الترادف في اللغة العربية 2024.

الترادف في اللغة العربية
الترادف لغة: التتابع.
الترادف اصطلاحا: دلالة عدد من الكلمات المختلفة على معنى واحد، مثل:
– الجود، والسخاء، والأريحية، والندى، والسماحة، والكرم، والبذل.
– رأيت الشيء، وأبصرته، وعاينته، وشاهدته.
– عام، سنة، حول.
– طبيعة فلان، وخلقه، وسجيته، وسليقته، ونقيبته.
– وجدت فلانا مسرورا، محبورا، فرِحاً، جذِلاً، بلجاً، مستبشراً.
– الحزن، الغم، الغمة، الأسى، والشجن، الترح الوجد، الكآبة، الجزع، الأسف
الللهفة، الحسرة، الجوى، الحرقة، واللوعة.
– خاف الرجل، وفزع، وخشي، ووجل، وفرق، ورهب، وارتاع، وارتعب، وانذعر.
– الرحمة، والرقة، والشفقة، والحٌنو، والحنان، والعطف، والرأفة.
– فلان يشبه فلانا،ويشابهه،ويشاكله،ويشاكهه،ويضاهيه،ويماثله،ويضا رعه،ويحاكيه،ويناظره.
– هفوة، وزلة، وسقطة، وعثرة، وكبوة.

الاختلاف حول وجود الترادف في اللغة

اختلف اللغويون قديما وحديثا حول حقيقة وجود الترادف في اللغة بين مثبت ومنكر.
المثبتون للترادف:
سيبويه: وهو من أشهر المثبتين لهذه الظاهرة. بيّن في باب (اللفظ للمعاني):
"اعلم أن من كلامهم اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين، واختلاف اللفظين
والمعنى واحد، واتفاق اللفظين واختلاف المعنيين …
فاختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين هو نحو: جلس وذهب،
واختلاف اللفظين والمعنى واحد نحو: ذهب وانطلق، واتفاق اللفظين
والمعنى مختلف نحو قولك: وجدت عليه من الموجدة، ووجدت إذا أردت
وجدان الضّالة، وأشباه هذا كثير." فقوله: "اختلاف اللفظين والمعنى واحد نحو:
ذهب وانطلق" ينصرف إلى الترادف.
الأصمعي: ألف فيه كتابا عنوانه: ما اتفق لفظه واختلف معناه. وكان يقول
أحفظ للحجر سبعين اسما.
أبو الحسن الرماني الذي ألف كتاب: الألفاظ المترادفة.
ابن خالويه: الذي كان يفتخر بأنه جمع للأسد خمسمائة اسم وللحية مئتين،
وأنه يحفظ للسيف خمسين اسما.
وحمزة بن حمزة الأصفهاني:الذي كان يقول إنه جمع من أسماء الدواهي ما يزيد
على أربعمائة.
والفيروزآبادي الذي ألف كتابا في الترادف بعنوان: الروض المسلوف فيما
له اسمان إلى ألوف.
والتهانوي الذي يقول: والحق وقوعه (أي الترادف) بدليل الاستقراء،
نحو أسد وليث.
ومعظم المحدثين من اللغويين العرب يعترف بوقوع الترادف في اللغة، من هؤلاء:
علي الجارم الذي يقول: إن الترادف موجود ولا سبيل إلى إنكاره،
ولكن لا يجوز المبالغة فيه بإدخال الصفات مرادفة للأسماء.
إبراهيم أنيس الذي يقول إنّ علماء اللغات يجمعون على إمكان وقوع الترادف
في أي لغة من لغات البشر، والذين أنكروا الترادف من القدماء كانوا من الأدباء
النقاد الذين يستشفون أمورا سحرية ويتخيلون في معانيها أشياء لا يراها
غيرهم وفي هذا من المبالغة والمغالاة ما يأباه اللغوي الحديث في بحث الترادف.
حجج المثبتين: يحتج بعضهم لإثبات الترادف بما يلي:
(1) لو كان لكل لفظةٍ معنى غيرُمعنى الأخرى لما أمكنَ أن نعبِّر عن شيء بغير
عبارته، وذلك أنا نقول في‏"‏لا ريب فيه":‏ "لا شكَّ فيه" وأهل اللغة إذا أرادو
أن يفسروا (اللب) قالوا هو "العقل." و(الجرح) هو "الكسْب،"فلو كان الريبُ
غيرَ الشك والعقل غير اللب لكانت العبارةُ عن معنى الريب بالشك خطأ،
فلما عُبِّرَ بهذا عن هذا عُلم أن المعنى واحد‏.‏
(2) إنّ المتكلم يأتي بالاسمين المختلفين للمعنى الواحد فيمكان واحد تأكيداً
ومبالغةً كقوله‏:‏ وهند أتى من دونها النَّأْي والبعد قالوا‏:‏فالنَّأْيُ هو البعد‏.‏
(3) الترادف لا يعني التشابه التام إنما أن يُقام لفظ مقام لفظٍ لمعانٍ متقاربة
يجمعُها معنًى واحد كما يقال‏:‏ أصلحَ الفاسد ولمّ الشّعث ورتَقَ الفَتْق وشَعَبَ الصَّدع‏.‏
(4) وقال الطاهر ابن عاشور إذا أصبحت عدد من المفردات تدل على شيء واحد
فهي من االترادف ولا يهمنا ما إذا كانت في الماضي تدل عليه أو على صفة فيه،
مثل الحسام والهندي التي أصبحت الآن تدل على السيف ولا يلحظ معنى
القطع أو الأصل الهندي فيها.
المنكرون للترادف: لقد أنكر الترادف فئة من العلماء قديما وحديثا من العرب
ومن غيرهم:
ثعلب الذي كان يقول: لا يجوز أن يختلف اللفظ والمعنى واحد.
ابن درستويه: لا يكون فعَل وأفْعَل بمعنى واحد كما لم يكونا على بناء واحد
إلا أن يجيء ذلك في لغتين مختلفتين فأما من لغة واحدة فمحال أن يختلف اللفظان
والمعنى واحد كما يظن كثير من اللغويين والنحويين، وإنما سمعو العرب تتكلم
على طباعها ولم يعرف السامعون العلل والفروق فظنوا أن هذه الألفاظ بمعنى
واحد فأخطؤوا في فهم ذلك، وليس يجيء شيء من هذا الباب إلا على لغتين متباينتين.
ابن فارس: الذي يقول فِي هَذَا: إن الاسم واحد وهو "السيف" وَمَا بعده من
الألقاب صفات، ومذهبنا أن كل صفة منها معناها غير معنى الأخرى.
أبو علي الفارسي: الذي رد على ابن خالويه، عندما افتخر بأنه يحفظ للسيف
خمسين اسما، قائلا لا أعرف له إلا اسما واحدا هو السيف وأما الباقي فصفات.
أبو هلال العسكري: إن كل اسمين يجريان على معنى من المعاني في لغة واحدة
يقتضي كل واحد منهما خلاف ما يقتضيه الآخر، وإلا كان الثاني فضلة
لا يحتاج إليه. وقد ألف كتاب الفروق اللغوية لنقض فكرة الترادف
وإبراز الاختلاف بين هذه الكلمات.
البيضاوي الذي جزم في المنهاج أن الترادفَ على خِلاف الأصْل والأصلُ
هو التباينُ.
حجج المنكرين للترادف:
(1) يقول ثعلب: لا يجوز أن يختلف اللفظ والمعنى واحد لأنّ في كل لفظة زيادة معنى
ليس في الأخرى، ففي ذهب معنى ليس في مضى. ويبين أبو هلال العسكري الفروق
بين معاني الكلمات التي قيل فيها الترادف، فيقول:
– الفرق بين الحلم والرؤيا: كلاهما ما يراه الانسان في المنام لكن غلبت الرؤيا على
ما يراه من الخير، والشئ الحسن، والحلم: ما يراه من الشر والشئ القبيح.
– الفرق بين الحماية والحفظ: أن الحماية تكون لما لا يمكن إحرازه وحصره مثل الأرض
والبلد، تقول: هو يحمي البلد والأرض، والحفظ يكون لما يُحرز ويُحصر وتقول هو
يحفظ دراهمه ومتاعه.
– الفرق بين الحمد والمدح: أن الحمد لا يكون إلا على إحسان، والمدح يكون بالفعل
والصفة وذلك مثل أن يمدح الرجل باحسانه إلى غيره وأن يمدحه بحسن وجهه
وطول قامته ولا يجوز أن يحمده على ذلك وإنما يحمده على إحسان يقع منه فقط.

