بدعية الاحتفال بـ«ليلة الإسراء والمعراج» 2024.

بدعية الاحتفال بـ«ليلة الإسراء والمعراج»
قالَ الإمام الفقيه / محمَّد بن صالح العُثيمين (ت:1421هـ) -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىٰ-: "هناك بدعة تحدث على مستوىً عالمي في شهر رجب، ألا وهي بدعة «ليلة المعراج»، ليلة المعراج: هي اللَّيلة الَّتي عرج فيها برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى السَّماوات العُلى، أسري به أوَّلاً من مكَّة إلى بيت المقدس: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى﴾﴿الإسراء: 1﴾، والتقى بالرُّسل هناك، وصلَّى بهم إمامًا، ثمَّ عُرج به جبريل بصحبته إلى السَّماوات فاستفتحها سماءً بعد سماء حتَّى وصل إلى السَّماء السَّابعة، بل وصل إلى موضع سمع فيه صريف الأقلام وهي تكتب أقضية الله وأقداره، ووصل إلى سدرة المنتهىٰ، وخاطب الله عزَّ وجلَّ، وفرض الله عليه الصَّلوات الخمس خمسين صلاةً ثمَّ خففت إلى خمس.

هذه اللَّيلة أي ليلة كانت؟ وفي أي شهر؟ لا يستطيع أحد أنْ يعينها، ولهذا اختلف المؤرخون فيها على أقوال متعدّدة، لم يتفقوا على شيء لماذا؟ لا لأنَّهُ حدث سهل يسير بل هو والله حدث عظيم، لكن تعرفون أنَّ العرب كانوا أمِّيين، لا يقرءون ولا يكتبون ولا يؤرخون إلَّا بسنة الفيل وما أشبه ذلك، فهم لم يحددوا تلك اللَّيلة بليلة معينة، وما اشتهر من أنَّها ليلة (سبع وعشرين من رجب) فإنَّهُ لا أصل له في التَّاريخ.

ثمَّ على فرض أنَّهُ ثبت أنَّهُ أسري به في تلك اللَّيلة، -أعني: ليلة سبعٍ وعشرين-، هل لنا أنْ نحدث فيها شيئًا من العبادات والرَّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يحدث ذلك، ولا الخلفاء الرَّاشدون، ولا الصَّحابة، ولا الأئمَّة؟! هل لنا أن نجعلها عيدًا؟!

ليس لنا أن نجعلها عيدًا نعطل فيها المدارس، نعطل فيها الدَّوائر، نعتبرها عيدًا يتكرر، ليس لنا ذلك، لنا سلف في دين الله من هم؟ الرَّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، فإن فعلوا ذلك فعلى العين والرَّأس، وإذا لم يفعلوا ذلك فتركه سنَّة؛ لأنَّهم تركوه، ولهذا نقول: السُّنة إمَّا إيجاد وإمَّا ترك، فما وجد سببه في عهد الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام ولم يفعله كان ذلك دليلاً على أن تركه هو السُّنة، فالنَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقم لهذه اللَّيلة صلوات ولا أدعية ولا جعلها عيدًا.

وللأسف الشَّديد: أن كثيرًا من المسلمين يتمسَّكون في هذه الأشياء البدعيَّة الَّتي ما أنزل الله بها من سُلطان وتجدهم في أمور ثبتت فيها السُّنة غير نُشطاء فيها؛ بل متهاونون بها، بل لو فعلها الإنسان لقالوا: هذا مبتدع، وهذا هو الَّذي أوجب للمسلمين التَّأخر والنّكوص على الوراء؛ لأنهم ما نظروا إلى أسلافهم نظرةً قاصرة لا تتجاوز القرن الَّذي هم فيه إلى المدى البعيد إلى زمن السَّلف الصَّالح، وهذا والله ضرر عظيم.

إذًا ما موقفنا من ليلة سبع وعشرين من رجب إذا مرَّت علينا؟

الجواب: أنْ تمر كغيرها من اللَّيالي، ويومها كغيره من الأيَّام، ولا نرفع بها رأسًا، ولا نرى في عدم إقامة الاحتفالات بها بأسًا؛ لأنَّها ليست بسُنَّة، وخير الهدي هدي محمَّد صلوات الله وسلامه عليه؛ ولهذا يا إخواني! كان النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكرّر في كل خطبة يوم الجمعة يقول: ((أمَّا بعدُ: فإنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمَّد، وشرَّ الأمور محدثاتها)). لماذا؟ لأنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ لأصْحابه: ((إنَّهُ من يعش منكم فسيرىٰ اختلافًا كثيرًا)). اختلف النَّاس وابتدعوا في دين الله ما ليس منه حتَّى حصل هذا التَّأخر الَّذي نشاهده اليوم، نسأل الله أنْ يُعيد للأمَّة الإسلاميَّة مجدها وعزها".اهـ.

([«اللِّقاء الشَّهري» / (40)])

بارك الله فيك

بارك الله فيك

و فيكما بارك الله
ثبتنا الله على الحق

من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهْو ردٌ
بارك الله فيك وجزاك خيرا

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لآلئ السّلف الجيريا
من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهْو ردٌ
بارك الله فيك وجزاك خيرا

و فيكم بارك الله و جزاكم خير الجزاء

في ذكرى الإسراء والمعراج 2024.

بينما كان المسلمون يقاسون الويلات على أيدي جبابرة قريش وطغاتها، حدثت معجزة الإسراء والمعراج،
فكانت منحة ربانية جليلة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، شاهد فيها رأي العين عوالم عظيمة تتضاءل
أمامها قوة قريش وجبروتها.

كان في حادثة الإسراء إلى المسجد الأقصى معنى عالمية الإسلام وانتشاره إلى ما وراء جزيرة العرب،
كما أن في حادثة المعراج إلى السموات العلا معنى علو الإسلام وارتفاعه على سائر الملل والنحل حتى
في أشق الظروف وأصعبها.

عندما علم المشركون بهذا الحدث العظيم توهموا أن المسلمين سيواجهون موقفا محرجًا يجعلهم يفقدون
ثقتهم بنبيهم، فجاءهم جواب أبي بكر رضي الله عنه كالصاعقة على رؤوسهم: إن كان قال فقد صدق.

إن أحداث السيرة النبوية ومنها الإسراء والمعراج سجل حافل بالدروس والعبر، تتطلب منا قراءة واعية
وجادة للاستفادة منها في مواجهة كافة الصعاب التي تواجهنا.

ماشاء الله
شكرا على الافادة
جزاك ربي خيرا

بارك الله فيك

موضوع في القمة جزاك الله خيرا

مشكووووور اخي

اعماق بحر – nadia mimi – anouar _chebout – alnashidi
شكرا لكم وبارك الله فيكم .. أسعدني مروركم وتعليقكم

الإسراء والمعراج رحلة العِبَر والمعجزات 2024.

