يقول سفيان الثوري:" لم يجتمع لبشر مَلَكَ الأرض إلا لمؤمنين: سُليمان وذي القرنين"، والآية تقول: "… وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً "، فالله تعالى أعطاه الأسباب ولا توجد خوارق، فهو ليس نبي ولا مَلِك، فالله تعالى أعطاه مفاتيح العلوم، والحضارة، والنجاح، وهو لديه حب اكتشاف المجهول، وتَربى على حب الخير والعطاء لكل البشر بصرف النظر عن جنسياتهم أو أديانهم، وهو مشابه لإبراهيم عليه السلام ويوسف عليه السلام، ومن أشباه الفاتحين في الإسلام: خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص وغيرهم، ومن أشباه المستكشفين: كولومبس، وتاسكو داجاما، و من أشباه زعماء العالم الذين طافوا الأرض كالإسكندر لكنه تفوق عليه بشدة. هو شخصية عالمية، فذة، مؤمنة، مُصلحة. فلماذا يحكي لنا الله قصته في القرآن؟ فهذا هو قرآننا والله آتانا من أسباب الإصلاح والنهضة.

ذو القرنين والطموح:
ملحوظة عجيبة: لماذا ذكره القرآن باسم ذو القرنين؟ ألأنه بلغ قرنيِّ الشمس أم لأنه ملك قرني الحضارة وهو المعنى الأعمق، والحضارة إما مادية أو روحانية وعادةً الذي يجمع بين الاثنين يكون قليلاً جداًفالغرب يمتلك حضارة مادية عظيمة لكنه يفتقر للروحانيات أما ذو القرنين فقد ملك قرن العلم وبتوجيهه العلم للإصلاح فقد ملك قرن الإيمان. "إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً ". أنه مُكِن من كل الأرض، بالأسباب وليس بالتواكل، بل بالعمل والهندسة والجغرافياوالطب والتاريخ والعلوم واللغات والمعمار والآلات الحربية، فعندما يجوب العالم سيحتاج لكل تلك العلوم، فكفانا تواكل! ونحن ندعو كل رمضان أن ينصرنا الله ومع ذلك حالنا كما هو، لأنه دعاء بدون عمل، وفي سورة آل عمران صفحة كاملة دعاء: "رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا … " (آل عمران 193)، ثم الرد على الفور "فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم … "، ولم يقل دعوة داعٍ، وذو القرنين لم يكتفِ بأخذ الأسباب كلها، بل في الآية: "فَأَتْبَعَ سَبَباً " (الكهف85)، وجه شعبه وشباب الأُمة لمزيد من العلم، فعلم الله لا ينفذ وقد أعطاه مفاتيحه، وهذا طموح غير عادي.

فإذا أعطى الله أحد الشباب موهبة ما، تجده يحمد الله عليها ثم يتوقف على ذلك، ويستخدمها عدة سنوات ثم يقف، مثل لاعب الكرة الذي يوقف طموحه ولا ينطلق للعالمية لكي نرى أفضل لاعب مسلم على مستوى العالم، ومثل صاحب شركة محلية ينجح بشدة ولا يصل بها إلى العالمية مثل الغرب لأن طموحه توقف، ومثل كاتب القصة الذي يصبح أفضل كاتب في الوطن العربي ولا ينطلق للعالمية لأنه لا يُطور من نفسه.

نشأة ذو القرنين :
الله تعالى جعل السماء عالية ليصبح طموحك بلا نهاية، فتخيل إن كانت فوق رأسك مباشرة! أما ذو القرنين فهو يعمل بطموحه ليل نهار، والسؤال هو كيف أصبح هكذا؟ الجواب يتلخص في ثلاث نقاط:
1. ذو القرنين نتاج أُمة فمن غير الممكن أن يكون هكذا وحده، لكي لا نظلم أنفسنا، أو أظلم الشباب بأن أجبرهم على أن يكونوا ذا القرنين، فذو القرنين عمل تراكمي، من الممكن جداً أن يكون 300 سنة عمل من جيل لجيل، يبدأ بالتعليم مثل قصة موسى والخضر، ثم أُمة لها رسالة، ثم عزم، ثم قوة، ثم علم، ثم ينتج ذو القرنين، فذو القرنين ليس نتاج نفسه بل نتاج أُمة، مثل صلاح الدين الذي ليس نتاج نفسه، فأولاً خرج الإمام أبي حامد الغزالي، وقدم كتاب إحياء علوم الدين، ليُفهَمَ الدين بشكل يناسب زمانهم، وبدأ ينشئ مدارس تَخَرج منها نور الدين محمود، وأسد الدين شيركوه، ثم خرج صلاح الدين، فإذ هم ثلاث أجيالٍ. فلن نظلم الشباب ولكن على الأقل لابد من وضع بذور ينتج منها ذو القرنين، ولماذا يحكي الله تعالى لنا هذه القصة؟ أين الأُمة التي تُخرج ذو القرنين؟

