إلى من يسب العلماء ويطعن فيهم "التحذير من الطعن في علماء السنة والتوحيد 2024.

إلى من يسب العلماء ويطعن فيهم "التحذير من الطعن في علماء السنة والتوحيد"

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله …

نظرا لخطورة الطعن في العلماء وسبهم والإنتقاص منهم أنقل لكم هذه الخطبة للشيخ سلطان العيد من شبكة الإمام الأجري العلمية..

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .

( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) .

( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيرًا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبًا ) .

( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدًا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا ) .

أما بعد فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار . وبعدُ :

أمة الإسلام، أمة القرآن :

لقد أتت جهود العلماء المخلصين ثمارها فكم بذلوا في سبيل تفقيهِ الأمة والنهوض بها ، وبيان السنةِ وما عليها . لكن ما نراهُ من خيرٍ وإقبال على الدين ، واجتماعٍ وألفةٍ يوشكُ أن يزولَ ، إذ النعم تدوم بالشكر، وتزول بالكفر كمثل قريةٍ من قبلنا ، كانت في خيرٍ ونعمةٍ واطمئنان ، فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون.

ألا وإن من أسباب زوال النعم وذهاب الدين ، الطعن في علماء السنة والتوحيد ، وتطاول الصغار على الكبار ، والجهال على العلماء ، والوقيعة في مشايخ الإسلام وأئمته ِ. قال الإمام ابن المبارك رحمه الله :

( من استخف بالعلماء ذهبت أخرته ).

وقال أبو سنان الأسدي :

( إذا كان طالب العلم قبل أن يتعلم مسألةً في الدينِ ، يتعلم الوقيعة في الناس متى يفلحُ متى …).

وهاهو الحافظ ابن عساكر يذكر من أراد النجاة يوم الميعاد فيقول :

(اعلم أخي وفقنا الله وإياكَ لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاتهِ ، إن لحوم العلماء مسمومة ، وعادة الله في هتك أستار منتـقصيهم معلومة ، لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمرٌ عظيم ، والتناول لأعراضهم بالزورِ والافتراء مرتعٌ وخيم.)

الطاعنون في علمائنا لا يضرون إلا أنفسهم ، وهم يستجلبون بفعلتهم الذِلَةَ والصغار إذ الله يدافع عن الذين أمنوا ، وهو جلَ وعلا لا يصلح عمل المفسدين .

قال الإمام أحمد إمام أهل السنة رضي الله عنه وأرضاه ( لُحوم العلماء مسمومة من شمها مَرِض ، ومن أكلها مات ). وقال الحافظ ابن عساكر :

( من أطلق لسانه في العلماء بالسب أو الثلب ابتلاه الله قبل موته بموتِ القلب ). الطاعنون في علماء التوحيد والسنة أهل مكرٍ وخديعةٍ إن لم يقدروا على التصريح لمحوا ، فتنبهوا يا عباد الله لألا تُخدَعُوا. . وإليكم بعض الأمثلة في قدحهم في علمائنا الكبار. لألا يغترَ بها الجهال. فمنها : أنهم يُعيرون العلماء بأنهم ( فقهاء الحيض والنفاس )

وما عَلِموا أن الإمام أحمد رحمه الله مكث يتعلمُ مسائل هذا الباب بضعِ سنين، لكن أولئك الجهال شابَهُ الحُيّض اللائى إذا أحسنت إلى إحداهن الدهر ، ثم رأت منك شيئاً ، قالت : ما رأيت منك خيراً قط . ثم إن هذا التعبير فيه ما فيه من الاستهزاء بمسائل الدين ، فنسأل الله السلامة والعافية. وتارة يقولون : ( علماؤنا لا يفقهون الواقع ) فيا سبحان الله! كيف يجهل علماؤنا الربانيون فقه الواقع ، ثم يدركه حُدَثاءُ الأسنان، سفهاءُ الأحلام ثم يدعون أنهم يكملون العلماء ، إن هذا لشيءٌ عجاب.

ولكن إذا عُرِفَ السببُ بُطِلَ العجب ، فهؤلاء القوم أرادوا بهذه الشبهة صرف الناس زمن الفتن والأحداث الكبار عن العلماء ، ليخلوَ الجو لهم في توجيه الناس وسط ما يريدون بدعوى فقههم للواقع ، فوالله لا فقهاً حصلوا، ولا واقِعاً أدركوا. وتارةً يقولون :

( علماء السلاطين ، ومشايخ الحكومة ) . وقصدهم في ذلك : أنهم يفتون بغيرِ الحق مراعاة للخلقِ ، الله جل وعلا حسيبهم ، كيف يفترون على علماءِ المسلمين وأئمتهم. ولقد رد الشيخ اللحيدان هذه الفرية فقال :
(إن لي في القضاء ، وهيئة كبار العلماء أكثر من ثلاثين سنة ، والله ما أُمِرَنا في يومٍ أن نفتي بما يوافق هوى أحدٍ من الناس ، وإنما نفتي بما نراه الحق ) .الله أكبر تشابهت قلوب المبطلين. لما جادل ابن عباس رضي الله عنهما الخوارج زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قالوا : لا تُجيبوه إنما جاء ينافحُ أن يدافع عن ابن عمه علي بن أبي طالب فطعنوا في نية ابن عباس رضي الله عنهما ،ولكل قومٍ وارث .

