واجبات عملية لأحياء الربانية خلال العشر من ذي الحجة 2024.

واجبات عملية لأحياء الربانية خلال العشر من ذي الحجة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته-
واجبات عملية لأحياء الربانية خلال العشر من ذي الحجة

من هذا المنطلق نعرض مجموعة من الأعمال والبرامج العملية يقوم بها المسلم خلال هذه الأيام المباركة ، ويدعو غيره للعمل بها ، فيتسع نطاق الطاعة ويقبل الناس على الله فى هذه الأيام المباركة ، عندها تتنزل رحمات الله علينا وعلى بلادنا وأهلينا :

1. الاستعداد لها واستحضار النية الصالحة للاجتهاد فى الطاعة خلالها ، وقبل ذلك التوجه الى الله عز وجل بالتوبة النصوح ، والانابة لله سبحانه بأن يطهر القلب ويغفر الذنب ويقبل التوب .

2. الحرص علي صلاة الجماعة في وقتها خلال هذه الأيام ولاسيما فى المسجد مع الحرص على تكبيرة الإحرام ، ثم الحفاظ علي السنن الراتبة قبل وبعد الصلوات المفروضة (12 ركعة) . عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : (مَا تَوَطَّنَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ الْمَسَاجِدَ لِلصَّلاَةِ وَالذِّكْرِ إِلاَّ تَبَشْبَشَ اللَّهُ لَهُ كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الْغَائِبِ بِغَائِبِهِمْ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ) رواه بن ماجه

3. المحافظة علي صلاة النوافل يوميا ولاسيما (الضحي – الوتر – قيام الليل) . ففى الديث القدسي ، قال الله تعالى : (مَن عادى لي وليِّاً فقد آذنتُه بالحرب، وما تَقَرَّبَ إليَّ عبدي بشيء أَحبَّ إليَّ مما افترضتُهُ عليه، وما يزال عبدي يَتَقَرَّبُ إليَّ بالنوافل حتى أُحِبَّه؛ فإذا أحببتُه كنتُ سَمْعَه الذي يَسمعُ به، وبَصَرَهُ الذي يُبصِرُ به، ويَدَهُ التي يَبطِشُ بها، ورِجْلَه التي يَمشِي بها، وإنْ سألني لأُعطِيَنَّه، ولئن استعاذ بي لأُعيذنَّه…) صدق رسول الله فيما بلغ عن ربه .

4. ختم القرآن تلاوة بحد أدنى مرة واحدة خلال هذه الأيام الطيبة (بمعدل 3 أجزاء يوميا) .

5. صيام ما تيسر لك من هذه الأيام المباركة ، بحد أدنى الإثنين والخميس ويوم عرفة ، ومن قدره الله على صيامها جميعا واجتهد فى ذلك ، فأجره على الله وذلك من فضل الله عليه .

6. المداومة علي الذكر والدعاء خلال هذه الأيام ، ولا سيما المحافظة على أذكار الصباح والمساء ، والحرص علي أذكار الأحوال ، وختام الصلاة ، وذكر الله المطلق (1000 ذكر يوميا كحد أدنى) موزعا بين إستغفار وتسبيح وتحميد وتهليل وتكبير ، مع الإكثار من الصلاة علي النبي محمد صلي الله عليه وسلم .

7. أن يستحضر كل مسلم ومسلمة (من غير الحجاج) فريضة الحج ويعايش الحجاج في مناسكهم المختلفة وشعائرهم وكأنه بينهم .ويستشعر بوجدانه معانى التضحية والفداء والبذل وحسن الامتثال لأمر الله عز وجل .

8. الحرص على الدعاء خلال هذه الأيام ، مع التماس أوقات الإجابة عقب الصلوات المفروضة ، وعند كل سجود ، وعند الفطر بعد صيام ، وفى أوقات السحر . ولا ننس فى هذه الأيام الدعاء للمسلمين عامة بالنصر والتمكين ولإخواننا فى سوريا وفلسطين وبورما خاصة وسائر بلاد المستضعفين من المسلمين أن يرفع عنهم الظلم والبلاء وأن يفرج عنهم كربهم جميعا .

9. الانفاق فى سبيل الله ، ولا سيما صدقة السر فإنها تطفئ غضب الرب ، فليحرص كل منها أن يحدد جزءا من ماله يخرجه فى أحد مصارف الخير وأبوابه ، وهي كثيرة .