2. ذو القرنين بدايته حلم، وأنا متأكد أن قصة مشرق الشمس ومغربها بدايتها حلم زُرع به منذ الطفولة من والديه أو منه، ويتفكر ويرى الشمس والغروب وحب الاستكشاف وهي الصفة التي يفتقدها شباب المسلمين اليوم، والمجهول لايزال كثير في العالم، المجهول في أعماق البحار، وآفاق السماء، وفي الكائنات الحية، وفي جسم الإنسان، وفي قاع الأرض من معادن وبترول. لذا فالمجهول لازال كثيراً ويبحث عن من يكتشفه، شباب الغرب مازال لديهم حب الاستكشاف، ومازال شباب المسلمين لديهم خجل وتوقف من اقتحام المجهول، فهل هذا بسبب طريقة التعليم؟ أم قلة الثقة بالنفس؟ أم قلة الطموح؟ وذو القرنين حلمه الأرض كلها، والله تعالى لم يصف لنا الأماكن التي وصل لها جغرافياً، لكن أخبرنا أنه وصل لآخر الأرض غرباً وأخر الأرض شرقاً، وهكذا كان طموحه، فلم يُحَجمه بأماكن، فلماذا لا تحلم أنت؟ هل تخاف أن تدفع! أم تخاف أن تحلم! لا تكن ضعيفاً وتقول أنا أقلُ من الحلم، احلم فعلى الأقل من سيحلم يمكنه تنفيذ حلمه، فالذي لا يملك أن يحلم، سيقوم غيره بهذا الدور بل سيضعه جزء من حلمه، والبلد التي لا تملك حلم، ستصبح جزء من أحلام بلاد أخرى، وذو القرنين كان حلمه استكشاف الأرض ولا تستهينوا بكلمة حلم.

3. ذو القرنين لديه منظومة قيم وأخلاقيات، إذا لم تكن عنده كان من المستحيل أن يُمَكَن هذا التمكين وكان قد أفسد في الأرض فساداً شديد، ورصيد قيم ذو القرنين كان: قيمة العمل، قيمة العلم، قيمة الأيدي النظيفة؛ فلم تمتد يده إلى خيرات الشعوب، قيمة الطموح، قيمة العطاء وحب الخير وإسعاد الآخرين، قيمة الإتقان التي تظهر عند بناء السد، قيمة العدل وكراهية الظلم والسلبية، هل يمكنك أن تُحضِر الآن ورقةً وقلمًا وتكتب قيمك أنت، من أين تأتي القيم؟ من الأب والأم والدين، وهذه دعوة للآباء والأمهات، فحكاية قبل النوم هامة جداً خاصة إذا كانت مذاب فيها مجموعة قيم، ومثلما تشتري لهم الملابس وتزيد من رصيدك في البنك لكي تتركها لهم، فأهم من هذا وذاك أن تترك لهم قيماً، فهدايا القيم أغلى بكثير من هدايا المال، وإذا مت ولديهم قيم وليس لديهم مال؛ سينجحون، أما إذا مت ولديهم مال بدون قيم؛ فلن يحققوا شيئاً. أولادكم يحتاجونكم فأعطوهم وقتاً، فالأب والأم ليسوا شئوناً إدارية، يملون أوامر كالأكل، والنوم، والنظافة، والمذاكرة، بل الأب والأم مخزون قيم يدخر للأولاد عن طريق القدوة، والمواقف، والتربية، والمعاشرة، والكلام، والحب وليس العنف، ولذلك ذو القرنين كان مؤهل للتمكين بسبب ما يملكه من رصيد للقيم.

التوكل والأخذ بالأسباب:
ولقد نزلت في ذي القرنين أكثر من عشرين آية، ألهذا القدر يحبه الله تعالى! وقد سمع الصحابة هذه الآيات في مكة، ففعلوا ما فعل ذو القرنين في 25 عاماً، جيلُ وراء جيل، وحتى بعد موت النبي_ صلى الله عليه وسلم_، لم تكن حدثت بعد، فكانوا لا يزالون في الجزيرة العربية، لكن يبدوا أنهم حين سمعوا سورة الكهف وقد أمرنا الله تعالى بقراءتها كل يوم جمعة، حدث شيء ما في تفكيرهم.

