قراءة المأموم خلف الإمام 2024.

قراءة المأموم خلف الإمام



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه ثم أما بعد:




من المسائل المتعلقة بصلاة الجماعة مسألة قراءة المأموم خلف الإمام، وسنتحدث عنها فيما يلي:


حيث اختلف الفقهاء في هذه المسألة على أقوال:



القول الأول:
وجوب قراءة المأموم الفاتحة في الصلاة السرية والجهرية، وهو مذهب الشافعية1



قال الإمام النووي رحمه الله: "وبه قال أكثر العلماء"2،



واستدلوا:



من المنقول:



1- بحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب))رواه البخاري (723) ومسلم (394)


وهذا عام في كل مصلٍ، ولم يثبت تخصيصه بغير المأموم بمخصص صريح فبقي على عمومه3.



2- وحديث عبادة بن الصامت أيضاً قال: كنا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فثقلت عليه القراءة،



فلما فرغ قال: ((لعلكم تقرؤون خلف إمامكم)) قلنا: نعم هذا يا رسول الله، قال: ((لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها))4.



من المعقول:



1- أن من لزمه قيام القراءة لزمه القراءة مع القدرة كالإمام والمنفرد5.




القول الثاني
:



وجوب القراءة في السرية دون الجهرية، وهو قول الشافعي في القديم6، ومذهب الحنابلة7



قال الإمام أحمد: "ما سمعنا أحداً من أهل الإسلام يقول إن الإمام إذا جهر بالقراءة لا تجزئ صلاة من خلفه إذا لم يقرأ،



وقال: هذا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون، وهذا مالك في أهل الحجاز، وهذا الثوري في أهل العراق، وهذا الأوزاعي في أهل الشام، وهذا الليث في أهل مصر؛ ما قالوا لرجل صلى وقرأ إمامه ولم يقرأ هو: صلاته باطلة"8.


واستدلوا:



1- بقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}(الأعراف:204)



قال الشافعي في القديم: "هذا عندنا في القراءة التي تسمع خاصة"9،


وقال أحمد: "أجمع الناس على أن هذه الآية في الصلاة"10، ولأنه عام فيتناول بعمومه الصلاة11.



2- وحديث أبي موسى رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبيَّن لنا سنتنا، وعلَّمنا صلاتنا، فقال: ((إذا صليتم فأقيموا صفوفكم، ثم ليؤمكم أحدكم، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا)) رواه مسلم (404).



3- وحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا))12.



4- وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال: ((هل قرأ معي أحد منكم آنفاً))؟
فقال رجل: نعم يا رسول الله، قال: ((إني أقول ما لي أنازع القرآن))؟!

قال13: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلوات بالقراءة حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم14،


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"وهذا إذا كان من كلام الزهري فهو من أدل الدلائل على أن الصحابة لم يكونوا يقرؤون في الجهر مع النبي صلى الله عليه وسلم،



فإن الزهري من أعلم أهل زمانه، أو أعلم أهل زمانه بالسنة، وقراءة الصحابة خلف النبي صلى الله عليه وسلم إذا كانت مشروعة واجبة أو مستحبة تكون من الأحكام العامة التي يعرفها عامة الصحابة والتابعين لهم بإحسان، فيكون الزهري من أعلم الناس بها،

فلو لم يبينها لاستدل بذلك على انتفائها، فكيف إذا قطع الزهري بأن الصحابة لم يكونوا يقرؤون خلف النبي صلى الله عليه وسلم في الجهر"15.



من المعقول:



1- أنها قراءة لا تجب على المسبوق، فلم تجب على غيره كالسورة.16

2- ما قاله شيخ الإسلام: "لو كانت القراءة في الجهر واجبة على المأموم للزم أحد أمرين: إما أن يقرأ مع الإمام، وإما أن يجب على الإمام أن يسكت له حتى يقرأ،



ولم نعلم نزاعاً بين العلماء أنه لا يجب على الإمام أن يسكت لقراءة المأموم بالفاتحة ولا غيرها، وقراءته معه منهي عنها بالكتاب والسنة،
فثبت أنه لا تجب عليه القراءة معه في حال الجهر بل نقول: لو كانت قراءة المأموم في حال الجهر والاستماع مستحبة لاستحب للإمام أن يسكت لقراءة المأموم،



ولا يستحب للإمام السكوت ليقرأ المأموم عند جماهير العلماء، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك، وأحمد بن حنبل وغيرهم"17.



3- لو كان الصحابة كلهم يقرؤون الفاتحة خلفه إما في السكتة الأولى، وإما في الثانية؛ لكان هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله،


فكيف ولم ينقل هذا أحد عن أحد من الصحابة أنهم كانوا في السكتة الثانية خلفه يقرؤون الفاتحة مع أن ذلك لو كان مشروعاً لكان الصحابة أحق الناس بعلمه وعمله، فعلم أنه بدعة.18





4- أن المقصود بالجهر استماع المأمومين، ولهذا يؤمنون على قراءة الإمام في الجهر دون السر، فإذا كانوا مشغولين عنه بالقراءة فقد أمر أن يقرأ على قوم لا يستمعون لقراءته، وهو بمنزلة أن يحدث من لم يستمع لحديثه، ويخطب من لم يستمع لخطبته، وهذا سفه تنزه عنه الشريعة.19




القول الثالث:
أنه لا تجب قراءة الفاتحة سواء في السرية أو الجهرية، وهو مذهب الأحناف20، وهو وجه شاذ عند الشافعية حكاه الرافعي21،



قال النووي: "نقل القاضي أبو الطيب، والعبدري عن أبي حنيفة أن قراءة المأموم معصية"22.



واستدلوا:


– من المنقول:



1- بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من صلى خلف الإمام فإن قراءة الإمام له قراءة))23.



2- وحديث عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس ورجل يقرأ خلفه،


فلما فرغ قال: ((من ذا الذي يخالجني سورتي)) فنهى عن القراءة خلف الإمام.24

3- وعن ابن عمر أنه قال: في القراءة خلف الإمام تكفيك قراءة الإمام.25





4- وحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج، إلا أن يكون وراء إمام))26.


5- ما جاء عن زيد بن ثابت قال: من قرأ وراء الإمام فلا صلاة له.27





6- حديث أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الإمام ضامن))28وليس يضمن إلا القراءة عن المأموم29.



– من المعقول:



1- أنها قراءة فسقطت عن المأموم كالسورة في الجهرية، وكركعة المسبوق.30




القول الرابع:
أنه يقرأها استحباباً، وهو مذهب الأوزاعي وغيره من الشاميين، وهو اختيار أبو البركات المجد بن تيمية.31




الترجيح:



وقد سئلت اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء عن هذا الأمر فقالت:



"الصحيح من أقوال العلماء وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة على المنفرد والإمام والمأموم في الصلاة الجهرية والسرية لصحة الأدلة الدالة على ذلك وخصوصها،


وأما قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} فعام، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((وإذا قرأ فأنصتوا)) عام في الفاتحة وغيرها،



فيخصصان بحديث: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) جمعاً بين الأدلة الثابتة،



وأما حديث: ((من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة)) فضعيف، ولا يصح ما يقال من أن تأمين المأمومين على قراءة الإمام الفاتحة يقوم مقام قراءتهم الفاتحة"32.





والحمد لله رب العالمين,,,

1 المجموع (3/311) للإمام النووي، الناشر: دار الفكر – بيروت، سنة النشر 1997م.

2 المجموع (3/307).

3 المجموع (3/315).

4 رواه أبو داود برقم (823) وضعفه الألباني.

5 المجموع (3/310).

6 المجموع (3/311).

7 المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (1/329) لابن قدامة المقدسي، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى: 1405هـ.

8 المغني (1/330).

9 المجموع (3/316).

10 المغني (1/330).

11 المغني (1/330).

12 رواه ابن ماجه (846) وأبو داود (603) وصححه الألباني.

13 قال بعضهم: هو قول الزهري، وقال بعضهم: هو قول ابن أكيمة، والصحيح أنه قول الزهري. الفتاوى الكبرى (2/171) لابن تيمية، تحقيق: حسنين محمد مخلوف، الناشر: دار المعرفة – بيروت، الطبعةالأولى 1386هـ.

14 رواه الترمذي (312) وصححه الألباني.

15 الفتاوى الكبرى (2/171).

16 المغني (1/330).

17 الفتاوى الكبرى (2/172).

18 الفتاوى الكبرى (2/173).

19 الفتاوى الكبرى (2/173).

20 الاختيار لتعليل المختار (1/55) لعبد الله بن محمود بن مودود الموصلي الحنفي، تحقيق: عبد اللطيف محمد عبد الرحمن، دار النشردار الكتب العلمية – بيروت- لبنان، الطبعة الثالثة 1445هـ – 2024م.

21 المجموع (3/311).

22 المجموع (3/313).

23 السنن الكبرى (2/159) برقم (3011) البيهقي، الناشر: مجلس دائرة المعارف النظامية الكائنة في الهند ببلدة حيدر آباد، الطبعة الأولى 1344هـ، وسنن الدارقطني باب ذكر نيابة الإمام عن قراءة المأمومين (1/402)، تحقيق: السيد عبد الله هاشم يماني المدني، الناشر: دار المعرفة – بيروت 1386 هـ – 1966م، وقال: حديث منكر، وضعفه النووي في خلاصة الأحكام في مهمات السنن وقواعد الإسلام (1/377) برقم (1173) للنووي، المحقق: حسين إسماعيل الجمل، الناشر: مؤسسة الرسالة – لبنان – بيروت، الطبعة الأولى 1418هـ – 1997م.

24 رواه البيهقي في السنن (2/162) برقم (3022)، والدار قطني (1/326) وقال: لم يقل هكذا غير حجاج، وحجاج لا يحتج به.

25 رواه الدار قطني (1/402).

26 رواه الدار قطني (1/327) وقال: الصواب أنه موقوف.

27 رواه البيهقي في السنن (2/163) برقم (3029).

28 رواه أبو داوود برقم (517) وصححه الألباني.

29 المجموع (3/314).

30 المجموع (3/314).

31 الفتاوى الكبرى (2/104).

32 فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (6/384) جمع : أحمد بن عبد الرزاق الدويش، الناشر: الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء.
الامام

الجيريا

محاضرة/ سيرة الإمام مالك ومنهجه في الموطأ 2024.

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه :

محاضرة/ سيرة الإمام مالك ومنهجه في الموطأ

ألقاها/ بدر بن محمد البدر

https://t.co/KGdP3xpYw4


منقول

جزاك الله خيرا
وبارك فيك وفي الشيخ

بارك الله فيكم

بارك الله فيك

مشكور اخي على الموضوع

كيف كانت تربية الإمام ابن باز رحمه الله في بيته لعائلته وأقاربه ؟ 2024.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .

وبعد، فرحم الله الإمام ابن باز رحمةً واسعةً، وأسكنه فسيح جنّاته، فهو ممّن تميّز بالخلال الحميدة، والخصال الرشيدة، وجميل الأخلاق، وطيب الفعال، وعظيم التواضع، وهو ممّن يُقتدى به في الأدب والعلم والأخلاق، وفي تصرّفاته وسمته وهديه المبني على كتاب الله العظيم وسنّة رسوله الجيريا الكريم، وخاصة في زهده وعبادته وأمانته وصدقه وكثرة التجائه وتضرّعه إلى الله عزّ وجلّ، وعظيم خشيته لله، وزكاء فؤاده، وسخاء يده، وطيب معشره، مع اتّباعه للسنّة الغرّاء، وكثرة عبادته، رحمه الله وجعل الفردوس مثواه .

وعبرةً لنفسي ثم لإخواني وأخواتي في الله، سأتكلّم عن هدي الإمام رحمه الله مع أفراد أسرته وأقاربه، وذلك بنقل بعض أقوالهم عنه التي ذُكِرَت في كتاب " موسوعة إمام المسلمين في القرن العشرين " ( 1/ 24-66/ ط . مؤسسة الريّان ) .

والشيخ رحمه الله توفّي عن زوجتين :
– أم عبد الله (الأولى) .
– وأم أحمد (الثانية)، وقد أصرّت زوجته الأولى أن يتزوّج الثانية لعدم مقدرتها على خدمته بعد أن كبر سنّها .

وللشيخ أربعة أولاد :
– عبد الله (وبه يُكنّى) وعبد الرحمن، من زوجته أم عبد الله .
– وأحمد وخالد، من زوجته أم أحمد .

وله ست بنات : سارة، هند، مضاوي، جوهرة، هياء، نوف .
وجميع بناته متزوّجات، وما يُنقل عنه أن أصغر بناته تُسَمّى ندى أو هدى وقد مضى من عمرها عشر سنوات فغير صحيح .

وسأبدأ بذكر بعض أقوال أسرته وأقاربه مستعيناً بالله عزّ وجلّ :

الجيريا الابن الأكبر عبد الله

سؤال : رغم انشغال سماحته، كيف كان يختار الوقت المناسب لأفراد أسرته وأبنائه وأحفاده ؟

حقيقة، كان رحمه الله يخصّص يومين في الأسبوعين، منه يوم واحد للرجال من أبنائه وأحفاده وعائلته من أسرته رحمه الله، ويوم آخر للنساء من بناته وزوجاته وحفيداته ونساء عائلته، يجلس معهم جميعاً ويحدّثهم في مختلف الأمور الحياتية والعامة وأمور الدين، ويوجّههم لما فيه الخير والصالح العام لأفراد أسرته، وإذا كان هناك عوائق أو مشاكل عند بعض أفراد الأسرة يتم طرحها على سماحته ويأخذ فيها القرار المناسب، يراعي أسرته الصغيرة مثلما يراعي أسرته المسلمة الكبيرة بدون تمييز أو فوارق، وكان يوازن في كلّ الأمور .

الجيريا الابن الثاني عبد الرحمن

سؤال : هل كانت له نصائح خاصة يلقيها عليك أو إلى أيٍّ من أبنائه وبناته ؟

كان كثير النصيحة لنا مثل كل الذين يقابلونه، وتنصب على الجانب الديني، ويركّز على الاهتمام بالصلاة وطلب العلم للعلم .

سؤال : كيف كان ينظر لتعليم بناته ؟

الحمد لله، كل بنات الشيخ وحفيداته حصلن على التعليم الكافي وبعضهن تجاوز المرحلة الجامعيّة، وكان حريصاً على تعليمهنّ .

سؤال : كم مرّة حجّ الوالد ؟

(60) مرّة .

الجيرياالابن الثالث الشيخ أحمد

سؤال : كيف كنتم ترون سماحة الوالد تجاه أخيه وشقيقه الأكبر الشيخ محمد وأولاده ؟

الوالد رحمه كان يزوره وعلى اتصال به، فلا يمر يوم أو يومان إلاّ ويزوره رغم مشاغل الوالد رحمه الله، وإذا لم يتمكّن فإنه يتصل عليه بشكل يومي من أي مكان يكون، وكان بينهما الكثير من المحبّة والتقدير .

سؤال : كان أكثر وقته رحمه الله مع الناس، فهل كان يتناول بعض الوجبات مع العائلة ؟

لم يكن يتناول مع العائلة أي وجبات إلاّ وجبة العشاء في بعض الأحيان عندما يجمع العائلة في جلسة أسبوعيّة .

الجيريا زوجته أم عبد الله

سؤال : لدى سماحة الشيخ زوجتان … فكيف كان يعدل بينهما ؟ وما الطريقة التي اتّبعها في تجميع قلوب الأبناء ؟

كان يحرص رحمه الله على العدل دائماً في كل الأمور سواء في النفقة أو المبيت وجميع الأمور، وكذلك في الحج، فكنت أحج معه سنة وهي سنة وهكذا، أما الأبناء فكان يشجّعهم دائماً على التواصل وزيارة بعضهم بعضاً ويحثهم على ذلك دائماً .

الجيريا زوجته أم أحمد

سؤال : في الاجتماع الأسري، هل كان سماحة الوالد يتناول قضايا أسريّة خاصّة أم قضايا اجتماعيّة ودينيّة ؟

عادة في الاجتماعات الأسريّة، كان يطلب من أولاده قراءة القرآن ثم يشرع في تفسير ما يتيسّر من الآيات، ثم بعد ذلك يعرضون عليه ما يشكل عليهم من أسئلة واستفسارات ونحو ذلك .

الجيريا ابنته الكبرى سارة

سؤال : من ضمن المواقف التربوية الكثيرة التي تلقّيتيها من سماحة الوالد، هل تذكرين موقفاً تربويًّا أثّر فيك وتحاولين تطبيقه على أبنائك ؟

لا يمكن تحديد موقف تربوي معيّن، حيث إن حياته معنا – غفر الله له – كانت كلّها عبارة عن تربية وتوجيه، لكن من أهم ما يُذكر هنا حرصه على توجيهنا للمحافظة على الصلاة في أوقاتها منذ سن مبكرة، ومداومته على متابعتنا في ذلك والتزامنا به صغاراً وكباراً، وقد حرصتُ على تربية أبنائي على نفس المنهج – ولله الحمد -، وقد تمكّنتُ بفضل الله من ذلك، فأصغر أبنائي عبد العزيز وعمره الآن تسع سنوات لا يفوته بإذن الله فرض منذ سنتين تقريباً .

الجيريا ابنته جوهرة

سؤال : ما طريقة سماحة الوالد في أمركن بالصلاة وأنتنّ صغار، ومنذ أي سن يبدأ بإيقاظكن لصلاة الفجر ؟

بدأ في سن السابعة، أمر بها باستمرار ويتحدّث عن فضلها ويحذّر دائماً من إهمالها أو تأخيرها، ويقول إذا أخّرتها كأنّي تركتها، أذكر أنني كنتُ صغيرة ونسيتُ أداء صلاتَي الظهر والعصر، فلمّا علم غضب كثيراً وقال لي : ( تعوّدي إذا سمعتِ الأذان أن تهبّي لأداء الصلاة، وإن لم تنتبهي للوقت اسألي النساء لتعرفي الوقت ) .
وإذا صار عمرنا تقريباً تسع سنوات يبدأ بإيقاظنا لصلاة الفجر، يمرُّ علينا كلّنا واحداً واحداً، يوقظنا وهو يردِّد أذكار الاستيقاظ من النوم ويهلِّل ويقول لنا : ( قُل كذا وكذا )، فيكرّر على مسامعنا الأذكار، ثم يذهب قليلاً ويرجع مرّة أخرى للتأكّد أننا استيقظنا، ولمّا صار عندنا هاتف فيه توصيل داخلي، أصبح يكلِّم كلّ واحد بغرفته ليوقظه لصلاة الفجر، حتى أخي المتزوّج الذي يسكن بجوارنا يتصل عليه .

سؤال : وماذا عن الحجاب واللباس ؟

كنا نلبس العباءات في سنٍّ مبكرة – العاشرة تقريباً – .. وكان يحرص على أن تكون العباءة سميكة ولا تشف، ويذكّرنا بهذا باستمرار، ولمّا كبرنا كان يحذِّرنا دائماً من موديلات العباءات غير الساترة، واللباس كان يحب الثياب الطويلة ذات الأكمام الطويلة، ولمّا كانت والدتي في حالات قليلة تحضر لنا ثياباً أكمامها قصيرة ونحن صغار ينزعج منها ويطلب منها أن تنتبه وتجعل أكمامها طويلة، حتى قبيل وفاته رحمه الله كان أثناء سلامنا عليه أو حينما تمسك إحدانا بيده لتوصيله فكان يلمس يدها ليرى طول كمّها، فإن رآه قصيراً نصحها بالسّتر .

سؤال : في حال صدور ما لا يرضيه من قول أو فعل من أحدكن وأنتنّ صغار، كيف كان يعاقبه على هذا ؟

كانت شخصيّته قويّة وكنا نحسب لها حساباً كبيراً فلا نحب فعل أو قول ما يغضبه، فإذا حصل خطأ أتى بالمخطئ فأخبره بما صدر منه وعلّمه ما ينبغي له، وكانت تظهر عليه علامات الغضب في حال كهذا، ولا أذكر أنه ضربنا ألبتة، لم يكن يضرب، بل يعلِّم بالكلام .

سؤال : من ضمن المواقف التربويّة الكثيرة التي تلقّيتيها من سماحة الوالد، هل تذكرين موقفاً تربويًّا أثّر فيكِ وتحاولين تطبيقه على أبنائك ؟

من ضمن المواقف التي أذكرها عندما كنتُ صغيرة، كنت أُخطئ في ترتيب طريقة الوضوء للصلاة، واختلفتُ في ذلك مع أحد إخوتي، فأخبر والدي بهذا الموقف، فجمعنا الوالد رحمه الله أنا وأخي وطلب منِّي أن أحضر له أحد كتب الفقه، ثم طلب منِّي أن أفتح على الكتاب على صفة الوضوء، ثم طلب منِّي القراءة، وعندما قرأتُ في الكتاب اتّضح لي خطئي في ترتيب الوضوء، فقال : هل عرفتِ الآن ؟ فقلتُ : نعم، فقال : الحمد لله، ثم شرح لي صفة الوضوء زيادة في الإيضاح، وهذا يدل على أنه رحمه الله كان حريصاً على تنبيهنا وتشجيعنا على الاطِّلاع والبحث عن جميع المسائل في الكتب الجيدة .

الجيريا ابنته الصغرى نوف

سؤال : في معاملته لأبنائه، هل كان يعامل البنات معاملة خاصة ؟

كانت معاملته لأبنائه معاملة واحدة لا يميز فيها أحدنا عن الآخر، ولم يفرد البنات رحمه الله بمعاملة خاصة، بل كان عادلاً بيننا في كلّ شيء .

