دهيم
طلاق فعلي أو آخر عاطفي ، هما نتيجة حتمية لزيجات لا يدرك أفرادها أن الحياة الزوجية
موجات من الصعود والهبوط والهدوء وكل موجة لها طريقتهاالمثلى للتعامل معها واحتواءها.
وسواء كانت النتيجة هذه أو تلك فإنه حتماًيصاحبها أو يسبقها ما نسميه بالتفكك الأسري
والذي له مظاهر عدة من بينها غياب الحوار البنّاء لأسرة، فالأسرة بشكل عام "الحوار"
على المستوى العقلي، وعلى المستوى العاطفي أيضاً، وانعدام هذه الحالة يؤدي
لمزيد من الخلافات والنزاعات ؛ وهو ما يتركبصمة واضحة ثابتة في سلوكيات
الأبناء فتراهم يتصرفون بطرق غير مفهومة يقول عنها الخبراء أنها أعرض
لأمراض نفسية أو اجتماعية أو كلاهما معاً، وفي مثل هذه الأحوال يضيع الأطفال بسبب
عدم الانتباه لهم من قبل الآباء الذين تسيطر عليهم خلافاتهم وعدم فهمهم لبعضهم
البعض، فعائلة لا حوار فيها لا قرار فيها ولا استقرار.
والأمر الذي قد لا يدركه البعض أن التفكك الأسري قد يبدأ قبل الزواج فعملية
اختيار الزوج المناسب أو القبول بالزوج هي عملية تخضع لقوانين واعتبارات قد لا
ندركها أو لا نعيرها ما تستحقه من اهتمام ونكون بذلك قد وضعنا حجر الأساس
لأسرة متفككة حين نختار الشريك الغير مناسب.
وسبب آخرلا يقل أهمية عن سابقة ولا غموضاً وتخفياً عن الأنظار وهو أن
لكل طرف آماله وأحلامه التي تقبع في مخيلته قبل الزواج، وحين لا تجد هذه الآمال
والأحلام مكاناً لها على أرض الواقع بعد الزواج فغالباً ما يكون التباعد بين الزوجين
نتيجة لذلك فتنشأ عملية تفكك أخرى.
أمّا المسبب الأكبر في عالمنا العربي فهو المجرم الذي يزعزع حياة كل الأسر
وهو "العادات والتقاليد" هذاالمجرم الذي لا يفنك يدمر البيوت ويقتل الأطفال
والآمال والغريب أننا نتطور ونتعلم ونكبر ولكننا نبقي على جزء جاهلي في
عقولنا وسلوكياتنا ننعته دوماً بالـ "عادات والتقاليد" وننسى أن كثيراً من هذه
العادات والتقاليد لا تتوافق مع الشرع الإسلامي.
وللبحث في كيفية علاج هذه الآفة الخطيرة على المجتمع ننظر في السطور
التالية إلى ما يمكن فعله حيال ذلك.
فأولى الخطوات العملية لمكافحة هذا الفايروس الخطير هو التوعية السليمة
والذكية في نفس الوقت، وواجب هذه التوعية يقع على كافة أفراد ومؤسسات
المجتمع لأن القضية تهم الجميع، فطالما تعرفنا على أبرزالأسباب إذن علينا
توعية الناس بشأنها.
وفيما يتعلق بحياة الزوجين مع بعضهما لبعض فعلينا جميعاً غرز وتعزيز مفهوم
الصداقة بين الاثنين فهما قبل أن يكونا زوجين عليهما أن يكونا صديقين حميمين
فهذا هو المفتاح الوحيد لتكون حياتهما أكثر تقارباًوأكثر عاطفية وتقارباً،
وهذه نصائح مختصرة في نقاط لكلا الزوجين:
نصائح إلى الشاب
1- لا تتصور أن الفتاه التي تزوجتها أصبحت ملك لك وحدك وأن لك الحقفي
أن تتصرف معها وبها كيفما تشاء وأن عليها أن تستجيب لرغباتك وطلباتك
وكأنك أميرالأمراء وهي أحد جواريك.
2-تذكر أن الزواج يتطلب منك تحمل المسؤولية وعندما تتزوج تذكر انك لم تعد ذلك
الشاب الحر الطليق بل صرت راع ورعيتك الزوجة والبيت وهنا أنت مطالب بالانتقال
الفكري والسلوكي من الحياة السابقة إلى الحالية لتقوم بحق هذه الرعي.