فلماذا نصوم رمضان؟ ألكي نعود للمعاصي أول يوم للعيد؟ أم أنه مخزون طاقة لكي نقوم بنهضة ونُصلحَ ونُعلمَ، فالصحابة وهم مستضعفون في مكة- كأني أرى أعينهم تلمع وهم يقرأون قصة ذو القرنين كل يوم جمعة! والفكرة وصلتهم بما فيها من قيم، بالإضافة لمجئ هذه القصة بعد قصة الخضر مباشرةً، فالخضر كان يتكلم عن الغيب والروحانيات، فكان لابد من التوازن باتباع الأسباب في قصة ذو القرنين، فلو كان الكلام توقف عند الخضر لكان الجميع ينتظر أفعال الله فيه بدون فعل منه. وقد تحدثنا كثيراً عن الرضا عن الله وأفعاله. أما ذو القرنين فقد قام بثلاث رحلات في كل منها كلمة قبلها "فَأَتْبَعَ سَبَباً" فليس متواكل، فالتوكل هو أن تأخذ بالأسباب وتقوم بكل شيء ثم تقول يا رب!

قرر ذو القرنين قراراً عظيم، فلديه إمكانيات وبداخله طموح وحب لاكتشاف المجهول، لذا قرر أن يأخذ أمته ويذهب بها للطواف بالأرض في ثلاث رحلات من غربها لشرقها لشمالها، وأثناء مروره يساعد البشرية ويُصلح في الأرض، فقد استكمل قوته كأُمة فلمَ لا يفيض بالخير على الآخرين! ولا ينهب شيء من ثروات الشعوب بل يعطي هو، وقد أعطاه الله كثيراً حتى أصبح قوة عالمية، فكيف توظف لخير الآخرين، إذاً ففكرة العولمة ليست جديدة بل بدأها ذو القرنين وهي عولمة الحق والخير، وأيهما أسعد للبشرية؟ عولمة التكنولوجيا أم عولمة الحق والخير؟ ففكرة ذو القرنين هي أنني أنجح وينجح معي الآخرين، وليس من الضروري لكي أنجح أن يفشل الآخرين! ونموذج ذو القرنين هو نموذج عالمي وليس مُهدى فقط للمسلمين، بل مهدى لكل القوى في العالم في كل زمان ومكان، فالقرآن عالمي فلا تغلقوه علينا كمسلمين، وذلك ما قلته في كل القصص مثل قابيل وهابيل ومريم، وأن كلها قصص عالمية.

فالقوى العالمية تحتاج أن تَدرُسَ ذا القرنين، ورجال السياسة يحتاجون أن يدرسوا ذا القرنين، وذو القرنين كان عظيم في قراره لأن لديه شباب وإمكانيات وعلوم. إذا لم تتحرك ماذا يحدث؟ وإذا كان العالم العربي خالٍ من مشروع قومي للشباب فماذا يحدث؟ مخدرات، وتطرف، وإرهاب. فذو القرنين وجه أمته للحركة، وأنا أقول للشباب إذا لم يوجد ذو القرنين ولم يوجد مشروع قومي لبلدك فتحرك أنت، وإلا فلن تخرج الطاقة التي بداخلك، ولهذا تجد شباب يُصبح متدين ثم يعود كما كان، وتجد شباب يتعاطون المخدرات ويجلسون مع أصحاب السوء، فابحث عن مشروع تقوم به، أو أسرة تنقذها، اصنع حياة إنسان، أو أسرة، انزل لقرية من القرى، علِّم الناس.

ذو القرنين قام بثلاث رحلات، أخذ الأرض عرضاً… ملايين الكيلومترات! أول رحلة لإقامة العدل التي هي أول النهضة، والرحلة الثانية هي رحلة تنموية اقتصادية، والرحلة الثالثة هي مواجهة الأعداء الخارجيين المهاجمين لبلادنا، وسنشاهد خمس أُمم من الموجودين في الأرض، وستجد أنها مثل ما نراه اليوم، لأنها مثل الصور أو المرايا التي نرى فيها أنفسنا اليوم، وسنأتي في النهاية للسؤال: يا ترى نحن أي أُمة منهم؟

رحلات ذو القرنين :
حلقة اليوم رسالة للعالم كله، ورسالة للمسلمين بأنه لا يصلح وضعهم هذا، ورسالة للقوى في العالم كله أن يتوجهوا للخير والإصلاح، وسنتحدث عن الرحلة الأولى لذو القرنين. ويقال أنه خرج لليمن متجهاً إلى مغرب الشمس، وتخيل القوة العسكرية الخارجة معه والبلد تودعهم ومعهم العديدَ من المهندسين، والأطباء، وعلماء الجغرافيا، واللغات.