تُعتبر حادثة الإسراء والمعراج محطة تاريخية ذات أهمية قصوى للمسلمين، لمّا تضمّنته من معاني وقيم، إلى جانب أنّها معجزة خَرَق الله تعالى بها نواميس الكون، وكرامة إلهية حمَلت بين طيّاتها ملامح البُشرى والفرج لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، يقول الحق جلّ شأنه: {سُبحان الّذي أسرى بعبده ليْلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الّذي باركنا حوله لِنُرِيَه مِن آياتنا إنّه هو السّميع البصير}.
وعند التأمل في تفاصيل هذه الرحلة المباركة تتجلّى لنا المعاني والدلالات الآتية:
أوّلاً: إنّما يأتي الفرج مع الصبر الجميل
لقد كانت حادثة الإسراء والمعراج خاتمة أحداث مكة وما فيها من قسوة وإيذاء لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وتعرّضه وهو في مكة إلى صنوف مختلفة من الاضطهاد، وقبل الإسراء بزمن يسير فقد، عليه السّلام، ركنين من أركان دعوته، هما زوجته خديجة رضي الله عنها وعمُّه أبي طالب، وقد كانَا يعينانه ويحميانه من أذى قريش، إلاّ أن هذا لم يمنعه صلّى الله عليه وسلّم من الصبر والثبات. حتّى جاءت حادثة الإسراء تكريما وتسلية له عليه السّلام، وجاء الفرج من الله الكريم، وكأنّه تعالى يقول لنبيّه: إذا أدار لك أهل الأرض ظهورهم، فها هي السّماء تفتح لك الأبواب، والأنبياء فيها يقدّمون لك الترحاب.
ثانيًا: لماذا كانت الرحلة إلى بيت المقدس أوّلاً؟
لقد أخبر القرآن الكريم أنّ المغزى من ذلك جعل سيّدنا رسول الله يرى طرفًا من آيات ربّه، ولعلّ من هذه الآيات إعلان انتقال النّبوة من أمّة إلى أمّة، من ذرية إسرائيل إلى ذرية إسماعيل. أجل لقد ظلّت النّبوات دهورا طوالاً وقفا على بني إسرائيل، فلمّا أهدر اليهود كرامة الوحي حلّت بهم لعنة الله، وتقرّر تحويل القيادة الروحية عنهم إلى الأبد، كما يقول الشيخ الغزالي، ويظهر هذا جليًا في صلاته عليه السّلام بالأنبياء ركعتين في المسجد الأقصى، وكأن هذه الإمامة إقرار مبيّن بأنّ الإسلام كلمة الله الأخيرة في خلقه، ومحمّدا صلّى الله عليه وسلّم خاتم المرسلين. وكان حضوره عليه السّلام إلى بيت المقدس، بمثابة حفل تسليم لمفاتيح المدينة المقدسة، لتصير أمانة في عنق كلّ مسلم ومسلمة.
أجل إنّ مرور النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالمسجد الأقصى ينبّهنا إلى المكانة العظيمة والقيمة الحضارية الّتي يتبوأها هذا المسجد في تاريخنا. وإلى العلاقة الوثيقة الّتي تربط أمّة الإسلام بثالث الحرمين. إنّ حادثة الإسراء والمعراج تنبّه كلّ مسلم إلى المسؤولية الملقاة على عاتقه تجاه المسجد الأقصى.
ثالثًا: الصّلاة هدية الإسراء إلى الأمّة
فرض الله على هذه الأمّة، ليلة المعراج، فريضة الصّلاة، وفي هذا تنبيه إلى فضلها حيث لم تُفرض إلاّ في الحضرة القدسية المطهّرة، وهذا لتكون معراجا يرقى بالنّاس كلّما تدلّت بهم شهوات النُّفوس وأعراض الدنيا. ومنذ رحلة الإسراء صارت الصّلاة منهاج حياة للمسلم، فهي أوّل ما يبدأ به يومه في صلاة الفجر وآخر ما يختم به يومه في صلاة العشاء. وإذا حَزَبه أمرٌ صلّى، وإذا احتار في أمر صلّى صلاة الاستخارة، وإذا وافته المنية كان آخر عهده بالدنيا صلاة الجنازة. فهي منهاج حياة من الميلاد إلى ما بعد الممات، وهي النُّور في القبر، وأوّل ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة.
رابعًا: التيسير ورفع الحرج من مقاصد الشّريعة الغرّاء
ورد في خاتمة حديث البخاري في المعراج قوله تعالى: ”أمضيتُ فريضتي وخفّفتُ عن عبادي”، وفي هذا إشارة إلى مقصد التّخفيف والتّيسير، فقد فُرضت الصّلاة في بداية الأمر خمسين صلاة في اليوم، ثمّ خُفّفت فصارت خمسًا في الأداء وخمسين في الثواب.
فالحرج مرفوع والتّخفيف مشروع، بقوله تعالى: {وَما جعل عليكُم في الدِّين مِن حَرَج}، وقد وردت أحاديث نبوية كثيرة تنوّه بالتّيسير والسّماحة، وأنّها أوصاف للشّريعة ومقاصد لها.
وعليه فالنّاس عمومًا، وأهل الإجتهاد خصوصًا، مطالبون بمراعاة هذا المقصد في اجتهاداتهم تأسيًا بالشّريعة الغرّاء، وبرسولها خاتم الأنبياء.

الجيريا

جزاك الله خيرا ،وجعل هذا العمل في ميزان حسناتك

جزء من قصة ليلة الإسراء والمعراج تفضل بالدخول هام للجميع 2024.

لقد حدث خطأ ارجو حذف هذه المشاركة

ما المشاهد التي تستفيد منها الأمة في رحلة الإسراء 2024.

[frame="3 10"]

استفادت الأمة من رحلة المعراج في المشاهد التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم، فما المشاهد التي تستفيد منها الأمة في رحلة الإسراء؟

مشاهد كثيرة منها ما رواه الإمام أحمد بسنده عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ "

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلام وَهُوَ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ "{1}

وروى الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه دلائل النبوة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ بَابَ السَّمَاءِ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَإِذَا أَنَا بِآدَمَ كَهَيْئَته يَوْمِ خَلَقَهُ اللَّهُ عَلَى صُورَتِهِ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ ذُرِّيَّتِهِ الْمُؤْمِنِينَ، فَيَقُولُ: رُوحٌ طَيِّبَةٌ وَنَفْسٌ طَيِّبَةٌ، اجْعَلُوهَا فِي عِلِّيِّينَ، ثُمَّ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ ذُرِّيَّتِهِ الْفُجَّارُ، فَيَقُولُ: رُوحٌ خَبِيثَةٌ وَنَفْسٌ خَبِيثَةٌ اجْعَلُوهَا فِي سِجِّينٍ.ثُمَّ مَضَيتْ هُنَيهة فَإِذَا أَنَا بِأَخْوِنَةٍ عَلَيْهَا لَحْمٌ مُشَرَّحٌ لَيْسَ يَقْرَبُهَا أَحَدٌ، وَإِذَا أَنَا بِأَخْوِنَةٍ أُخْرَى عَلَيْهَا لَحْمٌ قَدْ أَرْوَحَ وَنَتِنَ، عِنْدَهَا أُنَاسٌ يَأْكُلُونَ مِنْهَا، قُلْتُ: يَا جِبْرِيلَ، مَنْ هَؤُلاءِ؟ قَالَ: هَؤُلاءِ مِنْ أُمَّتِكَ يَتْرُكُونَ الْحَلالَ وَيَأْتُونَ الْحَرَامَ.قَالَ: ثُمَّ مَضَيتْ هُنَيهة، فَإِذَا أَنَا بِأَقْوَامٍ بُطُونِهِمْ أَمْثَالِ الْبُيوتِ، كُلَّمَا نَهَضَ أَحَدُهُمْ خَرَّ، يَقُولُ: اللَّهُمَّ لا تُقِمِ السَّاعَةَ، قَالَ: وَهُمْ عَلَى سَابِلَةِ آلَ فِرْعَوْنَ، قَالَ: فَتَجِيءُ السَّابِلَةُ فَتَطَأَهُمْ، قَالَ: فَسَمِعْتُهُمْ يَضِجُّونَ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَنْ هَؤُلاءِ؟ قَالَ: هَؤُلاءِ مِنْ أُمَّتِكَ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ. قَالَ: ثُمَّ مَضَيتْ هُنَيهة، فَإِذَا أَنَا بِأَقْوَامٍ مَشَافِرُهُمْ كَمَشَافِرِ الإِبِلِ، قَالَ: فَتُفْتَحُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَيُلَقَّوْنَ ذَلِكَ الْحَجَرَ؛ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ أَسَافِلِهِمْ، فَسَمِعْتُهُمْ يَضِجُّونَ إِلَى اللَّهِ عز وجل فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَنْ هَؤُلاءِ؟ قَالَ: هَؤُلاءِ مِنْ أُمَّتِكَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا: {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} النساء10
قَالَ: ثُمَّ مَضَيتْ هُنَيهة فَإِذَا أَنَا بِنِسَاءٍ يُعَلَّقْنَ بِثُدِيِّهِنَّ، فَسَمِعْتُهُنَّ يَصِحْنَ إِلَى اللَّهِ عز وجل قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَنْ هَؤُلاءِ النِّسَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلاءِ الزُّنَاةُ مِنْ أُمَّتِكَ.
قَالَ: ثُمَّ مَضَيْتُ هُنَيهة، فَإِذَا أَنَا بِأَقْوَامٍ تُقْطَعُ مِنْ جُنُوبِهِمِ اللَّحْمُ، فَيُلْقَمُونَ، فَيُقَالُ لَهُ: كُلْ كَمَا كُنْتَ تَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ أَخِيكَ، قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَنْ هَؤُلاءِ؟ قَالَ: هَؤُلاءِ الْهَمَّازُونَ مِنْ أُمَّتِكَ اللَّمَّازُونَ."

