دهاليز الوظيف و الوزارة وفنونهما الماكرة يبرزا أزمة قانون بين العقل الماكر وسذاجة النقابة 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم خير خلق الله وعلى آله و صحبه أما بعد أيها الإخوة الكرام نستهل هذا الموضوع بمعرفة الوقائع وماهو السبب الذي آل اليه الظلم الذي مس فئة دون أخرى ونحن مدركين أنه لم يكن ذنبهم بل ذنب من هم جاثمين على صدورنا بالقوة جاهدين أنفسهم بقساوة قوانينهم الظالمة التي تألت على أصحاب حق فأوجس القلب فزعا من جراء ظلمهم هذا .
ان المسؤولية ياسادة النقابات تتطلب ممن يتحملها الوعي والشعور بجسامة الثقل الملقى على عاتقه، إن استشعارها رهين بثقافة الفرد وبقوة ما تمليه عليه عقيدته ودرجة إيمانه بها ، لكن ما نعيشه اليوم بعيد كل البعد عما ينبغي أن تكون عليه الامور فالمسؤولية أصبحت تباع وتشترى ويدخل في إسنادها اعتبارات لا تليق حتى بمجتمع الغاب ، لقد أصبحنا أمام واقع هو الغالب في مجتمعنا
فقد قال عبدالرحمن الكواكبي : من أقبح أنواع الاستبداد استبداد الجهل على العلم، واستبداد النفس على العقل.
ففي مثالنا هذا الذي أقدمه لكم يظهر للعيان أن ماقام بسن مثل هذا القانون قد عضه الجهل واحتضنه واحتوى عقله حيث أنه يتم ادماج من يملك شهادة الدراسات التطبيقية الجامعية حتى وان كانت من التكوين المتواصل حيث يسجل فيها الطالب بمستوى الثالثة ثانوي ويدرس ساعة واحدة كل مساء فيصبح مشرف للتربية ويحرم من هاته الرتبة التي تتطلب الكم المعرفي والفكري في مجال التربية من يحمل شهادة الليسانس حتى وان كان اختصاصه يصب في التربية فيبقى في رتبة أقل من الذي يحمل مستوى أقل منه
أف وتف للذين بسعيهم *** عميوا وأعموا دونما استدلال
ضلوا الطريق وماوعوا أرب العلى *** ظنوه ظن الجهل في الأموال

أما ما هو جدير بالملاحظة فالحالة التي آلت إليها الوصاية والنقابات شبيهة بالنفس المتقعقعة التي لا ترسوا على حال فهي مسهبة ولكن بدون فائدة فقد قال هيلين كيلر : العلم توصل لعلاج معظم الشرور ، ولكنه فشل في علاج أسوأ هذه الشرور ، ألا وهو اللامبالاة اتجاه النفس البشرية"
لكن عندما يصبح الموظف المطالب بحقه لعنة وعندما تصبح الشهادة العلمية رمز للعلم والمعرفة لعنة، وعندما تُنعت مفاوضات استمرت خمسة سنوات بالعبثية، وعندما تنعت الخبرة المهنية بالعبثية أيضا، فهذا معناه أن في الحياة المهنية كثير من الأمور الخارجة عن إطار المألوف في علم التفاوض .
(إن الوقت الذي تخصصه لإعداد هدفك من التفاوض سوف يعود عليك بالكثير من الفوائد حين تجلس إلى مائدة المفاوضات بالفعل من أجل التوصل إلى اتفاق).
جورج فولر.

في العمل النقابي وفي جميع الدول وسواء تعلق الأمر بنقابة قوية او ضعيفة لا يوجد نهج أو تفاوض عبثي أو بدون هدف كل من يدخل عالم التفاوض ويمارسها إلا ويسعى لتحقيق هدف أو مصلحة لأن التفاوض لديه مفاتيح للإعداد الجيد للتفاوض وهي التخطيط الجيد، الاستمرارية ، توافر البيانات والمعلومات ، التكامل والتعاون، ثم الانطلاق نحو الهدف الذي بدوره له دعائم هي الوضوح، المرونة، الواقعية، القابلية للقياس، السرية .
وان تغليف النقابات بشعارات أخلاقية والدفاع عن حقوق الموظفين والعمل بشفافية لا يغير من الأمر شيئا ولكن هناك فرق بين ما يدخل لعالم التفاوض للدفاع عن حقوق الموظف ومن يدخل عالم التفاوض لتحقيق مصالح شخصية أو نقابية ضيقة لذا يجب الاعتراف بأنكم كنتم تخدمون مصالحكم أو أنكم لستم في المستوى المطلوب .
فالمراقب من الخارج يقول بأن المفاوضات نتيجتها كانت سلبية بمعنى أن المراقب من خارج اللعبة يفسر ويضع المفاوضات في إطارهما القيمي والأخلاقي والمصلحة العامة وبالتالي يرى النتائج المحصل عليها من طرق النقابات سلبية لا تخدم كل الموظفين، أما بالنسبة للمفاوض فالأمر مختلف فقد تكون له أهداف عامة أي لتحقيق حقوق الموظفين ككل منذ بداية المفاوضات ثم حدث الانحراف بسبب جهل القوانين أو المصلحة الذاتية.
إذن التفاوض أنتج قوانين عرجاء تخدم فئة معينة ولكن دون تغيير للقانون الأصلي الذي مازال يحرم الفئات الأخرى والشيء الذي لا يتقبله العقل هو تناقض القانون نفسه فمثلا من يحمل شهادة الليسانس كمساعد رئيسي للتربية يبقى في السلم 8 ومن يحمل مستوى أقل منه (ديا) يدمج في رتبة مشرف التربية سلم10 حتى وان كان اختصاصه تصليح الأجهزة الإلكترومنزلية ، بالمختصر المفيد منذ البداية أن القانون لا يمد بصلة لقوانين العمل العالمية بل خدم فئة على حساب الفئات الأخرى يعني كان الأجدر بالنقابات تبليغ رسالة لموظفيها أنهم لم يستطيعوا تغيير خطة الوزارة في تقسيم وإنشاء جدار يفصل بين الموظفين أنفسهم وبروز تناحر وصراع بينهم يخدم فقط الوزارة والتي رسخت ورسمت هذا الصراع هي النقابات فكانت الخادمة المطيعة للوزارة سواء كانت تدرك ما تفعله وتمارسه ضد من جعلوا لها اسم في قائمة النقابات المعتمدة أو كانت في حالة هذيان موجهة بتوجيه لاسلكي .
فالذي ظهر للعيان من جراء هذا القانون أنه يهمل الشهادات العلمية من جهة والخبرة المهنية من جهة أخرى ويرسخ التعفن والفساد العلمي ليكون فعال في الجهاز الذي يرفع الأمة من الجهل
قديما كان المجتمع الجاهلي المنغلق على نفسه زمنا من الوقت " تنقصه جوهرة الحياة والسر الذي خلق من أجله الانسان " ولكن فجأة أضاءت فكرةٌ في غار، غار حراء وحمل وميضها رسالةٌ بدأت بكلمةِ اقرأ، مزقت هذه الكلمة ظلمات الجاهلية، وقضت على عزلة المجتمع الجاهليِّ ولكن وزارتنا ومديرية الوظيف والنقابات ارتأت أن ترحل بنا في برهة من الزمن إلى زمن ذلك المجتمع الذي كان يعيش في كنف ظلمات الجهل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.