فاللهم احفظ علمائنا من كيد الكائدين ، وحسد الحاسدين ، وافتراء المبطلين يا ارحم الراحمين . وتارة يقولون :

( العلماء لا يبينون الحق ) فوالله ما ندري ما الحق الذي لم يبينُ العلماء.

التوحيدُ بينوه ، والشرك حذروا منه ، والبدعُ حاربوها ، وأركان الإسلام أوضحوها ، وفتاواهم في بيانِ الحلال والحرام منشورةٍ مشكورة .

لكن بعض الناس يعتقد أمراً الله أعلم بصحتهِ ثم يلزم العلماء ببيانه ِ، وإلا صاروا عنده كاتمين للحق مداهنين . ألا فليعلم أُولئك المندفعون أن علمائنا أهل سنةٍ واتباع ، لا يتـعدون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يُبديه علانية ، ولكن يأخذُ بيده فيخلو به ، فإن قبل منه فذاك ، وإلا كان قد أدى الذي عليه . خرجه ابن أبي عاصم في كتاب السنة.)

ومنها أن بعضهم يعتمدُ كلام العلماء في أركان الإسلام كالصلاةِ والصومِ والحجِ وغيرها ، وأما في أمر الدعوة والمنهج فتراهُ معرضاً عن فتاوى العلماء الربانيين ، وكأنها ليست من الدين لظنه أنهم لا يدركون ذلك ، وعندها تقع التخبط والقول على الله بلا علم ، وتصدّر الجهال والاعتداء على حدود الله باسم مصلحة الدعوة ومنها سوء الظن بالعلماء.

فعلماؤنا رضي الله عنهم وأرضاهم يتبنون الحق بدليله كما أمرهم ربنا جل وعلا رضي وسخط من سخط لكن بعض الناس يوهموا أن لهم مآرب أخرى .فاللهم اهدهم يا ارحم الراحمين . ومن الأمثلة على ذلك فتوى الشيخين ابن باز وابن عثيمين غفر الله لهما بتحريم تفجير المسلم نفسه لإرهاب العدو . ومنها أن الاعتزاز بالنفس والتشدد والغلو قد يوقع صاحبه في عظائم الأمور فتراهم يتجرءون أولا على تكفير الحكام ثم يكفرون العلماء الذين يأمرون بطاعةِ أُولي الأمر ، حتى قال أحدهم: (كفر علمائنا مما لا جدال فيه )

فوالله لو كان أحدهم يعرف قدر نفسه أو مبلغ علمه ما تجرأ على تكفيرِ الأمة والأئمة، ولكنه الجهل بما عليه أهل السنة في معاملة الحكام ، والعجب أن هؤلاء يتحرجون من الإفتاء في دم الحيض والنفاس ثم يتجرءون على الإفتاء في دماء الأمة وعلى مسائل يتحرج منها كبار العلماء . فالله المستعان وعليه التكلان . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ). ومن ذلك اتهام العلماء بمولاة الكفار لا لشيء إلا أنه أفتى بما يراهُ الحق في مسألةٍ فقهيةٍ تتعلق بجهاد الكفار ، فترى بعضهم يصدرون ويصدرون البيانات والمذكرات والنشرات بتكفير المسلمين ، واتهامهم بمولاة المشركين، فمن لا يعجبهم فهو موالي للكفار مرتد عن دين الله جل وعلا ،فتطاولوا على العلماء والأخيار ، ولبسوا على المسلمين دينهم وحكموا أنفسهم في أمةِ محمد صلى الله عليه وسلم . فلا إله إلا الله ، لا إله إلا الله إذا كان علماؤنا موالين للمشركين فما حكمنا نحن إذاً ،

اللهم إنا نعوذ بك من الفتن والقول في دينك بلا علم ، ومنها تناقض بعضهم فتراه يوقرُ رموز الجماعات الحركية المحدثة ، ويتستر على بدعه ، وأما علماء السنة والتوحيد فحديثه عنهم دائر بين القدح واللمز والتشكيك ، ثم يزعم أنه على منهج السلف الصالح . قال أبو حاتم لأبنه :

إذا رأيت من يحب أحمد بن حنبل فعلم أنه صاحب سنة . وقال قتيبة : ( إذا رأيت الرجل يحب أهل الحديث مثل يحي بن سعيد وعبد الحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وذكر أقواماً فإنه على السنة ، ومن خالف هؤلاء فأعلم أنه مبتدع . انتهى كلامه رحمه الله . واليوم إذا رأيت الرجل يحب علماء السنة والتوحيد , كالعلامة ابن باز ، وابن عثيمين ، والألباني ، وآل الشيخ ، والفوزان ، واللحيدان ، والغديان ، وغيرهم ممن هم على منهجهم ، فعلم أنه صاحب سنة ، ومن وقع فيهم فحذر فإنما أخفاه عنك أشنع مما أظهره .

