الوقت كالسيف اذا لم تقطعه قطعك 2024.

يقطعنا سيف الوقت فننزف فشلاً ونموت ندماً و يعلم الله اين يستقر بنا المطاف؟
عصر السرعة ، هذا هو عصرنا جميعاً كما نعلم جميعاً فالانجازات العلمية كلها تقول ذلك فوسائل المواصلات و وسائل الاتصالات اختصرت علينا الوقت و وفرته لنا كي نتمكن من ملاحقة التطور و التقدم العلمي الراكض و الطائر احياناً ونحن ندين للعلم بالشكر و نحمد الله الذي علم من لا يعلم و سخره لنا لنفيد من اوقاتنا فائدة تعود علينا في الدنيا و الآخرة و لأن الوقت مهم جداً في حياة الناس وعنصر مقدس فقد ورد ذكره في القرآن الكريم مرات و مرات فقد اقسم الله تعالى :‏
( بالضحى – و العصر – و الليل – و الفجر و الليال العشر – واقسم بالشمس و القمر ) وهي مواقيت منظمة منضبطة بالاضافة الى تحديد اوقات الصلاة وساعات النهار و نهارات الشهر واشهر السنة و …‏
و قد نبه الله تعالى الى اهمية استغلال الوقت بالعمل النافع قبل فوات الاوان و كي لا تأخذنا الغفلة و السهو .‏
قال تعالى ( حتى اذا جاء احدهم الموت قال رب ارجعون لعلي اعمل صالحاً ) المؤمنون 99‏
وفي الحديث الشريف ( اغتنم خمساً قبل خمس شبابك قبل هرمك و فراغك قبل شغلك الى آخر الحديث…‏
وفي حديث آخر ( لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن اربع: عن عمره فيما افناه و عن شبابه فيما ابلاه ) لاحظو التركيز على استغلال فترة الشباب في العمل و الانجاز لأنها الفترة الذهبية العالية النشاط و الطموح و الهمة كما يفترض‏
أماالعالم الجليل الحسن البصري فيقول :‏
دقات قلب المرء قائلة له ان الحياة دقائق وثواني‏
فهلا نستغل هذه الدقائق و الثواني في عمل طيب ينفعنا و ينفع الناس و يحسب لنا يوم يكون الحساب لأن اليوم الذي يذهب من اعمارنا لا يعود ( انما أنت ايام مجموعة كلما ذهب يوم ذهب بعضك ) الحسن البصري ايضاً .‏
فاستغلال الوقت في العلم و التعلم هو ما يشعر الانسان بقيمة نفسه وهو بناء للحضارة واعمار للكون لأن الحضارة صناعة جماعية لا تكون إلا في حرص افرادها على احترام الوقت وتصنيف و ترتيب الاولويات و البعد عن الفوضى و الاهمال و هدر الوقت ، ليس كالاسلام معلماً و منظماً لأوقاتنا فيوم المسلم يبدأ في الرابعة صباحاً و ينتهي في الثامنة مساء اي انه ست عشرة ساعة يأخذ منها الطعام و طقوس الحياة اليومية و العبادة من خمس الى ست ساعات مع مراعاة الفروقات الشخصية في الطباع و السرعة و يبقى لدينا من تسع الى عشر ساعات يجب ان تصرف في العمل الجاد المنتج الذي يرفع من مستوى المعيشة للفرد و يرتقي بالمجتمع لأن المجتمع مجموعة افراد ، هذا ما يجب ان يكون .‏
أما ما هو كائن في مجتمعاتنا العربية فقد طورنا صناعة جديدة هي ( اهدار الوقت ) ما بين الفضائيات المسموحة و الممنوعة و الجلوس على الارصفة و الشواطئ و المقاهي و ابواب البيوت و المحال التجارية نثرثر بما لا يفيد الى قرقعات النراجيل و شفطات الشاي و المتة و التسبيح بأجهزة الموبايل و سباقات الدراجات النارية في الثلث الاخير من الليل و مباريات الازعاج وهذه السلوكيات تقتل الوقت .‏
كما هو سائد بيننا باعتقادنا أن هناك فائض من الوقت ناسين أن هناك مايقرأ ولم نقرأه وهناك الجديد الذي من الممكن أن نتعلمه ونضيفه إلى معلوماتنا ولم نفعل وهناك من نعبده وأخذتنا الغفلة وهناك من الناس من يحتاج إلى أيادينا نمدها له بالعون وقصرنا ولو فعلنا ذلك أو جزءاً منه لما كان هناك فائض في الوقت فالوقت نادر وثمين والنظرية الغربية تقول الوقت هو المال أما النظرية الإسلامية فتقول الوقت هو الحياة أي أنه أثمن من المال والوقت أنفس ماعنيت بحفظه وأراه أسهل ماعليك يضيع قلت قراطنيكم أم جف خبركم أم كاتب مات أم أقلامكم كسرت .‏
ومن المؤسف حقاً أننا لانكتفي بإضاعة أو قاتنا بل نتعداه إلى إضاعة أوقات الآخرين أيضاً يقول سيدنا نوح عليه السلام ( وجدت الدنيا كدار لها بابين دخلت من أحدهما وخرجت من الآخر )‏
ويقول تعالى ( ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم )(يونس 45)‏
الجيريا

الجيريا

بارك الله فيك

حاليا الوقت غير مهم بالنسبة لاغلبية الشباب ( ملاحظة شخصية )

بارك الله فيك

شكرا لكي اختي

بارك الله فيك

شكرااااااااااا

الجيرياجميلة جداااااااا

شكراااااااااااا

ملاحظة: الوقت كالسيف إن لم تقطع به قطعك (شكرا على المجهودات)

ملاحظة: الوقت كالسيف إن لم تقطع به قطعك (شكرا على المجهودات)

ملاحظة: الوقت كالسيف إن لم تقطع به قطعك (شكرا على المجهودات)

هل توجد قوة دفع

بارك الله ي فيك

من يدخل فليسبح الله سبحانك ربي 2024.

المرأة التى بكى ملك الموت عندما قبض روحها ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ورد في بعض الآثار أنَّ الله عز وجل أرسل ملك الموت ليقبض روح امرأة من الناس
فلما أتاها ملك الموت ليقبض روحها وجدها وحيدة مع رضيعاً لها ترضعه وهما في صحراء قاحلة ليس حولهما أحد ،
عندما رأى ملك الموت مشهدها ومعها رضيعها وليس حولهما أحد وهو قد أتى لقبض روحها ، هنا لم يتمالك نفسه
فدمعت عيناه من ذلك المشهد رحمة بذلك الرضيع ، غير أنه مأمور للمضي لما أرسل له ، فقبض روح الأم ومضى ، كما
أمره ربه: (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون)

بعد هذا الموقف – لملك الموت – بسنوات طويلة أرسله الله ليقبض روح رجل من الناس
فلما أتى ملك الموت إلى الرجل المأمور بقبض روحه وجده شيخاً طاعناً في السن
متوكئاً على عصاه عند حداد ويطلب من الحداد أن يصنع له قاعدة من الحديد يضعها
في أسفل العصى حتى لاتحته الأرض ويوصي الحداد بأن تكون قوية لتبقى عصاه سنين طويله .
عند
ذلك لم يتمالك ملك الموت نفسه ضاحكاً ومتعجباً من شدة تمسك وحرص هذا الشيخ
وطول أمله بالعيش بعد هذا العمر المديد ،ولم يعلم بأنه لم يتبقى من عمره
إلاَّ لحظات .
فأوحى الله إلى ملك الموت قائلاً: فبعزتي وجلالي إنَّ الذي أبكاك هو الذي أضحكك
سبحانك ربي ما أحكمك
سبحانك ربي ما أعدلك
سبحانك ربي ما أرحمك
نعم ذلك الرضيع الذي بكى ملك الموت عندما قبض روح أمه
هو ذلك الشيخ الذي ضحك ملك الموت من شدة حرصه وطول أمله

وقفه :
فالنعلم يااخواني أن كل انسان مكتوب رزقه على الله متى يعيش وكيف يعيش
ولا ننسى بان ملك الموت قادم لكل واحد منا وذلك بإذن من الله فسأل الله ان تموت وهو راضي عنك آمين
والرسول عليه الصلاة والسلام تعوذ من قلب لا يخشع وعين لا تدمع – او كما قال عليه الصلاة والسلام –
اخي واختي
اذا كان ملك الموت بكى أسأل نفسك أتبكي اذا صليت او قرآت القرآن او توسلت الى الله سبحانه ..؟

الجيريا
الجيريا

الجيريا

♪♫♪♪♫♪♪♫♪♪♫♪
الجيريا

█║▌│▌║║█│║▌║║▌│▌

سبحانك ربي

عندي سؤال لمن يملك ايجابة اكيدة فليفدنا بها 2024.

السلام عليكم
عندي سؤال لمن يملك ايجابة اكيدة فليفدنا بها

اريد ان اسال عن قصة الغار عندما اختبأ فيه النبي عليه الصلاة والسلام ….فهل حقا ان سبب نجاته هو الحمامة التي كانت موجودة هناك ونسيج العنكبوت الذي كان على مدخل الغار …ام ان هذه القصة غير صحيحة ولايوجد دليل مؤكد عليها من السنة…(وإن كانت القصة صحيحة فمن يملك دليل عليها فل يفدنا به جزاكم الله خير)

وسمعت ايضا ان ابابكر الصديق لم يكن موجود مع النبي في الغار في ذلك الوقت…لانه كان مازال مشرك في دلك الوقت….فهل دلك صحيح وتوجد الدلة عليه ام ليس له اساس من الصحة…..

واريد ان اسـأل ايضا عن اذا كانو في ذلك الوقت انشدو فعلا نشيد (طلع البدر علينا )للنبي عليه الصلاة والسلام وقصة الناقة التي تبعوها حتى بركت ليبنو بيت النبي عليه الصلاة والسلام……فهل هذه الحوادث توجد ادلة عليها من السنة او ليس لها اصل من الصحة

بارك الله فيكم


أبو بكر رضي الله عنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم والدليل آية من كتاب الله "إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا …"

البقية الله أعلم

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تفاحة12 الجيريا
السلام عليكم
عندي سؤال لمن يملك ايجابة اكيدة فليفدنا بها

اريد ان اسال عن قصة الغار عندما اختبأ فيه النبي عليه الصلاة والسلام ….فهل حقا ان سبب نجاته هو الحمامة التي كانت موجودة هناك ونسيج العنكبوت الذي كان على مدخل الغار …ام ان هذه القصة غير صحيحة ولايوجد دليل مؤكد عليها من السنة…(وإن كانت القصة صحيحة فمن يملك دليل عليها فل يفدنا به جزاكم الله خير)


وعليكِ السّلام ورحمة الله وبركاته
هذه القصة ليست صحيحة أختي
قال الشيخ الألباني رحمه الله في " الضعيفة " (3/339) :
واعلم أنه لا يصح حديث في العنكبوت والحمامتين على كثرة ما يذكر ذلك في بعض الكتب والمحاضرات التي تلقى بمناسبة هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، فكن من ذلك على علم .ا.هـ.

وقال الشيخ العثيمين رحمه الله في لقاء الباب المفتوح عدد229
السؤال
هل عش العنكبوت والحمامتين وارد يوم اختفى الرسول صلى الله عليه وسلم في غار ثور؟

الجواب
لا، يذكر المؤرخون: أن النبي صلى الله عليه وسلم حين اختفى في غار ثور عششت عليه العنكبوت ووقعت الحمامة على غصن شجرة
وهذا كذب لا صحة له ، ولا فيه آية للرسول عليه الصلاة والسلام ينقل، أي إنسان تعشش العنكبوت وتكون حوله حمامة إذا رآه من يراه يقول: ما في أحد، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام أعمى الله أبصارهم عنه ولهذا قال أبو بكر : [ يا رسول الله! لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصرنا ] لأنه لا يوجد مانع، فالعنكبوت والحمامة لا صحة لذكرهما عند اختفاء النبي صلى الله عليه وسلم في غار ثور، ولهذا يحترم كثير من الناس العنكبوت، يقول: لا تقتلها؛ لأنها عششت على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كان الوزغ يُقتل؛ لأنه كان ينفخ في النار على إبراهيم فهذه تكرم فنقول: لا، العنكبوت تقتل إذا آذت مثل غيرها، وهي تؤذي بعض الأحيان تعشش على الكتب وعلى الجدار فتقتل، بل في حديث لكنه ضعيف الأمر بقتل العنكبوت.

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تفاحة12 الجيريا
وسمعت ايضا ان ابابكر الصديق لم يكن موجود مع النبي في الغار في ذلك الوقت…لانه كان مازال مشرك في دلك الوقت….فهل دلك صحيح وتوجد الدلة عليه ام ليس له اساس من الصحة…..

من قال هذا؟
أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- من الأوائل الذين أسلموا وصدّقوا رسول الله، وهو الذي كان معه يوم هجرته في الغار، وهذه منقبة من مناقبه -رضي الله عنه-. وقد تفضل الأخ ووضع لكِ الآية الدالة على ذلك.

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تفاحة12 الجيريا
واريد ان اسـأل ايضا عن اذا كانو في ذلك الوقت انشدو فعلا نشيد (طلع البدر علينا )للنبي عليه الصلاة والسلام وقصة الناقة التي تبعوها حتى بركت ليبنو بيت النبي عليه الصلاة والسلام……فهل هذه الحوادث توجد ادلة عليها من السنة او ليس لها اصل من الصحة
بارك الله فيكم

أنشودة طلع البدر علينا لم تثبت أختي
وراجعي هنا

وكذلك قصة بروك الناقة
راجعي هذا الرابط سيُفيدك أختي
هنا
والله أعلم والله الموفق

بارك الله فيك اختي الم الفراق على جهودك في المنتدى

بارك الله في السائل والمجيب

نفع الله بكم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته…
ان الهجرة النبوية الشريفة كانت فاصلا هاما في تاريخ الدعوة الإسلامية ,
و هى مليئه بالدروس و العبر الخالدة التي لا تنتهي . و قد امتلأت كتب السيرة و غيرها من الكتب بالكلام عن
الهجرة و أحداثها , و لكن وقع في الكثير منها بعض القصص التي اشتهرت بين الناس و هي في الحقيقة لا تثبت . و قد تكلم بعض العلماء في هذه القصص و بينوا ضعفها و عدم ثبوتها.
و قد جمعت ما استطعت من هذه القصص الواهية تحذيرا منها . ومن كان عنده إضافات أو ملاحظات أو قصص منتشرة أخرى فليضفها إثراءا للموضوع و دفاعا عن السنة النبوية الشريفة .
من هذه القصص :

1- قصة غناء بنات النجار ( طلع البدر علينا )
2- قصة تبول المشرك عند الغار
3- قصة بروك الناقة عند باب أبي أيوب الأنصاري الجيريا
4- قصة عنكبوت الغار و الحمامتين
5- قصة لطم أبي جهل لأسماء بنت أبي بكر
6- قصة ثعبان الغار
7- قصة أبي طالب في الهجرة ووصيتة للنبي الجيريا
8- قصة مبيت علي الجيريا في فراش النبي الجيريا


و سوف أقوم بنقل تفاصيل كل قصة و كلام العلماء عليها تباعا إن شاء الله تعالى .

1- قصة غناء بنات النجار ( طلع البدر علينا )

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 63 ) :

لما قدم المدينة جعل النساء و الصبيان و الولائد يقلن :
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع " .

ضعيف . رواه أبو الحسن الخلعي في " الفوائد " ( 59 / 2 ) و كذا البيهقي في
" دلائل النبوة " ( 2 / 233 – ط ) عن الفضل بن الحباب قال : سمعت عبد الله بن
محمد بن عائشة يقول فذكره . و هذا إسناد ضعيف رجاله ثقات ، لكنه معضل سقط من
إسناده ثلاثة رواة أو أكثر ، فإن ابن عائشة هذا من شيوخ أحمد و قد أرسله . و
بذلك أعله الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 2 / 244 ) . ثم قال البيهقي
كما في تاريخ ابن كثير ( 5 / 23 ) : " و هذا يذكره علماؤنا عند مقدمه المدينة
من مكة لا أنه لما قدم المدينة من ثنيات الوداع عند مقدمه من تبوك " . و هذا
الذي حكاه البيهقي عن العلماء جزم به ابن الجوزي في " تلبيس إبليس " ( ص 251
تحقيق صاحبي الأستاذ خير الدين وانلي ) ، لكن رده المحقق ابن القيم فقال في "
الزاد " ( 3 / 13 ) : و هو وهم ظاهر لأن " ثنيات الوداع " إنما هي ناحية الشام
لا يراها القادم من مكة إلى المدينة و لا يمر بها إلا إذا توجه إلى الشام " .
و مع هذا فلا يزال الناس يرون خلاف هذا التحقيق ، على أن القصة برمتها غير
ثابتة كما رأيت ! ( تنبيه ) : أورد الغزالي هذه القصة بزيادة : " بالدف و
الألحان " و لا أصل لها كما أشار لذلك الحافظ العراقي بقوله : " و ليس فيه ذكر
للدف و الألحان " . و قد اغتر بهذه الزيادة بعضهم فأورد القصة بها ، مستدلا على
جواز الأناشيد النبوية المعروفة اليوم ! فيقال له : " أثبت العرش ثم انقش " !
على أنه لو صحت القصة لما كان فيها حجة على ما ذهبوا إليه كما سبقت الإشارة
لهذا عند الحديث ( 579 ) فأغنى عن الإعادة

——————————————————————————————–

و قال أيضا في " الضعيفة " ( 21-23/ 14):

[ قال الحافظ في "الفتح" (4/262):
"وهو سند معضل، ولعل ذلك كان في قدومه من غزوة تبوك".
وإن مما يؤكد نكارة ذكر الدفوف في قصة إستقباله صلى الله عليه وسلم قول البراء بن عازب
رضي الله عنه :
ثم قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول
الله صلى الله عليه وسلم ، حتى جعل الإماء يقُلن: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
رواه البخاري (3925) وغيره، وهو مخرج في "تخريج فقه السيرة" (ص 169-
دار القلم).
ومثله حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
إِنِّي لَأَسْعَى فِي الْغِلْمَانِ يَقُولُون: جَاءَ مُحَمَّدٌ فَأَسْعَى فَلَا أَرَى شَيْئًا ثُمَّ
يَقُولُونَ جَاءَ مُحَمَّدٌ فَأَسْعَى فَلَا أَرَى شَيْئًا قَالَ حَتَّى جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَصَاحِبُهُ أَبُو بَكْرٍ فَكُنَّا فِي بَعْضِ حِرَارِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ بَعَثَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
لِيُؤْذِنَ بِهِمَا الْأَنْصَارَ فَاسْتَقْبَلَهُمَا زُهَاءَ خَمْسِ مئة مِنْ الْأَنْصَارِ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَيْهِمَا
فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ انْطَلِقَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبُهُ بَيْنَ
أَظْهُرِهِمْ فَخَرَجَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ حَتَّى إِنَّ الْعَوَاتِقَ لَفَوْقَ الْبُيُوتِ يَتَرَاءَيْنَهُ يَقُلْنَ أَيُّهُمْ
هُوَ أَيُّهُمْ هُوَ قَالَ فَمَا رَأَيْنَا مَنْظَرًا مُشْبِهًا بِهِ يَوْمَئِذٍ.
قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَوْمَ دَخَلَ عَلَيْنَا وَيَوْمَ قُبِضَ فَلَمْ أَرَ يَوْمَيْنِ
شبيهاً بِهِمَا.
أخرجه البخاري في "التاريخ الصغير" (ص 6-هندية)، والبيهقي في
"الدلائل" (2/507)، وأحمد (3/222) من طريق سليمان بن المغيرة عن
ثابت عن أنس. وأخرجه أحمد (3/122) من طريق آخر عن ثابت مختصراً.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وسكت عنه الحافظ في
"الفتح" (7/251) رضىً به – كما في قاعدته -.
وتابعه عبد العزيز بن صهيب عن أنس به نحوه مطولاً.
أخرجه البخاري (3911)، وأحمد (3/211).
والمقصود، أن هذه الأحاديث الصحيحة تؤكد نكارة ذكر الدفوف والغناء
في حديث الترجمة ونحوه.
(تنبيه): عزا الحافظ في "الفتح" حديث الترجمة في موضعين منه (7/
245، 261) إلى الحاكم، وسبقه إلى ذلك الحافظ ابن كثير، ولكنه قرنه بتحفظ
غريب غير معتاد، فقال بعدما ساقه من رواية البيهقي بإسناده (3/200):
"هذا حديث غريب من هذا الوجه، لو يروه أحد من أصحاب "السنن" وقد
أخرجه الحاكم – كما يروى -"!
فقوله: "كما يروى" لعله يعني رواية البيهقي عنه، وحينئذ فلا فائدة تذكر م
نه. وعلى كل حال، فهذا القول- أو القيد – منه خير من إطلاق الحافظ عزوه
للحاكم، لأنه يوهم أنه في "مستدركه" وليس فيه، ثم إنه سكت عنه، فأوهم
حسنه على الأقل عنده، وليس كذلك -كما تقدم- . ولقد كان هذا من الدواعي على إخراجه، والكشف عن علته، واقترن مع ذلك الاستطراد لذكر أحاديث
صحيحة تدل على نكارته. والله ولي التوفيق.

