ما تعريف التوحيد وأنواعه؟فتاوى العقيدة للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 2024.

فتاوى العقيدة

س1: ما تعريف التوحيد وأنواعه؟
الجواب: التوحيد لغة: ((مصدر وحد يوحد، أي جعل الشيء واحداً)) وهذا لا يتحقق إلا بنفي وإثبات، نفي الحكم عما سوى الموحد، وإثباته له، فمثلاً نقول: إنه لا يتم للإنسان التوحيد حتى يشهد أن لا إله إلا الله، فينفي الألوهية عما سوى الله عز وجل ويثبتها لله وحده، وذلك أن النفي المحض تعطيل محض، والإثبات المحض لا يمنع مشاركة الغير في الحكم، فلو قلت مثلاً((فلان قائم)) فهنا أثبت له القيام لكنك لم توحده به، لأنه من الجائز أن يشاركه غيره في هذا القيام، ولو قلت ((لا قائم)) فقد نفيت نفياً محضاً ولم تثبت القيام لأحد، فإذا قلت: ((لا قائم إلا زيد)) فحينئذٍ تكون وحدت زيداً بالقيام حيث نفيت القيام عمن سواه، وهذا هو تحقيق التوحيد في الواقع، أي أن التوحيد لا يكون توحيداً حتى يتضمن نفياً وإثباتاً .
وأنواع التوحيد بالنسبة لله-عز وجل- تدخل كلها في تعريف عام وهو ((إفراد الله سبحانه وتعالى بما يختص به)) .
وهي حسب ما ذكره أهل العلم ثلاثة:
الأول: توحيد الربوبية .
الثاني: توحيد الألوهية .
الثالث: توحيد الأسماء والصفات .
وعلموا ذلك بالتتبع والاستقراء، والنظر في الآيات والأحاديث، فوجدوا أن التوحيد لا يخرج عن هذه الأنواع الثلاثة فنوعوا التوحيد إلى ثلاثة أنواع:
الأول: توحيد الربوبية: وهو ((إفراد الله – سبحانه وتعالى- بالخلق، والملك، والتدبير)) وتفصيل ذلك
أولاً: بالنسبة لإفراد الله –تعالى- بالخلق: فالله تعالى وحده هو الخالق لا خالق سواه، قال الله تعالى: (هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ) (فاطر:3) وقال تعالى مبيناً بطلان آلهة الكفار: (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) .(النحل:17). فالله تعالى وحده هو الخالق خلق كل شيء فقدره تقديراً، وخلقه يشمل ما يقع من مفعولاته، وما يقع من مفعولات خلقه أيضاً، ولهذا كان من تمام الإيمان بالقدر أن تؤمن بأن الله تعالى خالقاً لأفعال العباد كما قال الله تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) .(الصافات الآية:96ا). ووجه ذلك أن فعل العبد من صفاته، والعبد مخلوق لله، وخالق الشيء خالق لصفاته، ووجه آخر أن فعل العبد حاصل بإرادة جازمة وقدرة تامة، والإرادة والقدرة كلتاهما مخلوقتان لله –عز وجل- وخالق السبب التام خالق للمسبب .
فإن قيل: كيف نجمع بين إفراد الله –عز وجل- بالخلق مع أن الخلق قد يثبت لغير الله كما يدل عليه قول الله تعالى: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)(المؤمنون: الآية14) وقول النبي صلى الله عليه وسلم في المصورين: ((يقال لهم: أحيوا ما خلقتم))1 ؟
فالجواب على ذلك: أن غير الله تعالى لا يخلق كخلق الله فلا يمكنه إيجاد معدوم، ولا إحياء ميت، وإنما خلق غير الله تعالى يكون بالتغيير وتحويل الشيء من صفة إلى صفة أخرى وهو مخلوق لله –عز وجل- فالمصور مثلاً، إذا صور صورة فإنه لم يحدث شيئاً، غاية ما هنالك أنه حول شيئاً إلى شيء، كما يحول الطين إلى صورة طير، أو صورة جمل، وكما يحول بالتلوين الرقعة البيضاء إلى صورة ملونة فالمداد من خلق الله –عز وجل- والورقة البيضاء من خلق الله –عز وجل- هذا هو الفرق بين إثبات الخلق بالنسبة إلى الله-عز وجل- وإثبات الخلق بالنسبة إلى المخلوق . وعلى هذا يكون الله –سبحانه وتعالى- منفرداً بالخلق الذي يختص به .
ثانياً: إفراد الله –تعالى- بالملك فالله تعالى وحده هو المالك كما قال الله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (سورة الملك،الآية:1) وقال تعالى: (قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَار عَليهِ)(سورة المؤمنون الآية:88) فالمالك الملك المطلق العام الشامل هو الله –سبحانه وتعالى- وحده، ونسبة الملك إلى غيره نسبة إضافية فقد أثبت الله –عز وجل- لغيره الملك كما في قوله تعالى: (أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ)(النور: من الآية61) وقولهالجيرياإِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُم)(المؤمنون: من الآية6) إلى غير ذلك من النصوص الدالة على أن لغير الله تعالى ملكاً، لكن هذا الملك ليس كملك الله –عز وجل- فهو ملك قاصر، وملك مقيد، ملك قاصر لا يشمل، فالبيت الذي لزيد لا يملكه عمرو، والبيت الذي لعمرو لا يملكه زيد، ثم هذا الملك مقيد بحيث لا يتصرف الإنسان فيما بملك إلا على الوجه الذي أذن الله فيه، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، وقال الله –تبارك وتعالى: (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً)(سورة النساء، الآية:5) وهذا دليل على أن ملك الإنسان قاصر وملك مقيد، بخلاف ملك الله –سبحانه وتعالى- فهو ملك عام شامل وملك مطلق يفعل الله –سبحانه وتعالى- ما يشاء ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون .
ثالثاً: التدبير، فالله –عز وجل- منفرد بالتدبير فهو الذي يدبر الخلق ويدبر السماوات والأرض كما قال الله –سبحانه وتعالى-: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)(سورة الأعراف، الآية:54) وهذا التدبير شامل لا يحول دونه شيء ولا يعارضه شيء . والتدبير الذي يكون لبعض المخلوقات كتدبير الإنسان أمواله وغلمانه وخدمه وما أشبه ذلك هو تدبير ضيق محدود، ومقيد غير مطلق، فظهر بذلك صدق صحة قولنا إن توحيد الربوبية هو ((إفراد الله بالخلق، والملك، والتدبير)) .
النوع الثاني: توحيد الألوهية، وهو ((إفراد الله –سبحانه وتعالى- بالعبادة)) بأن لا يتخذ الإنسان مع الله أحداً يعبده ويتقرب إليه كما يعبد الله –تعالى- ويتقرب إليه، وهذا النوع من التوحيد هو الذي ضل فيه المشركون الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم، واستباح دماءهم، وأموالهم، وأرضهم، وديارهم، وسبى نساءهم وذريتهم، وهو الذي بعثت به الرسل، وأنزلت به الكتب مع أخويه توحيدي الربوبية، والأسماء والصفات، لكن أكثر ما يعالج الرسل أقوامهم على هذا النوع من التوحيد –وهو توحيد الألوهية- بحيث لا يصرف الإنسان شيئاً من العبادة لغير الله –سبحانه وتعالى- لا لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، ولا لولي صالح، ولا لأي أحد من المخلوقين، لأن العبادة لا تصح إلا لله –عز وجل- ومن أخل بهذا التوحيد فهو مشرك كافر، وإن أقر بتوحيد الربوبية، وبتوحيد الأسماء والصفات . فلو أن رجلاً من الناس يؤمن بأن الله –سبحانه وتعالى- هو الخالق، المالك، المدبر لجميع الأمور، وأنه –سبحانه وتعالى- المستحق لما يستحقه من الأسماء والصفات لكن يعبد مع الله غيره لم ينفعه إقراره بتوحيد الربوبية والأسماء والصفات . فلو فرض أن رجلاً يقر إقراراً كاملاً بتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات لكن يذهب إلى القبر فيعبد صاحبه، أو ينذر له قرباناً يتقرب به هل إليه فإن هذا مشرك كافر خالد في النار، قال الله –تبارك وتعالى-: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ)(المائدة: الآية72) ومن المعلوم لكل من قرأ كتاب الله –عز وجل- أن المشركين الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم، واستحل دماءهم، وأموالهم، وسبى نساءهم وذريتهم، وغنم أرضهم كانوا مقرين بأن الله تعالى وحده هو الرب الخالق لا يشكون في ذلك، ولكن لما كانوا يعبدون معه غيره صاروا بذلك مشركين مباحي الدم والمال .
النوع الثالث: توحيد الأسماء والصفات، وهو ((إفراد الله – سبحانه وتعالى- بما سمى الله به نفسه ، ووصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك بإثبات ما أثبته من غير تحريف، ولا تعطيل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل)) . فلا بد من الإيمان بما سمى الله به نفسه ووصف به نفسه على وجه الحقيقة لا المجاز، ولكن من غير تكييف، ولا تمثيل، وهذا النوع من أنواع التوحيد ضل فيه طوائف من هذه الأمة من أهل القبلة الذين ينتسبون للإسلام على أوجه شتى:
منهم من غلا في النفي والتنزيه غلواً يخرج به من الإسلام، ومنهم متوسط، ومنهم قريب من أهل السنة . ولكن طريقة السلف في هذا النوع من التوحيد هو أن يسمى الله ويوصف بما سمى ووصف به نفسه على وجه الحقيقة، لا تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل .
مثال ذلك: أن الله – سبحانه وتعالى- سمى نفسه بالحي القيوم فيجب علينا أن نؤمن بأن الحي اسم من أسماء الله تعالى ويجب علينا أن نؤمن بما تضمنه هذا الاسم من وصف وهي الحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم ولا يلحقها فناء . وسمى الله نفسه بالسميع فعلينا أن نؤمن بالسميع اسماً من أسماء الله –سبحانه وتعالى- وبالسمع صفة من صفاته، وبأنه يسمع وهو الحكم الذي اقتضاه ذلك الاسم وتلك الصفة، فإن سميعاً بلا سمع، أو سمعاً بلا إدراك مسموع هذا شيء محال وعلى هذا فقس .
مثال آخر: قال الله تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ)(المائدة: الآية64). فهنا قال الله تعالى: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ)(المائدة: الآية64) فأثبت لنفسه يدين موصوفتين بالبسط، وهو العطاء الواسع، فيجب علينا أن نؤمن بأن لله تعالى يدين اثنتين مبسوطتين بالعطاء والنعم، ولكن يجب علينا أن لا نحاول بقلوبنا تصوراً، ولا بألسنتنا نطقاً أن نكيف تلك اليدين، ولا أن نمثلهما بأيدي المخلوقين، لأن الله –سبحانه وتعالى- يقول: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشورى: الآية11) ويقول الله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ والإثم وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (الأعراف:33). ويقول عز وجل: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الإسراء:36). فمن مثل هاتين اليدين بأيدي المخلوقين فقد كذب قول الله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌُ).(الشورى: الآية11) وقد عصى الله تعالى في قوله: (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ)(النحل: الآية74) ومن كيفهما وقال هما على كيفية معينة أياً كانت هذه الكيفية، فقد قال على الله ما لا يعلم، وقفى ما ليس له به علم .
ونضرب مثالاً ثانياً في الصفات: وهو استواء الله على عرشه فإن الله تعالى أثبت لنفسه أنه استوى على العرش في سبعة مواضع من كتابه كلها بلفظ (استوى) وبلفظ (على العرش) وإذا رجعنا إلى الاستواء في اللغة العربية وجدناه إذا عدي بعلى لا يقتضي إلا الارتفاع والعلو، فيكون معنى قوله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) .(طـه:5) .وأمثالها من الآيات . أنه علا على عرشه علواً خاصاً، غير العلو العام على جميع الأكوان، وهذا العلو ثابت لله تعالى على وجه الحقيقة، فهو عالٍ على عرشه علواً يليق به –عز وجل- لا يشبه علو الإنسان على السرير، ولا علوه على الأنعام ،ولا علوه على الفلك الذي ذكره الله في قوله: (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ)(الزخرف: من الآية12) .(لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) (الزخرف:13). (وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ) .(الزخرف:14) . فاستواء المخلوق على شيء لا يمكن أن يماثله استواء الله على عرشه؛ لأن الله ليس كمثله شيء .
وقد أخطأ خطأ عظيماً من قال إن معنى استوى على العرش استولى على العرش، لأن هذا تحريف للكلم عن مواضعه، ومخالف لما أجمع عليه الصحابة –رضوان الله عليهم- والتابعون لهم بإحسان، ومستلزم للوازم باطلة لا يمكن لمؤمن أن يتفوه بها بالنسبة لله –عز وجل- والقرآن الكريم نزل باللغة العربية بلا شك كما قال الله –سبحانه وتعالى-: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (الزخرف:3) ومقتضى صيغة ((استوى على كذا)) في اللغة العربية العلو والاستقرار، بل هو معناها المطابق للفظ . فمعنى استوى على العرش أي: علا عليه علواً خاصاً يليق بجلاله وعظمته، فإذا فسر الاستواء بالاستيلاء فقد حرف الكلم عن مواضعه، حيث نفى المعنى الذي تدل عليه لغة القرآن وهو العلو وأثبت معنى آخر باطلاً .
ثم إن السلف والتابعين لهم بإحسان مجمعون على هذا المعنى إذ لم يأت عنهم حرف واحد في تفسيره بخلاف ذلك، وإذا جاء اللفظ في القرآن والسنة ولم يرد عن السلف تفسيره بما يخالف ظاهره فالأصل أنهم أبقوه على ظاهره واعتقدوا ما يدل عليه .
فإن قال قائل: هل ورد لفظ صريح عن السلف بأنهم فسروا استوى بـ (علا)؟
قلنا: نعم ورد ذلك عن السلف، وعلى فرض أن لا يكون ورد عنهم صريحاً فإن الأصل فيما دل عليه اللفظ في القرآن الكريم والسنة النبوية أنه باقٍ على ما تقتضيه اللغة العربية من المعنى، فيكون إثبات السلف له على هذا المعنى .
أما اللوازم الباطلة التي تلزم من فسر الاستواء بالاستيلاء فهي:
أولاً: أن العرش قبل خلق السماوات والأرض ليس ملكاً لله –تعالى- لأن الله –تعالى- قال: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش)(الأعراف: الآية54). وعلى هذا فلا يكون الله مستولياً على العرش قبل خلق السماوات ولا حين خلق السماوات والأرض .
ثانياً: أنه يصح التعبير بقولنا إن الله استوى على الأرض، واستوى على أي شيء من مخلوقاته، وهذا بلا شك ولا ريب معنى باطل لا يليق بالله –عز وجل- .
ثالثاً: أنه تحريف للكلم عن مواضعه .
رابعاً: أنه مخالف لإجماع السلف الصالح –رضوان الله عليهم- .
وخلاصة الكلام في هذا النوع –توحيد الأسماء والصفات- أنه يجب علينا أن نثبت لله ما أثبته لنفسه، أو أثبته له رسوله من الأسماء والصفات على وجه الحقيقة من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل .

|||ردد معي|||~~~|||~~~|||الله|||~~~|||أكبر|||
|||~~~|||~~~|||~~~اللهم ارزقنا الجــــــــــــــنه امين
|||ردد معي|||سبحان|||~~~|||الله|||~~~|||وبحمده|||
الجيريا
|||ردد معي|||~~~|||~~~|||الله|||~~~|||أكبر|||
|||~~~|||~~~|||~~~اللهم ارزقنا الجــــــــــــــنه امين
|||ردد معي|||سبحان|||~~~|||الله|||~~~|||وبحمده|||

موضوع قيم
وهذا ما نحتاجه في مثل هذه الأيام والمسلمون يعيشون كل انواع الفتن
جزاك الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك أخي الكريم

منهاج أهل السنة والجماعة في العقيدة والعمل ،، حصري ،، 2024.

الجيريا

الحمد لله الذي خلّص قلوب عباده المتقين من ظُلْم الشهوات ، وأخلص عقولهم عن ظُلَم الشبهات
أحمده حمد من رأى آيات قدرته الباهرة ، وبراهين عظمته القاهرة ، وأشكره شكر من اعترف بمجده وكماله
واغترف من بحر جوده وأفضاله وأشهد أن لا إله إلا الله فاطر الأرضين والسماوات ، شهادة تقود قائلها إلى الجنات
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، وحبيبه وخليله ، والمبعوث إلى كافة البريات ، بالآيات المعجزات
والمنعوت بأشرف الخلال الزاكيات صلى الله عليه وعلى آله الأئمة الهداة ، وأصحابه الفضلاء الثقات
وعلى أتباعهم بإحسان ، وسلم كثيرا
أما بعد :
فإن اصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها،
وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار
ــــ أعاذنا الله وإياكم من النار ــــ
وبعـد :
الســـــــلآم عليكم و رحمــــة الله وبركآته


إن شــآء الله تعم الفآئدة ,




اسئلة واجوبة في العقيدة 2024.

طباعة البريد الإلكتروني
فتاوى السنّة: باب العقيدة

:: كتــاب العقيـدة والردّة

ويتضمّن ثمانين سؤالاً

[ 1 ] ـ السؤال: ما هو الفرض العيني من علم الدين ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، الفرض العيني من علم الدين هو القدر الذي يجب تعلمه من علم الإعتقاد ومن المسائل الفقهية ومن أحكام المعاملات لمن يتعاطاها وغيرها ، كمعرفة معاصي القلب والجوارح كاللسان وغيره ، ومعرفة الظاهر من أحكام الزكاة لمن تجب عليه ، والحج للمستطيع . قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : (( طلب العلم فريضة على كل مسلم )) رواه البيهقي .

[ 2 ] ـ السؤال: من هو المكلف الملزم بالدخول في دين الإسلام والعمل بشريعته ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، المكلف هو البالغ العاقل الذي بلغته دعوة الإسلام ، ويكون البلوغ بالنسبة للذكر بحصول أمر من اثنين : رؤية المني أو بلوغ خمس عشرة سنة قمرية ، وللأنثى بحصول أمر من ثلاثة : رؤية المني أو دم الحـيض أو بلوغ خمـس عـشرة سـنة قمرية . فمن مات دون البلوغ فليس مكلفاً، ومـن اتصل جنونه من قبل البلوغ إلى ما بعده ومات وهو مجنون فليس مكلفاً ، ومن عاش بالغاً ولم يبلغه أصل الدعوة أي : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فليس مكلفاً . قال تعالى : { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً } سورة الإسراء .

وقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : (( رفع القلم عن ثلاث : عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يعقل )) رواه الإمام أحمد .

[ 3 ] ـ السؤال: مامعنى قول المؤلف : " والتزام ما لزم عليه من الأحكام " ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، معناه أداء الواجبات واجتناب المحرمات ، فالعبد التقي هو الذي أدى الواجبات وتجنب المحرمات ، ومن مات على ذلك يدخل الجنة من غير سابق عذاب .

[ 4 ] ـ السؤال: بين أعلى الواجبات وأفضلها عند الله تعالى .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، أعلى الواجبات وأفضلها عند الله تعالى الإيمان بالله ورسوله قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم :" أفضل الأعمال إيمان بالله ورسوله " رواه البخاري . والإيمان شرط لقبول الأعمال الصالحة ، فمن لم يؤمن بالله ورسوله فلا ثواب له أبداً في الآخرة قال الله تعالى : { مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف } سورة إبراهيم .

[ 5 ] ـ السؤال: بين أفضلية علم التوحيد على غيره من العلوم .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، علم التوحيد له شرف على غيره من العلوم لكونه متعلقاً بأشرف المعلومات ، وشرف العلم بشرف المعلوم ، فلما كان علم التوحيد يفيد معرفة الله على ما يليق به ، ومعرفة رسوله على ما يليق به ، وتنزيه الله عما لا يجوز عليه ، وتبرئة الأنبياء عمالا يليق بهم ، كان افضل من علم الأحكام . قال تعالى : { فاعلم أنه لا إله إلاّ الله واستغفر لذنبك } سورة محمد .

وقال الإمام أبو حنيفة في كتابه الفقه الأبسط : " إعلم أن الفقه في الدين أفضل من الفقه بالأحكام . ا.هـ

[ 6 ] ـ السؤال: هل يشترط للدخول في دين الإسلام لفظ : أشهدأن لاإله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، لا يشترط هذا اللفظ بعينه ، بل لو قال لفظاً يعطي معناه كأن قال : لا إله إلا الله أو : لاربَّ إلآ الله محمد نبي الله كفى للدخول في الإسلام ، ولكن لفظ أشهد أفضل من غيره ، لأن معناها اللغوي يتضمن العلم والإعتقاد والإعتراف ، ففيها من تأكيد المعنى ما ليس في غيرها .

[ 7 ] ـ السؤال: اذكر الدليل على وجود الله .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، الله موجود لا شكَّ في وجوده ، قال تعالى : { أفي الله شك } سورة إبراهيم . أي لا شكَّ في وجوده ، وهذا العالم دليل على وجود الله تبارك وتعالى ، لأنه لا يصح ُّ في العقل وجود فعل ما من غير فاعل ، كما لا يصح وجود نسخ وكتابة من غير ناسخ وكاتب ، فهذا العالم لا بدَّ له من خالق من باب أولى وهوالله تعالى .

والله موجود لا يشبه الموجودات ، موجود بلا كيف ولا مكان ، قال الإمام أحمد الرفاعي رضي الله عنه : " غاية المعرفة يالله الإيقان بوجوده تعالى بلا كيف ولا مكان " .