10. الحرص على عبادة المكث فى المسجد بين الفجر والشروق بحد أدنى مرتين خلال هذه الأيام . ففى الحديث ( من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة) رواه الترمذي وصححه الألباني.

11. إحياء سنة الأضحية ، والعزم عليها لما فيها من فضل ولها من أجر . فعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما عمل ابن آدم يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم، وإنه ليؤتى يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض، فطيبوا بها نفسا). روى الترمذي وابن ماجه وصححه الألبانى .

12. أن يحث المسلم أهله وأولاده علي إستقبال هذه النفحات والتعرض لها ، ومساعدتهم علي فعل الخير وأداء الطاعة في هذه الأيام ، فتحيا الربانية فى بيوتنا .وأن يتحرك المسلم بهذه التوجيهات والوصايا العملية في محيط عمله بين زملائه ، وبين جيرانه لحثهم علي ذلك أيضا ، (والدال على الخير له مثل أجر فاعله) . حتى تعم الفائدة وتتسع رقعة الطاعة فى محيط الأمة ، ونحيى بذلك معانى الربانية فى أنفسنا وبيوتنا ومجتمعاتنا وأمتنا .

اللهم ارزقنا الاخلاص في القول والعمل ، والسر والعلن ، وكلمة الحق في الرضا والغضب ، واجعلنا ممن يتعرضون لنفحات هذه الأيام الطيبة . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

منقوووووووووووووووووووووووووووول للفاااااااااااااااااااااااااائــــــــــــــــــــ ـــدة

العقوبات الربانية 2024.


الجيريا
العقوبات الربانية
العقوبة بالخسف والزلازل
………
الحمد لله ذي الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة؛ يتابع نُذُرَه على عباده، ويريهم شيئاً من قدرته وآياته {وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَأَيَّ آَيَاتِ الله تُنْكِرُونَ** [غافر: 81]، نحمده على نعمه وآلائه، ونشكره على إمهاله، ونستغفره لذنوبنا، ونسأله أن يعفو عنا، وأن لا يؤاخذنا بما كسبت أيدينا، ولا بما فعل السفهاء منا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً، وجعل لكل شيء سبباً، فجعل الذنوب سبباً لزوال النعم ونزول العقوبات، وجعل التوبة سبباً لرفع العذاب وكثرة الخيرات وهو العليم الحكيم، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ نصح أمته وأرشدها، وبين أن عافيتها في أولها، وأن الشر والفتن في أخرها، ودلَّ العباد على ما يعصمهم منها، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه؛ أزكى هذه الأمة بِرَّاً وتُقى، وسادتُها علماً وهدى، رضي الله عنهم ورضوا عنه؛ فلا يحبهم إلا مؤمن، ولا يشنئوهم إلا زنديق منافق، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:
فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واحذروا عذابه فلا تعصوه؛ {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ** [الأنفال: 25].

أيها الناس:القلوب الحية تتأثر بالمواعظ القرآنية، وتوجل من النذر الربانية، وأصحابها يعظمون الله تعالى، ويقرون بنعمه عليهم، ويعترفون بتقصيرهم في حقه سبحانه وتعالى: {وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ** [غافر: 13]، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ** [ق: 37].

أما القلوب الميتة التي انطمست بالشبهات، أو صدأت بالشهوات، فلا تتأثر بالمواعظ، ولا تعتبر بالآيات، ولا تخاف الوعيد، حتى يبغت العذاب أصحابها وهم في غفلتهم.

ومن قرأ القرآن وجد أنه وعدٌ ووعيد، وترغيب وترهيب، وموعظة وتذكير، قص الله تعالى فيه أحوال السابقين وما حلّ بهم من أنواع العذاب الأليم؛ ليحذر الناس أعمالهم، ويجانبوا طريقهم، فينجوا من أسباب هلاكهم.

وفي القرآن ذكر لبعض جند الله تعالى التي أرسلها على المكذبين فكانت سبب هلاكهم، فمنها الغرق، ومنها الريح، ومنها الصيحة، ومنها الحاصب، وغير ذلك.