الجيريا حفيدته وفاء ( بنت ابنته سارة )

سؤال : وأنتن صغار، هل كنتن تشاهدن التلفزيون عند جدّكن ؟

لا يوجد في منزل جدّي أيٌّ من وسائل الترفيه المتداولة مثل التلفزيون وغيره .

سؤال : ماذا عن علاقته بنساء العائلة ؟

كان لطيفاً ليِّن الجانب وبشوشاً مع الجميع، لديه روح دعابة محبّبة، وكان يرحِّب بجميع النساء الموجودات في اجتماع العائلة الدوري ويسأل عنهن وعن أحوالهن .

الجيريا فاطمة ( زوجة حفيده وليد بن عبد الله )

سؤال : هل تذكرين موقفاً حدث لك مع سماحة الوالد ؟

بعد زواجي بيومين أتيتُ لزيارته في منزله، وعندما سلَّمتُ عليه أمسك بيدي حتى المرفق وكنتُ ألبس كمًّا قصيراً، فنصحني أن ألبس الكمّ الطويل لأنه أستر لي، ثم دعا لي، فهذا الموقف لن أنساه .

الجيريا حفيدته مها ( بنت ابنته )

سؤال : هل لكِ أن تنقلي لنا بعض المواقف الطريفة في مداعبة أطفاله أو أحفاده ؟

كان رحمه الله لطيفاً في مداعبة أطفاله أو أحفاده وأطفال العائلة عموماً، وكان أكثر ما يسألهم عنه أسئلة معيّنة، مثل : من ربّك ؟ من نبيّك ؟ ما دينك ؟ هل تحفظ شيئاً من القرآن ؟ ثم يعلِّمهم الإجابة بعد ذلك إذا لم يعرفوها، ولكن كان وقته قصيراً للجلوس معهم بحكم مشاغله الكثيرة .

رحم الله الإمام المربّي القدوة ابن باز رحمةً واسعةً، وحشره مع النبيين والصّدّيقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً .

جزاك الله خيرا عن هذه المعلومات

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

بارك الله فيكم على هذه المعلومات الموجهة من حياة هذا الشيخ الكبير الذي نعتز به

رحم الله الشيخ و إخوانه الألباني و العثيمين وجميع المسلمين و جعل قبورهم روضة من رياض الجنة آمين

الحثّ على الاقتصاد في ولائم الزواج وغيرها [الإمام السَّعدي رحمه الله] 2024.

الحثّ على الاقتصاد في ولائم الزواج وغيرها [الإمام السَّعدي رحمه الله]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:

فقد قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا)
[الفرقان : 67]،
وقد نهى تعالى عن الإسراف ومجاوزة الحد، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الإسراف،
وحثَّ على الاقتصاد في جميع الأمور، وأمر بالمصالح ونهى عن المضار،
وعقول الناس ومروآتهم تستحسن ما جاء به الشرع من وجوب التوسط في الأمور والاقتصاد،
والمقصود من هذا تنبيه الناس على مراعاة هذا الأمر،
حيث حدث التوسع الزائد في ولائم الزواج ومحافل النساء وولائم الختان وغيرها،
ويقع من القادرين والعاجزين؛

لأن الناس يجر بعضهم بعضاً، والذي يجب الاقتصار على اللازم،
إذا رأى غيره
لم تسمح نفسه إلا بمجاراته، فلو أن القادرين وكبار البلد التزموا ترك التوسعات
المذكورة لعُدَّ ذلك من مساعيهم المشكورة وأعمالهم المبرورة؛ لأن في ذلك مصالح كثيرة:

-منها أنهم إذا اقتصروا شكرهم الناس وعرفوا أنهم ما تركوا ذلك بخلاً ولا تقصيراً باللازم،
وإنما تركوه لئلا يجروا غيرهم ويضروهم.
– ومنها أن كثيراً من الناس يرغبون أشدَّ الرغبة في عدم التوسع، فإذا سنَّ لهم كبارهم
وأغنياؤهم ذلك مشوا خلفهم واقتدوا بهم وشكروا لهم فعلهم.

– ومنها أن التوسعات المذكورة توجب للعاجز أن ينفق ما عنده، وربما شغل ذمته بالدين،
وربما اجتاح صداق موليته، فإذا حسم هذا الأمر منع من هذه المضار.

– ومنها أن التوسع الزائد لا يقع عند الناس موقعاً كبيراً، أو لا يصير له محل،
وتجد الناس بين قادح ومادح، والساخط أكثر من الراضي، وينجبرون الثانين يعملون عمل الأولين،
فمِنْ إحسانك على أرحامك أنك ما تجرهم على ما يضرهم؛ لأنهم إذا رأوك مقتصراً اقتدوا بك.

– ومن فوائد ذلك أن من ترك التوسع لأجل هذا المقصد فإنه مأجورٌ عند الله، مشكورٌ عند الناس،
وخصوصاً في هذه الأوقات التي اشتدت فيها المؤنة وتصعبت الأشياء،
فالتوسع الزائد يحتاج إلى نفقات كثيرة، لو سلم الناس منها لصرفوها في ضرورياتهم وأمورهم اللازمة، ومن أراد الإحسان والصدقة فقد عرفت حالته ومحله.

ومن بركة الزواج خلوه من التكلفات، فالزواج الذي لا تكلف فيه أبرك مما حصل فيه تكلف،
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( أبركهن أيسرهن مؤنة )) [أخرجه النسائي في الكبرى ( 9229 ) ،
وأحمد ( 25119 ) بلفظ : (( أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة ))] ،
ولو عرف الفاعل لذلك أن مصلحة تركها أبلغ من نفعها وأن كثيراً من الذين يدعون لحضورها
إنما يوافقون ويجيبون قصدهم جبر خاطر من دعاهم، وإلا فالأطعمة التي يحصل فيها التزاحم
الزائد عن العادة لا يرغب كثير من الناس في حضورها، فلو عرفوا ما في تركها من المصالح
لم يفعلوا شيئاً يكلفهم ويكلف غيرهم بغير مصلحة بينة، فالأمل أن الناس يفكرون في هذا،
ويشاورون أهل الرأي والنصح، ولا يطيعون من لا تنفعهم طاعته، والله ولي التوفيق،
وصلى الله على محمد وسلم.

قال ذلك وكتبه: عبد الرحمن بن سعدي

منقول من الموقع الرّسمي للشيخ رحمه الله تعالى

شكرا جزيلا بارك الله فيك على ما قدمت


*ومن بركة الزواج خلوه من التكلفات، فالزواج الذي لا تكلف فيه أبرك مما حصل فيه تكلف*

بارك الله فيك أخي

بارك الله فيك
يا ليت المشكل انحصر في وليمة العرس فتلك مقدور عليها بإذن الله
المشكلة أخي في المهور وغلائها والمحير أن هناك تناسبا طرديا بين زيادة المهور وزيادة العنوسة ولا أدري إلى متى يبقى المجتمع والأولياء غافلون
نسأل الله أن يردنا إليه ردّا جميلا

شكرا جزيلا أخي الكريم بارك الله فيك

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على المرور الطيّب
أسأل الله لكم التّوفيق والسّداد..آمين..

الله أكبرالله أكبرالله أكبرالله أكبر

عندما يستقبل الإمام القبلة في الإستسقاء 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال
هل يشرع للإمام إذا استقبل القبلة بعد خطبة الأستسقاء ودعا أن يؤمن الناس على دعائه؟

الجواب
إذا كان مستقبلاً لهم وهو يخطب وهم يسمعون فيؤمنون على دعائه إذا دعا، وأما في حال استقباله القبلة فإنه يدعو وهم يدعون.
شرح سنن أبي داود للعباد حفظه الله(145/31)

بارك الله فيك وجزاك خيراً

تزويد أولي النُّهى والأحلام بحكم تأخير الصبي المميز إذا سبق إلى الوقوف خلف الإمام 2024.

بسْم الله الرّحمن الرّحيم
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله الخلَّاق العليم، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين،
وعلى آله وأصحابه والتابعين، وبعد:
فقد اختلف الفقهاء ـ رحمهم الله تعالى ـ في حكم تأخير الصبي المميز إذا كان
مما يلي الإمام وقد سبق إلى ذلك على قولين:

أحدهما: أنه لا يؤخر.
وذلك لأنه قد سبق إلى هذا المكان، ومن سبق إلى مكان فهو أحق به،
وقد دلت الشريعة على أن الصف يدرك بالسبق.
فأخرج البخاري (615) ومسلم (437) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ
لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ، لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا )).
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله ـ في كتابه "فتح الباري"( 615):
وقد دلَّ الحديث على القرعة في التنافس في الصف الأول إذا استبق إليه اثنان وضاق عنهما وتشاحا فيه،
فانه يقرع بينهما.
اهـ

الثاني: أنه يؤخر.

وذلك لأمور ثلاثة:
الأول: ما أخرجه مسلم (432) عن أبي مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه قال:
(( كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ، وَيَقُولُ: اسْتَوُوا، وَلَا تَخْتَلِفُوا، فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ،
لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ )).
ووجه الاستدلال منه:
أنه صلى الله عليه وسلم قد جعل ما يليه مكاناً لأولي الأحلام والنُّهى، بل أمرهم أن يكونوا هم من يقف وراءه،
ومن لم يبلغ ويعقل ليس منهم، فليس هذا مكانه.

الثاني: فعل الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ.
فقد أخرج أحمد (21264) واللفظ له، والنسائي (808) وابن خزيمة (1573) والحاكم (778 ) وابن حبان (2181)
عن قيس بن عباد أنه قال: (( أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ لِلُقِيِّ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ رَجُلٌ أَلْقَاهُ
أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أُبَيٍّ، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، وَخَرَجَ عُمَرُ مَعَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُمْتُ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ،
فَجَاءَ رَجُلٌ، فَنَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ، فَعَرَفَهُمْ غَيْرِي، فَنَحَّانِي وَقَامَ فِي مَكَانِي، فَمَا عَقِلْتُ صَلَاتِي، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: يَا بُنَيَّ
لَا يَسُوءُكَ اللهُ، فَإِنِّي لَمْ آتِكَ الَّذِي أَتَيْتُكَ بِجَهَالَةٍ
، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا: " كُونُوا فِي الصَّفِّ الَّذِي يَلِينِي "،
وَإِنِّي نَظَرْتُ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَعَرَفْتُهُمْ غَيْرَكَ، ثُمَّ حَدَّثَ، فَمَا رَأَيْتُ الرِّجَالَ مَتَحَتْ أَعْنَاقَهَا إِلَى شَيْءٍ مُتُوحَهَا إِلَيْهِ، قَالَ:
فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: هَلَكَ أَهْلُ الْعُقْدَةِ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، أَلَا لَا عَلَيْهِمْ آسَى، وَلَكِنْ آسَى عَلَى مَنْ يَهْلِكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِذَا هُوَ أُبَيٌّ
)).
وصححه: ابن خزيمة والحاكم وابن حبان والذهبي والألباني والوادعي، وجود إسناده ابن مفلح.