[ 8 ] ـ السؤال: مامعنى أشهد أن لاإله إلا الله إجمالاً ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، معنى أشهد ان لا إله إلا الله إجمالاً : أعترف بلساني وأعتقد بقلبي أن لامعبود بحق إلا الله ، أي لا أحد يستحق أن يُتذلل له نهاية التذلل إلا الله ، وهذه هي العبادة التي من صرفها لغير الله تعالى صار مشركاً ، وليس معناها مجرد النداء أو الإستعانة أو الإستغاثة كما زعم بعض الناس ، قال الإمام تقي ّالدين السبكي : " العبادة أقصى غاية الخشوع والخضوع " .

[ 9 ] ـ السؤال: ما معنى الواحد إذا أطلق على الله ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، معنى الـواحد أنَّ الله لا شريك له في الألوهـيـة ولا معبود بحـقًٍّ ســــواه ، قال الله تعالــى : { وَإِلهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ } سورة البقرة . وقال الإمام أبو حنيفة في الفقه الأكبر : " والله واحد لا من طريق العدد ولكن من طريق أنه لاشريك له " .

[10 ] ـ السؤال: ما معنى الأحد ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، قال بعض العلماء هو بمعنى الواحد ، وقال بعضهم : الأحد هو الذي لا يقبل الإ نقسام ، أي ليس جسماً لأن الجسم يقبل الإنقسام عقلاً ، والله ليس جسماً . قال تعالى : { قلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ } سورة الإخلاص . وقال تعالى في ذمِّ الكفار : { وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِه ِجُزْءاً } سورة الزخرف ، وقال الإمام أبو الحسن الأشعري في كتاب النوادر : " من اعتقد أنَّ الله جسم فهو غير عارف بربه وإنه كافر به " .

[ 11 ] ـ السؤال: ما معنى الأول والقديم إذا أطلقا على الله ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، معنى الأول الذي لا ابتداء لوجوده فهو وحده الأول بهذا المعنى ، قال تعالى { هُوَ اْلأَوََّلُ وَاْلآخِرُ } سورة الحد يد ، وبمعناه القديم إذا أُطلق على الله تعالى ، واجتمعت الأمة على جواز إطلاق القديم على الله ، قال ذلك الزبيدي في شرح إحياء علوم الدين .

[ 12 ] ـ السؤال: ما معنى الحي في حقِّ الله ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، معنى الحي في حقِّ الله تعالى أنه موصوف بحياة أزلية أبدية ليست بروح ولحم ودم ، قال تعالى : { اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ اْلحَيُّ اْلقَيُّومُ } سورة البقرة ، وقال تعالى : { َوَتوَكَّلْ عَلَى اْلَحيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ } سورة الفرقان .

[ 13 ] ـ السؤال: ما معنى القيوم في حق الله ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، قال بعض العلماء : القيوم هو الدائم الذي لا يزول ، وقال بعضهم : القيوم أي القائم بنفسه الذي لا يحتاج إلى غيره .

[ 14 ] ـ السؤال: ما معنى الدائم في حق الله ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، معنى الدائم الذي لا يلحقه فناء ، والفناء مستحيل عقلاً في حقّ الله ، فلا دائم بهذا المعنى إلاّ الله ، ولا شريك لله تعالى في الدّ يمومية لأن الله دائم بذاته لا شيء غيره أوجب له ذلك ، وأما ديمومية غيره كالجنة والنار فهي ليست ذاتية بل هما شاء الله لهما البقاء .

[ 15 ] ـ السؤال: ما معنى الخالق ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، معنى الخالق أي الذي أبدع وكوَّن جميع الحادثات ، أي أبرزها من العدم إلى الوجود ، فلا خلق بهذا المعنى إلاّ لله ، قال الله تعالى : { هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اْللهِ } سورة فاطر ، أي لا خالق إلاّ الله .

[ 16 ] ـ السؤال: ما معنى الرازق في حقِّ الله ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، معنى الرازق الذي يوصل الأرزاق إلى عباده ، والرزق هو ما ينفع ولو كان محرماً ، قال الله تعالى : { وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها } سورة هود .

[ 17 ] ـ السؤال: ما معنى العالم في حق الله ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، معنى العالم أن الله موصوف بعلم أزلي أبدي لا يتغير، فهو عالم بكل شيء قبل حصوله، قال الله تعالى : { وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلاّ هوَ ويعلم ما في البرِّ والبحر وما تسْقُطُ من ورقةٍ إلاّ يعلمها ولا حبَّةٍ في ظلمات الأرض ولا رطْبٍ ولا يابسٍ إلاّ في كتابٍ مبين } سورة الأنعام .

[ 18 ] ـ السؤال: ما معنى القدير في حق الله ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، معنى القدير المتَّصف بالقدرة ، وهي صفة أزلية أبدية يؤثر الله بها في الممكنات أي في كلِّ ما يجوز في العقل وجوده وعدمه ، فقدرة الله لا تتعلق بالواجب الوجود ولا بالمستحيل الوجود ، قال تعالى : { ويعلم ما في السموات وما فـي الأرض والله عـلى كلّ شيء قديـر } سورة ءال عمران / 29 .

[ 19 ] ـ السؤال: بيّن أقسام الحكم العقلي .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، الحكم العـقلي ينقسم إلى ثلاثة : الوجوب والإستحالة والجواز .

الواجب العـقلي : ما لا يُتصوّر في العـقل عـدمه ، وهو الله تعالى وصفاته .

والمستحيل العـقلي : ما لا يتصور في العـقل وجوده ، كوجود الشَّريك لله .

والجائز العـقلي : ما يتصور في العـقل وجوده تارة وعـدمه تارة أخرى كسائر المخلوقات .

[ 20 ] ـ السؤال: ما معنى أنّ الله فعّال لما يريد ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، معنى الفعّال لما يريد أنّ الله قادر على تكوين ما سبقت به إرادته ، لا يعجزه عن ذلك شيء ، ولا يمانعه أحد ، ولا يحتاج إلى استعانة بغيره . قال الله تعالى : { ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكنّ الله يفعل ما يريد } سورة البقرة / 253 . وقال تعالى : { إنّ ربّك فعّال لما يريد } سورة هود / 107

[ 21 ] ـ السؤال: أعْطِ شرحاً موجزاً لكلمة : ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، معناها أنّ كلّ ما أراد الله وجوده لا بدّ أن يوجد في الوقت الذي شاء الله وجوده فيه ، سواء في ذلك الخير والشر والطاعة والمعـصية والكفر والإيمان ، وما لم يرد الله وجوده لا يدخل في الوجود ، فلا يوجد ولا يكون .

ومشيئة الله أزلية أبدية لاتتغير ، وهذا اللفظ مأخوذ عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، روى ذلك أبو داود في سننه أنه صلَّى الله عليه وسلَّم علّم بعض بناته : (( ما شاء الله كان ومالم يشأ لم يكن )) .والمشيئة هي : تخصيص الممكن ببعض ما يجوز عليه دون بعض .

[ 22 ] ـ السؤال: ما معنى : لا حول ولا قوة إلاّ بالله ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، معنى لا حول ولا قوة إلاّ بالله : لا حول عن معصية الله إلاّ بعصمة الله ولا قوة على طاعة الله إلاّ بعون الله ، جاء تفسيرها في حديث رواه أبو يعلى بإسناد حسن عن ابن مسعود عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، وقد ثبت أنّه صلَّى الله عليه وسلَّم رغَّب فيه .

[ 23 ] ـ السؤال: الله تعالى موصوف بكلّ كمال يليق به ، لماذا قُيّدت كلمة " كمال " بعبارة يليق به ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، إنما قيدت هذه العبارة بلفظ يليق به لأنّ الكمال إما أن يكون كمالاً في حقّ الله وفي حقّ غيره كالعلم ، وإما أن يكون كمالاً في حقّ غيره وليس كمالاً في حقّه كالوصف برجاحة العقل ، وقد يكون الوصف مدحاً لله تعالى وذماً في حقّ الإنسان وذلك كالوصف بالجبّار هو مدح في حقّ الله وذمٌّ في حقّ الإنسان ، ومعنى الجبار إذا أُطلق على الله الذي لا تناله الأيدي ولا يقع في ملكه غير ما أراد .

[ 24 ] ـ السؤال: تكلّم عن تنزيه الله عن النَّقائص .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، الله تعالى متصف بكل كمال في حقه ، وهو منزه عن كل نقص أي ما لا يليق به تعالى كالجهل والعجز والمكان والحيّز واللون والحد ، قال الإمام ابو جعفر الطحاوي المتوفى سنة 322هـ : " تعالى – الله – عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات ، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات " ، ومعناه لا يجوز على الله أن يكون محدوداً ، فإذاً هو منزه عن أن يكون جالساً لأن المتصف بالجلوس لا بد أن يكون محدوداً قال الإمام علي رضي الله عنه : " إن الله خلق العرش إظهاراً لقدرته ولم يتخذه مكاناً لذاته " . ذكره الإمام أبو منصور البغدادي في كتاب الفرق بين الفرق بعد أن نقل الإجماع على تنـزيه الله عن المكان والحد .

[ 25 ] ـ السؤال: ما معنى قوله تعالى : { ليس كمثله شىء } سورة الشورى / 11 ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، معناه أن الله لا يشبه شيئاً من اللطائف والكثائف والعلويات والسفليات ، قال تعالى : { ولم يكن له كُفُواً أحد } سورة الإخلاص ، أي لا نظير لله بوجه من الوجوه ، قال الإمام ذو النون المصري والإمام أحمد رحمهما الله : " مهما تصوّرت ببالك فالله بخلاف ذلك " ، وقال الإمام أبو جعفر الطحاوي في عقيدته : " ومن وصف الله بمعنىً من معاني البشر فقد كفر " .

[ 26 ] ـ السؤال: تكلم عن صفتي السمع والبصر لله تعالى .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، قال الله تعالى : { ليس كمثله شىء وهو السميع البصير } سورة الشورى . فالله تعالى وصف نفسه بأنه ليس كمثله شيء وأنه سميع بصير ، نفى أولاً أن يكون مشابهاً للحوادث بوجه من الوجوه ، ثم وصف نفسه بأنه سميع بصير ، فهذا يدل على أن سمع الله لا يشبه سمع المخلوقات وبصره لا يشبه بصر المخلوقات ، وكذلك سائر صفات الله لا تشبه صفات خلقه ، فالله تعالى يسمع كل المسموعات من غير حاجة إلى أذن أو آلة أخرى ، وهو سبحانه يرى كلّ المبصَرات من غير حاجة إلى حدقة ولا إلى شعاع ضوء .

[ 27 ] السؤال: تكلم عن قول المؤلف : فهو القديم وما سواه حادث وهو الخالق وما سواه مخلوق الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، يجب الإعتقاد أن الله وحده القديم الذي لا ابتداء لوجوده وأن كل ما سواه حادث ، فكل حادث دخل في الوجود من الأعيان والأعمال من الذرة إلى العرش ومن كل حركة للعباد وسكون والنوايا والخواطر هو بخلق الله لم يخلقه احد سوى الله ، لا طبيعة ولا علة ، بل دخوله في الوجود بمشيئة الله وقدرته بتقديره وعلمه الأزلي لقوله تعالى : { وخلق كل شىء } سورة الفرقان . قال الإمام النسفي : " فإذا ضرب إنسان زجاجاً بحجر فكسره فالضرب والكسر والإنكسار بخلق الله تعالى " .

[ 28 ] السؤال: تكلم عن صفة الكلام لله تعالى .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه في كتابه الفقه الأبسط : " ويتكلم لا ككلامنا ، نحن نتكلم بالآلات من المخارج والحروف والله متكلم بلا آلة ولا حرف " .

فالله تعالى متكلم بكلام لا يشبه كلامنا ، ليس لكلامه ابتداء وليس له انتهاء لا يطرأ عليه سكوت أو تقطع لأنه ليس حرفاً ولا صوتاً ، وإنما هو صفة له تعالى لا يشبه كلام المخلوقين . قال الله تعالى : { وكلّم الله موسى تكليماً } سورة النساء / 164 .

[ 29 ] ـ السؤال: تكلم عن قول المؤلف : لأنه سبحانه مباين لجميع المخلوقات في الذات والصفات والأفعال .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، الله تعالى مباين أي غير مشابه لجميع المخلوقات في الذات أي ذاته لا يشبه ذوات المخلوقات ، والصفات أي صفاته لا تشبه صفات المخلوقات ، والأفعال أي أفعاله لا تشبه أفعال المخلوقات لأن فعل الله تعالى أزلي أبدي والمفعول حادث ، قال الله تعالى : { ولله المثل الأعلى } سورة النحل / 60 . أي الوصف الذي لايشبه وصف غيره، وقال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه والبخاري رحمهما الله تعالى : " فعله تعالى صفة له في الأزل والمفعول حادث " .

[ 30 ] ـ السؤال: ما معنى قول المؤلف عن الله : سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، معنى سبحانه تنزيهاً ، أي تنزيه الله تعالى ، ومعنى تعالى : تنـزّه ، وهو تبارك وتعالى متعال أي متنـزه عما يقول الظالمون أي الكافرون ، لأن الكفر هو أعلى الظلم وأكبره وأشده ، قال تعالى : { والكافرون هم الظالمون } سورة البقرة / 254 .

[ 31 ] ـ السؤال: قال العلماء بوجوب معرفة ثلاث عشرة صفة لله تعالى ، ما هي هذه الصفات ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، يجب وجوباً عينياً معرفة ثلاث عشرة صفة لله تعالى تكرر ذكرها في القرآن إما لفظاً وإما معنى كثيراً وهي :

1_ الوجود

2_ الوحدانية

3_ القدم أي الأزلية

4_ البقاء

5_ قيامه بنفسه

6_ القدرة

7_ الإرادة

8_ العلم

9_ السمع

10_ البصر

11_ الحياة

12_ الكلام

13_ تنـزهه عن المشابهة للحادث .

[ 32 ] ـ السؤال: تكلم عن أزلية صفات الله تعالى .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، لما ثبتت الأزلية لذات الله تعالى وجب أن تكون صفاته أزلية ، لأن من كانت صفاته حادثة فذاته لا بد أن يكون حادثاً ، قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه في الفقه الأبسط : " فصفاته غير مخلوقة ولا محدثة ، والتغير والإختلاف في الأحوال يحدث في المخلوقين ، ومن قال إنها محدثة أو مخلوقة أو توقف فيها أو شك فيها فهو كافر " .

[ 33 ] ـ السؤال: ما معنى شهادة أن محمداً رسول الله ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله : أعترف بلساني وأذعن بقلبي أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم مرسل من عند الله إلى كافة العالمين من إنس وجن ، صادق في كل ما يبلغه عن الله تعالى ليؤمنوا بشريعته ويتبعوه ، قال الله تعالى : { تبارك الذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً } سورة الفرقان / 1 .

[ 34 ] ـ السؤال: أذكر بعض نسب النبي ومن أي قبيلة هو ؟ وأين ولد وأين مات ودفن ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي صلى الله عليه وسلم ، ولد بمكة في شهر ربيع الأول في عام الفيل ، ونزل عليه الوحي بالنبوة وهو فيها وكان عمره أربعين سنة ، وهاجر إلى المدينة بعد نزول الوحي بثلاث عشرة سنة ، ومكث فيها عشر سنين ، توفي بعدها صلى الله عليه وسلم ودفن في المدينة المنورة في حجرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، أي دفن حيث مات صلى الله عليه وسلم .

[ 35 ] ـ السؤال: إشرح قول المؤلف في معنى الشهادة الثانية : ويتضمن ذلك أنه صادق في جميع ما أخبر به وبلغه عن الله تعالى .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، يجب الإعتقاد أن النبي صلى الله عليه وسلم صادق في جميع ما أخبر به عن الله تعالى .، سواء كان من أخبار الأمم والأنبياء وبدء الخلق أو مما أخبر به مما يحدث في هذه الدنيا وفي الآخرة ، أو من التحليل أو التحريم لبعض أفعال وأقوال العباد ، قال الله تعالى : { وما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحيٌ يوحى } سورة النجم / 3 _ 4 .

[ 36 ] ـ السؤال: تكلم عن عذاب القبر .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، يجب الإيمان بعذاب القبر ، فالكافر المكلف الذي مات من غير توبة من كفره يعذب في قبره ، فمن ذلك عرض النار عليه كل يوم مرتين مرة أول النهار ومرة آخره ، وتضييق القبر عليه حتى تختلف أضلاعه ، وضرب الملكين منكر ونكير له بمطرقة من حديد بين أذنيه ، وغير ذلك من العذاب ، وكذلك بعض عصاة المسلمين الذين ماتوا من غير توبة يعذبون في قبورهم عذاباً أقل من عذاب الكفار ، فيصيبهم مثلاً ضغطة القبر والإنزعاج من ظلمته ووحشته .

ومن أنكر عذاب القبر كفر . قال تعالى : { النار ُ يُعرَضون عليها غدوّاً وعشياً ويوم تقوم الساعة أَدخلوا آل فرعون أشد العذاب } سورة غافر / 46 . وقال صلى الله عليه وسلم : " إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان : ما كنت تقول في هذا الرجل محمد ؟ فأما المؤمن فيقول : أشهد أنه عبد الله ورسوله ، فيقال له : أنظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعداً من الجنة ، فيراهما جميعاً ، وأما الكافر أو المنافق فيقول : لاأدري كنت أقول ما يقول الناس فيه ، فيقال لا دريت ولا تليت ، ثم يضرب بمطرقة من حديد بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين " . رواه البخاري ومسلم عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم .

[ 37 ] ـ السؤال: تكلم عن نعيم القبر .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، يجب الإيمان بنعيم القبر فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك ومنه توسيع القبر سبعين ذراعاً في سبعين ذراعاً للمؤمن التقي ومن شاء الله له من غير الأتقياء كبعض الشهداء ممن نالوا الشهادة ولم يكونوا أتقياء ، وتنويره بنور يشبه نور القمر ليلة البدر ، وغير ذلك كشم رائحة الجنة ، قال صلى الله عليه وسلم : " إذا قبر الميت أو الإنسان أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما منكر ، وللآخر نكير فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل محمد ، فهو قائل ما كان يقول ، فإن كان مؤمناً قال : هو عبد الله ورسوله أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، فيقولان له إن كنا لنعلم أنك لتقول ذلك ، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعاً في سبعين ذراعاً ، وينور له فيه ، فيقال له : نم فينام كنوم العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله ، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك " . رواه ابن حبان .

[ 38 ] ـ السؤال: تكلم عن سؤال الملكين منكر ونكير .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، يجب الإيمان بسؤال الملكين منكر ونكير وهو يحصل للمؤمن والكافر من أمة الدعوة ، ثم المؤمن الكامل لا يلحقه فزع ولا انزعاج من سؤالهما لأن الله يثبت قلبه فلا يرتاع من منظرهما المخيف ، لأنهما كما جاء في الحديث أسودان أزرقان ، ويستثنى من السؤال الطفل والشهيد وكذلك الأنبياء ، والمراد بالطفل : من مات دون البلوغ ، وبالشهيد شهيد المعركة .

[ 39 ] ـ السؤال: تكلم عن البعث .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، البعث هو خروج الموتى من القبور بعد إعادة الجسد الذي أكله التراب إن كان من الأجساد التي يأكلها التراب وهي أجساد غير الأنبياء وشهداء المعركة ، وكذلك بعض الأولياء لا يأكل التراب أجسادهم . قال تعالى : { وأنّ الساعة ءاتية ٌ لا ريب فيها وأنّ الله يبعث من في القبور } . سورة الحج / 7

[ 40 ] ـ السؤال: ما هو الحشر ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، الحشر هو سوق من يخرج من القبور إلى الموقف ، والناس في الحشر يكونون على ثلاثة أحوال ، فقسم منهم كاسون راكبون طاعمون وهم الأتقياء ، وقسم حفاة عراة وهم الفاسقون ، وقسم حفاة عراة يجرون على وجوههم وهم الكفار ، فالإنس يحشرون وكذلك الجن والوحوش ، قال تعالى : { واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون } سورة البقرة / 203 وقال تعالى : { ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عمياً وبكماً وصما ً } سورة الإسراء / 97 وقال تعالى : { وإذا الوحوش حشرت } سورة التكوير / 5 .

[ 41 ] ـ السؤال: تكلم عن يوم القيامة .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، القيامة أولها من خروج الناس من قبورهم إلى استقرار أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار ، ومقدار القيامة خمسون ألف سنة مما نعد . قال الله تعالى : { في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة } سورة المعارج / 4 .

[ 42 ] ـ السؤال: تكلم عن الحساب .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، الحساب هو عرض أعمال العباد عليهم وتوقيفهم عليها بعد أخذهم كتبهم ، فأما المؤمن فيأخذ كتابه بيمينه ، وأما الكافر فيأخذ كتابه بشماله من وراء ظهره . وهذا الكتاب هو الكتاب الذي كتبه الملكان رقيب وعتيد في الدنيا ، قال تعالى : { فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساباً يسيراً وينقلبُ إلى أهله مسروراً وأما من أوتي كتابه وراء ظهره . فسوف يدعو ثبوراً ويصلى سعيراً } سورة الإنشقاق 7 / 12 .

[ 43 ] ـ السؤال: ما معنى الثواب والعذاب ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، الثواب هو الجزاء الذي يجازاه المؤمن في الآخرة مما يسره ، وأما العذاب فهو ما يسوء العبد ذلك اليوم من دخول النار وما دون ذلك .