بارك الله فيك

بارك الله فيك

مشكور على هاته الإضاءة، وللمزيد من الفائدة أنصح المهتمين بهذا المجال أن يطلعوا على الكتب التي تقدم مادة دسمة، توضح الكثير من القضايا المتعلقة بالفروق اللغوية والترادف، ومن بين هاته الكتب : <<الفروق اللغوية وأثرها في تفسير القرآن الكريم>> لصاحبه : محمد بن عبد الرحمن بن صالح الشايع، فهو كتاب يتعرض لقضيتين هامتين من قضايا اللسان العربي، وهما : الفروق اللغوية والترادف.
و سأعمل – إن شاء الله – جاهدا على نقل بعض المقتطفات منه تعميما للفائدة، فيما يستقبل من الأيام .
مشكور مرة أخرى على طرح هاته القضية.

الترادف اللغوي ومصادره 2024.

الترادف اللغوي ومصادره
إن مما امتازت به لغتنا العربية من خصائص " المترادفات " ، وهي بحر زاخر لا يُسبر غوره ‘ ولا تُحصى درره .
ومن مزايا المترادفــــــات أنها تــعين على إفــراغ المعــنى في قـــوالب متعددة ‘ ونظمها في ســـلك من البلاغة ، ولا تنكـــر مزاياها في النـــــظم والنثر ، فبتعددها يسهل تخير ما طابق المعنى ، فيأتي الكلام جزلا بليغا .
ويعد الترادف مظـــهر إثراء في اللغة ‘ فهو حشــد لغوي تترادف فيه الألفاظ ‘ وتتوالى على المعنى الواحد.
وشواهد الترادف في اللغة كثيرة ، ومتنوعة تشمل الأعلام ، والأفعال ، والصفات ، والحروف .
وهذه الكثرة ، وذلك التنوع في المترادفــات العربية استدعـى انتبــاه اللغويين على مر العصور ، وأثار دهشــة المستشرقين ، فللمـــاء مـــائة وسبعون اسما ، وللسيف ألف اسم ، وللداهية ما لا يحصى من الأسماء حتى قيل : " أسماء الدواهي من الدواهي" ، والكلام عن المترادفــــــات يستدعي البحث عن مصادرها وهي خمسة مصادر :
المصدر الأول : التساهل في العزو:
فقد يختـــــــلف اللفظ من حي إلى حي ، ويتحد المدلـــــول عند الحيين جميعا ، حتى إذا ظـفـــر الرواة باللفظـــين في الحيين من أحيـــــــاء القبيلة الواحدة ، سجلوهما للمعنى الواحد ، دون أن يعنوا في الكثير من الحالات إلى الاختلاف في الاستعمال بين الحيين .
وحين رأى المتأخرون الكلمات المتعددة ترد على المعنى الواحد ، دون إشارة على مصادرها ، جعلوها مترادفة ، كما لو كانت قد وردت على لسان المتكلم الواحد .
المصدر الثاني : إثبات المهجور:
وذلك لأن الرواة لم يهجروا المهجـــــور ، وربما أهمــــلوا الإشارة إلى بعض المهجور أنه مهجور ، فكانوا إذا ورد المهجور في شعر جاهلي احتفظــــوا به ، وقيدوه ، ووضعوه موضــع المستعمل ، فبقــي في المعاجم مرادفــــــا للمستعمل .
فشغل الدارسون به أنفسهم ، وجعلوه مظهرا من مظاهر الترادف .
المصدر الثالث : الحقيقة والمجاز :
فاللفظ قد ترد عليه الحقيقة والمجـــــاز ، لأنه من المعـــروف أن ألفاظ اللغـــة متناهية ، وأن المعاني غير متناهية ، فمن المحال أن تستطيع لغة ما أن تقدم لفظا منفصلا لكل معنى يرد على الخاطر، ولأن الذاكرة الإنسانية ذات طاقة اختزانية معينة لا تمكنها من استيعاب ما لا يقع تحت الحصر من الألفاظ .
فإذا كان ذلك كذلك ؛ فلا بد من التوسع قي استعمال اللفظ بأن نجوز به معناه الحقيقي الذي كان له بأصل الوضع ، ونستعمله بواسطة هذا " الجواز " أو "المجاز" في معنى آخر تطبيقا لفكرة الاقتصاد في الاستعمال اللغوي ، وأي اقتصــــــاد أفضل من أن تـعبر بالقليـــل من الألفــاظ عن الكثــير من المعاني ؟!.
كل ما هنالك أن هذا المجاز مشروط دائما بوجود العلاقة والقرينة . وهكذا يمكن للفظين أن يستعملا لمعنى واحد يكون أحدهما مستعملا على سبيل الحقيقة ، والآخر على سبيل المجاز ، كما يمكن أن يكون كلاهما على سبيل المجاز ، فإذا اشتهر هذا المجاز على الألسنة لصق المجاز باللفظ حتى صار كالحقيقة فيه ، فإذا دل لفظ آخر بالحقيقة على هذا المعنى عد اللفظان مترادفين .
المصدر الرابع : التوليد والتعريب :
التوليد والتعريب يحمل أحيانا اللفظ القديم ولكنه لا يميته ، فيظل المولد والمعرب ، ويستعمل على لسان طبقة من طبقات المجتمع ، ويظل اللفظ القديم يستعمل على ألسنة الطبقات الأخرى ، فلا يجد اللغوي مفرا من اعتبار اللفظين: القديم والمولد مترادفين ، دون أن يعنى بذكر الفروق الاجتماعية في استعمالهما ، وهذا شبيه بإهمال الفروق الجغرافية بين اللهجتين .
المصدر الخامس : تاريخ التدوين والكتابة العربية :
يعود تاريخ الكتابة العربية التي كانت في فترة من هذا التاريخ تسمح بالكثير من التصحيف الذي يؤدي بدوره إلى إيجــاد الألفاظ الجديدة التي تؤخذ بنفس معاني الكلمات القديمة ، فتصبح مرادفة لها ، ويتضح هذا في المترادفات التي يتحد رسمها ويختلف نطقها كما في " ناض " و " ناص " وكلاهما بمعنى تحرك .
والآن نورد مجموعة مما ظُن أنه من المترادفات ، مع بيان ما بينها من فروق :
التضاد والتناقض :
التناقض يكون في الأقوال ، والتضاد في الأفعال .