والخسف عذاب وآية، والزلزلة نوع من الخسف، أما كون الخسف آية فهو دليل على قدرة الله تعالى في تحريك الأرض وإسكانها، وكثرتُه علامة من علامات الساعة؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم((لا تقوم الساعة حتى يُقبض العلم وتكثر الزلازل.. )) رواه الشيخان. وأخبر صلى الله عليه وسلم أن من علامات الساعة الكبرىالجيريا(ثلاثة خسوف: خسفٌ بالمشرق، وخسفٌ بالمغرب، وخسفٌ بجزيرة العرب…))؛ رواه مسلم.
وأما كون الخسف عذاباً فإن الله تعالى عذّب به من السابقين أفراداً وأمماً، ومن الأفراد الذين عذبوا به: قارون، قال الله تعالى فيه: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ** [القصص: 81]، والرجل الذي امتلأ إعجاباً بنفسه، ولم يشكر نعمة الله تعالى عليه؛ كما في حديث أَبَي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه، مُرَجِّلٌ جُمَّتُهُ، إذ خسف الله به، فهو يتجلجل إلى يوم القيامة))؛ رواه الشيخان.

وعُذب بالخسف أمم ذكرها الله تعالى في تعداد أنواع المعذبين فقال سبحانه {وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ** [العنكبوت: 40].

ومن الأمم التي عذبت به قوم لوط عليه السلام، ثم أُتبعت قراهم بحمم وحجارة من نار أحرقتهم، قال الله تعالى فيهم: {وَالمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى * فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى** [النَّجم: 55] انقلبت عليهم ديارهم بأمر الله تعالى، ثم هوت بهم من علٍ إلى أسفل، كما في الآية الأخرى: {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا** [الحجر: 74]، والائْتِفَاك هو الانقلابُ، وقيل لمدائن قوم لوط: المؤتفكات؛ لانقلابها. ثم غشاها حجارة ملتهبة: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ** [هود: 82].

فهل يشك مؤمن في نعمة الله تعالى عليه بالخلق الهداية والرزق والحفظ من أنواع العذاب؟! لا يشك في ذلك إلا أهل الإعراض والاستكبار؛ فناسب بعد ذكر هذا العذاب الأليم الذي حل بقوم لوط أن يُذَكَّر الناسُ نعمةَ الله تعالى عليهم {فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى** [النَّجم: 55].

إن الخسف عقوبة من الله تعالى ينزله بمن شاء من عباده، فيخسف بهم ديارهم، ويقلب عليهم عمرانهم، وقد جاء التهديد به في القرآن في آيات عدة: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ** [الملك: 16]، والمور هو الحركة والاضطراب، وهو ما تحدثه الزلزلة بأمر الله تعالى.

والخسف قد يكون وسط اليابسة، وقد يقع في سواحل البحار فيبتلع مدن الشواطئ، كما شهدناه في تسونامي وغيره؛ إذ خُسف بساحل البحر فارتفع مده حتى غمر المدن التي بقربه؛ فلا يُؤْمَنُ عذابُ الله تعالى لا في البر ولا في البحر ولا بينهما: {أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ البَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا** [الإسراء: 68]، وساحل البحر هو جانب البر، وكانوا فيه آمنين من أهوال البحر؛ فحذرهم ما أمنوه من البر، كما حذرهم ما خافوه من البحر.

وأدق وصفٍ لما يقع من زلزلة في الدنيا جاء في سورة النحل في قول الله تعالى: {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ القَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ العَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ** [النحل: 26]، ذلك أن الزلزلة تهز قواعد البنيان، فتخر السُقُفُ على أهلها، ويكون ذلك في حال غفلة منهم، وفي النحل أيضاً جاء ذكر الخسف والتهديد به، والزلزلة نوع من الخسف: {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ العَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ** [النحل: 45]، فالذين من قبل مكروا السيئات فعذبوا بالزلزلة كما أخبرت عنهم هذه السورة، ويحذرنا ربنا سبحانه أن نسير سيرتهم فنمكر السيئات فيصيبنا ما أصابهم.