[ 43 ] ـ السؤال: تكلم عن الميزان .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، يجب الإيمان بالميزان وهو جرم كبير له قصبة وكفتان يوزن عليه الأعمال ، قال تعالى : { والوزن يومئذ الحق } سورة الأعراف / 8 . فالكافر ليس له حسنات يوم القيامة إنما توضع سيئاته في كفة من الكفتين ، وأما المؤمن فتوضع حسناته في كفة وسيئاته في الكفة الأخرى ، فإن رجحت حسناته على سيئاته يدخل الجنة من غير عذاب ، وإن رجحت سيئاته فهو تحت مشيئة الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه ثم أدخله الجنة بعد ذلك . قال تعالى : { فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاوية } سورة القارعة 6 / 9 .

[ 45 ] ـ السؤال: تكلم عن النار .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، يجب الإيمان بالنار أي جهنم وبأنها مخلوقة الآن ، قال تعالى : { أعدت للكافرين } سورة البقرة / 24 ، وهي أقوى وأشد نار خلقها الله ، ومركزها تحت الأرض السابعة ، وهي باقية إلى ما لا نهاية له ، قال تعالى : { إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيراً 0 خالدين فيها أبداً لا يجدون ولياً ولا نصيراً } سورة الأحزاب 64 / 65

[ 46 ] – س: تكلّم عن الصراط.

ج: الصراط هو جسر يمد على ظهر جهنم يرده الناس، أحد طرفيه في الأرض المبدلة والطرف الآخر فيما يلي الجنة بعد النار، فيمرُّ الناس فيما يحاذي الصراط.

والمؤمنون حينئذٍ قسم منهم لا يدوسون الصراط إنّما يمرُّون في هوائه طائرين، ومنهم من يدوسونه، ثم هؤلاء قسم منهم يوقعون* فيها، وقسم ينجيهم الله فيخلصون منها. وأما الكفّار فكلهم يتساقطون فيها قال الله تعالى: { وإن منكم إلا واردها } سورة مريم / 71، والورود نوعان: ورود مرور في هوائها، وورود دخول.

[ 47 ] ـ السؤال: تكلم عن الحوض .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، الحوض هو مكان أعد الله فيه شراباً لأهل الجنة يشربون منه قبل دخول الجنة فلا يصيبهم بعد ذلك ظمأ ، ولكل نبي من أنبياء الله حوض تشرب منه أمته ، وأكبر الأحواض هو حوض نبينا صلى الله عليه وسلم ، وعليه أكواب بعدد نجوم السماء ، وينصبّ فيه من ماء الجنة .

[ 48 ] ـ السؤال: تكلم عن الشفاعة .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، الشفاعة هي طلب الخير من الغير للغير ، والشفاعة تكون للمسلمين فقط ، فالأنبياء يشفعون وكذلك العلماء العاملون والشهداء والملائكة . قال صلى الله عليه وسلم : " شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي " رواه الحاكم وصححه . فلا شفاعة للكفار يوم القيامة قال تعالى : { ولا يشفعون إلا لمن ارتضى } سورة الأنبياء / 28

[ 49 ] ـ السؤال: تكلم عن الجنة .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، هي دار السلام ، وهي مخلوقة الآن ، قال تعالى : { وسارعوا إلى مغفرةٍ من ربكم وجنة ٍعرضها السماوات والأرض أُعدت للمتقين } سورة آل عمران / 133 . وهي باقية إلى ما لا نهاية قال الله تعالى : { ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم } سورة النساء / 13 . وأكثر أهلها من الفقراء ، قال صلى الله عليه وسلم : " دخلت الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء … " الحديث . وقد أعد الله لعباده الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، قال صلى الله عليه وسلم : قال الله عز وجل : " أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر " ، رواه البخاري .

[ 50 ] ـ السؤال: تكلم عن رؤية الله تعالى بالعين في الآخرة .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، يجب الإيمان بأن الله يُرى في الآخرة ، يراه المؤمنون وهم في الجنة بأعين رؤوسهم بلا كيف ولا مكان ولا جهة ، قال تعالى : { وجوه يومئذ ناضرة . إلى ربها ناظرة } سورة القيامة 22 / 23 . وقال صلى الله عليه وسلم : " إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا تُضامون في رؤيته " ، رواه مسلم فالنبي صلى الله عليه وسلم شبه رؤيتنا لله من حيث عدم الشك برؤية القمر ليلة البدر ، ولم يشبه الله تعالى بالقمر . قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه في الفقه الأكبر : " والله تعالى يُرى في الآخرة ، يراه المؤمنون وهم في الجنة بأعين رءوسهم بلا تشبيه ولا كيفية ولا كمية ولا يكون بينه وبين خلقه مسافة .

[ 51 ] ـ السؤال: تكلم عن الإيمان بالملائكة .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، يجب الإيمان بالملائكة أي بوجودهم وأنهم عباد مكرمون ، ليسوا ذكوراً ولا إناثاً لا يأكلون ولا يشربون ولا ينامون ، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون ، قال تعالى : { عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يُأمرون } سورة التحريم / 6 . والذي يقول إن الملائكة إناث حكمه التكفير ‘ قال تعالى : { إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمّون الملائكة تسمية الأنثى } سورة النجم / 27 ، وقد يتشكلون بصورة الرجال من غير ءالة الذكورية .

[ 52 ] ـ السؤال: تكلم عن الإيمان بالرسل .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، يجب الإيمان برسل الله أي أنبيائه من كان رسولاً ومن لم يكن رسولاً ، وأولهم ءادم عليه السلام وءاخرهم محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى : { لا نفرّق بين أحدٍ من رسُله } سورة البقرة / 285 .

[ 53 ] ـ السؤال: ما الفرق بين النبي غير الرسول والنبي الرسول ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، النبي غير الرسول هو إنسان أوحي إليه لا بشرعٍ جديد ، بل أوحي إليه باتباع شرع الرسول الذي قبله ، والرسول من أوحي إليه بشرعٍ جديد ، وكلاهما مأمور بالتبليغ ، قال تعالى : { كان الناس أمةً واحدةً فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين } سورة البقرة / 213 .

[ 54 ] ـ السؤال: تكلم عن الإيمان بالكتب السماوية .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، يجب الإيمان بالكتب السماوية المنزلة على رسل الله ، وهي كثيرة أشهرها : القرءان والتوراة والإنجيل والزبور ، وعدد الكتب السماوية مائة وأربعة كما نقل ذلك الشيخ شمس الدين الرملي في كتاب نهاية المحتاج في شرح المنهاج .

[ 55 ] ـ السؤال: تكلم عن الإيمان بالقدر خيره وشره .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، يجب الإيمان بالقدر خيره وشره ، أي أن كل ما دخل في الوجود من خير وشر فهو بتقدير الله الأزلي ، فالخير من أعمال العباد بتقدير الله ومحبته ورضاه ، والشر من أعمال العباد بتقدير الله لا بمحبته ورضاه ، قال صلى الله عليه وسلم : " الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره " رواه مسلم .

[ 56 ] ـ السؤال: تكلم عن بعض ما يتعلق بالإيمان برسالة نبينا صلى الله عليه وسلم .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، يجب الإيمان برسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبأنه خاتم النبيين أي ءاخرهم ، قال تعالى : { وخاتم النبيين } سورة الأحزاب / 40 . وقال صلى الله عليه وسلم : " وخُتم بي النبيون " رواه مسلم . ويجب الإيمان بأن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم سيد ولد ءادم أجمعين ، وهذا متفق عليه عند العلماء ، وهو مأخوذ من حديث رواه الترمذي : " أنا سيد ولد ءادم يوم القيامة ولا فخر " ، أي لا أقول ذلك افتخاراً إنما تحدثاً بنعمة الله .

[ 57 ] ـ السؤال: تكلم عن بعض الصفات الواجبة لأنبياء الله تعالى .

الله تعالى أرسل أنبياءه ليبلغوا الناس مصالح دينهم ودنياهم فهم قدوة للناس ، ولذلك فإن الله تعالى جملهم بصفات حميدة وأخلاق حسنة منها : الصدق والأمانة والفطانة والشجاعة والعفة ، قال تعالى بعد ذكر عدد منهم : { وكلاً فضلنا على العالمين } سورة الأنعام / 86 . فالأنبياء هم صفوة الخلق صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " ما بعث الله نبياً إلا حسن الوجه حسن الصوت ، وإن نبيكم أحسنهم وجهاً وأحسنهم صوتاً " رواه الترمذي .

[ 58 ] ـ السؤال: تكلم عن بعض ما لا يجوز على أنبياء الله من الصفات .

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، لما كان الأنبياء قدوة للناس وقد جملهم الله بالصفات الحميدة ، فإنه كذلك عصمهم ونزههم عن الصفات الذميمة ، فلا يجوز على أنبياء الله الكذب والخيانة والرذالة والسفاهة والبلادة ، كما أنهم معصومون من الكفر والكبائر وصغائر الخسة قبل النبوة وبعدها ، ويمكن أن يرتكب الواحد منهم معصية صغيرة ليس فيها خسة ودنائة ، لكن ينبهون فوراً للتوبة قبل أن يقتدي بهم فيها غيرهم .

[ 59 ] ـ السؤال: قال تعالى حكاية عن نبي الله إبراهيم : { بل فعله كبيرهم هذا فسْألوهم إن كانوا ينطقون } سورة الأنبياء /63 فما معنى ذلك ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، لا شك أن الأنبياء منزهون عن الكذب ، والوارد في هذه الآية من أمر إبراهيم ليس كذباً حقيقياً بل هو صدق من حيث الباطن والحقيقة ، لأن كبيرهم هو الذي حمله على الفتك بالأصنام الأخرى من شدة اغتياظه منه لمبالغتهم في تعظيمه بتجميل صورته وهيئته ، فيكون إسناد الفعل إلى الكبير إسناداً مجازياً ، فلا كذب في ذلك .

[ 60 ] ـ السؤال: ما معنى قول إبراهيم عن الكوكب حين رآه { هذا ربي } سورة الأنعام / 78 ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، الأنبياء معصومون من الكفر قبل النبوة وبعدها ، فقول إبراهيم عن الكوكب حين رآه { هذا ربي } هو على تقدير الإستفهام الإنكاري ، فكأنه قال : أهذا ربي كما تزعمون ، أما إبراهيم فكان يعلم قبل ذلك أن الربوبية لا تكون إلا لله ، قال تعالى : { ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين } سورة ءال عمران / 67 .

[ 61 ] ـ السؤال: قال تعالى إخباراً عن يوسف : { ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربه } سورة يوسف / 24 . ما معنى { وهمّ بها } ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، أحسن ما قيل في تفسير { وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربه } أن جواب لولا محذوف يدل عليه ما قبله أي لولا أن رأى برهان ربه لهمّ بها ، فلم يحصل منه همّ للزنى لأن الله أراه برهانه . وقال بعض المفسرين من أهل الحق إن معنى وهمّ بها أي همّ بدفعها . ومعنى { لولا أن رأى برهان ربه } أن الله أعلمه البرهان أنك يا يوسف لو دفعتها لقالت لزوجها دفعني ليجبرني على الفاحشة ، فلم يدفعها بل أدار لها ظهره ذاهباً فشقت قميصه من خلف ، فكان الدليل عليها . أما ما يروى من أن يوسف همّ بالزنى وأنه حل إزاره وجلس منها مجلس الرجل من زوجته فإن هذا باطل لا يليق بنبي من أنبياء الله تعالى ، قال الله تعالى في براءة يوسف : { قالت ِ امرأتُ العزيزِ اْلآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين } سورة يوسف / 51 .

[ 62 ] ـ السؤال: قال تعالى حكاية عن أحد الخصمين اللذين اختصما إلى داود : { إن هذا أخي له تسعٌ وتسعونَ نعجةً وليَ نعجةٌ واحدةٌ فقال أكْفلنيها وعَزَّنىِ في الخطاب } سورة ص / 23 ، ما المراد بالنعاج في هذه الآية ؟

الجواب: بسم الله وصلى الله على رسول الله وبعد، قد تكني العرب بالنعاج عن النساء ، لكن لا يجوز تفسير النعاج في هذه الآية بالنساء كما فعل بعض المفسرين ، فقد أساءوا بتفسيرهم لهذه الآية بما هو مشهور من أن داود كان له تسع وتسعون امرأة ، وأن قائداً كان له واحدة جميلة فأعجب بها داود ، فأرسل هذا القائد إلى المعركة ليموت فيها ويتزوجها هو من بعده ، فهذا فاسد لأنه لا يليق ما ذكر فيه بنبي من أنبياء الله ، قال الإمام ابن الجوزي في تفسيره بعد ذكر هذه القصة المكذوبة عن سيدنا داود : وهذا لا يصح من طريق النقل ولا يجوز من حيث المعنى ، لأن الأنبياء منزهون عنه ، وأما استغفار داود ربه ، فهذا لأنه حكم بين الإثنين بسماعه من أحدهما قبل أن يسمع من الآخر .

تم بحمد الله وعونه.

جزاك الله خيرا

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ساحرة قلوب البشر الجيريا
جزاك الله خيرا

واياك اختي
وفقك الله

مجهود رائئع جزاكم الله خير

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ayman002 الجيريا
مجهود رائئع جزاكم الله خير

بارك الله فيك اخي العزيز

جزاك الله عنا كل خير بوركت

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة lololala الجيريا
جزاك الله عنا كل خير بوركت

امين
بارك الله فيك
ووفقك الله لما فيه الخير

( تحرير المرأة) *** موضوع المرأة مرتبط بالعقيدة 2024.

موضوع المرأة مرتبط بالعقيدة

وقبل أن نستطرد -أيضاً- نريد أن نبين وبمنتهى الصراحة والوضوح أننا من البداية عندما نناقش هذا الموضوع أنه لا ينفصل على الإطلاق من عقيدتنا وتمسكنا ورضانا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، فليست المسألة في موضوع المرأة مسألة قديم وجديد، وتطور وتخلف، بل القضية قضية إسلام وكفر، هدى وضلال، حق وباطل، وحي وهوى؛ فإنه لا يقابل الوحي إلا الهوى، كما قال الله تبارك وتعالى: فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ [القصص:50]، وقال تعالى: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:3-4]، فالوحي يقابله الهوى، فهي إما هوى وإما وحي، أما أن نَّدعي الإسلام ونتستر وراء الإسلام ثم ننخر في جسد الإسلام ونحور ونغير مفاهيمه، فهذا غير مقبول؛ فإن كان لا يعجبك الإسلام فدعه وشأنه، ولك ما شئت، قال تعالى: فمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ [الكهف:29]، أمّا أن يدّعوا الإسلام ثم يحاولوا أن يسوغوا ضلالاتهم وانحرافتهم باسم الإسلام فهذا ما لا ينبغي أن يقبل أبداً. وأيضاً عند تناول هذه القضية -كما قلنا- يجب أن نعلم أنها قضية لها ارتباط بعقيدتنا، ولابد من أن نعلم أن هذا القرآن حق، وأن الرسول حق، وأن الإسلام حق، وأن ديننا هو الإسلام، وأن ربنا هو الله سبحانه وتعالى، وأن الله سبحانه وتعالى أرحم بنا من أنفسنا، وأن الله يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير، وبناءً على كل هذه المسلمات نحن نقبل على الشرع بغاية الثقة في أنه يريد لنا الخير في الدنيا وفي الآخرة، وأننا ممتحنون في كل موقف وفي كل اعتقاد وفي كل تصرف، وممتحنون بموقفنا من هؤلاء: هل نواليهم في الله أو نبغضهم في الله، أم غير ذلك؟ ونرفض أيضاً النبرة الاعتذارية واللهجة التبريرية حين نناقش أمثال هذه القضايا، سواء قضية المرأة أو غيرها؛ فإن بعض المنهزمين يقبلون مبدأ أن الإسلام موضوع في داخل قفص الاتهام، وأنهم يقومون بالدفاع عنه دفاعاً هزيلاً ضعيفاً منهزماً، فهم يقرون أن الموضوع الفلاني كأنه تهمة، وأن الإسلام فعلاً أدخل القفص وأغلق عليه، وهم يدافعون كمحامين، ونحن لا نقبل هذا المبدأ على الإطلاق، هذا يمكن أن يصلح بين دين باطل ودين آخر باطل، وفي المذاهب الأرضية مع بعضها، أما بين الإسلام الحق الذي لا حق غيره في الوجود، والذي كل ما عداه كفر وبين غيره فلا، ولا نجعل هذا موازياً لذاك أو هذا سواسية مع ذاك، فهذا كمبدأ هو مبدأ مرفوض. فالقضية هي أن أحكام الشرع نازلة من عند الله، ومن طعن فيها فهو كافر كفراً أكبر مخرجاً له من الملة، ولا نقاش في هذه البديهية، فنبرة الاعتذار ونبرة (من أجل أن يقولوا عنا: إننا معتدلون. ونحوز رضاهم، ونحوز كذا وكذا) غير مقبولة، ويجب أن يرفض مبدأ التنازل في مقابل أي شيء آخر، فلا مساومة ولا أنصاف حلول، ولكن ثقة في حكم الله سبحانه وتعالى وانقياد له؛ لأن هذا هو معنى الإسلام، قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب:36]، وأذكر هنا ما رواه الشعبي حينما قال: (لما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة كان أول من انتهى إليه أبو سنان رضي الله عنه، فقال: ابسط يدك أبايعك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: علامَ تبايعني؟ فقال أبو سنان : على ما في نفسك)، فهو لا يطلع على ما في نفس النبي عليه السلام، ولكنه الانقياد والاستسلام والإذعان لشرع الله سبحانه وتعالى مهما كان أمر الله، فما دام الأمر صادراً من الله فلا نقاش، وينتهي الخيار تماماً، وهذا هو شأن المؤمن، أما المنافقون والزنادقة فلهم شأن آخر. ……
*** يتبع ان شاء الله *** نقله للفائدة – ابو ابراهيم –

السلام عليكم ورحمة الله

جزيت خيرا أخونا أبو إبراهيم ، بيّض الله وجهك يوم تلقاه

جزاك الله خيرا الأخ أبوبراهيم على الموضوع الهادف

امين اختنا ام يحى بارك الله فيك وفي الاخت اميرة وجزاكما الله خيرا
*** اخوكم ابو ابراهيم ***

الفوائد والارشادات ""وسائل القران في تثبيت العقيدة الاسلامة’""" 2024.

fgوسائل القران في تثبيت العقيدة الإسلامية
[COLOR="rgb(255, 140, 0)"]الآية 1 الرعد 04
ضرورة إعمال الإنسان لعقله والنظر حوله
اختلاف أصناف وطعم الثمار والزرع دلالة على عظمة الله
الكون مسخر لخدمة الإنسان

الآية 2 لقمان 10
خلق السماوات دون عمد دلالة على عظمة الله
دور الجبال في تثبيت الأرض
جعل الماء أصلا للحياة
أهمية الحيوان في معيشة الإنسان
ا
[COLOR="rgb(255, 140, 0)"]لآية 3
[/COLOR]عظمة الله وقدرته تتجلى في خلق الأجنة
العلم أعظم هبة من الله للإنسان
علم الإنسان محدود لا يقارن مع علم الله
وجوب شكر الله عز وجل على نعمه
ا
[COLOR="rgb(255, 140, 0)"]لآية 4
[/COLOR]الله سبحانه وتعالى خالق هذا الكون ومسيره
توحيد الربوبية لا ينكره جميع المشركين
تنزيه الله عن الصاحبة والولد
ضرورة استعمال الدليل العقلي مع غير المسلمين لإقناعهم

[COLOR="rgb(255, 140, 0)"]الآية 5
[/COLOR]تذكير الله تعالى للإنسان بحقيقته وما يدور في نفسه
من طبائع الإنسان حب الخير لنفسه وبغضه للشر وشدة يأسه وقنوطه
عدم جواز تمنى الأماني بل عمل
استحقاق العذاب لصنف المغرورين من الناس

[COLOR="rgb(255, 140, 0)"]الآية 6
[/COLOR]وجوب تعجيل التوبة وترك التسويف
من صفات المتقين الإنفاق في اليسر والعسر
من صفات المتقين كتم الغيظ وعدم إظهاره
محبة الله تعالى للمحسنين

الآية 7
سعة علم الله تعالى وإحاطته بجميع شؤون العبادة
فضل قراءة القران الكريم
الاحساس برقابة الله يقودنا الى طاعته[/COLOR]

شكرا عل المساعدة

لا شكر على واجب

بارك الله فيك اختي

بالتوفيق ان شاء الله الجيريا

مصدر تلقِّي العقيدة الإسلاميَّة . 2024.


بسم الله الرّحمن الرّحيم


مصدر تلقِّي العقيدة الإسلاميَّة

حسن آيت علجت


إنَّ من أهمِّ ما ينبغي أن يعتني به المسلم ـ عمومًا ـ، وطالب العلم ـ خصوصًا ـ في أمور الإيمان والإعتقاد: تصحيح المصدر الَّذي يقيم عليه دينه واعتقاده، ذلك بأنَّه إذا سلم للإنسان مصدرُه؛ سلم له ـ تبعًا لذلك ـ إيمانُه ومعتقدُه(1).

والعقيدة الإسلاميَّة لها مصدران أساسيَّان هما:

-أوَّلاً:كتاب الله تعالى «القرآن الكريم».

-ثانيًا: ما صحَّ من سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الَّذي وصفه ربُّه سبحانه بقوله: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى[النجم:3-4].

