تنبيه الصائمين على عبارات خاطئة- سِيدْنَا رَمْضَان – صَحَّ رَمْضَاَنك، صَحَّ صِيَامَك- كَسَّر الصِّيام- نقتل الوقت 2024.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تنبيه الصائمين على عبارات خاطئة
عمر الحاج مسعود
أنبه في هذا البحث على عبارات يستعملها الكثير من المسلمين في شهر رمضان المبارك ـ وبخاصة في بلدنا الجزائر ـ، وتجري على ألسنتهم، بعضها مخالف للعبارة الشرعية، وفي بعضها سوء أدب، وصار بعضها الآخر ألفاظا مفروضة وعادات لازمة، كما سيتبين إن شاء الله تعالى.
– سِيدْنَا رَمْضَان:
يريد الناس تعظيم هذا الشهر المبارك والتنويه به فيقولون: جاء سيدنا رمضان، والحق أن رمضان ليس سيدنا، وإنما هو أفضل الشهور.
إن السيد على الإطلاق هو الله عز وجل، فهو الأحق بهذا الاسم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «السَّيِّدُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى»([1]).
ويجوز إطلاقه على غيره عز وجل مقيدا مضافا، وعلى من هو أهل لذلك ودون قصد التعبد، وسيد كل شيء من جنسه([2]).
ويكون حينئذ بمعنى أفضل الشيء وأحسنه وأشرفه.
قال النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار: «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ أَوْ خَيرِكُمْ»([3])، وقال: «سَيِّدُ الاِسْتِغْفَارِ…»([4]) الحديث.
ورمضان سيد الشهور لفضائله المشهورة وخصائصه المعلومة.
قال ابن القيم ـ وهو يتكلم على تفضيل بعض الأيام والشهور على بعض ـ: «ومن ذلك تفضيل شهر رمضان على سائر الشهور…»([5]).
ولابد من التنبيه إلى أنَّ تسميته سيد الشُّهور لم يثبت فيه دليل، وإنما سماه النبي صلى الله عليه وسلم شهرًا مباركًا، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه: «قَدْ جَاءَكُمْ شَهْرُ رَمَضَانَ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ…»([6]) الحديث.
– صَحَّ رَمْضَاَنك، صَحَّ صِيَامَك:
اشتهرت هذه العبارات في شهر رمضان: «صحَّ رمضانك، وصحَّ صيامك، وصحَّ فطورك، وصحَّ سْحُورك حتى صارت شعارا للصائمين، ولعل مقصودهم: بالصحة والعافية.
والذي يظهر ـ والله أعلم ـ أنها غير مشروعة، وذلك من جهتين:
الأولى: كون الصيام عبادة، والعبادة لا يجوز أن يضاف إليها إلا ما ثبت بالدليل، ولا يثبت هنا شيء خاص يقوله المسلم لأخيه ولو وجد لنقل إلينا مع شدَّة الحاجة إليه وعموم البلوى به ولم يثبت عن أحد من الصحابة ولا السلف مع شدة حرصهم على العلم والعمل، فالعمل به يكون اتباعا لغير سبيلهم واهتداء بغير هديهم.
قال الشاطبي عن الأولين السابقين: «فما كانوا عليه من فعل أو ترك فهو السنة، والأمر المعتبر وهو الهدى»([7]).
فالمسألة تدخل في السُّنَّة التَّركية، ونظيرها قول بعض المصلين لبعض بعد الانتهاء من الصلاة: «الله يْقبل ».
فتلك العبارات أضيفت إلى عبادة، وكل ما أضيف إلى عبادة يفتقر إلى دليل.
الثانية: إيلاف الناس هذه العبارات حتى صارت لازمة، واعتيادهم إياها حتى أصبحت واجبة، من تركها ضيِّق عليه وربما نسب إلى سوء الأدب.
فهذا دليل على أنهم يوجبون أمورا لم يوجبها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وهذا أمر خطير لأنه استدراك على الشرع، والله تعالى يقول: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾ [المائدة:3].
والعجب كل العجب من أولئك أنهم يحرصون حرصا شديدا على تلك العبارات ويهملون السنن والمستحبات مثل دعاء الإفطار، والدعاء للمفطِّر.
– كَسَّر الصِّيام:
يقول أكثر الصائمين عند الإفطار: «نْكَسَّر الصيام» ويقصدون: نُفطر ونوقف الصوم؛ لكن هذه العبارة لا تساعد على هذا المعنى؛ لأن كسر الشيء هشمه وفرق بين أجزائه وكسَّره بالغ في كسره([8])، والعبادة يُتَحلَّل منها ولا تُكَسَّر، فالعبارة السليمة: أفطر، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ»([9]).
وعن أنس: «أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُفطر قبل أن يصلي على رُطبات، فإن لم يكن فتمرات، فإن لم يكن تمرات حَسَا حَسَوات من ماء»([10]).
