المقالة الأولى : إيقاظ الوَسنان من زلاّت اللِّسان 2024.

الجيريا المقالة الأولى (إيقاظُ الوَسنانِ[1] مِن زَلاّتِ اللِّسانِ)

إعداد:محمّد تبركان

جَزى اللّهُ خيرًا مَن تَأمَّلَ تَأليفي * وقابلَ بالإغضاءِ نَحوي وتَصريفي
فما ليَ شيءٌ غيرَ أنّي اختصرتُهُ * ونَقْلُ كلامِ النّاسِ فَنُّ تَعْسيفي[2]
الحمدُ للّه ربّ العالمين،والصّلاة والسّلام على سيّد الأوّلين والآخرين،نبيّنا محمّد بن عبد اللّه،وعلى آله الطّيّبين،وصحابته الأكرمين،وعلى التّابعين لهم بإحسان إلى يوم الدّين.
وبعد،فهذه جملة من الأخطاء الشّائعة،والأغلاط الذائعة المتعلِّقة باللّغة العربيّة رسمًا ولفظًا،والّتي لم ينج من مَعَرّة الوقوع فيها بعض الخواص بَلْهَ العوامّ؛فكان هذا التّقييدُ،راجيًا من اللّه تعالى التّوفيق والسّداد.
وقد وَسَمته ب(إِيقاظُ الوَسْنانِ مِن زَلاَّت اللِّسان) سِرتُ فيه على عَجَل،ولا غَرْوَ في ذلك فقد خلق اللّه عزّوجلّ الإنسان كذلك،وقسمتُ مباحثه إلى مجموعات،كلّ مجموعة ضمّنتُها عشرًا من الألفاظ.
فإن وُفّقت لما إليه قصدت فذلك من فضل اللّه عليّ،فله الحمد من قبل،ومن بعد،وإن كانت الأخرى؛فإنّي بالقصور مُعترِف،والكمال عَزيز.

المجموعة الأولى

1- المَأْتَم .

2- مَطَرتْهُم السّماءُ لا أمطرَتْهُم .
3- دَبَر الصّلاة لا دُبُرها .
4- الخُبُث – الخُبْث .
5- الذَّنُوب .
6- كافَّة .
7- أُمَّات الكُتُب لا أُمَّهات .
8- جَلَّدَ جَزُورَه لا سَلَخَه .
9- سائرُ النّاس.
10- الأَنانِيَة .