ومن عجائب هذه السورة التي وُصِفت فيها الزلزلة بأدق وصف، وهُدد العباد فيها بالخسف إن مكروا السيئات أنها أكثر السور ذكراً لنعم الله تعالى المعنوية والحسية، وتفصيلاً لمنافعها؛ حتى سماها التابعي الجليل قتادة السدوسي رحمه الله تعالى: سورة النِعَم؛ لكثرة ما ذكر فيها منها، فذُكر فيها من النعم المعنوية: الوحي والقرآن والذكر والتوحيد والملة الحنيفية والحفظ من الشيطان وغير ذلك، وذكر فيها من النعم الحسية: الخلق والرزق والأسماع والأبصار والأفئدة والمآكل والمشارب والملابس والمراكب والمنازل والتزاوج والنسل، كما ذُكرت فيها نعم الشمس والقمر والنجوم والبحار وما فيها من أرزاق ومنافع للعباد.
هل تتخيلون يا عباد الله أن هذه السورة الزاخرة بتعداد نعم الله تعالى علينا قد ذُكر فيها لفظ النعمة في ست آيات؛ فبعد تعداد جملة من النعم يقول الله تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ الله لَا تُحْصُوهَا** [النحل: 18]، ويَختِم سبحانه ذكر النعم بالأمر بشكرها: {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ الله إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ** [النحل: 114]، وينوه بذكر الخليل عليه السلام ثم يصفه سبحانه قائلاً: {شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ** [النحل: 121] للتأسي به في الشكر، ويذكر عز وجل حال فريق آخر وهم من تقلبوا في نعمه ولم يشكروها، ففي ثلاث آيات متقاربات: {أَفَبِنِعْمَةِ الله يَجْحَدُونَ** [النحل: 71]، {أَفَبِالبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ** [النحل: 72]، {يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ الله ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الكَافِرُونَ** [النحل: 83]، ويضرب مثلاً عظيماً بقرية لم تشكر النعمة فعوقبت: {فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ الله فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ** [النحل: 112].
وبذكر الخسف في هذه السورة، وتخويف الله تعالى به، وتعليق ذلك بمكر السيئات، مع تكرار الأمر بشكر النعم، والتحذير من كفرها؛ نستفيد معرفة خطورة كفران النعم، وتسببها في نزول العقوبات، وأن اجتراح السيئات سبب للخسف والزلازل؛ لأن الخسف عُلق بمكر السيئات، ومكر السيئات هو مقارفتها، والمكر فيه تحايل، فيدخل في ذلك التحايل على الشريعة لإسقاطها، أو لإباحة المحرم منها، أو الالتفاف على نصوصها بتحريف معانيها وتأويلها لإرضاء البشر، وقد انتشر هذا البلاء في هذا الزمن، فلا عجب أن تتنوع فيه العقوبات، وأن تتابع النذر والآيات، فالكوارث في زمننا هذا يُنسِي بعضها بعضاً من كثرتها. {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الأَرْضَ** [النحل: 45]، إنه تهديد عظيم بالخسف والزلزلة في سورة النِعَم؛ إذ كيف ينعم الله تعالى على عباده بالنعم الكثيرة التي عددها في هذه السورة، ثم يكفرونها وفيها ردٌ على أهل الجهل والهوى الذين يرفضون تعليق آيات التخويف والعذاب بالمعاصي والموبقات، زاعمين أنها أسباب كونية اعتيادية، ويفسرنها تفسيرات مادية، فما عساهم أن يفعلوا بآيتي النحل في الخسف والزلزلة، وقد عُلق فيهما الخسف والزلزلة بمكر السيئات؟!
نعوذ بالله تعالى من الجرأة على شريعته، وانتهاك حرماته، وتحريف آياته، والغفلة عن نذره، والأمن من مكره، ونسأله الهداية والعافية لنا وللمسلمين أجمعين، إنه سميع مجيب.

وأقول ما تسمعون….
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

أما بعد:
فاتقوا الله تعالى: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ** [آل عمران: 131-132].