2- قصة تبول المشرك عند الغار

قال الشيح علي حشيش [ في العدد ( 421 ) من مجلة التوحيد ( ص 53 ) ] :

أولاً: المتن:
يُروى عن أبي بكر – رضي الله عنه – أنه قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى اسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَوْرَتِهِ يَبُولُ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلَيْسَ الرَّجُلُ يَرَانَا ؟ قَالَ : لَوْ رَآنَا لَمْ يَسْتَقْبِلْنَا بِعَوْرَتِهِ ، يَعْنِي وَهُمَا فِي الْغَار .
ثانيًا: التخريج:
الحديث أخرجه أبو يعلى في «مسنده» (1/46) (ح46) قال: حدثنا موسى بن حيان حدثنا عُبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، حدثنا موسى بن مُطير، حدثني أبي، عن عائشة رضي الله عنها قالت: حدثني أبو بكر – رضي الله عنه – قال: فذكر حديث القصة.

ثالثًا التحقيق:
هذا الخبر الذي جاءت به القصة (باطل) والقصة واهية.
وفيها علتان:
الأولى: موسى بن مُطَيْر:
1- أخرج العقيلي في «الضعفاء الكبير» (4/163/1734) عن يحيى بن معين قال: «موسى بن مطير كذاب».
2- أورده النسائي في «الضعفاء والمتروكين» برقم (555) وقال: «موسى بن مطير منكر الحديث».
3- أورده الدارقطني في «الضعفاء والمتروكين» برقم (513) وقال: «موسى بن مطير،كوفي عن أبيه، ومطير أبوه لا يُعرف إلا به».
قلت: وقد يتوهم من لا دراية له بعلم الجرح والتعديل أن الدارقطني سكت عنه ولا يدري أنه بمجرد ذكر اسم موسى بن مطير في كتاب «الضعفاء والمتروكين» للدارقطني
يجعل موسى بن مطير من المتروكين، حيث قال البرقاني: «طالت محاورتي مع ابن حمكان للدارقطني عفا الله عني وعنهما في المتروكين من أصحاب الحديث فتقرر بيننا وبينه على ترك من أثبته على حروف المعجم في هذه الورقات». كذا في «مقدمة الضعفاء والمتروكين» للدارقطني.
4- أورده الإمام ابن أبي حاتم في «كتاب الجرح والتعديل» (8/162/717) وقال:
أ- «موسى بن مطير روى عن أبيه عن أبي هريرة وعائشة. روى عنه أبو داود الطيالسي وخلف بن تميم وأبو يوسف صاحب الرأي».
ب- وقال: «قرئ على العباس بن محمد الدوري عن يحيى بن معين أنه قال: موسى بن مطير كذاب».
جـ- وقال: سألت أبي عن موسى بن مطير فقال: «متروك الحديث ذاهب الحديث».
5- وأورده ابن حبان في «المجروحين» (2/242) وقال: «موسى بن مطير كان صاحب عجائب ومناكير لا يشك المستمع أنها موضوعة إذ كان هذا الشأن صناعته».
6- وأورده الإمام الذهبي في «الميزان» (4/223/8928) حيث قال: «موسى بن مطير، عن أبيه، وعنه أبو داود الطيالسي: واهٍ».
7- وأقره الحافظ ابن حجر في «اللسان» (6/153) (1903/8688) وزاد عما ذكره الذهبي في «الميزان»: أن أحمد قال: ضعيف، ترك الناس حديثه، وذكره العقيلي في الضعفاء وقال العجلي: كوفي، ضعيف الحديث، ليس بثقة.
الثانية: مطير بن أبي خالد: أورده الإمام ابن أبي حاتم في كتابه «الجرح والتعديل» (8/394/1805) وقال: «مطير
بن أبي خالد روى عن أبي هريرة وعائشة وثابت البجلي وروى عنه عوسجة وابنه موسى بن مطير وعلي بن هاشم بن البرير وقال: «سألت أبا زرعة عنه فقال: ضعيف الحديث».
وقال: «سألت أبي عنه فقال: متروك الحديث».
وأقره الذهبي في «الميزان» (4/129/8587).

3- قصة بروك الناقة عند باب أبي أيوب الأنصاري الجيريا

روي ذلك عن أنس و عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهم – :

1- عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال : " قال أهل المدينة لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ادخل المدينة راشدا مهديا ، قال : فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة فخرج الناس ينظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما مر على قوم قالوا : يا رسول الله هاهنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعوها فإنها مأمورة يعني ناقته حتى بركت على باب أبي أيوب الأنصاري " [ أخرجه ابن عدي في " الكامل " (2/424 ) و ابن القيسراني في "ذخيرة الحفاظ " ( 3/1659 ) و قالا : باطل ]

2- عن أنس الجيريا قال : « قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، فلما دخل المدينة جاءت الأنصار برجالها ونسائها ، فقالوا : إلينا يا رسول الله فقال : » دعوا الناقة فإنها مأمورة « ، فبركت على باب أبي أيوب قال : فخرجت جوار من بني النجار يضربن بالدفوف وهن يقلن : نحن جوار من بني النجار يا حبذا محمد من جار فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : » أتحبوني ؟ « فقالوا : إي والله يا رسول الله قال : » وأنا والله أحبكم ، وأنا والله أحبكم ، وأنا والله أحبكم « "
[ أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (2/508) ] [ منكر – الضعيفة (6508) ]

قال الألباني في التعليق على هذا الحديث في السلسلة الضعيفة (22/ 14):
[ ويمكن أن يقال مثل ذلك في قصة الناقة، وبخاصة في بروكها على باب أبي
أيوب، فإن المعروف في كتب السيرة، أنها بركت حين أتت دار بني مالك بن
النجار على باب مسجده صلى الله عليه وسلم ، وهو يومئذ مربد لغلامين يتيمين من بني النجار،
هكذا ساقه ابن هشام في "السيرة" (2/112-113) عن ابن اسحاق معضلاً
بدون إسناد مطولاً، وفيها تكرار جملة: "خلوا سبيلها، فإنها مأمورة" كلما مر صلى الله عليه وسلم بدارٍ من دور الأنصار، وقالوا له: أقم عندنا في العدد والعُدّة والمنعة. ومن رواية ابن إسحاق هذه ساقها بطولها ابن كثير في "البداية" (3/198 – 199) ولم يسندها. ] ا.ه

قلت : فكل ما ثبت في ذلك هو ما رواه البخاري في ( بَاب هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ ) من حديث أنس بن مالك الجيريا و فيه {….. فَقِيلَ فِي الْمَدِينَةِ جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَشْرَفُوا يَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ فَأَقْبَلَ يَسِيرُ حَتَّى نَزَلَ جَانِبَ دَارِ أَبِي أَيُّوبَ ….} , و في ( بَاب مَقْدَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ الْمَدِينَةَ ) عن أنس : { …. وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفَهُ وَمَلَأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ ….} رواه أيضا مسلم و أبو داود و النسائي و غيرهم من حديث أنس بن مالك الجيريا .
– و عند ابن هشام في "السيرة" (2/112-113) :
[ مَبْرَك نَاقَتهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِدَارِ بَنِي مَالِكِ بْنِ النّجّارِ ]
حَتّى إذَا أَتَتْ دَارَ بَنِي مَالِكِ بْنِ النّجّارِ ، بَرَكَتْ عَلَى بَابِ مَسْجِدِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهُوَ يَوْمئِذٍ مِرْبَدٌ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ مِنْ بَنِي النّجّارِ ، ثُمّ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ النّجّارِ ، وَهُمَا فِي حِجْرِ مُعَاذِ بْنِ عَفْرَاءَ ، سَهْلٍ وَسُهَيْلٍ ابْنَيْ عَمْرٍو . فَلَمّا بَرَكَتْ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَيْهَا لَمْ يَنْزِلْ وَثَبَتَ فَسَارَتْ غَيْرَ بِعِيدٍ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَاضِعٌ لَهَا زِمَامَهَا لَا يَثْنِيهَا بِهِ ثُمّ الْتَفَتَتْ إلَى خَلْفِهَا ، فَرَجَعَتْ إلَى مَبْرَكِهَا أَوّلَ مَرّةٍ فَبَرَكَتْ فِيهِ ثُمّ تَحَلْحَلَتْ وَزَمّتْ وَوَضَعَتْ فَنَزَلَ عَنْهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَاحْتَمَلَ أَبُو أَيّوبَ خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ رَحْلَهُ فَوَضَعَهُ فِي بَيْتِهِ وَنَزَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَسَأَلَ عَنْ الْمِرْبَدِ لِمَنْ هُوَ ؟ فَقَالَ لَهُ مَعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ : هُوَ يَا رَسُولَ اللّهِ لِسَهْلٍ وَسُهَيْلٍ ابْنَيْ عَمْرٍو ، وَهُمَا يَتِيمَانِ لِي ، وَسَأُرْضِيهِمَا مِنْهُ فَاِتّخِذْهُ مَسْجِدًا.

يتبع إن شاءالله…

4- قصة عنكبوت الغار و الحمامتين

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/261 ) :

" انطلق النبي صلى الله عليه وسلم و أبو بكر إلى الغار ، فدخلا فيه ، فجاءت
العنكبوت ، فنسجت على باب الغار ، و جاءت قريش يطلبون النبي صلى الله عليه وسلم
، و كانوا إذا روأوا على باب الغار نسج العنكبوت ، قالوا : لم يدخله أحد ،
و كان النبي صلى الله عليه وسلم قائما يصلي و أبو بكر يرتقب ، فقال أبو بكر رضي
الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم فداك أبي و أمي هؤلاء قومك يطلبونك ! أما
والله ما على نفسي أبكي ، و لكن مخافة أن أرى فيك ما أكره ، فقال له النبي
صلى الله عليه وسلم : *( لا تحزن إن الله معنا )* " .

ضعيف .
أخرجه الحافظ أبو بكر القاضي في " مسند أبي بكر " ( ق 91/1 – 2 ) : حدثنا بشار
الخفاف قال : حدثنا جعفر بن سليمان قال : حدثنا أبو عمران الجوني قال : حدثنا
المعلى بن زياد عن الحسن قال : فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، و له علتان :
الأولى : الإرسال ، فإن الحسن هو البصري و هو تابعي كثير الإرسال و التدليس .
و الأخرى : ضعف الخفاف ، و هو بشار بن موسى أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال
:
" ضعفه أبو زرعة ، و قال البخاري : منكر الحديث ، و قال ابن عدي : أرجو أنه لا
بأس به " .
و قال الحافظ في " التقريب " :
" ضعيف كثير الغلط ، كثير الحديث " .
قلت : و إنما يصح من الحديث آخره لوروده في القرآن الكريم : *( إلا تنصروه فقد
نصره الله ، إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه
لا تحزن إن الله معنا ، فأنزل الله سكينته عليه ، و أيده بجنود لم تروها )* .
و قول أبي بكر : " أما والله .. " في الصحيحين نحوه من حديث البراء .
و قال الحافظ ابن كثير في " البداية " ( 3/181 ) :
" و هذا مرسل عن الحسن ، و هو حسن بما له من الشاهد " .
كذا قال ! و يعني بالشاهد ما ساقه من طريق أحمد ، و هذا في " المسند " ( 3251 )
من طريق عبد الرزاق في " المصنف " ( 5/389 ) ، و عنه الطبراني في " المعجم
الكبير " ( 11/407/12155 ) من طريق عثمان الجزري أن مقسما مولى ابن عباس أخبره
عن ابن عباس في قوله : *( و إذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك )* قال :
" تشاورت قريش ليلة بمكة ، فقال بعضهم : إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق يريدون النبي
صلى الله عليه وسلم ، و قال بعضهم : اقتلوه ، و قال بعضهم : بل أخرجوه ، فأطلع
الله عز وجل نبيه على ذلك ، فبات علي على فراش النبي صلى الله عليه وسلم تلك
الليلة ، و خرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغار ، و بات المشركون
يحرسون عليا ، يحسبونه النبي صلى الله عليه وسلم فلما أصبحوا ثاروا إليه ، فلما
رأوا عليا رد الله مكرهم ، فقالوا : أين صاحبك هذا ؟ قال : لا أدري ، فاقتصوا
أثره ، فلما بلغوا الجبل خلط عليهم ، فصعدوا في الجبل ، فمروا بالغار ، فرأوا
على بابه نسج العنكبوت ، فقالوا : لو دخل ههنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه ،
فمكث فيه ثلاث ليال " .
قال ابن كثير عقبه :
" و هذا إسناد حسن ، و هو من أجود ما روي في قصة العنكبوت على فم الغار " .
كذا قال ، و ليس بحسن في نقدي ، لأن عثمان الجزري إن كان هو عثمان بن عمرو بن
ساج الجزري فقد قال ابن أبي حاتم في " الجروح و التعديل " ( 3/1/162 ) عن أبيه
:
" لا يحتج به " .
و أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال :
" تكلم فيه " .
و إن كان هو عثمان بن ساج الجزري ليس بينهما عمرو ، فقد جنح الحافظ في "
التهذيب " إلى أنه غير الأول ، و لا يعرف حاله ، و لم يفرق بينهما في " التقريب
" ، و قال :
" فيه ضعف " .
و ابن عمرو لم يوثقه أحد غير ابن حبان ، و من المعروف تساهله في التوثيق ،
و لذلك فهو ضعيف لا يحتج به كما قال أبو حاتم .
و قال الهيثمي في " المجمع " ( 7/27 ) :
" رواه أحمد و الطبراني ، و فيه عثمان بن عمرو الجزري ، وثقه ابن حبان و ضعفه
غيره ، و بقية رجاله رجال الصحيح " .
و لذلك قال المحقق أحمد شاكر في تعليقه على " المسند " :
" في إسناده نظر " .
ثم إن الآية المتقدمة *( و أيده بجنود لم تروها )* فيها ما يؤكد ضعف الحديث ،
لأنها صريحة بأن النصر و التأييد إنما كان بجنود لا ترى ، و الحديث يثبت أن
نصره صلى الله عليه وسلم كان بالعنكبوت ، و هو مما يرى ، فتأمل .
و الأشبه بالآية أن الجنود فيها إنما هم الملائكة ، و ليس العنكبوت و لا
الحمامتين ، و لذلك قال البغوي في " تفسيره " ( 4/174 ) للآية :
" و هم الملائكة نزلوا يصرفون وجوه الكفار و أبصارهم عن رؤيته " .
و قد جاء في بعض الحديث ما يشهد لهذا المعنى ، و هو ما أخرج أبو نعيم عن أسماء
بنت أبي بكر رضي الله عنها :
" أن أبا بكر رضي الله عنه رأى رجلا مواجه الغار ، فقال : يا رسول الله إنه
لرائينا ، قال : كلا إن الملائكة تستره الآن بأجنحتها ، فلم ينشب الرجل أن قعد
يبول مستقبلهما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر لو كان يراك
ما فعل هذا " .
و أخرجه الطبراني مطولا في قصة الهجرة ، و قال الهيثمي ( 6/54 ) :
" رواه الطبراني و فيه يعقوب هذا أنه حسن الحديث ، و قال الحافظ فيه :
" صدوق ، ربما وهم " .
فإذا لم يكن في الإسناد علة أخرى فهو حسن ، و لكني لا أستطيع الجزم بذلك لأن
الهيثمي رحمه الله قد عهدنا منه السكوت في كثير من الأحيان عن العلة في الحديث
مثل الانقطاع و التدليس و نحو ذلك ، و لذلك نراه نادرا ما يقول : إسناد صحيح ،
أو : إسناد حسن ، و إنما يقول : رجاله ثقات ، أو موثقون . أو : فيه فلان و هو
ضعيف ، أو : مختلف فيه و نحو ذلك . و لذلك فلا ينبغي للعارف بهذا العلم أن يصحح
أو يحسن بناء على مثل تلك العبارات منه . فإذا يسر الله لنا الوقوف على إسناد
الطبراني أو أبي نعيم استطعنا الحكم على الحديث بما يستحقه من رتبة . والله
الموفق .
ثم وقفت على إسناده في " المعجم الكبير " للطبراني ( 24/106/284 ) فتبين أنه
حسن لولا أن شيخ الطبراني أحمد بن عمرو الخلال المكي لم أقف له على ترجمة ،
و قد أخرج له في " المعجم الأوسط " ( 1/29/1 – 30/1 ) نحو 16 حديثا ، مما يدل
على أنه من شيوخه المشهورين ، فإن عرف أو توبع فالحديث حسن ، يصلح دليلا على
نكارة ذكر العنكبوت و الحمامتين . والله أعلم

—————————————————————————————————–

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/259 ) :

" ليلة الغار أمر الله عز وجل شجرة فخرجت في وجه النبي صلى الله عليه وسلم
تستره و إن الله عز وجل بعث العنكبوت فنسجت ما بينهما فسترت وجه النبي صلى الله
عليه وسلم ، و أمر الله حمامتين وحشيتين فأقبلتا تدفان ( و في نسخة : ترفان )
حتى وقعا بين العنكبوت و بين الشجرة ، فأقبل فتيان قريش من كل بطن رجل معهم
عصيهم و قسيهم و هراواتهم حتى إذا كانوا من النبي صلى الله عليه وسلم على قدر
مائتي ذراع قال الدليل سراقة بن مالك المدلج : انظروا هذا الحجر ثم لا أدري أين
وضع رجله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال الفتيان : إنك لم تخطر منذ اللية
أثره حتى إذا أصبحنا قال : انظروا في الغار ! فاستقدم القوم حتى إذا كانوا على
خمسين ذراعا نظر أولهم فإذا الحمامات ، فرجع ، قالوا : ما ردك أن تنظر في الغار
؟ قال : رأيت حمامتين وحشيتين بفم الغار فعرفت أن ليس فيه أحد ، فسمعها النبي
صلى الله عليه وسلم فعرف أن الله عز وجل قد درأ عنهما بهما ، فسمت عليهما
فأحرزهما الله تعالى بالحرم فأفرجا كل ما ترون " .