وقد اجتمع في هذا التأخير أو التنحية للفتى أمور:

(1) أنه وقع من أُبَيِّ بن كعب ـ رضي الله عنه ـ بمحضر من الصحابة، ولم يُذكر أن أحداً قد أنكر عليه.
(2) أن أُبَيَّ بن كعب ـ رضي الله عنه ـ قد أبان لهذا الفتى أنه ما نَحَّاه إلا عن علم، فقال له:
(( فَإِنِّي لَمْ آتِكَ الَّذِي أَتَيْتُكَ بِجَهَالَةٍ )).
(3) أن أُبَيَّ بن كعب ـ رضي الله عنه ـ من رواة حديث: (( كُونُوا فِي الصَّفِّ الَّذِي يَلِينِي )).

ولا ريب أن الراوي من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ من أدرى الناس بفقه مروية، لا سيما إذا كان من علمائهم
كأُبَيِّ بن كعب ـ رضي الله عنه ـ .
وبهذه الأمور الثلاثة يجاب عن قول من قال: إن الحديث ليس فيه إلا الأمر لأولي الأحلام والنُّهى بأن يكونوا خلف الإمام.

الثالث: أن أهل الأحلام والنُّهى يترتب على وقوفهم خلف الإمام مصلحة عامة للمصلين بخلاف من لم يبلغ فالمصلحة
في حقه خاصة
.
فهم في الغالب:

(1) أفطن لسهو الإمام وخطأه.
(2) وأحسن تصرفاً إذا قطع الإمام صلاته أو ألم به شيء في صلاته.
(3) وأكثر علماً بالصلاة وأحكامها.

وقال الخطابي ـ رحمه الله ـ في كتابه "معالم السنن"(1/184 ):
إنما أمر صلى الله عليه وسلم أن يليه ذوو الأحلام والنهى ليعقلوا عنه صلاته، ولكي يخلفوه في الإمامة إن حدث به حدث
في صلاته، وليرجع إلى قولهم إن أصابه سهو أو عرض في صلاته عارض في نحو ذلك من الأمور.اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ في كتابه "الاستذكار"(6/237):
وكذلك ينبغي أن يكون في الصف الأول من يصلح أن يُلقنه ما تعايا عليه ووقف فيه من القرآن، ومن يصلح
أيضاً للاستخلاف في الصلاة، إن ناب الإمام فيها ما يحمله على الاستخلاف.اهـ
وكتبه
عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد

شبكة الورقات السّلفيّة
بارك الله في القائمين عليها والله المُوفّق..

جزاك الله خيرا

الجيريا

الله يبآآرك فيك أفدتنـآ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرحبا بكم جميعا
بارك الله فيكم وزادكم الله من فضله ..

بارك الله فيك

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الباديسي الجيريا
بارك الله فيك

وفيكم يبارك الله جزاكم الله خيرا وأحسن الله إليكم…

الإمام أحمد بن حنبل 2024.

الإمام أحمد بن حنبل
صاحب الخلق الرفيع والسجايا الحميدة

إن في تاريخ العظماء لخبرًا، وإن في سير العلماء لعبرًا، وأمتنا الإسلامية أمة أمجادٍ وحضارة وتاريخ وأصالةٍ، وقد ازدان سجلها الحافل عبر التاريخ بكوكبة من الأئمة العظام والعلماء الأفذاذ الكرام، مثلوا عقد جيدها وتاج رأسها ودريَّ كواكبها، كانوا في الفضل شموسًا ساطعة، وفي العلم نجومًا لامعة، فعُدوا بحق أنوار هدى ومصابيح دجى وشموعًا تضيء بمنهجها المتلألئ وعلمها المشرق الوضاء غياهب الظلم، وتبددها بأنوار العلوم والحكم.

وكان من أجلّ هؤلاء الأئمة ومن أفضل العلماء جبل أشم وبدر أتم وحبر بحر وطود شامخ، فريد عصره ونادرة دهره، إنه عالم العصر، وزاهد الدهر، ومحدث الدنيا، وعلمُ السنة، وباذل نفسه في المحنة، قلَّ أن ترى العيون مثله، كان رأسًا في العلم والعمل والتمسك بالأثر، ذا عقل رزين وصدق متين وإخلاص مكين، انتهت إليه الإمامة في الفقه والحديث والإخلاص والورع.

قال فيه الإمام الشافعي رضي الله عنه: "رأيتُ ببغداد شابًا إذا قال: حدثنا، قال الناس كلهم: صدقَ"، وقال فيه: "خرجت من بغداد فلما خلَّفت رجلاً أفضل ولا أعلمَ ولا أفقهَ ولا أتقى منه".

إنه إمام أهل السنة الإمام الفذّ والعالم الجهبذ والإمام المفضل والعالم المبجّل أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه، من عرفته الدنيا وذاع ذكره وشاع صيته في الآفاق، إمامًا عالمًا فقيهًا مُحدثًا مجاهدًا صابرًا لا يخاف في الله لومة لائم، يتحمل المحن في سبيل الله والذبِّ عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقارع الباطل بحكمة نادرةٍ، لا تزعزعه الأهواء ولا تميد به العواصف، حتى عُدَّ قمة عصره.

إنَّ من أهم ما في حياة الإمام أبي عبد الله رحمه الله منهجه في العقيدة والتزامه نهج الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة في توحيد الله وتنزيهه عن الجسم والمكان والجهة والحركة والسكون، فقد نقل الإمام أبو الفضل التميمي الحنبلي في كتاب "اعتقاد الإمام أحمد" عن الإمام أحمد أنه قال: "والله تعالى لا يلحقه تغيُّر ولا تبدُّل ولا تلحقه الحدود قبل خلق العرش ولا بعد خلق العرش، وكان يُنكر –الإمام أحمد- على من يقول إنّ الله في كل مكان بذاته لأن الأمكنة كلها محدودة".

وبيّن الإمام الحافظ ابن الجوزي الحنبلي في كتابه "دفعُ شبهِ التشبيه" براءة أهل السنة عامةً والإمام أحمد خاصة من عقيدة المجسمة وقال: "كان أحمد لا يقول بالجهة للبارئ".

وقد نقل الإمام الحافظ العراقي والإمام القرافي والشيخ ابن حجر الهيتمي ومُلا عليّ القاري ومحمد زاهد الكوثري وغيرهم عن الأئمة الأربعة هداة هذه الأمة: الشافعي ومالك وأحمد وأبي حنيفة رضي الله عنهم القول بتكفير القائلين بـ"الجهة والتجسيم". بل نقل أبو الفضل التميمي من الحنابلة عن أحمد أنه قال بتكفير من قال: "الله جسم لا كالأجسام".

وعبارته المشهورة التي رواها عنه أبو الفضل التميمي الحنبلي "مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك" دليل على نصاعة عقيدته وأنه على عقيدة التنزيه رضي الله عنه.

كذلك أوَّل الإمام أحمد بعض الآيات المتشابهات في الصفات، فقد روى الحافظ البيهقي، عن الحاكم، عن أبي عمرو بن السماك، عن حنبل، أن أحمد بن حنبل تأوّل قول الله تعالى: {وجاء ربك} أنه: جاء ثوابه. ثم قال البيهقي: وهذا إشناد لا غبار عليه، ونقل ذلك ابن كثير في تاريخه. وفي روايةٍ نقلها البيهقي في كتاب "مناقب أحمد" أن الإمام قال: "جاءت قدرته" أي أثر من ءاثار قدرته، ثم قال الحافظ البيهقي: "وفيه دليل على أنه كان لا يعتقد في المجيء الذي ورد به الكتاب والنزول الذي وردت به السنة انتقالاً من مكان إلى مكان كمجيء ذوات الاجسام ونزولها وإنما هو عبارة عن ظهور ءايات قدرته".

كذلك كان الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه يتبرك بآثار النبي محمد صلى الله عليه وسلم فقد قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: "قال عبد الله بن أحمد: رأيت أبي يأخذ شعرة من شعر النبي صلى الله عليه وسلم فيضعها على فيهِ يقبلها، وأحسب أني رأيته يضعها على عينه، ويغمسها في الماء ويشربه يستشفي به، ورأيته أخذ قصعة النبي [1] صلى الله عليه وسلم فغسلها في جُبّ الماء [2]، ثم شرب فيها، ورأيته يشرب من ماء زمزم يستشفي به، ويمسح به يديه ووجهه، قال الذهبي: أين المتنطع المنكر على أحمد، وقد ثبت أن عبد الله سأل أباه عمّن يلمس رمانة منبر النبي [3] صلى الله عليه وسلم ويمسُّ الحجرة النبوية فقال: لا أرى بذلك بأسًا. أعاذنا الله وإياكم من رأي الخوارج ومن البدع" اهـ بحروفه.

ونقل البهوتي والمرداوي الحنبليان وغيرهما أن الإمام أحمد قال في منسكه الذي كتبه للمروروذي: "يُسن للمستسقي أن يتوسل بالنبي في دعائه".

ونقل عنه ابنه عبد الله: "إنه كان يكتب التعاويذ للذي يُصرع وللحمى لأهله وقرابته ويكتب للمرأة إذا عسر عليها الولادة في جام [وعاء] أو شئ نظيف، وأنه كان يعوذ في الماء ويُشربه للمريض ويصب على رأسه منه".

ونقل المروروذي عن الإمام أحمد أنه قال: "إذا دخلتم المقابر فاقرءوا بفاتحة الكتاب والمعوذتين وقل هو الله أحد واجعلوا ثواب ذلك لأهل المقابر فإنه يصل إليهم".

أيها الأحبة، صفحة أخرى في حياة هذا الإمام الهمام، صفحة العبادة وتصفية الروح وتزكية النفس بالصلاة والذكر والدعاء والتلاوة، وكذلك صفحة الخُلق الرفيع والسجايا الحميدة، زهد وحياء، تواضع وورع، تعفف وجود، بذل وكرم، حبٌّ للفقراء والمساكين، بعدٌ عن الشهرة والأضواء وحب الظهور، مجانبة للرياء وضعف الإخلاص. قال ابنه عبد الله: "كان أبي أحرص الناس على الوحدة، لم يره أحد إلا في المسجد أو حضور جنازةٍ أو عيادة مريض". وتلك والله مقامات العظماء ومناهج العلماء الأتقياء.

تلك صفحات ناصعة، وذلك غيض من فيض لا يوفيه حقه، وكم من معانٍ يعجز اللسان عن تصويرها.

عباد الله هؤلاء هم نجوم الأمة بعد محمد وأصحابه، إن سيرة واحدة منهم لعبرة وموقف، واحد منهم خير من كثير منا، ولا أقول لنفسي ولكم إلا ما قاله الشاعر:

فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم *** إنّ التشبه بالكرام فلاح

سلام عليك يا إمام، ورضي الله عنك وأجزل لك المثوبة وجزاك عن أمة الإسلام خير الجزاء.