وتناقض آخر عجيب ترى بعضهم يتحدث عن مآسي المسلمين وجراحاتهم ويملأ الدنيا عويلاً وتبجحاً ، وما هي إلا لحظات وإذا به يهجم على علمائنا ويقدح وجُرحُ الأمة من هذا أشد مضاضةً وألماً ومنها تضخيم أخطاء العلماء ، يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وغفر له :

( أسأل الله أن يعين العلماء على ما يناله من السنة السفهاء ، لأن العلماء ينالهم أشياء كثيرة . أولاً : أننا نسمع ما ينسب إلى بعض أهل العلم المرموقين ثم إذا تحققنا وجدنا أن الأمر على خلاف ذلك . وهذه جناية كبيرة . ثانيا : تضخيم الأخطاء , فهذا خطا وعدوان , فالعالم بشر يخطئ ويصيب لا شك أما تضخيم الخطأ ثم وذكره في أبشع حالاته فهذا لا شك انه عدوان على أخيك المسلم ، وعدوان حتى على الشرع ان استطلعت القول لأن الناس إذا كانوا يثقون بشخص ثم زعزعت ثقتهم به فإلى من يتجهون ؟ أيبقى الناس مذبذبين ليس لهم قائد يقودهم لشريعةِ الله , أم يتجهون إلى جاهل يضلهم عن سبيل الله بغير قصد , أم يتجهون إلى عالم سوء يصدهم عن سبيل الله بقصد ؟ انتهى كلامه رحمه الله وغفر له .

ومنها تجرئ بعض الشباب على إصدار فتاوى في الأمور العظام التي تهم الأمة كلها مع وجود من هو أعلم منهم ، وأجل وأقدر على معرفة ظواهر الأمور وخفاياها فمن كُفِيَ فليحمد الله ويتدبر قول ربنا جل جلاله :

(( وإذا جاءهم أمرٌ من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوهُ إلى الرسولِ وإلى أُولي الأمر منهم لَعَلِمهُ الذين يستنبطونه منهم )) الآية .

ومنها عصيان العلماء زمن المحن والفتن ، فإذا ما وقعت الواقعة ، وحلت المصيبة عادوا فعصوا الله وحملوا العلماء نتائجها ، قال الله جل وعلا :

( أينما تكونوا يدركم الموت ولو كنتم في بروجٍ مشيدة ، وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً )) الآية.

ما أصابك من حسنة فمن الله ، وما أصابك من سيئة فمن نفسك ، ومنها التزهيد في دروس العلماء ومحاضراتهم وأشرطتهم بحجةِ الاعتناء بالتربيةِ فيا سبحان الله أيُ تربية أعظم من لزوم حلق العلماء ، ومجالس الذكر ، وتدريس كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم . ومنها الطعن في العلماء عند وجود منكر ما وكأن قلوب العباد وأمور الكون بأيدي العلماء يغيرون ما يشاءون . فيا هذا اتقِ اللهِ عز وجل.

فالعلماء ينكرون المنكر فإن استجيب لهم فالحمد لله ، وإلا فقد أدوا ما أمروا به ولا تثريب عليهم بعد ذلك . فمن أسباب الجرأَةُ على الطعن في العلماء: سوء الظن بهم ، فيحسبونهم طلاب دنيا، كاتمين للحق . ألا فاتقوا الظن فإنه أكذب الحديث ، وبالله عليك هل تظن هذا السوء بنفسك يا عبد الله . ومنها الغرور وإعجاب كل ذي رأي برأيه ِ، فيرى أحدهم أنه أهل لتخطئةِ العلماء وتصغيرهم ، والمسكين لا يعرف آداب قضاء الحاجة ، فحسبنا الله على من جرأك على هذا المرتع الوخيم . ومنها اعتقاد بعضهم أنه وحده الغيور على دين الله وجل وعلا ، وهذا المنهج ما هو إلا نفس خارجي حروري ، وإن تدثر بدثار الغيرة على الدين والانتصار له . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (] إذا قال الرجل هلك الناس فهوا أهلكهم ) خرجه الإمام مسلم في صحيحه .

ألا فعلموا أن العلماء من أعظم الناس غيرة على حدود الله جل وعلا، ولكنهم ولله الحمد بعيدون عما يظهره بعضهم من هيجان واندفاع، وتهييج . ومنها: قلة الخوف من الله، وإلا لحبس هذا الطعانُ لسانه عن المسلمين قال الله جل وعلا :

(( ]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً ))الآية. وقال الله سبحانه وتعالى :

( واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون )) الآية . ومن الأسباب تلبيس أهل البدع ، والغرور خاصةً في زمن الفتن فيألبون ويهيجون الأمة على العلماء ويلقون بالشُبَهِ لتخلوا البلاد لهم .

ومنها : التقصير في التحذير من هذه الفتنة ، فتنة التعدي على علماء السنة والتوحيد ، فُيخشى والله أن تصير سنة ينشأ عليها الصغير ويهرم عليها الكبير، فالواجب أن يتصدى المصلحون لها ، وأن يبينوا للناس دينهم ما استطاعوا ، لأن الدين يذهب إذا طُعِنَ في حملته . ومنها : جهل الطاعنين بعواقب فعلتهم ، وثمارها المرة .