الكذب والإفك :
الكذب : اسم موضوع للخبر الذي لا مخبر له على ما هو به ‘ سواء أكان فاحش القبح أم لا .
والإفك : هو الكذب الفاحش القبح مثل الكذب على الله ورسوله أو على القرآن ، ومثل قذف المحصنات .
الصفة والنعت :
النعت لما يتغير من الصفات .
والصفة للثابت والمتغير؛ فالصفة أعم من النعت . وقيل :إن النعت لما يظهر من الصفات ويشتهر .
وقيل : إن النعت لغة ، والصفة لغة أخرى ، والدليل على ذلك أن أهل البصرة من النحاة يقولون : الصفة ، في حين أهل الكوفة يقولون النعت ، ولا يفرقون بينهما .
الخطأ والغلط :
الغلط : وضع الشيء في غير موضعه ، ويجوز أن يكون صوابا في نفسه .
الخطأ : لا يكون صوابا على وجه.
اللحن والخطأ :
اللحن : صرف الكلام عن جهته ، ثم صار اسما لمخالفة الإعراب ، فهو لا يكون إلا في القول .
الخطأ : إصابة خلاف ما يقصد ، ويكون في القول والعمل .
العهد والوعد :
العهد : ما كان من الوعد مقرونا بشرط نحو قولك : إن فعلت كذا فعلتُ كذا ، ومنه قول الله تعالى :" ولقد عهدنا إلى آدم " أي أعلمناه أنك لا تخرج من الجنة ما لم تأكل من هذه الشجرة . والعهد يقتضي الوفاء ، والوعد الإنجاز ، ويقال : نقض العهد، واخلف الوعد .
القراءة والتلاوة :
التلاوة :لا تكون إلا لكلمتين فصاعدا ،وذلك أن التلاوة إتباع الشيءِ الشيءَ يقال : تلا الشيء إذا تبعه ، فتكون للكلمات يتبع بعضها بعضا
القراءة : تكون للكلمة الواحدة ن يقال قرأ فلان اسمه ولا يقال تلا اسمه.
الصبر والاحتمال :
الاحتمال للشيء يفيد كظم الغيظ فيه ، والصبر على الشدة يفيد حبس النفس عن المقابلة عليه بالقول والفعل . والصبر عن الشيء يفيد حبس النفس عن فعله ،وصبرت على خطوب الدهر أي حبست النفس عن الجزع عندها ، ولا يستعمل الاحتمال في ذلك لأنك لا تغتاظ منه.
البلاء والنقمة :
البلاء يكون ضررا ، ويكون نفعا ، فإذا أردت النفع قلت : أبليته وفي التنزيل : " وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا " ومن الضر بلوته ،" إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب القرية " وأصل البلاء : أن نختبر بالمكروه ‘ وتستخرج ما عنده من صبر، ويكون ذلك ابتداء .
والنقمة لا تكون إلا جزاء وعقوبة .
الاستهزاء والسخرية :
أن الإنسان يُستهزأ به من غير أن يسبق منه فعل يُستهزأ من أجله .والسخر يدل على فعل يسبق من المسخور منه .
الدلو والذَّنوب :
أن الدلو تكون فارغة وملأى ، والذَّنوب لا تكون إلا ملأى .
وكذلك الفرق بين القدح والكأس ، فالكأس لا تكون إلا مملوءة ، والقدح تكون مملوءة وغير مملوءة .
الصاحب والقرين :
الصحبة تفيد انتفاع أحد الصاحبين بالآخر ، ولهذا يستعمل في الآدميين خاصة ، والمقارنة تفيد قيام أحد القرينين مع الآخر ، ويجري على طريقه وإن لم ينفعه، لذلك قيل قران النجوم .
الإثم والخطيئة :
الخطيئة قد تكون من غير تعمد ، ولا يكون الإثم إلا تعمدا .
الهمود والخمود :
خمود النار أن يسكن لهبها ويبقى جمرها ، وهمودها ذهابها ألبتة .

شكرا بارك الله فيك…………………

بارك الله فيك

الترادف 2024.

الترادف

الترادف لغة: التتابع.
الترادف اصطلاحا: دلالة عدد من الكلمات المختلفة على معنى واحد، مثل:
الجود، والسخاء، والأريحية، والندى، والسماحة، والكرم، والبذل.
رأيت الشيء، وأبصرته، وعاينته، وشاهدته.
عام، سنة، حول.
طبيعة فلان، وخلقه، وسجيته، وسليقته، ونقيبته.
وجدت فلانا مسرورا، محبورا، فرِحاً، جذِلاً، بلجاً، مستبشراً.
الحزن، الغم، الغمة، الأسى، والشجن، الترح الوجد، الكآبة، الجزع، الأسف، الللهفة، الحسرة، الجوى، الحرقة، واللوعة.
خاف الرجل، وفزع، وخشي، ووجل، وفرق، ورهب، وارتاع، وارتعب، وانذعر.
الرحمة، والرقة، والشفقة، والحٌنو، والحنان، والعطف، والرأفة.
– فلان يشبه فلانا،ويشابهه،ويشاكله،ويشاكهه،ويضاهيه،ويماثله،ويضارعه،ويحاكيه،ويناظره.
هفوة، وزلة، وسقطة، وعثرة، وكبوة.