إجماع السَّلف الصَّالح مصدرٌ أيضًا؛ إذ جاء ذكر الإجماع في بعض مسائل الإعتقاد كما ثبت عن الإمام الأوزاعي رحمه الله أنَّه قال:
«كنَّا ـ والتَّابعون متوافرون ـ نقول: إنَّ الله تعالى فوق عرشه، ونؤمن بما وردت به السُّنَّة من صفاته »(2).

ولكنَّ مرجع هذا الإجماع ومبناه على الكتاب والسُنَّة، أي أنَّه يستند في أبواب الإعتقاد إلى دليلٍ سمعيٍّ من كتابٍ أو سُنَّةٍ، لا على قياسٍ ولا أمارةٍ ولا غير ذلك(3).

وفي هذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في «العقيدة الواسطيَّة» وهو في «مجموع فتاواه» (3/157): «والإجماع هو الأصل الثَّالث الَّذي يعتمد عليه في العلم والدِّين، وهم يَزِنُون بهذه الأصول الثَّلاثة جميع ما عليه النَّاس من أقوالٍ وأعمالٍ باطنةٍ أو ظاهرةٍ ممَّا له تعلُّقٌ بالدِّين.
والإجماع الَّذي ينضبط، هو ما كان عليه السَّلف الصَّالح؛ إذ بعدهم كثر الاختلاف، وانتشرت الأمَّة» اهـ.

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح خطبه بقوله:

«أمَّا بعد؛ فإنَّ خيرَ الحديث كتاب اللّه، وخير الهدى هدى محمَّدٍ، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ»(4).

وفي هذا تأكيدٌ على أهمِّيَّة العناية بهذا المصدر ـ وهو الكتاب والسُنَّة ـ، وضرورة الإلتزام به، وتحذيرٌ من اتِّخاذ مصدرٍ سواه، وأنَّه ينجم عن تنكُّب الكتاب والسُنَّة الضَّلال والإنحراف.

ولهذا كان ابن تيميَّة يقول:

«مَن فارق الدَّليل ضلَّ السَّبيل، ولا دليل إلاَّ بما جاء به الرَّسول»(5).

فالأمر كما قال الشَّيخ عبد المحسن العبَّاد:

«عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة نزلت من السَّماء، ولم تخرج من الأرض»(6).

ومعنى ذلك أنَّها وحيٌ من الله سبحانه؛ خلافًا لغيرها من العقائد المنحرفة الَّتي هي زبالة أذهان البشر ونخالة أفكارهم وعصارة آرائهم ووساوس صدورهم.

من أجل ذلك دأب أئمَّة السُنَّة على الإرشاد إلى مصدر التَّلقِّي ـ وهو الكتاب والسُنَّة ـ.

ومن أظهر الأمثلة على ذلك: ابتداء الإمام البخاري رحمه الله كتابه «الجامع الصَّحيح» بكتاب «بدء الوحي»؛ إشارةً منه إلى أنَّ الدِّين يؤخذ عقيدةً وعبادةً عن طريق الوحي، ثمَّ ثنَّاه بكتاب «الإيمان»؛ إشارةً إلى وجوب الإيمان بما جاء به الرَّسول صلى الله عليه وسلم ، ثمَّ ذكر الوسيلة إلى معرفة ذلك وهو العلم، فجعله عنوان الكتاب الَّذي بعدهما.

وكذلك الإمام أبو جعفر الطَّحاوي أشار إلى هذا في عقيدته المشهورة، حيث قال: «لا ندخل في ذلك متأوِّلين بآرائنا، ولا متوهِّمين بأهوائنا، فإنَّه ما سلم في دينه؛ إلاَّ مَن سلّم لله سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وردّ علم ما اشتبه عليه إلى عالمه، ولا تثبت قدم الإسلام؛ إلاَّ على ظهر التَّسليم والإستسلام».

بل إنَّ أئمَّة السُنَّة يذكرون هذا الأصل ـ وهو مصدر التَّلقِّي ـ حتَّى في منظوماتهم في العقيدة، كما فعل الإمام أبو بكرٍ ابن الإمام أبي داود السِّجستاني ـ رحمهما الله ـ، حيث بدأ قصيدته «الحائيَّة» بقوله:

تمسَّك بحبل الله واتَّبع الهدى** ولا تـك بـدعــيًّا لــعــلَّـك تـفـلـح


وَدِنْ بكتاب الله والسُّنن الَّتي** أتت عن رسول الله تنجو وتربح

– إذا تقرَّر هذا؛ فإنَّ هذا الأمر مؤسَّسٌ على قاعدتين هامَّتين ينبغي أن تكونَا من كلِّ طالب علمٍ على بالٍ(7):

القاعدة الأولى:

اشتمال الكتاب والسُّنَّة على أمور العقيدة: أصولها وفروعها، دلائلها ومسائلها.

وبيان هذه القاعدة يكون من وجهين: إجماليٍّ، وتفصيليٍّ:

– أمَّا الإجمالي: فإنَّ كلَّ ما يجب على المسلم اعتقاده قد جاء بيانه في كتاب الله سبحانه، وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم بيانًا شافيًا، قاطعًا للعذر، مع بيان أدلَّته، وسبل الاهتداء إلى معرفته.

وفي هذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

«وذلك أنَّ أصول الدِّين: إمَّا أن تكون مسائل يجب اعتقادها، ويجب أن تذكر قولاً، أو تعمل عملاً: كمسائل التَّوحيد والصِّفات والقدر والنُّبوَّة والمعاد، أو دلائل هذه المسائل.

أمَّا القسم الأوَّل: فكلُّ ما يحتاج النَّاس إلى معرفته، واعتقاده، والتَّصديق به من هذه المسائل، فقد بيَّنه الله ورسوله بيانًا شافيًا قاطعًا للعذر؛ إذ هذا من أعظم ما بلَّغه الرَّسول البلاغ المبين، وبيَّنه للنَّاس، وهو من أعظم ما أقام الله الحجَّة على عباده فيه بالرُّسل الَّذين بيَّنوه، وبلَّغوه.

وكتاب الله الَّذي نقل الصَّحابة ثمَّ التَّابعون عن الرَّسول لفظه ومعانيه، والحكمة الَّتي هي سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم والَّتي نقلوها ـ أيضًا ـ عن الرَّسول؛ مشتملةٌ من ذلك على غاية المراد، وتمام الواجب والمستحبِّ.

وأمَّا القسم الثَّاني: وهو دلائل هذه المسائل الأصوليَّة؛ فالأمر ما عليه سلف الأمَّة أهل العلم والإيمان من أنَّ الله سبحانه وتعالى بيَّن من الأدلَّة العقليَّة الَّتي يحتاج إليها في العلم بذلك، ما لا يقدر أحدٌ من هؤلاء [المتكلِّمين] قدره، ونهاية ما يذكرونه؛ جاء القرآن بخلاصته على أحسن وجهٍ، وذلك كالأمثال المضروبة الَّتي يذكرها الله في كتابه، الَّتي قال فيها: ﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون[الزُّمَر:27]؛ فإنَّ الأمثال المضروبة هي الأقيسة العقليَّة»(8).

– أمَّا الوجه التَّفصيلي لهذه القاعدة، فهو متعلِّقٌ بأصلين:

الأوَّل ـ القرآن العظيم: الَّذي هو كلام الله سبحانه المنزَّل على قلب نبيِّنا محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ، وقد قال الله تعالى فيه: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِين[النحل:89]، وقال: ﴿مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُون[يوسف:111]، وقال: ﴿مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ[الأنعام:38]

قال الإمام القرطبي في تفسير هذه الآية الأخيرة:

«أي: ما تركنا شيئًا من أمر الدِّين إلاَّ وقد دلَّلنا عليه في القرآن: إمَّا دلالةً مبيَّنةً مشروحةً، وإمَّا مجملةً يتلقَّى بيانها من الرَّسول صلى الله عليه وسلم أو من الإجماع أو من القياس الَّذي ثبت بنصِّ الكتاب، قال الله تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِين[النحل:89]، وقال: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون[النحل:44]، وقال: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا[الحشر:7]، فأجمل في هذه الآية، وآية «النَّحل»، ما لم ينصَّ عليه ممَّا لم يذكره.

فصدق خبر الله بأنَّه ما فرَّط في الكتاب من شيءٍ إلاَّ ذكره: إمَّا تفصيلاً، وإمَّا تأصيلاً»(9)اهـ.

الثَّاني ـ السُّنَّة النَّبويَّة: فمن المعلوم أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أعلم النَّاس بالله سبحانه ودينه، وأنصحهم للأمَّة، وأفصحهم عبارةً وبيانًا من غيره، فاجتمع في حقِّه: كمال العلم، والقدرة، والإرادة؛ فاستلزم هذا وجود البيان التَّامِّ منه لمسائل الدِّين كلِّها؛ سواءً ما كان منها متعلِّقًا بالعقائد أو الأعمال أو السُّلوك؛ لأنَّ وجود الملزوم يقتضي وجود لازمه.

ومصداق هذا ما رواه العرباض ابن سارية رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

«قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى البَيْضَاءِ لَيْلها كَنَهَارِهَا، لاَ يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إلاَّ هَالِكٌ»(10).

وفي هذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في «درء تعارض العقل والنَّقل» (1/23 ـ 24): « ومحمَّدٌ صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بالحقّ، وهو أفصح الخلق لسانًا، وأصحُّهم بيانًا، وهو أحرص الخلق على هدي العباد وكما قال تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيم[التوبة:128]، وقال: ﴿إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ الله لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِين[النحل:37] .
وقد أوجب الله عليه البلاغ المبين، وأنزل عليه الكتاب ليبيِّن للنَّاس ما نُزِّل إليهم، فلا بدَّ أن يكون بيانه وخطابه وكلامه أكمل وأتمّ من بيان غيره، فكيف يكون ـ مع هذا ـ لم يبيِّن الحقَّ؟!…».

ومن كمال نصح النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لأمَّته أن علَّمها حتَّى آداب قضاء الحاجة.

ففي «صحيح مسلم» (262) عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال لنا المشركون: إنِّي أرى صاحبكم يعلِّمكم؛ حتَّى يعلِّمكم الخراءة؟! فقال: أجل، إنَّه نهانا أن يستنجي أحدنا بيمينه، أو يستقبل القِبْلَة، ونهى عن الرَّوث، والعظام وقال: «لاَ يَسْتَنْجِي أَحَدُكُمْ بِدُونِ ثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ».

ومن درر كلام إمام دار الهجرة رحمه الله ما رواه الإمام أبو إسماعيل الهروي رحمه الله في «ذمِّ الكلام» (1128) بسنده إلى الإمام الشَّافعي رحمه الله قال:

سُئل مالكٌ عن الكلام في التَّوحيد, فقال مالكٌ: «محالٌ أن يُظنَّ بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه علَّم أمَّته الإستنجاء، ولم يعلِّمهم التَّوحيد».

ولهذا قال الإمام ابن القيِّم رحمه الله؛ تجانسًا مع كلام الإمام مالكٍ رحمه الله المذكور:

«ومن أبْيَن المحال أن يكون أفضلُ الرُّسل قد علَّم أمَّته آداب البول: قبله وبعده ومعه، وآداب الوَطْء، وآداب الطَّعام والشَّراب، ويترك أن يعلِّمهم ما يقولونه بألسنتهم، وتعتقده قلوبهم في ربِّهم ومعبودهم، الَّذي معرفته غاية المعارف، والوصول إليه أجلّ المطالب، وعبادته وحده لا شريك له أقرب الوسائل» اهـ(11).

ثمرة الإلتزام بهذه القاعدة:

الإستغناء بكتاب الله سبحانه، وما صحَّ من سنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم عمَّا سواهما في جميع الأمور الدِّينيَّة، سيّما ما كان متعلِّقًا بالمطالب الإلهيَّة، والمقاصد الرَّبَّانيَّة، وفي هذا قال ابن القيِّم في «الصَّواعق المرسلة» (4/1352 ـ 1353): «إنَّ الله سبحانه أنكر على مَن لم يكتف بكتابه فقال: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُون[العنكبوت:51]،
ومن المحال أن يكون الكتاب الَّذي يخالفه صريح العقل كافيًا، وإنَّما يكون كافيًا لمن قدَّمه على كلِّ معقولٍ ورأيٍ وقياسٍ وذوقٍ وحقيقةٍ وسياسةٍ؛ فهذا الكتاب في حقِّه كافٍ له، كما أنَّه إنَّما يكون رحمةً وذكرى له دون غيره، وأمَّا مَن أعرض عنه، أو عارضه بآراء الرِّجال؛ فليس بكافٍ له، ولا هو في حقِّه هدًى ولا رحمةً؛ بل هو من الَّذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله».

وقال ـ أيضًا ـ رحمه الله في «بدائع الفوائد» (4/155): «فالحمد لله الَّذي أغنى عباده المؤمنين بكتابه، وما أودعه من حججه وبيِّناته، عن شقاشق المتكلِّمين، وهذيانات المتهوِّكين، فلقد عظمت نعمة الله تعالى على عبدٍ أغناه بفهم كتابه عن الفقر إلى غيره ».

– القاعدةالثَّانية:

ظواهر النُّصوص مفهومةٌ لدى المخاطبين.

وبيان هذه القاعدة يكون من وجهين: إجماليٍّ، وتفصيليٍّ:

– أمَّا الإجمالي: فإنَّ كلام الله سبحانه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم عربيٌّ مبينٌ، وظاهره غايةٌ في البيان، وهو مفهومٌ لدى المخاطبين من أهل اللِّسان العربيِّ، سيَّما ما يتعلَّق من ذلك بمسائل الإعتقاد والإيمان.

– أمَّا الوجه التَّفصيلي لهذه القاعدة، فهو متعلِّقٌ بأصلين:

الأوَّل ـ القرآن العظيم:

الَّذي نزل بلسانٍ عربيٍّ مبينٍ، وهو جارٍ على معهود العرب في خطابها.

ودليل هذا من جهتين: من جهة الأثر، ومن جهة النَّظر:

أمَّا من جهة الأثر: فقد قال الله سبحانه: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِين * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِين * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِين* بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِين [الشعراء:192-195]، وقال سبحانه: ﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُون[فُصِّلَت:3]، وقال: ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُون[يوسف:2]، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة الدَّالَّة على أنَّ هذا القرآن أنزل باللِّسان العربيِّ المفهوم لدى المخاطبين من أهل اللِّسان العربي.

أمَّا من جهة النَّظر: فإنَّه من المعلوم أنَّ القرآن العظيم مقصودٌ به الهداية والإرشاد؛ فلزم أن يكون بيِّنًا للأمَّة المخاطبة به، ولا يكون كذلك حتَّى تفهمه وتعقله، ولا يتمُّ ذلك حتَّى يكون جاريًا على معهودها في الخطاب، وعادتها في الكلام.

وفي هذا قال الإمام الطَّبري رحمه الله في مقدِّمة «تفسيره» (1/11): « إنَّه غير جائزٍ أن يخاطب ـ جلَّ ذكره ـ أحدًا من خلقه إلاَّ بما يفهمه المخاطب، ولا يرسل إلى أحدٍ منهم رسولاً برسالةٍ؛ إلاَّ بلسانٍ وبيانٍ يفهمه المرسل إليه؛ لأنَّ المخاطب والمرسل إليه، إن لم يفهم ما خوطب به، وأرسل به إليه؛ فحاله قبل الخطاب، وقبل مجيء الرِّسالة إليه وبعده سواءٌ؛ إذ لم يفده الخطاب والرِّسالة شيئًا كان به قبل ذلك جاهلاً، والله ـ جلَّ ذكره ـ يتعالى عن أن يخاطب خطابًا، أو يرسل رسالةً لا توجب فائدةً لمن خوطب، أو أرسلت إليه؛ لأنَّ ذلك فينا من فعل أهل النَّقص والعبث، والله تعالى عن ذلك متعالٍ » اهـ.

الثَّاني ـ السُّنَّة النَّبويَّة:

إنَّ من سُنَّة الله في خلقه وأمره أن يرسل كلَّ رسولٍ بلسان قومه، حتَّى يحصل المقصود من الرِّسالة وهو البيان والإنذار.

ولا تقوم الحجَّة الرِّساليَّة، وتنقطع المعذرة؛ إلاَّ بالبيان من الرَّسول، والفهم من المرسل إليه، قال الله سبحانه: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ[إبراهيم:4]، وقال في حقِّ نبيِّنا صلى الله عليه وسلم : ﴿بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون[النحل:44].

والقوم الَّذي بعث فيهم نبيُّنا محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم ـ وهم قريشٌ ـ عربٌ أقحاحٌ، فيكون كلامه لهم ممَّا يفهمونه من لغة العرب وأساليبها.

ثمرة الإلتزام بهذه القاعدة:

إنَّ ما جاء في كتاب الله سبحانه، وما صحَّ من سُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم معقول المعنى، واضحٌ جليٌّ، سيَّما ما كان متعلِّقًا بما يجب على المسلم اعتقاده في ربِّه ومعبوده سبحانه.

تنبيه حول منزلة العقل والفطرة في الإستدلال على مسائل الإعتقاد(12):

إذا كان الكتاب والسُنَّة الصَّحيحة هما مصدرَا تلقِّي العقيدة الإسلاميَّة، فما منزلة العقل والفطرة في باب الإعتقادات؟

الجواب عن هذا من وجهين:

الأوَّل: الفطرة والعقل السَّليم مؤيِّدان، وموافقان لما جاء في الكتاب والسُّنَّة، ويدركان أصول الإعتقاد على الإجمال ـ لا على التَّفصيل ـ؛ فالعقل والفطرة يدركان وجود الله وعظمته، وضرورة طاعته وعبادته، واتِّصافه بصفات العظمة والجلال على وجه العموم، كما أنَّ العقل والفطرة السَّليمين يدركان ضرورة النُّبوَّات، وإرسال الرُّسل، وضرورة البعث والجزاء على الأعمال؛ على الإجمال ـ أيضًا ـ، لا على التَّفصيل، أمَّا هذه الأمور وسائر أمور الغيب، فلا سبيل إلى إدراك شيءٍ منها على التَّفصيل إلاَّ عن طريق الكتاب والسُنَّة «الوحي»، وإلاَّ لما كانت غيبًا، ومثل الوحي بالنِّسبة للعقل والفطرة، كضوء الشَّمس بالنِّسبة للعين الباصرة.

قال الإمام ابن القيِّم في تفسير قول الله سبحانه: ﴿ الله نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي الله لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ الله الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَالله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم[النور:35].

« فأخبر ـ سبحانه ـ عن مثل نور الإيمان به، وبأسمائه، وصفاته، وأفعاله، وصدق رسله ـ في قلوب عباده ـ، وموافقة ذلك لنور عقولهم، وفطرهم الَّتي أبصروا بها نور الإيمان؛ بهذا المثل المتضمِّن لأعلى أنواع النُّور المشهود، وأنَّه نورٌ على نورٍ: نور الوحي ونور العقل، نور الشِّرعة ونور الفطرة، نور الأدلَّة السَّمعيَّة ونور الأدلَّة العقليَّة »(13).

الوجه الثَّاني: تعارض النَّصِّ الصَّريح من الكتاب والسُّنَّة الصَّحيحة مع العقل الصَّحيح، أي: السَّليم الَّذي لم يطرأ عليه تغييرٌ ولا انحرافٌ؛ غير متصوَّرٍ أصلاً؛ بل هو مستحيلٌ؛ لأنَّ العقل خلق الله تعالى، والوحي أمر الله تعالى، فلا يمكن أن يتعارض خلق الله سبحانه وأمره أبدًا، وهو ـ سبحانه ـ له الخلق والأمر، كما قال: ﴿ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ الله رَبُّ الْعَالَمِين[الأعراف:54]

فإذا جاء ما يوهم التَّعارض بين الوحي والعقل، فإنَّ الوحي مقدَّمٌ ومحكَّمٌ؛ لأنَّه صادرٌ عن المعصوم صلى الله عليه وسلم ، والعقل لا عصمة له؛ بل هو نظر البشر النَّاقص، وهو معرَّضٌ للوهم، والخطأ، والنِّسيان، والهوى، والجهل، والعجز.

والله تعالى أعلم، والحمد لله ربِّ العالمين.

————————————————

(1) عن «شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي» للدكتور عبد الرزاق البدر (ص42) باختصار وإضافة.

(2) رواه البيهقي في «الأسماء والصفات» (ص515)، وصحّح إسناده ابن تيميّة في «مجموع الفتاوى» (5/39)، وابن القيّم في «اجتماع الجيوش» (ص31)، والذّهبي في «تذكرة الحفّاظ» (1/181 ـ 182)، وجوّد إسناده الحافظ ابن حجر في «الفتح» (13/406).

(3) انظر: «منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد عند أهل السّنّة والجماعة» رسالة ماجستير لعثمان ابن علي حسن (1/154).

(4) رواه مسلم في «صحيحه» (867)، وما استفيد من الحديث منقولٌ من «شرح حائية ابن أبي داود» للدكتور عبد الرزاق البدر (ص12).

(5) نقله عنه الإمام ابن القيم : في «مفتاح دار السعادة» (1/90).

(6) عن «شرح عقيدة الحافظ عبد الغني» لعبد الرزاق العباد (ص 43 ـ 45) بإضافة.

(7) وهما مستفادتان من كتاب «منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد» لعثمان بن علي حسن (1/245 ـ 258)، و(2/437 ـ 467) [ط/ مكتبة الرشد ـ الرياض]، مع تصرّفٍ واختصارٍ وإضافةٍ.