– نقتل الوقت، نعقَّب الوقت:
يقول المحرومون: «نعقب الوقت» أي نقضيه ونقطعه حتى يصل وقت المغرب، يضيعون أوقاتهم في شهر رمضان ـ وفي غيره ـ في الباطل واللهو ويهدرونها في النوم واللغو، يضيعون الساعات ويقطعون المسافات، وهؤلاء هم المغبونون حقا، قال صلى الله عليه وسلم: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَةُ وَالفَرَاغُ»([11]).
أما علم أولئك أنهم ـ في الحقيقة ـ يميتون قلوبهم ويضيعون حياتهم، قال الحسن البصري ـ رحمه الله ـ: «يا ابن آدم إنما أنت أيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك».
أما علموا أنهم يقطعون أنفسهم عن الخير والرحمة ويحرمونها من الفضل والنعمة.
إن العاقل الحازم يعمِّر وقته ـ وبخاصة في شهر رمضان ـ بالعبادة والذكر وتلاوة القرآن المجيد، ويسارع في الخير والإحسان إلى العبيد، يكون على الخير مقبلا، وعن الشر ممسكا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ»([12]).
– اهْرَدْنَا رمضان:
إذا تعب بعضُ الناس في شهر رمضان المبارك، قالوا: «اهردنا رمضان»، ويقول آخرون: «ما خَلَّى فِينا وَالُو»، ويقصدون التَّضجُّر من تعب الصَّوم ومشقَّته.
ولا يخفى أن هذه العبارة فيها سوء أدب ـ بغض النظر عن قصدهم ـ فهرد: شقَّ ومزّق([13]).
إن هذه العبارة يقولها الكسالى الذين يستثقلون العبادة، ويستعملها البطالون الذين لا يكترثون للطاعة، إنهم لا يفهمون من الصيام إلا ترك الشراب والطعام، لذا يخافون من قدوم شهر رمضان، ويستثقلون صيامه، ويستطيلون أيامه، ألا يخشى أولئك أن يكونوا من الذين قال الله فيهم: ﴿وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُون﴾ [التوبة:54].
سبحان الله! كيف يهرد رمضان الناس وقد جعل الله فيه النفحات والبركات، وأسبغ على عباده فيه النعم والخيرات.
قال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ [البقرة:185]، وقال: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُون﴾ [يونس:58]، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بمجيئه كما سبق في الحديث.
وقال بعض السلف: «كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم»([14]).
– اللهم إني صائم:
ينبغي للصائم أن يكون مخبتا خاشعا لله رب العالمين، مجتنبا أعمال الجاهلين، قال صلى الله عليه وسلم: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَإِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، فَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ إِنِّي صَائِمٌ»([15]).
فيقول الصائم عند المشاجرة أو المشاتمة: «إني صائم إني صائم» أو يقول: «إني امرؤ صائم مرتين»([16]).
يجهر بذلك في الفرض والنفل تنبيها إلى أنه غير عاجز على الرد، وتذكيرا للساب لعله ينزجر([17]).
ومن الخطأ أن بعضهم يقول: اللهم إني صائم، يضيف كلمة «اللهم» وهي غير مذكورة في الأحاديث، والعبارة ليست دعاءً ولا توجها إلى الله تعالى وإنما هي خطاب للمخلوق.
– أيام الصابرين:
يقولون: «نصوم أيام الصابرين» ويقصدون ستة أيام من شوال التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّال كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ»([18]).
ولا شك أن هذه الأيام لا يقدر عليها إلا الصابرون الموفقون، لكن هذه التسمية لا تثبت في السنة ولم ترد عن أحد من السلف، والمحدثون إذا ذكروا الحديث السابق ترجموا له بقولهم: «باب ما جاء في صيام ستة أيام من شوال»، وكذلك ذكرت في كتب الفقه.
ثم لا معنى لتخصيص هذه الأيام بالصبر؛ لأن الصوم كلّه صبر عن سائر المفطِّرات، وشهر رمضان أحق بهذه التسمية لقوله صلى الله عليه وسلم: «صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ، وَصَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ»([19]).
فنسمِّي هذه الأيام كما سماها النبي صلى الله عليه وسلم: «ستًّا من شوال».