ومغرب الشمس بالنسبة لأي إنسان هو مكان غروبها بالنسبة له سواء كان أمام بحر أو جبل، لكن ذو القرنين وصل إلى آخر الأرض غرباً كما أرشده مستشاريه من علماء الجغرافيا، "حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ … " (الكهف86)، والعين الحمئة (هي أرض زراعية خصبة جداً مليئة بالعيون مع انعكاس ضوء الشمس عليها وعلى الطين الأسود) فتكون مثل العين الحمئة، وكانوا قوم لديهم حضارة ومال لكن للأسف ظالمين، ووجد في هذه البلد مظلومون يزرعون الأرض بلا أي حق، وتجد عظماء البلد وأغنياءها استولوا على كل شيء، وعند دخول ذو القرنين البلد ظنوا بالتأكيد للوهلة الأولى أنه أتى لأخذ خيراتهم، ولم يصدقوه حين أخبرهم أنه لم يأتي لهذا السبب، "… قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً "، وهذا اختبار له بعد أن أصبح قوة عالمية ماذا سيفعل؟ فوضع ذو القرنين دستور جديد ولم يعاقب الذي أخطأ من قبل كما ذكرت الآيات: "قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً " ، عقوبات رادعة ولا يوجد فوضى ولا محاباة، وقام بتشجيع الوازع الداخلي في الناس، "وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً " وهذا لمن يُصلِحُ في الأرض والذي سيوضع في مكانه المناسب بدون أي وسائط، وسيكون له جوائز تشجيعية، وهكذا أقام ذو القرنين العدل في هذه البلد، وهذه كانت القصة الأولى.

بالتأكيد لم يتركهم ذو القرنين حتى استقروا وثبتوا على الدستور الجديد، ثم مشى ملايين الكيلومترات الأخرى اتجاه مشرق الشمس، فكم كيلومتراً مشيته أنت من أجل الإصلاح؟ أوحى الله إلى إبراهيم عليه السلام: " أتدري لما اتخذتك خليلاً؟ "، فقال: لما يا رب؟، قال: " لأن حبك للعطاء أكثر من حبك للأخذ". فانظروا لمجهود ذو القرنين! وكيف احتمل من معه! غير أن حبه للعطاء غير عادي! اجعل أولادك يحبون العطاء. "حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْراً "، مثل بعض المناطق الفقيرة في أفريقيا ليس بها شجر أو زرع أو ماء، فهم يعيشون مأساة وكارثة طبيعية، بدون حتى ملابس تسترهم من الشمس، ولديهم جفاف وبدون ماء، فمشكلتهم أنهم كانوا مستسلمين لهذه الكارثة، ويَدََعونَ أن هذا قَدرُهُم! ونسوا أن شق الآبار من قدَّر الله، وحفر الأنهار من قدر الله، وزرع الأرض من قدر الله، فلما لا تُصلحوا قَدَر الله بقَدَر الله!

وهذا كلام لنا، فمشكلة القوم الأولين الظلم أما هؤلاء فمشكلتهم التحجج بالقدر. ألسنا نكرر نفس الكلام دائماً أن هذا قدرنا! وأننا في انتظار المهدي المنتظر لينقذنا! الله عز وجل يرينا في كل رحلة نوعُ من الأُمم، ونوعُ من الإصلاح، وذو القرنين ليس نمطي، فالرحلة الأولى احتاجت للعدل والثانية للإصلاح التنموي، حتى وصل لأفضل إنجاز استفدنا منه حتى اليوم وهو بناء السد الذي منع يأجوج ومأجوج من الدخول علينا حتى اليوم.