الاختلاف حول وجود الترادف في اللغة

اختلف اللغويون قديما وحديثا حول حقيقة وجود الترادف في اللغة بين مثبت ومنكر.
المثبتون للترادف:
سيبويه: وهو من أشهر المثبتين لهذه الظاهرة. بيّن في باب (اللفظ للمعاني): "اعلم أن من كلامهم اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين، واختلاف اللفظين والمعنى واحد، واتفاق اللفظين واختلاف المعنيين … فاختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين هو نحو: جلس وذهب، واختلاف اللفظين والمعنى واحد نحو: ذهب وانطلق، واتفاق اللفظين والمعنى مختلف نحو قولك: وجدت عليه من الموجدة، ووجدت إذا أردت وجدان الضّالة، وأشباه هذا كثير." فقوله: "اختلاف اللفظين والمعنى واحد نحو: ذهب وانطلق" ينصرف إلى الترادف.
الأصمعي: ألف فيه كتابا عنوانه: ما اتفق لفظه واختلف معناه. وكان يقول أحفظ للحجر سبعين اسما.
أبو الحسن الرماني الذي ألف كتاب: الألفاظ المترادفة.
ابن خالويه: الذي كان يفتخر بأنه جمع للأسد خمسمائة اسم وللحية مئتين، وأنه يحفظ للسيف خمسين اسما.
وحمزة بن حمزة الأصفهاني:الذي كان يقول إنه جمع من أسماء الدواهي ما يزيد على أربعمائة.
والفيروزآبادي الذي ألف كتابا في الترادف بعنوان: الروض المسلوف فيما له اسمان إلى ألوف.
والتهانويالذي يقول: والحق وقوعه (أي الترادف) بدليل الاستقراء، نحو أسد وليث.
ومعظم المحدثين من اللغويين العرب يعترف بوقوع الترادف في اللغة، من هؤلاء:
علي الجارم الذي يقول: إن الترادف موجود ولا سبيل إلى إنكاره، ولكن لا يجوز المبالغة فيه بإدخال الصفات مرادفة للأسماء.
إبراهيم أنيس الذي يقول إنّ علماء اللغات يجمعون على إمكان وقوع الترادف في أي لغة من لغات البشر، والذين أنكروا الترادف من القدماء كانوا من الأدباء النقاد الذين يستشفون أمورا سحرية ويتخيلون في معانيها أشياء لا يراها غيرهم وفي هذا من المبالغة والمغالاة ما يأباه اللغوي الحديث في بحث الترادف.
حجج المثبتين: يحتج بعضهم لإثبات الترادف بما يلي:
(1) لو كان لكل لفظةٍ معنى غيرُمعنى الأخرى لما أمكنَ أن نعبِّر عن شيء بغير عبارته، وذلك أنا نقول في‏"‏لا ريب فيه":‏ "لا شكَّ فيه" وأهل اللغة إذا أرادو أن يفسروا (اللب) قالوا هو "العقل." و(الجرح) هو "الكسْب،"فلو كان الريبُ غيرَ الشك والعقل غير اللب لكانت العبارةُ عن معنى الريب بالشك خطأ، فلما عُبِّرَ بهذا عن هذا عُلم أن المعنى واحد‏.‏
(2) إنّ المتكلم يأتي بالاسمين المختلفين للمعنى الواحد فيمكان واحد تأكيداً ومبالغةً كقوله‏:‏ وهند أتى من دونها النَّأْي والبعد قالوا‏:‏فالنَّأْيُ هو البعد‏.‏
(3) الترادف لا يعني التشابه التام إنما أن يُقام لفظ مقام لفظٍ لمعانٍ متقاربة يجمعُها معنًى واحد كما يقال‏:‏ أصلحَ الفاسد ولمّ الشّعث ورتَقَ الفَتْق وشَعَبَ الصَّدع‏.‏
(4) وقال الطاهر ابن عاشور إذا أصبحت عدد من المفردات تدل على شيء واحد فهي من االترادف ولا يهمنا ما إذا كانت في الماضي تدل عليه أو على صفة فيه، مثل الحسام والهندي التي أصبحت الآن تدل على السيف ولا يلحظ معنى القطع أو الأصل الهندي فيها.
المنكرون للترادف: لقد أنكر الترادف فئة من العلماء قديما وحديثا من العرب ومن غيرهم:
ثعلب الذي كان يقول: لا يجوز أن يختلف اللفظ والمعنى واحد.
ابن درستويه: لا يكون فعَل وأفْعَل بمعنى واحد كما لم يكونا على بناء واحد إلا أن يجيء ذلك في لغتين مختلفتين فأما من لغة واحدة فمحال أن يختلف اللفظان والمعنى واحد كما يظن كثير من اللغويين والنحويين، وإنما سمعو العرب تتكلم على طباعها ولم يعرف السامعون العلل والفروق فظنوا أن هذه الألفاظ بمعنى واحد فأخطؤوا في فهم ذلك، وليس يجيء شيء من هذا الباب إلا على لغتين متباينتين.
ابن فارس: الذي يقول فِي هَذَا: إن الاسم واحد وهو "السيف" وَمَا بعده من الألقاب صفات، ومذهبنا أن كل صفة منها معناها غير معنى الأخرى.
أبو علي الفارسي: الذي رد على ابن خالويه، عندما افتخر بأنه يحفظ للسيف خمسين اسما، قائلا لا أعرف له إلا اسما واحدا هو السيف وأما الباقي فصفات.
أبو هلال العسكري: إن كل اسمين يجريان على معنى من المعاني في لغة واحدة يقتضي كل واحد منهما خلاف ما يقتضيه الآخر، وإلا كان الثاني فضلة لا يحتاج إليه. وقد ألف كتاب الفروق اللغوية لنقض فكرة الترادف وإبراز الاختلاف بين هذه الكلمات.
البيضاوي الذي جزم في المنهاج أن الترادفَ على خِلاف الأصْل والأصلُ هو التباينُ.
حجج المنكرين للترادف:
(1) يقول ثعلب: لا يجوز أن يختلف اللفظ والمعنى واحد لأنّ في كل لفظة زيادة معنى ليس في الأخرى، ففي ذهب معنى ليس في مضى. ويبين أبو هلال العسكري الفروق بين معاني الكلمات التي قيل فيها الترادف، فيقول:
الفرق بين الحلم والرؤيا: كلاهما ما يراه الانسان في المنام لكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير، والشئ الحسن، والحلم: ما يراه من الشر والشئ القبيح.
الفرق بين الحماية والحفظ: أن الحماية تكون لما لا يمكن إحرازه وحصره مثل الأرض والبلد، تقول: هو يحمي البلد والأرض، والحفظ يكون لما يُحرز ويُحصر وتقول هو يحفظ دراهمه ومتاعه.
الفرق بين الحمد والمدح: أن الحمد لا يكون إلا على إحسان، والمدح يكون بالفعل والصفة وذلك مثل أن يمدح الرجل باحسانه إلى غيره وأن يمدحه بحسن وجهه وطول قامته ولا يجوز أن يحمده على ذلك وإنما يحمده على إحسان يقع منه فقط.
الفرق بين الخجل والحياء: الخجل مما كان والحياء مما يكون.
الفرق بين الخشوع والتواضع: التواضع يعتبر بالاخلاق والأفعال الظاهرة والباطنة. والخشوع: يقال باعتبار الجوارح.
الفرق بين القسم والحلف: أن القسم أبلغ من الحلف.
الفرق بين الغضب والسخط: أن الغضب يكون من الصغير على الكبير ومن الكبير على الصغير، والسخط لا يكون إلا من الكبير على الصغير.
(2) يقول أبو هلال العسكري: الشاهد على أن اختلاف الأسماء يوجب اختلاف المعاني أن الاسم يدل كالإشارة، فإذا أُشير إلى الشيء مرة واحدة فعُرف فالإشارة إليه ثانية وثالثة غير مفيدة، وواضع اللغة حكيم لا يأتي فيها بما لا يفيد.
يبدو أن الاختلاف عائد إلى معنى الترادف. هل يعني التشابه التام في كل الأحوال أم هل يعني التشابه النسبي الذي يمكن فيه أن تستعمل لفظة مكان أخرى. إذا كان الأول فالتشابه مستحيل بين كلمتين بل إن بعض علماء اللغة يستبعد أن تشبه الكلمة نفسها في موضعين مختلفين؛ أما إذا قبلنا بالتعريف الثاني فإننا لن نعدم عددا من الألفاظ التي يمكن أن تحل محل أخرى في سياقات معينة، فنعدها من الترادف.

أسباب الترادف

1– فقدان الوصفية: بعض الألفاظ كانت تدل في الماضي على أوصاف محددة لاعتبارات معينة غير أنه مع مرور الزمن تُوسع في استعمالها ففقدت الوصفية واقتربت من الاسمية واكتفي بالصفة عن الموصوف، وأصبح هذا الوصف اسما، فمثل:
– المُدام: كانت صفة للخمر تعني "الذي أُديم في الدن"وهي الآن تُطلق على أنها اسم من أسماء الخمر.
– السيف: له اسم واحد هو السيف، وله أكثر من خمسين صفة لكل صفة دلالتها المميزة كالمهند "مصنوع في الهند" ومثلة اليماني "مصنوع في اليمن" والمشرفي "معمول في مشرف." والحسام لحدته وسرعة قطعه.
2- اختلاط اللهجات العربية: العربية لغة ذات لهجات متعددة تختلف في أسماء بعض الأشياء، فالشئ الواحد قد يسمى عند قبيلة بلفظ وعند أخرى بلفظ آخر، وبسبب اختلاط العرب في حروبهم ومعاشهم وأسواقهم فقد تطغى بعض الألفاظ على بعض، واشتهرت الكلمات التي تعتبر أسهل أو أفضل من غيرها فاجتمع للأنسان الواحد أكثر من لفظة للشئ الواحد، من ذلك مثلا:
السكين يدعوها بذلك أهل مكة وغيرهم وعند بعض الأزد يسميها المدية.
القمح لغة شامية، والحنظة لغة كوفية، وقيل البر لغة حجازية.
الإناء من فخار عند أهل مكة يدعى بُرمة وعند أهل البصرة يسمى قدرا.
البيت فو ق البيت يسمى عِلّية عند أهل مكة، وأهل البصرة يسمونه غرفة.
الحقل "المكان الطيب يُزرع فيه" وهو الذي يسميه أهل العراق القَراح.
المضاربة عند أهل الحجاز تسمى مقارضة.
الجرين عند أهل نجد "المكان الذي يجفف فيه التمر والثمر" يسميه أهل المدينة المِربَد.
المتقاضي المتجازي "من يستوفي الديون" يدعى في المدينة المتجازي.
3– الاقترض من اللغات الأعجمية: اختلاط العرب بغيرهم من الأمم الأعجمية من فرس وروم وأحباش أدى إلى دخول عدد من الكلمات الأعجمية في العربية، بعضها كثر استعماله حتى غلب على نظيرة العربي، من ذلك:
أعجمي: النَّرجس-الرَّصاص-الخِيار-الهاون-المِسك-الأُتْرُجّ-التُّوت-الياسمين-المِيزاب-اللُّوبياء
عربي: العَبْهر-الصَّرَفان-القَثْد-المِنحاز-المشموم-المُتْك-الفِرصاد-السَّمْسَق-المِثْعب-الدَّجَر