(1) أخرجه أحمد (16416) والبخاري في «الأدب المفرد» (211)، انظر: «صحيح الأدب المفرد» للألباني (155).
(2) انظر: «القول المفيد» للعثيمين (2/515 ـ 518)، و«إعانة المستفيد» للفوزان (2/313 ـ 314).
(3) رواه البخاري (4121) ومسلم (1768)، والمقصود سعد بن معاذ رضي الله عنه.
(4) رواه البخاري (6306).
(5) «زاد المعاد» (1/56).
(6) رواه أحمد (8979) والنسائي (2106)، وهو صحيح لغيره، «صحيح الترغيب والترهيب» للألباني (999).
(7) «الموافقات» (3/281)، وانظر: «فضل علم السلف» لابن رجب (ص31).
(8) «المعجم الوسيط» (2/787).
(9) رواه مالك (694) والبخاري (1957) ومسلم (1098).
(10) حديث حسن: أخرجه أحمد (12705) وأبو داود (2356) والترمذي (696)، انظر: «الإرواء» للألباني (922).
(10) رواه البخاري (6412).
(11) حديث حسن: أخرجه الترمذي (682)، وابن ماجه (1632)، انظر: «صحيح الترغيب والترهيب» للألباني (1/585).
(12) «المعجم الوسيط» (2/981).
(13) «لطائف المعارف» لابن رجب (235).
(14) رواه مالك (752) والبخاري (1894) ومسلم (1151).
(15) أخرجه أحمد (7679) والبخاري (1904) ومسلم (1151).
(16) انظر: «الاختيارات الفقهية» (108)، «الأذكار» للنووي (1/436)، «فتح الباري» لابن حجر (4/105)، «الشرح الممتع» للعثيمين (6/437).
(17) رواه مسلم (1164).
(18) حديث صحيح: أخرجه أحمد (10673) والنسائي (2408)، انظر: «إرواء الغليل» للألباني (4/99).