3- قوة الرجل ليست في الصوت المرتفع أو باستخدام العضلات ولكن القوة الفعلية للرجال
هي في حسن التعامل ومطابقة الأقوال للأفعال وجعل مخافة الله وتقواه نصب عينك دائماً
4- تذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم "خيركم خيركم لأهله"، فتشبه بالحبيب عليه
الصلاة والسلام في هذا المجال وهو خير من نقتدي به ونقلده في كل شؤون حياتنا.
نصائح إلى الفتاة :
1- زوجك ليس والدك الجديد ولا عفريت المصباح وكذلك ليس صراف آلي متنقل .
2- الزواج هو الانتقال إلى مرحلة جديدة من الحياة تختلف كثيراًعن حياة الطفولة
والصبا وفيها الكثير من المسؤولية والتعب أيضاً ولكنها رغم كل ذلك جميلة
إن عرفنا ما لنا وعلينا جيداً
3- عوضاً عن الاستغراق في الأحلام أوالخوف من مشابهة حياتك لحياة غيرك من
الفتيات اعملي على تجهيز نفسك لمواجهة مسؤولياتك الجديدة وكوني أنت من
يترك البصمة الأكثر جمالاً على حياتك عوضاً عن ترك مركبك بلا ربان
4- تذكري أن قوتك الفعلية في أنوثتك فاحرصي على ألا تفقديها مهما مرت على
زواجك من سنوات.
نصائح إلى الزوجين
1- الطلاق يوثر على الفتاه والرجل والفرصة في الزواج الثاني سوف تكون اضعف
بدرجة كبيرة للفتاة وكذلك للشاب ، والحقيقة التي لا يدركها الكثير أنالطلاق يترك
أثراً نفسياً لا يزول لدى الشاب أكثر منه لدى الفتاة.
2- لكل بيت مشاكله فأبقياها في الداخل ولا تشركا فيها أحداً فهي ملك لكم ومتعتكم الخاصة
3- تذكرا دوماً المودة والرحمة، فليس الزوج أو الزوجة رائع في كل أحواله،
فنتقن التعامل بإستراتيجية شعرة معاوية
4- أكثر ما يحتاجه الرجل من المرأةهو الاحترام وأكثر ما تحتاجه المرأة من الرجل هو
الحب، فوفرا ذلك لبعضكما البعض لأنه لا مصدر آخر لذلك لا أ ن الطرف الأذكى هو
الذي يعرف متى وكيف يتنازل ليتمكن منقلب الآخر أكثر، فهو من يكسب أكثر
5- ا لطلاق ليس حلاً للمشكلات بل غالباً مايكون بداية لها
6- التربية السليمة كم أوصانا نبينا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم هي
سلاحنا الحقيقي لمواجهة كل الأخطار الاجتماعية والنفسية التي تهدد الأسرة
مستقبلا فليكن هذا شعارنا لنوفر لأبنائنا حياة أفضل عوضاً عن الجهد والشقاء
لتوفير المسكن والملبس لهم فقط. فلندربهم على الطيران ثم لنطلقهم ونتوقف
عن التحكم بهم فلسنا قائمين عليهم مدى الحياة
تفكك أسرتي سبب معاناتي"..
قصة ياسمين [معاناتها بسبب التفكك الأسري]
القصة:
أنا اسمي ياسمين ، من اليمن ، عمري 16 عاما، ادرس في الصف الثاني الثانوي
القسم الأدبي ، وتحكي قصتي عن التفكك الأسري الذي حدث لعائلتي
كنت أعيش مع والدي ووالدتي واخوتي ، ونحن ستة أطفال أنا اكبر الفتيات ،
ثم سافر أبى ، وهو مقاول ، في مهمة عمل تيسرت بسببها حالته المادية. وبدلا من
أن يحمد الله ، ويحتفظ بالنقود لزوجته ومستقبل أطفاله ، تزوج في هذه المدينة.
فترة غياب أبى ، حاولت خلالها أمي وأهلها مساندتنا قدر استطاعتهم ، وعاد أبى
من السفر واندهشنا لعودته، وقال لامي ان معه زوجته الجديدة ، وقد أنجبت له
ولد وبنت ، وانه يريد أن نعيش جميعا في بيت واحد ، وصدمت أمي كيف تقبل
بهذا الوضع وهي لم تقصر في حقه ؟
ولكن والدي قال لها إن الشرع حلل لهم أربع ، فردت بان الشرع أتاح ذلك إذا ما قصرت
في حق من حقوقه ، وهو ما لم يحدث.