(8) «درء تعارض العقل والنّقل» (1/27 ـ 28/ط: جامعة الإمام) باختصارٍ وحذفٍ.

(9) «الجامع لأحكام القرآن» (6/420).

(10) رواه أحمد (17142)، وابن ماجة (43)، وانظر: «الصحيحة» (937).

(11) «الصواعق المرسلة» (1/158).

(12) عن «مباحث في عقيدة أهل السنة والجماعة» للدكتور ناصر العقل مع تصرّفٍ وإضافة.

(13) «الصّواعق المرسلة» (3/851 ـ 852).

https://www.rayatalislah.com/index.ph…07-01-17-09-40

بارك الله فيك على الموضوع القيم

وفيكم بارك الله وفّقكم الله.

هل نقول: إن مصادرنا في التلقي هم فلان وفلان وفلان من الناس، فما قاله فلان أخذناه، وما رده رددناه؟ لا.

إن مصدرنا الأول في التلقي: هو القرآن، فإذا قرأت آية في كتاب الله: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11]، علمت أن الله سبحانه وتعالى لا يشابه أحداً من خلقه، وإذا عرفت أنه: وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، أقررت وآمنت أن الله سبحانه وتعالى يسمع ويبصر، لكن ليس كسمع البشر وليس كأبصارهم.

وإذا قرأت قول الله تعالى: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ [المائدة:119]، عرفت أن الله يرضى ويغضب.

وإذا قرأت قول الله تعالى: بِيَدَيَّ [ص:75]، أثبت لله اليد.

وإذا قرأت: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11]، أي: ليس له شبيه.

إذاً: مصدرنا في التلقي هو القرآن الكريم، فهذا هو المصدر الذي نتلقى منه عقائدنا في الله وفي الملائكة وفي النبيين والكتب وفي اليوم الآخر وفي القدر، كل ذلك نتلقاه من كتاب الله سبحانه وتعالى ونؤمن به، ونقر أمام الآخرين أجمعين أن كتاب الله لا ولن يتعرض إلى تحريف أو تغيير أو تبديل؛ لأن الله أوكل حفظ القرآن الكريم لنفسه.

قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9].

بخلاف مناهج الكتب الأخر التي أوكل الله سبحانه وتعالى حفظها لأصحابها، كالتوراة والإنجيل، فخانوا الأمانة وما رعوها فحرفوها وغيروها.

المصدر الثاني من مصدر التلقي عند أهل السنة: السنة النبوية الصحيحة، فإذا ثبت أمر في السنة ثبت، وليس حديثاً موضوعاً أو ضعيفاً أو منكراً أو باطلاً، أو فيه كذا وكذا من الأمور القادحة، فإن هذا يعد أمراً واجب التسليم، وواجب الأخذ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم بين لك أموراً في العقيدة كثيرةً جداً لم ترد في القرآن، فأنت تأخذ بها وتؤمن بها وتقر على أنها منهج شرعي، وإذا خالفته أو عارضته فإن ذلك يعد معارضة لدين الله.

إذاً: نحن لم نرتبط بأشخاص مثلنا مثلهم، إنما ارتبطنا بكتاب الله سبحانه وتعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

وارتبطنا بالسنة بما ثبت لدينا ثبوتاً قطعياً من السنة على أنه صحيح، وجعلناه هو المصدر لنا نأخذ منه العقيدة ونستقي منه المنهج.

إذاً: من خلال هذه المقارنة ينقسم الناس إلى قسمين:

القسم الأول: أهل السنة والجماعة، ويرجعون في تلقيهم العقيدة إلى القرآن، وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.

والقسم الآخر: بشتى أصنافه وفرقه ودياناته، يأخذون من غير القرآن والسنة، بل ويأخذون من رجال، وهؤلاء الرجال هم الذين يقررون لهم أحكامهم.

حتى العقلانيين الذين يحكمون العقل يحكمون أنفسهم، أي: أنهم يحكمون الرجال في مناهجهم، ولذلك فإن العقلانيين لا يمكن أن يتفقوا على رأي.

ذكر أن المعتزلة اجتمع من زعمائهم أكثر من تسعة عشر زعيماً للاتفاق على توحيد المنهج المعتزلي، ومراجعة الأخطار التي يتعرض لها هذا المنهج، فخرج هؤلاء التسعة عشر بعشرين رأياً يعني: دخلوا بتسعة عشرة رأياً كي يخرجوا برأي واحد، فخرجوا بعشرين رأياً أي: زاد رأي إضافي.

وفي رواية أخرى للشرساني : أنهم دخلوا تسعة عشر، للاتفاق والاتحاد، وخرج كل منهم يكفر الآخر، وهذا يدلك على أن كلاً منهم يحكم عقله، والعقل يختلف من شخص لآخر، وبالتالي فكل منهم يعد رجلاً بحد ذاته يحكم كيفما يشاء، ويقرر كيفما يشاء.

هذا والله سبحانه وتعالى الموفق والهادي إلى سواء السبيل، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً.

