المقالة التّاسعة من : إيقاظُ الوَسنانِ مِن زَلاّتِ اللِّسانِ 2024.

العُضوُ الرَّئِيسُ،وَالأَعْضَاءُ الرَّئِيسَةُ : وأمّا قولُهم:العُضوُ الرَّئِيسيّ،والأعضاءُ الرَّئيسيَّة،بزيادة ياء مشدّدة آخره،فإخاله لحنًا يجب صونُ اللّسان منه؛لأنّها حَشْوٌ لا معنى لها.
وقد جرى على هذا السَّنَن في رسم هذه اللّفظة (أعني:الرَّئيس و الرَّئيسَة) بعضُ مَن يُشارُ إليه من أئمّة اللّغة،وأفاضل العلماء،منهم:
1. الإمام الهُمام محمد مرتَضَى الزَّبيديّ في:تاج العروس (14 / 3951 رأس)،فقد جاء فيه قوله: ( ومِن المَجَازِ:الأَعْضَاءُ
الرَّئِيسَةُ وهي أَرْبَعَةٌ عِنْدَ الأَطِبَّاءِ:القَلْبُ والدِّماغُ والكَبِدُ،فهذِه الثَّلاثَةُ رَئيسَةٌ مِن حَيْثُ الشَّخْصُ،على مَعْنَى أَنَّ وُجُودَه بدُونِهَا أَو بِدُونِ وَاحدٍ منها لا يُمْكِنُ.والرّابِعُ:الأُنْثَيَانِ وكونُه رَئيساً مِن حَيْثُ النَّوْعُ على مَعْنَى أَنَّه إِذا فاتَ فاتَ النَّوْعُ.ومَنْ قالَ:إِنَّ الأَعْضَاءَ الرَّئيسَةَ هي الأَنْفُ واللِّسَانُ والذَّكَرُ فقدْ سَهَا ) .
2. الإمام الصّاغانيّ الحسن بن محمّد في:العُباب الزّاخر (1 / 112 رأس)،وقد جاء فيه قولُه: ( والأعضاءُ الرَّئيسَةُ عند الأطبّاء أربعةٌ:القلب والدِّماغ والكَبِد والأُنثيان،ويُقال للثّلاثة المتقدِّمَة:رَئِيسَةٌ مِن حيث الشَّخصُ،على معنى أنَّ وجودَه بدونها أو بدون واحِدٍ منها لا يُمكِن،والرّابع:رئيسٌ من حيث النّوعُ على معنى أنَّه إذا فاتَ فاتَ النّوعُ،ومَنْ قال إنّ الأعضاءَ الرَّئيسَةَ هي الأنفُ واللَّسان والذَّكَرُ فقد سَها ).
3. ( ابنُ سِيدة في:المحكم،والثّعالبيّ في:الطّرائف،وأبو حيّان التّوحيديّ في:الإمتاع والمؤانسة(1)،والصّاغاني في:مجمع البحرين،والخُوارزميّ في:مفاتيح العلوم،وأَدْوَرَدْلايْن في:مدِّ القاموس )(2).
4. وقال أصحابُ الفَضيلة في المعجم الوسيط (ص319 ع3): ( والأعضاءُ الرّئيسَة:هي الّتي لا يعيشُ الإنسانُ بفقد واحدٍ منها،وهي القلبُ،والدِّماغُ،والكبدُ،والرِّئتانِ،والكُلْيتانِ .ويقالُ:مسألة رئيسَةٌ:أساسيّةٌ ).
5. عبد السّلام محمّد هارون في تقديمه لكتاب الحيوان للجاحظ (1 /18) وقد جاء فيه قوله: ( فوضح لي أنّ صاحبه اِعتمد في تأليفه على أمورٍ خمسة رَئِيسَة ).
وقال في معجم الأخطاء الشّائعة (ص98 رقم 369): ( الأعضاءُ الرَّئِيسَةُ:ويقولون:القلبُ والدّماغُ والكبدُ من الأعضاء الرّئيسيّة في الإنسان.والصّوابُ:من الأعضاء الرَّئيسَة،كما جاء في المحكم لابن سِيدة(3)،والتّاج للزّبيديّ ،والطّرائف للثّعالبيّ،والإمتاع والمؤانسة لأبي حيّان التّوحيديّ،ومجمع البحرين للصّاغانيّ،ومفاتيح العلوم للخُوارزمي(4)،والوسيط لمجمع القاهرة،ومدّ القاموس لأدْورَدْلايْن ).
نعم،لقد تراجع العدنانيّ في معجم الأغلاط اللّغويّة المعاصرة (ص244 ع702) عن تخطئة من يستعمل: (الرَّئيسيّ) بدل (الرَّئيس)،و(الرَّئيسيّة) بدل (الرَّئيسَة)؛لأنّ مجمع اللّغة القاهريّ أقرَّ في دورته الثّامنة والثّلاثين(5) استعمال كلمة (رَئِيسيّ).وممّا جاء فيها قولُهمالجيريايستعمل بعضُ الكتّابِ:العُضْوُ الرَّئِيسيّ،أو الشّخصيّاتُ الرَّئيسيّةُ،ويُنْكِرُ ذلك كثيرونَ.وترى اللّجنةُ تسويغ هذا الاستعمال بشرط أن يكونَ المنسوبُ إليه أمرا من شأنه أن يندرِجَ تحته أفرادٌ متعدِّدَة)(6).ثمّ علّق العدنانيّ على قرارِ المجمع هذا بقوله: ( ولستُ أدري لماذا سوّغوا هذا الاستعمال مَشروطا.وأرى أحد أمرينِ:
1. إمّا أن نُجيزَ قولَ الأعضاء الرَّئيسيّة دون قيد أو شرط،حُبًّا في تسهيل الأمور،واجتنابا لتعقيدها بذلك الشَّرط الّذي يجعلُ
المرءَ يقفُ هنيهةً حائرا إزاءَه.
2. أو نكتفي بقول:الأعضاء الرّئيسةُ،كما تقول أمّهاتُ(7) معاجمنا.
فما رأيُ مَجامعنا الموَقَّرة ؟. ) .
وتأمّل معي اقتراحه الأوّل،والّذي قيّدهُ بقولهالجيرياحُبًّا في تسهيل الأمور)!.وكأنّ الأمرَ دائرٌ بين ما هو سهلٌ في الاستعمالِ،وما هو عَسِرٌ فيه.وذا يُوحِي بأنّ كلا الاستعمالين جائزان في العربيّة،والأمرُ بخلاف ذلك .
وأمّا اقتراحه الثاني فهو الّذي سبقَ تقريره واعتمادُه من غير قيد المجمع .
الهوامش :
1 – (1 /145 اللّيلة 17).
2 – نقلا عن معجم الأخطاء الشّائعة (ص98) بتصرُّف.
3 – (1 /4 المقدّمة).
4 – (1 /34).
5 – عُقِدَ المؤتمر بين7 و21 من شُباط عام 1972. – أفاده في معجم الأغلاط اللّغويّة المعاصرة (ص244) –
6 – نقلاً عن معجم الأغلاط اللّغويّة المعاصرة (ص244).
7 – الأرجح في الاستعمال الأفصح أن يُقالَ:أُمّات لِمَن لا يعقل،وأُمّهات لِمَن يعقل.ويراجع له:إيقاظ الوَسنان من زلاّت اللِّسان (ص16 رقم 7).
يتبع / وكتب : محمّد تبركان

ماشاء الله رائعة وربي

بإذن الله سألقي نظرة على المقالات السابقة

لي عودة ان شاء الله