يقول العلامة ابن باز رحمه الله تعالى :

طالب العلم له شأنٌ عظيم وأهل العلم هم الخلاصة في هذا الوجود . أمة الإسلام، أمة القرآن الطعن في العلماء عاقبتهُ وخيمة ومآل أهله الذلة والخسران .

فمن ثمراته : حرمان بركة العلم إذ كيف ينتفع بالعلماء من يقدح فيهم .

كم من رجلٍ أفنى عمره في طلب العلم ، وحفظه ولكن ما انتفع به ولا نفع ، لأنه كان شديداً على علماء السنة طعناً فيهم . ومنها : موت القلب كما قال ابن عساكر من تعدى على العلماء بالثلب ابتلاه الله بموت القلب.

والله لقد رأينا أقوام نعرفهم ويعرفونا كانوا ذوي خير وصلاح ولكنهم كانوا طعانين في العلماء لا تخلوا مجالسهم من همزٍ ولمزٍ فـنُصِحوا وذُكِروا فما استجابوا، فأخزاهم الله في الدنيا قبل الآخرة، أما وجوههم فقد ذهب نورها وبهاؤها وأما أعمالهم فما أقبحها الآن تجرأٌ على رؤية المومسات في القنوات وشربٌ علانية للتنمباك وترك للصلوات. صدق ابن عساكر من تعدى على العلماء بالثلب ابتلاه الله بموت القلب.

ومنها : التعدي على العلماء هو من الغيبة والهمز واللمز فإن كان فيهم ما تقول فقد اغتبتهم وإلا فقد بهتهم . فالسلامة السلامة ، يا مريد النجاة يوم القيامة . واحذر عقوبة الله جل وعلا فإنه ينتقم ممن تعدى على أولياءه .

ومنها : أن الطعن في علماء السنة فيه مشابهة للذين قالوا ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء . ومنها : الجناية على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بصرفها عن علمائنا الربانيين لأن القدح فيهم يشكك الأمة في علمهم وأمانتهم فينصرفون إلى رؤوسِ الجهال ؛ فيفتون بغير علم فَيُضِلُون ويُضَلُون ، وفي هذا أيضاً جناية على الشريعة وتجفيف لينابيع الخير والهدى شاء ذلك الطاعنون أم أبوا . وفي الطعن فيهم إسقاطٌ لهيبتهم عند السلاطي ن، فالله المستعان. ومن آثار الطعن في العلماء شد أزر علماء البدع ودُعاتُها ، وكم يفرحون بطعن الأغرار في علماء السنة لأن الذي يصد أهل البدع ويردهم علماء السنة الأخيار فتنبهوا يا أولي الأبصار. وفي الطعن في العلماء أيضاً تقوية للعلمانيين وخدمة لهم فإنهم يسعون من قديم للحط من قدر العلماء وقد وجدوا من يكفيهم ذلك دون مقابل .

فإن لله وإنا إليه راجعون . ومنها: خذلان الناس للطاعن في العلماء ، فيتخلى عنه أحبابه وأتباعه ، فلا تتم له دعوة ولا جهاد ، ولا إنكار منكر ويسلط الله عليه أقرب الناس إليه ، لأن المؤمنين لا يحبون من يقع في علمائهم .

ومنها: أن في ذلك مشابهة لأهل البدع فإن من أعظم علاماتهم الوقيعة في علماء السنة . وأختم هذه التذكرة بذكر مواقف تبين أخلاق الأبرار كيف كانوا يوقرون أهل الإسلام هذه المواقف تبين توقير العلماء بعضهم لبعض ، ولا يعرف الفضل لأهله إلا ذووه . ذكر الحافظ ابن كثير في تاريخه :

أن أبا محمد البربهاري الحنبلي العالم الزاهد الفقيه ، عطس يوماً وهو يَعِظُ فشمتهُ الحاضرون ثم شمتهُ من سمعه ، حتى شمتهُ أهل بغداد ؛ فانتهت الضجةُ إلى دار الخلافة . وقال المروزي : قدم رجلٌ من طرسوس فقال : كان في بلاد الروم في الغزو إذا هدى الليل رفـعوا أصواتهم بالدعاء يقولون : ادعوا لأبي عبدالله يعني إمام أهل السنة أحمد بن حنبل. وقال حاشر بن إسماعيل : كنت في البصرة فسمعتُ قدوم محمد بن إسماعيل يعني الإمام البخاري صاحب الصحيح فلما قدم قال بندار : ( اليوم دخل سيد الفقهاء ).

وقال عباد بن عباد : أراد شعبة أن يقع في خالدٍ الحذاء أحد الأئمة الأعلام ، قال فأتيته أنا وحماد بن زيدٍ فقلنا له :

مالك أجُننت وتهددناه فسكت . وقال أيوب : إني أُخبَرُ بموتِ الرجل من أهل السنة فكأني أفقد عضواً من أعضائي. وقال :

إن الذين يتمنون موت أهل السنة، يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون .

وقال يحيى بن جعفر : لو قدرت أن أزيد في عُمرِ محمد بن إسماعيل البخاري من عمري لفعلت ، فإن موتي يكون موت رجل واحد وموته ذهاب العلم . وقال الإمام أبو حنيفة في شيخه حماد : ما صليتُ صلاةً منذ مات حماد إلا استغفرتُ له مع والدي وإني لأستغفر لمن تعلمت منه أو علمني علماً .

وسأل رجلٌ الإمام أحمد بن حنبل فقال : عندنا بالمسجد شابٌ يقال له أبو زرعة ، فغضب الإمام أحمد وقال يقول شاب كالمنكر عليه ثم رفع يديه وجعل يدعوا لأبي زرعة ومن كان من أهل العلم ، يقول :

(( اللهم انصره على من بغى عليه اللهم عافه اللهم ادفع عنه البلاء اللهم …اللهم …في دعاء كثير.)).

وأما كلام علماء الدنيا الثلاثة في زماننا : ابن باز ، والألباني ، وابن عثيمين، في هذا الباب بعضهم على بعض فعظيم . قال الألباني رحمه الله :

( خلت الأرض من عالمٍ وأصبحت لا أعرف إلا أفراداً قليلين أخص بذكر منهم : العلامة ابن باز ، والعلامة ابن عثيمين). وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

( لا أعلم تحت قُبَةِ الفلك في هذا العصر، أعلم من الشيخ الألباني ).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

( الألباني رجل من أهل السنة رحمه الله مدافع عنها إمام في الحديث لا نعلم أن أحداً يباريه في عصرنا لكن بعض الناس نسأل الله العافية يكون في قلبه حقد إذا رأى قبول الشخص ذهب يلمزه بشيء كفعل المنافقين الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم ). وقال :

( الرجل رحمه الله نعرفه من كتبه وأعرفه بمجالسته أحياناً سلفي العقيدة سليم المنهج ) أ.هـ. فيا عباد الله : اتقوا الله جل وعلا :

( اتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون) .

من وقع منه زلة ، أو طعن في أحد من علماء السنة فيتب إلى الله جل وعلا قبل الممات ، وليستغفر لهم في المجالس التي قدحهم فيه .

اللهم يا حي يا قيوم ياذا الجلال والإكرام ، اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك من إجرامنا ، وصلى اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا ً.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . أهـ وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من خطبة جمعة للشيخ // سلطان بن عبد الرحمن العيد حفظه الله .( بتصرف يسير )

منقول من شبكة الإمام الأجري العلمية.

مصدر الموضوع إلى من يسب العلماء ويطعن فيهم "التحذير من الطعن في علماء السنة والتوحيد" – منتديات الهندسة نت https://www.alhandasa.net/forum/showt…#ixzz1xPUXEAnK

بارك الله فيك وجزاك عنااااااااا كل خير

هناك فرق بين السب والانتقاد
السب والشتم مرفوض لاي كان
لايجب ان تسب اي شخص مهما كانت مرتبته او دوره او مكانته
اما الانتقاد فهو حق طبيعي لكل انسان
ومن يتكلم في امور العامة من الناس فانه عليه تحمل انتقاد الناس له

"التحذير من السَّفَه في العقل والمال 2024.

لتحذير من السَّفَه في العقل والمال
ألقى فضيلة الشيخ سعود الشريم – حفظه الله – خطبة الجمعة بعنوان: "التحذير من السَّفَه في العقل والمال"، والتي تحدَّث فيها عن السَّفَه ومعناه وصفات المُتخلِّقين به، وبيَّن خطورته، مُحذِّرًا من مغبَّته، مُستدلاًّ على ذلك بالأدلة من الكتاب والسنة، ومن الواقع المُشاهَد.

الخطبة الأولى
الحمد لله العليِّ القدير، هو القاهرُ فوق عبادهِ ويُرسِلُ عليهم حفَظَةً، لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [القصص: 70]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله، أرسلَه الله بالهُدى ودينِ الحقِّ ليُظهِرَه على الدينِ كلِّه ولو كرِهَ المُشرِكون، فبلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصحَ الأمة، فصلواتُ الله وسلامُه عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى أصحابه الغُرِّ الميامين، ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فإن الوصيةَ المبذولةَ لي ولكم – عباد الله – هي تقوى الله – سبحانه -؛ فهي سِلاحُ كلِّ مؤمنٍ، ودِثارُ كلِّ خائفٍ، وبُشرى كلِّ راغبٍ، فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة: 100].

أيها الناس:
يتفقُ الناسُ جميعًا مهما اختلَفَت مدارِكُهم أن العقلَ من أعظم نِعَم الله على العبدِ، به يميزُ الخبيثَ من الطيبِ، والزَّينَ من الشَّيْن، هو علامةٌ فارِقةٌ بين الآدميَّة وبين البهيميَّة والحجر الصَّلدِ، إنه لا يعرفُ قدرَ العقلِ إلا من وُهِبه، وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [النحل: 78].