أسأل الله العلي العظيم الكريم من فضله أن يُعظم أجره ويُكثر مثله وينفعنا بعلمه ويحشرنا في زمرته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.
__________________________________________________
[1] أي الإناء الخشبي الذي كان يأكل به النبي [صحن خشبي].
[2] أي البئر.
[3] وهي جزء مستدير من المنبر.

جزاك الله خيراا

سماحة الشيخ الإمام عبده الهتيمي رحمه الله 2024.

سماحة الشيخ الإمام عبده الهتيمي
رحمة الله عليه

url=https://up.m0dy.net/]الجيريا[/url]

إسمه ونسبه :-
محمد بن عبد المتعال بن محمد الهتيمي وشهرته عبده الهتيمي .
الشيخ محمد عبده الهتيمي من قبيلة الهتيم العربية العدنانية المنتشرة في الجزيرة العربية وبلاد الشام ومصر .

حياته :-
فضيلة الشيخ عبده الهتيمي ، مصري الجنسية ، وهو إمام وخطيب بمدينة المطرية – دقهلية وصاحب برنامجي مع الحبيب وبرنامج أنا المسلم على قناة الرحمة الفضائية .
الشيخ عبده الهتيمي من أقرب المقربين لفضيلة الشيخ أبوبكر الحنبلي وهو أحد تلاميذ الشيخين عبدالعزيز بن باز وأبن عثيمين رحمهما الله .
توفى الشيخ عبده الهتيمي الاثنين 24/8/2017

وصية الشيخ :-
هذه وصية الشيخ : ( بسم الله الرحمن الرحيم ؛
وصية شرعية
أنا العبد الفقير إلى عفو ربي ورحمته / محمد بن عبد المتعال بن محمد الهتيمي وشهرتي عبده الهتيمي , كتبت هذه الوصية الشرعية وأسأل الله أن تنفذ بالتمام والكمال دون زيادة أو نقصان , و أي مخالفة فيها للشرع فأنا بريء منها ,
عقيدة
و ذلك أنني أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له , وأن محمد عبده ورسوله , وأشهد أن الأنبياء حق , والملائكة حق , والكتب السماوية حق , والقرآن حق , و الموت حق , والبعث حق , وحياة البرزخ حق , والحساب حق , والصراط حق , والميزان حق , و تسلم الكتاب حق , و الجنة حق , و النار حق ,
آمنت بالله ربا ً وبالإسلام دينا ً وبالنبي محمد نبيا ً ورسولا ً عشت على ذلك وأموت على ذلك إن شاء الله
الوصية
أولاً / عند الاحتضار
يحضرني الصالحين من عباد الله تعالى يذكروني بالله ولا مانع أن يذكرونني بكلمة التوحيد صراحةً أو تلميحا
ثانيا ً / بعد خروج الروح
أرجوا تغميض العينين وإغلاق الفم إن كان مفتوحا ً ثم تغير ملابسي بملابس أخرى
ثالثا ً / يعلن عن وفاتي عبر مذياع
ويقول المذيع (( البقاء لله والملك لله , وإنا لله وإنا إليه راجعون , توفي اليوم الشيخ عبده الهتيمي ويصلى عليه صلاة الجنازة بمسجد الهداية بجوار محطة الأتوبيس – والواقع بشارع حمدي وسعد زغلول – )) ويحدد الوقت , والله اسأل أن تكون صلاة جمعة فان لم تكن صلاة جمعة فصلاة عصر , حتى ولو كانت الوفاة فجرا ً , والمقصود من الإعلان هو إخبار الناس فيحضرون للصلاة لعل احدهم مستجاب الدعوة فيقبل الله منه الدعاء لي , وكذلك من كان له دين عندي فليأتي ليأخذه , وكذلك إذا كنت قد أخطأت في حق أحد فليسامحني قبل أنزل قبري
يغسلني الصالحين من عباد الله (نص الوصية) .

دروس ومحاضرات الشيخ عبده الهتيمي رحمه الله :-

حسن الخاتمة / لـ الشيخ عبده الهتيمي رحمه الله
https://djelfa.info/VeulmvQ98X0

وبالوالدين إحسانا / لـ الشيخ عبده الهتيمي رحمه الله
https://djelfa.info/PaxLducfJvI

الطلاق / لـ الشيخ عبده الهتيمي رحمه الله
https://djelfa.info/gywX5Owys1w

" رحمة الله عليه "

– كتبها / أبو عمر محمد بن علي الهاشمي –

منقووووول ( موقع فرسان السنة )

الله يرحمه
شكرا اخي

بارك الله فيك على الموضوع الرائع

قصة محنة الإمام أبو بكر النابلسي 2024.

علو الهمة هذه المرة مع أنموذج آخر من الثبات على الحق والصدع به والثقة فيما عند الله واليقين بقضاء الله وقدره
وهي قصة محنة الإمام أبو بكر النابلسي

نبذة عن الإمام النابلسي رحمه الله

هو محمد بن أحمد بن سهل بن نصر، أبو بكر الرملي الشهيد المعروف بابن النابلسي. كان عابدا صالحا زاهدا، قوالا بالحق، وكان إماماً في الحديث والفقه، صائم الدهر، كبير الصولة عند الخاصة والعامة.
كان رحمه الله من المحدثين الكبار، فقد حدّث عن: سعيد بن هاشم الطبراني، ومحمد بن الحسن بن قتيبة، ومحمد بن أحمد بن شيبان الرملي. كما حدّث عنه: تمام الرازي، والدارقطني، وعبد الوهاب الميداني، وعلي بن عمر الحلبي، وغيرهم
محنته
لم تكن محنة الإمام هي محنة له وحده بل كانت محنة الأمة بأسرها التي تسلط عليها هؤلاء الشيعة الفاطميين فخربوا عقائدها وعاثوا فيها فساداً
وقد أتى الإمام النابلسي من الشام إلى مصر أسيراً من قبل الشيعة الفاطميين
وكان الفاطميون يجبرون علماء المسلمين على لعن أعيان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنابر (أي لعنهم بالاسم)
وكان الإمام النابلسي رحمه الله ممن يأبى ذلك بل ويرى بوجوب قتال هؤلاء الشيعة العبيديون
– فلما وصل إلى مصر، جاء جوهر الصقلي قائد الجند للمعز لدين الله الخليفة الفاطمي بالزاهد أبا بكر النابلسي، فمثل بين يديه.
فسأله: – بلغنا أنك قلت: إذا كان مع الرجل عشرة أسهم وجب أن يرمي في الروم سهماً وفيناً تسعة !
فقال الإمام النابلسي:
– ما قلت هكذا !!
ففرح القائد الفاطمي، وظن أن الإمام سيرجع عن قوله. ثم سأله بعد برهة – فكيف قلت؟
قال الإمام النابلسي بقوة وحزم:
– قلت: إذا كان معه عشرة وجب أن يرميكم بتسعة، ويرمي العاشر فيكم أيضاً !!!
فسأله المعز بدهشة: – ولم ذلك؟!!
فرد الإمام النابلسي بنفس القوة:
– لأنكم غيرتم دين الأمة، وقتلتم الصالحين، وأطفأتم نور الإلهية، وادعيتم ما ليس لكم.
فأمر بإشهاره في أول يوم (أي عرضه على الناس)،
ثم ضُرب في اليوم الثاني بالسياط ضربا شديدا مبرحا.
وفي اليوم الثالث، أمر جزارا يهودياً – بعد رفض الجزارين المسلمين – بسلخه ، فسُلخ من مفرق رأسه حتى بلغ الوجه ، فكان يذكر الله ويصبر، حتى بلغ العضد، فرحمه السلاخ وأخذته رقة عليه ، فوكز السكين في موضع القلب، فقضى عليه ، وحشي جلده تبناً، وصُلب.
وقتل النابلسي في سنة ثلاث وستين وثلاثمائة من الهجرة.
ولم يكن يردد وهو يُسلخ إلا الآية الكريمة: ﴿ كَانَ ذَلِك فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً ﴾
فرحمه الله رحمة واسعة وجزاه عن الإسلام خيراً

الهـــــــــــــــــــــــــــدف من الــقصـــــــــــــــــــــــــــــــة

يقول الشيخ محمد إسماعيل في التعليق على هذه القصة
الداعية الكبير الهمة (ينظر إلى غالبه من عل مادام مؤمناً ويستيقن أنها فترة وتمضي وأن للإيمان كرة لا مفر منها, وهبها كانت القاضية فأنه لا يحني لها رأساً ,إن الناس كلهم يموتون ,أما هو فيستشهد )

وأضيف على كلام الشيخ حفظه الله
إن قول الإمام النابلسي وهو يسلخ (كان ذلك في الكتاب مسطورا) يدل على يقينه في قضاء الله وقدره وأنه لا يحتج بالقدر ليتراجع عن موقفه فلا تجده يقول إن هؤلاء الشيعة قدرنا فلنتنازل عن ديننا ونتراجع عن قول الحق والله يعلم ما في الصدور
بل هو يعلم أن قتله كان قدراً مقدوراً ويعلم أنه من أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر
فكأنه يقول إن كان قدرنا أن نتعرض للظلم ولمن يحاول تغيير عقيدتنا فليكن قدرنا أن نصبر وليكن قدرنا ألا نتوقف عن قول الحق والصدح به
وكان ذلك في الكتاب مسطورا

منقول عن أخ كريم جزاه الله خيرا وغفر الله له ولوالديه وللمسلمين

جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

بارك الله فيك

الجيريا

مناقب الإمام علي عند الزمخشري 2024.

من مناقب الإمام علي عند الزمخشري :

لعل من الأهمية بمكان أن الإمام الزمخشري ( 467 – 538 ه‍ / 1075 – 1144 م ) إنما قد أجمل مناقب الإمام علي بن أبي طالب – رضي الله عنه ، وكرم الله وجهه في الجنة – ( فيما صنفه عن مناقب العشرة المبشرين بالجنة ) في ثماني عشرة منقبة ، نوجزها فيما يأتي :
المنقبة الأولى : أنه أول من أسلم من الصبيان ، وأول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن زيد بن أرقم ، رضي الله عنه ، قال : أول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، علي ( 3 ) .

المنقبة الثانية : أنه المتخلف على الودائع من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في وقت الهجرة ، وبقي بمكة ثلاث ليال بأيامها ، حتى رد ما كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من ودائع لأصحابها .