في بيان خطورة التأصيل قبل التأهيل

نص السؤال:
لقد انتشرت بعض الآراء والأحكام والاعتقادات في بعض أحياء الجزائر لم نعهدها من الدعاة السلفيِّين، ولم نسمعها في توجيهاتهم، سواءً في مجالسهم الخاصَّة أو العامَّة، هذه الأحكام التي تُروَّج قد تزعَّمها بعض المتخرِّجين من كلِّيَّة أصول الدين بالخرُّوبة، بل بعضهم قد تخرَّج على أيديكم، وهم يُكَتِّلون الناسَ حولها، انطلاقًا من تأسيساتٍ وتأصيلاتٍ سَلَكُوها، نودُّ من الشيخ أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس أن يبيِّن الحقَّ فيها -إن ظهر له-، وتعزيزَ ذلك بأدلَّةٍ وتعليلاتٍ تفنِّد القواعدَ التي انتهجها هؤلاء، وجزاكم الله خير الجزاء. وهاكم هذه التأسيسات مرتَّبةً على النحو التالي:
أوَّلاً: إنه ينفي مرتبة الاتِّباع، ويرى أنَّ الناس: إمَّا مقلِّدٌ أو مجتهدٌ لا ثالث لهما، وبما أنَّ المجتهد منعدمٌ في بلادنا فيَلْزَم كلَّ الناس التقليدُ، ورتَّب على ذلك حكمًا مفاده أنهم مُلْزَمُون بالمذهب المالكيِّ السائد في البلاد، وممَّا سبق من إقراره بالتقليد، فإنه أصبح يفتي الناسَ بما يوافق المذهب، وممَّا انجرَّ عن ذلك أنه فصل من اتَّبعه في ذلك عن علماء الحجاز كالشيخ ابن بازٍ وابن العثيمين -رحمهما الله- بدعوى أنهم حنابلةٌ ونحن مالكيةٌ لنا علماء، وترتَّب عن ذلك أنهم أصبحوا يزجرون من يقرأ كُتُبَ ابن عثيمين لأنه حنبليٌّ ونحن مالكيةٌ، بل صرفوا الناس إلى كتب القرضاوي ومالك بن نبي وشكيب أرسلان وغيرهم، فما تعليقكم على ذلك ؟
ثانيًا: إنه أصبح يحتجُّ بأنه لا إنكار في مسائل الخلاف، سواءً كان الخلاف معتبرًا أو غير ذلك، وبمقول قوله: لا تنكر على الحنفي الذي يشرب النبيذَ لأنه حنفيٌّ.
ثالثًا: إنه ناقمٌ على السلفية تسميةً ومنهجًا، فالتسمية يرى بأنها زادت الأمَّة فُرقةً، أمَّا منهجًا فيرى أنَّ الدعاة السلفيِّين كانوا هم السببَ في طمس معالم المذهب المالكيِّ وأنهم أبعدوا الناسَ عنه.
وإليك الآن بعض فتاويه الجديدة:
– أفتى بجواز الاحتفال بالمولد النبويِّ الشريف وأعياد الميلاد التي هي من عادات الكفَّار، ولمَّا اعتُرض عليه بفتوى اللجنة الدائمة قال بأنَّ لديه عالِمًا أفتى بذلك وهو القرضاوي، واستدلَّ بقاعدةٍ معناها: أنَّ الشيء إذا عمَّ عند المسلمين كان من عاداتهم ولو كان أصلها من عادات الكفَّار.
– وأفتى لأحد الإخوة بجواز أخذ قرضٍ بنكيٍّ للزواج لأنه ضرورةٌ.
– وأنه يرى الأخذَ بالأيسر من فتاوى أهل العلم مثل فتاوى القرضاوي التي تسهِّل على الناس، بخلاف فتاوى الألباني فإنها متشدِّدةٌ، وفقهُه واقفٌ على ظواهر النصوص دون اعتبار المقاصد العامَّة للتشريع والقواعد العامَّة لهذا الدين.
– وقال في الشيخ الألبانيِّ بأنه محدِّثٌ فقط وليس بفقيهٍ، وأنَّ فيه ظاهريةً لأنه لا يرى الأخذَ بالإجماع السكوتيِّ، وغير ذلك من المسائل التي وافق فيها مذهبَ أهل الظاهر.
أمَّا أتباعه فيصفون الألبانيَّ بالأعجمي الذي لا يفهم كلام العرب…
هذا، ونرجو من فضيلة شيخنا أن يبيِّن لنا وجه الصواب والحقِّ في هذه المسائل، وأن يقدِّم له نصيحةً لعلَّه يرجع إلى الحقِّ ويستقيم. وجزاكم الله عنَّا وعن المسلمين خيرَ الجزاء.
الجواب:
طليعة العبارة الأولى التي مفادها نفي رتبة الاتِّباع غير صحيحةٍ، لأنَّ العلماء يفرِّقون بين مرتبة الاتِّباع والتقليد، فالاتِّباع سبيله قبول الحجَّة والانقياد للدليل، بخلاف التقليد، كما أنَّ الاتِّباع أعمُّ من الاجتهاد، فكلُّ مجتهدٍ متَّبعٌ، ولا عكس. فإذن الاتِّباع سبيلُه الدليل والعمل بالوحي، لذلك سَمَّى الله تعالى العملَ بالوحي «اتِّباعًا» في قوله تعالى: ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [الأعراف: 3]، وقوله تعالى: ﴿اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ [الأنعام: 106]، وقوله تعالى: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ﴾ [الأنعام: 155]؛ ذلك لأنَّ حدَّ العلم: «التبيين وإدراك المعلوم على ما هو به»، فمن بان له شيءٌ فقد علمه، والمقلِّد لا علم له، وقد ذكر ابن عبد البرِّ أنهم لم يختلفوا في ذلك، وقد فرَّق الله ورسوله وأهل العلم بين التقليد والاتِّباع، كما فرَّقت الحقائق بينهما، فإنَّ الاتِّباع: «سلوك طريق المُتَّبَع والإتيانُ بمثل ما أتى به»، وأمَّا التقليد: فهو «الرجوع إلى قولٍ لا حجَّة لقائله عليه»، وقد فرَّق بينهما الشيخ عبد الحميد بن باديس -رحمه الله- حيث قال: «التقليد هو: أخذُ قول المجتهد دون معرفةٍ لدليله، وأهله هو من لا قدرة له على فهم الدليل، وهم العامَّة غير المتعاطين لعلوم الشريعة واللسان، والاتِّباعُ هو: أخذُ قول المجتهد مع معرفة دليله ومعرفة كيفية أخذه للحكم من ذلك الدليل حسب القواعد المتقدِّمة، وأهله هم المتعاطون للعلوم الشرعية واللسانية، الذين حصلت لهم مَلَكةٌ صحيحةٌ فيهما»(1)، ولا شكَّ أنَّ التقليد -بالمفهوم السابق لغير العاجز عن فهم الدليل- مذمومٌ، لأنَّ الله تعالى أمر بالاتِّباع ونهى عن التقليد في قوله تعالى: ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ﴾ [الأعراف: 3]، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ﴾ [لقمان]، ومن هنا يظهر بطلان فَهْم من جعل التقليدَ اتِّباعًا، نعم، قد يجوز التقليد في حالةٍ ضيَّقتها الشروط، كأن يكون المقلِّد جاهلاً عاجزًا عن معرفة حكم الله ورسوله صلَّى الله عليه وسلَّم، شريطةَ أن يقلِّد من عُرف بالعلم والاجتهاد، دينًا وصلاحًا من أهل السنَّة، وأن لا يظهر له الحقُّ عند غير مقلَّده، وأن لا يلتزم إمامًا بعينه في كلِّ المسائل، وإنما يتحرَّى الحقَّ قَدْرَ الاستطاعة، ومن جهةٍ أخرى لا يتتبَّع الرُّخَصَ للتسهيل على نفسه تنقُّلاً بين المذاهب، ولا يكون في تقليده مخالَفةٌ واضحةٌ للكتاب والسنَّة وإجماع الأمَّة. والخروجُ عن هذه الشروط يجعل التقليد مذمومًا(2).
• أمَّا قوله: «وبما أنَّ المجتهد منعدمٌ في بلادنا فيَلزم كلَّ الناس التقليدُ»، ورتَّب على ذلك حكمًا مفاده أنهم مُلْزَمون بالمذهب المالكيِّ السائد في البلاد.
فالجواب على هذا المقطع الثاني من السؤال الأوَّل، الذي هو عبارةٌ عن نتيجةٍ منطقيةٍ على المقدِّمة السابقة، أنه لَمَّا كانت المقدِّمةُ السابقة -المبنيَّة على حصر الناس في مجتهدٍ ومقلِّدٍ- فاسدةً وباطلةً؛ ف«مَا بُنِيَ عَلَى فَاسِدٍ فَفَاسِدٌ»، ذلك لأنَّ إغفالَ مرتبة اتِّباع الوحي والعملِ بالدليل الذي لا يُشترط فيه سوى العلم بما يعمل، ولا يتوقَّف ذلك على تحصيل شروط الاجتهاد، إنما هو إغفالٌ لمقتضى توحيد الله والإيمان به، إذ لا نجاة للعبد من عذاب الله إلاَّ بتوحيد المُرسِل بالعبادة والخضوع والذلِّ والإنابة والتوكُّل، وتوحيدِ متابعة الرسول، وذلك بالتسليم له، والانقياد لأمره، وتلقِّي خبره بالقبول والتصديق دون أن نعارضه بخيالٍ باطلٍ، أو نحمِّله شكًّا وشبهةً، أو نقدِّم عليه آراء الرجال، فلا يجوز أن نُحاكِم إلى غيره، ولا نرضى بحكم غيره، كما جاء ذلك في «العقيدة الطحاوية»(3).
• أمَّا قوله بأنه ليس ثَمَّةَ علماءُ في بلادنا، ولا مَن هم في حكمهم؛ فجوابه من وجوهٍ:
– الوجه الأوَّل: إذا كان يضع مثل هذه التأصيلات المذكورة، ويحكم بمثل هذه الأحكام، فإنه يتناقض مع نفسه، لكون هذه الأمور من اختصاص أهل النظر، وهو مُقِرٌّ على نفسه بالتقليد، ومن كان على شاكلة المقلِّدين فلا سبيل له لوضع التأصيلات واستحكام المناهج، فضلاً عن تمييز العالم من الجاهل، لأنَّ المقلِّد ليس بعالمٍ اتِّفاقًا، فلا يعرف الكاملَ من المجتهدين والناقصَ منهم -كما ذكر ذلك الشوكانيُّ-، وإنما يفعل ذلك من لهم إدراكٌ يعرفون به الكمالَ والنقص.
-الوجه الثاني: قد يخفى على من سبيله التقليد أنَّ الاجتهاد -بالنظر إلى المجتهد من حيث استيعابُه للمسائل أو اقتصاره على بعضها- ينقسم إلى مجتهدٍ مطلقٍ ومجتهدٍ جزئيٍّ.
والمراد بالمجتهد المطلق هو: «من توفَّرت فيه شروط الاجتهاد وبلغ رتبته بحيث يمكنه النظر في جميع المسائل»، بينما المجتهد الجزئيُّ هو: «الذي لم يبلغ رتبة الاجتهاد في جميع المسائل، وإنما بلغ هذه الرتبةَ في بابٍ معيَّنٍ أو مسائلَ معيَّنةٍ أو فنٍّ معيَّنٍ، وهو جاهلٌ لِما عدا ذلك». والعلماء وإن كانوا يختلفون في جواز تجزئة الاجتهاد؛ إلاَّ أنَّ ما عليه أهل التحقيق من أهل العلم جوازُه وصحَّتُه، وبه قال ابن قدامة وابن تيمية وابن القيِّم وغيرهم(4) وهو الصحيح. وعليه، فإنَّ انتفاء وجود المجتهد المطلق في بلادنا لا ينافي وجودَ غيره، وللمجتهد الجزئيِّ أن يُفْتيَ في النوع الذي اجتهد فيه كما قرَّره ابن القيِّم -رحمه الله- مبيِّنًا حجَّةَ الجواز أنه قد عَرف الحقَّ بدليله، وقد بذل جُهْدَه في معرفة الصواب، فحُكْمُه في ذلك -كما قال- حُكم المجتهد المطلق في سائر الأنواع. وهذا -ولا شكَّ- أنه من التبليغ عن الله ورسوله، وجزى الله من أعان الإسلامَ ولو بشطر كلمةٍ خيرًا، ومنعُ هذا من الإفتاء بما عَلِم خطأٌ محضٌ(5).
– الوجه الثالث: أنَّ أهل العلم بيَّنوا لنا طريقَ معرفة العالم من الجاهل، وأن يستفتيَ العامِّيُّ من غلب على ظنِّه أنه من أهل الاجتهاد، وطريقُ معرفته إمَّا بانتصابه للفتيا بمشهدٍ من أعيان العلماء دون نكيرٍ، وإمَّا بأن يأخذ الناسُ عنه ويجتمعوا على سؤاله والعمل بما يقول، وإمَّا بما يظهر على العالم من سمات الدين والتقوى والعدالة، وإمَّا بإخبار عدلٍ يثق به بأنَّ هذا عالمٌ عدلٌ، وقد بيَّنَّا في «الإرشاد إلى مسائل الأصول والاجتهاد» أنَّ طالب العلم ومن يقوم مقامه له سبيلٌ لمعرفة العالم والأعلم، إمَّا بالشهرة والتسامع ورجوع الناس إليه، وإمَّا عن طريق مجالسته ومناقشته ووزن فتاويه، كما يظهر الأعلم بأكثرية إصابته للصواب، أو إذعان المفضول له وتقديمه، أمَّا العامِّيُّ المحض فله اتِّباع من يثق في دينه شريطةَ إلمامه بالعلم، ويهتدي إلى معرفة ذلك بالشهرة والتوجيه(6).
• أمَّا ترتيبه على ذلك أنَّ الكلَّ مُلْزَمون بالمذهب المالكيِّ السائد في البلاد.
فجوابه: أنَّ هذه النتيجة مبنيَّةٌ -أيضًا- على المقدِّمة الأولى التي ظهر فسادُها سابقًا، و»مَا بُنِيَ عَلَى بَاطِلٍ فَبَاطِلٌ».
ومن جهةٍ أخرى؛ فإنَّ هذا التقرير نابعٌ ممَّن يدَّعي على نفسه التقليد وهو مُقِرٌّ به، والمقلِّد ليس بعالمٍ، فلا سبيل له إلى مثل هذا التقرير.
ومن جهةٍ ثالثةٍ؛ فإنَّ هذا الإلزام بالتزام المذهب المالكي معارِضٌ للإجماع المقطوع به عن السلف في موضعين:
-الأوَّل: إجماع السلف الأوَّل من القرون الثلاثة الأولى على عدم إلزام أحدٍ من الناس بالتمذهب بمذهبٍ معيَّنٍ.
-والموضع الثاني: اتِّفاق الصحابة والتابعين والأئمَّة الأربعة وغيرهم على تقديم النصِّ على آرائهم، ونهيهم الناسَ عن تقليدهم. وقد أشار ابن القيِّم -رحمه الله- إلى أنَّ هذه بدعةٌ قبيحةٌ حدثت في الأمَّة لم يقل بها أحدٌ من أئمَّة الإسلام، وقد بيَّن أنه لا يَلْزَم العامِّيَّ التمذهبُ ببعض المذاهب المعروفة، إذ «لاَ وَاجِبَ إِلاَّ مَا أَوْجَبَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ»، ولم يُوجِب الله ورسوله على أحدٍ من الناس أن يتمذهب بمذهب رجلٍ من الأمَّة فيقلِّدَه دينَه دون غيره، وقد انطوت القرون الفاضلة مبرَّأةً ومبرَّأً أهلُها من هذه النسبة(7).
نعم؛ ليس ذلك على الإطلاق، بل يجوز الالتزام بمذهبٍ معيَّنٍ في حالاتٍ، منها: أنه لا يستطيع أن يتعلَّم دينه إلاَّ بالتزام مذهبٍ معيَّنٍ، ولكنَّ ذلك إنما يكون وَفْق ضوابطَ تقيِّد مثل هذه الحالات التي مردُّها أساسًا إلى دفع المفاسد التي لا يتحقَّق دفعُها إلاَّ بالتزام مذهبٍ، على أن يكون التزامُه بمذهب إمامٍ معيَّنٍ ليس في كلِّ المسائل، بل عليه أن يتحرَّى الحقَّ، ويتَّقيَ الله في حدود الاستطاعة، وأن لا يكون انتقاله بين المذاهب متتبِّعًا للرُّخَص على نفسه، لِما فيه من مفسدة التشهِّي وتحكيم الهوى.
• أمَّا قول السائل: «وممَّا انجرَّ عن ذلك أنه فصل من اتَّبعه في ذلك عن علماء الحجاز كالشيخ ابن بازٍ وابن العثيمين -رحمهما الله- بدعوى أنهم حنابلةٌ ونحن مالكيةٌ لنا علماءُ…».
فالجواب: أنَّ المعلوم أنَّ الشيخين ابن بازٍ وابن العثيمين -رحمهما الله تعالى- من علماء الأمَّة ليسا مقلِّدَيْن، وإنما سارا على الجادَّة في اتِّباع الدليل حيثما وُجد ومتى صحَّ عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ودونك فتاويهما ومقالاتِهما وكتاباتِهما.
وقد أمر الله تعالى بسؤال أهل الذكر من غير تقييدٍ بزمانٍ أو مكانٍ فقال: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43، الأنبياء: 7]، فالآية مطلقةٌ عن الزمان والمكان، فلم يتعبَّدنا الله تعالى بسؤال أهل المشرق دون أهل المغرب ولا العكس، وإنما تعبَّدنا باتِّباع الحقِّ حيثما كان، فالدين واحدٌ، والرسول واحدٌ، والحقُّ واحدٌ.
• وأمَّا قول السائل: «أنهم صرفوا الناس إلى كتب القرضاوي ومالك بن نبي وشكيب أرسلان وغيرهم»، اه.
فجوابه: أنَّ المناصب والولايات ليست دليلاً على العلم، إذ العلماء لا يتمُّ تعيينهم عن طريق صناديق الاقتراع، ولا عن طريق التعيين الإداريِّ، ولكنَّهم يُعرفون بميزة العلم والتقوى، ورسوخ أقدامهم في مواطن الشبه، لِما بذلوه من جهودٍ وأوقاتٍ، وتفانَوْا في دعوتهم إلى الله تعالى، غيرَ أنَّ الناس قد يشتبه عليهم من تشبَّه بالعلماء وليسوا منهم، كالوعَّاظ والخطباء والقرَّاء والمفكِّرين والمثقَّفين، فالقرَّاء هم جماعةٌ من طلبة العلم حصلوا على نُتَفٍ منه، لم يبلغوا فَهْمَ أهل العلم وإدراكَهم، وهم كثيرٌ في عصرنا هذا، في الرجال والنساء والكبار والصغار، بسبب كثرة المتخرِّجين من الجامعات، وانتشار المدارس والمعاهد والزوايا، ولا شكَّ أنَّ المسارعة في القراءة دون فهمٍ أو فقهٍ يفضي إلى الانحراف عن الحقِّ، وقد ورد عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: «سَيَأْتِي عَلَى أُمَّتِي زَمَانٌ تَكْثرُ فِيهِ القُرَّاءُ، وَتَقِلُّ الفُقَهَاءُ، وَيُقْبَضُ العِلْمُ، وَيَكْثُرُ الهَرْجُ»، قَالُوا: «وَمَا الهَرْجُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟» قَالَ: «القَتْلُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ يَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ زَمَانٌ يَقْرَأُ القُرْآنَ رِجَالٌ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهِمْ، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ زَمَانٌ يُجَادِلُ المُنَافِقُ الكَافِرُ المُشْرِكُ بِاللهِ المُؤْمِنَ بِمِثْلِ مَا يَقُولُ»(8). وقد كان الخوارج يقرأون القرآنَ، ولكن لم يبلغوا درجةَ الفهم والعلم، وقد وصفهم الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم: «يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ»(9)، أي: لا يصل إلى حلوقهم فضلاً عن أن يصل إلى قلوبهم، لأنَّ المطلوب تعلُّق القرآن بالقلب وتدبُّرُ آياته -كما أشار النوويُّ-، فالعلماء لا يقرءون نُتَفًا من العلم، وإنما يدرسون العلومَ الشرعية دراسةً عامَّةً شموليةً من غير أن يتوقَّفوا في التعلُّم، يعانون في تحصيل العلم، ولا يقرءون منه الشذرات، بل هم دائمو الطلب بعزائمَ قويَّةٍ، لا يُثنيهم عناء الرحلات ولا سهرُ الليالي ومعاناة الأيَّام.
وكذلك أهل الوعظ والإرشاد والخطابة -وإن كانت هذه المَهَمَّة تؤدَّى من قِبَل العلماء والفقهاء في الأوَّل- إلاَّ أنَّ هذه المناصب أصبح يمارسها مَن ليس له حظٌّ أو نصيب سوى النَّزْر اليسير، الذين يملكون فصاحةَ اللسان وبلاغته، ولهم به قدراتٌ في قلب الألفاظ وتغييرها كيفما شاءوا، يشدُّون مشاعر الناس، ويسلبون قلوبَهم بحسن الحديث وحلاوة المنطق، وليس ذلك بدليلٍ على أنهم من أهل العلم والفهم، بل قد يكون العالم عَيِّيًا لا يُحسن الكلامَ، وليس عنده قوَّة البيان ولا حسنُ الحديث ولا حلاوة المنطق، قليل الكلام بطبعه أو غير قادرٍ على الخطابة والوعظ والإرشاد، قال ابن رجبٍ -رحمه الله-: «وقد فُتن كثيرٌ من المتأخِّرين بهذا، فظنُّوا أنَّ من كثُر كلامُه وجداله وخصامه في مسائل الدين فهو أعلم مِمَّن ليس كذلك، وهذا جهلٌ محضٌ، وانظر إلى أكابر الصحابة وعلمائهم كأبي بكرٍ وعمر وعليٍّ ومعاذٍ وابن مسعودٍ وزيد بن ثابتٍ كيف كانوا ؟ كلامُهم أقلُّ من كلام ابن عبَّاسٍ وهُم أعلم منه.
وكذلك كلام التابعين أكثر من كلام الصحابة والصحابةُ أعلم منهم، وكذلك تابعو التابعين، كلامُهم أكثر من كلام التابعين والتابعون أعلم منهم. فليس العلم بكثرة الرواية ولا بكثرة المقال، ولكنَّه نورٌ يُقذف في القلب، يفهم به العبد الحقَّ، ويميِّز به بينه وبين الباطل، ويعبِّر عن ذلك بعباراتٍ وجيزةٍ محصِّلةٍ للمقاصد»(10).
وكذلك القول في المفكِّرين وأرباب الثقافة، فهؤلاء -وإن صحَّ تسميتهم بأنهم من المفكِّرين أو الحكماء- فلا يتعدَّى هذا الوصف جوانبَ تخصُّصهم التي أجادوا فيها، كالطبِّ والهندسة والفيزياء والكيمياء وغيرها من العلوم التجريبية، أو علم الاجتماع والنفس والتربية وغيرها من العلوم الإنسانية، فهُم معدودون من جمهور المسلمين وعوامِّهم، بل هم أشبه بأهل الكلام الذين ليس لهم من العلم إلاَّ عباراتٌ وشقائقُ المسائل وتفريعُها، فيظنُّهم الجاهل علماء، ولا يخفى أنَّ معرفة شقائق المسائل لا يعكس حقيقةَ العلم وليس دليلاً عليه، وقد قال الإمام مالكٌ -رحمه الله-: «الحكمة والعلم نورٌ يهدي به الله من يشاء، وليس بكثرة المسائل»(11). وقد ذكر ابن عبد البرِّ -رحمه الله- إجماعَ «أهل الفقه والآثار من جميع الأمصار أنَّ أهل الكلام أهل بدعٍ وزَيْغٍ، ولا يُعَدُّون عند الجميع في جميع الأمصار في طبقات العلماء، وإنما العلماء أهل الأثر والفقه، ويتفاضلون فيه بالإتقان والميز والفهم»(12).
فالحاصل أنَّ الاعتبار في وصف العالم بالعلم ما يحتويه صدرُه من العلم بالله تعالى وعن الله تعالى، وما اتَّصف به من تقوى الله وخشيته.
فمالك بن نبي، وشكيب أرسلان، والعقَّاد وغيرهم أجادوا تخصُّصهم ولهم مكانتهم فيه، لكنَّهم غير مختصِّين في العلوم الشرعيَّة، فلا يخرجون عن صنف المفكِّرين والمثقَّفين، فمالك بن نبي مهندسٌ ميكانيكيٌّ، متخرِّجٌ من معهد الهندسة العالي بباريس، وهو مفكِّرٌ إسلاميٌّ جزائريٌّ توفِّي سنة (1393ه-1973م)، أمَّا شكيب أرسلان اللبناني فهو كاتبٌ وأديبٌ وشاعرٌ ومؤرِّخٌ وسياسيٌّ توفِّي سنة (1366ه-1946م)، وأمَّا عبَّاس محمود العقَّاد؛ فهو أديبٌ مصريٌّ وشاعرٌ ناثرٌ، توفِّي سنة (1383ه-1964م)؛ فهؤلاء اختصاصاتهم في العلوم اللغوية والتجريبية.
أمَّا القرضاوي وأضرابه فإنهم لا يُعْرَفون برسوخ أقدامهم في مواطن الشبه، وهم غيرُ مُتشبِّعين بالسنن والآثار، وكثيرًا ما تزيغ أفهامهم عن فهم السلف الصالح، لذلك نجد فتاويَهم مخالفةً لأقوال السلف، كما يُعْرف عنهم عدم الاتِّصاف بتقوى الله في فتاويهم وسيرتهم، فهُم يجيزون الاستماعَ إلى العزف والأغاني والطرب من الرجال والنساء، ويتلذَّذون بالاستماع إليها ويجيزونها لغيرهم، كما يجيزون العمل في البنوك الربوية بدعوى أنَّ المصلحة تقتضي ذلك، كما يجيزون دخول السينما وممارسةَ أعمال المسرح والتمثيليَّات للذكور والإناث، ويرون ضرورةَ منح النساء مزيدًا من الحقوق، وأنَّ النساء اللاَّتي تجاوزن سنَّ الحمل والولادة يُسمح لهنَّ بالترشُّح في الانتخابات، وهم ممَّن يرَوْنَ أنَّ الدول العربية يجب أن تتحوَّل إلى الديموقراطية، وأنَّ الإسلام يجب أن يشهد إصلاحاتٍ ويحتفيَ بالتسامح في ظلِّ تقارُب الأديان ووحدتها، وهم مِمَّن يمتدحون المُثُل الغربية ويعتقدون أنَّ ثمَّةَ إمكانيةً للتعايش بين اليهود والدولة الفلسطينية، كما يُفتون الجنود الأمريكيِّين المسلمين أن يقاتلوا في صفوف الجيش الأمريكيِّ في أفغانستان، كما أنه من المعروف في خُطبهم التشهيرُ بالحكَّام والانتقاصُ منهم وتأليب العامَّة عليهم، والاعتراف بالدولة اليهودية ضمنًا والثناءُ عليها جهارًا في مناسبات الانتخابات اليهودية، وتجويزُ الأحزاب والممارسات الديمقراطية، والإشادة بحرِّيَّة الشعوب في اتِّخاذ أنموذج نظامها، وأنَّ اختيارها فوق كلِّ اعتبارٍ، وغيرها من الأمور التي لا يرضاها المسلمون فضلاً عن علمائهم وفقهائهم الذين هم جميعًا شهداء الله في أرضه، ولا شكَّ أنَّ ارتكاب مثل هذه المحاذير يمنع من الثقة بالفتوى -كما قد بيَّنَّا ذلك في كتاب «الإرشاد»-(13).
• وأمَّا قول السائل: «إنه أصبح يحتجُّ بأنه لا إنكار في مسائل الخلاف، سواءً كان الخلاف معتبرًا أو غير ذلك، وبمقول قوله: لا تنكر على الحنفي الذي يشرب النبيذ، لأنه حنفيٌّ»، اه.
فجوابه: أنَّ القول بأنَّ مسائل الخلاف لا إنكار فيها ليس بصحيحٍ، كما بيَّن ذلك ابن القيِّم في «إعلام الموقِّعين» أتمَّ البيان، فحاصل ذلك أنه يُفرَّق بين المسائل الاجتهادية والمسائل الخلافية، ففي المسائل الخلافية فإنه يجب الإنكار على المخالف في قولٍ يخالف سنَّةً ثابتةً أو إجماعًا شائعًا، وكذلك يجب الإنكار على العمل المخالف للسنَّة أو الإجماع بحسب درجات إنكار المنكر.
أمَّا المسائل الاجتهادية فلا يجوز الإنكار فيها على المخالف إلاَّ بعد بيان الحجَّة وإيضاح المحجَّة، ولا شكَّ أنَّ شرب النبيذ إن كان مسكرًا حرامٌ، لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ»(14)، وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ»(15)، وهذه من المسائل الخلافية غير الاجتهادية، التي يجب الإنكار فيها على العمل المخالف للسنَّة الثابتة بحسب درجات الإنكار(16).
• وأمَّا قول السائل: «ثالثًا: إنه ناقمٌ على السلفية تسميةً ومنهجًا، فالتسمية يرى بأنها زادت الأمَّةَ فُرْقةً، أمَّا منهجًا فيرى أنَّ الدعاة السلفيِّين كانوا هم السبب في طمس معالم المذهب المالكي وأنهم أبعدوا الناس عنه».
فالجواب على ذلك أن نقول:
إنَّ «السلفية» معناها الانتساب إلى سلف هذه الأمَّة من الصحابة والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وتُسمَّى -أيضًا- بأهل السنَّة والجماعة، أو الفرقة الناجية، أو أهل الحديث، أو الطائفة المنصورة، فمثل هذه التسميات والاصطلاحات أُطلقت في مقابلة أهل الأهواء والبدع، من أهل الفلسفة وعلم الكلام، والمتصوِّفة والقبوريِّين والطرقيِّين والخرافيِّين، والجهمية والرافضة والخوارج والمرجئة وغيرهم(17).
ومعنى السلفية: «الاعتقاد الصحيح بالنصِّ من الكتاب والسنَّة وإجماع السلف، بالتزام موجَبها من الأقوال والأعمال».
ولا يعاب التسمِّي بأهل السنَّة والجماعة أو بالسلفية، باعتباره اسمًا شرعيًّا استعمله أئمَّة السلف في مقابلة أهل الأهواء والبدع، لذلك لَمَّا سئل الإمام مالكٌ -رحمه الله-: «مَن أهل السنَّة؟» قال: «أهل السُّنَّة الذين ليس لهم لقبٌ يُعرفون به، لا جهميٌّ ولا قدريٌّ ولا رافضيٌّ»(18)، أي مراده: أنَّ أهل السنَّة التزموا الأصلَ الذي كان عليه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابه، وبَقُوا متمسِّكين به من غير انتسابٍ إلى شخصٍ أو جماعةٍ. ومن هنا يُعلم أنَّ هذه التسمية إنما نشأت بعد الفتنة عند بداية ظهور الفرق الدينية في الأمَّة وتعدُّد الاتِّجاهات الفكرية فيها حول أصول الدين، وقد أشار إلى ذلك ابن سيرين -رحمه الله- بقوله إنهم: «لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلمَّا وقعت الفتنة قالوا: سَمُّوا لنا رجالكم ! فيُنظر إلى أهل السنَّة فيؤخذ حديثُهم، ويُنظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم»(19). الأمر الذي دعا العلماءَ الأثبات والأئمَّة الفحولَ لتجريد أنفسهم لترتيب الأصول العُظمى والقواعد الكبرى للاتِّجاه السلفيِّ والمعتقد القرآنيِّ، ومن ثَمَّ نسبته إلى السلف الصالح لحسم البدعة وقطع الطريق على كلِّ مبتدعٍ بدعةً اعتقاديةً.
هذا؛ والمنهج السلفيُّ قائمٌ على الصحيح المنقول الثابت بالكتاب والسنَّة والآثار الواردة عن الصحابة والتابعين من أئمَّة الهدى ومصابيح الدجى، الذين سلكوا طريقهم، كما قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»(20)، وفي قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ»(21).
فكان هذا المنهج هو الصراطَ المستقيم، وهو من أعظم ما يتميَّز به أهل السنَّة والجماعة أو السلفُ عن أهل الأهواء والفُرقة، وهي خصيصةٌ لم يتَّصف بها أحدٌ سواهم، ذلك لأنَّ مصدر التلقِّي عند مخالفيهم من أهل البدع والفرقة هو العقل الذي أفسدته تُرَّهات الفلاسفة وخُزَعبَلات المناطقة وتمحُّلات المتكلِّمين.
هذا؛ والسلفية ليست مفرِّقةً، وإنما هي مجمِّعةٌ للمسلمين على التوحيد الخالص ومتابعة الرسول والتزكية، فقد كان من نتائج المنهج السلفيِّ اتِّحادُ كلمة أهل السُّنَّة والجماعة بتوحيد ربِّهم، واجتماعُهم باتِّباع نبيِّهم، واتِّفاقُهم في مسائل الاعتقاد وأبوابه قولاً واحدًا لا يختلف مهما تباعدت بهم الأمكنة واختلفت بينهم الأزمنة، فكان الانتساب إلى السلفية عزًّا وشرفًا ورمزًا للافتخار وعلامةً على العدالة في الاعتقاد، خاصَّةً إذا تجسَّد بالعمل الصحيح المؤيَّد بالكتاب والسنَّة، وإنما العيب والذمُّ في مخالفة اعتقادِ ومذهب السلف الصالح في أيِّ أصلٍ من الأصول، لذلك لم يكن الانتساب إلى السلف بدعةً لفظيةً واصطلاحًا كلاميًّا، لكنَّه حقيقةٌ شرعيةٌ ذات مدلولٍ محدَّدٍ.
وإنما حاربت السلفيةُ البدعَ والتعصُّب المذهبيَّ والتفرُّق، ووقوعَ الفتن بين المذاهب، والانتصارَ لها بالأحاديث الضعيفة والآراء الفاسدة، وترْكَ ما صحَّ وثبت من السنن والآثار عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، كما حاربت تَنْزِيل الإمام المتبوع في أتباعه منزلةَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في أمَّته، والإعراضَ عن الوحي والاستغناءَ عنه بأقوال الرجال، مثلُ هذا الالتزام بمذهبٍ واحدٍ اتُّخِذ سبيلاً لجعل المذهب دعوةً يدعى إليها ويوالى ويعادى عليها، الأمر الذي أدَّى إلى الخروج عن جماعة المسلمين وتفريق صفِّهم وتشتيت وحدتهم، وقد حصل بسبب ذلك تسليطُ الأعداء على المسلمين.
والسلفية إنما تدعو إلى التمسُّك بوصيَّة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم المتمثِّلة في الاعتصام بالكتاب والسنَّة وما اتَّفقت عليه الأمَّة، فهذه أصولٌ معصومةٌ دون ما سواها. قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ فَلَنْ تَضِلُّوا أَبَدًا: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ»(22)، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ المَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ»(23).
• وأمَّا قول السائل: «إليك الآن بعض فتاويه الجديدة:
أفتى بجواز الاحتفال بالمولد النبويِّ الشريف وأعياد الميلاد التي هي من عادات الكفَّار، ولمَّا اعتُرِض عليه بفتوى اللجنة الدائمة قال بأنَّ لديه عالِمًا أفتى بذلك وهو القرضاوي، واستدلَّ بقاعدةٍ فقهيةٍ معناها: «أنَّ الشيء إذا تفشَّى عند المسلمين كان من عاداتهم ولو كان أصلها من عادات الكفَّار»، أو شيءٌ كهذا. وأفتى لأحد الإخوة بجواز أخذ قرضٍ بنكيٍّ للزواج لأنه ضرورةٌ»، اه.
فالجواب:
– أوَّلاً: الاحتفال بالمولد النبويِّ(24) الذي أحدثه بعض الناس -سواءً مضاهاةً للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، أو محبَّةً للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وتعظيمًا له- يُعتبر من البدع المحدثة في الدين التي حذَّر الشرع منها، لأنَّ هذا العمل ليس له أصلٌ في الكتاب والسنَّة، ولم يتَّخذ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم موالدَ لمن قبله من الأنبياء والصالحين، ولم يُؤثَر عن الصحابة والتابعين إحياءُ مثل هذه الموالد والاحتفالُ بها، أي: لم يُنقل عن أهل القرون المفضَّلة إقامةُ هذا العمل، وإنما حدث ذلك في دولة بني عُبَيْدٍ المتسمِّين بالفاطميِّين، وأوَّل من أحدثه المعزُّ لدين الله سنة (362ه) بالقاهرة، واستمرَّ الاحتفال به إلى أن ألغاه الأفضل أبو القاسم أميرُ الجيوش ابن بدرٍ الجمالي، وزير المستعلي بالله العبيدي سنة (488ه)، ثمَّ أعيد الاحتفال مرَّةً ثانيةً بعد وفاة المستعلي سنة (490 ه)(25).
ومعنى ذلك أنَّ هذه الموالد لم تُعرف عند المسلمين قبل القرن الرابع الهجري، ولم يفعله السلف مع قيام المقتضي له وانتفاء المانع، ولو كان هذا خيرًا محضًا أو راجحًا لكان السلف رضي الله عنهم أحقَّ به منَّا، فإنهم كانوا أشدَّ محبَّةً لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وتعظيمًا له منَّا، وهم على الخير أحرص، كما صرَّح بذلك شيخ الإسلام في «الاقتضاء»(26)، علمًا أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ المَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ»(27)، والمهديُّون من الخلفاء لم يفعلوا هذا العمل.
ثمَّ إنَّ الاحتفال بِعِيد ميلاد عيسى عليه السلام ليس من عادات الكفَّار، وإنَّما هو من عباداتهم، كما أفصح عن ذلك ابن القيِّم -رحمه الله- بقوله: «وَمَن خصَّ الأمكنة والأزمنة من عنده بعباداتٍ لأجل هذا وأمثاله؛ كان من جنس أهل الكتاب الذين جعلوا زمانَ أحوال المسيح مواسمَ وعباداتٍ، كيوم الميلاد ويوم التعميد(28) وغير ذلك من أحواله»(29).
وإذا سلَّمْنا -جدلاً- أنه من عاداتهم فقد نُهينا عن التشبُّه بهم وتقليدهم، سواءً في أعيادهم أو في غيرها. ومعلومٌ أنَّ المشابهة إذا كانت في أمورٍ دنيويةٍ فإنها تُورِثُ المحبَّةَ والموالاة، فكيف بالمشابهة في أمورٍ دينيةٍ ؟ فإنَّ إفضاءها إلى نوعٍ من الموالاة أكثرُ وأشدُّ، والمحبَّة والموالاة لهم تنافي الإيمان كما قرَّره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-(30).
– أمَّا مسألة الاقتراض من البنك، فلا يخفى أنَّ المعاملاتِ البنكيةَ وسائرَ المصارف المالية من صناديق الادِّخار وغيرها تقوم على أساس ربا الديون، المتمثِّل في قاعدة: «أَنْظِرنِي أَزِدْكَ»، وهو من ربا النسيئة التي ورد فيها التشديد في الوعيد في قوله تعالى: ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ﴾ [البقرة: 279]، والأصل في المسلم الابتعادُ عمَّا حرَّمه الله ورسوله، وأن لا يتعاون إلاَّ على البرِّ والتقوى، وقد يُرخَّص التعامل مع البنك في حالاتٍ ماليةٍ تقتضيها الظروف الاستثنائية دون الصور المحرَّمة كمسألة الاقتراض والضمان وغيرهما، مثلما إذا تعذَّر على التاجر تحويلُ أمواله أو صرفُها، وذلك باتَّخاذ البنك وكيلاً عند الضرورة، فظهر جليًّا فساد مثل هذه الفتوى.
• وأمَّا قول السائل: «إنه يرى الأخذَ بالأيسر من فتاوى أهل العلم مثل فتاوى القرضاوي التي تسهِّل على الناس، بخلاف فتاوى الألباني فإنها متشدِّدةٌ، وفِقْهُه واقفٌ على ظواهر النصوص دون اعتبار المقاصد العامَّة للتشريع والقواعد العامَّة لهذا الدين، وقال في الشيخ الألباني بأنه محدِّثٌ فقط وليس بفقيهٍ، وأنَّ فيه ظاهريةً لأنه لا يرى الأخذَ بالإجماع السكوتيِّ، وغير ذلك من المسائل التي وافق فيها مذهبَ أهل الظاهر، أمَّا أتباعه فيصفون الألبانيَّ بالأعجمي الذي لا يفهم كلامَ العرب»، اه.
فالجواب:
أنَّ الذي ينبغي أن يُعلم أنَّ الأحكام التكليفية، سواءً كانت تحريمًا أو إيجابًا أو ندبًا أو كراهةً مبنيَّةٌ على التكليف بما يطاق فعلُه وتركُه، وهذا مبنيٌّ على التخفيف والتيسير من ناحيةِ أنَّ الله تعالى رفع عنَّا الأغلال التي كانت على من قبلنا، كما أنَّ هذه الأحكامَ -من منظور رفع الحرج- شُرعت تخفيفًا وتيسيرًا على ذي الحاجة والمضطرِّ، ولهذا كانت الشريعة بأحكامها من حرامٍ وحلالٍ مبنيَّةً على التيسير ورفع الحرج عن العباد والتخفيف عنهم، لقوله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحجّ: 78]، ﴿يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ﴾ [النساء: 28].
ومِن رفع الحرج في الشريعة رخصةُ القَصْر في السفر، والإفطار في رمضان للمريض، والإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام، وصلاة العاجز عن القيام قاعدًا، وإباحة المحظور للضرورة كما في قوله تعالى: ﴿وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ﴾ [الأنعام: 119]، أمَّا الاستظهار بحديث: «مَا خُيِّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلاَّ اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا»(31)، فإنما يصحُّ فيما إذا كانا جائزين أو حلالين، ولا تخيير بالأيسر إذا كان أحدهما حرامًا والآخَر حلالاً، ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها: «مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا»، فإنه يرتَّب الإثم على الحرام فلا تخيير. ذلك لأنَّ المعلوم في باب الترجيح من جهة المدلول أو الحكم أنه «يُقَدَّمُ الدَّلِيلُ الدَّالُّ عَلَى التَّحْرِيمِ وَالحَظْرِ عَلَى الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى الإِبَاحَةِ»، وهو ما عليه جماهير أهل العلم، والتحريم يدلُّ على التشديد، وكذلك يُقدَّم الواجب على المندوب وهو أثقل منه، ويُقدَّم الواجب على المكروه وعلى المباح وهو الأثقل، ويُقدَّم التحريم على الواجب، وهو أثقل منه وأغلظ. لكنَّ هذا التشديد والإثقال لا يخرج عن كونه مبنيًّا على التخفيف والتيسير لأنه تكليفٌ يدخل في الطاقة والوسع في الفعل والترك.
– أمَّا اتِّهام الشيخ الألباني -رحمه الله- ووصفُه بالظاهري؛ فإنه معلومٌ من كتاباته ومؤلَّفاته وترجيحاته أنها تدلُّ دلالةً واضحةً على ضعف هذا القول وتفاهته، فإنه لا يخفى أنَّ الظاهرية قد شذَّت في مسائلَ خالفت عمومَ أهل العلم فيها ولا سلف لهم فيها، كمسألة التغوُّط والتبوُّل في الماء الراكد، وخالفوا الجمهورَ في مسائلَ ليس لهم فيها سلفٌ من الصحابة أو التابعين أو تابعيهم أو من الأئمَّة المعتبَرين. وهذا القسم الثاني لو اجتهد أهل النظر، وانتهى اجتهادهم إلى ما يوجب مخالفةَ الجمهور فيما ذهبوا إليه مع عدم الشذوذ عن أقوال المجموع، ولا الجمود على النصِّ؛ لَما كان صاحب النظر فيها ظاهريًّا ولو وافق أهلَ الظاهر في بعض المسائل، بل يكون مجتهدًا مطلقًا غير منتسبٍ للمذاهب المتبوعة، لأنه إنما أخذ بالدليل، وأخذ من حيث أخذ الأئمَّة المجتهدون(32).
هذا؛ وقد وردت مسائلُ كثيرةٌ خالف فيها الألبانيُّ ابنَ حزمٍ الظاهريَّ، منها: مسألة «الفخذ عورةٌ»، وقد صرَّح الألباني بمخالفته لابن حزمٍ، قال: «خلافًا لِما قعقع حوله ابن حزمٍ»(33).
كما خالفه في مسألة اشتراط المسجد الجامع في الاعتكاف، وفي مسألة الثوب الواسع في الصلاة، وفي مسألة رضاع الكبير، وفي حكم العزل، وفي حكم الاستمناء، وفي مسألة خدمة المرأة زوجَها في بيتها، ووطء الحائض عامدًا أو جاهلاً، وفي مسألة الاستماع إلى آلات الطرب والمعازف، فكيف أنَّ ابن حزمٍ استحلَّ الغناءَ وسماع الآلات وحرَّمه الألباني ؟ وكيف أجاز ابن حزمٍ الطلاقَ الثلاث وقال بوقوعه ثلاثًا ولو كان بكلمةٍ واحدةٍ وحرَّم المرأة على المطلِّق، ولم يَقُلِ الألباني بوقوعها ثلاثًا ؟ فهذه تهمةٌ زائفةٌ لا أساس لها ولا قيمة.
ثمَّ إنَّ الظاهرية ينكرون القياسَ مطلقًا، ولم يصحَّ ذلك عن الألباني، والظاهرية أُخذ عليهم جمودُهم على ظواهر النصوص الشرعية، والألباني -رحمه الله- لم يكن كذلك، بل هي تهمةٌ لا وَزْن لها، إذ المعلوم أنه كان يسلك مذهب أهل العلم في معرفة دلالات النصوص، إمَّا عن طريق جمع الأحاديث والأخبار، والتثبُّت من صحَّة الزيادات المفسِّرة لها في بعض الطرق، ثمَّ إقامة الحجَّة بما يثبت حالَ الاستدلال، وإمَّا عن طريق إظهار المعنى من وجوه دلالات النصوص بالاعتماد على فهم السلف الصالح للمعنى المراد من جملة المعاني، وهذه لا شكَّ مخالِفةٌ تمامًا لمذهب أهل الظاهر، وإمَّا بإعمال ظاهر النصِّ إذا كان معناه بعيدًا وتعذَّر وجود الصارف، وهي طريقة أهل التحقيق كالشافعيِّ وابن القيِّم وابن دقيقٍ وغيرهم، يقول ابن القيِّم -رحمه الله-: «فالواجب حملُ كلام الله تعالى ورسوله، وحملُ كلام المكلَّف على ظاهره الذي هو ظاهره، وهو الذي يُقصد من اللفظ عند التخاطب، ولا يتمُّ التفهيم والفهم إلاَّ بذلك، ومدَّعي غير ذلك على المتكلِّم القاصد للبيان والتفهيم كاذبٌ عليه»(34)، وعليه فإنَّ البقاء على ظواهر النصوص من غير جمودٍ في اتِّباع اللفظ والتقيُّدِ بحرفيَّته وإغفالِ ما ينطوي عليه من معنًى، ومن غير ابتعادٍ عن ظاهر النصوص إلى معنًى بعيدٍ هو ما يقتضيه التحقيقُ ويستوجبه العمل، وضمن هذا المنظور يقول ابن دقيقٍ العيد -رحمه الله تعالى-: «واعلم أنَّ أكثر هذه الأحكام قد تدور بين اعتبار المعنى واتِّباع اللفظ، ولكن ينبغي أن يُنظر في المعنى إلى الظهور والخفاء، فحيث يظهر ظهورًا كثيرًا فلا بأس باتِّباعه وتخصيص النصِّ به أو تعميمه على قواعد القياسيِّين، وحيث يخفى أو لا يظهر ظهورًا قويًّا فاتِّباع اللفظ أَوْلى»(35).
ولا شكَّ أنَّ هذه المسالك في الإمرار على الظاهر هو ما جرى عليه السلف الصالح، لا سيَّما في أبواب الاعتقاد والأسماء والصفات، قال الشافعي -رحمه الله-: «فكلُّ كلامٍ كان عامًّا ظاهرًا في سنَّة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فهو على ظهوره وعمومه حتَّى يُعلم حديثٌ ثابتٌ عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم -بأبي هو وأمِّي- يدلُّ على أنه إنما أريد بالجملة العامَّة في الظاهر بعضُ الجملة دون بعضٍ»(36)، والمعروفُ عن الشيخ الألباني -رحمه الله- أنه كان يدعو إلى الدليل الصحيح، وفقهِ الدليل الصحيح. وكان فعلاً محدِّثًا فقيهًا، تشهد له مؤلَّفاته الحديثية والفقهية وفتاويه الغنيَّة بالمسائل الحديثية والفقهية والمنهجية المبنيَّة على مقاصد الشريعة وقواعدها، وهذا ممَّا يدلُّ على فقهه -رحمه الله- وعلمه بأحوال زمانه.
وأمَّا القول بأعجميَّته فهو ليس بدعًا من أولئك الأعاجم حَمَلَة السُّنَّة والإسلام الذين نالوا المنزلةَ العظيمة بالاجتهاد والصبر وكمال اليقين، إذ «بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين» لا بكونه عربيًّا أو أعجميًّا، قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ [السجدة: 24]، ومن أمثال الأعاجم الذين جعل الله عمادَ الناس عليهم في الفقه والعلم وأمور الدين والدنيا: الإمام محمَّد بن إسماعيل البخاري، والإمام مسلم بن الحجَّاج النيسابوري، وكثيرٌ من أهل الحديث كالنسائي والترمذي والحاكم النيسابوري وغيرهم كثيرٌ، الذين كانوا أعاجم نشروا السنَّةَ والإسلام، وهم باقون ما بقي الدهر، «أعيانهم مفقودةٌ، وآثارهم في القلوب موجودةٌ» كما أُثر ذلك عن عليِّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه(37).
• هذا، والنصيحة التي يمكن لنا في هذا المقام أن نوجِّهها لمن سلك هذا الطريق أن نقول: إنَّ الواجب عليه أن يظهر بحجمه الحقيقيِّ لا بحجم غيره، فلا يُكثر من المسائل وتشقيقاتها، ولا يُؤجِّج فيها نار الجدل والخصومة، حتَّى يَظنَّ الأتباعُ أنه من أهل العلم فيضلَّهم، «كَالهِرِّ يَحْكِي انْتِفَاخًا صَوْلَةَ الأَسَدِ !»، وما أخطر ذلك، فقد قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَاِم مَنْ تَبِعَهُ، لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا»(38). فالذي يحكم على نفسه بالتقليد، ويؤصِّل ويقعِّد ويثير الشبه، ويدعو إلى مناهجَ منحرفةٍ بيَّن العلماء خروجَها عن الصراط المستقيم مع أنَّ المقلِّد ليس بعالمٍ اتِّفاقًا، فهو مدَّعٍ يظهر بغير حجمه، ويزن نفسه بميزان أهل العلم والاجتهاد، والواجب عليه أن لا يتكلَّف ما ليس له، لأنَّ «المُتَشَبِّع بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ»(39) كما قال عليه الصلاة والسلام.
وننصحه بالاهتمام البالغ والأكيد بطلب العلم والمزيد فيه، والحرص الدائم عليه، ومجالسة الرجال مع التواضع وخفض الجناح، وأن لا يكتفيَ منه بشذراتٍ ونُتَفٍ، بل الواجب عليه التواصل للوصول، مقرونًا بالصدق مع الله وطيب السريرة، مع سهر الليالي ومعاناة الأيَّام، ليكون القدوةَ في الدين، ومن الدين الاقتداءُ بأهل العلم والعمل والاستقامة في الهدى والسنَّة، إذ لا يكون الإمام إلاَّ بالتقوى، كما هو أحد مطالب عباد الرحمن: ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ [الفرقان: 74]، فالإمامة من حيث حملُ الناس على الخير والصلاح والكمال بالقدوة الصالحة مطلوبةٌ شرعًا، لأنَّ فِعْلَ الخير والاتِّصافَ بالصلاح إنما تكون الدعوة إليهما بالعمل، وهو أبلغ من القول، ومن طلبها من أجل الرئاسة والتصدُّر والتقدُّم على الناس فغيرُ مشروعٍ طلبُه، وهو عمل المتكبِّرين لا عمل المتَّقين.
ثمَّ اعلم أنَّ كلَّ من لم يَقْتَدِ بالسلف الصالح فليس أهلاً أن يُقتَدَى به، وفي هذا المضمون يقول ابن باديس -رحمه الله-: «فكلُّ من اخترع وابتدع في الدين ما لم يعرفه السلف فهو ساقطٌ عن رتبة الإمامة فيه»(40).
فنسأل الله أن يوفِّقنا ويهديَنا إلى سنَّة نبيِّنا إذا اقتدينا وإذا اقتُدِي بنا، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.