وإنه لا يعلمُ مقدارَ العقلِ إلا من رأى فاقِدَه أو فقِدَ الاستِنارةِ به، ومن وهبَه الله عقلاً لا أثرَ له في واقعِ حياته فهو كمثلِ الحِمارِ يحمِلُ أسفارًا، أو كالعِيسِ في البَيْدَاءِ يقتلُها الظَّمَأ والماءُ فوق ظُهورِها محمولٌ.
لقد تسلَّلَت الاِزدِواجيَّةُ والتَّضادُّ لدى كثيرٍ من العقول، وما ذاك إلا لاضطرابِ وسائل التلقِّي التي يتعارَكُ فيها الحقُّ والباطلُ، والزَّيْنُ والشَّيْنُ، في زمنٍ يتقدَّمُ الحقُّ فيه تارةً ويتسلَّلُ الباطلُ فيه تاراتٍ.

وإنه متى تسلَّل الخللُ إلى العقل لِواذًا فتجاذَبَته الخِفَّةُ والطَّيشُ والاضطرابُ في الرأيِ والفكرِ والأخلاق؛ فإنه السَّفَهُ ما مِنه بُدٌّ، والسفيهُ في مثل هذا: هو ظاهرُ الجهل خفيفُ اللُّبِّ، استمهَنَ عقلَه بالتقليدِ الأعمى، والإعراضِ عن النظرِ به خللٌ في تفكيره، وخللٌ في لسانه، وخللٌ في قلمه، وخللٌ في أخلاقه، يفِرُّ منه العُقلاءُ فِرارَ الصحيحِ من الأجربِ.
السَّفَهُ – عباد الله – ليس جنونًا ولا فُقدانًا للعقل؛ وإنما هو سوءُ استعمالٍ له أو تهميشُه عن أداء دوره الذي خُلِق له، فكلُّ صاحبِ عقلٍ سارَ مع مُرادِ الله ومُرادِ رسوله – صلى الله عليه وسلم – فهو العقلُ السلمُ، ومن ندَّ عن مُراد الله ومُراد رسوله – صلى الله عليه وسلم – فهو السَّفيهُ وإن كان عقلُه يفوقُ عقولَ الدُّهاة.
ومن هنا وصفَ الله – جل وعلا – بالسَّفَه كلَّ من عانَدَ أو ندَّ عن شِرعتِه ومِنهاجِه، كما قال تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ [البقرة: 13]، فوصفَهم بالسَّفَه مع كمال عقولهم ودهائِهم؛ لمُخالفتهم صِبغةَ الله، ولهذا توعَّد اللهُ كلَّ سفيهٍ لا يُعمِلُ عقلَه فيما يُرضِي اللهَ – سبحانه -، أو يُعمِلُه فيما لا يُرضِي الله، بقوله تعالى: أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف: 179].

والسَّفَه – عباد الله – آفةٌ تعتري الإنسانَ في أموره الدينية وأموره الدنيوية؛ أما الأمور الدينية فيكونُ ذلك بمُحادَّة الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم –، والنُّكوص عن شِرعة الله أو مُضادَّتها، أو الاستِهزاءِ بالله وبرسوله – صلى الله عليه وسلم -، أو السخريةِ بشيءٍ من أمور الدين، أو التهوين من شأن الشريعة الإسلامية ووصفها بالتخلُّف أو النُّقصان أو عدم مُلاءمتها لواقع الحال، كلُّ ذلك سَفَهٌ وخَبالٌ، كما قال تعالى: سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا [البقرة: 142]، فقد وصفَ الله هؤلاء المُعترِضِين بالسَّفَه؛ لأن العاقلَ لا يعترِضُ على الله ولا على رسوله – صلى الله عليه وسلم -، ومن ثمَّ يكون عزيزًا كريمًا، بخلاف المُعترِض فإنه يُصابُ بالذلِّ والصَّغار، كما قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ [المجادلة: 20].

ولم يكن وصفُ السَّفَهِ – عباد الله – قاصرًا على مُعانَدة بعض سُفهاءِ الإنس تجاهَ دينهم ومتهم ومُجتمعهم، كلا؛ بل إن اللهَ – سبحانه – ذكرَ ذلك عن أمةِ الجنِّ أيضًا، وذلك بقولهم: وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا [الجن: 4]؛ أي: يقول بُهتانًا وزُورًا.

فانظروا – يا رعاكم الله – كيف اتفقَت الجِنَّةُ والإنسُ على وصفِ من تخبَّطَ في أمور الدين، ولتَّ فيها وعجَنَ بغير هُدًى من الله أنه سَفيهٌ ليس من العُقلاء في وِرْدٍ ولا صَدَرٍ، وقد قال الله تعالى: وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ [البقرة: 130].

ولهذا – عباد الله – تكون مغبَّة السَّفَه في أمور الدين وخيمةً، فهي غيرُ قاصرةٍ على السفيهِ وحدَه؛ بل تعمُّ السفيهَ والعقلَ والمُجتمعَ كلَّه؛ فقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم – حينما سُئِل: أنهلِكُ وفينا الصالِحون؟ قال: «نعم، إذا كثُر الخبَثُ».