ومن المشاهد ما رواه الإمام أبو جعفر بن جرير عن أبي هريرة في قول الله عز وجل: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} الإسراء1
قال: "جاء جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ مِيكَائِيلُ، فَقَالَ جِبْرِيلُ لِمِيكَائِيلَ: ائْتِنِي بِطَسْتٍ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ كَيْمَا أُطَهِّرَ قَلْبَهُ وَأَشْرَحَ لَهُ صَدْرَهُ، قَالَ: فَشَقَّ عَنْهُ بَطْنَهُ، فَغَسَلَهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وَاخْتَلَفَ إِلَيْهِ مِيكَائِيلُ بِثَلاثِ طِسَاسٍ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، فَشَرَحَ صَدْرَهُ، وَنَزَعَ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ غِلٍّ، وَمَلأَهُ حِلْمًا وَعِلْمًا وَإِيمَانًا وَيَقِينًا وَإِسْلامًا، وَخَتَمَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ، ثُمَّ أَتَاهُ بِفَرَسٍ فَحُمِلَ عَلَيْهِ، كُلُّ خُطْوَةٍ مِنْهُ مُنْتَهَى بَصَرِهِ أَوْ أَقْصَى بَصَرِهِ، قَالَ: فَسَارَ وَسَارَ مَعَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِما السَّلامُ. قال: فَأَتَى عَلَى قَوْمٍ يَزْرَعُونَ فِي يَوْمٍ وَيَحْصُدُونَ فِي يَوْمٍ، كُلَّمَا حَصَدُوا عَادَ كَمَا كَانَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا؟ قَالَ: هَؤُلاءِ الْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، تُضَاعَفُ لَهُمُ الْحَسَنَةُ بِسَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ، وَمَا أَنْفَقُوا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يَخْلُفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ، ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ تُرْضَخُ رُءُوسُهُمْ بِالصَّخْرِ، كُلَّمَا رُضِخَتْ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ، وَلا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَقَالَ: مَا هَؤُلاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلاءِ الَّذِينَ تَتَثَاقَلُ رُءُوسُهُمْ عَنِ الصَّلاةِ الْمَكْتُوبَةِ.

ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ عَلَى أَقْبَالِهِمْ رِقَاعٌ، وَعَلَى أَدْبَارِهِمْ رِقَاعٌ، يَسْرَحُونَ كَمَا تَسْرَحُ الإِبِلُ وَالْغَنَمُ، وَيَأْكُلُونَ الضَّرِيعَ وَالزَّقُّومَ وَرَضَفَ جَهَنَّمَ وَحِجَارَتَهَا، قَالَ: مَا هَؤُلاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلاءِ الَّذِينَ لا يُؤَدُّونَ صَدَقَاتِ أَمْوَالِهِمْ، وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ شَيْئًا، وَمَا اللَّهُ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ.

ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ لَحْمٌ نَضِيجٌ فِي قُدُورٍ، وَلَحْمٌ آخَرُ نَيِّئٌ قَذِرٌ خَبِيثٌ، فَجَعَلُوا يَأْكُلُونَ مِنَ النَّيِّئِ، وَيَدَعُونَ النَّضِيجَ الطَّيِّبَ، فَقَالَ: مَا هَؤُلاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الرَّجُلُ مِنْ أُمَّتِكَ، تَكُونُ عِنْدَهُ الْمَرْأَةُ الْحَلالُ الطَّيِّبُ، فَيَأْتِي امْرَأَةً خَبِيثَةً، فَيَبِيتُ عِنْدَهَا حَتَّى يُصْبِحَ، وَالْمَرْأَةُ تَقُومُ مِنْ عِنْدِ زَوْجِهَا حَلالاً طَيِّبًا، فَتَأْتِي رَجُلاً خَبِيثًا، فَتَبِيتُ مَعَهُ حَتَّى تُصْبِحَ.

قَالَ: ثُمَّ أَتَى عَلَى خَشَبَةٍ عَلَى الطَّرِيقِ، لا يَمُرُّ بِهَا ثَوْبٌ إِلا شَقَّتْهُ، وَلا شَيْءٌ إِلا خَرَقَتْهُ، قَالَ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا مَثَلُ أَقْوَامٍ مِنْ أُمَّتِكَ يَقْعُدُونَ عَلَى الطَّرِيقِ فَيَقْطَعُونَهُ، ثُمَّ تَلا: {وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ} الأعراف86

ثُمَّ أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ جَمَعَ حُزْمَةً عَظِيمَةً لا يَسْتَطِيعُ حَمْلَهَا، وَهُوَ يَزِيدُ عَلَيْهَا، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الرَّجُلُ مِنْ أُمَّتِكَ تَكُونُ عَلَيْهِ أَمَانَاتُ النَّاسِ لا يَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهَا، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا.

ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ تُقْرَضُ أَلْسِنَتُهُمْ وَشِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ حَدِيدٍ، كُلَّمَا قُرِضَتْ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، قَالَ: مَا هَؤُلاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلاءِ خُطَبَاءُ الْفِتْنَةِ.

ثُمَّ أَتَى عَلَى جُحْرٍ صَغِيرٍ يَخْرُجُ مِنْهُ ثَوْرٌ عَظِيمٌ، فَجَعَلَ الثَّوْرُ يُرِيدُ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ حَيْثُ خَرَجَ فَلا يَسْتَطِيعُ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الرَّجُلُ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ الْعَظِيمَةِ، ثُمَّ يَنْدَمُ عَلَيْهَا، فَلا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَرُدَّهَا.

ثُمَّ أَتَى عَلَى وَادٍ، فَوَجَدَ رِيحًا طَيِّبَةً بَارِدَةً، وَرِيحَ الْمِسْكِ، وَسَمِعَ صَوْتًا، فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَذِهِ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ الْبَارِدَةُ رِيحُ الْمِسْكِ؟ وَمَا هَذَا الصَّوْتُ؟ قَالَ: هَذَا صَوْتُ الْجَنَّةِ، تَقُولُ: يَا رَبِّ، آتِنِي مَا وَعَدْتَنِي، فَقَدْ كَثُرَتْ غُرَفِي، وَإِسْتَبْرَقِي وَحَرِيرِي، وَسُنْدُسِي وَعَبْقَرِيِّي، وَلُؤْلُؤِي وَمَرْجَانِي، وَفِضَّتِي وَذَهَبِي، وَأَكْوَابِي وَصِحَافِي وَأَبَارِيقِي، وَفَوَاكِهِي وَنَخْلِي وَرُمَّانِي، وَلِبَنِي وَخَمْرِي، فَآتِنِي مَا وَعَدْتَنِي، فَقَالَ: لَكِ كُلُّ مُسْلِمٍ وَمَسْلَمَةٍ، وَمُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ، وَمَنْ آمَنَ بِي وَبِرُسُلِي، وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَمْ يُشْرِكْ بِي، وَلَمْ يَتَّخِذْ مِنْ دُونِي أَنْدَادًا، وَمَنْ خَشِيَنِي فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ، وَمَنْ أَقْرَضَنِي جَزَيْتُهُ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيَّ كَفَيْتُهُ، إِنِّي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا، لا أُخْلِفُ الْمِيعَادَ، وَقَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، وَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، قَالَتْ: قَدْ رَضِيتُ. ثُمَّ أَتَى عَلَى وَادٍ فَسَمِعَ صَوْتًا مُنْكَرًا، وَوَجَدَ رِيحًا مُنْتِنَةً، فَقَالَ: مَا هَذِهِ الرِّيحُ يَا جِبْرِيلُ وَمَا هَذَا الصَّوْتُ؟ قَالَ: هَذَا صَوْتُ جَهَنَّمَ، تَقُولُ: يَا رَبِّ آتِنِي مَا وَعَدْتَنِي، فَقَدْ كَثُرَتْ سَلاسِلِي وَأَغْلالِي، وَسَعِيرِي وَجَحِيمِي، وَضَرِيعِي وَغَسَّاقِي، وَعَذَابِي وَعِقَابِي، وَقَدْ بَعُدَ قَعْرِي، وَاشْتَدَّ حَرِّي، فَآتِنِي مَا وَعَدْتَنِي، قَالَ: لَكِ كُلُّ مُشْرِكٍ وَمُشْرِكَةٍ، وَكَافِرٍ وَكافرةٍ، وَكُلُّ خَبِيثٍ وَخَبِيثَةٍ، وَكُلُّ جُبَارٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ، قَالَتْ: قَدْ رَضِيتُ"{2}

{1} صحيح مسلم والنسائي
{2} رواه الطبرى

[/frame]

مقال رائع حول الإسراء والمعراج 2024.