ولم تقبل أمي بالعودة له ، فطلقها دون تردد وبسهولة ، وبلا أي حساب لأربع
وعشرين سنة من العشرة. وهو الموقف الذي لا أسامح أبى عليه أبدا ، بالرغم من
أنى أطيعه في كل شيء ، لان طاعة الوالدين واجبة .
وأبي من النوع الذي لا يمكن النقاش معه ، ولكن البنت يمكن أن تقابل مشكلات
لا تستطيع أن تحكيها إلا لأمها فكيف تعيش مع أبيها فقط ؟ انه وضع صعب للغاية
لم أتخيله . وعادت أمي لبيت أهلها ، وبقينا في البيت مع أبى وزوجته الجديدة .
وبالرغم من انه قال لنا أننا إذا لم نشعر بالراحة مع "خالتنا" سيتركنا لنعيش مع أمي
ويتكفل بنا ، إلا أن الأمور لم تسير بهذا الشكل ، وكانت حالتنا صعبة بعد غياب أمي
ويجلس أبى دائما يدخن و"يخزن"- يمضغ القات- واهم شيء راحته . كما انه طوال
اليوم في العمل ، ويسمع من زوجته ولايسمع منا ، ولا يسأل عن حالنا كيف نعيش .
وقد كانت زوجة أبي تعاملنا بإهمال ، وكنت أحاول سد جوع اخوتي بأي طريقة .
ولم تكن أمي بجانبي ، ولا لي أخت في سني أو صديقة اشكي لها ، وكنت أقول إن
الشكوى لغير الله مذلة ، وأدعو الله بشكل مستمر أن يخفف عني ، وكان ملجأي
الوحيد إذا ما حدثت لي مشكلة أن اكتبها واكتب حكايتي .
وبالنسبة لدراستي ، لم استطع أن اجتهد فيها بسبب أعمال المنزل التي كنت أقوم
بها دائما ، فأنا المسؤولة عن البيت ، ولم يسمح لي أبى أن استريح يوما عند أمي ،
وقد لجأنا للمحاكم فترة قبل طلاق أمي لنبقى معها ، ولكن للأسف من معه نقود قضيته
تنظر أولا ، ومن لا يملك النقود يتأخر ويخسر أيضا. وهو ما حدث لنا في المحكمة ،
وكانت صدمة أخرى لوالدتي وكنت أحاول أن أريح أمي ، وعندما تسألني عن أحوالنا ،
أقول إننا بخير، فيكفيها أننا جميعا بعيدين عنها.
والوحيد الذي كان يشعر بي ويساندني هو خالي ، وكان يشجعني على الاجتهاد في
دراستي ، وبدأ يعلمني الكتابة على الكمبيوتر، ويحثني أن أتطلع لمستوى افضل ، ويقول
لي ألا أيأس من رحمة الله ، وله كل الشكر والتقدير على مساعدته .
أتمنى من الله أن كل أم وأب إذا واجهتهم مشكلة صغيرة أن يتعاملوا معها في
صغرها ، وعلى الوالدين أن يتماسكا من اجل أطفالهما ومستقبلهم ، بدلا من ان
يكون مصيرهم الشارع .
وأرى أن بداية الطلاق هي عدم توافق الطرفين ، وأتمنى أن تعطى فترة للمقدمين على
الزواج لدراسة طبائع بعضهم البعض ، وإذا كانا غير متوافقين ، لماذا يتزوجان ؟ فهي
ليست فقط تجربة وستمر ، بل سينتج عنها أطفال ، وكل من له عقل فليبدأ باستخدامه .
وأقول لكل فتاة مرت بنفس ظروفي أن تكافح ولا تيأس ، وألا تتخلى عن تعليمها
أبدا فهو النافع لها ، وتحاول أن يكون لها طموح فقد تصبح محامية ، أو مصلحة
اجتماعية لتغير للآخرين ما عانت منه ، وأتمنى أن يصل صوتي للعالم اجمع
وبعد عشر سنين أتمنى أن أكون مدرسة للتربية الإسلامية ، فإذا ما صلح الدين
صلحت الدنيا ، وقد اخترت هذا المجال بالذات ، لتوعية البنات إذا ما عانين من نفس
ظروفي ، فأنا لم أجد من يوعيني إلا خالي بعد معاناة طويلة ، وفي المستقبل عندما
أتزوج ، احلم بأن أعيش أنا وزوجي وأبنائي في بيت واحد، وفي هدوء .
انتهت قصتها
خـتـامـاً