* هامش *
( 3 ) أنظر : مسند الإمام أحمد 4 / 368 ، 4 / 371 ، فضائل الصحابة 2 / 590 ، 592 ، القطيعي : زوائد الفضائل ( 1040 ) ،
ابن المغازلي ، مناقب علي رضي الله عنه ( رقم 14 ) ، الطبراني : المعجم الكبير 5 / 198 ، سنن البيهقي 6 / 206 ،
صحيح الترمذي 2 / 301 ، المستدرك للحاكم 3 / 136 ، الطبقات الكبرى 3 / 12 ، تاريخ الطبري 2 / 310 – 312 ،
أسد الغابة 4 / 17 ، الإستيعاب 3 / 31 ، مجمع الزوائد 9 / 101 ، 103 ، 114 . ( * )


ج 2 – ص 369

ثم خلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في وقت الخروج إلى غزوة تبوك على العيال والنساء بالمدينة حتى بكى رضي الله عنه ، قول : يا رسول الله إن قريشا تقول : إن رسول الله استثقله فتركه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي ( 1 ) .

المنقبة الثالثة : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، لما آخى بين المهاجرين والأنصار ، جعل عليا أخا نفسه الكريمة ، وقال له : أنت أخي وصاحبي في الدنيا ، والآخرة ( 2 ) .

المنقبة الرابعة : أنه الممدوح بالسيادة ، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال لفاطمة رضي الله

* هامش *
( 1 ) أنظر : صحيح البخاري 5 / 24 ، 6 / 3 ، صحيح مسلم 15 / 173 – 176 ،
النسائي : تهذيب الخصائص ص 19 ، 20 ، 28 ، 29 ، 39 ، 40 ، 41 ، 42 ، 43 ، 44 ، 45 ، 46 ، 72 ،
ابن حنبل: فضائل الصحابة 2 / 566 ، 567 ، 592 ، 610 ، 611 ، 612 ، 633 ، 642 ، 643 ، 663 ، 670 ، 675 ، 682 ، 684
مسند الإمام أحمد 1 / 170 ، 175 ، 177 ، 184 ، 330 ، 6 / 369 ، مجمع الزوائد 9 / 109 ، 110 ، 111 ، 119 ،
كنز العمال 3 / 154 ، 5 / 40 ، 6 / 154 ، 188 ، 395 ، 405 ، الطبقات الكبرى 3 / 14 ، 15 ،
حلية الأولياء 7 / 195 ، 196 ، 197 ، أسد الغابة 4 / 104 ، 106، الرياض النضرة 2 / 214 ، 215 ، 216 ، 216 ، 270 ، 326 ،
الصواعق المحرقة ص 73 ، 187 ، تحفة الأحوذي 10 / 228 ، صحيح ابن ماجة ص 12 ، سيرة ابن هشام 4 / 382 ،
شرح نهج البلاغة 13 / 210 – 211 ، الإصابة 2 / 509 ، صحيح الترمذي 10 / 235 ،
الخطيب البغدادي : تاريخ بغداد 1 / 324 ، 2 / 232 ، 3 / 288 ، 4 / 204 ، 7 / 452 ، 9 / 394 ، 10 / 43 ، 11 / 432 ،
مشكل الآثار 2 / 309 ، تاريخ ابن عساكر 1 / 107 ، زاد المعاد 3 / 530 .

( 2 ) أنظر : المستدرك للحاكم 3 / 14 ، 3 / 126 ، 3 / 159 ، الطبقات الكبرى 8 / 14 ، 15 ،
فضائل الصحابة 2 / 597 – 598 ، 638 – 639 ، 652 – 653 ، 2 / 666 – 667 ، تهذيب الخصائص للنسائي ص 18 ، 71 ، 72 ،
تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 170 ، تفسير الدر المنثور 2 / 81 ، تفسير ابن كثير 1 / 614 ، مجمع الزوائد 8 / 302 ، 9 / 134 ،
المسند 1 / 159 ، 230 ، كنز العمال 3 / 61 ، 6 / 394 ، 6 / 400 ، الإستيعاب 3 / 35 ، أسد الغابة 3 / 486 ، 4 / 109 . ( * )


ج 2 – ص 370

عنها ، ( زوجتك سيدا في الدنيا والآخرة ( 1 ) ، ولما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : علي سيد العرب ( 2 ) .

المنقبة الخامسة : أنه ولي الله ، وولي المؤمنين ، قال الله تعالى : ( إنما وليكم الله ورسوله * والذين آمنوا * الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) ( 3 ) . وقد نزلت هذه الآية الكريمة في حق علي ، حين كان يصلي في المسجد ، وهو راكع ، قام سائل يسأل ، فمد علي يده إلى خلفه ، وأومأ إلى السائل بخاتمه ، فأخذه من إصبعه ( 4 ) .

هذا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من كنت مولاه ، فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ) . وقد جاء هذا الحديث بطرق مختلفة ، وفي بعضها زيادة ( وانصر من نصره ، واخذل من خذله ) ( 5 ) .

* هامش *
( 1 ) المستدرك للحاكم 3 / 127 ، حلية الأولياء 2 / 42 ، 5 / 59 ، المنادي : كنوز الحقائق ص 188 .
( 2 ) حلية الأولياء 1 / 63 ، 5 / 38 ، مجمع الزوائد 9 / 116 ، 131 ، المستدرك للحاكم 3 / 124 ، 3 / 137 ،
كنز العمال 6 / 157 ، أسد الغابة 1 / 84 ، 3 / 147 ، الصواعق المحرقة ص 188 ، الرياض النضرة 2 / 233 .
( 3 ) سورة المائدة : آية 55 .
( 4 ) تفسير الكشاف 1 / 262 ، السيد مرتضى الحسيني الفيروزآبادي : فضائل الخمسة من الصحاح الستة 2 / 18 – 19 ( مؤسسة الأعلى – بيروت 1973 ) .
( 5 ) أنظر : ابن حنبل : فضائل الصحابة 2 / 598 – 599 ، صحيح الترمذي 2 / 298 ، صحيح ابن ماجة ص 12 ،
المستدرك للحاكم 2 / 129 ، 3 / 110 ، 116 ، 533 ، 371 ، كنز العمال 6 / 83 ، 6 / 397 ،
تهذيب الخصائص ص 50 – 54 ) أحاديث أرقام 65 ، 66 ، 67 ، 68 ، 69 ، 70 ، 71 ، 72 ، 73 ، 74 ) ،
مسند الإمام أحمد 4 / 372 ،
وانظر روايات أخرى في المسند ( 1 / 84 ، 88 ، 118 ، 119 ، 330 ، 4 / 368 ، 370 ، 388 ، 5 / 350 ، 366 ، 419 )
وفي فضائل الصحابة ( 2 / 563 ، 569 ، 584 ، 585 ، 592 ، 599 ، 613 ، 620 ، 649 ، 682 ، 683 ، 684 ، 688 ، 689 ، 705 ) وهي الأحاديث ( أرقام 947 ، 959 ، 989 ، 1007 ، 1021 ، 1022 ، 1035 ، 1060 ، 1104 ، 1167 ، 1175 ، 1177 ، 1206 ) ، وانظر : المطالب العالية => ( * )


ج 2 – ص 371

المنقبة السادسة : أنه أقضى الصحابة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : أقضاكم علي ، وقول عمر – فيما يروي البخاري – أقرؤنا أبي ، وأقضانا علي .
وعن ابن مسعود . رضي الله عنه – قال : كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي . وهو أعلم الصحابة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : أنا مدينة العلم ، وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأت الباب ( 1 ) .

المنقبة السابعة : أنه محبوب المؤمنين ، ومبغوض المنافقين ، قال له النبي صلى الله عليه وسلم : لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق ( 2 ) .

* هامش *
=> 4 / 59 – 60 ، مجمع الزوائد 9 / 103 ، تاريخ بغداد 7 / 377 ، 8 / 290 ، 12 / 343 ،
مجمع الزوائد 9 / 105 ، 106 ، 107 ، 108 ، 119 ، 116 ) .

( 1 ) أنظر عن علم الإمام علي وقضائه ( ابن حنبل : فضائل الصحابة 2 / 576 ، 581 ، 595 ، 635 ، 646 ، 647 ، 654 ، 699 ، 716 ، 719 ، 723 ، 764 ، الإستيعاب 2 / 38 ، 39 – 43 ، 44 ، حلية الأولياء 1 / 65 – 66 ، صحيح البخاري 6 / 23 ،
أسد الغابة 4 / 10099 فتح الباري 8 / 1671 ، السيوطي : تاريخ الخلفاء ص 170 – 171 ، المستدرك للحاكم 3 / 127 ، 3 / 305 ،
تفسير الطبري 26 / 116 ، الإصابة 2 / 509 ، الطبقات الكبرى 2 / 100 – 102 ، 3 / 38 ،
مسند الإمام أحمد 1 / 83 ، 88 ، 111 ، 131 ، 149 ، مسند أبي داود الطيالسي 1 / 16 ، 69 ، سنن البيهقي 10 / 86 ،
الباقوري : علي إمام الأئمة ص 169 – 247 ، محمد بيومي مهران : الإمام علي بن أبي طالب 2 / 160 – 193 ) .

( 2 ) أنظر : فضائل الصحابة 2 / 565 ، 566 ، 619 ، 622 ، 623 ، 639 ، 648 ، 671 ، 672 ، 693 ، 694 ،
المستدرك للحاكم 3 / 127 ، 130 ، 142 ، حلية الأولياء 1 / 66 – 67 ، صحيح الترمذي 5 / 641 ،
كنز العمال 6 / 154 ، 157 ، 158 ، 391 ، 394 ، مجمع الزوائد 9 / 108 ، 123 ، 129 ، 132 ،
الإستيعاب 2 / 37 ، 46 – 47 ، 51 ، صحيح مسلم 2 / 64 ، صحيح الترمذي 2 / 301 ، سنن النسائي 2 / 271 ،
صحيح ابن ماجة ص 12 ، مسند الإمام أحمد 1 / 84 ، 95 ، 128 ، تاريخ بغداد 2 / 255 ، 8 / 417 ، 14 / 426 ،
الرياض النضرة 2 / 284 ، 285 ، مشكل الآثار 1 / 50 ، شرح نهج البلاغة 4 / 110 ، 9 / 172 ،
كنوز الحقائق ص 188 ، تهذيب الخصائص ص 56 ، 59 – 62 . ( * )


ج 2 – ص 372

المنقبة الثامنة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اختصه بمناجاته يوم الطائف ، عن جابر – رضي الله عنه – قال : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عليا ، يوم الطائف فانتجاه ، فقال الناس : لقد طال نجواه مع ابن عمه ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( ما أنا انتجيته ، ولكن الله انتجاه ) . وقال ومعنى قوله : ولكن الله انتجاه ، أي أن أمرني أن أنتجي معه ( 1 ) .

المنقبة التاسعة : أنه ذو الأذن الواعية ، روي أنه لما نزل قول الله تعالى : ( وتعيها أذن واعية ) ( 2 ) ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سألت الله عز وجل أن يجعلها أذنك يا علي ، قال علي : فما نسيت شيئا بعد ذلك ، وما كان لي أن أنسى ) ( 3 ) .
وشرح الزمخشري عبارة ( أذن واعية ) في تفسيره المعروف باسم ( الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ) فقال : أذن واعية من شأنها أن تعي وتحفظ ما سمعت به ، ولا تضيعه بترك العمل ، وكل ما حفظته من نفسك فقد وعيته ، ومن غير نفسك فقد وعيته ( 4 ) .