-راية الاصلاح -تحت اشراف الدكتور رضا بوشامة

شكرا لك و رمضان كريم

……………………………………..

بارك الله فيكم
هنا المقال بشكل صور حتى تسهل الطباعة والنشر لمن أراد
الجيريا

الجيريا
الجيريا
الجيريا

أخي عبدالله بارك الله فيك على الموضوع …. وتقبل الله طاعتك ورمضان مبارك .

بارك الله فيكم

جزاكم الله خيرا جميعا

جزاك الله خيرا…………..

أحسن الله إليكم .

موضوع طيب

بارك الله فيك وفي ما نقلت

وحفظ الله الشيخ الحاج مسعود على ما افاد واجاد

بارك الله فيك

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ○•ميسون•○ الجيريا
شكرا لك و رمضان مبارك

……………………………………..

جزاكم الله خيرا

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تصفية وتربية الجيريا
بارك الله فيكم

هنا المقال بشكل صور حتى تسهل الطباعة والنشر لمن أراد
الجيريا
الجيريا
الجيريا
الجيريا

بارك الله فيكم على الاضافة القيمة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة معاذ1 الجيريا
أخي عبدالله بارك الله فيك على الموضوع …. وتقبل الله طاعتك ورمضان مبارك .

كيف حالك اخي معاذ جزاكم الله خيرا اخي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد منير علي الجيريا
بارك الله فيكم
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة * أبو فراس * الجيريا
جزاكم الله خيرا جميعا

بارك الله فيكم اخي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohaa47 الجيريا
جزاك الله خيرا…………..
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأستاذة 19 الجيريا
أحسن الله إليكم .

بارك الله فيكم

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مهاجر إلى الله الجيريا
موضوع طيب
بارك الله فيك وفي ما نقلت

وحفظ الله الشيخ الحاج مسعود على ما افاد واجاد
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة h1985 الجيريا
بارك الله فيك

جزاكم الله خيرا اخي
وحفظ الله مشاييخ اهل السنة

الله اعنا على الصيام والقيام وصالح العمال

جوزيت خيرا باذن المولى

بارك الله فيك

جزاكم الله خيرا جميعا

جزاك الله خيرا

تعليق الشَّيخ الألبانيُّ على قوله تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ في آية الصِّيام 2024.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تعليق الشَّيخ الألبانيُّ -رحمه الله- على قوله تعالى:
﴿لَعَلَّكم تَتَّقُونَ ) في آية الصِّيام

قال الشَّيخ الألبانيُّ -رحمه الله تعالى-:نعلم جميعًا قول الله -تبارك وتعالى-:
﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[1].
هذه الآية طالما سمعتم تعليقًا حولها، وكلامًا مفيدًا فيما يتعلَّق بها؛
ولكني أعتقد أنكم قلَّما تكونون قد سمعتم تعليقًا خاصًا حول آخر هذه الآية:
﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.
كُتِبَ هذا الصِّيام، لماذا؟ ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.هذه الآية من الآيات القليلة؛
بل ومن النَّصوص الشَّرعية القليلة التي يقترنُ الحكم الشرعيُّ فيها،
مع بيان الغاية والعلَّة منها.
هنا تصريحٌ بفرضِيَّة صيام شهر رمضان، وعلى المسلمين أن يُباشرو إلى
تبنِّي وتطبيق هذا الحكم دون أن يسألوا لما؟ وكيف؟ وما شابه ذلك،
مما يكثُر -الآن- التسائل عن ما يُسمى بـ: "حكم التَّشريع".كثيرًا ما تسمع من
بعض النَّاس: لماذا كذا؟ ولماذا كذا؟ ولماذا كذا؟
لهذا نحن لا نستحسِنُ التَّوسُّع في تلمُّسِ حكمِ التَّشرِيع إلا ما كان منها
منصوصًا في الشَّرع؛ كمثل ما نحن فيه الآن
.

﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ إلى آخر الآية، لماذا؟ قال تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.
أي: إنَّ المقصد من الصِّيام؛ هو أنْ يكون هذا الصِّيامُ وسيلةً ليزداد الصَّائم
تقوًى لله -عزَّ وجلَّ- وتقربًا إليه
، فإذا ما صام الصَّائم، ولم يتطور وضعه عمَّا
كان عليه من قبل -أي: قبل رمضان-؛ فمعنى ذلك أنَّ هذا الصَّائم لم يحقِّق الغاية
المرجوَّة مِن فريضة هذا الصِّيام.وقد جاءت بعض الأحاديث الصَّحيحة -طبعًا-
عن النِّبي صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم تبيِّنُ وتؤكِّد هذه الغاية التي نصَّت
عليها الآية؛
مثلاً: الحديث القدسي الذي يرويه النبيُّ صلَّى الله عليه وعلى آله
وسلَّم عن ربه -عزَّ وجلَّ-؛ حيث قال: ((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ اَلزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ, فَلَيْسَ
لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ))[2].هذا حديثٌ عظيمٌ جدًا، ويلتقي كلَّ
الالتقاء مع خاتمة تلك الآية: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.إذن ليس المقصود إذا جمعنا بين
الآية والحديث، ليس المقصود "كلَّ القصد" -أقول كلَّ القصد؛ حتى لا يُسيء
البعض فَهْمَ كلامي-، ليس المقصود كلَّ القصد من الصَّائم أنْ يمسك نفسه عن
الطَّعام والشَّراب والجماع المنصوص على أنها مِن المفطِّرات في القرآن وفي
السُّنة، فضلاً عن المفطِّرات الأخرى التي فيها خلافٌ كبيرٌ بين الفقهاء.
ليس المقصود الإمساك عن هذه المفطِّرات فقط؛ وإنَّما هناك من الواجبات الأخرى
التي يجب على المسلم أنْ يُمسِكَ عنها -أيضًا- كما أمسك عن هذه
المفطِّرات.
على ضوء التَّعليل المذكور في الآية، والحديث الصَّريح الصَّحيح المذكور آنفًا؛
أستطيع أنْ أقول لكم شيئًا قد يكونُ أمرًا جديدًا في التَّعبِير، وليس شيئًا جديدًا في
الأحكام؛ لأنَّ ذلك منصوصٌ في القرآن والسُّنَّة.التَّعبير الجديد هو أنَّ كتب الفقه
قاطبة جرت على ذكر المفطِّرات، وهذا شيٌ لابدَّ مِنه؛ ولكن أنا أقول -بيانًا
وتوضيحًا لما سبق من الآية والحديث-. أقول: إنَّ المفطِّرات قسمان:

-يجب أن تكون هذه القسمة الحقَّة ثابتة في أذهان الجميع؛ لأهميتهما-
القسم الأول: المفطِّرات الماديَّة؛ وهي التي يتعرض لبيانها كتب الفقه، كما ذكرت آنفًا.
والقسم الآخر من المفطِّرات -لنُسمِّهَا-: بالمفطِّرات المعنويَّة.
هذه المفطِّرات المعنويِّة هي التي أشارت إليها الآية الكريمة: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾،
وأوضح ذلك قوله عليه الصَّلاة والسَّلام، عن ربه -تبارك وتعالى-:
((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ اَلزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ, فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ))
[3].إذن يجب أنْ يَقرِن مع تركه مع طعامه وشرابه وشهوته الجنسيَّة؛
يجب أن يضمَّ إلى ذلك الانتهاء عما حرَّم الله -عزَّ وجلَّ- عليه، وفرض على كلِّ مسلمٍ أنْ يكون بعيدًا عنه.
عنْ النَّبي صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم أنَّه قال:
((ليس الصيام بترك الطَّعام والشَّراب؛ وإنما الصيام بالانتهاء عما نهى الله
-عزَّ وجلَّ- عنه))[4] أو كما قال النبيُّ صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم.
ومن أراد أن يقفَ على هذه الأحاديث وما يشابهها في تحذير النَّبيِّ صلَّى الله
عليه وسلَّم عن إتيان المعاصي بالنسبة للصَّائم، وأنَّ هذا النَّهي هو من عموم
قوله تبارك وتعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ من أراد أن يقف على هذا النَّوع من الأحاديث؛
فعليه بكتاب: "التَّرغِيب والتَّرهِيب" للحافظ الْمُنذِريُّ
-رحمه الله-.

المصدر: سلسلة الهدى والنور الشريط رقم: 692، الدقيقة: 12 و 20 ث

** ** ** ** **
للتحميل المباشرمن هـنا

https://*******/2yXJ2

المصدر: مـنابر الهـدى والنور الســلفيـة

بارك الله فيك

الجيريا

جزاكم الله خيرا.

بارك الله فيك

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة osamabenz الجيريا
بارك الله فيك

وفيكم يبارك الرّحمن ..شكرا على مروركم الطّيب..

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بذر البذور الجيريا
الجيريا

جزاكم الله خيرا.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاكم الله بمثله ..أثابكم المولى خيرا..

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hiba-2016- الجيريا
بارك الله فيك

وفيكم يبارك الله ..أحسن الله إليكم ووفقكم الله..