أيها المسلمون:مكر السيئات سبب للزلازل والعقوبات، وقد شهدنا زلازل عظيمة أهلكت بشراً كثيراً، ودمرت عمراناً عظيماً، آخرها زلزلة هاييتي التي وقعت قبل أيام، ويُتوقع أن يتجاوز عدد ضحاياها مائتي ألف قتيل، ومئات الآلاف من الجرحى والمشردين.
وقد أفادَ أحد المهتمين بإحصاء الكوارث الكبرى في العالم أن معدلاتها في ازدياد مضطرد، وأن معدلها قبل أكثر من نصف قرن كان كارثتين في العام الواحد، وزادت قبل عقد إلى سبع كوارث، وبازديادها تقترب الساعة؛ لأن من علاماتها كثرة الزلازل، وهو دليل على كثرة الموبقات في البشر.
ومن أعظم أسباب دفع هذا البلاء عن الأفراد والأمم: الإصلاح في الأرض بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والأخذ على أيدي السفهاء؛ فإن الله تعالى قال في الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر: {أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ** [التوبة: 71]، وإذا رحمهم الله عز وجل لم يعذبهم، وفي آية أخرى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ** [هود: 117]، وسألت زَيْنَبُ ابنة جَحْشٍ رضي الله عَنْهُا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: «أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قال: نعم إذا كَثُرَ الْخَبَثُ» متفق عليه.
ولا يكثر الخبث إلا حين يُعطل الاحتساب على الناس، فلا يؤمرون بمعروف، ولا ينهون عن منكر؛ كما يريد الكافرون المنافقون، وكما يدعو إليه دعاة الانحلال والفساد.
إن النزعة المادية، واللوثة الإرجائية التي حملها بعض المنتكسين والمنحرفين، ودعوا الناس إليها، وألحوا عليهم بها، وعظّموا الدنيا في قلوبهم، وهونوا من شأن المعاصي في نفوسهم؛ كانت أهم سبب لقسوة القلوب، وكثرة الذنوب، والجرأة على الشريعة، ويُخشى على الناس من عقوبات ذلك إن انقادوا خلف هؤلاء المفسدين.
ومن كثرة الكوارث وتتابعها ماتت القلوب فأصبح كثير من الناس لا يأبهون بها، ولا يتعظون بما حلّ بأهلها، ولو أنهم قابلوا من خسروا في هذه الزلازل أسرهم وبيوتهم وأموالهم لعلموا حجم مصابهم، ولكن لا يُنقل إليهم إلا خبر الزلزال ومشاهد دماره، ويندر نقل أشجان الخاسرين في الكوارث.
إن الواحد منا إذا مات له حبيب حزن عليه أشد الحزن، وبقيت ذكراه في قلبه إلى ما شاء الله تعالى، إنْ نسيه في وقت تذكره في وقت آخر، وربما تكررت رؤيته له في منامه، فكيف بمن فقد كل أحبته في كارثة من هذه الكوارث؟!
ولو خسر الواحد منا نصف ماله لتكدر عيشه، وضاق صدره، ولم يهنأ بنوم ولا طعام ولا شراب، فكيف بمن فقد بيته وماله كله، وأصبح في العراء وحيداً شريداً فقيراً بعد أن كان ذا مال وأسرة ومنزل؟!
فإذا لم نعتبر بما نرى ونسمع مما يقع من الكوارث فمتى نعتبر ومتى نتعظ؟ ولماذا لا نخاف أن يصيبنا ما أصاب غيرنا، فيفقد الواحد منا كل شيء في لحظة، وليس أحد في مأمن من عقوبة الله تعالى، نعوذ بالله العظيم من زوال نعمته، وتحول عافيته، وفجاءة نقمته، وجميع سخطه.
نعوذ به سبحانه من سوء القضاء، ومن درك الشقاء، ومن شماتة الأعداء، ومن جهد البلاء، ونسأله سبحانه العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة،ونسأله سبحانه أن يعافينا في أنفسنا وأهلنا وأموالنا وبلادنا، وأن يعافي المسلمين أجمعين، وأن يرفع عنا العذاب، ويدفع عنا البلاء، وعن المسلمين أجمعين.

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد.
للفائدة العامة تم النقل

بارك الله فيك
موضوع قيم

الجيريا

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سهومةج الجيريا
بارك الله فيك
موضوع قيم

وبارك الله فيك أختي الكريمة
حياكِ الرحمن

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة NEWFEL.. الجيريا
الجيريا

وبارك الله فيكم

بارك الله فيك

موضوع في قمة الروعة شكرا لك اخي العزيز

المواهب الربانية من الآيات القرآنية 2024.

*عنوان الكتاب: المواهب الربانية من الآيات القرآنية
*المؤلف: عبد الرحمن بن ناصر السعدي
*المحقق: عمر بن عبد الله بن محمد المقبل
للتحميل:
https://*******/1IuMXl

كتاب قيم وننصح الجميع بتحميله

بارك الله فيك

هيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم الربانية 2024.