4- المجاز: المجازات المنسية تعتبر سببا مهما من أسباب حدوث الترادف؛ لأنها تصبح مفردات أخرى بجانب المفردات الأصلية في حقبة من تاريخ اللغة، من ذلك:
تسمية العسل بالماذية (تشبيها بالشراب السلس الممزوج) والسلاف (تشبيها بالخمر) والثواب (الثواب النحل وأطلق على العسل بتسمية الشيء باسم صانعه)، والصهباء (تشبيها بالخمر) والنحل"العسل" (سمي العسل نحلا باسم صانعه).
تسمية اللغة لسانا لأن اللسان آلة اللغة.
تسمية الجاسوس عينا لعلاقة الجزئية.
تسمية الرقيق رقبة لعلاقة الجزئية.
5- التساهل في الاستعمال : التساهل في استعمال الكلمة وعدم مراعاة دلالتها الصحيحة يؤدي إلى تداخلها مع بعض الألفاظ في حقلها الدلالي:
المائدة: في الأصل لايقال لها مائدة حتى يكون عليها طعام وإلا فهي خوان.
الكأس: إذا كان فيها شراب وإلا فهي قدح.
الكوز: إذا كان له عروة وإلا فهو كوب.
الثرى إذا كان نديا وإلا فهو تراب.
6- التغيير الصوتي : التغييرات الصوتية التي تحدث للكلمات تخلق منها صورا مختلفة تؤدي المعنى نفسه. وهذه التغييرات قد تكون بسبب:
* إبدال حرف بحرف مثل: حثالة وحفالة؛ ثوم وفوم؛ هتنت السماء وهتلت، حلك الغراب وحنك الغراب.
*قلب لغوي بتقديم حرف على آخر، مثل: صاعقة وصاقعة؛ عاث وثعا؛ طريق طَامِس وطَاسِم.

اعتمدنا على المراجع التالية: المزهر للسيوطي؛ الصاحبي في فقه اللغة لابن فارس؛ الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري؛ الفروق اللغوية لمحمد الشايع؛ علم الدلالة لأحمد الكراعين؛ فقه اللغة للنادري؛ علم الدلالة لأحمد مختار عمر.

الكتاب، سيبويه، 1/24، بيروت1991.
منقول

الترادف 2024.

الترادف

الترادف لغة: التتابع.
الترادف اصطلاحا: دلالة عدد من الكلمات المختلفة على معنى واحد، مثل:
الجود، والسخاء، والأريحية، والندى، والسماحة، والكرم، والبذل.
رأيت الشيء، وأبصرته، وعاينته، وشاهدته.
عام، سنة، حول.
طبيعة فلان، وخلقه، وسجيته، وسليقته، ونقيبته.
وجدت فلانا مسرورا، محبورا، فرِحاً، جذِلاً، بلجاً، مستبشراً.
الحزن، الغم، الغمة، الأسى، والشجن، الترح الوجد، الكآبة، الجزع، الأسف، الللهفة، الحسرة، الجوى، الحرقة، واللوعة.
خاف الرجل، وفزع، وخشي، ووجل، وفرق، ورهب، وارتاع، وارتعب، وانذعر.
الرحمة، والرقة، والشفقة، والحٌنو، والحنان، والعطف، والرأفة.
– فلان يشبه فلانا،ويشابهه،ويشاكله،ويشاكهه،ويضاهيه،ويماثله،ويضارعه،ويحاكيه،ويناظره.
هفوة، وزلة، وسقطة، وعثرة، وكبوة.

الاختلاف حول وجود الترادف في اللغة

اختلف اللغويون قديما وحديثا حول حقيقة وجود الترادف في اللغة بين مثبت ومنكر.
المثبتون للترادف:
سيبويه: وهو من أشهر المثبتين لهذه الظاهرة. بيّن في باب (اللفظ للمعاني): "اعلم أن من كلامهم اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين، واختلاف اللفظين والمعنى واحد، واتفاق اللفظين واختلاف المعنيين … فاختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين هو نحو: جلس وذهب، واختلاف اللفظين والمعنى واحد نحو: ذهب وانطلق، واتفاق اللفظين والمعنى مختلف نحو قولك: وجدت عليه من الموجدة، ووجدت إذا أردت وجدان الضّالة، وأشباه هذا كثير." فقوله: "اختلاف اللفظين والمعنى واحد نحو: ذهب وانطلق" ينصرف إلى الترادف.
الأصمعي: ألف فيه كتابا عنوانه: ما اتفق لفظه واختلف معناه. وكان يقول أحفظ للحجر سبعين اسما.
أبو الحسن الرماني الذي ألف كتاب: الألفاظ المترادفة.
ابن خالويه: الذي كان يفتخر بأنه جمع للأسد خمسمائة اسم وللحية مئتين، وأنه يحفظ للسيف خمسين اسما.
وحمزة بن حمزة الأصفهاني:الذي كان يقول إنه جمع من أسماء الدواهي ما يزيد على أربعمائة.
والفيروزآبادي الذي ألف كتابا في الترادف بعنوان: الروض المسلوف فيما له اسمان إلى ألوف.
والتهانويالذي يقول: والحق وقوعه (أي الترادف) بدليل الاستقراء، نحو أسد وليث.
ومعظم المحدثين من اللغويين العرب يعترف بوقوع الترادف في اللغة، من هؤلاء:
علي الجارم الذي يقول: إن الترادف موجود ولا سبيل إلى إنكاره، ولكن لا يجوز المبالغة فيه بإدخال الصفات مرادفة للأسماء.
إبراهيم أنيس الذي يقول إنّ علماء اللغات يجمعون على إمكان وقوع الترادف في أي لغة من لغات البشر، والذين أنكروا الترادف من القدماء كانوا من الأدباء النقاد الذين يستشفون أمورا سحرية ويتخيلون في معانيها أشياء لا يراها غيرهم وفي هذا من المبالغة والمغالاة ما يأباه اللغوي الحديث في بحث الترادف.
حجج المثبتين: يحتج بعضهم لإثبات الترادف بما يلي:
(1) لو كان لكل لفظةٍ معنى غيرُمعنى الأخرى لما أمكنَ أن نعبِّر عن شيء بغير عبارته، وذلك أنا نقول في‏"‏لا ريب فيه":‏ "لا شكَّ فيه" وأهل اللغة إذا أرادو أن يفسروا (اللب) قالوا هو "العقل." و(الجرح) هو "الكسْب،"فلو كان الريبُ غيرَ الشك والعقل غير اللب لكانت العبارةُ عن معنى الريب بالشك خطأ، فلما عُبِّرَ بهذا عن هذا عُلم أن المعنى واحد‏.‏
(2) إنّ المتكلم يأتي بالاسمين المختلفين للمعنى الواحد فيمكان واحد تأكيداً ومبالغةً كقوله‏:‏ وهند أتى من دونها النَّأْي والبعد قالوا‏:‏فالنَّأْيُ هو البعد‏.‏
(3) الترادف لا يعني التشابه التام إنما أن يُقام لفظ مقام لفظٍ لمعانٍ متقاربة يجمعُها معنًى واحد كما يقال‏:‏ أصلحَ الفاسد ولمّ الشّعث ورتَقَ الفَتْق وشَعَبَ الصَّدع‏.‏
(4) وقال الطاهر ابن عاشور إذا أصبحت عدد من المفردات تدل على شيء واحد فهي من االترادف ولا يهمنا ما إذا كانت في الماضي تدل عليه أو على صفة فيه، مثل الحسام والهندي التي أصبحت الآن تدل على السيف ولا يلحظ معنى القطع أو الأصل الهندي فيها.
المنكرون للترادف: لقد أنكر الترادف فئة من العلماء قديما وحديثا من العرب ومن غيرهم:
ثعلب الذي كان يقول: لا يجوز أن يختلف اللفظ والمعنى واحد.
ابن درستويه: لا يكون فعَل وأفْعَل بمعنى واحد كما لم يكونا على بناء واحد إلا أن يجيء ذلك في لغتين مختلفتين فأما من لغة واحدة فمحال أن يختلف اللفظان والمعنى واحد كما يظن كثير من اللغويين والنحويين، وإنما سمعو العرب تتكلم على طباعها ولم يعرف السامعون العلل والفروق فظنوا أن هذه الألفاظ بمعنى واحد فأخطؤوا في فهم ذلك، وليس يجيء شيء من هذا الباب إلا على لغتين متباينتين.
ابن فارس: الذي يقول فِي هَذَا: إن الاسم واحد وهو "السيف" وَمَا بعده من الألقاب صفات، ومذهبنا أن كل صفة منها معناها غير معنى الأخرى.
أبو علي الفارسي: الذي رد على ابن خالويه، عندما افتخر بأنه يحفظ للسيف خمسين اسما، قائلا لا أعرف له إلا اسما واحدا هو السيف وأما الباقي فصفات.
أبو هلال العسكري: إن كل اسمين يجريان على معنى من المعاني في لغة واحدة يقتضي كل واحد منهما خلاف ما يقتضيه الآخر، وإلا كان الثاني فضلة لا يحتاج إليه. وقد ألف كتاب الفروق اللغوية لنقض فكرة الترادف وإبراز الاختلاف بين هذه الكلمات.
البيضاوي الذي جزم في المنهاج أن الترادفَ على خِلاف الأصْل والأصلُ هو التباينُ.
حجج المنكرين للترادف:
(1) يقول ثعلب: لا يجوز أن يختلف اللفظ والمعنى واحد لأنّ في كل لفظة زيادة معنى ليس في الأخرى، ففي ذهب معنى ليس في مضى. ويبين أبو هلال العسكري الفروق بين معاني الكلمات التي قيل فيها الترادف، فيقول:
الفرق بين الحلم والرؤيا: كلاهما ما يراه الانسان في المنام لكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير، والشئ الحسن، والحلم: ما يراه من الشر والشئ القبيح.
الفرق بين الحماية والحفظ: أن الحماية تكون لما لا يمكن إحرازه وحصره مثل الأرض والبلد، تقول: هو يحمي البلد والأرض، والحفظ يكون لما يُحرز ويُحصر وتقول هو يحفظ دراهمه ومتاعه.
الفرق بين الحمد والمدح: أن الحمد لا يكون إلا على إحسان، والمدح يكون بالفعل والصفة وذلك مثل أن يمدح الرجل باحسانه إلى غيره وأن يمدحه بحسن وجهه وطول قامته ولا يجوز أن يحمده على ذلك وإنما يحمده على إحسان يقع منه فقط.
الفرق بين الخجل والحياء: الخجل مما كان والحياء مما يكون.
الفرق بين الخشوع والتواضع: التواضع يعتبر بالاخلاق والأفعال الظاهرة والباطنة. والخشوع: يقال باعتبار الجوارح.
الفرق بين القسم والحلف: أن القسم أبلغ من الحلف.
الفرق بين الغضب والسخط: أن الغضب يكون من الصغير على الكبير ومن الكبير على الصغير، والسخط لا يكون إلا من الكبير على الصغير.
(2) يقول أبو هلال العسكري: الشاهد على أن اختلاف الأسماء يوجب اختلاف المعاني أن الاسم يدل كالإشارة، فإذا أُشير إلى الشيء مرة واحدة فعُرف فالإشارة إليه ثانية وثالثة غير مفيدة، وواضع اللغة حكيم لا يأتي فيها بما لا يفيد.
يبدو أن الاختلاف عائد إلى معنى الترادف. هل يعني التشابه التام في كل الأحوال أم هل يعني التشابه النسبي الذي يمكن فيه أن تستعمل لفظة مكان أخرى. إذا كان الأول فالتشابه مستحيل بين كلمتين بل إن بعض علماء اللغة يستبعد أن تشبه الكلمة نفسها في موضعين مختلفين؛ أما إذا قبلنا بالتعريف الثاني فإننا لن نعدم عددا من الألفاظ التي يمكن أن تحل محل أخرى في سياقات معينة، فنعدها من الترادف.