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

بارك الله فيكم و جزاكم خيرا

و رحم الله الشيخ الألباني و سائر موتى المسلمين آمين

و نسأل الله أن يرزقنا التقوى في جميع الأحوال آمين

اللهم صل و سلم على سيدنا محمد صلوا عليه

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهج السلف الجيريا

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

بارك الله فيكم و جزاكم خيرا

و رحم الله الشيخ الألباني و سائر موتى المسلمين آمين

و نسأل الله أن يرزقنا التقوى في جميع الأحوال آمين

اللهم صل و سلم على سيدنا محمد صلوا عليه

وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته
آمين
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
اللّهمّ صلّ وسلّم على نبيّنا محمّد.

بارك الله فيك على هذه الفائدة القيمة
ورحم الله شيخنا الالباني

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا
وجعلنا الله من عباده المتّقين
ورحم الله أسد السُّنة رحمة واسعة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السلفية الجزااائرية الجيريا
بارك الله فيك على هذه الفائدة القيمة
ورحم الله شيخنا الالباني

آمين يا ربّ
وفيكم بارك الله تعالى
جزاكم الله خيرا ..

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مهاجرة إلى ربي الجيريا
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا
وجعلنا الله من عباده المتّقين
ورحم الله أسد السُّنة رحمة واسعة

آمين يا ربّ
وجزاكم الله تعالى خيرا
بارك الله فيكم ووفقكم الله لكلّ خير.

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سيسبان الجيريا
الجيريا

وجزاكم الله بمثله بارك الله فيكم ..

بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يرفع للفائدة إن شاء الله تعالى

بارك الله فيك ,اللهم اجعلنا من المتقين.

بارك الله فيكم

على هاته الفائدة

ورحم الله شيخنا الالباني

المقصودُ مِن الصِّيام حقِيقةً الشّيخ العثيمين يرحمه الله تعالى 2024.

بسم الله الرّحمن الرّحيم
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله ربّ العالمين
وبه نستعينُ وعليه التّكلانُ..

المقصودُ مِن الصِّيام حقِيقةً

قال الشَّيخ محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله-:
والمقصود مِنَ الصِّيام حقيقةً؛ هو: تقوى الله عزَّ وجلَّ ، بدلالة الكتاب والسُّنَّة؛
قال الله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183]

لم يقل: لعلكم تجوعون، أو لعلكم تتمرنون على تحمُّلِ الجوع والعطش، وكفِّ النَّفسِ عن الشَّهواتِ؛ قال: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.

والتَّقوى: فعل أوامر الله، وترك نواهيه.

وقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ اَلزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ، وَالْجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ بِأَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ))[1].
هذا هو المقصود حقيقةً بالصَّوم؛
لكنَّه الآن في مفهوم كثير من المسلمين هو الإمساك عن المفطِّرات؛
ولذلك تجد بعضهم لا يهمُّه في نهار رمضان إلا أن يقطع أوقاته في النَّوم تارة، وباللهو تارة أخرى، ولا تجد عليه علامات الصَّوم،
وليس يوم صومه مخالفًا ليوم فطره؛ بل هما سواء عند كثير من النَّاس!
وهذا هو الذي أفقد الأمَّة الإسلاميَّة روح عباداتها وشعائرها؛ حتى أصبح المسلمون الآن في كثيرٍ مِن الأحيان وفي كثير من شعوبهم
وأفرادهم يأتون هذه العبادات وكأنَّها شعارٌ قوميٌّ، لا كأنَّها عبادة دينيَّة! كأنَّها عادة مشوا عليها، وكان عليها آباؤهم وأجدادهم!
ولذلك فُقِدَت المعاني العظيمة التي تترتب على هذه العبادات الجليلة.
فمثلاً: الصَّلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، أكثر النَّاس ينصرف من صلاته ولم يتأثر إطلاقًا، لم يتأثر بكراهة الفحشاء والمنكر،
مع أنَّ صلاته لو كانت على الحقِّ وعلى ما ينبغي؛ لوجد مِن نفسه أنَّه إذا خرج منها كان كارهًا للفحشاء والمنكر؛
لأنها تنهاه عن الفحشاء والمنكر.
كذلك الصِّيام، النَّاس يصومون الآن شهرًا كاملاً، لو كانوا كما أراد الله منهم أنْ يتقوا الله ويدعو قول الزُّور والعمل به، والجهل؛
لكان الشهر كامل يعني: نصف سدس السَّنَة لا يمكن أن يخرج؛ إلا وقد تربُّوا تربية تامَّة على طاعة الله، وتقوى الله.
لكن مَن مِنا إذا خرج رمضان، وجد مِن نفسه استقامة وحسن عمل أكثر مما كان في شعبان؟!
أكثر النَّاس إذا انتهى رمضان فرحوا فرح شهوة بانتهاء الصَّوم؛ فكأنَّهم فرِحوا بخروجه ولم يفرحوا من خروجهم من ذنوبهم!
ولذلك يجب علينا أنْ نعرف الحكمة العظيمة من الصَّوم، وأن نصوم كما أراد الله مِنَّا،
وكما بيَّن لنا رسولنا صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم، نصوم عن معاصي الله، إلى طاعة الله عزَّ وجلَّ.