ولهذا قال الله – جل وعلا -: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الأنفال: 25]، فمن سَفَهِ السفيهِ أنه يجُرُّ الويلَ والهلاكَ لمُجتمعه جرَّاءَ سفَهِهِ وحماقاتِهِ، وما كان خوفُ موسى – عليه السلام – من السَّفَه في أمور الدين إلا خشيةَ أن تعُمَّهم العقوبةُ من الله، فكان كلامُ موسى لربِّه: قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ [الأعراف: 155].
وأما السَّفَهُ في الأمور الدنيوية – عباد الله – فيكون في التصرُّف في المال بما يُخالِفُ شرعَ الله، أو بالتبذيرِ والإسرافِ فيه، ومن ذلكم: الاتِّجارُ والمُرابَحَة فيها بتهوُّرٍ وعدم استِحضارِ حُرمتها وحُرمةِ أصحابها، فهذا سَفَهٌ ووضعٌ للأمور في غيرِ موضعِها، ولهذا قال الله تعالى: وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا [النساء: 5].
لقد كثُر السَّفَهُ في الأموال، فاستهانَ البعضُ بالحقوق وتصرَّفوا بأموال الناس بلا ذِمَّةٍ ولا أمانة، فاضطربَت الإِحَنُ والمُشاحَّةُ والدعاوَى، وكثُر الإعسارُ المُفاجِئُ، والخسائرُ المُتراكِمة، ونشأَت الفتنُ بين المُساهِمين والمُستثمرين، فبغَى بعضُهم على بعضٍ، ولعَنَ بعضُهم بعضًا، كلُّ ذلك بسببِ الطمعِ والجشَع، وضعفِ القناعَة المُولِّدة للسَّفَه الماليِّ؛ لأن للمال ثورةً كثورةِ الخَمرة تأخُذ شارِبَها حتى ينتشِي.

وجامِعُ الأمر في ذلكم: هو قولُه – صلى الله عليه وسلم -: «من يأخُذ مالاً بحقِّه يُبارَك له فيه، ومن يأخُذ مالاً بغير حقِّه فمَثَلُه كمثَلِ الذي يأكلُ ولا يشبَع»؛ رواه مسلم.
فليتَّقِ اللهَ أولئك الذين استأمنَهم الناسُ على أموالهم، وليُرابِحُوا فيها بما أحلَّ الله، وألا يتهوَّروا ولا يُفرِّطوا، ولا يقعُوا في الرِّيبةِ والشُّبهَة، ولا يستغِلُّوا ثقةَ الناسِ بهم، وليذكُروا قولَ النبي – صلى الله عليه وسلم -: «من أخذَ أموالَ الناسِ يُريدُ أداءَها أدَّى اللهُ عنه، ومن أخذَها يُريدُ إتلافَها أتلفَه الله»؛ رواه البخاري.

ثم إن من السَّفَه – يا رعاكم الله -: قتلَ النفس التي حرَّم الله إلا بالحق، وكلما ازدادَ المرءُ قتلاً ازدادَ سَفَهًا، وإن تعجَبوا – عباد الله – فعَجَبٌ سَفَهُ من يقتُلون شُعُوبَهم وبني جِلدَتهم ممن وصفَ النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – أمثالَهم بأنهم سُفهاءُ الأحلام، ومن أفعالهم: أنهم يقتُلون أهلَ الإسلام، ويدَعُونَ أهلَ الأوثان، كما يجري لبعضِ إخواننا ممن قُتِلوا وعُذِّبُوا سَفَهًا بغير علم، وكم هي الحالُ المُؤرِّقةُ مع إخواننا في سورية والذين يُواجِهون أشدَّ أنواعِ الجَور والقتل والوحشية التي لا يرضاه الله ولا رسوله – صلى الله عليه وسلم -، ولا يُقِرُّها دينٌ ولا مِلَّةٌ ولا عُرْفٌ، قتلٌ وغدرٌ وعِنادٌ، وكلما قيل لهم: اتقوا الله ولِينوا بأيدي إخوانكم، جعلوا أصابعهم في آذانهم، وتأبَّطوا أسلحتَهم، وأصرُّوا واستكبَروا استِكبارًا.
وأمثالُ هؤلاء يصدُقُ فيهم قولُ ابن عباسٍ – رضي الله تعالى عنهما -: "إذا سرَّك أن تعلمَ جهلَ العربِ فاقر قولَ الله تعالى: قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ [الأنعام: 140]"؛ رواه البخاري.

وبهذا المُناسَبة فإن الشكرَ موصولٌ لكل من كانت له يدٌ طُولَى في الإنكار على أولئك؛ من حكوماتٍ، وقادة، وعلماء، ومُفكِّرين، وشُعوب، وأخُصُّ منهم: الدول التي سحَبَت سُفراءَها، ووقفَت ضدَّ الظلم والعُدوان، ومنهم: هذه البلاد بقيادتها.

فإلى مزيدٍ من الجهود وممارسة تضييق الخِناقِ ضدَّ هذا التصعيدِ السَّفيه في نَزيفِ الدماء، وجمعِ الكلمة في اتخاذ خُطواتٍ مُتقدمةٍ تكون كفيلةً في حقنِ الدماءِ ورفع القتلِ والظلمِ.
بارَكَ الله في الجهود، وسدَّد الخُطى، وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [يوسف: 21]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 70، 71].