[frame="9 10"]
الجيريا

نريد أن نتمثَّل وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكأنه يعيش بيننا ، فانتبهوا معي لهذا الوصف
حتى إذا ذهب أحدنا للنوم يستحضر هذا الوصف وهو نائم فينام فيجد النبي صلى الله عليه وسلم
لأن البداية تأتى من هنا ، أن يشتاق الإنسان ، ويستحضر هذه الذات المحمدية
ويحاول أن يتعلق بهذه الأوصاف الكاملة المكمَّلة ، فينام وهو متعلِّق بها
فيتعطف عليه حَبيب الله وصفىُّ الله ، فيأخذ روحه إلى حضرته ويطلعها على جمال طلعته
مع أن كثيراً من أصحابه صلوات الله وسلامه عليه ماتوا ولم يستطيعوا أن يتطلَّعوا في وجهه الشريف
هيبة منه صلى الله عليه وسلم وهم الأبطال الكبار في مجال الحروب
والذين كان الواحد منهم يقتل الفرسان بالمئات والآلاف بينما يأتي أمام رسول الله
ويضع عينيه في الأرض و لا يستطيع أن ينظر بهما إلي وجه رسول الله
حياءاً منه صلى الله عليه وسلم فقد كان وجهه يأخذ بالأبصار

ولذلك فإن سيدنا عمرو بن العاص عند موته ، كان يبكي خوفا من لقاء الله
مع ما قدَّمه من جهاد وفتوحات ومن تأييد للدعوة الإسلامية
لكنه يخاف لقاء الله ، كما علَّمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال له ابنه: لماذا أنت خائف ألا يكفيك أنك رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
وابنه صحابي أيضا عبد الله بن عمرو بن العاص ومِن الذين رأوا رسول الله وصاحبوه
فقال له: يا بني لقد عشت ما عشت وما استطعت أن أملأ عيني من وجه رسول الله
حياءاً منه فقد كان الذي يراه من أول مره يرتعش ويرتعد من هيبته
ولذلك سيدنا عليٌ وهو يصفه قال {مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً هَابَهُ}[1]
أي الذي يراه من أول وهلة يهابه ، ولذلك ذهبت سيدة لتزوره صلوات الله وسلامه عليه وتسأله
فعندما رأت رسول الله ، وقعت علي الأرض ، وحدثت لها رعدة ، فهدأها وقال لها صلى الله عليه وسلم:
{هَوْنِي عَليْكِ فَإنْمَا أنَا ابْنُ امْرَأةٍ مِنْ قُرَيْش ، كَانَتْ تأكُلُ الْقَدِيدَ}[2]
وكانت هذه الهيبة تعتري حتى صناديد أهل الكفر، فعندما ذهب رجل إلي مكة، وكان تاجرا
فأخذ منه أبو جهل تجارته ولم يعطه ثمنها ، فذهب للكفار وهم حول الكعبة ، وقال لهم :
من الذي يأتيني بحقي من أبي جهل؟
فأرادوا أن يستهزئوا به فدلُّوه علي النبي صلى الله عليه وسلم فذهب له وبعد انتهائه من صلاته قال له:
أريد أن تأتي لي بحقِّي ، قال له صلى الله عليه وسلم : ماذا تريد ؟ ، قال له : أبو جهل أخذ تجارتي
ولم يعطني حقِّي فقال له صلى الله عليه وسلم : تعالَ معي ، وهم يمشون خلفهم لينظروا إلي هذا الموقف
لأن أبا جهل ألد أعدائه ، وهو الذي يؤلب عليه الأعداء ، فذهب إليه , ودقَّ الباب , قال : من؟
قال صلى الله عليه وسلم : محمد فإذا بأبي جهل يخرج مرتعدا ، ليقول له : ماذا تريد ؟
فقال له صلى الله عليه وسلم : أعط هذا الرجل حقَّه ، فأجابه علي الفور : انتظر حتى أحضر له حقَّه
ودخل الدار ، وجاء بحقِّه فورا ، فتعجبوا وانتظروا حتى مشي رسول الله والرجل الذي معه
وقالوا لأبي جهل : ما هذا الذي رأيناه منك الآن؟
ولم يدركوا أو يعرفوا أنها هيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم
التي كساها له الله ، لأنه نبيُّ الله ورسوله صلوات الله وسلامه عليه
[3]

[1] رواه البخاري عن علي رضي الله عنه و كرم الله وجهه
[2] رواه الحاكم من حديث جابر وقال صحيح علي شرط الشيخان- القديد: اللحم المجفف
[3] أخرجه ابن إسحاق والبيهقي وأبو نعيم عن عبد الملك بن أبي سفيان الثقفي

https://www.fawzyabuzeid.com/table_bo…DE&id=49&cat=4

منقول من كتاب {حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً

الجيريا

[/frame]

اللهم صلي وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين***

جزااااااااك الله خيرررررررررررررررر