ا

السلام عليكم إخوتي الأساتدة المحترمين أود أن أهدي لكم هذا المقال الرائع جدا عن الإسراء والمعراج لصاحبه الشيخ محمد الفحام إليكم المقال
معجزة الإسراء والمعراج
الحمد لله حمداً يسمو بنا إلى علياء الشهود، ويرقى بأرواحنا إلى أعلى مقامات العبودية للمعبود، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهاً قال وهو أصدق القائلين: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ). وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمداً عبده ورسوله من جعله الله تبارك وتعالى معدناً للهداية، ومظهراً للعناية، ومهوىً لأفئدة ذوي الرعاية مَن أيَّده الله تعالى بالمعجزات، وثبّت قلبه بالكرامات، وأعلى مقامه بخوارق العادات، حتى عرج إلى أعالي السموات، وسرى بضيائه فجاوز عالم الممكنات، فرأى ربَّه منزها عن الكيف والانحصارات، ثم رجع من حضرة قدسه بأنوار التسليمات، متجددَ الهمة ماضي العزيمة بلطائف الأسماء والصفات حاملاً بين جوانحه سرَّ العروج بالصلوات المباركات، رابطةً بين العبد وخالق الأرض والسموات.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على مَن أعْزَزْتَهُ وأثنيت عليه في آياتك البينات، وأمرتنا بذكره وتعظيمه مفتاحاً لذلك في أسرار التحيات.
وبعد؛ فإن الحديث من معجزة الإسراء والمعراج حديث عن جانب من جوانب الخصوصيات النبوية, والمسلمات العقائدية، التي ميَّز الله تعالى بها حبيبه الأعظم صلى الله عليه وسلم عن غيره من الخلق. ذلك أن لله خواصَّ حتى في الأشخاص، فَلَرَسولُ الله صلى الله عليه وسلم خيرُ خلقِ الله وأكرمُهم على الله، وأعزهم عند الله، فهو الذي قال في حقه ربه وبارئه: (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى). وهو الذي أقسم بحياته فقال جل ذكره: (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ). وهو الذي أمر بتوقيره وتعظيمه فقال: (فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). وهو الذي شرفه بتشريف منيف ما خُصَّ بمثله رسولٌ مرسل، ولا نبي مقرب فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ).
وقَدَّر أن لا يُنسى هذا التشريفُ لحبيبه أبدَ الدهر فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً). وهو الذي حذّر من الانحدار في صيغ التكريم والخطاب له صلى الله عليه وسلم، وأَوْعَدَ على ذلك فقال: (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ). بعد أن أمر بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ). وَقَرَّرَ سبحانه وتعالى أن الأدب مع جنابه الشريف عنوانٌ للتقوى، ومفتاحٌ للفلاح، وبابٌ من أبواب السمو العِرفاني فقال: (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ). لذلك فلا عجب أن يضيفه سبحانه إليه بإضافة التشريف ليستضيفه عنده بدعوته إلى حضرة قدسه مُبيِّناً ذلك في تبيانه آياتٍ تُتْلى إلى قيام الساعة: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ). بعد ما تقدم أقول: قضى المولى تبارك وتعالى بحكمته أن تسبق المِنَحَ محنٌ، كي يدفع عبده المحبوب إلى روضة مقام هو من أهم المقامات التي تُعين العبد على التعرف، ألا وهو مقام الاضطرار، ومن أجل تمكُّنِ العبدِ منه جعل جل ذكره خُلَّص عباده من الأنبياء هم المظهرَ له.
من ذلك ابتلاءُ السيد الأعظم عليه الصلاة والسلام بقومه المشركين الذين جحدوا برسالته، وأنكروا دعوته, وحاربوه بالقول والعمل، إلى مستوى التضييق في كل شيء حتى في أبسط الأمور وأيسرها، ولا أدلَّ على ذلك وأوضحَ صورةً مِن قصة هجرته إلى الطائف في تمسكهم بوثنيتهم وشركهم، حتى أحكموا ذلك بالإيذاء والشتم وأعلنوا عن أنهم جبهة قوية اتجاه دينه، وحامية صلبةً مقابل أتباعه، وصرحٌ منيعٌ يحول دون إيصال النور إلى أحد…
ثم إنهم ترجموا ذلك كلَّه بأن أغروا به سفاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس وقعدوا له صفين على طريقه، فلما مرَّ صلى الله عليه وسلم بين الصَّفَّيْنِ جعل لا يرفع رجليه ولا يضعهما إلا أرضخوهما بالحجارة حتى أدموا رجليه صلى الله عليه وسلم. وكان عليه الصلاة والسلام إذا أزلقته الحجارة _أي وجد ألمها_ قعد إلى الأرض، فيأخذون بعضديه فيقيمونه، فإذا مشى رجموه وهم يضحكون، كلُّ ذلك وزيد بن حارثة رضي الله عنه يقيه بنفسه، حتى لقد شُج رأسه شجاجاً، فلما خَلُصَ منهم ورجلاه تسيلان دماً عمد إلى حائط من حوائطهم فاستظل فيه، وقد خرج من دائرتهم يائساً من إيمانهم موقناً بعدم إصغائهم غير أنه بقلبه العامر لم ييأس من عناية الله الذي اصطفاه واجتباه، وخصّه برسالاته واحتباه، فعلم بيقين أن الله تعالى مُنجزٌ وعدَه، وناصرٌ نبيه، ومُظهرٌ دينه بحوله وقوته فسلَّم إليه، وفوَّض وتوكل عليه، واحتسب الأجر عنده وذلك بعرض الحال داعيا متضرعاً (اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين؛ أنت رب المستضعفين وأنت ربي، إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني، أم إلى قريب ملكته أمري، إن لم يكن بك غضب عليَّ فلا أبالي، ولكنَّ عافيتَك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تُنْزِلَ بي غضبَك أو يَحُلَّ عليَّ سخطُك، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك).
إن السيد الأعظم صلوات الله وسلامه عليه كان من أجلى المظاهر على التحقيق بالفاقة والافتقار إلى الله تعالى، فكان أن أغناه الله وأكرمه، ثم حباه بضيافةٍ علوية كريمة، ليسمو به كعبدٍ أخلص في عبوديته حتى جعل منها معراجا رقَّاه إلى العلياء، يصور حقيقة هذا المقام بروعة التصوير القرآني وبتعبير لغوي رقيق قولُه تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ). سبحان… أسرى… بعبده. كلمات ثلاث كلُّ واحدة منها تشير إلى جلال المعجزة وقدسيتها وقدر صاحبها، وجلال مُقدِّرها؛
سبحان: إشارة إلى تعظيم الله وتقديسه في سياق مكرمة لنبيه ومصطفاه وحبيبه ومجتباه الذي إن قهره العدو وجفاه فإن خالقه قربه وأدناه، وأخزى عدوه ورده إلى ظلمة هواه، وأعلم أهل الأرض والملأ في علاه أنه هو ربه ومولاه.
أسرى: إشارة إلى أن الله العظيم جل ذكره رفع عبده محمداً صلى الله عليه وسلم بالحسِّ والمعنى في وقت الظلام لنعلم أن القصة إنما هي قصة بدر البدور، ونجمٍ لا كالنجوم نجمٍ يَهتدي الضال برؤيته ويسعد المؤمن بصحبته.
بعبده: أن العبودية الخالصة التي تبوِّء صاحبها سُدَّة الشرف والسمو إنما تكون بخالص التوحيد الذي سما بأعلى درجاته عليه الصلاة والسلام يوم عرض الحال على الله تعالى في ذروة أحوال البلاء والإيذاء فكان في ذلك أعظم شأناً وأشد قرباً وأعلى مقاماً.
فيا أيها العقلاء: آمنو وأيقنو بأن نبيكم صلى الله عليه وسلم هو صاحب تكريم رباني، وسلِّموا في ذلك، فإن المعلِن عنه إنما هو ربكم القادر على كل شيء فإننا كمؤمنين موقنون في أن الأمور العقائدية مآل التصديق بها إنما هو الخبر اليقين من الأدلة المتواترة في كتاب الله وسنة حبيبه الأعظم صلى الله عليه وسلم ثم اعلموا أن قصة الإسراء والمعراج إنما هي قصة معجزة النبي في جملة خوارق العادات التي أيَّده الله تعالى بها، وهي فصل هام من فصول العقيدة الإسلامية في القسم المتعلق بالنبوات، فمن أراد إلغاء هذا الفصل فقد أراد إلغاء القسم بأكمله، ومن فعل ذلك فقد أراد سَلْخَ معنى النبوة من شخص النبي الأعظم عليه الصلاة والسلام ولا يعني هذا إلا شيئاً واحداً ألا وهو خدمةُ أعداء الإسلام من المستشرقين وأذنابهم الذي لا يألون جُهداً في إبعاد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عن دائرة النبوة، وهل يعني هذا كله إلا إلغاءً للإسلام بِرُمَّتِهِ، فمَن بربك يمثل حقيقة هذا الدين سواه صلى الله عليه وسلم، ومَن غيره يليق به أن يكون مجلىً لِحَقائق الإسلام، ومظهراً لجوهره، ومن غيره يبقى في دائرة العناية الإلهية …؟؟
ألا هل من سامع؟! ألا هل من مجيب؟! ألا هل من عاقل مُتَفَهِّم؟! مِن أولئك الذين نصَّبوا عقولهم أرباباً من دون الله فجعلوا منها موازين _بزعمهم دقيقة!_ والعجب العجاب أنهم يَزِنُونَ كلَّ هدي وتعليم نبوي وكلَّ أساسٍ من أسس العقيدة الإسلامية بميزان فكرهم الشخصي ليقبل ما يشاء ويطرح ما يشاء. إني لأقول لهؤلاء ومن نحا نحوهم ولفَّ لفَّهم، إن كنتم لا توقنون أن تلك المعجزات حاصلة عقلاً فإن مشكلتكم ليست عندها، وإنما في جانب آخر هو من أخطر الجوانب إنه جانب الإيمان بالله القادر على كل شيء والذي لا يعجزه شيء إذن فالمشكلة إيمانية، فتعالوا نجلس على مائدة الحوار لإقناعكم بأن الله عز وجل قادر غير عاجز، وذلك بأنه موصوف بكل أوصاف الكمالات ومنزه عن ضدها، وأنه هو الخالق البارئ والمصور، والمدبر والمقدر، وأنه هو الذي أوجد تلك النظم للكون من عرشه إلى فرشه، ومن سمائه إلى أرضه وأنه الذي يقهر الأشياء بفرض نظامه عليها لا تقهره الأشياء بل (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ). فهل من العقل أن تُقلَبَ المفاهيم وهل من صفاء العقيدة اعتقاد العجز الإلهي عن خرق تلك النظم وهو خالقها.
فهل من عاقل يقول: إن الله تعالى خلق نظام هذا الكون وجعله من اللوازم العقلية عليه فلا قدرة له على خرقها؟؟.. تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً؟!
أم أنه نور الإيمان يفرض علينا كمخلوقين _متَّع الله قلوبنا باليقين وضيائه_ أن نعترف بأن الذي خلق النظام للأشياء على نحو كذا قادر على خرقها لمن يشاء من عباده متى شاء، ذلك أنه جل جلاله وتعالت حكمته: (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ). لأنه متصرف في ملكه وهو أدرى بما خلق ومَن خلق (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ). "اللهم بلى" أليس من روائع الإيمان وثمرات العلم الحقيقي أن نعترف موقنين بأن الذي نظم الكون ضمن دائرة ما يسمى _مثلا_ بقانون الجاذبية _فلا قدرة للإنسان على العروج صعداً فيه إلا بربط الأسباب_ أليس ذلك يقادر على أن يخرق تلك النظم لحبيبه الأعظم صلى الله عليه وسلم فيعرج إلى السموات ويخترق حجبها من غير افتقار إلى تلك الأسباب.. وتسألني كيف؟ فأقول: ألم تدرك بعدُ أن النظم كلها والأسباب بأكملها بل وغيرها مما نعلم ومما لا نعلم وما استأثر بعلمه مما خلق وأوجد.
أجل والله إنه لحقٌّ، اللهم إنا نشهدك أنَّا نبرأ إليك من هرطقات أولئك الذين ضلوا وتاهوا حتى عن أوضح الحقائق في كتابك العظيم القائل: (وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً). والقائل أيضاً: (وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ).
وإنا لنسألك يارحيم يارحمن، يا ودود يا جواد، أن نلقاك على عقيدة نبيك وأصحابه الكرام لنكون من سعداء الدارين ياحنان يا منان فإنك خير مأمول وأكرم مسئول.
وصلى الله على سيدنا محمد صلاةً تفتح مغاليق القلوب وتردنا بنورها إلى علَّام الغيوب.
الشيخ محمد الفحام

