الصراع بين المحافظين والمجددين فى الشعر العباسى 2024.

ادب بين التقليد والتجديد في العصر العباسي

قضية التقليد والتجديد مطروحة في كل بيئة وعصر, انها صراع ثابت في الجوهر متغير في الشكل. وهي ليست وقفا على الاداب وسائر الفنون , بل تتناول مجالات الحياة كلها . انها قضية عميقة الجذور تستثيرها وتغذيها عوامل عدة:

فالتطور سنّة الوجود , هو الحركة المتقدمة تتحدى الجمود والحاضر الواعد يتجاوز الماضي . واذا كان التقليد التزم ارث راسخ فالتجديد نسبي ومرحلي , مصيره ان يتخطاه الزمن فيصبح قديما يستدعي جديدا ناشئا , وهكذا تتصل الحلقات وتستمر الحياة .

والانضواء تحت لواء التجديد او التقليد مسألة مزاج شخصي , عمادها ذائقة فردية تتلبدل احاسيسها وتتنوع احكامها بمقدار ما يتوافر لها من غذاء فكري ينميها , وثقافة جمالية تصقلها .

وهو مسالة تفاعل ومحاكاة فالحضارات مؤّثرة ومتفاعلة , والشعوب التي تنفتح امامها افاق الثقافة وقنوات الاتصال , تصبح اكثر قدرة على التطور والابتكار .

لاذلك كانت هذه القضية اكبر من ان يحدّها عصر ويحصرها مجال , لقد واجهتها الاداب العالمية كلها , فكيف وقف الادب العربي منها , وتحديدا في العصر العباسي ؟

ان التحولات الكثيرة التي غيرت المجتمع كانت في اساس الصراع بين المقلدين والمجددين , فالتباين الناشئ في المواقف السياسية والاجتماعية والتطور المتنامي في الفكر والذوق , كانا في اساس صراع شمل مرافق الحياة كلها , وبرز فنيا في ادب العصر : مضمونه واسلوبه .

ففي المضمون غدا السؤال المحوري: أتكون الموضوعات والافكارموروثة مستوحاة من التراث , ام تنشأ عفوية من البيئة ؟ وفي اللغة كان الهاجس مشابها : ايبقى التعبير متمثلا لغة السلف و اصالة ومتانة سبك ؟ أم يتأثر بترف الحضارة الناشئة رقة وسهولة ومفردات ذات دلالات جديدة ؟

هذه القضية طرحت على الادب ومثّلت وجها حادّا من وجوهه في هذا التاريخ . واذا كان العصر قد خلّف تيّارا وهيّأ أجواء لاتجاه معين , فقد ظلّ لأصل الشاعر وحياته وثقافته وذوقه الخاص الدور الفاعل في هذا المجال .

يعتبرالعصر العباسي محطة مهمة في تطور الفكر العربي : فيه عرف انطلاقته الكبرى وبخلاله بلغ ذروة عطائه فلسفيا وعلميا وادبيا , ولقد خصّ الدراسون هذه الحقبة بأبحاث ضافية متنوعة الموضوعات متفاوتة العمق والسعة والنص الذي نحن بصدده واحد منها , وهو يلقي الضوء على مسألة القديم والحديث في ادب هذا العصر .. لذلك ساقوم اخوتي الكرام بطرح قصيدتين نلاحظ فيهما مراحل التجديد والتقليد ومدى التاثر بهما .

المصدر : منتدى منصورة والجميع: https://manssora.yoo7.com/t2171-topic#ixzz2gm4YMnHy

الصراع بين القديم والتاريخ
أن الصراع بين القديم والجديد – أو بعابرة أخرى بين المحافظين والمجددين – ظاهرة اجتماعية نلاحظها في كل زمان ومكان إنما هي تختلف شدة وضعفا حسب اختلاف الظروف. وقد بلغ هذا الصراع أشده في العصر الحديث ولا سيما في الشعوب النامية التي اتصلت بالحضارة الحديثة حيث ظهر فيها معجبون بتلك الحضارة يدعون إليها من جهة ، ومتزمتون يستنكرونها ويقاومونها من الجهة الأخرى.
من طبيعة الكثير من الناس في كل مجتمع أنهم يميلون الى المحافظة على تراثهم القديم الذي وجدوا عليه آبائهم فهم لا يحبون تبديله،وإذا جاءهم ما يخالفه نهضوا جميعا لمقاومته لا يفرقون بين النافع والضار منه،فكل جديد هو مستنكر في نظرهم وليس للمنطق فيه مجال.وهذا الأمر نلاحظه في كل الشعوب حتى تلك التي نعدها الآن راقية فهي عندما كانت من قبل منعزلة عن العالم جامدة على تقاليدها ثم جاءها الجديد من الخارج، أو ابتكره أحد أبنائها،هبت لمكافحته واعتبرته كفرا. ويجب أن لا ننسى أن هذه الشعوب بالرغم من رقيها الراهن لا تزال تحتوي بين أفرادها على محافظين يستنكرون الجديد ويقاومنه غير أنهم قليلون نسبيا وتأثيرهم ضعيف.
نقول أذن أن المجتمع الذي يقاوم الجديد إنما يحاول أن يحافظ على كيانه..وهذه وظيفة المحافظين بالمجتمع،ولكن هذه الوظيفة في الوقت نفسه هي السبب تجميد المجتمع إذا سيطروا على المجتمع .
وما نريد أن نوصله لكم هو أن المجتمع البشري بوجه عام يهدده خطران: خطر الجمود من جهة وخطر التفكك من جهة أخرى . والمجتمع الأمثل هو الذي تتوازن فيه قوى المحافظة والتجديد فلا تطغى أحدهما على الأخرى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.