انطلق ذو القرنين وجنده حتى وصلوا لأرض فسيحة بين جبلين، في شمال الأرض من الممكن جداً أن تكون ناحية الصين، أو جورجيا، أو الاتحاد السوفيتي. لا أعلم بالتحديد. "حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً " وجد هناك جنسيات جديدة ولا يفقهون قولاً لا تعني أنهم لا يستطيعون الكلام، بل أنه حينما دخل عليهم كانوا في مصيبة، أطفال مقتلين، زرع محترق، خيرات منهوبة، "قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً "، واضح أنهم يعرفونه جيداً، وأن شهرته في ذلك الوقت شهرة عالمية، وأنهم قوم مؤمنين، ويأجوج ومأجوج قبيلتين وظيفتهم أن يخرجوا على هؤلاء القوم لأخذ خيراتهم وذبحهم…وذلك منتهى الفساد، ثم يعودوا حيث أتوا وذلك يحدث مرة كل عام، حتى يبدأ القوم في الزراعة مرة أخرى فيخرج يأجوج ومأجوج من بين السدين لأخذ خيراتهم ثم يعودوا، ومن أسمائهم تشعر بالغلظة التي بهم، فيأجوج: من تأججت النار، ومأجوج: من ماجت الماء مثل الطوفان الذي يُغرق كل شيء، فهم قبيلتين مفسدتين في الأرض.

فقالوا لذو القرنين: "… فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً "، فهم أغنياء لذلك عرضوا المال على ذي القرنين ليجعل لهم سداً يحميهم، فسدُ بين جبلين سيكلف الكثير من المال، وهم أيضاً يعلمون أن الحل هو السد، بل ولديهم موارد طبيعية ألم يقل لهم: "آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ … "، وأيدي عاملة، وقوى بشرية ألم يقل لهم: "… قَالَ انفُخُوا … قَالَ آتُونِي … "، فماذا ينقص هؤلاء القوم؟ أرضهم مليئة بالبترول، لديهم شباب، لديهم فكر، لديهم مال، وتنقصهم الإرادة، القصة الأولى قصة عدل، والثانية قصة يأس، والثالثة قصة إرادة، فهم لا يريدون الحركة رغم أنهم في كل يوم يموت منهم ، بل يرغبون في الجلوس كما هم حتى يأتيهم المُنقذ.

لعل رمضان هذا يكون بداية لمائتي عام قادمين، ولن نخجل أن نقول كلمة نهضة، بالرغم من أننا سنموت لكن يكفينا أن نضع البذور، سأطرح سؤالاً: من نحن من هؤلاء؟ أُمة ذو القرنين؟ أم الأُمة المليئة بالظلم؟ أم الأُمة المليئة باليأس؟ أم يأجوج ومأجوج؟ أم الأُمة التي لديها كل شيء سوى الإرادة؟
لسنا كفاراً، ولسنا يأجوج ومأجوج،- رغم أن هناك من يقول عنا هكذا ! ولسنا مملوئين بالظلم لهذه الدرجة الخطيرة، أنا أرى أننا يغلُب علينا الحالة الخامسة وهي الأُمة التي لديها كل شيء سوى الإرادة، رغم أن فينا من قوم ذو القرنين- لكي لا أكون يائساً.

وذو القرنين لم يستجب لأخذ مال على بناء السد، بل قال: "… فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ … " ، لأنه لو أبعد عنهم يأجوج ومأجوج بمفرده بدون مساعدتهم اليوم سيأتيهم مئات مثلهم، ويقولون أن الشعوب نوعان: شعوب غير قابلة للاستعمار، وشعوب قابلة للاستعمار فإذا تركها المستعمر تبحث عن مستعمر يستعمرها، "… فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً "، وبدأ يجمع الحديد من ألواح متساوية، "آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ … "، وآلاف يعملون لنقله كمشروع قومي لهذه البلد، وبنى ما هو أعظم من الهرم، ورفعوا الحديد وضبطوه في مكانه فلديه قوى علمية غير عادية: "… حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً "، ثم أمرهم بتسخين الحديد فهو يعرف خواصه جيداً، حتى إذا أصبح محمراً، أمرهم أن يأتوه به وهو الذي سيفرغ عليه النحاس المذاب، فبدأ النحاس المذاب ينزل على الحديد الملتهب فيتخلله حتى يَجمُد ويصبح أملس لا أحد يستطيع صعوده.