المصدر: لقاء الباب المفتوح (الشريط: 147 الوجه: أ).

————————
[1] أخْرجهُ البخارى (5/2251 ، رقم 5710)

منقول من شبكة الآجريّ بارك الله في القائمين عليها
رمضانكم مبارك
وصحّ فطوركم.

بارك الله فيك ورحم الله شيخنا وحبيبنا وجمعنا واياه في جنات النعيم

بارك الله فيك

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو مسلم السلفي الجيريا
بارك الله فيك ورحم الله شيخنا وحبيبنا وجمعنا واياه في جنات النعيم

وفيكم يبارك الله تعالى
جزاكم الله خيرا وأسأل الله تعالى أن يوفّقكم ويسدّد خطاكم..

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hocine2017347 الجيريا
بارك الله فيك

وفيكم يبارك الله تعالى
أحسن الله إليكم ونفعكم الله تعالى وإيّانا والمؤمنين بالموضوع.

بارك الله فيك

أحسن الله إليكم ورحم الله الشيخ العثيمين رحمة واسعة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohamed real morinho الجيريا
بارك الله فيك

وفيكم يبارك الله
جزاكم الله خيرا على تشريف صفحتنا المتواضعة
شكرا جزيلا.

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مهاجرة إلى ربي الجيريا
أحسن الله إليكم ورحم الله الشيخ العثيمين رحمة واسعة

آمين آمين
بارك الله فيكم ويسّر الله أموركم على الخير
وفّقكم الله تعالى.

جزاكم الله خيرا ونفع بكم.

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العنبلي الأصيل الجيريا
جزاكم الله خيرا ونفع بكم.

وإيّاكم إن شاء الله
بارك الله فيكم وأحسن الله لكم
وأعانكم الله على طاعته ومرضاته آمين.

بارك الله فيكم أخي ونفعنا بصوم رمضان ورزقنا التقوى وحسن الخاتمة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد جديدي التبسي الجيريا
بارك الله فيكم أخي ونفعنا بصوم رمضان ورزقنا التقوى وحسن الخاتمة

آمين يا رب
نسأل الله ذلك برحمته ومنه
إنّه أعظم مسؤول
بورك فيك أخي جزيت الجنّة.

يرفع للفائدة إن شاء الله تعالى

بارك الله فيكم

بارك الله فيك و جعل عملك هذا في ميزان حسناتك ان شاء

بارك الله فيك على لفت انتباهنا إلى ما في هذه الآية الكريمة
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183]

فالتقوى وخشية الله عز وجل هو الأمر الوحيد الذي يكبح جماح النفس ويقبر شهواتها، فالإنسان التقي يراقب نفسه ويحاسبها فلا يترك للشيطان مجالا لإغوائه، ولكن التقوى لا يتأتى للفرد إلا بمعرفة الله ومعرفة الله الله لا تتأتى إلا بالإنقطاع عن الدنيا وزينتها كما نفعل أثناء الصوم

مرة أخرى جازاك الله خيرا على الموضوع المفيد