(1) «مبادئ الأصول» لابن باديس بشرح «الفتح المأمول» للمؤلِّف (203).
(2) انظر: «الفقيه والمتفقِّه» للخطيب البغدادي (2/ 68، 69)، «جامع بيان العلم وفضله» لابن عبد البرِّ (2/ 100، 115)، «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (19/ 260، 261)، (20/ 15، 16، 17، 225)، «إعلام الموقِّعين» لابن القيِّم (2/ 187، 188)، «أضواء البيان» للشنقيطي (7/ 486).
(3) «شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العزِّ (1/ 228).
(4) انظر: «روضة الناظر» لابن قدامة (2/ 406، 407)، «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (20/ 204، 212)، «مذكِّرة الشنقيطي» (312).
(5) انظر: «إعلام الموقِّعين» لابن القيِّم (4/ 216، 217).
(6) «الإرشاد إلى مسائل الأصول والاجتهاد» (64).
(7) انظر: «إعلام الموقِّعين» لابن القيِّم (4/ 261-262).
(8) أخرجه الحاكم (4/ 457) في «الفتن والملاحم» من طريق درَّاجٍ عن ابن حُجَيْرَة عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال الحاكم: «صحيح الإسناد» ووافقه الذهبي. والحديث ضعَّفه الألباني في «السلسلة الضعيفة» (8/ 191) لأجل درَّاجٍ وهو مختلفٌ فيه.
ثمَّ استقرَّ قوله بعد ذلك على الأخذ برواية درَّاجٍ إلاَّ ما كان عن أبي الهيثم، وهو ما أفصح عنه الذهبي عن أبي داود وغيره. قال الألباني في «السلسلة الصحيحة» (7/ 1383): «وقد كنت ضعَّفتُ حديثه هذا [الحديث رقم (3470)] قديما كالأحاديث الأخرى، ثمَّ ترجَّح عندي قول أبي داود في التفريق بين ما يرويه عن أبي الهيثم فضعيفٌ، وما يرويه عن أبي حجيرة فمستقيمٌ، كما سبق أن بيَّنتُ ذلك، وهذا من روايته عنه والله أعلم». انظر: «السلسلة الصحيحة» تحت رقم (3350، 3470، 3479).
(9) أخرجه البخاري في «أحاديث الأنبياء» باب قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ﴾ (3344)، ومسلم في «الزكاة» (1064)، من حديث أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه.
(10) «فضل علم السلف على علم الخلف» لابن رجب (57- 58).
(11) «جامع بيان العلم وفضله» لابن عبد البرِّ (1/ 18).
(12) المصدر نفسه (2/ 95).
(13) انظر: «الإرشاد إلى مسائل الأصول والاجتهاد» (66).
(14) أخرجه أبو داود في «الأشربة» (3681) باب النهي عن المسكر، والترمذي في «الأشربة» (1865)، باب ما جاء: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ»، وابن ماجه في «الأشربة» (3393) باب: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ»، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، والحديث قال عنه ابن حجر في «التلخيص الحبير» (4/ 143): «رجاله ثقاتٌ»، وصحَّحه الألباني في «إرواء الغليل» (8/ 42).
(15) أخرجه البخاري في «المغازي» باب بعث أبي موسى ومعاذٍ إلى اليمن قبل حجَّة الوداع (4343)، ومسلم في «الأشربة» رقم (1733)، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
(16) انظر: «إعلام الموقِّعين» لابن القيِّم (3/ 288، 289).
(17) انظر: «لوامع الأنوار البهية» للسفاريني (1/ 20).
(18) «الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمَّة الفقهاء» لابن عبد البرِّ (35)، «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (1/ 172).
(19) رواه مسلم في «مقدِّمة صحيحه» (1/ 8).
(20) أخرجه البخاري في «الشهادات» باب لا يشهد على شهادة جَوْرٍ إذا شهد (2652)، ومسلم في «الفضائل» رقم (2533)، من حديث عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه. وله شاهدٌ من حديث النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما بهذا اللفظ إلاَّ أنه قال ثلاث مرَّاتٍ: «ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»، فأثبت القرن الرابع. [انظر: «السلسلة الصحيحة» للألباني (2/ 320)].
(21) أخرجه بهذا اللفظ: مسلم في «الإمارة» (1920) من حديث ثوبان رضي الله عنه. وأخرجه البخاري في «الاعتصام بالكتاب والسنَّة» باب قول النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي..» (7311) من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه. بلفظ: «لاَ يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ».
(22) أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (20336)، والحاكم (1/ 171) في «المستدرك»، من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما، والحديث صحَّحه الألباني في «المشكاة» (1/ 66).
(23) أخرجه أبو داود في «السنَّة» باب في لزوم السنَّة (4607)، والترمذي في «العلم» باب ما جاء في الأخذ بالسنَّة واجتناب البدع (2676)، وغيرهما من حديث العرباض بن سارية، والحديث صحَّحه ابن الملقِّن في «البدر المنير» (9/ 582)، والألباني في «السلسلة الصحيحة» (6/ 526).
(24) لمزيدٍ من التفصيل انظر رسالتنا: «حكم الاحتفال بمولد خير الأنام عليه الصلاة والسلام».
(25) انظر: «الإبداع» لعلي محفوظ (126)، «المواعظ والاعتبار» للمقريزي (1/ 432، 433)، «القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل صلَّى الله عليه وسلَّم» لإسماعيل الأنصاري (68).
(26) انظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (2/ 123).
(27) تقدَّم تخريجه، انظر الهامش (23).
(28) التعميد أو المعمودية عند النصارى: أن يَغْمِسَ القَسُّ الطفلَ في الماء باسم الأب والابن وروح القدس، ويتلوَ عليه بعض فِقَرٍ من الإنجيل، تعبيرًا عن تطهير النفس من الخطايا والذنوب. وهو آية التنصير عندهم. [انظر: «المعجم الوسيط» (2/ 626)، «المسيحية» لأحمد شلبي (30، 168، 169)].
(29) «زاد المعاد» لابن القيِّم (1/ 59).
(30) انظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» (1/ 550).
(31) أخرجه البخاري في «الحدود» باب إقامة الحدود والانتقام لحرمات الله (6786)، ومسلم في «الفضائل» (2327)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(32) () انظر الفتوى (459) الموسومة ب: «في الشذوذ في الفقه» على الموقع الرسمي.
(33) «تمام المنَّة» للألباني (160).
(34) «إعلام الموقِّعين» لابن القيِّم (3/ 108).
(35) «إحكام الأحكام» لابن دقيقٍ (3/ 115).
(36) «الرسالة» للشافعي (341).
(37) أخرجه أبو نعيمٍ في «الحلية» (1/ 80)، والخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقِّه» (198)، وابن عبد البرِّ في «جامع بيان العلم وفضله» (1/ 120).
(38) أخرجه مسلم في «العلم» (2674) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(39) أخرجه البخاري في «النكاح» باب المتشبِّع بما لم ينل وما يُنهى من افتخار الضَّرَّة (5219)، ومسلم في «اللباس والزينة» (2130)، من حديث أسماء بنت أبي بكرٍ رضي الله عنهما. ومعنى الحديث عند العلماء: «المتكثِّر بما ليس عنده بأن يُظهر أنَّ عنده ما ليس عنده يتكثَّر بذلك عند الناس ويتزيَّن بالباطل فهو مذمومٌ كما يُذمُّ من لبس ثوبَيْ زورٍ». [«شرح مسلم للنووي» (14/ 110)].
قال ابن حجر في «الفتح» (9/ 318): «وأمَّا حكم التثنية في قوله (ثوبي زور) فللإشارة إلى أنَّ كذب المتحلِّي مثنى، لأنه كذب على نفسه بما لم يأخذ وعلى غيره بما لم يُعطَ، وكذلك شاهد الزور يظلم نفسه ويظلم المشهود عليه».
(40) «مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير» لابن باديس (320).