والجميل أنه قام بثلاثة أشياء، وهم قاموا بثلاثة أشياء: "آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً "، وهذا هو العمل الجماعي لمن لا يعرف كيف يعمل جماعياً، وهناك نكتة ظريفة ولكنها مؤلمة: نزل فريق ياباني ليسابق فريق عربي في السباحة ففاز الياباني بتفوق، فوجدوا أن الياباني أحدهم مدير والباقون يقلدونه أما العربي ف9 مديرين وواحدُ يقلدهم! فأصلحوا الوضع وأعادوا ففاز الياباني بمراحل، فوجدوا أن الياباني أحدهم مدير والباقي يقلدونه، أما العربي فواحد مدير و3 مديرين إدارات و4 مديرين أقسام وواحد يقلد، فقرروا اتخاذ قرار صارم بإعداد الشخص الذي يُقلد.

وتخيلوا أن معادلات ذو القرنين مسجلة في كتاب الله، وهي معادلات كيماوية وعلمية، ونحن نتعبد لله ونُصلي في رمضان ونتهجد بالقرآن، ونريد دخول الجنة. أتى يأجوج ومأجوج بعد بناء السد بصياحهم وقوتهم، وذو القرنين منتظر مع جيشه في الناحية الأخرى، وهذا معناه أنه بقي مع القوم قرابة السنة، ولماذا لم يحارب يأجوج ومأجوج؟ لأنني لو أستطيع أن أحمي بدون حرب فهذا أفضل، فليست دائماً البطولة أن تختار الحرب، وإذا كاد أن يصبح بطلاً بالحرب مثل الإسكندر الأكبر فلن يقدر على فعل ذلك، فالإسكندر لديه حب المغامرة مثل ذو القرنين.

وعندما جاء يأجوج ومأجوج لم يتمكنوا من صعود السد ولا نقره، "فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً "، ثم قال خطبته الأخيرة ونسب الفضل لله ولم يرى إنجازه ولهذا إنجازه مستمر: "قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً " فلما قال قارون: "… إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي … " (القصص78) خسف الله به الأرض، ويقول النبي _صلى الله عليه وسلم_ أنه كل يوم يأجوج ومأجوج يحاولون أن يحفروا في السد ولا يقدرون، حتى إذا جاء يوم القيامة فُتح السد وخرج يأجوج ومأجوج ليهلكوا البشرية كما في الآيات: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ } (الأنبياء 96) ، وأنا لا أعرف مكانهم، ولا أين هم من الأرض، ولا لما لم تراهم الأقمار الصناعية؟ لكني أُصدق القرآن، وسيكون فتح السد من علامات يوم القيامة.

خاتمة:
خرج _النبي صلى الله عليه وسلم_ من بيته يوماً مُحمَرَ الوجه، قالوا: ماذا يا رسول الله ؟، قال: " ويلٌ للعرب من شرٍ قد اقترب، فُتِحَ اليوم من يأجوج ومأجوج مثل هذا " وهذا جزء صغير لمدة طويلة! فانظر كيف حمانا سد ذو القرنين طوال هذه المدة الكبيرة! فهو صاحب فضل علينا، فأماننا وأمان أولادنا وأمانكم بسببه، ففضل ذو القرنين على البشرية جمعاء، نموذج جميل! لم نره من قبل، وهو ليس نبي أو مَلَك بل بشر مثلنا! أحببته وفهمت لما يأمرنا الله تعالى بقراءة سورة الكهف كل جمعة.
فانظروا لهذه النماذج واعلموا أي أمة أنتم؟! لتتوجهوا وتصروا على النهوض الجمعة التي تليها ولو مني وهو في طريق النهضة، ومات ذو القرنين، فتخيل جنازته! هل كانت ستمشي بها كل البشرية من مسلمين، وغير مسلمين، ومؤمنين، وغير مؤمنين؟ ولم نراه حارب في أي مرة، فليست الحرب دائماً هي البديل الصحيح، ولم نسمعه أصر على دخول قوم في الإسلام ، فالإصلاح والخير للبشر كلهم، ولهذا يوسف عليه السلام أصلح مصر وهو في السجن، وأنا أقترح أن نُعَلِم أبنائنا قصة ذو القرنين في سن السابعة إلى الثامنة، فلربما يخرج من هذا الجيل مثله، فأنا أنصح بشدة بقصة ذو القرنين وقيمه.

اين الردود ام لم تفهموا القصة هي موجودة في القران

مشكووووووووووووورة ياختاه جعلها الله في ميزان حسناتك

الجيريا
الجيريا

الجيريا

الجيريا

شكرا على المرور العطر

بار ك الله فيك

شكرا جزيلا لك بارك الله فيك

بارك الله فيك
قدوتنا هو الرسول صلى الله عليه و سلم خير خلق الله أجمعين و على أخلاقه و شمائله يجب أن نربي أبنائنا