اللّهم صلّ و سلّم على سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلّم
بااااااااااااارك الله فيك و جزاك كل خير

جزاك الله خيرا.

شكرا جزيلا
بارك الله فيك و سدد خطاك

شكرا جزيلا
قال أحد الملاحدة : أعطوني معلما جيدا أعطكم أمة راقية .
المعلم دائما يحاول أن يكون واسع الأفق.

شكرا جزيلا أخت فتيحة 10

أشكركم شكرا جزيلا أحبتي في الله على مروركم العطر وأدعيتكم المباركة ولكم بالمثل أضعاف مضاعفة

ذكرى الإسراء والمعراج . 2024.

الجيريا


هذه مجموعة من الدروس المستفادة من رحلة الإسراء والمعراج:

الصبر والثبات: كانت معجزة الإسراء والمعراج اختباراً لصبر وثبات وصدق المؤمنين، وتمحيصاً لصفِّهم وامتحاناً ليقينهم، ولثبوت العقيدة في وجدانهم، فالحدَث فوق مستوى العقول البشرية، يحتاج إلى مؤمن صادق الإيمان، لا يُزعزع من يقينه أشد الأحداث ولا أخطرها.. ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾.

مكانة المسجد الأقصى: كان لربط المسجدين المسجد الحرام والمسجد الأقصى دلالة كبرى وعلامة هامة، أراد الله -سبحانه وتعالى- أن يربط في وجدان المسلم هذين المسجدين، المسجد الحرام والمسجد الأقصى، وأراد الله أن يثبت المسجد الأقصى بقوله الذي باركنا حوله، وصف الله هذا المسجد بالبركة، ومن هنا ينبغي علينا أن يكون المسجد الأقصى جزء من اهتمامتنا وأن يكون لنا دور تجاهه.

الصلاة: هي عماد الدين ولعل نزول أمر الصلوات في هذه الرحلة المباركة يبين مدي عظمة وقدسية فريضة الصلاة؛ لأن جميع العبادات نزلت وفرضت على الأرض ولكن الصلاة نزلت وفرضت من السماء، وتعلمنا رحلة الإسراء والمعراج أن الصلاة ما هي الإ معراج بين العبد وربه يرتقي بها ليقابل الله عزوجل.

وحدة رسالة الأنبياء: وأنهم جميعاً يدعون لدينٍ واحدٍ ورسالةٍ واحدةٍ وهي الإسلام، فالكل جاء بالتوحيد الخالص من عند الله عز وجل، الأنبياء إخوة ودينهم واحد: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء:25].

