الخوف من الانتكاسة والزيغ | للشيخ عبد الرزاق البدر . 2024.

عنوان المادة

الْخَوْفُ مِنَ الانْتِكَاسَةِ وَالزَّيْغِ

من شرح كتاب التوحيد

مقطع صوتي / للشِّيْخِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ البَدر -حَفِظَهُ الله-
https://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=35458

الجيرياالتفريغ
فإن خاف العبد، يخاف أن يتقلب قلبه، ويخاف أن ينتكس على عقبيه، ويخاف أن يُفتن فيُضَيِّع دينه، وهذا الخوف من تمام الإيمان وكماله ، وكلّما قوي الإيمان قوي الخوف ، وإذا ضعُف الإيمان ضعُف الخوف من الله – جل وعلا -، فقوّة الخوف من الله بحسب قوّة الإيمان ، ولهذا يقول عبد الله بن أبي مليكة -وهو أحد التابعين – يقول : ( أدركت أكثر من ثلاثين صحابيا كلهم يخاف النفاق على نفسه) ، فهم مع الإحسان في العبادة وكمال الطاعة، وحسن المراقبة لله ،والجدّ في طاعته، في قلوبهم خوف ، ولهذا أيضا يقول الحسن البصري -رحمه الله- : ( إنّ المؤمن جمع بين إحسان ومخافة ،والمنافق جمع إساءة وأمن ) ، المنافق يُسئ وهو آمن، آمن من مكر الله ( وَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) [الأعراف: 98]، والمؤمن يبذل وُسعه ونشاطه وجهده في طاعة ربه وهو خائف، كما قال الله تبارك وتعالى في مدحه وثنائه على المؤمنين ،قال: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا ءَاتَوْا وَقُلُوبُهُم وَجِلَةٌ ) أي : خائفة ،قال الله -عز وجل- : ( إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ) إلى أن قال : وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا ءَاتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَّبِّهِمْ رَاجِعُونَ )[المؤمنون(61:5الجيريا ] ،تقول عائشة -رضي الله عنها- كما في المسند وغيره بسند ثابت، سألت رسول الله عن معنى هذه الآية ،قلت له: (أهو الرجل يزني ،ويسرق ،ويقتل، ويخاف أن يعذب) هل هذا هو المعنى ،قال: ( لا يا ابنة الصدّيق ،ولكنّه الرجل يصلّي ، ويصوم ويتصدّق،ويخاف أن لا يقبل ) ، لاحظ هنا هذا الحديث ودلالته العظيمة على مكانة الخوف ومنزلته في الدين ، يصلي ويصوم ويتصدق ويخاف، إذا الخوف ينبغي أن يكون مع المسلم، ماذا؟ في كل طاعة، يكون معه في صلاته ،ويكون معه في صيامه ،ويكون معه في حجه ، ويكون معه في كل طاعاته ،يكون معه هذا الخوف ليكون سببا في الكمال، كمال الطاعة ،وكمال العبادة ،وتمام المراقبة ، وأيضا يكون مع العبد الخوف في جانب المعاصي والبعد عنها، فيبتعد عن المعاصي ،والمحرمات ،والآثام ،لأنه خائف من الله ، يحجزه عن الوقوع في المعصية خوفه من الله ،وكلنا نذكر قصة الثلاثة الذين أطبقت عليهم الصخرة ، وكان أحدهم شديد الولع ببنت عمّه ،وكانت فقيرة و تتردّد عليه ،تطلب منه المساعدة والعون، فقال لها: لا، لا أساعدك بشيء حتى تمكنيني من نفسك ،فكانت تأبى ، ثم رضخت له في طلبه أمام حاجتها ،فلمّا تمكّن من شعبها الأربع ،قالت له : اتّقّ الله ولا تفضّ الخاتم إلا بحقه، فقام الرجل , فالتذكير بالله ،والتخويف بالله ،يمنع الإنسان من الوقوع في المعصية ، يقول ابن رجب -رحمه الله -في كتابه شرح كلمة الإخلاص يقول :راود أعرابي أعرابية في الصحراء راودها عن نفسها وقال لها نحن في مكان لا يرانا إلا الكواكب ،نحن في مكان لا يرانا إلا النجوم ،لا أحد يرانا ، فمّما تخافين، ممّا تخشين، لا أحد يرانا ، نحن في مكان لا يرانا إلا الكواكب، فقالت المرأة: وأين مكوكبها؟ ،أين مكوكب الكواكب؟ ،ألا يرانا؟! ،فذكرته بالله ،ولهذا إذا تذكّر الإنسان الله وعظمته ،وقدرته ،وكماله، واطلاعه، وعلمه –سبحانه وتعالى- بالكائنات ،وشدة بطشه،وانتقامه،وعقوبته، وسخطه ،وغضبه ،ولعنته، كل هذه الأمور إذا تذكرها العبد ،فإنها تقوي الخوف في قلبه ،وتمنعه من وقوعه في المعصية ، أحد الناس أراد أن يعصي وأن يقع في معصية، فأتى عالما يسترشده ، قال: أريد أن أفعل كذا وكذا ،من المعاصي ، قال :لابأس ، ولكن اذهب في مكان لايراك الله فيه، افعل هذه المعصية ولكن في مكان لايراك الله فيه، قال :ما يمكن ، أينما أكون الله يراني وهو يطلع عليّ، قال: لا بأس اذهب وافعل المعصية ولكن لاتستعمل أي نعمة من نعم الله التي أنعمها عليك في معصية الله قال: لايمكن كل ما عندي هو من نعمة الله ،يدي ،سمعي، بصري، أعضائي، كلّها من نعمة الله علي ،أخذ يعدّد له أشياء يُعرّفه بالله ،ثم قال له :تعصي الله، بنعمة الله، والله يراك ،وعدّد له أمورا من هذا القبيل ،فامتنع الرجل ، إذا تذكر الله وتذكرعظمته ،واطلاعه، ورؤيته -سبحانه وتعالى-وعلمه، وأنه -سبحانه وتعالى- قد أحاط بكل شيء علما ،وأحصى كل شيء عددا ،يعلم ماكان، وما سيكون ،ومالم يكن لو كان كيف يكون، يسمع -تبارك وتعالى- جميع الأصوات ،على اختلاف اللغات ،وتفنن الحاجات، وأنواع الطلبات ،لو أن الناس كلهم وبلغاتهم الشتّى ،تكلموا في لحظة واحدة لسمع الجميع ،دون أن تختلط عليه لغة بلغة ، أو حاجة بحاجة، أو مطلب بمطلب ، لو أنهم كلّهم تكلّموا لسَمِعهم، تقول عائشة -رضي الله عنها- : (سبحان الذي وسع سمعه الأصوات ) ، وفي الحديث القدسي يقول الله تعالى يا عبادي لو أن أولكم ،وآخركم ،وإنسكم، وجِنّكم، كانوا على أتقى قلب رجل منكم ،ما زاد ذلك في ملكي شيئا ) إلى أن قال: ( يا عبادي لو أن أولكم، وآخركم، وإنسكم ،وجِنّكم ،قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كل واحد مسألته ، مانقص ذلك من ملكي شيئا إلاكما ينقص المخيط إذا غمس في اليمّ ) ، فهو -تبارك وتعالى –يسمع ،وهو-تبارك وتعالى –بصير يرى جميع المخلوقات ،يرى -سبحانه وتعالى- مِن فوق سبع سماوات ، دبيب النملة السوداء ،على الصخرة الصمّاء، في الليلة الظلماء، ويري -تبارك وتعالى- جريان الدم في عروقها، ويرى كل جزء من أجزائها ،فإذا تذكر الإنسان هذه المعاني العظيمة عمَرت قلبه بخوف الله، ولهذا قال الله -تبارك وتعالى-: ( إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)[فاطر:28]، كلما ازدادت معرفة العبد بربّه، زاد خوفه منه، وزاد وتعظيمه له، وعظمت عبادته ورغبته ورهبته بحسب المعرفة، والمعرفة الصحيحة تُوَلّد في القلب الرجاء والخوف والمحبة، تولّد المحبة والرجاء والخوف، وهذه الثلاثة عليها تقوم العبادات، فالعبادات يفعلها المسلم حبّا لله ،ورجاءً لثوابه، وخوفا من عقابه -سبحانه وتعالى-، الخوف عبادة قلبية لايجوز أن تصرف إلا لله، ومن صرفها لغيره فقد أشرك ،واتّخذ مع الله –تبارك وتعالى-شريكا ،والمراد بالخوف الذي هو عبادة، الذي هو ما تحدثنا عنه قبل قليل, خوف الذلّ والخضوع ،الخوف الذي يقتضي الإقبال على الطاعة، والبعد عن المعصية، خوف السرّ، خوف تغيّر القلب، خوف الضّلال ، خوف ألاّ تقبل العبادة ،الخوف الذي يقود لفعل الطاعة، خوف العبد من دخول النار، خوفه من الحرمان من دخول الجنة، خوفه من تغيّر قلبه، خوفه من الزيغ، فالخوف عبادة لاتكون إلا للربّ -جل وعلا-، فهذا الخوف هو عبادة لايجوز صرفها إلا لله ،وهي حق خالص له -سبحانه وتعالى- ومن صرفها لغيره سبحانه فقد أشرك.
انتهى