بسم الله الرّحمن الرّحيم

بارك الله فيكم الأخ الفاضل ياسين ، وأذكّركم بأهميّة نقل اسم صاحب المقال حتّى يحظى بالدّعاء له على مجهوداته .

فمشاركتكم الأولى : مقال للشيخ إبراهيم الفارس ، والنقل كان من الشاملة .

وعنوان الدرس:

مصادر أهل السُنّة والجماعة في التّلقّي

والمشاركة الثانية كان المقال للشيخ أبي عبدالمعز محمد علي فركوس من موقعه الرّسمي .

وعنوان المقال كما أدرجتم :


في بيان خطورة التّأصيل قبل التّأهيل

جزاكم الله خيرًا وأحسن إليكم

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمة الله هبة الجيريا

بسم الله الرّحمن الرّحيم

بارك الله فيكم الأخ الفاضل ياسين ، وأذكّركم بأهميّة نقل اسم صاحب المقال حتّى يحظى بالدّعاء له على مجهوداته .

فمشاركتكم الأولى : مقال للشيخ إبراهيم الفارس ، والنقل كان من الشاملة .

وعنوان الدرس:

مصادر أهل السُنّة والجماعة في التّلقّي

والمشاركة الثانية كان المقال للشيخ أبي عبدالمعز محمد علي فركوس من موقعه الرّسمي .

وعنوان المقال كما أدرجتم :


في بيان خطورة التّأصيل قبل التّأهيل

جزاكم الله خيرًا وأحسن إليكم

وفيك بارك الله اختنا الفاضلة شكرا على التذكير
احسن الله اليك

آمين…وفّقكم الله للحق والصواب .

العقيدة والمنهج متلازمان وصنوان غير مفترقان 2024.

بسم الله و الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
أمّا بعد :
فإنه من النعم العظيمة التي أنعم الله بها علينا معرفة العقيدة الصحيحة والمنهج القويم وهما متلازمان وصنوان غير مفترقان ، ومن باب النفع ونشر الخير بين طلاب العلم كتبت هذه الكلمات القليلة في تعريف العقيدة المنهج وأنهما صنوان لا يفترقان ونقلت بعض كلام أهل العلم في ذلك وليس لي في هذه الكلمات القليلة إلا الجمع والنقل واسأل الله تعالى أن ينفعنا بها جميعًا إنه جوادٌ كريمٌ .
تعريف العقيدة والمنهج

تعريف العقيدة :
العقيدة في اللغة : من العَقْدِ ؛ وهو الرَّبطُ ، والإِبرامُ ، والإِحكامُ ، والتَّوثقُ ، والشَدُّ بقوه ، والتماسُك ، والمراصةُ ، والإثباتُ ؛ ومنه اليقين والجزم .
والعَقْد نقيض الحل ، ويقال : عَقَده يعقِده عَقْدا ، ومنه عُقْدَة اليمين والنكاح ، قال اللّه تبارك وتعالى :
{ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ } [ سورة المائدة آية : 89] .
والعقيدة : الحكم الذي لا يقبل الشك فيه لدى معتقده ، والعقيدة في الدِّين ما يُقْصَدُ به الاعتقاد دون العمل ؛ كعقيدة وجود اللّه وبعث الرسل . والجمع : عقائد .
وخلاصته :ما عقد الإِنسانُ عليه قلبه جازما به ؛ فهو عقيدة ؛ سواءٌ أكان حقا ، أَم باطلا .
وفي الاصطلاح : هي الأمور التي يجب أن يُصَدِّقَ بها القلب ، وتطمئن إِليها النفس ، حتى تكون يقينا ثابتا لا يمازجها ريب ، ولا يخالطها شك .
أَي : الإِيمان الجازم الذي لا يتطرَّق إِليه شك لدى معتقده ، ويجب أَن يكون مطابقا للواقع ، لا يقبل شكا ولا ظنا ؛ فإِن لم يصل العلم إِلى درجة اليقين الجازم لا يُسَمى عقيدة .
وسمي عقيدة ؛ لأَنَّ الإِنسان يعقد عليه قلبَه .
والعقيدة الإِسلاميَّة :
هي الإِيمان الجازم بربوبية اللّه تعالى وأُلوهيته وأَسمائه وصفاته ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، والقدر خيره وشره ، وسائر ما ثَبَتَ من أُمور الغيب ، وأصول الدِّين ، وما أَجمع عليه السَّلف الصَّالح ، والتسليم التام للّه تعالى في الأَمر ، والحكم ، والطاعة ، والإتباع لرسوله صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم .
والعقيدة الإِسلاميَّة : إِذا أُطلقت فهي عقيدة أَهل السُّنَّة والجماعة ؛ لأنَّها هي الإِسلام الذي ارتضاه اللّه دينا لعباده ، وهي عقيدة القرون الثلاثة المفضَّلة من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإِحسان .
وللعقيدة الإِسلامية :
أَسماء أُخرى عند أَهل السُّنَّة والجماعة ؛ تُرادِفُها ، وتَدلُّ عليها ، منها :
" التوحيد " ، " السُّنَة " ، " أُصُول الدَين " ، " الفقه الأكبر " ، " الشريعة " ، " الإِيمان " .
هذه أَشهر إِطلاقات أَهل السُّنَّة على علم العقيدة

تعرف المنهج :
المنهج لغة : كلمة مشتقة من مادة : نهَجَ ، ينهَجُ ، نهجًا ، ومِنهاجًا ، ومعناه : يدور على أصلين :
أحدهما : الشيء الواضح الذي يسير المرء على وفقه ، كالطريق وما في معناه .
قال تعالى : {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [ المائدة : الآية 48]. ، وقال ابن عباس رضى الله عنه : " سبيلاً وسنة "
والآخر : هو الانقطاع والانحباس والتوقف .
قال ابن فارس : " النون والهاء والجيم أصلان متباينان :
الأول : النهج الطريق ، ونهج لي الأمر أوضَحَه ، وهو مستقيم المنهاج ، والمنهج : الطريق أيضًا ، والجمع : المناهج .
والآخر : الانقطاع ، وأتانا فلانٌ ينهَج : إذا أتى مبهُورًا مُنقطع النَفَس ، وضربتُ فلانًا حتى أُنهِجَ ؛ أي : سَقَط ، ومن الباب : نَهَج الثوب ، وأنهَج ، أخلق ولمَّا فلانًا ينشق ، وأنهجه البِلَى "
والمقصود هنا هو الأصل الأول الدَّال ّ على الشيء الواضح البيِّن الذي يسلكه الإنسان ؛ للوصول إلى هدفه ومراده ، كالطَّريق الواضح المحسوس ، والبرنامج الذي يسير عليه ، والخطط والأهداف المرسومة التي تعمل على مِنوالها ولا يخرج عنها .
وأما اصطلاحًا : فقد ورد لفظ ( المَنْهَج ) و ( المِنْهَاج ) في الكتاب والسّنّة على وفق المعنى اللغوي ، أما الكتاب : فقد تقدمت آية سورة المائدة آنفًا ، وأما السنّة : فقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن سَلام رضي الله عنه أنه رأى رؤيا ، فقال : (( بينما أنا نائم إذ أتاني رجلٌ فقال لي : قم ، فأخذ بيدي فانطلقتُ معه ، قال : فإذا أنا بِجَوَادَّ عن شِمالي ، فأخذت لآخذ فيها ، فقال لي : لا تأخذ فيها فإنها طرق أصحاب الشِّمال ، قال : فإذا جوادُّ مَنْهَجٌ على يميني ، فقال لي : خذ هنا … إلى قوله :قال فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقصصتُها عليه فقال )) .
وخلاصة القول .
يقول الشيخ العلامة " عبيد الجابري " حفظه الله تعالى .
وأما المنهج السلفي فلعله بان لكم من هذا البيان : أنه إتّباعُ كل ما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، والتمسك بذلك قولا وعملا . هذا هو المنهج السلفي، وهو الطريق السلفي وهو، مسلك أهل السنة والجماعة؛ لأن السلفية لها عدة مسمّيات ولا اختلاف بينها في المعنى : فهم الفرقة الناجية، والطائفة المنصورة، وأهل الحديث، وأهل السنة والجماعة
هل هناك فرق بين العقيدة والمنهج ؟.
المنهج أعم من العقيدة ، المنهج يكون في العقيدة وفي السلوك والأخلاق والمعاملات وفي كل حياة المسلم ، كل الخطة التي يسير عليها المسلم تسمى المنهج .
أما العقيدة فيراد بها أصل الإيمان ، ومعنى الشهاديتن ومقتضاهما هذه العقيدة
· سائل يسأل عن الفرق بين العقيدة ، والمنهج؟. وهل بينهما خصوص ، وعموم ، أم لا ؟.
العقيدة هي:- ما تعتقده تديناً في الله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره، وشره، وما يستتبع ذالك من تصديق خبر الله، وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم، في الماضي، والمستقبل، ومن ذالك نعيم القبر، وعذابه، والحوض – حوض النبي صلى الله عليه وسلم – والميزان، وغير ذالك، هذه العقيدة، وكذالك يتبع هذا تنزيل الأولياء، والصالحين،الذين هم أولياء لله، متقين لله، أهل سنة، وأئمتهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم،وآل البيت منهم خاصة، وأئمة التابعين، ومن بعدهم، فتنزلهم منازلهم من غير غلو، من غير إفراط، ولا تفريط، وتتولاهم؛ محبةً في ذات الله سبحانه وتعالى.
والمنهج هو:- الطريق الذي يسلكه المرء في دعوة الناس إلى الله عز وجل.
وقاعدته: الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح. واعلموا أن العقيدة والمنهج متلازمان، العقيدة والمنهج متلازمان وما أحسن ما قال البربهاري – رحمه الله – [ اعلم أن الإسلام هو السنة ، وأن السنة هي الإسلام ]. فالعقيدة، والمنهج لا يختل أحدهما إلا من خلل في الآخر؛ فالخوارج لما اختل منهجهم، وكفَّروا بالكبيرة وحكموا على مرتكبها في الدنيا بأنه كافر، حلال الدم، والمال، وتوصلوا من هذا إلى سبي نسائهم وذراريهم من خلل في عقيدتهم؛ كذَّبوا النصوص الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في أن المعاصي لا تسلب الإيمان بالكلية، وإنما تسلب كماله، ولهذا هم ارتكبوا- مع هذا- تكذيباً آخر؛ فكحموا على مرتكب الكبيرة إذا مات بأنه خالد مخلد في النار………))
سئل الشيخ العلامة ربيع المدخلي – حفظه الله تعالى :
ما الفرق بين العقيدة والمنهج؟
– الجواب : قضية التفريق بين العقيدة والمنهج جاءت في هذا العصر ,الناس لم يكونوا يفرقون بين العقيدة والمنهج ولكن جاءت الفتن فاضطر بعض أهل السنة إلى التفريق بين العقيدة والمنهج . لكن الشيخ ابن باز لا يفرق بين العقيدة والمنهج فيقول كلها واحد .
وأنا اضطررت إلى أن أقول : العقيدة أوسع من المنهج لأن العقيدة تدخل في المنهج منهج أهل السنة في الاعتقاد في الأسماء والصفات كما جاء في الكتاب والسنة منهج أهل السنة كذا ومنهج أهل السنة في الاستدلال كذا ,منهج أهل السنة في الأخبار كذا هذا هو منهجهم كيف يستدلون هذا من المنهج ,كيف يتلقون الأخبار هذا من المنهج

كيف ندرك هذا المنهج؟ كيف نفهمه؟ كيف نفقه؟ كيف نعرفه ؟
نقول أولا : الاستقامة وتقوى الله في السر والعلانية :" ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب" فإذا اتقيت الله سبحانه وتعالى هيأ لك من الأسباب ما يعينك على معرفة الحق ,التقوى الصحيحة كيف لا و هو يقول سبحانه تعالى(واتقوا الله ويعلمكم الله) يعينك على معرفة الحق
ثانيا :دراسة الكتاب والسنة دراسة من يريد الفقه في الدين والوقوف على النصوص المختلفة حتى يعرف كيف يتعامل مع المطلق والمقيد والمنطوق والمفهوم والخاص والعام والناسخ والمنسوخ والمجمل والمبين فأكثر الدعاة لا يعرفون هذه القواعد التي قررها علماء الإسلام و من هنا ينشأ الخطأ وينشأ سوء الفهم لأنهم لا يعرفون التعامل مع النصوص يجد نصا في الوعيد فيظنه هو هو ويغيب عنه النص الأخر المقيد له من الكتاب و السنة و هنا نقول لا يصلح داعية من لم يتعلم , الذي لا يحسن العلم لا يصلح داعية لأنه يفسد من حيث يريد الإصلاح و يخطأ من حيث يريد الصواب و الله سبحانه وتعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم وهو خطاب لكل من تأهل للدعوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم و أحب أن تكون له في رسوله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة (( قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله )) مطلق أو مقيد؟ على إيش؟ على بصيرة ما هو على عمى و لا من كلام فلان وفلان ((قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا و من اتبعني )) من اتبع النبي صلى الله عليه وسلم كذلك على بصيرة فالنبي صلى الله عليه وسلم يبصره ربه و يسدده ويهديه و نحن من يبصرنا ؟ كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
الأمر الثالث : رد ما اختلف فيه إلى الكتاب والسنة
رد ما اختلف فيه من أمور النزاع والخصام إلى الكتاب والسنة وهذا من الدين كما قال الله سبحانه وتعالى (( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ذلك خير وأحسن تأويلا ))
إذا ما شجر بين المسلمين يجب أن يرد إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فما وافق الكتاب والسنة قبل وإن كان صاحبه ناقصا في أعين الناس وما خالف الكتاب والسنة ينبذ ويطرح وإن كان هو أكبر الناس منزلة وأعظمهم شعبية وأقواهم شخصية و أكثرهم علما و أوسعهم معرفة قال الإمام مالك رحمه الله كل كلام فيه مقبول ومردود إلا كلام صاحب هذا القبر
الأمر الأخير: احرصوا بارك الله فيكم على عقيدة الولاء و البراء وعقيدة الولاء والبراء معناها الحب في الله والبغض في الله والإعطاء لله والمنع لله هذه هي عقيدة الولاء والبراء يعني أنه يحب إنسانا من الناس لله سبحانه وتعالى معنى هذا أنك ما دمت تحبه في الله إذا أخطأ تبين الخطأ قد يكون إنسانا عالما نحريرا ربانيا لكنه أخطأ في كذا يبين للناس خطأه ويبغض لله إذا يبغض لله سبحانه وتعالى وعقيدة الولاء هذه و البراء أوضحتها آية من كتاب الله بل عدة آيات لكن نحن نذكر آية لأن أبنائنا في الإبتدائية يحفظونها في الغالب (( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الأخر يوادون من حاد الله ورسوله ))
هذه الآية تبين لك منهج الولاء والبراء معنى هذا حتى المسلم حتى المنتسب إلى الإسلام إذا كان مظهرا لمحادة الله و محادة رسوله صلى الله عليه وسلم فإنه يجب عليك ماذا أجيبوا ؟ هو مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول و يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويصوم رمضان ويحج البيت إلى غير ذلك من أعمال الإسلام لكنه يحاد الله ورسوله فماذا يجب علينا ؟ يجب علينا أن نتبرأ منه لله
إذا هذا هو المنهج السليم هذه ليست في الكفار لا هذه عامة (( لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الأخر يوادون من حاد الله ورسوله ))
{قوما} نكرة في سياق النفي والنكرة في سياق النفي نص صريح في العموم يعني لا تقبل التأويل و إن كان مسلما ما دام أنه يأتي من الأعمال الكفريات ما يبرأ الله ورسوله منه فلا تعده أخا لك في الإسلام أبدا وإن كان مسلما و إن كان منتسبا للإسلام فالإسلام بارك الله فيكم ولكم ليست نسبة ليس الإسلام مبدأ انتمائي
الإسلام قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية الإسلام والإيمان شيء واحد لا تفريق بينهما فليس الإسلام قضية تجميع وقضية أن الإنسان يجمع شتات المسلمين على ما فيهم وينظر إلى المعتقدات التي هي معلوم بطلانها بإجماع المسلمين ينظر إلى أنها اجتهاد اجتهادات كل إنسان له اجتهاده.
أبدا هذا ليس من الدعاة إلى الله على بصيرة هذا يدعو على عمى هذا مثل الذي يحاول أن يجمع مياها طاهرة وأخرى قذرة يصبها في بعض
هذا ما تيسر جمعه بعون الله تعالى وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين .

بارك الله فيــــك

جزاك الله خيرا

جزاك الله كل خير و اثابك الجنة
شكرا على الطرح القيم

يدرس العقيدة من تحت السيارة المنقلبة 2024.

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته اما بعد…قال الشيخ علي خشَّان في مقاله (ناصر الحديث، ومجدد السنة الألباني، عاش وحيد العصر، وأصبح فقيد العصر) المنشور في مجلة الشقائق، وهو يتحدث عن الشيخ محمد ناصر الدين الألباني:

(((والله مأبصرت عيناي فيما أعلم أحدًا أحرص على السنة، وأشد انتصارًا لها، وأتبع لها من الألباني.
لقد انقلبت به السيارة مابين جدة والمدينة المنورة وهرع الناس وهم يقولون: يا ستار، يا ستار.
فيقول لهم ناصر الحديث وهو تحت السيارة المنقلبة: ((قولوا يا ستير، ولا تقولوا يا ستار، فليس من أسمائه تعالى الستار)) وفي الحديث ((إن الله حيي ستير يحب الستر)).

أرأيتم من ينصر السنة والحديث في مثل هذا الموطن في عصرنا هذا؟؟؟

المصدر:مقالات حول العلامة الألباني بأقلام تلامذته وعارفيه.
القسم الرابع من كتاب (مقالات الألباني). رحم الله الشيخ الألباني وجعل قبره روضة من رياض الجنة و رزقنا من العلم ما اتاه.اخوكم سفيان السلفي يحبكم في الله. منقول لاجل الفائدة.

رحم الله شيخنا اسد السنة قاهر البدعة ناصر الدين الالباني.

الجيريا

بارك الله فيك
وجزاك الله خيرا كثيرا.


بارك الله فيك أخي
رحم الله العلامة المحدث ناصر الدين الالباني,
وكانت في حياتك لي عظاتٌ ……… فأنت اليوم أوعظ منك حيا

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هامتارو الجيريا
رحم الله شيخنا اسد السنة قاهر البدعة ناصر الدين الالباني.

امين يا رب العالمين..

محمد ناصر الدين بن الحاج نوح بن نجاتي، أبو عبدالرحمن الألباني، أحد أبرز علماء هذا العصر بالحديث، ولد في أشقودرة في ألبانيا، ثم هاجر والده وعائلته إلى دمشق، ثم حبب له علم الحديث فاشتغل به حتى برع ولمع فيه، حتى عد مجدد هذا العلم في هذا العصر، (ت:1420). قال ابن باز: ما رأيت تحت أديم السماء عالما بالحديث في العصر الحديث مثل العلامة محمد ناصر الدين الألباني. وقال ابن عثيمين: إمام في الحديث، لا نعلم أن أحدا يباريه في عصرنا.

بارك الله فيكم

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بحر ثاااائر الجيريا
بارك الله فيك
وجزاك الله خيرا كثيرا.

و فيكم بركة الله حفظكم الله و رعاكم.

لا اله الا الله محمد رسول الله

بارك الله فيك

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة alkayssar الجيريا
بارك الله فيك

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته..اما بعد و فيكم بارك المولى اخي العزيز.

جزاك الله خيرا اخ سفيان فيما نقلت ,,,

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة معاذ1 الجيريا
جزاك الله خيرا اخ سفيان فيما نقلت ,,,

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته..اما بعد جزاكم الله خيرا اخي معاذ ..حفظكم المولى و رعاكم و سدد خطاكم.

رحم الله شيخناا واسكنه فسيج جناته

جزاكم الله خيراا

بارك الله فيك و ربي يكثر من أمثالك

مقطع للشيخ صالح بن فوزان الفوزان {أخطاء في العقيدة } 2024.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
***
***
***

https://www.safeshare.tv/w/skSCljAzYL

شكرااااااااااااااااااااا

العفو…..