وقد كان أكبر رمز لذلك صلاته إماماً بالأنبياء في المسجد الأقصى، ولها دلالة أخرى، أنَّ النبوة والرسالة قد انقطعت فلا نبوة بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا رسالة: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ (الأحزاب: من الآية 40).


طاعة الله والدعوة إلى الله: ففي هذه الرحلة شاهد النبي حال أهل الجنة فضحك وحال أهل النيران فبكى وهذا يدعونا إلى الإسراع في طاعة الله والتقرب إلى الله والقيام بالأعمال التي من شأنها أن تجعلنا من أهل الجنة.

جزاك الله خيرا .

أريد منك دليلا واحدا صحيحاعلى أن الإسراء و المعراج كان شهر رجب

شكرا جزيلا أخي الكريم وجزاك الله كل الخير

شكرا جزيلا أخي الكريم وجزاك الله كل الخير

المعجزة الكبرى لعدد كلمات وحروف سورة الإسراء 2024.

( 1 )
تـمـهـيـد

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى :
وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِوَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا (7) عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8)
يقول شيخنا الإمام محمد متولى الشعراوى رحمه الله فى خواطره حول تلك الآيات :
" يقول الحق " فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخرة لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ المسجد كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ " ، ومعنى هذا أن المسجد الأقصى سيضيع من المسلمين ويصبح تحت حكم اليهود فيأتي المسلمون ويحاربونهم ويدخلون المسجد كما دخلوه أول مرة في عهد عمر بن الخطاب " تفسيرالشعراوي – (ج 1 / ص 170)
ثم يقول :" والمتأمل لسورة الإسراء يجدها قد ربطتهم بالإسلام ، فيبدو أن المراد بالمرتين أحداثٌ حدثتْ منهم في حضْن الإسلام "
و ما يهمنا بيانه هنا بالدرجة الأولى أن شيخنا الإمام الشعراوى رحمه الله يربط هذه الآية بآية أخرى وردت فى خواتيم سورة الإسراء ، وهي قوله تعالى :
وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا -الإسراء/104 ، حيث يقول ::
جاء قوله تعالى" اسْكُنُواْ الأَرْضَ "هكذا دون تقييد بمكان معين ، لينسجم مع آيات القرآن التي حكمتْ عليهم بالتفرُّق في جميع أنحاء الأرض ، فلا يكون لهم وطن يتجمعون فيه ، كما قال تعالى " وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً " الأعراف: 168
ثم يقول : " وقوله تعالى " فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً" المراد بوَعْد الآخرة هو : الإفساد الثاني لبني إسرائيل ، وهذه الإفسادة هي ما نحن بصدده الآن ، حيث سيتجمع اليهود في وطن واحد ليتحقق وَعْد الله بالقضاء عليهم ، وهل يستطيع المسلمون أن ينقضُّوا على اليهود وهم في شتيت الأرض ؟ لا بُدَّ أن الحق سبحانه أوحى إليهم بفكرة التجمُّع في وطن قومي لهم كما يقولون ، حتى إذا أراد أَخْذهم لم يُفلتوا ، ويأخذهم أخْذ عزيز مقتدر، وهذا هو المراد من قوله تعالى "جِئْنَابِكُمْ لَفِيفاً "
أي:مجتمعين بعضكم إلى بعض من شَتّى البلاد ، وهو ما يحدث الآن على أرض فلسطين "
وإلى نفس هذا القول ذهب العديد من العلماء المعاصرين غير شيخنا الشعراوى ، منهم : فضيلة الدكتور العلامة فضل عباس فى كتابه " المنهاج ، نفحات من الإسراء والمعراج "، والدكتور صلاح الخالدي في كتابه الماتع " حقائق قرآنية حول القضية الفلسطينية "، والدكتور عمر سليمان الأشقر فى " زبدة التفاسير"، والدكتور أحمد نوفل ، والدكتور طارق سويدان ، وفضيلة الشيخ صالح المغامسى، والدكتور مصطفى محمود فى العديد من كتبه ، والدكتور جمال أبو حسان فى بحثه القيّم " طلائع الإعجاز الغيبي في طوالع سورة الاسراء ".والشيخ بسام جرار فى كثير من كتاباته
كل هؤلاء الأفاضل – على سبيل المثال لا الحصر – ذهبوا إلى أن الإفساد الثاني لبنى إسرائيل ينتمى إلى عصرنا الحالى ، وأننا نعيش إرهاصاته
وهكذا نرى أن هذا الرأى يُعد رأياً مشتهراً بين المتخصصين والمفسرين المعاصرين
وسوف أعتمد فى هذا البحث فهم هؤلاء العلماء المعاصرين للآيات الكريمة المتعلقة بإفساد اليهود مرتين ، وبخاصة تفسيرهم لـ ( وعد الآخرة ) فى خواتيم سورة الإسراء بأن المراد به قيام دولة اسرائيل فى سنة 1948 بعد ميلاد المسيح عليه السلام ، والتى توافق سنة 1367 من الهجرة الشريفة ، كما توافق سنة 5708 من تقويم بنى اسرائيل أنفسهم المعنيين بالخطاب فى تلك الآيات ، وستكون تلك التواريخ الثلاثة هى لب المعجزة التى سنعرض لها فى هذا الموضوع ، والله الموفق

جزاكي اله خيرا

الليلـــه ليلة الإسراء والمـــعراج .للتذكير. 2024.