أسباب الترادف

1– فقدان الوصفية: بعض الألفاظ كانت تدل في الماضي على أوصاف محددة لاعتبارات معينة غير أنه مع مرور الزمن تُوسع في استعمالها ففقدت الوصفية واقتربت من الاسمية واكتفي بالصفة عن الموصوف، وأصبح هذا الوصف اسما، فمثل:
– المُدام: كانت صفة للخمر تعني "الذي أُديم في الدن"وهي الآن تُطلق على أنها اسم من أسماء الخمر.
– السيف: له اسم واحد هو السيف، وله أكثر من خمسين صفة لكل صفة دلالتها المميزة كالمهند "مصنوع في الهند" ومثلة اليماني "مصنوع في اليمن" والمشرفي "معمول في مشرف." والحسام لحدته وسرعة قطعه.
2- اختلاط اللهجات العربية: العربية لغة ذات لهجات متعددة تختلف في أسماء بعض الأشياء، فالشئ الواحد قد يسمى عند قبيلة بلفظ وعند أخرى بلفظ آخر، وبسبب اختلاط العرب في حروبهم ومعاشهم وأسواقهم فقد تطغى بعض الألفاظ على بعض، واشتهرت الكلمات التي تعتبر أسهل أو أفضل من غيرها فاجتمع للأنسان الواحد أكثر من لفظة للشئ الواحد، من ذلك مثلا:
السكين يدعوها بذلك أهل مكة وغيرهم وعند بعض الأزد يسميها المدية.
القمح لغة شامية، والحنظة لغة كوفية، وقيل البر لغة حجازية.
الإناء من فخار عند أهل مكة يدعى بُرمة وعند أهل البصرة يسمى قدرا.
البيت فو ق البيت يسمى عِلّية عند أهل مكة، وأهل البصرة يسمونه غرفة.
الحقل "المكان الطيب يُزرع فيه" وهو الذي يسميه أهل العراق القَراح.
المضاربة عند أهل الحجاز تسمى مقارضة.
الجرين عند أهل نجد "المكان الذي يجفف فيه التمر والثمر" يسميه أهل المدينة المِربَد.
المتقاضي المتجازي "من يستوفي الديون" يدعى في المدينة المتجازي.
3– الاقترض من اللغات الأعجمية: اختلاط العرب بغيرهم من الأمم الأعجمية من فرس وروم وأحباش أدى إلى دخول عدد من الكلمات الأعجمية في العربية، بعضها كثر استعماله حتى غلب على نظيرة العربي، من ذلك:
أعجمي: النَّرجس-الرَّصاص-الخِيار-الهاون-المِسك-الأُتْرُجّ-التُّوت-الياسمين-المِيزاب-اللُّوبياء
عربي: العَبْهر-الصَّرَفان-القَثْد-المِنحاز-المشموم-المُتْك-الفِرصاد-السَّمْسَق-المِثْعب-الدَّجَر

4- المجاز: المجازات المنسية تعتبر سببا مهما من أسباب حدوث الترادف؛ لأنها تصبح مفردات أخرى بجانب المفردات الأصلية في حقبة من تاريخ اللغة، من ذلك:
تسمية العسل بالماذية (تشبيها بالشراب السلس الممزوج) والسلاف (تشبيها بالخمر) والثواب (الثواب النحل وأطلق على العسل بتسمية الشيء باسم صانعه)، والصهباء (تشبيها بالخمر) والنحل"العسل" (سمي العسل نحلا باسم صانعه).
تسمية اللغة لسانا لأن اللسان آلة اللغة.
تسمية الجاسوس عينا لعلاقة الجزئية.
تسمية الرقيق رقبة لعلاقة الجزئية.
5- التساهل في الاستعمال : التساهل في استعمال الكلمة وعدم مراعاة دلالتها الصحيحة يؤدي إلى تداخلها مع بعض الألفاظ في حقلها الدلالي:
المائدة: في الأصل لايقال لها مائدة حتى يكون عليها طعام وإلا فهي خوان.
الكأس: إذا كان فيها شراب وإلا فهي قدح.
الكوز: إذا كان له عروة وإلا فهو كوب.
الثرى إذا كان نديا وإلا فهو تراب.
6- التغيير الصوتي : التغييرات الصوتية التي تحدث للكلمات تخلق منها صورا مختلفة تؤدي المعنى نفسه. وهذه التغييرات قد تكون بسبب:
* إبدال حرف بحرف مثل: حثالة وحفالة؛ ثوم وفوم؛ هتنت السماء وهتلت، حلك الغراب وحنك الغراب.
*قلب لغوي بتقديم حرف على آخر، مثل: صاعقة وصاقعة؛ عاث وثعا؛ طريق طَامِس وطَاسِم.