منكر .
رواه ابن سعد ( 1/228 – 229 ) و المخلص في " الفوائد المنتقاة " ( 17/13/1 – 2
) و البزار في " مسنده " ( 2/299/1741 " كشف الأستار ) و الطبراني في " الكبير
" ( 20/443/1082 ) و العقيلي ( 346 ) و خيثمة الأطرابلسي في " فضائل الصديق " (
16/5/2 ) و كذا الشريف أبو علي الهاشمي في " الفوائد المنتقاة " ( 108/1 )
و أبو نعيم في " الدلائل " ( 2/111 ) و كذا البيهقي ( 2/481 – 482 ) عن عوف بن
عمرو أبي عمرو القيسي و يلقب ( عوين ) قال : حدثنا أبو مصعب المكي قال : أدركت
زيد بن أرقم و المغيرة بن شعبة و أنس بن مالك يذكرون أن النبي صلى الله
عليه وسلم ليلة الغار .. و قال الهاشمي :
" تفرد به أنس و من ذكر معه ، لا نعرفه إلا من حديث مسلم بن إبراهيم عن عون بن
عمرو القيسي عن أبي مصعب " .
و قال العقيلي :
" لا يتابع عليه عون ، و أبو مصعب رجل مجهول " .
قلت : و أشار البزار إلى جهالته بقوله :
لا نعلم رواه إلا عون بن عمير ، و أبو مصعب فلا نعلم حدث عنه إلا عوين " .
و قال ابن معين في عون : " لا شيء " .
و قال البخاري :
" منكر الحديث مجهول " .
ذكره الذهبي في " الميزان " ، و ساق له حديثين مما أنكر عليه هذا أحدهما .
و قال الحافظ ابن كثير في تاريخه " البداية " ( 3/182 ) :
" و هذا حديث غريب جدا " .
و قال الهيثمي في " المجمع " ( 6/53 ) :
" رواه البزار و الطبراني ، و فيه جماعة لم أعرفهم " .
قلت : يشير إلى عون و أبي مصعب ، فإن من دونهما ثقات معروفون ، فهي غفلة عجيبة
منه عن هذه النقول . فسبحان من لا يضل و لا ينسى

يتبع إن شاءالله…

5- قصة لطم أبي جهل لأسماء بنت أبي بكر – رضي الله عنها –
قال الشيخ علي حشيش [ في العدد (العدد 13) 1-3-2017 من مجلة ( التوحيد ) ] :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَحُدّثْت عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنّهَا قَالَتْ لَمّا خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَتَانَا نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ ، فِيهِمْ أَبُو جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ ، فَوَقَفُوا عَلَى بَابِ أَبِي بَكْرٍ فَخَرَجْتُ إلَيْهِمْ فَقَالُوا : أَيْنَ أَبُوك يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ ؟ قَالَتْ قُلْت : لَا أَدْرِي وَاَللّهِ أَيْنَ أَبِي ؟ قَالَتْ فَرَفَعَ أَبُو جَهْلٍ يَدَهُ وَكَانَ فَاحِشًا خَبِيثًا ، فَلَطَمَ خَدّي لَطْمَةً طُرِحَ مِنْهَا قُرْطِي .
قَالَتْ ثُمّ انْصَرَفُوا . فَمَكَثْنَا ثَلَاثَ لَيَالٍ . وَمَا نَدْرِي أَيْنَ وَجْهُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَتّى أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ الْجِنّ مِنْ أَسْفَلِ مَكّةَ ، يَتَغَنّى بِأَبْيَاتٍ مِنْ شَعَرِ غِنَاءِ الْعَرَبِ ، وَإِنّ النّاسَ لَيَتْبَعُونَهُ يَسْمَعُونَ صَوْتَهُ وَمَا يَرَوْنَهُ حَتّى خَرَجَ مِنْ أَعَلَى مَكّةَ وَهُوَ يَقُولُ
جَزَى اللّهُ رَبّ النّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ … رَفِيقَيْنِ حَلّا خَيْمَتَيْ أُمّ مَعْبَدِ
هُمَا نَزَلَا بِالْبَرّ ثُمّ تَرَوّحَا … فَأَفْلَحَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمّدٍ
لِيَهْنِ بَنِي كَعْبٍ مَكَانُ فَتَاتِهِمْ … وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنَيْنِ بِمَرْصَدِ

ثانيًا : التحقيق :
القصة ليست صحيحة . رواها ابن إسحاق كما في "السيرة" (2-109) لابن هشام . حيث أوردها في "سيرة النبي" (2-109) (ح513) فذكر أن ابن إسحاق قال: "فَحُدِّثْتُ عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت: لما خرج رسول اللَّه الجيريا…" القصة.
قلت : فسند القصة منقطع ، يشهد لذلك صيغة الرواية في قول ابن إسحاق : "فَحُدّثتُ" التي جاءت بصيغة المبني للمجهول ، التي تدل على أن هناك سقطًا في الإسناد .
ويشهد لانقطاع السند أيضًا قول الحافظ ابن حجر في "التقريب" (2-144) : "محمد بن إسحاق بن يسار ، أبو بكر ، المطلبي ، مولاهم المدني ، نزيل العراق ، إمام المغازي صدوق يدلس".
قلت : ورواية السند بصيغة المبني للمجهول فيها إسقاط في السند ، وهذا أشد من تدليس الشيوخ ، حيث يتسبب في تضييع المروي عنه، وتوعير طريق معرفته على السامع .
قال الإمام الذهبي في "الميزان" (3-468-7197) ، "محمد بن إسحاق بن يسار ، أبو بكر ، المخرمي ، مولاهم المدني. ما له عندي ذنب إلا قد حشا في السيرة من الأشياء المنكرة المنقطعة والأشعار المكذوبة".
قلت : وذكر الإمام المزي في "تهذيب الكمال" (16-78-5644) : أن يعقوب بن شيبة قال: سمعت محمد بن عبد الله بن نمير ، وذكُر ابن إسحاق فقال : إذا حدث عن من سمع منه من المعروفين فهو حسن الحديث صدوق ، وإنما أُتي من أنه يحدّث عن المجهولين أحاديث باطلة.
قلت : وبهذا التحيقيق تصبح هذه القصة باطلة؛ حيث يُحدّث فيها ابن إسحاق عن المجهولين .
طريق آخر للقصة
هذا الطريق ذُكر فيه الرجل من الجن الذي أقبل من أسفل مكة يتغنى بأبيات من شعر غناء العرب، ولم يُذكر فيه لطم أبي جهل لأسماء بنت أبي بكر .
والقصة من هذا الطريق جاءت من حديث زيد بن أرقم وأنس بن مالك والمغيرة بن شعبة يتحدثون أن النبي الجيريا ليلة الغار أمر الله شجرة فنبتت في وجه النبي الجيريا فسترته ، وأمر الله العنكبوت فنسجت على وجهه فسترته ، وأمر الله حمامتين وحشيتين فوقفتا بفم الغار ، وأقبل فتيان قريش، من كل بطن رجل ، بأسيافهم وعصيهم وهراواتهم حتى إذا كانوا من النبي الجيريا قدر أربعين ذراعًا ، نظر أولهم فرأى الحمامتين فرجع فقال له أصحابه : ما لك لم تنظر في الغار ؟ قال : رأيت حمامتين وحشيتين بفم الغار فعرفت أن ليس فيه أحد . قال : فسمع النبي الجيريا قوله، فعرف أن الله قد درأ عنه بهما ، …… قالوا: وكانت لأبي بكر منيحة غنم يرعاها عامر بن فهيرة، وكان يأتيهم بها ليلاً فيحتلبون، فإذا كان سَحَر سرح مع الناس ، قالت عائشة: وجهزناهما أحب الجهاز ، وصنعنا لهما سفرة في جراب، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فأوكت به الجراب ، وقطعت أخرى فصيرته عصامًا لفم القربة ، فبذلك سميت ذات النطاقين، ومكث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر في الغار ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر ، واستأجر أبو بكر رجلاً من بني الديل هاديًا خريتًا يقال له عبد الله بن أريقط، وهو على دين الكفر ، ولكنهما أمناه فارتحلا ومعهما عامر بن فهيرة ، فأخذ بهم ابن أريقط يرتجز ، فما شعرت قريش أين وجّه رسول اللَّه الجيريا ، حتى سمعوا صوتًا من جني من أسفل مكة ولا يرى شخصه يقول :
جزى الله رب الناس خير جزائه
رفيقين حلا خيمتي أم معبد
هما نزلا بالبر ثم تروَّحا
فأفلح من أمسى رفيق محمد
التخريج
القصة من هذا الطريق وبهذا اللفظ ، أخرجها ابن سعد في "الطبقات" (1-110) ، حيث قال: "أخبرنا مسلم بن إبراهيم ، أخبرنا عون بن عمرو القيسي أخو رياح القيسي ، أخبرنا أبو مصعب المكي قال : أدركت زيد بن أرقم ، وأنس بن مالك ، والمغيرة بن شعبة فسمعتهم يتحدثون أن النبي الجيريا …" فذكر القصة .
التحقيق
القصة من هذا الطريق ليست صحيحة ، وسندها لا يصلح للمتابعات والشواهد ، وفي السند علتان :
الأولى : عون بن عمرو القيسي .
أورده الذهبي في "الميزان" (3-306-6535) حيث قال : "عون بن عمرو، أخو رياح بن عمرو ، بصري ، قال ابن معين: لا شيء ، وقال البخاري : عون بن عمرو القيسي جليس لمعتمر ، منكر الحديث مجهول".
قلت : 1- من أشد صيغ الجرح عند البخاري قوله : "فلان منكر الحديث".
يظهر ذلك من قول السيوطي في "التدريب" (1-349) : "البخاري يطلق (فيه نظر)، و(سكتوا عنه) فيمن تركوا حديثه ، ويطلق (منكر الحديث) على من لا تحل الرواية عنه".
2- قول ابن معين : (لا شيء ) ، فسره الإمام ابن أبي حاتم في كتابه "الجرح والتعديل" (3-321) حيث قال : "معنى قول ابن معين: "لا شيء": ليس بثقة".
قلت : ولقد أورد الإمام الذهبي في "الميزان" (3-307) هذه القصة وبهذا الطريق وجعلها من مناكير عون بن عمرو ، حيث قال : "مسلم بن إبراهيم ، حدثنا عون بن عمرو ، سمعت أبا مصعب المكي يقول : أدركت زيد بن أرقم وأنسًا والمغيرة بن شعبة وسمعتهم يتحدثون أن النبي الجيريا ليلة الغار قال : أمر الله شجرة نبتت في وجه النبي الجيريا فسترته ، وأمر الله حمامتين وحشيتين فوقفتا بفم الغار…" الحديث .
وأبو مصعب لا يعرف .
قلت : وهذه هي العلة الثانية . فمتن القصة يدور حول ثلاث جمل :
الأولى : لطم أبي جهل لأسماء ، وقد أثبتنا أن هذه الجملة "واهية" كما بيّنا في التحقيق آنفًا.
الثانية : عدم دراية بنت أبي بكر بمكان رسول اللَّه الجيريا ، وقد أثبتنا أن هذه الجملة غير صحيحة ، ومنكرة ، كما هو مبيّن في التحقيق ، وسنبين البديل الصحيح دراية بنت أبي بكر بمكان الرسول الجيريا ، وقيامهم بالإمداد والتمويه والإخبار .
الثالثة : إقبال رجل من الجن من أسفل مكة يتغنى بأبيات من الشعر من غناء العرب.
وهذه الجملة أثبتنا أنها باطلة، وأن الطريق الآخر الذي جاءت فيه باطل، لا يصلح للمتابعات والشواهد، لما فيه من متروكين ومجهولين.
قلت : وهناك روايات أخرى يذكر فيها هذا الشعر دون ذكر لجملة لطم أبي جهل لأسماء، ودون ذكر للرجل من الجن أقبل والناس يتبعونه، كما في الرواية التي أخرجها الطبراني في "الكبير" (4-48) (ح3605).
وهذه أيضًا رواية (غير صحيحة) ، حيث أوردها الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5-58) وقال: "وفي إسناده جماعة لم أعرفهم".
بدائل صحيحة
سنذكر البدائل الصحيحة التي تبيّن دراية بيت أبي بكر بمكان الرسول الجيريا ، وأن هذا البيت العظيم قام بأعظم جهاد في الهجرة، منذ خروج رسول اللَّه الجيريا من مكة حتى وصوله إلى المدينة .
فقد ثبت في "صحيح الإمام البخاري" (ح3905) من حديث عائشة رضي الله عنها زوج النبي الجيريا قالت : فَبَيْنَمَا نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ قَالَ قَائِلٌ لِأَبِي بَكْرٍ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَقَنِّعًا فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِدَاءٌ لَهُ أَبِي وَأُمِّي وَاللَّهِ مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَّا أَمْرٌ قَالَتْ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَ فَأُذِنَ لَهُ فَدَخَلَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَإِنِّي قَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّحَابَةُ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَخُذْ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَى رَاحِلَتَيَّ هَاتَيْنِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالثَّمَنِ قَالَتْ عَائِشَةُ فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الْجِهَازِ وَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مِنْ نِطَاقِهَا فَرَبَطَتْ بِهِ عَلَى فَمِ الْجِرَابِ فَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ قَالَتْ ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلِ ثَوْرٍ فَكَمَنَا فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّ ثَقِفٌ لَقِنٌ فَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ فَلَا يَسْمَعُ أَمْرًا يُكْتَادَانِ بِهِ إِلَّا وَعَاهُ حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلَامُ وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ تَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنْ الْعِشَاءِ فَيَبِيتَانِ فِي رِسْلٍ وَهُوَ لَبَنُ مِنْحَتِهِمَا وَرَضِيفِهِمَا حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاثِ وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ هَادِيَا خِرِّيتًا وَالْخِرِّيتُ الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ قَدْ غَمَسَ حِلْفًا فِي آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلَاثٍ وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ فَأَخَذَ بِهِمْ طَرِيقَ السَّوَاحِلِ ".
قلت : وهذه الرواية تبيّن الهمة العالية لبيت أبي بكر ، والرسول وصاحبه في الغار . ولقد بوّب البخاري بابًا في كتاب "الجهاد والسير" من "صحيحه" : "باب حمل الزاد في الغزو"، وافتتحه بحديث أسماء بنت ابي بكر رضي الله عنها (ح2979) قالت : "صَنَعْتُ سُفْرَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُهَاجِرَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَتْ فَلَمْ نَجِدْ لِسُفْرَتِهِ وَلَا لِسِقَائِهِ مَا نَرْبِطُهُمَا بِهِ فَقُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ وَاللَّهِ مَا أَجِدُ شَيْئًا أَرْبِطُ بِهِ إِلَّا نِطَاقِي قَالَ فَشُقِّيهِ بِاثْنَيْنِ فَارْبِطِيهِ بِوَاحِدٍ السِّقَاءَ وَبِالْآخَرِ السُّفْرَةَ فَفَعَلْتُ فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ".
قلت : وأصبحت هذه منقبة لأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها ، لا يجحدها إلا حاقد حاسد.
فقد أخرج البخاري (ح5388) هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ
كَانَ أَهْلُ الشَّأْمِ يُعَيِّرُونَ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُونَ يَا ابْنَ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ فَقَالَتْ لَهُ أَسْمَاءُ يَا بُنَيَّ إِنَّهُمْ يُعَيِّرُونَكَ بِالنِّطَاقَيْنِ هَلْ تَدْرِي مَا كَانَ النِّطَاقَانِ إِنَّمَا كَانَ نِطَاقِي شَقَقْتُهُ نِصْفَيْنِ فَأَوْكَيْتُ قِرْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَحَدِهِمَا وَجَعَلْتُ فِي سُفْرَتِهِ آخَرَ قَالَ فَكَانَ أَهْلُ الشَّأْمِ إِذَا عَيَّرُوهُ بِالنِّطَاقَيْنِ يَقُولُ إِيهًا وَالْإِلَهِ تِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا".
قلت : هذا ما صح لأسماء بنت أبي بكر في الهجرة .
ولقد توفيت أسماء رضي الله عنها بمكة في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين بعد قتل ابنها عبد الله بن الزبير بيسير ، وكانت قد ذهب بصرها ، وقال هشام بن عروة عن أبيه : كانت أسماء قد بلغت مائة سنة لم يسقط لها سن ولم ينكر لها عقل. كذا في "تهذيب الكمال" (22-291-8369).

قصة أبي طالب في الهجرة ووصيتة للنبي الجيريا

قال الشيخ علي حشيش [العدد (25) 1-3-2017 من مجلة ( التوحيد ) ] :

[ قال أبو طالب للنبي صلى الله عليه وسلم : ما يأتمر به قومك؟ قال: يريدون أن يسجنونني ويقتلوني ويخرجوني! فقال: من أخبرك بهذا؟ قال: ربي! قال: نعم الرب ربك، فاستوص به خيرًا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أستوصي به! بل هو يستوصي بي خيرًا"! فنزلت: "وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك" ، الآية.{الأنفال: 30}.

قلت: هذا لفظ رواية شيخ المفسرين ابن جرير الطبري واستيفاءً لمتن هذه القصة نبين للقارئ متن القصة بلفظ رواية ابن أبي حاتم حيث جاء فيه : « أن أبا طالب ، قال للنبي صلى الله عليه وسلم : هل تدري ما ائتمر فيك قومك ؟ قال : » نعم ، ائتمروا أن يسجنوني أو يقتلوني أو يخرجوني « ، قال : من أخبرك هذا ؟ قال : » ربي « ، قال : نعم الرب ربك فاستوص به خيرا ، قال : » أنا أستوصي به أو هو يستوصي بي ؟ «

ثانيًا: التخريج
القصة أخرجها شيخ المفسرين ابن جرير الطبري في "تفسيره" المسمى "جامع البيان في تأويل القرآن" (6-251 ط دار الغد) (ح15977) (ح15978)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (5-1688) (ح8998).
فائدة:
حتى لا يتقول علينا متقول ويتوهم الصحة من إخراج شيخ المفسرين ابن جرير للقصة وابن أبي حاتم وسكوتهما عنها، ولكن هيهات، فالقاعدة: "من أسند فقد أحال"، وبالتحقيق يستبين لك الحال.
ثالثًا: التحقيق
القصة واهية، والحديث منكر، ومعلل متنًا وسندًا، يظهر ذلك بجمع طرق الحديث الذي جاءت به هذه القصة.
1- قال ابن جرير الطبري (ح15977): حدثني محمد بن إسماعيل البصري المعروف بالوساوسي قال: حدثنا عبد المجيد بن أبي رواد عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن المطلب بن أبي وداعة أن أبا طالب قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما يأتمر به قومك.. القصة".
2- وقال ابن جرير (ح15978): حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج قال: قال ابن جريج قال عطاء سمعت عبيد بن عمير يقول: لما ائتمروا بالنبي صلى الله عليه وسلم ليقتلوه أو يثبتوه أو يخرجوه قال له أبو طالب هل تدري ما ائتمروا بك؟.. القصة.
تحقيق الطريقين
1- قلت: الطريق الأول سنده تالف فيه عبدالمجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد قال فيه ابن حبان في "المجروحين" (2-160): "منكر الحديث جدّا، يقلب الأخبار ويروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك".
وعلة أخرى: تدليس ابن جريج حيث أورده الحافظ ابن حجر في "طبقات المدلسين"، وهذه الطبقة قال فيها الحافظ: "الثالثة: من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع ومنهم من رد حديثهم مطلقًا".
ولذلك قال الحافظ ابن حجر: "ابن جريج وصفه النسائي وغيره بالتدليس، قال الدارقطني: شر التدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح". اه.
2- قلت: فإن قيل في الطريق الثاني متابعة لعبد المجيد في روايته عن ابن جريج حيث تابعه حجاج فهي متابعة أوهن من بيت العنكبوت، للعلل الآتية:
أ- أورد الحافظ ابن حجر في "التهذيب" (6-359) عن جعفر بن عبد الواحد عن يحيى بن سعيد، إذا قال ابن جريج: حدثني فهو سماع وإذا قال: أخبرني فهو قراءة، وإذا قال: قال فهو شبه الريح". اه.
قلت: وفي هذا الطريق (قال ابن جريج: قال عطاء) إذن فهو شبه الريح.
ب- والحديث من هذا الطريق مرسل عن عبيد بن عمير ولم يوجد الصحابي المطلب بن أبي وداعة.
ج- وهناك انقطاع في السند "حجاج، قال ابن جريج".
3- وفي رواية ابن أبي حاتم متابعة أخرى لعبد المجيد في روايته عن ابن جريج حيث تابعه هشام بن يوسف فهي متابعة واهية وإن صرح بالتحديث لابن جريج حيث إن الحديث مرسل من هذا الطريق أيضًا: (عن عبيد بن عمير أن أبا طالب قال للنبي صلى الله عليه وسلم .
ولذلك ترجم ابن أبي حاتم للمطلب بن أبي وداعة في "الجرح والتعديل" (4-1-358) ترجمة (1641) قال: "المطلب بن أبي وداعة له صحبة". ولم يذكر لعبيد بن عمير رواية عنه.
قلت: كذلك الإمام المزِّي في "تهذيب الكمال" (18-152-6600) ترجم له ولم يذكر لعبيد بن عمير رواية عنه.
فالحديث معلل والقصة واهية، ولقد بيَّنا الطريق إلى معرفتها بجمع طرق القصة والنظر في اختلاف الرواة، ولكن لا يمكن الموازنة بين ضبطهم وإتقانهم للحكم على الرواية المعلولة، حيث لا ضبط ولا إتقان في جميع الروايات؛ لأن هناك علة في "المتن" في جميع الروايات.
رابعًا: علة المتن
قال الإمام ابن القيم في "المنار المنيف" (ص111): "ونحن ننبه على أمور كلية يعرف بها كون الحديث موضوعًا"، فمنها (19): "ما يقترن بالحديث من القرائن التي يُعلم بها أنه باطل".
قلت: بتطبيق هذه القاعدة على هذه القصة نجد أن هناك قرينة تدل على أن القصة باطلة، ولقد أورد هذه القصة الإمام ابن كثير في "تفسيره" (2-302) عند تفسير الآية (30: الأنفال) من رواية ابن جريج ثم بيَّن الحافظ ابن كثير علة القصة متنًا فقال: "وذِكر أبي طالب في هذا غريب جدّا بل منكر ؛ لأن هذه الآية مدنية، ثم إن هذه القصة واجتماع قريش على هذا الائتمار والمشاورة على الإثبات أو النفي أو القتل إنما كان ليلة الهجرة سواء، وكان ذلك بعد موت أبي طالب بنحو ثلاث سنين، لمّا تمكنوا منه واجترؤا عليه بسبب موت عمه أبي طالب الذي كان يحوطه وينصره ويقوم بأعبائه".
خامسًا: التصحيف
فائدة: عند البحث في "تفسير ابن كثير" وجدنا أن الإمام ابن كثير عزا القصة إلى تفسير ابن جرير وبالاطلاع على سند ابن جرير في أكثر طبعات ابن كثير مثل طبعة دار إحياء الكتب العربية (البابي الحلبي) وطبعة دار والي المكتوب عليها طبعة جديدة – مضبوطة، محققة- معتنى بإخراجها أصح الطبعات وأكثرها شمولاً. اه. وجدت بالاطلاع أن السند فيه تصحيف يؤدي إلى فساد البحث في رجاله.
وإلى القارئ الكريم هذا السند في الطبعات التي يزعم أصحابها أنها أصح الطبعات وأنها مضبوطة ومحققة:
وقال أبو جعفر بن جرير: حدثني محمد بن إسماعيل المصري المعروف بالوساوسي، أخبرنا عبد الحميد بن أبي داود عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن المطلب بن أبي وداعة أن أبا طالب قال (فذكر القصة).
قلت: بالمقارنة بين هذا السند الذي في طبعات ابن كثير لرواية ابن جرير وبين الأصل وهو تفسير ابن جرير نجد:
1- أن شيخ ابن جرير وهو محمد بن إسماعيل البصري الوساوسي صُحِّف إلى محمد بن إسماعيل المصري المعروف بالوساوسي.
2- وشيخ ابن جريج وهو عبد المجيد بن أبي رواد حدث له تصحيف إلى عبد الحميد بن أبي داود.
قلت: وهذا أمر خطير يجب أن يتنبه إليه من يريد البحث فلا يعتمد على التخريج بالواسطة، بل يجب عليه الرجوع إلى الأصل كما بينا في عدد رمضان في هذا العام وبراءة أبي الدرداء من الذكر البدعي وكان ظاهر السند الصحة في تفسير ابن كثير ولكنه في الحقيقة به تصحيف بكشفه تبين أن القصة واهية وأقصد بقولي "الرجوع إلى الأصل" أي: الأصول التي عزا إليها ابن كثير الأحاديث، ففي هذه القصة: قصة أبي طالب في الهجرة عزاها إلى ابن جريج في "تفسيره" وفي رمضان قصة أبي الدرداء عزاها إلى عبد الرزاق في تفسيره، وأسال الله أن يوفقنا لتحقيق أسانيد تفسير ابن كثير بالمقارنة بالأصول، ثم الحكم على المسند، ثم الحكم على الحديث بعد الاعتبار لمعرفة المتابعات والشواهد وكشف العلل.
سادسًا: بدائل صحيحة للهجرة:
لقد بوّب الإمام البخاري في "الصحيح" في كتاب المناقب بابًا بعنوان: باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة وهو باب رقم (45).
1- فذكر قصة الهجرة من حديث عائشة حديث رقم (3905).
3- ثم قصة الهجرة من حديث سُراقة بن جُعْشم وهو حديث رقم (3906).
4- ثم قصة الهجرة من حديث البراء بن مالك عن أبي بكر (ح3908)، (3917) (5607)، ومسلم في صحيحه (3214)، وأحمد في مسنده الحديث رقم (3).
5- ثم قصة مَقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة (ح3924، 3925) من صحيح البخاري، وكذلك (ح3929).
هذه من البدائل الصحيحة التي يجب أن يرجع إليها الداعية، بعد تحذيره من القصص الواهية.
وأختم هذا التحذير بما أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" (ح109) من حديث سلمة بن الأكوع: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من يقل عليَّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار".