كانت رحلة الإسراء اختباراً جديداً للمسلمين في إيمانهم ويقينهم ، وفرصة لمشاهدة النبي – صلى الله عليه وسلم – عجائب القدرة الإلهية ، والوقوف على حقيقة المعاني الغيبيّة ، والتشريف بمناجاة الله في موطنٍ لم يصل إليه بشرٌ قطّ ، إضافةً إلى كونها سبباً في تخفيف أحزانه وهمومه ، وتجديد عزمه على مواصلة دعوته والتصدّي لأذى قومه .
فقد شهدت الأيّام السابقة لتلك الرحلة العديد من الابتلاءات ، كان منها موت زوجته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ، والتي كانت خير عونٍ له في دعوته ، ثم تلاها موت عمّه أبي طالب ، ليفقد بذلك الحماية التي كان يتمتّع بها ، حتى تجرّأت قريشٌ على إيذائه – صلى الله عليه وسلم – والنيل منه ، ثم زادت المحنة بامتناع أهل الطائف عن الاستماع له ، والقيام بسبّه وطرده ، وإغراء السفهاء لرميه بالحجارة ، مما اضطرّه للعودة إلى مكّة حزيناً كسير النفس .
ومع اشتداد المحن وتكاثر الأحزان ، كان النبي – صلى الله عليه وسلم – في أمسّ الحاجة إلى ما يعيد له طمأنينته ، ويقوّي من عزيمته ، فكانت رحلة الإسراء والمعراج ، حيث أُسري به – صلى الله عليه وسلم – إلى بيت المقدس ، ثم عُرج به إلى السماوات العُلى ، ثم عاد في نفس اليوم .
وتبدأ القصّة عندما نزل جبريل إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – بصحبة ملكين آخَريْن ، فأخذوه وشقّوا صدره ، ثم انتزعوا قلبه وغسلوه بماء زمزم ، ثم قاموا بملء قلبه إيماناً وحكمة ، وأعادوه إلى موضعه .
ثم جاء جبريل عليه السلام بالبراق ، وهي دابّة عجيبة تضع حافرها عند منتهى بصرها ، فركبه النبي – صلى الله عليه وسلم – وانطلقا معاً ، إلى بيت المقدس .
وفي هذه المدينة المباركة كان للنبي – صلى الله عليه وسلم – موعدٌ للقاء بإخوانه من الأنبياء عليهم السلام ، فقد اصطحبه جبريل عليه السلام إلى المسجد الأقصى ، وعند الباب ربط جبريل البراق بالحلقة التي يربط بها الأنبياء جميعاً ، ثم دخلا إلى المسجد ، فصلّى النبي – صلى الله عليه وسلم – بالأنبياء إماماً ، وكانت صلاته تلك دليلاً على مدى الارتباط بين دعوة الأنبياء جميعاً من جهة ، وأفضليّته عليهم من جهة أخرى .
ثم بدأ الجزء الثاني من الرّحلة ، وهو الصعود في الفضاء وتجاوز السماوات السبع ، وكان جبريل عليه السلام يطلب الإذن بالدخول عند الوصول إلى كلّ سماءٍ ، فيؤذن له وسط ترحيب شديد من الملائكة بقدوم سيد الخلق وإمام الأنبياء – صلى الله عليه وسلم – .
وفي السماء الدنيا ، التقى – صلى الله عليه وسلم – بآدم عليه السلام ، فتبادلا السلام والتحيّة ، ثم دعا آدم له بخيرٍ ، وقد رآه النبي – صلى الله عليه وسلم – جالساً وعن يمينه وشماله أرواح ذريّته ، فإذا التفت عن يمينه ضحك ، وإذا التفت عن شماله بكى ، فسأل النبي – صلى الله عليه وسلم – جبريل عن الذي رآه ، فذكر له أنّ أولئك الذين كانوا عن يمينه هم أهل الجنّة من ذرّيّته فيسعد برؤيتهم ، والذين عن شماله هم أهل النار فيحزن لرؤيتهم .
ثم صعد النبي– صلى الله عليه وسلم – السماء الثانية ليلتقي ب عيسى و يحيى عليهما السلام ، فاستقبلاهُ أحسن استقبالٍ وقالا : " مرحباً بالأخ الصالح والنبيّ الصالح " .
وفي السماء الثالثة ، رأى النبي– صلى الله عليه وسلم – أخاه يوسف عليه السلام وسلّم عليه ، وقد وصفه عليه الصلاة والسلام بقوله : ( ..وإذا هو قد أعطي شطر الحسن ) رواه مسلم .
ثم التقى بأخيه إدريس عليه السلام في السماء الرابعة ، وبعده هارون عليه السلام في السماء الخامسة .
ثم صعد جبريل بالنبي– صلى الله عليه وسلم – إلى السماء السادسة لرؤية أخيه موسى عليه السلام ، وبعد السلام عليه بكى موسى فقيل له : " ما يبكيك ؟ " ، فقال : " أبكي ؛ لأن غلاماً بُعث بعدي ، يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي " .
ثمّ كان اللقاء بخليل الرحمن إبراهيم عليه السلام في السماء السابعة ، حيث رآه مُسنِداً ظهره إلى البيت المعمور – كعبة أهل السماء – الذي يدخله كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة لا يعودون إليه أبداً ، وهناك استقبل إبراهيم عليه السلام النبي – صلى الله عليه وسلم – ودعا له ، ثم قال : ( يا محمد ، أقرئ أمتك مني السلام ، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة ، عذبة الماء ، وأنها قيعان ، وأن غراسها : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ) رواه الترمذي .
وبعد هذه السلسلة من اللقاءات المباركة ، صعد جبريل عليه السلام بالنبي– صلى الله عليه وسلم – إلى سدرة المنتهى ، وهي شجرةٌ عظيمة القدر كبيرة الحجم ، ثمارها تُشبه الجرار الكبيرة ، وأوراقها مثل آذان الفيلة ، ومن تحتها تجري الأنهار ، وهناك رأى النبي– صلى الله عليه وسلم – جبريل عليه السلام على صورته الملائكيّة وله ستمائة جناح ، يتساقط منها الدرّ والياقوت .
ثم حانت أسعد اللحظات إلى قلب النبي – صلى الله عليه وسلم – ، حينما تشرّف بلقاء الله والوقوف بين يديه ومناجاته ، لتتصاغر أمام عينيه كل الأهوال التي عايشها ، وكل المصاعب التي مرّت به ، وهناك أوحى الله إلى عبده ما أوحى ، وكان مما أعطاه خواتيم سورة البقرة ، وغفران كبائر الذنوب لأهل التوحيد الذين لم يخلطوا إيمانهم بشرك ، ثم فَرَض عليه وعلى أمّته خمسين صلاة في اليوم والليلة .
وعندما انتهى – صلى الله عليه وسلم – من اللقاء الإلهيّ مرّ في طريقه بموسى عليه السلام ، فلما رآه سأله : ( بم أمرك ؟ ) ، فقال له : ( بخمسين صلاة كل يوم ) ، فقال موسى عليه السلام : ( أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم ، وإني والله قد جربت الناس قبلك فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ) ، فعاد النبي صلى الله عليه وسلم – إلى ربّه يستأذنه في التخفيف فأسقط عنه بعض الصلوات ، فرجع إلى موسى عليه السلام وأخبره ، فأشار عليه بالعودة وطلب التخفيف مرّةً أخرى ، وتكرّر المشهد عدّة مرّات حتى وصل العدد إلى خمس صلواتٍ في اليوم والليلة ، واستحى النبي – صلى الله عليه وسلّم أن يسأل ربّه أكثر من ذلك ، ثم أمضى الله عزّ وجل الأمر بهذه الصلوات وجعلها بأجر خمسين صلاة .
وقد شاهد النبي – صلى الله عليه وسلم – في هذه الرحلة الجنّة ونعيمها ، وأراه جبريل عليه السلام الكوثر ، وهو نهرٌ أعطاه الله لنبيّه إكراماً له ، حافّتاه والحصى الذي في قعره من اللؤلؤ ، وتربته من المسك ، وكان عليه الصلاة والسلام كلما مرّ بملأ من الملائكة قالوا له : " يا محمد ، مر أمتك بالحجامة " .
وفي المقابل ، وقف النبي – صلى الله عليه وسلم – على أحوال الذين يعذّبون في نار جهنّم ، فرأى أقواماً لهم أظفار من نحاس يجرحون بها وجوههم وصدورهم ، فسأل جبريل عنهم فقال : " هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ، ويقعون في أعراضهم " ، ورأى أيضاً أقواماً تقطّع ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من نار ، فقال له جبريل عليه السلام : " هؤلاء خطباء أمتك من أهل الدنيا ، كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب ، أفلا يعقلون ؟ " .
ورأى شجرة الزّقوم التي وصفها الله تعالى بقوله : { والشجرة الملعونة في القرآن } ( الإسراء : 60 ) ، وقوله : { إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم ، طلعها كأنه رءوس الشياطين } ( الصافات : 64 – 65 ) .
ورأى مالكاً خازن النار ، ورأى المرأة المؤمنة التي كانت تمشط شعر ابنة فرعون ، ورفضت أن تكفر بالله فأحرقها فرعون بالنار ، ورأى الدجّال على صورته ، أجعد الشعر ، أعور العين ، عظيم الجثّة ، أحمر البشرة ، مكتوب بين عينيه " كافر " .
وفي تلك الرحلة جاءه جبريل عليه السلام بثلاثة آنية ، الأوّل مملوء بالخمر ، والثاني بالعسل ، والثالث باللبن ، فاختار النبي – صلى الله عليه وسلم – إناء اللبن فأصاب الفطرة ، ولهذا قال له جبريل عليه السلام : " أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك " رواه البخاري .
وبعد هذه المشاهدات ، عاد النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى مكّة ، وأدرك أن ما شاهده من عجائب ، وما وقف عليه من مشاهد ، لن تتقبّله عقول أهل الكفر والعناد ، فأصبح مهموماً حزيناً ، ولما رآه أبوجهل على تلك الحال جاءه وجلس عنده ثم سأله عن حاله ، فأخبره النبي – صلى الله عليه وسلم – برحلته في تلك الليلة ، ورأى أبو جهل في قصّته فرصةً للسخرية والاستهزاء ، فقال له : " أرأيت إن دعوت قومك أتحدثهم بما حدثتني ؟ " ، فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم – : ( نعم ) ، فانطلق أبو جهل ينادي بالناس ليسمعوا هذه الأعجوبة ، فصاحوا متعجّبين ، ووقفوا ما بين مكذّب ومشكّك ، وارتدّ أناسٌ ممن آمنوا به ولم يتمكّن الإيمان في قلوبهم ، وقام إليه أفرادٌ من أهل مكّة يسألونه عن وصف بيت المقدس، فشقّ ذلك على النبي – صلى الله عليه وسلم – لأن الوقت الذي بقي فيه هناك لم يكن كافياً لإدراك الوصف ، لكنّ الله سبحانه وتعالى مثّل له صورة بيت المقدس فقام يصفه بدقّة بالغة ، حتى عجب الناس وقالوا : " أما الوصف فقد أصاب " ، ثم قدّم النبي – صلى الله عليه وسلم – دليلاً آخر على صدقه ، وأخبرهم بشأن القافلة التي رآها في طريق عودته ووقت قدومها ، فوقع الأمر كما قال .
وفي ذلك الوقت انطلق نفرٌ من قريش إلى أبي بكر رضي الله عنه يسألونه عن موقفه من الخبر ، فقال لهم : " لئن كان قال ذلك لقد صدق " ، فتعجّبوا وقالوا : " أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح ؟ " ، فقال : " نعم ؛ إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك ، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة " ، فأطلق عليه من يومها لقب " الصديق " .