اعتمدنا على المراجع التالية: المزهر للسيوطي؛ الصاحبي في فقه اللغة لابن فارس؛ الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري؛ الفروق اللغوية لمحمد الشايع؛ علم الدلالة لأحمد الكراعين؛ فقه اللغة للنادري؛ علم الدلالة لأحمد مختار عمر.

الكتاب، سيبويه، 1/24، بيروت1991.
منقول

بورك فيك و جزاك الله كل خير

الترادف 2024.

الترادف

الترادف لغة: التتابع.
الترادف اصطلاحا: دلالة عدد من الكلمات المختلفة على معنى واحد، مثل:
الجود، والسخاء، والأريحية، والندى، والسماحة، والكرم، والبذل.
رأيت الشيء، وأبصرته، وعاينته، وشاهدته.
عام، سنة، حول.
طبيعة فلان، وخلقه، وسجيته، وسليقته، ونقيبته.
وجدت فلانا مسرورا، محبورا، فرِحاً، جذِلاً، بلجاً، مستبشراً.
الحزن، الغم، الغمة، الأسى، والشجن، الترح الوجد، الكآبة، الجزع، الأسف، الللهفة، الحسرة، الجوى، الحرقة، واللوعة.
خاف الرجل، وفزع، وخشي، ووجل، وفرق، ورهب، وارتاع، وارتعب، وانذعر.
الرحمة، والرقة، والشفقة، والحٌنو، والحنان، والعطف، والرأفة.
– فلان يشبه فلانا،ويشابهه،ويشاكله،ويشاكهه،ويضاهيه،ويماثله،ويضارعه،ويحاكيه،ويناظره.
هفوة، وزلة، وسقطة، وعثرة، وكبوة.

الاختلاف حول وجود الترادف في اللغة

اختلف اللغويون قديما وحديثا حول حقيقة وجود الترادف في اللغة بين مثبت ومنكر.
المثبتون للترادف:
سيبويه: وهو من أشهر المثبتين لهذه الظاهرة. بيّن في باب (اللفظ للمعاني): "اعلم أن من كلامهم اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين، واختلاف اللفظين والمعنى واحد، واتفاق اللفظين واختلاف المعنيين … فاختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين هو نحو: جلس وذهب، واختلاف اللفظين والمعنى واحد نحو: ذهب وانطلق، واتفاق اللفظين والمعنى مختلف نحو قولك: وجدت عليه من الموجدة، ووجدت إذا أردت وجدان الضّالة، وأشباه هذا كثير." فقوله: "اختلاف اللفظين والمعنى واحد نحو: ذهب وانطلق" ينصرف إلى الترادف.
الأصمعي: ألف فيه كتابا عنوانه: ما اتفق لفظه واختلف معناه. وكان يقول أحفظ للحجر سبعين اسما.
أبو الحسن الرماني الذي ألف كتاب: الألفاظ المترادفة.
ابن خالويه: الذي كان يفتخر بأنه جمع للأسد خمسمائة اسم وللحية مئتين، وأنه يحفظ للسيف خمسين اسما.
وحمزة بن حمزة الأصفهاني:الذي كان يقول إنه جمع من أسماء الدواهي ما يزيد على أربعمائة.
والفيروزآبادي الذي ألف كتابا في الترادف بعنوان: الروض المسلوف فيما له اسمان إلى ألوف.
والتهانويالذي يقول: والحق وقوعه (أي الترادف) بدليل الاستقراء، نحو أسد وليث.
ومعظم المحدثين من اللغويين العرب يعترف بوقوع الترادف في اللغة، من هؤلاء:
علي الجارم الذي يقول: إن الترادف موجود ولا سبيل إلى إنكاره، ولكن لا يجوز المبالغة فيه بإدخال الصفات مرادفة للأسماء.
إبراهيم أنيس الذي يقول إنّ علماء اللغات يجمعون على إمكان وقوع الترادف في أي لغة من لغات البشر، والذين أنكروا الترادف من القدماء كانوا من الأدباء النقاد الذين يستشفون أمورا سحرية ويتخيلون في معانيها أشياء لا يراها غيرهم وفي هذا من المبالغة والمغالاة ما يأباه اللغوي الحديث في بحث الترادف.
حجج المثبتين: يحتج بعضهم لإثبات الترادف بما يلي:
(1) لو كان لكل لفظةٍ معنى غيرُمعنى الأخرى لما أمكنَ أن نعبِّر عن شيء بغير عبارته، وذلك أنا نقول في‏"‏لا ريب فيه":‏ "لا شكَّ فيه" وأهل اللغة إذا أرادو أن يفسروا (اللب) قالوا هو "العقل." و(الجرح) هو "الكسْب،"فلو كان الريبُ غيرَ الشك والعقل غير اللب لكانت العبارةُ عن معنى الريب بالشك خطأ، فلما عُبِّرَ بهذا عن هذا عُلم أن المعنى واحد‏.‏
(2) إنّ المتكلم يأتي بالاسمين المختلفين للمعنى الواحد فيمكان واحد تأكيداً ومبالغةً كقوله‏:‏ وهند أتى من دونها النَّأْي والبعد قالوا‏:‏فالنَّأْيُ هو البعد‏.‏
(3) الترادف لا يعني التشابه التام إنما أن يُقام لفظ مقام لفظٍ لمعانٍ متقاربة يجمعُها معنًى واحد كما يقال‏:‏ أصلحَ الفاسد ولمّ الشّعث ورتَقَ الفَتْق وشَعَبَ الصَّدع‏.‏
(4) وقال الطاهر ابن عاشور إذا أصبحت عدد من المفردات تدل على شيء واحد فهي من االترادف ولا يهمنا ما إذا كانت في الماضي تدل عليه أو على صفة فيه، مثل الحسام والهندي التي أصبحت الآن تدل على السيف ولا يلحظ معنى القطع أو الأصل الهندي فيها.
المنكرون للترادف: لقد أنكر الترادف فئة من العلماء قديما وحديثا من العرب ومن غيرهم:
ثعلب الذي كان يقول: لا يجوز أن يختلف اللفظ والمعنى واحد.
ابن درستويه: لا يكون فعَل وأفْعَل بمعنى واحد كما لم يكونا على بناء واحد إلا أن يجيء ذلك في لغتين مختلفتين فأما من لغة واحدة فمحال أن يختلف اللفظان والمعنى واحد كما يظن كثير من اللغويين والنحويين، وإنما سمعو العرب تتكلم على طباعها ولم يعرف السامعون العلل والفروق فظنوا أن هذه الألفاظ بمعنى واحد فأخطؤوا في فهم ذلك، وليس يجيء شيء من هذا الباب إلا على لغتين متباينتين.
ابن فارس: الذي يقول فِي هَذَا: إن الاسم واحد وهو "السيف" وَمَا بعده من الألقاب صفات، ومذهبنا أن كل صفة منها معناها غير معنى الأخرى.
أبو علي الفارسي: الذي رد على ابن خالويه، عندما افتخر بأنه يحفظ للسيف خمسين اسما، قائلا لا أعرف له إلا اسما واحدا هو السيف وأما الباقي فصفات.
أبو هلال العسكري: إن كل اسمين يجريان على معنى من المعاني في لغة واحدة يقتضي كل واحد منهما خلاف ما يقتضيه الآخر، وإلا كان الثاني فضلة لا يحتاج إليه. وقد ألف كتاب الفروق اللغوية لنقض فكرة الترادف وإبراز الاختلاف بين هذه الكلمات.
البيضاوي الذي جزم في المنهاج أن الترادفَ على خِلاف الأصْل والأصلُ هو التباينُ.
حجج المنكرين للترادف:
(1) يقول ثعلب: لا يجوز أن يختلف اللفظ والمعنى واحد لأنّ في كل لفظة زيادة معنى ليس في الأخرى، ففي ذهب معنى ليس في مضى. ويبين أبو هلال العسكري الفروق بين معاني الكلمات التي قيل فيها الترادف، فيقول:
الفرق بين الحلم والرؤيا: كلاهما ما يراه الانسان في المنام لكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير، والشئ الحسن، والحلم: ما يراه من الشر والشئ القبيح.
الفرق بين الحماية والحفظ: أن الحماية تكون لما لا يمكن إحرازه وحصره مثل الأرض والبلد، تقول: هو يحمي البلد والأرض، والحفظ يكون لما يُحرز ويُحصر وتقول هو يحفظ دراهمه ومتاعه.
الفرق بين الحمد والمدح: أن الحمد لا يكون إلا على إحسان، والمدح يكون بالفعل والصفة وذلك مثل أن يمدح الرجل باحسانه إلى غيره وأن يمدحه بحسن وجهه وطول قامته ولا يجوز أن يحمده على ذلك وإنما يحمده على إحسان يقع منه فقط.
الفرق بين الخجل والحياء: الخجل مما كان والحياء مما يكون.
الفرق بين الخشوع والتواضع: التواضع يعتبر بالاخلاق والأفعال الظاهرة والباطنة. والخشوع: يقال باعتبار الجوارح.
الفرق بين القسم والحلف: أن القسم أبلغ من الحلف.
الفرق بين الغضب والسخط: أن الغضب يكون من الصغير على الكبير ومن الكبير على الصغير، والسخط لا يكون إلا من الكبير على الصغير.
(2) يقول أبو هلال العسكري: الشاهد على أن اختلاف الأسماء يوجب اختلاف المعاني أن الاسم يدل كالإشارة، فإذا أُشير إلى الشيء مرة واحدة فعُرف فالإشارة إليه ثانية وثالثة غير مفيدة، وواضع اللغة حكيم لا يأتي فيها بما لا يفيد.
يبدو أن الاختلاف عائد إلى معنى الترادف. هل يعني التشابه التام في كل الأحوال أم هل يعني التشابه النسبي الذي يمكن فيه أن تستعمل لفظة مكان أخرى. إذا كان الأول فالتشابه مستحيل بين كلمتين بل إن بعض علماء اللغة يستبعد أن تشبه الكلمة نفسها في موضعين مختلفين؛ أما إذا قبلنا بالتعريف الثاني فإننا لن نعدم عددا من الألفاظ التي يمكن أن تحل محل أخرى في سياقات معينة، فنعدها من الترادف.