قصة هجرة عمر بن الخطاب الجيريا جهرا إلى المدينة

أخرج ابن عساكر في تاريخه (44/51-52) وابن السمان في الموافقة ، انظر : شرح المواهب (1/319) و سيرة الصالحي (3/315) وابن الأثير في أسد الغابة (4/152) ، عن علي رضي الله عنه أنه قال :

ما علمت أن أحداً من المهاجرين هاجر إلا مختفياً، إلا عمر بن الخطاب، فإنه لما هم بالهجرة تقلد سيفه، وتنكب قوسه، وانتضى في يده أسهماً، واختصر عنزته( بالتحريك: عصا أقصر من الرمح )، ومضى قبل الكعبة، والملأ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت سبعاً متمكناً، ثم أتى المقام فصلى متمكناً، ثم وقف على الحلق واحدة واحدة، وقال لهم: شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن تثكله أمه، ويوتم ولده، ويرمل زوجته، فليلقني وراء هذا الوادي. قال علي: فما تبعه أحد إلا قوم من المستضعفين علمهم وأرشدهم ومضى لوجهه.

قال الشيخ الألباني – رحمه الله – في رده على البوطي : ( جزمه بأن عمر رضي الله عنه هاجر علانية اعتمادا منه على رواية علي المذكورة وجزمه بأن عليا رواها وليس صوابا لأن السند بها إليه لا يصح وصاحب ( أسد الغابة ) لم يجزم أولا بنسبتها إليه رضي الله عنه وهو ثانيا قد ساق إسناده بذلك إليه لتبرأ ذمته ولينظر فيه من كان من أهل العلم وقد وجدت مداره على الزبير بن محمد بن خالد العثماني : حدثنا عبد الله بن القاسم الأملي ( كذا الأصل ولعله الأيلي ) عن أبيه بإسناده إلى علي وهؤلاء الثلاثة في عداد المجهولين فإن أحدا من أهل الجرح والتعديل لم يذكرهم مطلقا فهل وجدهم الدكتور وعرف عدالتهم وضبطهم حتى استجاز لنفسه أن يجزم بصحة الرواية عن علي أم شأنه فيها كشأنه في غيرها إنما هو جماع حطاب أو كما تقول العامة عندنا في الشام : ( خبط لزء ) ثم هو إلى ذلك يدعي أنه اعتمد على الروايات الصحيحة ) ا.ه

قال الأخ أبو عبد الله الذهبي :
و القصة الصحيحة في ذكر هجرته رضي الله عنه ما رواه ابن إسحاق قال : فَحَدّثَنِي نَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ أَبِيهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ ، قَالَ اتّعَدْتُ لَمّا أَرَدْنَا الْهِجْرَةَ إلَى الْمَدِينَةِ ، أَنَا وَعَيّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ ، وَهِشَامُ بْنُ الْعَاصِي بْنِ وَائِلٍ السّهْمِيّ التّناضِبَ مِنْ أَضَاةِ بَنِي غِفَارٍ ، فَوْقَ سَرِفٍ ، وَقُلْنَا : أَيّنَا لَمْ يُصْبِحْ عِنْدَهَا فَقَدْ حُبِسَ فَلْيَمْضِ صَاحِبَاهُ . قَالَ فَأَصْبَحْت أَنَا وَعَيّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ عِنْدَ التّنَاضُبِ ، وَحُبِسَ عَنّا هِشَامٌ وَفُتِنَ فَافْتُتِنَ.. .. وعندما نزلت الآية { قُلْ يَا عِبَادِيَ الّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إِنّ اللّهَ يَغْفِرُ الذّنُوبَ جَمِيعًا إِنّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمّ لَا تُنْصَرُونَ وَاتّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ } قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ : فَكَتَبْتهَا بِيَدِي فِي صَحِيفَةٍ وَبَعَثْت بِهَا إلَى هِشَامِ بْنِ الْعَاصِي قَالَ فَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْعَاصِي : فَلَمّا أَتَتْنِي جَعَلْت أَقْرَؤُهَا بِذِي طُوًى ، أُصَعّدُ بِهَا فِيهِ وَأُصَوّبُ وَلَا أَفْهَمُهَا ، حَتّى قُلْت : اللّهُمّ فَهّمْنِيهَا . قَالَ فَأَلْقَى اللّهُ تَعَالَى فِي قَلْبِي أَنّهَا إنّمَا أُنْزِلَتْ فِينَا ، وَفِيمَا كُنّا نَقُولُ فِي أَنْفُسِنَا وَيُقَالُ فِينَا . قَالَ فَرَجَعْت إلَى بَعِيرِي ، فَجَلَسْت عَلَيْهِ فَلَحِقْتُ بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ ) انظر : ابن هشام (2/129-131) بإسناد حسن ، و صححه ابن حجر في الإصابة (3/602) ، و قد أشار إلى صحتها الهيثمي في المجمع (6/61 ) .

قلت : و دلالة القصة واضحة في أن هجرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه كانت سرية ، فليس فيها أي إشارة إلى إعلان الهجرة ، بل إن تواعدهم في التناضب من أضاة بني غفار – وهي على عشرة أميال من مكة – ليؤكد إسرارهم بهجرتهم .

و فوق هذا فقد جاء الأمر صريحاً في رواية ذكرها ابن سعد في طبقاته (3/271) حول هجرة عمر بن الخطاب سراً ، حيث ساق نحواً من رواية ابن إسحاق – السابقة – وزاد فيها قول عمر : ( و كنا نخرج سراً فقلنا .. ) ا.ه

قصة ثعبان الغار

قال الشيخ علي حشيش [ عدد جمادى الأولى 1421هـ رقم (1) من مجلة التوحيد ] :

[ المسألة الأولى : اشتهار القصة :
لقد اشتهرت القصة فى كتب السيرة حتى أوردها المباركفورى فى كتابه " الرحيق المختوم "(ص168 ) تحت عنوان " إذ هما فى الغار " هذا الكتاب الذى اشتهر بين طلبة العلم لفوزه بالجائزة الأولى والتي أعلنت رابطة العالم الإسلامى عنها فى المؤتمر الإسلامى الآسيوى الأول الذى عقد فى كراتشى فى شهر شعبان سنة 1398 هـ كما أعلن على ذلك فى جميع الصحف وطبع بعدة لغات مما أدى إلى اشتهار القصة فقال المباركفورى فى " الرحيق المختوم " ص ( 168) :

" فلما انتهيا إليه قال : والله لا تدخله حتى أدخل قبلك ، فإن كان فيه شيء أصابني دونك ، فدخل فكسحه ، ووجد في جانبه ثقبا ، فشق إزاره وسدها به ، وبقي منها اثنان ، فألقمهما رجليه ، ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ادخل ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووضع رأسه في حجره ونام ، فلدغ أبو بكر في رجله من الجحر ولم يتحرك ؛ مخافة أن ينتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسقطت دموعه على وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : مالك يا أبا بكر ؟ ! ، قال : لدغت ، فداك أبي وأمي ! فتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذهب ما يجده " ا هـ

وقد أورد هذه القصة التبريزى فى " مشكاة المصابيح " (3/1700) ح( 6034)
مناقب أبى بكر ح ( 16 ) تحقيق الشيخ الألبانى رحمه الله .
قلت : بالنظر إلى حاشية الكتاب لم نجد لهذه القصة تخريجاً ولا تحقيقاً .
المسالة الثانية : تخريج القصة .
الحديث أورده البيهقى فى " دلائل النبوة" ( 2/ 476، 477 )
قال :" أخبرنا أبو الحسين على بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل ببغداد
، قال : حدثنا أحمد بن سلمان النجار الفقيه إملاء قال قرئ على يحيى بن جعفر وأنا أسمع ، قال : أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبى ، قال :حدثنى فرات بن السائب عن ميمون بن مهران ، عن ضبة بن محصن العنزى ، عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه فذكر القصة .
المسألة الثالثة : تحقيق القصة :
القصة ( موضوعة ) – " والموضوع هو الكذب المختلق المصنوع المنسوب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأجمع العلماء على أنه لا تحل روايته لأحد علم حاله فى أى معنى كان إلا مع بيان سبب وضعه " كذا فى التدريب " (1/274) .
وآفات القصة
(1)عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبى.
أورده الإمام الذهبى فى " الميزان " ( 2/545) ترجمة (4804) ثم قال :
" عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبى عن مالك .أتى بخبر باطل طويل ، وهو المتهم به ، وأتى عن فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ضبة بن محصن عن أبى موسى بقصة الغار – و هو يشبه وضع الطرقية " .
قلت : وأقر الحافظ ابن حجر فى " لسان الميزان " ( 3/491 ) ترجمة ( 602 / 4953 ) قول الإمام الحافظ الذهبى فى قصة الغار بأنه شبه وضع الطرقية .
(2) فرات بن السائب
أورده الإمام الذهبى فى " الميزان " (3/341) ترجمة (6689) ثم قال : "فرات بن السائب عن ميمون بن مهران ":
قال البخارى : منكر الحديث .
وقال ابن معين : ليس بشيء .
وقال الدارقطنى وغيره : متروك .
وقال أحمد بن حنبل قريب من محمد بن زياد الطحان فى ميمون يتهم بما يتهم به ذلك " ، قلت : واقر الحافظ ابن حجر فى " لسان الميزان " ( 4/503، 504 ) ترجمة (11/6522) قول الإمام الذهبى ثم قال : " وقال أبو حاتم الرازى "ضعيف الحديث ، منكر الحديث .
وقال الساجى : تركوه .
وقال النسائى : " متروك الحديث " .
قلت : وقول النسائى فى فرات : " متروك الحديث " أورده فى " الضعفاء والمتروكين " ترجمة (488) وحسبك قول الحافظ أبن حجر فى " شرح النخبة " ص (69) :" كان مذهب النسائى أن لا يترك حديث الرجل حتى يجتمع الجميع على تركه " قلت : وما نقله الذهبى عن البخارى فى فرات أنه منكر الحديث وإقرار الحافظ ابن حجر له فى " اللسان " حققناه فوجدناه فى التاريخ الكبير " ( 7/ 130 ) حيث قال البخارى :" فرات بن السائب أبو سليمان عن ميمون بن مهران تركوه منكر الحديث "،
قلت : وهذا التحقيق يحسبه القارئ الكريم أنه هين ، ولكنه عند علماء هذا الفن العظيم ، خاصة فى علم الحديث التطبيقى فى مثل هذه المسائل .
حيث يظهر هذا من تنبيهات السيوطى فى " التدريب " ( 1/ 349 ) حيث قال " البخارى يطلق منكر الحديث على من لا تحل الرواية عنه ".
قلت : وزيادة للفائدة لطالب هذا الفن نبين ما نقله الذهبى عن ابن معين فى فرات أنه " ليس بشيء ".
قال ابن أبى حاتم فى كتابه " الجرح والتعديل " (3/321) ترجمة (1439) :" عن يحيى بن معين انه قال : لا شيء يعنى – ليس بثقة " .
قلت : بهذا التحقيق فى فرات يتضح ما أورده الإمام ابن حبان فى
" المجروحين " (2/207) حيث قال " الفرات بن السائب الجزرى ، يروى عن ميمون بن مهران ، كان ممن يروى الموضوعات عن الأثبات ، ويأتى بالمعضلات عن الثقات ، لا يجوز الاحتجاج به ، ولا الرواية عنه ، ولا كتابة حديثة إلا على سبيل الاختبار " .
قلت : وهذا التحقيق له فائدة عظيمة لطالب هذا الفن ، وعندما يقارن بين قول ابن حبان الذى ذكرناه آنفاً فى فرات بن السائب ، وبين ما قاله الحافظ
ابن حجر فى " التقريب " ( 1/292) فى ميمون بن مهران حيث قال :" ميمون بن مهران الجزرى ، أبو أيوب – أصله كوفي ، نزل الرقة ، ثقة فقيه ، ولى الجزيرة لعمر بن عبد العزيز " . ]

قصة تحكيم إبليس في دار الندوة
قال الشيخ علي حشيش [ العدد (409) من مجلة "التوحيد" (ص 53) ]:
{ أولاً: متن القصة

رُوِيَ عن ابن عباس قال: «لما عرفت قريش أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد كانت له شيعة وأصحاب من غير بلدهم ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم، عرفوا أنهم قد نزلوا دارًا أصابوا منهم منعة فحذروا خروج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فاجتمعوا له في دار الندوة وهي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تقضي أمرًا إلا فيها فيتشاورون فيها ما يصنعون من أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين خافوه، فلما اجتمعوا لذلك، في ذلك اليوم الذي اتعدوا له، وكان ذلك اليوم يسمى يوم الزحمة، اعترض لهم إبليس في هيئة رجل شيخ جليل عليه بت- يعني كساء غليظ من صوف أو وبر- فوقف على باب الدار فلما رأوه واقفًا على بابها، قالوا: من الشيخ؟ قال: شيخ من أهل نجدٍ، سمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون، وعسى أن لا يعدمكم منه رأيًا ونصحًا، قالوا: أجل، فادخل، فدخل معهم، وقد اجتمع فيها أشراف قريش من كل قبيلة: من بني عبد شمس: عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو سفيان بن حرب، ومن بني نوفل بن عبد مناف: طعيمة بن عدي، وجبير بن مطعم، والحارث بن عامر بن نوفل، ومن بني عبد الدار بن قصي: النضر بن الحارث بن كلدة، ومن بني أسد بن عبد العزى: أبو البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود بن المطلب، وحكيم بن حزام، ومن بني مخزوم: أبو جهل بن هشام، ومن بني سهم: نبيه ومنبه ابنا الحجاج، ومن بني جمح: أمية بن خلف، ومن كان معهم، وغيرهم ممن لا يعد من قريش، فقال بعضهم لبعض: إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم، فإنا والله ما نأمنه على الوثوب علينا فيمن قد اتبعه من غيرنا فأجمعوا فيه رأيًا، قال: فتشاوروا ثم قال قائل منهم: احبسوه في الحديد، وأغلقوا عليه بابًا، ثم تربصوا ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله زهيرًا والنابغة ومن مضى منهم من هذا الموت، حتى يصيبه ما أصابهم.
1 ـ فقال الشيخ النجدي: لا والله ما هذا لكم برأي، والله لئن حبستموه كما تقولون ليخرجن أمره من وراء الباب الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه فلأوشكوا أن يثبوا عليكم فينتزعوه من أيديكم، ثم يكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركم، ما هذا لكم برأي، فانظروا في غيره فتشاوروا عليه.
ثم قال قائل منهم: نخرجه من بين أظهرنا فننفيه من بلادنا، فإذا أخرج عنا فوالله ما نبالي أين ذهب ولا حيث وقع إذا غاب عنا وفرغنا منه، فأصلحنا أمرنا.
2 ـ قال الشيخ النجدي: لا والله ما هذا لكم برأي، ألم تروا حسن حديثه، وحلاوة منطقه، وغلبته على قلوب الرجال بما يأتي به؟ والله لئن فعلتم ذلك ما أمنتم أن يحل على حي من العرب فيغلب عليهم بذلك من قوله وحديثه حتى يتابعوه عليه، ثم يسير بهم إليكم حتى يطأكم في بلادكم بهم فيأخذ أمركم من أيديكم ثم يفعل بكم ما أراد، دبروا فيه أمرًا غير هذا.
قال أبو جهل بن هشام: والله إن لي فيه لرأيًا ما أراكم وقعتم عليه بعد، قالوا: وما هو يا أبا الحكم؟ قال: أرى أن نأخذ من كل قبيلة شابًا فتى جلدًا نسيبًا وسيطًا فينا، ثم نعطي كل فتى منهم سيفًا صارمًا، ثم يعمدوا عليه فيضربوه ضربة رجل واحد فيقتلوه فنستريح منه، فإنهم إن فعلوا ذلك تفرق دمه- يعني الدية، وهي المال الذي يُعطى لولي القتيل- فعقلناه لهم.
3 ـ قال الشيخ النجدي: القول ما قال الرجل، هذا الرأي، لا أرى غيره.
فتفرق القوم على هذا وهم مجمعون له». اهـ.
قلت: يتبين من متن القصة أن إبليس تولى التحكيم في دار الندوة، ولم ينازعه أحد من أشراف قريش، وقد كانوا من كل قبائلها، وكان في هيئة رجل شيخ جليل من أهل نجد عليه كساء غليظ من الصوف.
ثانيًا: التخريج
الحديث الذي جاءت به هذه القصة أخرجه أبو نعيم في «دلائل النبوة» (ص63- 64)، والطبري في «تفسيره» (6/251، 252 ح: 15979)، والبيهقي في «دلائل النبوة» (2/466- 468)، وابن أبي حاتم في «التفسير» (5/1686) (ح1994)، وابن سعد في «الطبقات» (1/109).
ثالثًا: التحقيق
القصة واهية، وأسانيدها لا تصح، تزداد بها وهنًا على وهن.
1 ـ قال ابن سعد في «الطبقات»: أخبرنا محمد بن عمر.
أ- قال: حدثني معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة.
ب- قال: وحدثني ابن أبي حبيبة عن داود بن الحصين بن أبي غطفان عن ابن عباس.
جـ- قال: وحدثني قدامة ابن موسى عن عائشة بنت قدامة.
د- قال: وحدثني عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي.
هـ- قال: وحدثني معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن مالك بن جُعْشم عن سراقة بن جعشم.
قلت: بهذا يتبين أن ابن سعد أخرج القصة في طبقاته عن: عائشة، وابن عباس وعائشة بنت قدامة، وعلي، وسراقه بن جعشم، ولكن من رواية محمد بن عمر وهو الواقدي.
قال الإمام ابن حبان في «المجروحين» (2/290): محمد بن عمر بن واقد الواقدي الأسلمي المدني، كان ممن يحفظ أيام الناس وسيرهم، وكان يروي عن الثقات المقلوبات وعن الأثبات المعضلات حتى ربما سبق إلى القلب أنه كان المتعمد لذلك، كان أحمد بن حنبل يكذبه.
ثم قال: سمعت محمد بن المنذر، سمعت عباس بن محمد: سمعت يحيى بن معين يقول: الواقدي ليس بشيء.
ثم قال: أخبرني محمد بن عبد الرحمن: سمعت أبا غالب بن بنت معاوية بن عمرو: سمعت علي بن المديني يقول: الواقدي يضع الحديث. اهـ.
قلت: وأورده الإمام البخاري في «الضعفاء الصغير» ترجمة (334) وقال: «محمد بن عمر الواقدي متروك الحديث». اهـ.
وأورده الإمام النسائي في «الضعفاء والمتروكين» ترجمة (531) وقال: «محمد بن عمر الواقدي، متروك الحديث».
قلت: وهذا المصطلح عند النسائي له معناه حيث قال الحافظ ابن حجر في «شرح النخبة» باب (68) مراتب الجرح: «كان مذهب النسائي أن لا يترك حديث الرجل حتى يجتمع الجميع على تركه».
2 ـ قال أبو نعيم في «دلائل النبوة»: حدثنا حبيب بن الحسن، قال: حدثنا محمد بن يحيى المروزي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق عمن لا يتهم من أصحابنا عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد أبي الحجاج عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وحدثنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن البراء، قال: حدثنا الفضل بن غانم، قال: حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق قال: حدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد بن جبر المكي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
قال: وحدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما.
قلت: بهذا يتبين أن أبا نعيم أخرج القصة في «دلائل النبوة» من ثلاثة طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما.
الطريق الأول فيه علتان:

الأولى: تدليس محمد بن إسحاق.
فقد أورده الحافظ ابن حجر في «طبقات المدلسين» في الطبقة الرابعة رقم (9) وقال: «محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي المدني صاحب المغازي مشهور بالتدليس عن الضعفاء والمجهولين وعن شر منهم، وصفه بالتدليس ابن حبان». اهـ.
قلت: حكم رواية أصحاب هذه الطبقة: قال الحافظ ابن حجر في مقدمة كتاب «طبقات المدلسين»: «الرابعة: من اتفق على أنه لا يُحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع لكثرة تدليسهم على الضعفاء والمجاهيل».
قلت: وابن إسحاق في هذا الطريق عنعن ولم يصرح بالسماع.
الثانية: جهالة شيخ ابن إسحاق
يتبين ذلك من السند: «عن محمد بن إسحاق عن من لا يتهم من أصحابنا»، وهذا النوع من أنواع المجهول يسمى «المبهم» وهو من لم يصرح باسمه «ومبهم ما فيه راوٍ لم يُسم»، ومن أبهم اسمه، جهلت عينه وجهلت عدالته من باب أولى، فلا تقبل روايته.
وكما بينا آنفًا من أقوال أئمة الجرح والتعديل: أن ابن إسحاق مشهور بالتدليس عن الضعفاء والمجهولين وعن شر منهم.
قلت: ولذلك نقل الحافظ ابن حجر في «التهذيب» (9/36) عن يعقوب بن شيبة قال: سمعت ابن نمير يقول: «إنما أُتِيَ- يعني ابن إسحاق- من أنه يحدث عن المجهولين أحاديث باطلة». اهـ.
قلت: وهذه القصة منها حيث حَدَّثَ فيها عن مجهولين فهي باطلة كما بينا آنفًا.
الطريق الثاني: وفيه علتان أيضًا:
العلة الأولى: سلمة بن الفضل:
أ- قال الإمام البخاري في كتاب «الضعفاء الصغير» رقم (149): «سلمة بن الفضل بن الأبرش سمع ابن إسحاق، عنده مناكير وفيه نظر». اهـ.
قلت: وهذا المصطلح عند البخاري له معناه، يظهر هذا من قول السيوطي في «تدريب الراوي» (1/349): «البخاري يطلق: فيه نظر، وسكتوا عنه فيمن تركوا حديثه، ويطلق منكر الحديث على من لا تحل الرواية عنه».
قلت: وبهذا يتبين أن سلمة بن الفضل متروك الحديث فلا يصلح حديثه للاحتجاج ولا المتابعات ولا الشواهد.
ب- قال الإمام النسائي في «الضعفاء والمتروكين» رقم (241): «سلمة بن الفضل بن الأبرش: أبو عبد الله ضعيف، يروي عن ابن إسحاق المغازي».
جـ- أورده الحافظ ابن حجر في «التهذيب» (4/135) وقال: «سلمة بن الفضل بن الأبرش الأنصاري مولاهم أبو عبد الله الأزرق، قال البخاري: عنده مناكير وهَّنه علي بن المديني قال علي: ما خرجنا من الري حتى رمينا بحديثه، قال البرذعي عن أبي زرعة: كان أهل الري لا يرغبون فيه لمعان فيه من سوء رأيه وظلم فيه، وأما إبراهيم بن موسى فسمعته غير مرة وأشار أبو زرعة إلى لسانه يريد الكذب». اهـ.
قلت: ولذلك أشار الحافظ ابن حجر إلى سوء حفظه في «التقريب» (1/318): فقال: «كثير الخطأ». اهـ.
قلت: لذلك قال الحافظ العراقي في «فتح المغيث» (ص7): «من كثر الخطأ في حديثه وفحش استحق الترك وإن كان عدلاً».
فانظر إلى الترابط الشديد بين قول الإمام البخاري: «فيه نظر» ومعناه وبين قول الحافظ العراقي وتلميذه ابن حجر.
العلة الثانية: الفضل بن غانم: أورده الإمام الذهبي في «الميزان» (3/357) وقال: «الفضل بن غانم الخزاعي قال يحيى: ليس بشيء، وقال الدارقطني: ليس بالقوي، وقال الخطيب: ضعيف».
قلت: ومصطلح «ليس بشيء» يقوله يحيى بن معين في الكذابين والمتروكين، كذلك في أهل الغفلة والاضطراب الذين يُرد حديثهم، وفي المبتدعة والمقلين. كذا في «التهذيب» (1/509).
الطريق الثالث: وفيه أيضًا علتان:
العلة الأولى: الكلبي: أورده الإمام الذهبي في «الميزان» ترجمة (7574) وقال: «محمد بن السائب الكلبي، أبو النضر الكوفي المفسر النَّسَّابَة الأخباري، قال ابن معين: «الكلبي ليس بثقة»، وقال الجوزجاني وغيره: كذاب. وقال الدارقطني وجماعة: متروك».
قال النسائي في «الضعفاء والمتروكين» ترجمة (514): «أبو النضر الكلبي: متروك الحديث». وقال البخاري في «الضعفاء الصغير» ترجمة (322): «أبو النضر الكلبي تركه يحيى بن سعيد».
العلة الثانية: أبو صالح.
قال الإمام ابن حبان في «المجروحين» (2/255): «محمد بن السائب الكلبي يروي عن أبي صالح عن ابن عباس التفسير، وأبو صالح لم ير ابن عباس ولا سمع منه شيئًا، ولا سمع الكلبي من أبي صالح، لا يحل ذكره في الكتب فكيف الاحتجاج به؟». اهـ.
قلت: بهذا يتبين أن الطرق الثلاثة التي أخرجها أبو نعيم تزيد القصة وهنًا على وهن لما فيها من كذابين ومتروكين ومجهولين ومدلسين.
3 ـ ابن جرير الطبري في «التاريخ» (1/566) أخرج القصة من ثلاثة طرق:
الأول: نفس طريق سلمة بن الفضل بن الأبرش الذي أخرجه أبو نعيم وبينا أنه طريق تالف.
والثاني: من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.
قلت: ولقد بينا آنفًا أن هذا الطريق أوهى من سابقه.
والثالث: من طريق سلمة عن محمد بن إسحاق قال: حدثني الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس.
قلت: وهذا الطريق تالف فيه سلمة بن الفضل وهو متروك كما بينا آنفًا، والحكم بن عتيبة مدلس كما في «التقريب» (1/192) وقد عنعن.
4 ـ وأخرج القصة ابن جريج الطبري في «التفسير» (6/251- 252 ح15979) من طريقين:
الأول: هو نفس الطريق الأول الذي أخرجه أبو نعيم والذي بينا ضعفه آنفًا.
الثاني: من طريق الكلبي عن باذام مولى أم هانئ عن ابن عباس.
قلت: وباذام مولى أم هانئ هو أبو صالح كما في «التقريب» (1/93).
وهذا هو الطريق الثالث الذي أخرجه أبو نعيم وهو طريق تالف كما بينا آنفًا.
ملحوظة: وقع تصحيف في السند في تفسير ابن جرير حيث جاء اسم أبي صالح (زاذان مولى أم هانئ)، ويجب أن يصحح إلى (باذام مولى أم هانئ) كما في «التقريب» (1/93) وقال الحافظ ابن حجر: «ضعيف مدلس»، وقد عنعن فيزداد الطريق ضعفًا على ضعفه.
5 ـ وأخرج القصة ابن أبي حاتم في «التفسير» (5/1686) (ح1994) من نفس الطريق الواهي الذي أخرجه أبو نعيم من طريق ابن إسحاق من حديث مجاهد عن ابن عباس ويظهر فيه التدليس والاضطراب.
6 ـ وأخرجه البيهقي في «الدلائل» عن محمد بن إسحاق من نفس الطرق التي بينا ضعفها من مدلسين ومجهولين وكذابين ومتروكين.
بدائل صحيحة:
ولقد بين الإمام البخاري الصحيح في هجرة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وذكر قصة الهجرة في أكثر من أربعين سطرًا في الحديث رقم (3905) من حديث عائشة رضي الله عنها، وفي الحديث رقم (3906) من حديث سراقة بن جعشم.
وبوَّب الإمام البخاري بابًا بعنوان «هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة الباب رقم (45) من كتاب «مناقب الأنصار»، وفي هذه القصص الصحيحة الغنى عن هذه القصص الواهية.
و الله من وراء القصد.

منقول… للتحذير من هذه القصص الضعيفة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد جديدي التبسي الجيريا

أبو بكر رضي الله عنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم والدليل آية من كتاب الله "إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا …"

البقية الله أعلم

بارك الله فيك اخي على المعلومة وجزاك الله خيرا

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ألم الفراق الجيريا

وعليكِ السّلام ورحمة الله وبركاته
هذه القصة ليست صحيحة أختي
قال الشيخ الألباني رحمه الله في " الضعيفة " (3/339) :
واعلم أنه لا يصح حديث في العنكبوت والحمامتين على كثرة ما يذكر ذلك في بعض الكتب والمحاضرات التي تلقى بمناسبة هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، فكن من ذلك على علم .ا.هـ.

وقال الشيخ العثيمين رحمه الله في لقاء الباب المفتوح عدد229
السؤال
هل عش العنكبوت والحمامتين وارد يوم اختفى الرسول صلى الله عليه وسلم في غار ثور؟

الجواب
لا، يذكر المؤرخون: أن النبي صلى الله عليه وسلم حين اختفى في غار ثور عششت عليه العنكبوت ووقعت الحمامة على غصن شجرة
وهذا كذب لا صحة له ، ولا فيه آية للرسول عليه الصلاة والسلام ينقل، أي إنسان تعشش العنكبوت وتكون حوله حمامة إذا رآه من يراه يقول: ما في أحد، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام أعمى الله أبصارهم عنه ولهذا قال أبو بكر : [ يا رسول الله! لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصرنا ] لأنه لا يوجد مانع، فالعنكبوت والحمامة لا صحة لذكرهما عند اختفاء النبي صلى الله عليه وسلم في غار ثور، ولهذا يحترم كثير من الناس العنكبوت، يقول: لا تقتلها؛ لأنها عششت على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كان الوزغ يُقتل؛ لأنه كان ينفخ في النار على إبراهيم فهذه تكرم فنقول: لا، العنكبوت تقتل إذا آذت مثل غيرها، وهي تؤذي بعض الأحيان تعشش على الكتب وعلى الجدار فتقتل، بل في حديث لكنه ضعيف الأمر بقتل العنكبوت.

من قال هذا؟
أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- من الأوائل الذين أسلموا وصدّقوا رسول الله، وهو الذي كان معه يوم هجرته في الغار، وهذه منقبة من مناقبه -رضي الله عنه-. وقد تفضل الأخ ووضع لكِ الآية الدالة على ذلك.

أنشودة طلع البدر علينا لم تثبت أختي
وراجعي هنا

وكذلك قصة بروك الناقة
راجعي هذا الرابط سيُفيدك أختي
هنا
والله أعلم والله الموفق

بارك الله فيك اختي على المعلومة وجزاك الله خيرا

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مهاجر إلى الله الجيريا
بارك الله في السائل والمجيب

نفع الله بكم

وفيك بارك الله

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الله 31 الجيريا

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته…
ان الهجرة النبوية الشريفة كانت فاصلا هاما في تاريخ الدعوة الإسلامية ,
و هى مليئه بالدروس و العبر الخالدة التي لا تنتهي . و قد امتلأت كتب السيرة و غيرها من الكتب بالكلام عن
الهجرة و أحداثها , و لكن وقع في الكثير منها بعض القصص التي اشتهرت بين الناس و هي في الحقيقة لا تثبت . و قد تكلم بعض العلماء في هذه القصص و بينوا ضعفها و عدم ثبوتها.
و قد جمعت ما استطعت من هذه القصص الواهية تحذيرا منها . ومن كان عنده إضافات أو ملاحظات أو قصص منتشرة أخرى فليضفها إثراءا للموضوع و دفاعا عن السنة النبوية الشريفة .
من هذه القصص :

1- قصة غناء بنات النجار ( طلع البدر علينا )
2- قصة تبول المشرك عند الغار
3- قصة بروك الناقة عند باب أبي أيوب الأنصاري الجيريا
4- قصة عنكبوت الغار و الحمامتين
5- قصة لطم أبي جهل لأسماء بنت أبي بكر
6- قصة ثعبان الغار
7- قصة أبي طالب في الهجرة ووصيتة للنبي الجيريا
8- قصة مبيت علي الجيريا في فراش النبي الجيريا


و سوف أقوم بنقل تفاصيل كل قصة و كلام العلماء عليها تباعا إن شاء الله تعالى .

1- قصة غناء بنات النجار ( طلع البدر علينا )

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 63 ) :

لما قدم المدينة جعل النساء و الصبيان و الولائد يقلن :
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع " .

ضعيف . رواه أبو الحسن الخلعي في " الفوائد " ( 59 / 2 ) و كذا البيهقي في
" دلائل النبوة " ( 2 / 233 – ط ) عن الفضل بن الحباب قال : سمعت عبد الله بن
محمد بن عائشة يقول فذكره . و هذا إسناد ضعيف رجاله ثقات ، لكنه معضل سقط من
إسناده ثلاثة رواة أو أكثر ، فإن ابن عائشة هذا من شيوخ أحمد و قد أرسله . و
بذلك أعله الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 2 / 244 ) . ثم قال البيهقي
كما في تاريخ ابن كثير ( 5 / 23 ) : " و هذا يذكره علماؤنا عند مقدمه المدينة
من مكة لا أنه لما قدم المدينة من ثنيات الوداع عند مقدمه من تبوك " . و هذا
الذي حكاه البيهقي عن العلماء جزم به ابن الجوزي في " تلبيس إبليس " ( ص 251
تحقيق صاحبي الأستاذ خير الدين وانلي ) ، لكن رده المحقق ابن القيم فقال في "
الزاد " ( 3 / 13 ) : و هو وهم ظاهر لأن " ثنيات الوداع " إنما هي ناحية الشام
لا يراها القادم من مكة إلى المدينة و لا يمر بها إلا إذا توجه إلى الشام " .
و مع هذا فلا يزال الناس يرون خلاف هذا التحقيق ، على أن القصة برمتها غير
ثابتة كما رأيت ! ( تنبيه ) : أورد الغزالي هذه القصة بزيادة : " بالدف و
الألحان " و لا أصل لها كما أشار لذلك الحافظ العراقي بقوله : " و ليس فيه ذكر
للدف و الألحان " . و قد اغتر بهذه الزيادة بعضهم فأورد القصة بها ، مستدلا على
جواز الأناشيد النبوية المعروفة اليوم ! فيقال له : " أثبت العرش ثم انقش " !
على أنه لو صحت القصة لما كان فيها حجة على ما ذهبوا إليه كما سبقت الإشارة
لهذا عند الحديث ( 579 ) فأغنى عن الإعادة

——————————————————————————————–

و قال أيضا في " الضعيفة " ( 21-23/ 14):

[ قال الحافظ في "الفتح" (4/262):
"وهو سند معضل، ولعل ذلك كان في قدومه من غزوة تبوك".
وإن مما يؤكد نكارة ذكر الدفوف في قصة إستقباله صلى الله عليه وسلم قول البراء بن عازب
رضي الله عنه :
ثم قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول
الله صلى الله عليه وسلم ، حتى جعل الإماء يقُلن: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
رواه البخاري (3925) وغيره، وهو مخرج في "تخريج فقه السيرة" (ص 169-
دار القلم).
ومثله حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
إِنِّي لَأَسْعَى فِي الْغِلْمَانِ يَقُولُون: جَاءَ مُحَمَّدٌ فَأَسْعَى فَلَا أَرَى شَيْئًا ثُمَّ
يَقُولُونَ جَاءَ مُحَمَّدٌ فَأَسْعَى فَلَا أَرَى شَيْئًا قَالَ حَتَّى جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَصَاحِبُهُ أَبُو بَكْرٍ فَكُنَّا فِي بَعْضِ حِرَارِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ بَعَثَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
لِيُؤْذِنَ بِهِمَا الْأَنْصَارَ فَاسْتَقْبَلَهُمَا زُهَاءَ خَمْسِ مئة مِنْ الْأَنْصَارِ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَيْهِمَا
فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ انْطَلِقَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبُهُ بَيْنَ
أَظْهُرِهِمْ فَخَرَجَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ حَتَّى إِنَّ الْعَوَاتِقَ لَفَوْقَ الْبُيُوتِ يَتَرَاءَيْنَهُ يَقُلْنَ أَيُّهُمْ
هُوَ أَيُّهُمْ هُوَ قَالَ فَمَا رَأَيْنَا مَنْظَرًا مُشْبِهًا بِهِ يَوْمَئِذٍ.
قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَوْمَ دَخَلَ عَلَيْنَا وَيَوْمَ قُبِضَ فَلَمْ أَرَ يَوْمَيْنِ
شبيهاً بِهِمَا.
أخرجه البخاري في "التاريخ الصغير" (ص 6-هندية)، والبيهقي في
"الدلائل" (2/507)، وأحمد (3/222) من طريق سليمان بن المغيرة عن
ثابت عن أنس. وأخرجه أحمد (3/122) من طريق آخر عن ثابت مختصراً.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وسكت عنه الحافظ في
"الفتح" (7/251) رضىً به – كما في قاعدته -.
وتابعه عبد العزيز بن صهيب عن أنس به نحوه مطولاً.
أخرجه البخاري (3911)، وأحمد (3/211).
والمقصود، أن هذه الأحاديث الصحيحة تؤكد نكارة ذكر الدفوف والغناء
في حديث الترجمة ونحوه.
(تنبيه): عزا الحافظ في "الفتح" حديث الترجمة في موضعين منه (7/
245، 261) إلى الحاكم، وسبقه إلى ذلك الحافظ ابن كثير، ولكنه قرنه بتحفظ
غريب غير معتاد، فقال بعدما ساقه من رواية البيهقي بإسناده (3/200):
"هذا حديث غريب من هذا الوجه، لو يروه أحد من أصحاب "السنن" وقد
أخرجه الحاكم – كما يروى -"!
فقوله: "كما يروى" لعله يعني رواية البيهقي عنه، وحينئذ فلا فائدة تذكر م
نه. وعلى كل حال، فهذا القول- أو القيد – منه خير من إطلاق الحافظ عزوه
للحاكم، لأنه يوهم أنه في "مستدركه" وليس فيه، ثم إنه سكت عنه، فأوهم
حسنه على الأقل عنده، وليس كذلك -كما تقدم- . ولقد كان هذا من الدواعي على إخراجه، والكشف عن علته، واقترن مع ذلك الاستطراد لذكر أحاديث
صحيحة تدل على نكارته. والله ولي التوفيق.