* هامش *
( 1 ) رواه الترمذي ( رقم 36538 ) عن الطبراني ( وانظر : محمد عبده يماني : علموا أولادكم محبة آل بيت النبي ص 111 ) .
( 2 ) سورة الحاقة : آية 12 .
( 3 ) رواه ابن جرير في التفسير 29 / 35 ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة 1 / 306 – 307 ،
وابن المغازلي في مناقب علي رضي الله عنه ص 265 ، 319 ، وابن المؤيد في ( فرائد السبطين ) 1 / 198 ، 200 ،
وانظر : تفسير الدر المنثور للسيوطي 6 / 260 .
( 4 ) تفسير الكشاف 2 / 485 ، وانظر : ابن حجر : الكافي الشافي في تخريج أحاديث الكشاف ، حيث يقول : أخرجه سعيد بن منصور والطبري والثعلبي . ولعل من الجدير بالإشارة إلى أن الزمخشري لم ينفرد بهذا التفسير : فالإمام الطبري يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال لعلي : إني أمرت أدنيك ولا أقصيك ، وأن أعلمك ، وأن تعي ، وحق لك أن تعي ، فنزلت الآية . ( تفسير الطبري 29 / 35 ) .

وروى الحافظ ابن كثير في تفسيره بسنده عن علي بن حوشب قال : سمعت مكحول يقول : لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وتعيها أذن واعية ) ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سألت الله ربي أن يجعلها أذن علي ، قال مكحول : فكان علي يقول : ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، شيئا قط ، فنسيته ( أنظر تفسير ابن كثير 4 / 647 – بيروت 1986 ) . ( * )


ج 2 – ص 373

المنقبة العاشرة : أنه جمع ثلاثة مفاخر لم تجمع لأحد سواه ، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : يا علي : أعطيت ثلاثا لم يعطهن أحد غيرك : صهرا مثلي ، وزوجة مثل فاطمة ، وولدين مثل الحسن والحسين .

المنقبة الحادية عشرة : أنه صعد على منكبي النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد روى الإمام علي – رضي الله عنه ، وكرم الله وجهه في الجنة – في قصة قمع الأصنام ، قال : انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلى الكعبة ، فقال لي : إجلس ،
فجلست فصعد على منكبي ، فقال لي : إنهض ، فنهضت فعرف ضعفي تحته ، فقال لي : إجلس ، فجلست ، ثم نهض بي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخيل إلي – أنني لو شئت نلت فوق السماء ، فصعدت إلى الكعبة ، وتنحى رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، وقال : إلق صنمهم الأكبر – صنم قريش – وكان من نحاس موتد بوتاد من حديد في الأرض ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عالجه ، فجعلت أعالجه ، حتى استمكنت منه ، فقال : إقذفه ، فقذفته حتى انكسر ، ونزلت من فوق الكعبة ، وانطلقت ، أنا والنبي صلى الله عليه وسلم ، نسعى ، وخشينا أن يرانا أحد من قريش وغيرهم ( 1 ) .

المنقبة الثانية عشرة : أنه حاز سهم جبريل – عليه السلام – من غنائم تبوك ، روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما غزا تبوك استخلف عليا على المدينة ، فلما نصر رسوله ، وغنم المسلمون أموال المشركين ورقابهم ، جلس رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، وجعل يقسم السهام على المسلمين سهما سهما ، ودفع إلى علي بن أبي طالب سهمين ، فقام أحد الصحابة يسأل : يا رسول الله ، أوحي نزل من السماء ، أم أمر من نفسك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنشدكم الله ، هل رأيتم في رأس ميمنتكم صاحب الفرس

* هامش *
( 1 ) أنظر : الرياض النضرة 2 / 265 – 266 ، تهذيب الخصائص للنسائي ص 69 – 70 . ( * )


ج 2 – ص 374

الأغر المحجل ، والعمامة الخضراء ، لها ذؤابتان مرخاتان على كتفيه ، بيده حربة ، قد حمل على الميمنة ، فأزالها ، وحمل على الميسرة فأزالها ، وحمل على القلب فأزاله ؟ قالوا : نعم ، لقد رأينا ذلك ، قال : هو جبريل ، وقد أمرني أن أدفع بسهمه لعلي ( 1 ) .

المنقبة الثالثة عشرة : أن النظر إلى وجهه عبادة . لما روي عن السيدة عائشة ، رضي الله عنها ، أنها قالت : رأيت أبي يديم النظر إلى وجه علي ، رضي الله عنهما ، فسألته عن ذلك فقال : ما يمنعني من ذلك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
النظر إلى وجه علي عبادة . وأخرج الطبراني والحاكم عن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : النظر إلى وجه علي عبادة – قال : إسناده حسن ( 2 ) .

المنقبة الرابعة عشرة : أنه أحب خلق الله إلى الله – بعد مولانا وسيدنا وجدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم – لما روي عن أنس بن مالك الأنصاري ، رضي الله عنه ، أنه قال : أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرخان مشويان ، فقال:
( اللهم سق أحب خلقك إليك ، ليأكل معي ) – قال أنس : وكنت على الباب ، فجاء رجل فرددته ، رجاء أن يجئ رجل من الأنصار ، ثم جاء علي رضي الله عنه ، فأذنت له ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لتأكل يا علي ، فأنت أحب خلق الله إليه ، فقد دعوت الله تعالى ، أن يسوق أحب خلقه إليه .

* هامش *
( 1 ) أنظر : عبد الرحمن الشرقاوي : علي إمام المتقين 1 / 27 – 32 ( مكتبة غريب – القاهرة 1985 ) .
( 2 ) أنظر : المستدرك للحاكم 3 / 141 ، 3 / 142 ، حلية الأولياء 2 / 182 – 183 ، 5 / 58 ، مجمع الزوائد 9 / 119 ،
الرياض النضرة 2 / 291 – 292 ، الإصابة في تمييز الصحابة 4 / 402 ، تاريخ بغداد 2 / 51 ، الصواعق المحرقة ص 190 ،
كنز العمال 6 / 152 ، فيض القدير 6 / 299 ، كنوز الحقائق ص 155 ، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 172 ،
ابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة 9 / 171 . ( * )


ج 2 – ص 375

وفي رواية الترمذي عن أنس بن مالك قال : كان عند النبي صلى الله عليه وسلم ، طير ، فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك، يأكل معي هذا الطير ، فجاء علي فأكل معه . وفي أسد الغابة عن أنس بن مالك قال : كان عند النبي صلى الله عليه وسلم ،
طير ، فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك ، وإلى رسولك – ورفع صوته – فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من هذا ؟ فقال : علي ، فقال : فافتح له ، ففتحت ، فأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من الطيرين ، حتى فنيا ( 1 ) .

المنقبة الخامسة عشرة : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سماه : يعسوب المؤمنين ( 2 ) – فقد روي عن أبي ذر وسلمان أنهما قالا : أخذ النبي صلى الله عليه وسلم ، بيد علي ، فقال : إن هذا أول من آمن بي ، وهذا أول من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصديق الأكبر ، وهذا فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل ، وهذا يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الظالمين .

وروى ابن حجر في الإصابة بسنده عن أبي ليلى الغفاري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : ستكون بعدي فتنة ، فإذا كان ذلك ، فالزموا علي بن أبي طالب ، فإنه أول من يراني ، وأول من يصافحني ، وهو الصديق الأكبر ، وهو فاروق هذه الأمة ، يفرق بين الحق والباطل ، وهو يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الظالمين .

* هامش *
( 1 ) أنظر : صحيح الترمذي 2 / 299 ، 5 / 636 ، أسد الغابة 4 / 110 – 111 ، مجمع الزوائد 9 / 126 ،
المستدرك للحاكم 3 / 130 ، ابن كثير : البداية والنهاية 7 / 351 ، تذكرة الذهبي 4 / 1042 ،
فضائل الصحابة 2 / 560 – 562 ، الرياض النضرة 2 / 112 ، وأخرجه البخاري في الكبير 1 / 1 : 358 ، 1 / 2 : 2 .

( 2 ) اليعسوب : أمير النحل ومقدمها وسيدها ، الذي تنقاد إليه ، ويقوم بمصالحها ، ويرجع إليه في أمورها ، والمعنى هنا : أن المؤمنين يلوذون بالإمام علي ، كما تلوذ النحل بيعسوبها . ( * )


ج 2 – ص 376

وقال صلى الله عليه وسلم لعلي : أنت أمير المؤمنين ، ويعسوب الدين ، وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين ، وفاروق الأمة ، ومنار الهدى ، وإمام الأولياء ( 1 ) .

المنقبة السادسة عشرة : اختصه النبي صلى الله عليه وسلم ، بالتبليغ عنه – روى جابر الأنصاري ، رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، بعث أبا بكر – رضي الله عنه ، فأقبلنا معه ، حتى إذا كنا ( بالعرج ) ثوب بالصبح ، ثم استوى ليكبر،
فسمع الرغوة ، خلف ظهره ، فتوقف عن التكبير ، فقال : هذه رغوة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لقد بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحج ، فلعله أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنصلي معه ، فإذا علي عليها ، فقال
أبو بكر : أمير أم رسول ؟ فقال علي : لا ، بل رسول، أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم، ببراءة ، اقرؤها على الناس في مواقف الحج ، فقدمنا مكة ، فلما كان قبل التروية بيوم ، قام أبو بكر فخطب في الناس ، فحدثهم عن مناسكهم ، حتى إذا
فرغ ، قام علي فقرأ على الناس براءة حتى ختمها ، ثم خرجنا معه ، حتى إذا كان يوم عرفة ، قام أبو بكر فخطب في الناس ، فحدثهم عن مناسكهم ، حتى إذا فرغ ، قام علي فقرأ على الناس سورة البراءة ( التوبة ) حتى ختمها ، ثم كان يوم النحر
فأفضنا ، فلما رجع أبو بكر خطب في الناس فحدثهم عن إفاضتهم ، وعن نحرهم ، وعن مناسكهم ، فلما فرغ قام علي فقرأ على الناس سورة براءة حتى ختمها ، فلما كان يوم النفر الأول ، قام أبو بكر فخطب الناس فحدثهم كيف ينفرون ، وكيف يرمون ، فعلمهم مناسكهم ، فلما فرغ قام علي فقرأ على الناس سورة براءة حتى ختمها ( 2 ) .