أحسن الله اليك أخي عبد النور

[color="darkred"]جزاكم الله خيرا نسأل الله الثبات[/color]

بارك الله فيك

جزاكم الله خيرا على تقومون به

جزاك الله كل خير

بوركت اخي على الموضوع الرائع وجزاك الله كل خير وكل من يحاول نشر عطر الايمان

بارك الله فيك

جزاك الله خيرا وبارك فيك
وجعل ذلك في ميزان حسناتك
في إنتظار المزيد من الفوائد

بارك الله فيكالجيريا

الجيريا

وإياكم
بارك الله فيكم

هذا يا إخواني الصديق يتخوف على نفسه الزيغ 2024.

قال الإمام ابن بطة رحمه الله في الإبانة الكبرى ج 1/83:

78 – حدثنا أبو بكر أحمد بن سليمان النجاد ، قال : حدثنا الحسن بن علي ، قال : حدثنا عمرو الناقد ، قال : حدثنا يعقوب بن محمد ، قال : حدثني أبي ، عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني عروة بن الزبير ، أن عائشة ، قالت : إن أبا بكر رضي الله عنه ، قال : « لست تاركا شيئا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به ، وإني لأخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ "…
«هذا يا إخواني الصدّيق رضي الله عنه يتخوف على نفسه الزيغ إن هو خالف شيئا من أمر نبيه صلى الله عليه وسلم ، فماذا عسى أن يكون من زمان أضحى أهله يستهزءون بنبيهم وبأوامره ، ويتباهون بمخالفته ، ويسخرون بسنته ؟ نسأل الله عصمة من الزلل ونجاة من سوء العمل »…..

بوركتِ .. نسأل الله الثبات
بل وهذا خليل الله ونيّبه إبراهيم عليه السّلام يسأل ربه ويقول:
﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ

نسأل الله الثبات لقد غرنا طول الامل

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تصفية وتربية الجيريا
بوركتِ .. نسأل الله الثبات
بل وهذا خليل الله ونيّبه إبراهيم عليه السّلام يسأل ربه ويقول:
﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ

اللهم آمين أخية
بوركت على الإضافة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة besmella الجيريا
نسأل الله الثبات لقد غرنا طول الامل

اللهم آمين
بوركت أخية

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السلفية الجزائرية الجيريا
قال الإمام ابن بطة رحمه الله في الإبانة الكبرى ج 1/83:

78 – حدثنا أبو بكر أحمد بن سليمان النجاد ، قال : حدثنا الحسن بن علي ، قال : حدثنا عمرو الناقد ، قال : حدثنا يعقوب بن محمد ، قال : حدثني أبي ، عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني عروة بن الزبير ، أن عائشة ، قالت : إن أبا بكر رضي الله عنه ، قال : « لست تاركا شيئا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به ، وإني لأخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ "…
«هذا يا إخواني الصدّيق رضي الله عنه يتخوف على نفسه الزيغ إن هو خالف شيئا من أمر نبيه صلى الله عليه وسلم ، فماذا عسى أن يكون من زمان أضحى أهله يستهزءون بنبيهم وبأوامره ، ويتباهون بمخالفته ، ويسخرون بسنته ؟ نسأل الله عصمة من الزلل ونجاة من سوء العمل »…..

الجيريا

بوركتم …..

السلآم عليكم
بآركـ الله فيك
و جزاك خيرا