2- قصة تبول المشرك عند الغار

قال الشيح علي حشيش [ في العدد ( 421 ) من مجلة التوحيد ( ص 53 ) ] :

أولاً: المتن:
يُروى عن أبي بكر – رضي الله عنه – أنه قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى اسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَوْرَتِهِ يَبُولُ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلَيْسَ الرَّجُلُ يَرَانَا ؟ قَالَ : لَوْ رَآنَا لَمْ يَسْتَقْبِلْنَا بِعَوْرَتِهِ ، يَعْنِي وَهُمَا فِي الْغَار .
ثانيًا: التخريج:
الحديث أخرجه أبو يعلى في «مسنده» (1/46) (ح46) قال: حدثنا موسى بن حيان حدثنا عُبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، حدثنا موسى بن مُطير، حدثني أبي، عن عائشة رضي الله عنها قالت: حدثني أبو بكر – رضي الله عنه – قال: فذكر حديث القصة.

ثالثًا التحقيق:
هذا الخبر الذي جاءت به القصة (باطل) والقصة واهية.
وفيها علتان:
الأولى: موسى بن مُطَيْر:
1- أخرج العقيلي في «الضعفاء الكبير» (4/163/1734) عن يحيى بن معين قال: «موسى بن مطير كذاب».
2- أورده النسائي في «الضعفاء والمتروكين» برقم (555) وقال: «موسى بن مطير منكر الحديث».
3- أورده الدارقطني في «الضعفاء والمتروكين» برقم (513) وقال: «موسى بن مطير،كوفي عن أبيه، ومطير أبوه لا يُعرف إلا به».
قلت: وقد يتوهم من لا دراية له بعلم الجرح والتعديل أن الدارقطني سكت عنه ولا يدري أنه بمجرد ذكر اسم موسى بن مطير في كتاب «الضعفاء والمتروكين» للدارقطني
يجعل موسى بن مطير من المتروكين، حيث قال البرقاني: «طالت محاورتي مع ابن حمكان للدارقطني عفا الله عني وعنهما في المتروكين من أصحاب الحديث فتقرر بيننا وبينه على ترك من أثبته على حروف المعجم في هذه الورقات». كذا في «مقدمة الضعفاء والمتروكين» للدارقطني.
4- أورده الإمام ابن أبي حاتم في «كتاب الجرح والتعديل» (8/162/717) وقال:
أ- «موسى بن مطير روى عن أبيه عن أبي هريرة وعائشة. روى عنه أبو داود الطيالسي وخلف بن تميم وأبو يوسف صاحب الرأي».
ب- وقال: «قرئ على العباس بن محمد الدوري عن يحيى بن معين أنه قال: موسى بن مطير كذاب».
جـ- وقال: سألت أبي عن موسى بن مطير فقال: «متروك الحديث ذاهب الحديث».
5- وأورده ابن حبان في «المجروحين» (2/242) وقال: «موسى بن مطير كان صاحب عجائب ومناكير لا يشك المستمع أنها موضوعة إذ كان هذا الشأن صناعته».
6- وأورده الإمام الذهبي في «الميزان» (4/223/8928) حيث قال: «موسى بن مطير، عن أبيه، وعنه أبو داود الطيالسي: واهٍ».
7- وأقره الحافظ ابن حجر في «اللسان» (6/153) (1903/8688) وزاد عما ذكره الذهبي في «الميزان»: أن أحمد قال: ضعيف، ترك الناس حديثه، وذكره العقيلي في الضعفاء وقال العجلي: كوفي، ضعيف الحديث، ليس بثقة.
الثانية: مطير بن أبي خالد: أورده الإمام ابن أبي حاتم في كتابه «الجرح والتعديل» (8/394/1805) وقال: «مطير
بن أبي خالد روى عن أبي هريرة وعائشة وثابت البجلي وروى عنه عوسجة وابنه موسى بن مطير وعلي بن هاشم بن البرير وقال: «سألت أبا زرعة عنه فقال: ضعيف الحديث».
وقال: «سألت أبي عنه فقال: متروك الحديث».
وأقره الذهبي في «الميزان» (4/129/8587).

3- قصة بروك الناقة عند باب أبي أيوب الأنصاري الجيريا

روي ذلك عن أنس و عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهم – :

1- عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال : " قال أهل المدينة لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ادخل المدينة راشدا مهديا ، قال : فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة فخرج الناس ينظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما مر على قوم قالوا : يا رسول الله هاهنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعوها فإنها مأمورة يعني ناقته حتى بركت على باب أبي أيوب الأنصاري " [ أخرجه ابن عدي في " الكامل " (2/424 ) و ابن القيسراني في "ذخيرة الحفاظ " ( 3/1659 ) و قالا : باطل ]

2- عن أنس الجيريا قال : « قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، فلما دخل المدينة جاءت الأنصار برجالها ونسائها ، فقالوا : إلينا يا رسول الله فقال : » دعوا الناقة فإنها مأمورة « ، فبركت على باب أبي أيوب قال : فخرجت جوار من بني النجار يضربن بالدفوف وهن يقلن : نحن جوار من بني النجار يا حبذا محمد من جار فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : » أتحبوني ؟ « فقالوا : إي والله يا رسول الله قال : » وأنا والله أحبكم ، وأنا والله أحبكم ، وأنا والله أحبكم « "
[ أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (2/508) ] [ منكر – الضعيفة (6508) ]

قال الألباني في التعليق على هذا الحديث في السلسلة الضعيفة (22/ 14):
[ ويمكن أن يقال مثل ذلك في قصة الناقة، وبخاصة في بروكها على باب أبي
أيوب، فإن المعروف في كتب السيرة، أنها بركت حين أتت دار بني مالك بن
النجار على باب مسجده صلى الله عليه وسلم ، وهو يومئذ مربد لغلامين يتيمين من بني النجار،
هكذا ساقه ابن هشام في "السيرة" (2/112-113) عن ابن اسحاق معضلاً
بدون إسناد مطولاً، وفيها تكرار جملة: "خلوا سبيلها، فإنها مأمورة" كلما مر صلى الله عليه وسلم بدارٍ من دور الأنصار، وقالوا له: أقم عندنا في العدد والعُدّة والمنعة. ومن رواية ابن إسحاق هذه ساقها بطولها ابن كثير في "البداية" (3/198 – 199) ولم يسندها. ] ا.ه

قلت : فكل ما ثبت في ذلك هو ما رواه البخاري في ( بَاب هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ ) من حديث أنس بن مالك الجيريا و فيه {….. فَقِيلَ فِي الْمَدِينَةِ جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَشْرَفُوا يَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ فَأَقْبَلَ يَسِيرُ حَتَّى نَزَلَ جَانِبَ دَارِ أَبِي أَيُّوبَ ….} , و في ( بَاب مَقْدَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ الْمَدِينَةَ ) عن أنس : { …. وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفَهُ وَمَلَأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ ….} رواه أيضا مسلم و أبو داود و النسائي و غيرهم من حديث أنس بن مالك الجيريا .
– و عند ابن هشام في "السيرة" (2/112-113) :
[ مَبْرَك نَاقَتهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِدَارِ بَنِي مَالِكِ بْنِ النّجّارِ ]
حَتّى إذَا أَتَتْ دَارَ بَنِي مَالِكِ بْنِ النّجّارِ ، بَرَكَتْ عَلَى بَابِ مَسْجِدِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهُوَ يَوْمئِذٍ مِرْبَدٌ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ مِنْ بَنِي النّجّارِ ، ثُمّ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ النّجّارِ ، وَهُمَا فِي حِجْرِ مُعَاذِ بْنِ عَفْرَاءَ ، سَهْلٍ وَسُهَيْلٍ ابْنَيْ عَمْرٍو . فَلَمّا بَرَكَتْ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَيْهَا لَمْ يَنْزِلْ وَثَبَتَ فَسَارَتْ غَيْرَ بِعِيدٍ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَاضِعٌ لَهَا زِمَامَهَا لَا يَثْنِيهَا بِهِ ثُمّ الْتَفَتَتْ إلَى خَلْفِهَا ، فَرَجَعَتْ إلَى مَبْرَكِهَا أَوّلَ مَرّةٍ فَبَرَكَتْ فِيهِ ثُمّ تَحَلْحَلَتْ وَزَمّتْ وَوَضَعَتْ فَنَزَلَ عَنْهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَاحْتَمَلَ أَبُو أَيّوبَ خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ رَحْلَهُ فَوَضَعَهُ فِي بَيْتِهِ وَنَزَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَسَأَلَ عَنْ الْمِرْبَدِ لِمَنْ هُوَ ؟ فَقَالَ لَهُ مَعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ : هُوَ يَا رَسُولَ اللّهِ لِسَهْلٍ وَسُهَيْلٍ ابْنَيْ عَمْرٍو ، وَهُمَا يَتِيمَانِ لِي ، وَسَأُرْضِيهِمَا مِنْهُ فَاِتّخِذْهُ مَسْجِدًا.

يتبع إن شاءالله…

بارك الله فيك اخي على المعلومات وجزاك الله خيرا

الغش وأضراره 2024.

الغش يمحق البركة ويجرئ الظلمة

لقد ذمَّ الله عز وجل الغش وأهله في القرآن وتوعدهم بالويل، ويُفهم ذلك من قوله تعالى:{وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ . الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ . وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ}(المطففين:1-3).

فهذا وعيد شديد للذين يبخسون ـ ينقصون ـ المكيال والميزان، فكيف بحال من يسرقها ويختلسها ويبخس الناس أشياءهم؟! إنه أولى بالوعيد من مطففي المكيال والميزان.

وقد حذر نبي الله شعيب عليه السلام قومه من بخس الناس أشياءهم والتطفيف في المكيال والميزان كما حكى الله عز وجل ذلك عنه في القرآن.

الإستماع للقرآن الكريم من دون تحميل 2024.

الجيرياالآن بإمكانك الإستماع للقرآن الكريم من دون تحميل أي ملفات صوتية لأكثر من 60 قارئ كل ما عليك عمله هو تحميل المصحف الإلكتروني و الإستمتاع بالإستماع للقرآن الكريم

https://khadejah.net/Arabic/download.php?platform=win&token=b0f082238666708611 02c8b561c74070〈=ara

أين الردود

الجيريا

الجيريا

الجيريا

الجيريا

الجيريا

ி ιllιl رمضًــــآن كــَريـــمَ (( ^_^ ))

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة fatimazahra2016 الجيريا
الجيريا

الجيريا

الجيريا

الجيريا

الجيريا

ி ιllιl رمضًــــآن كــَريـــمَ (( ^_^ ))

شكرا جزيلا على الرد الجميل

الجيريا

الجيريا

بارك الله فيك وجزاك خير الجزاء

هل تعلم حكمة الله من تحريم مصافحة الرجال للنساء ؟ 2024.

قالوا: ماذا لو صافحت المرأة الرجل؟
قال علم التشريح:
هناك خمسة ملايين خلية في الجسم تغطي السطح..
كل خلية من هذه الخلايا تنقل الأحاسيس؛
فإذا لامس جسم الرجل جسم المرأة سرى بينهما اتصال يثيرالشهوة.
وأضاف علم التشريح: حتى أحاسيس الشم،
فالشم قد ركب تركيباً يرتبط بأجهزة الشهوة؛
فإذا أدرك الرجل أو المرأة شيئاً من الرائحة سرى ذلك في أعصاب الشهوة،
وكذلك الأستماع….. وأجهزة السمع مرتبطة بأجهزة الشهوة،
فإذا سمع الرجل أو سمعت المرأة مناغمات من نوع معين فانه يحدث نوع من
الكلام المتصل بهذه الأمور
أو يكون لين في الكلام من المرأة فإن كله يترجم ويتحرك إلى أجهزة الشهوة!
ومنهم من يقرأ الحرف فيأتي يهز بذيله متقمصا ثوب شهامه
ولو كان يملكها ما فعل
وهذا كلام رجال التشريح المادي من الطب
يبينونه ويدرسونه تحت أجهزتهم وآآآآآلاتهم
ونحن نقول :
نقول سبحان الله الحكيم الذي صان المؤمنين والمؤمنات
فأغلق عليهم منافذ الشيطان وطرق فساده.
.والله أعلم
قال تعالى :
( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) صدق الله العظيم والله أعلى وأعلم
منقول

بارك الله فيك أخي على المعلومات القيمة
خاصة عن المصافحة لأن كثيرات في محيطي تعتبرها من الأدب
فتصافح احداهن مديرها وتتفاخر أمام الملأ بحسن تربيتها
هدانا الله واياكم
تحياتي لك

بسم الله الرحمان الرحيم .
والصلاة والسلام على رسولنا صل الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
معلومة قيمة مشكور عليها قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"
لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط أي بنحو إبرة أو مسلة بكسر أوله وفتح ثالثه من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له"

نصيحـةٌ إلـى صحفـيٍّ مسلـمٍ .للشيخ العلامة الوالد أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نصيحةٌ
إلى صحفيٍّ مسلمٍ

للشيخ العلامة الوالد أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فقَدْ تقدَّم في كلماتٍ شهريةٍ سابقةٍ التعرُّضُ إلى جملةٍ مِن شرائح الأمَّة بالنصيحة والتوجيه: مِن نصيحةٍ لمن وقع في بعض
الشركيات، ونصيحةٍ إلى مقيمٍ في بلاد الكفر، ونصيحةٍ إلى الزوجين موسومةٍ ﺑ«المعين في بيان حقوق الزوجين»،
ونصيحةٍ توجيهيةٍ بين يدي الحاجِّ والمعتمر، ونصيحةٍ إلى المرشد الدينيِّ للحاجِّ، ونصيحةٍ إلى طبيب مسلمٍ ضمن ضوابط شرعية
يلتزم بها في عيادته، وضوابطِ نصيحة أئمَّة المسلمين [حكَّامًا وعلماء]، ومسلك النصيحة وقيود الالتزام التربوي
ونصيحةٍ للتاجر، ونصيحةٍ لمن يسوِّف التوبة، ونصيحةٍ لمبتدئٍ في الاستقامة، ونصيحةٍ لمستقيمٍ في وسطٍ عائليٍّ منحرفٍ
ونصيحةٍ إلى متردِّدٍ بين الارتقاء في طلب العلم أو الزواج، ونصيحةٍ لمن تؤخِّر زواجها، ونصيحةٍ للمرأة التي توفِّي ولدُها
الصغير، ونصيحةٍ إلى أصحاب التسجيلات الإسلامية، وقد رأيتُ أنَّ ما يقتضيه واجبُ النصيحة للخَلْق هو أنْ أضيفَ إلى القائمة
السابقة نصيحةً لممتهِن الصحافة المسلم عامَّةً، منطوقةً كانت أو مكتوبةً، مِن غير تخصيصِ بلدٍ دون آخَرَ عملًا بقوله صلَّى الله
عليه وسلَّم: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ»، قُلْنَا: «لِمَنْ؟» قَالَ: «للهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ»(١).

والمعلوم أنَّ وسيلة الصحافة الإعلامية كانت بأيدي الصحفيين والكتَّاب مِن اليهود والنصارى منذ زمن نشأتها، واستُغِلَّتْ إلى
أمدٍ بعيدٍ للتأثير على الأفراد والمجتمعات المسلمة بشتَّى أنواع التأثيرات المُغْرِية والدعوات الهدَّامة، والتي ترمي ـ في آخر
المطاف ـ إلى تحطيم الدين الإسلاميِّ في جانبه العقديِّ والأخلاقيِّ واللغويِّ، وهذه الجوانب الثلاثة ترجع ـ جميعًا ـ إلى الجانب الأوَّل
ذلك لأنَّ هَدْمَ الخُلُق إنما هو هدمٌ للدين في جانبه الأخلاقيِّ، وهَدْمَ اللغة ليس إلَّا هدمًا للدين الإسلاميِّ في لغة المسلمين التي
يتعبَّدون اللهَ بها وألَّف اللهُ قلوبَهم عليها، ثمَّ ما لبث أن سَلَكَتْ هذه الوسيلةُ الإعلامية نَفْسَ الاتِّجاه والبُعد بما وَرِثَه عنهم أبناءُ
أمَّتنا المرتمون في أحضان الغرب مِن العلمانيين والملحدين وإخوانهم مِن أصحاب المناهج الهدَّامة المناوئة للإسلام، التي ترمي
ـ في تحقيق أهدافها بوسيلة الصحافة ـ إلى تهوين أثر الإسلام في النفوس وتفتيت قوَّته ووحدته التي استعصت على أعداء
الإسلام لقرونٍ طوالٍ، تتصيَّد مواطنَ الشُّبَه ومواضعَ الغموض والالتباس في الشريعة وفي حياة النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم
وحياةِ صحابته الكرام ومَن تبعهم مِن سلفنا الصالح ليَفتنوا بها الأغرارَ الذين لم يتحصَّنوا بالقَدْر اللازم مِن علوم الإسلام
والسنَّة حتَّى يتسنَّى لهم أن يفهموا وجهَ الحقِّ والمصلحة الشرعية فيها، وهكذا يدسُّون الباطلَ في مقالاتهم وعباراتهم بما يشبه
لونَ الحقِّ ليُضِلُّوا الأحداثَ والرأي العامَّ عن سواء السبيل، وفاضت الصحفُ والمجلَّاتُ بالتشكيك والتهوين والتلبيس، وعمَّتْ
صفحاتُها بالإشادة بالعلوم الغربية والعلمانية، والتنويهِ بحرِّيَّة الفكر والمعتقَد، وحرِّيَّةِ المرأة، والتحرُّرِ مِن عبودية التقليد والاتِّباع
والدعوةِ إلى الانضواء تحت شعارات الأنظمة الغربية مِن الديمقراطية والاشتراكية والليبرالية ونحوها، ووضعِ ثوابت الأمَّة
الشرعية موضعَ النقد والمناقشة، وهي ترفع مِن شأنِ مَن يُفْتيهم في الدين بما يلائم مقاصدَهم وطموحاتهم وأهواءهم، وتصفُ
منهجَهم بالتحرُّر ومرونة التفكير والتقدُّمية وسَعَة الأفق، في حين تصف مواقفَ الملتزمين بحدود الشرع الذين لا يجعلونه تبعًا
للشهوات والأهواء بالجمود والتزمُّت والتشدُّد والرجعية وما إلى ذلك مِن الألقاب التي اتُّخذَتْ ـ بعدها ـ طريقًا للتضييق والتقزيم
بحسب الظروف وتعاقُب الأزمان.

ولا يزال الإسلام يُبتلى بمن يناصبه العداوةَ في جهلٍ وغرورٍ مِن دعاة تلميع الباطل وترويجِ الإلحاد إلى يوم الناس هذا، والحمد
لله الذي قيَّض لهذه الأمَّةِ رجالًا أُمَناءَ مِن أهل السنَّة يدافعون عن الحقِّ ويذبُّون عن السنَّة، ويكشفون مَكْرَ أهل الباطل ومكايدَهم
ويرفعون الغطاءَ عن سرائرهم وما تخفي صدورُهم وما تضمر قلوبُهم، فيقعدون لهم ولِما يروِّجونه مِن فسادٍ وإفسادٍ كلَّ
مَرْصَدٍ، فيقطعون عنهم ـ فيما وَسِعَهم ـ حَبْلَ إغوائهم ويحفظون الأمَّةَ مِن عدوى أمراضهم، فيذهب باطلُهم زاهقًا، وتبقى كلمةُ
الله هي العليا.