وكان في هذه المواقف المتباينة حكم إلهيّة عظيمة ، ففي تصديق أبي بكر رضي الله عنه إبرازٌ لأهميّة الإيمان بالغيب والتسليم له طالما صحّ فيه الخبر، وفي ردّة ضعفاء الإيمان تمحيصٌ للصفّ الإسلامي من شوائبه، حتى يقوم الإسلام على أكتاف الرّجال الذين لا تهزّهم المحن أو تزلزلهم الفتن ، وفي تكذيب كفار قريشٍ للنبي – صلى الله عليه وسلم – وتماديها في الطغيان والكفر تهيئةٌ من الله سبحانه لتسليم القيادة إلى القادمين من المدينة ، وقد تحقّق ذلك عندما طاف النبي – صلى الله عليه وسلم – على القبائل طلباً للنصرة ، فالتقى بهم وعرض عليهم الإسلام ، فبادروا إلى التصديق والإيمان ، ليكونوا سبباً في قيام الدولة الإسلامية وانتشار دعوتها في الجزيرة العربية .

حِكَم في معجزة الإسراء والمعراج 2024.

الجيريا
تطلّ علينا اليوم ذِكرى الإسراء والمعراج والّتي تُعدّ آية من آيات الله تعالى الّتي لا تُعَدُّ ولا تُحصى، ورحلة لم يسبق لبشر أن قام بها، أكرم الله سبحانه وتعالى بها نبيَّه محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم. قال عزّ وجلّ: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ”.
تطلّ علينا اليوم ذِكرى الإسراء والمعراج والّتي تُعدّ آية من آيات الله تعالى الّتي لا تُعَدُّ ولا تُحصى، ورحلة لم يسبق لبشر أن قام بها، أكرم الله سبحانه وتعالى بها نبيَّه محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم. قال عزّ وجلّ: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ”.
فالإسراء هي تلك الرحلة الأرضيَّة العجيبة، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى المبارك، والوصول إليه في سرعة تتجاوز الخيال، يقول تعالى: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” الإسراء:1. وأمَّا المعراج فهو الرحلة السماويَّة والارتفاع والارتقاء من عالم الأرض إلى عالم السّماء، حيث سدرة المنتهى، ثمّ الرجوع بعد ذلك إلى المسجد الحرام، يقول تعالى: “وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى” النجم:13-18.
وأمّا الحكمة من معجزة الإسراء والمعراج المباركة، فقد عدَّد الإمام الحافظ جلال الدّين السيوطي مجموعة طيِّبة منها، فقال عن الحكمة من الإسراء: إنّما كان الإسراء ليلاً لأنّه وقت الخلوة والاختصاص عُرْفًا، ولأنّ وقت الصّلاة الّتي كانت مفروضة عليه في قوله تعالى “قُمِ اللَّيْلَ” المزمل2. ويشير الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني في “فتح الباري شرح صحيح البخاري” إلى أنّ الحكمة في الإسراء إلى بيت المقدس قبل العروج إلى السّماء “إرادة إظهار الحقّ لمعاندة مَن يُريد إخماده؛ لأنه لو عُرج به من مكة إلى السّماء لم يجد لمعاندة الأعداء سبيلاً إلى البيان والإيضاح، فلمَّا ذَكَر أنه أُسْرِيَ به إلى بيت المقدس سألوه عن تعريفات جزئيات بيت المقدس كانوا قد رأوها وعلموا أنّه لم يكن رآها قبل ذلك، فلمَّا أخبرهم بها حصل التّحقيق بصِدقه فيما ذكر من الإسراء إلى بيت المقدس في ليلة، وإذا صحَّ خبره في ذلك لزم تصديقه في بقيَّة ما ذَكَرَه، فكان ذلك زيادةً في إيمان المؤمن، وزيادة في شقاء الجاحد والمعاند”.
وقال العلامة السيوطي: “وأمَّا الحكمة من المعراج فإنَّ في دلالة اختيار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم للَّبن دون الخمر، دلالة رمزيَّة على فطرة الإسلام ونقاوته الأصيلة، الموافقة للطباع البشريَّة كلها، كما أنّ في بقاء أبواب السّماء مغلقة حتّى استفتح جبريل عليه السّلام ولم تتهيَّأ له بالفتح قبل مجيئه أنّها لو فُتِحَت قبلُ لظُنَّ أنّها لا تزال كذلك، فأُبْقِيَتْ لِيُعْلَم أنّ ذلك لأجله صلّى الله عليه وسلّم؛ ولأنّ الله تعالى أراد أن يُطلعه على كونه معروفًا عند أهل السّموات؛ لأنّه قيل لجبريل لمّا قال للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أبُعث إليه؟ ولم يَقُل: مَنْ محمّد؟ مثلاً”. وأضاف السيوطي أيضًا: “الحكمة في كون آدم في الأُولى أنه أوَّل الأنبياء وأوَّل الآباء، وهو أصلٌ فكان أوَّلاً في الآباء، ولأجل تأنيس النبوَّة بالأُبُوَّة، وعيسى في الثانية لأنه أقرب الأنبياء عهدًا من محمّد صلّى الله عليه وسلّم، ويليه يوسف؛ لأنَّ أُمَّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم يدخلون الجنَّة على صورته، وإدريس قيل: لأنّه أوَّل مَنْ قاتل للدِّينِ فلعلَّ المناسبة فيها الإذن للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالمقاتلة ورفعه بالمِعراج؛ لقوله تعالى “وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا” مريم:57، والرابعة من السّبع وَسَط معتدل، وهارون لقربه من أخيه موسى، وموسى أرفع منه لفضل كلام الله، وإبراهيم لأنّه الأب الأخير، فناسب أن يتجدَّد للنّبيّ بلُقْيَاه أُنْس لتوجُّهه بعده إلى عالم آخر، وأيضًا فمنزلة الخليل تقتضي أن تكون أرفع المنازل، ومنزلة الحبيب أرفع؛ فلذلك ارتفع عنه إلى قاب قوسين أو أدنى”. وأضاف: “اقتصر الأنبياء على وصفه بالصّالِح، وتواردوا عليها؛ لأنّ الصّلاح تشمل خلال الخير؛ ولذا كرَّرها كلٌّ منهم عند كلّ صفة”. وذَكَر العلامة القرطبي أنّ الحكمة في تخصيص موسى بمُراجعة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في أمر الصّلاة، قيل: لأنّه أوَّل مَن تلقَّاه عند الهبوط؛ ولأنّ أُمّته أكثر من أُمّةِ غيره، ولأنّ كِتَابَه أكبر الكتب المنزّلة قبل القرآن تشريفًا وأحكامًا، أو لكون أُمَّة موسى قد كُلِّفت من الصّلوات بما لم تُكَلَّف به غيرُها من الأمم، فثقلت عليهم، فأشفق موسى عليه السّلام على أُمّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم”.

جزاك الله خيرا
على المعلومات الطيبة..وهي يوم غد
على ما اظن.

شكرا لكم اخواني الكرام ,….

بارك الله فيك على الطرح القيم
الجيريا

جزاك الله خيرا

جزاك الله خيرا على الموضوع

شكرا لكم اخواني الكرام ,….