أسباب الترادف

1– فقدان الوصفية: بعض الألفاظ كانت تدل في الماضي على أوصاف محددة لاعتبارات معينة غير أنه مع مرور الزمن تُوسع في استعمالها ففقدت الوصفية واقتربت من الاسمية واكتفي بالصفة عن الموصوف، وأصبح هذا الوصف اسما، فمثل:
– المُدام: كانت صفة للخمر تعني "الذي أُديم في الدن"وهي الآن تُطلق على أنها اسم من أسماء الخمر.
– السيف: له اسم واحد هو السيف، وله أكثر من خمسين صفة لكل صفة دلالتها المميزة كالمهند "مصنوع في الهند" ومثلة اليماني "مصنوع في اليمن" والمشرفي "معمول في مشرف." والحسام لحدته وسرعة قطعه.
2- اختلاط اللهجات العربية: العربية لغة ذات لهجات متعددة تختلف في أسماء بعض الأشياء، فالشئ الواحد قد يسمى عند قبيلة بلفظ وعند أخرى بلفظ آخر، وبسبب اختلاط العرب في حروبهم ومعاشهم وأسواقهم فقد تطغى بعض الألفاظ على بعض، واشتهرت الكلمات التي تعتبر أسهل أو أفضل من غيرها فاجتمع للأنسان الواحد أكثر من لفظة للشئ الواحد، من ذلك مثلا:
السكين يدعوها بذلك أهل مكة وغيرهم وعند بعض الأزد يسميها المدية.
القمح لغة شامية، والحنظة لغة كوفية، وقيل البر لغة حجازية.
الإناء من فخار عند أهل مكة يدعى بُرمة وعند أهل البصرة يسمى قدرا.
البيت فو ق البيت يسمى عِلّية عند أهل مكة، وأهل البصرة يسمونه غرفة.
الحقل "المكان الطيب يُزرع فيه" وهو الذي يسميه أهل العراق القَراح.
المضاربة عند أهل الحجاز تسمى مقارضة.
الجرين عند أهل نجد "المكان الذي يجفف فيه التمر والثمر" يسميه أهل المدينة المِربَد.
المتقاضي المتجازي "من يستوفي الديون" يدعى في المدينة المتجازي.
3– الاقترض من اللغات الأعجمية: اختلاط العرب بغيرهم من الأمم الأعجمية من فرس وروم وأحباش أدى إلى دخول عدد من الكلمات الأعجمية في العربية، بعضها كثر استعماله حتى غلب على نظيرة العربي، من ذلك:
أعجمي: النَّرجس-الرَّصاص-الخِيار-الهاون-المِسك-الأُتْرُجّ-التُّوت-الياسمين-المِيزاب-اللُّوبياء
عربي: العَبْهر-الصَّرَفان-القَثْد-المِنحاز-المشموم-المُتْك-الفِرصاد-السَّمْسَق-المِثْعب-الدَّجَر

4- المجاز: المجازات المنسية تعتبر سببا مهما من أسباب حدوث الترادف؛ لأنها تصبح مفردات أخرى بجانب المفردات الأصلية في حقبة من تاريخ اللغة، من ذلك:
تسمية العسل بالماذية (تشبيها بالشراب السلس الممزوج) والسلاف (تشبيها بالخمر) والثواب (الثواب النحل وأطلق على العسل بتسمية الشيء باسم صانعه)، والصهباء (تشبيها بالخمر) والنحل"العسل" (سمي العسل نحلا باسم صانعه).
تسمية اللغة لسانا لأن اللسان آلة اللغة.
تسمية الجاسوس عينا لعلاقة الجزئية.
تسمية الرقيق رقبة لعلاقة الجزئية.
5- التساهل في الاستعمال : التساهل في استعمال الكلمة وعدم مراعاة دلالتها الصحيحة يؤدي إلى تداخلها مع بعض الألفاظ في حقلها الدلالي:
المائدة: في الأصل لايقال لها مائدة حتى يكون عليها طعام وإلا فهي خوان.
الكأس: إذا كان فيها شراب وإلا فهي قدح.
الكوز: إذا كان له عروة وإلا فهو كوب.
الثرى إذا كان نديا وإلا فهو تراب.
6- التغيير الصوتي : التغييرات الصوتية التي تحدث للكلمات تخلق منها صورا مختلفة تؤدي المعنى نفسه. وهذه التغييرات قد تكون بسبب:
* إبدال حرف بحرف مثل: حثالة وحفالة؛ ثوم وفوم؛ هتنت السماء وهتلت، حلك الغراب وحنك الغراب.
*قلب لغوي بتقديم حرف على آخر، مثل: صاعقة وصاقعة؛ عاث وثعا؛ طريق طَامِس وطَاسِم.

اعتمدنا على المراجع التالية: المزهر للسيوطي؛ الصاحبي في فقه اللغة لابن فارس؛ الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري؛ الفروق اللغوية لمحمد الشايع؛ علم الدلالة لأحمد الكراعين؛ فقه اللغة للنادري؛ علم الدلالة لأحمد مختار عمر.

الكتاب، سيبويه، 1/24، بيروت1991.
منقول

بارك الله فيك واثابك كل الخير