* هامش *
( 1 ) أنظر : المستدرك للحاكم 2 / 377 ، 3 / 137 ، 4 / 219 ، كنز العمال 3 / 137 ، 6 / 153 ، 156 ، 157 ، 394 ،
مجمع الزوائد 9 / 102 ، 121 ، حلية الأولياء 1 / 66 – 67 ، أسد الغابة 3 / 174 ، 6 / 270 ،
فضائل الخمسة من الصحاح الستة 2 / 100 – 106 ، تاريخ بغداد 11 / 112 ، الإصابة في تمييز الصحابة 4 / 170 – 171 ،
الإستيعاب في معرفة الأصحاب 4 / 170 ، الصواعق المحرقة ص 193 ، الرياض النضرة 2 / 204 – 205 ، 234 ،
فيض القدير 4 / 358 ، كنوز الحقائق ص 92 ، شرح نهج البلاغة 9 / 167 . ( 2 ) أخرجه النسائي في السنن 5 / 247 ،
والدارمي 2 / 66 ، والبيهقي 5 / 111 ، وأبو زرعة الدمشقي => ( * )


ج 2 – ص 377

وجاء في حديث أنس – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : لا ينبغي أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلي ، فدعا عليا ، فأعطاه إياه ( 1 ) .
وفي تفسير الطبري بسندي عن الإمام أبي جعفر محمد الباقر قال : لما نزلت براءة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد كان بعث أبا بكر الصديق – رحمة الله عليه – ليقيم الحج للناس ، قيل له يا رسول الله ، لو بعثت بها إلى أبي بكر ، فقال :
لا يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي ، ثم دعا علي بن أبي طالب ، رحمة الله عليه ، فقال : أخرج بهذه القصة من سورة ( براءة ) ، وأذن في الناس يوم النحر ، إذا اجتمعوا بمنى : أنه لا يدخل الجنة كافر ، ولا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف
بالبيت عريان ، ومن كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عهد ، فهو إلى مدته ، فخرج علي بن أبي طالب ، رحمة الله عليه ، على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ( العضباء ) ، حتى أدرك أبا بكر الصديق بالطريق ، فلما رآه أبو بكر
قال : أمير أو مأمور ؟ قال : مأمور ، ثم مضيا ، رحمة الله عليهما، فأقام أبو بكر للناس الحج، والعرب إذ ذاك في تلك السنة على منازلهم من الحج التي كانوا عليها في الجاهلية ، حتى إذا كان يوم النحر ، قام علي بن أبي طالب ، رحمة الله عليه ،
فأذن في الناس بالذي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أيها الناس ، لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، ولا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ثم قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم ( 2 ) .

* هامش *
=> في تاريخه ( 1 / 58911 ) وابن أبي حاتم في تفسيره 4 / 339 ، والطبراني في المعجم الكبير 11 / 400 ، والخوارزمي في المناقب .
( 1 ) أخرجه الترمذي في التفسير 5 / 256 .
( 2 ) تفسير الطبري 14 / 107 – 108 . وانظر عن حديث براءة ( صحيح الترمذي 2 / 183 ، مسند الإمام أحمد 3 / 283 ،
تفسير الطبري 14 / 105 – 112 ، تفسير المنار 10 / 140 – 141 ، تفسير القرطبي ص 2906 – 2907 ،
تفسير ابن كثير 2 / 519 – 520 ، المستدرك للحاكم 3 / 51 ، السيرة الحلبية 3 / 232 ، المسند 4 / 164 ،
تهذيب الخصائص للنسائي ص 48 – 50 ، فضائل الصحابة 2 / 594 ، تحفة الأشراف 3 / 13 ، الرياض النضرة / 229 ، 2 / 226 ،
تفسير النسفي 2 / 115 ، فضائل الخمسة من الصحاح الستة 2 / 342 – 347 ، كنز العمال 1 / 246 ، مجمع الزوائد 9 / 119 . ( * )


ج 2 – ص 378

المنقبة السابعة عشرة : قول النبي صلى الله عليه وسلم فيه ( أي علي ) إنه كنفسه ، فلقد روي عن أبي ذر ، رضي الله عنه، أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لينتهين بنو وليعة ، أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي ، ينفذ فيهم أمري ، فيقتل
فيهم المقاتلة ، ويسبي الذرية ) . قال أبو ذر : فما راعني إلا كف عمر في حجزتي من خلفي ، قال : من يعني ؟ فقلت : ما إياك يعني ، ولا صاحبك ( يعني أبا بكر ) ، قال : فمن يعني ؟ قلت : خاصف النعل ، قال : وعلي يخصف نعلا ( 1 ) .

وروى الهيثمي في مجمعه بسنده عن جابر عن عبد الله ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الوليد بن عقبة – وساق الحديث إلى أن قال – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لينتهين بنو وليعة ، أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي ، يقتل مقاتلتهم ، ويسبي ذراريهم ، وهو هذا ، ثم ضرب بيده على كتف علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه .

وفي الصواعق المحرقة قال : وأخرج الدارقطني : أن عليا يوم الشورى ، احتج على أهلها ، فقال لهم : أنشدكم بالله ، هل فيكم أحد أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في الرحم مني ، ومن جعله صلى الله عليه وسلم ، نفسه ، وأبناءه أبناءه ، ونساءه نساءه ، غيري ، قالوا : اللهم لا .

وفي الدر المنثور للسيوطي في تفسير آية المباهلة ( آل عمران : آية 61 ) قال جابر : فيهم نزلت ( تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ) – الآية ، قال جابر : أنفسنا وأنفسكم ، رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلي عليه السلام ، وأبناءنا الحسن والحسين ، ونساءنا : فاطمة عليها السلام ( 2 ) .

* هامش *
( 1 ) أنظر : فضائل الصحابة 2 / 571 – 572 ، مجمع الزوائد 9 / 163 ، وأخرجه النسائي في الخصائص ،
وعبد الرازق في المصنف 11 / 226 ، والخوارزمي في المناقب ص 81 .

( 2 ) وانظر عن الحديث بطرقه المختلفة ( تهذيب الخصائص ، ص 47 ، مجمع الزوائد 9 / 134 ، 9 / 163 ،
صحيح الترمذي 5 / 634 ، الصواعق المحرقة ص 194 ، الرياض النضرة 2 / 216 => ( * )


ج 2 – ص 379

المنقبة الثامنة عشرة : إن عليا ، عليه السلام ، كان آخر الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، روى عن السيدة أم سلمة – زوج النبي صلى الله عليه وسلم – أنها قالت : والذي تحلف به أم سلمة ، إن كان أقرب الناس عهدا برسول الله صلى
الله عليه وسلم ، علي ، قالت : لما كان غداة قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان أرسله في حاجة ، أظنه ، فجعل يقول : جاء علي ؟ – ثالث مرات – قالت فجاء قبل طلوع الشمس ، فلما جاء
عرفنا أن له إليه حاجة ، فخرجنا من البيت ، وكنا عدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يومئذ في بيت عائشة ، فكنت آخر من خرج من البيت ، ثم جلست أدناهن من البيت ، فأكب عليه علي ، فكان آخر الناس به عهدا ، جعل يساره ويناجيه ( 1 ).

المنقبة التاسعة عشرة : شفقة النبي صلى الله عليه وسلم ، عليه عن أم عطية – رضي الله عنها – قالت : بعث النبي صلى الله عليه وسلم ، جيشا ، منهم علي، قالت : فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول : ( اللهم لا تمتني حتى تريني عليا ) ( 2 )

المنقبة العشرون : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، أشركه في هديه في حجة الوداع ، فقدم مائة بدنة ، نحر منها بيديه ثلاثا وستين ، وأناب عليا في نحر ما زاد من المائة .

* هامش *
=> – 217 ، المستدرك للحاكم 2 / 120 ، 3 / 126 ، 3 / 126 ، المطالب العالية 4 / 57 ، الطبقات الكبرى 2 / 89 ، تفسير الزمخشري 2 / 393 ( القاهرة 1925 ) ، الإستيعاب 3 / 46 ، فضائل الصحابة 2 / 698 ، المسند 1 / 107 ، 2 / 152 ، زيادات المسند 1 / 149 – 150 ، سنن البيهقي 9 / 288 .
( 1 ) أخرجه الإمام أحمد في المسند 6 / 300 ، وفي الفضائل 2 / 686 ، وابن أبي شيبة في مصنفه 12 / 57 ،
وأبو نعيم في أخبار أصفهان 2 / 250 ، وأبو يعلى والطبراني والحاكم في المستدرك 3 / 138 .

( 2 ) وانظر أحاديث أخرى في نفس الباب ( الطبقات الكبرى 2 / 51 ، 2 / 61 ، مجمع الزوائد 9 / 36 ، 1 / 293 ، 9 / 35 ،
الرياض النضرة 2 / 237 ، ذخائر العقبى ص 72 ، 94 ، كنز العمال 3 / 155 ، 4 / 55 ) . ( * )


ج 2 – ص 380

وروى الإمام أحمد في المسند بسنده عن ابن عباس قال : أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، في حجة الوداع مائة بدنة ، نحر منها ثلاثين بدنة بيده ، ثم أمر عليا فنحر ما بقي منها ، وقال : أقسم لحومها وحلاها وجلودها بين الناس ، ولا تعط
الجزار منها شيئا ، وخذ لنا من كل بعير حذية من لحم ، ثم اجعلها في قدر واحدة ، حتى نأكل من لحمها ، ونحسو من مرقها ، ففعل ( 1 ) .

المنقبة الحادية والعشرون : قول النبي صلى الله عليه وسلم ، لعلي : أنت مني وأنا منك ( 2 ) .
وروى الإمام أحمد في الفضائل بسنده عن عمران بن حصين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : علي مني وأنا منه ، وهو ولي كل مؤمن بعدي ( 3 ) .
وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي : وأخرج الترمذي والنسائي وابن ماجة عن حبشي بن جنادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : علي مني ، وأنا منه ( 4 ) .
وروى أبو داود الطيالسي في مسنده بسنده عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي : أنت ولي كل مؤمن بعدي ( 5 ) .
وفي الخصائص للنسائي من حديث بريدة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : لا تبغضن لي عليا ، فإن عليا مني ، وأنا منه ، وهو وليكم بعدي ( 6 ) .

* هامش *
( 1 ) مسند الإمام أحمد 1 / 260 ، وانظر : المسند 3 / 331 ، سنن البيهقي 5 / 6 ، 5 / 238 .
( 2 ) صحيح البخاري 5 / 22 ، 5 / 180 ، زاد المعاد 3 / 374 – 375 .
( 3 ) فضائل الصحابة 2 / 649 – وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة ( أ 115 ب ) من طريق جعفر بن سليمان مثله ،
وانظر : فضائل الصحابة 2 / 605 ، 620 ، مسند الإمام أحمد 4 / 437 ، معجم الصحابة للبغوي ( ل 420 ) .
( 4 ) السيوطي : تاريخ الخلفاء ص 169 .
( 5 ) مسند أبي داود الطيالسي 11 / 360 ( حيدرآباد الدكن 1321 ه‍ ) .
( 6 ) النسائي : تهذيب الخصائص ص 55 – 56 . ( * )