قد قلتُ ما قلتُ، إن صوابًا فمن الله، وإن خطأً فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله إنه كان غفَّارًا.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، ولا عُدوان إلا على الظالمين، وأُصلِّي وأُسلِّمُ على عبده ورسوله محمدٍ – صلى الله عليه وسلم -، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإن المُجتمعات الجادَّة الواعِية هي تلكم المُجتمعات التي تُحسِنُ التعامُل المُتكامِل، وتلمَّسُ مواقعَ الخللِ لدى بنِيها والمُنتَمين إليها؛ لتشكُر الناجِح وتُكرّمه، ولتُصلِح المُتعثِّر وتُقوِّمه، ومن ذلكم: أخذُها على أيدي سُفَهائِها، وإصلاح شأنهم، والقضاء على مظانِّ السَّفَه لئلا تغرقَ سفينةُ المُجتمع الماخِرة بقضِّها وقضيضِها.
السَّفيهُ آفةٌ في المُجتمع عالةٌ عليه؛ لأنه لا يعرفُ متى يجبُ أن يتكلَّم ولا متى يجبُ أن يسكُت.
السَّفيهُ يتطفَّلُ على كلِّ شيءٍ، ويتكلَّم ويهرِفُ في كل شيءٍ.
السَّفيهُ هو الرُّويبِضَةُ الذي يتكلَّمُ في أمرِ العامَّة، وينصِبُ نفسَه نِدًّا لذوي العلمِ والاختِصاصِ.
السَّفيهُ يسبِقُ طيشُه عقلَه، وغضبُه حلمَه، وغفلتُه يقظتَه، لا تزيدُه المُجاراةُ إلا هذَرًا، ولا المُداراةُ إلا بطَرًا، ولا أمانُ العقوبةِ لا هرَفًا وتماديًا.
وأما السَّفيهُ في الأخلاقِ فدواؤُه السكوتُ، ومُتاركتُه بلا جوابٍ أشدُّ عليه من الجوابِ في الغالبِ، سفيهُ الخُلُق إذا ردَدتَ عليه فرَّجتَ عنه، وإذا خلَّيتَه فإنه يموتُ كمَدًا، قال عنه الشافعيُّ – رحمه الله -:
يُخاطِبُني السَّفيهُ بكلِّ قُبحٍ وأكرَهُ أن أكون له مُجيبًا
يزيدُ سفاهةً وأزيدُ حِلمًا كعودٍ زادَه الإحراقُ طِيبًا
فالسَّفيهُ – عباد الله – كالضَّرعِ إن حلبتَه درَّ، وإن تركتَه قرَّ.
وقد كان عُميرُ بن حبيبٍ ممن أدركَ النبيُّ – صلى الله عليه وسلم -، فكان يقولُ لبَنِيه: بنِيَّ! إياكم والسُّفهاء؛ فن مُجالستهم داءٌ، من يحلُم عن السَّفيه يُسَرُّ، ومن يُجِبْهُ يندَمُ، ومن لا يرضَى بالقليلِ مما يأت به السَّفيهُ يرضَى بالكثيرِ.
ولا خيرَ في عقلٍ إذا العلمُ غائبٌ ولا خيرَ في علمٍ يكونُ بلا عقلِ
فلا بُدَّ من علمٍ وعقلٍ كلاهُما يصُدَّان عنَّا ذا السَّفاهَةِ والجهلِ
هذا وصلُّوا – رحمكم الله – على خيرِ البرية، وأزكى البشرية: محمد بن عبد الله، صاحبِ الحوض والشفاعة؛ فقد أمركم الله بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، وثنَّى بملائكته المُسبِّحة بقُدسِه، وأيَّه بكم – أيها المؤمنون -، فقال – جل وعلا -: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب : 56]، وقال – صلواتُ الله وسلامه عليه -: «من صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها شرًا».
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحابته والتابعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجودك وكرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واخذُل الشرك والمُشركين، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين.
اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المسلمين، ونفِّس كربَ المكروبين، واقضِ الدينَ عن المَدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تحبُّه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حيُّ يا قيُّوم، اللهم أصلِح له بطانته يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أصلِح أحوالَ المُسلمين في كل مكانٍ، اللهم أصلِح أحوالَ المُسلمين في كل مكانٍ، اللهم أصلِح أحوالَ المُسلمين في كل مكانٍ، اللهم كُن لإخواننا المُستضعفين في سُوريا، اللهم كُن لإخواننا المُستضعفين في سُوريا، اللهم كُن لهم ولا تكُن عليهم، اللهم أعِنهم ولا تُعِن عليهم، اللهم اشفِ مرضاهم، وفُكَّ أسراهم، وارحم موتاهم يا ذا الجلال والإكرام.
اللم شأن من ظلمَهم في سِفال، وأمرَه في وبالٍ، يا حيُّ يا قيُّوم يا رب العالمين يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفُقراء، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانِطين، اللهم أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانِطين، اللهم أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانِطين.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة: 201].
سبحان ربِّنا رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

https://www.alharamain.gov.sa/index.c…owseby=khateeb

شكرا أخي بارك الله فيك على الموضوع المميز