فلهذه الأسباب كان مِن أولوية ما يُنصح به الصحفيُّ المسلم:

أوَّلًا: أن يجتنب العملَ في الصحف والمجلَّات المناوئة للإسلام القائمةِ على بثِّ الإلحاد والتشكيك في عقيدة المسلمين ونشرِ
فتن الشبهات وزرعِ الفرقة بالطعن في قضايا الإسلام وأحكامه، وعرضِ ثوابته العظام على مائدة الجدل والمناقشة والنقد
للانتهاء إلى النقض، خدمةً لأعداء الإسلام والدين، وتحسينِ الباطل وتقبيح الحقِّ، التي تحارب الإسلامَ وتطعن في السنَّة، وتنال
مِن مظاهر الحاملين لشعارها هديًا ظاهرًا ومعتقَدًا راسخًا بأساليبَ متنوِّعةِ المسالك فتجذب كثيرًا مِن الأحداث والأغرار الذين
يعانون مِن فُشُوِّ الجهل وضحالة العلم وقلَّة البضاعة فيه، وخاصَّةً إذا كانت مصادرُ تمويلِ هذه الصحف محرَّمةً أو مشبوهةً.

هذا، وفي مَعْرِض تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: ١٤٥]
يقول الشوكانيُّ ـ رحمه الله ـ: «فيه مِن التهديد العظيم والزجرِ البليغ ما تقشعرُّ له الجلودُ وتَرْجُفُ منه الأفئدةُ، وإذا كان الميلُ
إلى أهوية المخالِفين لهذه الشريعة الغرَّاءِ والملَّةِ الشريفة مِن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ـ الذي هو سيِّدُ ولدِ آدم ـ يوجب
عليه أن يكون ـ وحاشاه ـ مِن الظالمين؛ فما ظنُّك بغيره مِن أمَّته؟ وقد صان الله هذه الفِرْقة الإسلامية بعد ثبوت قَدَمِ الإسلام
وارتفاعِ مَناره عن أن يميلوا إلى شيءٍ مِن هوى أهل الكتاب، ولم تبق إلَّا دسيسةٌ شيطانيةٌ ووسيلةٌ طاغوتيةٌ، وهي ميلُ بعضِ
مَن تحمَّل حُجَجَ الله إلى هوى بعضِ طوائفِ المبتدعة، لِما يرجوه مِن الحُطام العاجل مِن أيديهم أو الجاهِ لديهم إن كان لهم في
الناس دولةٌ أو كانوا مِن ذوي الصولة، وهذا الميلُ ليس بدون ذلك الميل، بل اتِّباعُ أهوية المبتدِعة تشبه اتِّباعَ أهوية أهل الكتاب
كما يشبه الماءُ الماءَ، والبيضةُ البيضةَ، والتمرةُ التمرةَ، وقد تكون مفسدةُ اتِّباع أهوية المبتدِعة أشدَّ على هذه الملَّة مِن مفسدة
اتِّباع أهوية أهل المِلَل؛ فإنَّ المبتدعة ينتمون إلى الإسلام، ويُظهرون للناس أنهم ينصرون الدينَ ويتَّبعون أحسَنَه، وهم
على العكس مِن ذلك الضدُّ لِما هنالك، فلا يزالون ينقلون مَن يميل إلى أهويتهم مِن بدعةٍ إلى بدعةٍ ويدفعونه مِن شنعةٍ إلى شنعةٍ
حتَّى يسلخوه مِن الدين ويُخرجوه منه، وهو يظنُّ أنه منه في الصميم، وأنَّ الصراط الذي هو عليه هو الصراط المستقيم
هذا إن كان في عِداد المقصِّرين ومِن جملة الجاهلين، وإن كان مِن أهل العلم والفهم المميِّزين بين الحقِّ والباطل كان في اتِّباعه
لأهويتهم ممَّن أضلَّه اللهُ على علمٍ وخَتَم على قلبه، وصار نقمةً على عباد الله ومصيبةً صبَّها اللهُ على المقصِّرين، لأنهم يعتقدون أنه
في علمِه وفهمه لا يميل إلَّا إلى حقٍّ، ولا يتَّبع إلَّا الصوابَ، فيَضِلُّون بضلاله؛ فيكونُ عليه إثمُه وإثمُ مَن اقتدى به إلى
يوم القيامة»(٢).

ويُلحق بها دعوى الجاهلية بنشر الأبراج وضروب الكهانة فهو مِن التعاون الآثم المنهيِّ عنه بنصِّ قوله تعالى:
﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: ٢].

ثانيًا: أن يتجنَّب العملَ في الصحف السافلة والمجلَّات الهابطة القائمة على إثارة الشهوات وإشاعة الفاحشة وتناوُل
الأعراض، والتي تعتمد في نشرها على كشف العورات والدعايةِ للمحرَّمات ونشرِ الفضائح في المجتمع وانتهاكِ الحُرُمات
وتوسيعِ دائرة الرذيلة باللهو والمجون والقصص المثيرة وما لا فائدة منه، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي
الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النور: ١٩].

ثالثًا: أن يعمل في الصحف والمجلَّات الجادَّة والمستقيمة الهادفة القائمة على نشر الفضيلة في المجتمع والأخبار الصادقة
والنافعة، وتعريفِ المسلمين بدينهم الحقِّ وتبصيرهم بأمور دنياهم، ودعوتِهم إلى العمل بأحكام الإسلام وتعاليمه
العظام، والتحلِّي بأخلاقه وفضائله وآدابه، وتقريبِهم مِن منهل الإسلام الصافي، وتحذيرِ المسلمين مِن قبائح المنهيَّات على
مختلف مظاهرها ورواسب الأفكار الدخيلة والمعتقَدات الفاسدة التي شوَّهَتْ جمالَ الإسلام وحالَتْ دون تقدُّم المسلمين
وهذا يتطلَّب
مِن الصحفيِّ المسلم:

١ـ أن يحرص على معرفة دينه معرفةً تمكِّنه مِن رفع الجهل عن نفسه، وحفظِ شريعة الله بالتعلُّم، والعمل بما حَفِظ وضَبَط
فالعلم الشرعيُّ ـ مِن حقائق الإسلام عقيدةً وشريعةً ـ واجبٌ على أعيان المسلمين، لا يَسَعُ المسلمَ جهلُه لقوله صلَّى الله عليه
وسلَّم: «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ»(٣).

كما يجب أن يتعلَّم ما لا يَسَعُه جهلُه مِن شرائعِ الإسلام وحقائقه فيما يتعلَّق بعمله وتخصُّصه: إحاطةً واستقامةً ليكونَ ـ بما آتاه اللهُ
مِن العلم النافع ـ على درايةٍ كافيةٍ بالتشويهات الفكرية والعقدية والسلوكية الجارية في محيط أمَّتنا الذي يشهد عدوانًا على
ثوابتِ الإسلام عقيدةً وشريعةً، وتطاولًا غيرَ مسبوقٍ على سيادة شريعة الله.

٢ـ أن يحرص ـ في تحليلاته للوقائع والآراء والحكم عليها ـ على أن يتَّخذ كتابَ الله وسنَّةَ رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم ميزانًا
للقبول والردِّ؛ لأنَّ أقوال الرجال وآراءَهم وأفكارهم المُرْسَلة المجرَّدةَ عن السند والدليل ليست مقياسًا للحكم والمعتقَد
بل بالوحيَيْن تُوزَن الاعتقاداتُ والأقوال والأعمال، وبهما يحصل التمييزُ بين الحقِّ والباطل، والهدى والضلال، والخطإ
والصواب، وما سواهما مِن آراء البشر وأقوالهم واجتهاداتهم إنما تُعْرَض على الميزان الحقِّ وهو: الكتابُ والسنَّةُ الصحيحة
فإن حصلت الموافقةُ له والمطابقةُ أَخَذ بتلك الأقوال والآراء وأيَّدها ونَصَرها ووقف موقفًا شرعيًّا تُجاهها، وإن كانت الأخرى رُدَّت
على أصحابها مهما كان مستواهم العلميُّ ومنزلتُهم الأدبية عند الناس؛ لأن «الحقَّ يعلو ولا يُعلى عليه»، وكما قيل:
«اعْرِفِ الحقَّ تَعْرِفْ رجالَه».

وعند التعرُّض لبيان خصائص أهل السنة يقول ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ: «وهم يَزِنون بهذه الأصول الثلاثة [أي: الكتاب
والسنَّة وإجماع السلف الصالح] جميعَ ما عليه الناسُ مِن أقوالٍ وأعمالٍ باطنةٍ أو ظاهرةٍ ممَّا له تعلُّقٌ بالدين»(٤).

٣ـ الأمر الذي يستدعي مِن الصحفيِّ المسلم:

أ ـ أن يتمتَّع بحسِّ الناقد البنَّاء فينظر إلى مسائل الوقائع النازلة والمستجِدَّات ونحوِها نظرةً موضوعيةً قائمةً على تفكيرٍ حُرٍّ
ضمن حدود القواعد الإسلامية بما يتعرَّف عليه مِن مداركِ الشرع، يتحرَّر بها مِن قيود الحزبية الضيِّقة ومِن الجمود الفكريِّ
والتعصُّب المذهبيِّ والاحتجاج بتقليد الآباء؛ فإنَّ هذا يحول بين المرء وبين معرفةِ الحقِّ واتِّباعِه، ويسبِّب الفُرْقةَ فيفضي
إلى الإعراض عمَّا أنزل اللهُ وعدمِ الالتفات إليه اكتفاءً بتقليد الآباء والتعصُّب لرؤساء الأحزاب وأئمَّة المذاهب؛ فهذا شأن
المقلِّدين المتعصِّبين: يردُّون الحقَّ احتجاجًا بمذاهب آبائهم ومشايخهم وأئمَّتهم ورؤسائهم، كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ
اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾ [البقرة: ١٧٠].

ب ـ أن يتمتَّع بقوَّة الرأي المدعَّم بالحقائق، وأن تكون له رغبةٌ أكيدةٌ في الإصلاح والتغيير نحو الأفضل ضمن منظورٍ شرعيٍّ
غير متَّصفٍ ـ في مواقفه ونقده ـ بالتردُّد في الرأي والتلوُّن في المواقف؛ فإنَّ الإمَّعة هو الذي لا يثبت على شيءٍ لضعف رأيه
وقد روي عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا تَكُونُوا إِمَّعَةً، تَقُولُونَ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ
وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَا تَظْلِمُوا»(٥).

رابعًا: الكلمة ـ بلا شكٍّ ـ أمانةٌ ومسئوليةٌ، ومسئوليةُ الصحفيِّ تكمن في أداء عمله على جهة الالتزام بالأمانة العلمية والدقَّة في
النقل دون بَتْرٍ أو إخلالٍ أو اضطرابٍ محقِّقًا للموضوعية في طرح الموضوعات بإخلاصٍ وحُسْنِ نيَّةٍ بعيدًا عن ذاتية الصحفيِّ
لأنَّ ما نلاحظه في الواقع أنَّ الحقائق تأتي ـ تارةً ـ مشوَّهةً ومزيَّفةً ممزوجةً بافتراءاتٍ وأكاذيبَ لا أساس لها مِن الصحَّة
تتبلور شخصيةُ المخبر أو ذاتيةُ المحلِّل في طمس الحقيقة وتلميعِ الباطل وترويجه قَصْدَ التلبيس والإضلال؛ ذلك لأنَّ شخصية
الصحفيِّ محلُّ تأثيراتٍ مختلفةٍ تتولَّد عنه ردودُ أفعالٍ ذاتيةٌ موافِقةٌ لمزاجه أو مذهبه واتِّجاهاته، وتخضع غالبًا للتأثيرات النفسية
أو الحزبية أو للجهات الموالية لها أو لضغوطات الجهات المسئولة عنه، بغضِّ النظر عن الأبعاد أو الغايات التي يريد الوصولَ
إليها بهذه الأفعال.

هذا، وتتبلور ـ عادةً ـ التأثيراتُ النفسية أو الحزبية على شخصية الصحفيِّ، وتنعكس في تلميع صورة المنحرفين والمفلسين
والتشهيرِ بالمشبوهين والساقطين وأضرابهم، مِن خلال نشر صورهم المنافية للدين والخُلُق، واستضافتِهم والإشادة
بأعمالهم إسهامًا في نشر الرذيلة والحَجْر على الفضيلة.

وقد تأتي الحقائقُ ـ تارةً أخرى ـ ناقصةً أو مبتورةً نتيجةَ تقصيرٍ مِن الصحفيِّ في أداءِ مهنته على الوجه المطلوب أو لضعف
تكوينه المهنيِّ.

هذا، والذي ينبغي على الصحفيِّ الاتِّصافُ به هو: التخلُّصُ مِن العامل الشخصيِّ الذاتيِّ، مراعيًا في ذلك الإخلاصَ في أداء
الأمانة العلمية بكلِّ معانيها في محاولة الاقتراب قَدْرَ الإمكان مِن الموضوعية إذا ما توفَّرَتْ له المؤهِّلاتُ واستقامت معه الذاتُ.

خامسًا: الصحافة صناعةُ الصحفيِّ، وكثيرًا ما ينطلق بعضُ الكُتَّاب والصحفيِّين مِن تنزيه الذات وتزكيةِ النفس مِن منطلَق العُجْب والاستعلاء على الآخَر، والحطِّ مِن شأنه والتقليل مِن أهمِّيَّته ووزنِه في الأمَّة، أو تضخيم مثالبه وتهويل هَنَاته إذا وَجَدَ لذلك سبيلًا، فهو يرى نَفْسَه أنه قد وصل إلى مدارج الكمال ورتبة العصمة، فتراه أُحاديَّ النظرة والتحليل، لا يحتاج إلى الاستفادة مِن غيره، كما لا يحتاج إلى مَن يبصِّره بخطئه أو ينبِّهه على زلَّته أو يعرِّفه بموضع انحرافه، فكأنه يمتلك الحقيقةَ المطلَقة حالَ تحليله لقضايا الأمَّة وواقع مجتمعها، ويعتبر المخالِفَ دونه ولو كان أوثقَ منه علمًا وأرجحَ منه دليلًا وأصحَّ منه عقلًا، ولا يخفى أنَّ العُجْبَ والغرور مِن أعظمِ العوائق عن الكمال، ومِن أكبرِ المهالك في الحال والمآل، قال تعالى: ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾ [النجم: ٣٢]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ [الانفطار: ٦]، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ: شُحٌّ مُطَاعٌ وَهَوًى مُتَّبَعٌ وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ، وَثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ: خَشْيَةُ اللهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَالْقَصْدُ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَكَلِمَةُ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ»(٦).

سادسًا: على الصحفيِّ أن يتحلَّى بخُلُق الصدق في ممارسة مهنته ويتحاشى الكذبَ والإيهام والتلفيقَ والإشاعاتِ الباطلةَ
وترويجَ مادَّتها في المجتمع المسلم، خاصَّةً إذا ترتَّب عليها أذيَّةٌ وضررٌ؛ ذلك لأنَّ المسلم ـ حقًّا ـ لا يرى الصدقَ خُلُقًا حسنًا
فحَسْبُ، وإنما ينظر إليه على أنه مِن مكمِّلات إيمانه ومتمِّمات إسلامه، فلا يتَّصفُ بصبغة أهل الأهواء الذين يسمعون الأخبارَ
مِن غير الموثوق فيهم، ويعتمدون على نقلٍ قد لا يُعرف صاحبُه أو لا يُعرف حالُه، وفي هذا المعنى يقول ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ:
«وأمَّا أهلُ الأهواء ونحوُهم: فيعتمدون على نقلٍ لا يُعرف له قائلٌ ـ أصلًا ـ لا ثقةٌ ولا معتمَدٌ، وأهونُ شيءٍ ـ عندهم ـ الكذبُ
المختلَقُ، وأعلمُ مَن فيهم لا يرجع فيما ينقله إلى عمدةٍ، بل إلى سماعاتٍ عن الجاهلين والكذَّابين، ورواياتٍ عن أهل الإفك
المبين»(٧)، وقد جاءت النصوصُ الشرعية كثيرةً تأمر بالصدق وتحذِّر مِن آفة الكذب في القول والعمل ومِن الأخذ بقول
الكاذبين، ومِن ذلك: قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا
فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات: ٦]، قال السعدي ـ رحمه الله ـ: «الواجب ـ عند خبر الفاسقِ ـ التثبُّتُ والتبيُّنُ، فإن دلَّتِ الدلائلُ والقرائن
على صدقه عُمِل به وصُدِّق، وإن دلَّت على كَذِبِه كُذِّب ولم يُعْمَل به، ففيه دليلٌ على أنَّ خبر الصادق مقبولٌ، وخبرَ الكاذب مردودٌ
وخبرَ الفاسق متوقَّفٌ فيه كما ذَكَرْنا؛ ولهذا كان السلفُ يقبلون رواياتِ كثيرٍ مِن الخوارج المعروفين بالصدق ولو كانوا
فُسَّاقًا»(٨)، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: ١١٩]، وقولُه صلَّى الله عليه وسلَّم:
«عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ؛ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ
عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ؛ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ
حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا»(٩)، وقولُه صلَّى الله عليه وسلَّم:
«كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ»(١٠)، بل اعتبر النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم كَذِبَ الحديث مِن النفاق وآياتِه في قوله
صلَّى الله عليه وسلَّم: «آيَةُ المُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ»(١١).

علمًا بأنَّ الصدق يثمر ثمارًا حسنةً منها: راحةُ الضمير وطمأنينةُ النفس، بخلاف الكذب فلا يأتي إلَّا بالشكِّ والريبةِ وفقدانِ
الثقة وسقوطِ العدالة عند الناس، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «… فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الكَذِبَ رِيبَةٌ»(١٢).

سابعًا: ونختم هذه النصيحةَ بأن نحذِّر الصحفيَّ مِن الخوض في أعراض المسلمين والمسلمات، والوقوع في أذيَّتهم والإضرار
بذواتهم ومكانتهم بالخديعة والمكر، والسخرية والاحتقار، وسوءِ الظنِّ في أقوالهم ومواقفهم والتجسُّسِ عليهم، وحشدِ الهِمَّة
في تصيُّد العثرات والهفوات والسقطات مِن غيرِ العناية بمقاصد الألفاظ وإحسانِ الظنِّ بأصحابها، ونبزِهم بألقاب سوءٍ
وإثارةِ الوقيعة بينهم بالغِيبة والنميمة لإفساد ذات البَيْن، أو إرادةِ الكشف عن عوراتهم بالفضيحة والتشهير لغرضِ الإسقاط
أو التنفير، ولو كان المعنيُّ بالطعن مُحِقًّا؛ كلُّ ذلك مسايَرةً لِما تحبُّه الأنفسُ مِن التشهِّي في لمز الأعراض ونبزِها والطعن في
خلفيات الأفعال بسوء الظنِّ، وما يترتَّب على ذلك مِن مداخيل مادِّيَّةٍ على حساب لحوم المؤمنين والمؤمنات وأعراضهم، وقد
جاءت النصوصُ الشرعيةُ تحرِّم ذلك في مواضعَ كثيرةٍ نذكر منها: قولَه تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا
اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: ٥٨]، وقولَه تعالى: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ
بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [النساء: ١١٢]، وقولَه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا
نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ
فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ
أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ﴾ [الحجرات: ١١ ـ ١٢]، وقولَه صلَّى الله عليه وسلَّم: «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ
أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ»(١٣)، وغيرَ ذلك مِن النصوص الشرعية المنبِّهة
على حقوق المسلم على المسلم والمحذِّرة مِن تجاوزها والاعتداء عليها.

ولا يساورنا شكٌّ في أنه لا سبيل للدفاع عن الأخطاء أو تسويغها والإشادةِ بها، كما لا سبيل ـ أيضًا ـ إلى التشهير بها، وإنما
المسلك الحقُّ فيها أَنْ تُبَيَّن بالمجادلة المحمودة وإظهار الحجَّة وبيان المحجَّة مِن غيرِ تناوُل الأعراض والانتقاصِ مِن قيمة
الأشخاص والردِّ بما ليس هو دليلًا معتمَدًا ولا حجَّةً ظاهرةً؛ فإنَّ ذلك معدودٌ مِن النفاق في العلم، كما أفصح عنه ابنُ تيمية ـ
رحمه الله ـ بقوله: «والمجادلة المحمودة إنما هي بإبداء
المدارك وإظهار الحجج التي هي مستَنَدُ الأقوال والأعمال، وأمَّا إظهار الاعتماد على ما ليس هو المعتمَدَ في القول والعمل
فنوعٌ مِن النفاق في العلم والجدل، والكلامِ والعملِ»(١٤).

هذا آخِرُ ما تيسَّر لنا ذكرُه مِن النصائح مقدَّمةً إلى الصحفيِّ، نسأل اللهَ تعالى أن يجمع شَمْلَ الأمَّة، وأن يوحِّد صفوفَها على
الكتاب والسنَّة وفهمِ سلفِ الأمَّة، ويؤلِّف بين قلوب أبنائها ويشرحَ صدورَهم للحقِّ المبين، ويهديَنا ـ بفضله وكرمِه ـ
إلى صراطٍ مستقيمٍ.

وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١٩ مِن ذي القعدة ١٤٣٥ﻫ
الموافق ﻟ: ١٤ سبتمـبر ٢٠١٤م


(١) أخرجه مسلم في «الإيمان» (٥٥) من حديث تميم بن أوسٍ الداريِّ رضي الله عنه.
(٢) «فتح القدير» للشوكاني (١/ ١٥٤).
(٣) أخرجه ابن ماجه في «المقدِّمة» باب فضل العلماء والحثِّ على طلب العلم (٢٢٤) مِن حديث أنس بن مالكٍ رضي الله عنه. وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (٣٩١٣).
(٤) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٣/ ١٥٧).
(٥) أخرجه الترمذي في «البرِّ والصلة» بابُ ما جاء في الإحسان والعفو (٢٠٠٧) من حديث حذيفة رضي الله عنه. وضعَّفه الألباني في «ضعيف الجامع» (٦٢٧١).
(٦) أخرجه البيهقي في «شُعَب الإيمان» (٧٣١)، والطبراني في «الأوسط» (٥٤٥٢)، من حديث أنسٍ رضي الله عنه. وحسَّنه الألباني بمجموع طُرُقه في «السلسلة الصحيحة» (١٨٠٢).
(٧) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٧/ ٤٧٩).
(٨) «تفسير السعدي» (٩٤٣).
(٩) أخرجه البخاري في «الأدب» باب قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: ١١٩] وما يُنهى عن الكذب (٦٠٩٤)، ومسلم في «البرِّ والصلة» (٢٦٠٧)، من حديث ابن مسعودٍ رضي الله عنه.
(١٠) أخرجه مسلم في «المقدِّمة» باب النهي عن الحديث بكلِّ ما سمع، مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(١١) أخرجه البخاري في «الإيمان» باب علامة المنافق (٣٣)، ومسلم في «الإيمان» (٥٩)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(١٢) أخرجه الترمذي في «صفة القيامة» (٢٥١٨) مِن حديث الحسن بن عليٍّ رضي الله عنهما. وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (٣٣٧٨).
(١٣) أخرجه مسلم في «البرِّ والصلة» (٢٥٦٤) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(١٤) «اقتضاء الصراط المستقيم» (١/ ٢٨٢) و«مجموع الفتاوى» (٤/ ١٩٤) كلاهما لابن تيمية

– من الموقع الرسمي للشيخ حفظه الله تعالى –

موضوع في القمة جزى الله الشيخ خير الجزاء
و بارك الله فيك

بارك الله فيك

جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
وحفظ الله الشيخ بما يحفظ به عباده الصالحين
و جعله الله مفتاحا للخير مغلاقا للشر

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة houssem zizou الجيريا
موضوع في القمة جزى الله الشيخ خير الجزاء
و بارك الله فيك
بارك الله فيك وجزاك خيرا

بارك الله فيك على النقل الطيب و حفظ الله الشيخ الوالد أبا عبد المعز.

bien dit kamal الجيريا

مقالات رمضانية <<< 11 >>> رَمَضَــانُ شَهْــرُ التَّقْــوَى 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

11 رَمَضَــانُ شَهْــرُ التَّقْــوَى

إن الله تبارك وتعالى الرحمن الرحيم أوصى عباده بتقواه التي بها يحصِّلون السعادة في هذه الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد وينالون رضاه والفوز بدار كرامته والسلامة من ناره وعذابه ، وهي وصيته سبحانه للأولين والآخرين من خلقه قال تعالى: { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ } [النساء:131] ، وقد شرع سبحانه لعباده صيام شهر رمضان المبارك لتحقيق تقواه ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} يعني بالصوم لأن الصوم وصلة إلى التقوى لما فيه من قهر النفس وكسر الشهوات ، فما شُرع صيام هذا الشهر الكريم إلا لتحقيق التقوى ؛ بل إنه من أكثر ما يعين على تحقيقها ، قال ابن القيم رحمه الله : (( وللصوم تأثيرٌ عجيب فى حفظ الجوارح الظاهرة والقوى الباطنة وحِميتها عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة التي إذا استولت عليها أفسدتها ، واستفراغ المواد الرديئة المانعة لها من صحتها ؛ فالصومُ يحفظ على القلب والجوارح صحتها ، ويُعيد إليها ما استلبته منها أيدى الشهوات، فهو من أكبر العونِ على التقوى كما قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة:183] ))(1) اهـ .

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله في تفسيره لقوله{ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }: (( فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى، لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه
فمما اشتمل عليه من التقوى:

* أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب والجماع ونحوها التي تميل إليها نفسه ؛ متقرباً بذلك إلى الله راجياً بتركها ثوابه ، فهذا من التقوى.
* ومنها: أن الصائم يدرِّب نفسه على مراقبة الله تعالى ، فيترك ما تهوى نفسه مع قدرته عليه، لعلمه باطلاع الله عليه.
* ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان ، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم ، فبالصيام يضعف نفوذه ، وتقل منه المعاصي.
* ومنها: أن الصائم في الغالب تكثر طاعته ، والطاعات من خصال التقوى.
* ومنها: أن الغني إذا ذاق ألم الجوع أوجب له ذلك مواساةَ الفقراء المعدمين، وهذا من خصال التقوى)) اهـ.

وتقوى الله هي طاعته بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ، ومعنى التقوى: أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافُهُ وقايةً، وتقوى العبد لربه: أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من غضبه وسخطه وعقابه وقاية تقيه ، وذلك لا يكون إلا بفعل طاعته واجتناب معصيته .

والله عز وجل تارةً يأمر بتقواه فهو الذي يُخشى ويُرجى وكل خيرٍ يحصل للعباد فهو منه سبحانه ، وتارةً يأمر باتقاء النار التي هي مآل من خالف تقواه واتبع هواه كما قال تعالى :{ فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } [البقرة:24] ، وكقوله سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } [التحريم:6] ، وتارةً يأمر باتقاء يوم القيامة يوم الحساب والجزاء والسعادة أو الشقاء ؛ اليوم الذي ينال فيه المتقون ثوابهم والمجرمون المخالفون للتقوى عذابهم وعقابهم كما قال تعالى: { وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } [البقرة:281] .

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بتقوى الله وإذا أرسل سرِيَّةً يوصي أميرها في خاصة نفسه بتقوى الله وبمن معه خيراً ، ولما خطب يوم النحر في حجة الوداع أوصى الناس بتقوى الله لحاجة الناس إلى هذه الوصية ولعظيم أهميتها وفائدتها .

ولقد اعتنى السلف الصالح بتحقيق التقوى في نفوسهم وتوضيح معناها ومبناها ولم يزالوا يتواصون بها ؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما : " الْمُتَّقَونَ : الَّذِينَ يَحْذَرُونَ مِنَ اللهِ عُقُوبَتَهُ فِي تَرْكِ مَا يَعْرِفُونَ مِنَ الْهُدَى ، وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ فِي التَّصْدِيقِ بِمَا جَاءَ بِهِ " .
وقال الحسن البصري رحمه الله : " الْمُتَّقُونَ اتَّقَوْا مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ ، وَأَدَّوْا مَا افْتُرِضَ عَلَيْهِمْ " .

وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : " لَيْسَ تَقْوَى اللهِ بِصِيَامِ النَّهَارِ وَلاَ بِقِيَامِ اللَّيْلِ وَالتَّخْلِيطِ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ ، وَلَكِنَّ تَقْوَى اللهِ: تَرْكُ مَا حَرَّمَ اللهُ ، وَأَدَاءُ مَا افْتَرَضَ الله " . وقال ابن مسعود رضي الله عنه في قوله تعالى{ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ }[آل عمران:102] قال : " أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى ، وَيُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى ، وَأَنْ يُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرَ " ، وقال طلق بن حبيب: " التَّقْوَى أَنْ تَعْمَلَ بِطَاعَةِ اللهِ عَلَى نُورٍ مِنَ اللهِ تَرْجُو ثَوَابَ اللهِ ، وَأَنْ تَتْرُكَ مَعْصِيَةَ اللهِ عَلَى نُورٍ مِنَ اللهِ تَخَافُ عِقَابَ الله "(2) ، ولما قال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : اتق الله، أجابه عمر بقوله: " لَا خَيْرَ فِيكُمْ إِنْ لَمْ تَقُولُوهَا، وَلَا خَيْرَ فِينَا إِذَا لَمْ نَقْبَلْهَا " .

والتقوى محلها القلب ، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث طويل وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((التَّقْوَى هَاهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ))(3) ، يقول ابن رجب رحمه الله : " وإذا كان أصلُ التَّقوى في القُلوب ، فلا يطَّلعُ أحدٌ على حقيقتها إلا الله عز وجل ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ)) -أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وفي رواية ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ)) (4) – وحينئذٍ فقد يكون كثيرٌ ممن له صورة حسنة أو مال أو جاه أو رياسة في الدنيا قلبه خراباً من التقوى ، ويكون من ليس له شيء من ذلك قلبُه مملوءاً من التقوى، فيكون أكرم عند الله عز وجل ، بل ذلك هو الأكثر وقوعاً " (5) اهـ.

وللتقوى عوائد عديدة وثمار كثيرة يجنيها المتقون
في الدنيا والآخرة فمن ثمراتها في الدنيا:
– حصول العلم النافع قال تعالى: { وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ } [البقرة: 282]، وقال سبحانه: { إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا } [الأنفال: 29].
– الخروج من المحن ، وحصول الرزق الطيب للعبد من حيث لا يحتسب قال تعالى: { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [2] وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } [الطلاق:2-3] .
– أنهم ينالوا محبة الله ، ومعيَّته ، ومغفرته ؛ وبذلك يتحقق لهم الفوز والفلاح ، قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ } [التوبة:4] ، وقال سبحانه: { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } [البقرة:194] ، وقال عز وجل: { وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [الأنفال:69] ، وقال تعالى: { وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [البقرة:189] .

وأما ثمرات التقوى في الآخرة فهي كثيرة وعديدة منها :
– الفوز بجنات النعيم ، وحصول الرفعة لهم والعاقبة الحميدة ، قال تعالى: { إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ} [القلم:34] ، وقال سبحانه: { وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } [البقرة:212] ، وقال سبحانه: { وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } [الأعراف: 128] .
– ومن أعظم ثمرات التقوى لقاءُ الله ورؤيتُه يوم القيامة قال تعالى: { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ [54] فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ }[القمر:54-55] .
فنسأل الكريم رب العرش العظيم ونحن في هذا الموسم العظيم والشهر الكريم
أن يزيِّن قلوبنا بزينة التقوى وأن يجعلها لنا زاداً في هذه الدنيا ويوم نلقاه.

*****

—————–
(1) زاد المعاد في هدي خير العباد (فصل: فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم في الصيام ، ص: 201).
(2) أورد ابن رجب رحمه الله هذه الآثار عن السلف رحمهم الله في جامع العلوم والحكم (الحديث الثامن عشر/ ص: 296-297).
(3) صحيح مسلم (2564).
(4) كلا الروايتين أخرجها مسلم برقم (2564).
(5) جامع العلوم والحكم لابن رجب (الحديث الخامس والثلاثون / ص: 626).

————

– للشيخ : عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر –

قال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : اتق الله، أجابه عمر بقوله: " لَا خَيْرَ فِيكُمْ إِنْ لَمْ تَقُولُوهَا، وَلَا خَيْرَ فِينَا إِذَا لَمْ نَقْبلها".
اللهم ارزقنا تقواك في السر و العلن…
جزاك الله خيرا

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الله الخالدي الجيريا
قال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : اتق الله، أجابه عمر بقوله: " لَا خَيْرَ فِيكُمْ إِنْ لَمْ تَقُولُوهَا، وَلَا خَيْرَ فِينَا إِذَا لَمْ نَقْبلها".
اللهم ارزقنا تقواك في السر و العلن…
جزاك الله خيرا


بارك الله فيك اخي الفضل عبد الله
و جزاك خيرا

أيها الناس لا تظلموا نصر الله 2024.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من منا لا يعرف نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني
منهم من يقول هو شيعي ومنهم من يقول هذا هو الرجل المنشود وقليل الذين لا يظلمون الرجل
شاهدوا هذا المقطع من الفيديوا وستكون إن شاء الله ممن لا يظلم الرجل مرة أخرى

https://www.djelfa.info/watch?v=17IDPqiJOfU

صالح المشنوق
منسق لقاء تجمع "لبنانيون من أجل حرية وكرامة الشعب السوري"

رجل يقول الحقيقة ولا يظلم نصر الله

من هنا

الله ينتقم منو يارب. اللهم ارنا فيهم يوم اسودا يارب.

ربنا ينتقم من كل ظالم

سبحا ن الله

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة النقاء الجيريا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من منا لا يعرف نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني
منهم من يقول هو شيعي ومنهم من يقول هذا هو الرجل المنشود وقليل الذين لا يظلمون الرجل
شاهدوا هذا المقطع من الفيديوا وستكون إن شاء الله ممن لا يظلم الرجل مرة أخرى

https://www.djelfa.info/watch?v=17idpqijofu

لم أفهم ماذا تقصد بــ : لا تظلموا الرجل ؟

ممكن توضيح أكثر

بارك الله فيكم

وسوسة إبليس لبني آدم 2024.

وسوسة إبليس لبني آدم
ألقى فضيلة الشيخ صلاح البدير – حفظه الله – خطبة الجمعة بعنوان: "وسوسة إبليس لبني آدم"، والتي تحدَّث فيها عن الوسوسة وبعض صُورها وأشكالها، وذِكر بعض الأحاديث المُحذِّرة من الانسياقِ خلفَها، ونبَّه على ضرورة التحصُّن بالأذكار والانشغال بالقرآن ردًّا لكيد الشيطان

الخطبة الأولى
الحمد لله، الحمد لله الذي لا خيرَ إلا منه، ولا فضلَ إلا من لدُنه، احمدُه حمدًا لا انقطاعَ لراتِبه، ولا إقلاعَ لسحائِبه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له سيمعٌ لمن يُنادِيه، قريبٌ ممن يُناجِيه، وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه، والسائرين على ذلك السبيل، وسائر المُنتمين إلى ذلك القَبِيل.
أما بعد، فيا أيها المسلمون:
اتقوا الله؛ فإن تقواه أفضلُ مُكتسَب، وطاعتَه أعلى نسَب، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 102].
أيها المسلمون:
الوسوسةُ صنعةُ إبليس وشُغلُه وطريقتُه لإضلال بني آدم، يرمِي بها من أطاعَه بالشُّكوك والأوهام والظُّنون، ويقذِفُه في الهواجِسِ والخيالات، ويُردِيه في حالةٍ من الاضطرابِ والارتِياب، ويدفعُه إلى التكلُّف والتشدُّد والتنطُّع، والغلوِّ والزيادة على القدر المشروع.
ومن كيده ووسوسته: ما يُلقِيه من التشكيك والتضليلِ في كيفيَّة الخلق والبعث والاستِواء والعرشِ وغيرها من قضايا الإيمان؛ فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقولُ: من خلقَ كذا، من خلقَ كذا، حتى يقولَ: من خلقَ ربَّك؟ فإذا بلغَ ذلك فليستعِذ بالله ولينتَهِ»؛ متفق عليه.
وفي لفظٍ لمُسلم: «فمن وجدَ من ذلك شيئًا فليقُل: آمنتُ بالله».
ومن كيدِه ومكرِه: الوسوسةُ في الوضوء والطهارة؛ فترى أحدَهم يغسِل ويُكرِّرُ كثيرًا ويدلُك دلكًا عنيفًا، ويتشكَّكُ فيما غسَله، ويظنُّ أنه لم يغسِله، فيعودَ إليه مرَّةً بعد مرَّةٍ.
قال الإمام أحمد – رحمه الله تعالى -: "لا يزيدُ على الثلاثِ إلا مُبتَلَى".
وعلاجُ ذلك: أن يُعرِضَ عن تلك الشُّكوك والأوهام، ولا يلتفِتَ إليها، وينهَى عنها.
ومن كيدِه بأهل الوسوسة في الوضوء والغُسل: أن جعلَهم يُنكِرون الموجودا، ويجحَدون الأمورَ المحسوسات.
ذكرَ ابنُ الجوزيِّ عن أبي الوفاء ابن عَقيل أن رجلاً قال له: أنغمِسُ في الماء مِرارًا كثيرةً، وأشكُّ هل صحَّ لي الغُسلُ أم لا؛ فما ترى في ذلك؟ فقال له الشيخُ: "اذهَب، فقد سقطَت عنك الصلاة". قال: وكيف ذلك؟ قال: "لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «رُفِع القلمُ عن ثلاثة: عن المجنون حتى يُفيقَ، وعن النائمِ حتى يستيقِظ، وعن الصبيِّ حتى يبلُغ»، ومن ينغمِسُ في الماء مِرارًا ويشُكُّ هل أصابَه الماءُ أم لا فهو مجنونٌ".
ومنهم من يُطيلُ المُكثَ في الخلاء بلا حاجةٍ؛ فتفوتُه الجماعة، وتضيعُ مصالِحُه، فكيف يليقُ بعاقلٍ أن يُطيلَ المُكثَ في حُشوشٍ مُحتضَرة تأوي إليها الشياطين والنفوسُ الخبيثة.
ومن وسوسته – أعاذنا الله وإياكم منه -: الوسوسةُ في انقِطاع البول أو في التنجُّسِ به، لذا يُستحبُّ للمُسلم أن يرتادَ لبَوله مكانًا رِخوًا، وألا يبولَ واقِفًا ولا مُستقبِلاًَ الريحَ لئلا يرتدَّ عليه رشاشُ البول، فيُنجِّسَه ويُدخِلَ عليه العنَتَ، ويفتحُ عليه بابَ الوساوِس.
ويجبُ أن يستفرِغَ أخبَثَيْه، ويستبرِئَ من بولِه لئلا يقطُر عليه، ويحذَرَ من بدع أهل الوسوسة؛ كالسَّلْتِ ونحوه.
ومن وسوسة إبليس: الوسوسةُ في الصلاة؛ فمن الناسِ من يجهَرُ بنيَّةِ الصلاة ويُكرِّرُها، ويُجهِدُ نفسَه في التلفُّظِ بها، ويرفعُ بها صوتَه بثُقلٍ ومشقَّة، ولربما دخلَ في الصلاة ثم قطَعها لشكِّه في النيَّة.
والجهرُ بنيَّة الصلاة بِدعةٌ، وتِكرارُها وسوسة، ورفعُ الصوت بها إيذاءٌ للناس، والتعبُّد بها بِدعةٌ.
ومنهم: من يُعيدُ تكبيرةَ الإحرام كثيرًا، ويُردِّدُ الفاتحة مِرارًا.
ومنهم: من يُكرِّرُ بعضَ الحروفِ والكلمات، حتى ربما فاتَتْه الركعة وتخلَّفَ عن إمامه.
ومنهم: من يُوسوِسُ له الشيطانُ بانتِقاض طهارته أثناء الصلاة، فيُخرِجُه منها، ويصدُّه عنها.
ويحرُم على المُصلِّي أن يُخرُج من الصلاة إذا لم يتيقَّن من الحدَثَ؛ فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «إذا وجدَ أحدُكم في بطنه شيئًا فأشكلَ عليه أخَرَج منه شيءٌ أم لا، فلا يخرُجنَّ من المسجدِ حتى يسمعَ صوتًا، أو يجِد ريحًا»؛ أخرجه مسلم.
فاقطَعوا الأوهام، وادفَعوا الشُّكوكَ، وردُّوا وساوِسَ إبليس، ولا تُبطِلوا أعمالَكم، ولا تُفسِدوا عباداتكم، ولا تُضيِّعوا صلاتَكم.
أعاذنا الله جميعًا من الشيطان وهمزِه ونفخِه ونفثِه.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ؛ فاستغفروه، إنه كان للأوابين غفورًا.

جزاك الله خيرا

الجيريا

♪♫♪♪♫♪♪♫♪♪♫♪


الجيريا


█║▌│▌║║█│║▌║║▌│▌

الوسوسةُ صنعةُ إبليس وشُغلُه وطريقتُه لإضلال بني آدم، يرمِي بها من أطاعَه بالشُّكوك والأوهام والظُّنون، ويقذِفُه في الهواجِسِ والخيالات، ويُردِيه في حالةٍ من الاضطرابِ والارتِياب، ويدفعُه إلى التكلُّف والتشدُّد والتنطُّع، والغلوِّ والزيادة على القدر المشروع.

جزاك الله خيرا