………………………………………….. ………..
1- المَأْتَمُ:المأتمُ عند العرب النّساءُ يجتمعن في الخير والشّرّ،وعند العامّة:المصيبة،يقولون:كنّا في مأتم فلانٍ،والصّواب:كنّا في مناحَة فلان.هذا ما قرّره الرّازي في مختار الصّحاح (ص4 ع2)،وغيره من أعلام اللّغة،وأئمّة العربية،وإليك جردٌ لبعض تقريراتهم:
قال ابن قتيبة في أدب الكاتب (ص20)الجيرياومن ذلك [ما يضعه النّاس في غير موضعه] المأتم، يذهب النّاس إلى أنّه المصيبة،ويقولون:كنّا في مأتم.وليس كذلك،إنّما المأتمُ النّساءُ يجتمعن في الخير والشرّ،والجمع مآتم.والصّوابُ أن يقولوا:كنّا في مَناحة.وإنّما قيل لها مَناحَة من النّوائح؛ لِتقابلهنّ عند البكاءِ).
وجاء في خير الكلام في التّقصِّي عن أغلاط العوام (ص49)الجيرياقال الحريري:يتوهّم أكثر الخاصّة أنّ المأتم مَجمع المَناحة.وهي عند العرب النّساء يجتمعن في الخير والشرّ.وفي القاموس:المأتم كلّ مجتمع في حزنٍ أو فرحٍ،أو خاصّ بالنّساء،أو بالشّوابّ.وفي الصّحاح:وعند العامّة:المصيبة …).
وفي المُغرب في ترتيب المعرب (1 /25)الجيرياالمأتم عند العرب النّساء يجتمعن في فرح أو حزن، والجمع:المآتم،وعند العامّة:المصيبة،والنّياحة.يقال:كنّا في مأتم بني فلانٍ.قال ابن الأنباري:هذا غلط،وإنّما الصّوابُ:في مَناحة بني فلان،وأُنشد لأبي العطاء السِّندي في الحزن[3]:
عَشِيَّةَ قامَ النّائحاتُ وشُقِّقَتْ * جُيوبٌ بأيدي مَأْتَمٍ وخُدودُ
ولابن مُقبل في الفرح:
ومأتمٍ كالدُّمى حُورٍ مَدامعُها * لم تَيأسِ العيشَ أبكارًا ولا عُونا
وفي التّوقيف على مهمّات التّعاريف (1 /631-632)الجيرياالمأتم مَفْعَلٌ من الأَتْم،اجتماعُ النّساء في فرحٍ أو حزنٍ على اقتران حَدَث بزمان قبل زمانك).
وفي فقه اللّغة للثعالبي (ص190)الجيريا[فصل في تفصيل أمكنة للنّاس مختلفة] … المأتم مكان اجتماع النّساء)،كذا بإطلاق من غير تقييد،وعلى الاستعمال الصّحيح ورد في كامل المبرّد (1 / 533) قالالجيرياوحُدِّثتُ عن سعد بن مصعب بن الزّبير اتُّهم بامرأة في ليلة مَناحة أو عرس …).
وبعد هذا البيان،فليس مع الذين خصُّوا استعمال لفظ " المأتم " في الحزن إلاّ غلبة الاستعمال، وتلك حجّة قاصرة،لا تقوى على تغيير سَنن العرب في الكلام؛وبهذا يُفسَّر سكوت المعجم الوسيط (ص4)!،وخلُص العدناني في معجم الأخطاء الشّائعة (ص21) إلى القولالجيريا… وأنا أُوثِر استعمالَه في الحزن)،قال هذا،بعد قولهالجيرياوالصّوابُ أن يُطلقَ على النّساء يجتمعن في الخير والشّر)!!،وأمّا عَصرِيُّه نسيم نصر فقد قال في أخطاء ألفناها (ص150)الجيريا… ولكن يبقى القول: كنّا في مَناحةٍ على فلانٍ،أقرب إلى الصّواب من القول:كنّا في مأتم على فلان …).
ولك أن تراجع:
1- تاج العروس (8 /179).
2- النّهاية في غريب الحديث والأثر (1 /21، 4 /288).
3- لسان العرب (12 /3-4).
4- أساس البلاغة (ص2).
5- القاموس المحيط (1 /1388).
6- تصحيح التّصحيف وتحرير والتّحريف (ص459 رقم 1501).
7- نصوص في فقه اللّغة العربية (2 /227-230).
محمد تبركان / يتبع إن شاء اللّه تعالى
………………………………………….. …………………………….
[1] – السِّنَةُ النُّعاسُ من غيرِ نومٍ،ورجلٌ وَسْنانٌ ونَعْسانٌ بمعنى واحد – لسان العرب 13 /449 – .
[2] – رواية البيتين في البحور الزّاخرة في علوم الآخرة للسّفارييني محمد بن محمد بن أحمد:

جزى الله خيراً من تأمل تأليفي * وقابل بالإغضاء وضعي وتصنيفي
فمالي شيء غير أني جمعته * وحر|رته من غير شَيْنٍ وتَحريفِ

[3] – الشّعر والشّعراء (2 /653).

بارك الله فيك و جزاك خيرا

المقالة الثامنة من : إيقاظ الوسنان من زلاّت اللِّسان 2024.

الأنانيّة : قال ابنُ بالي القُسْطَنْطيني في " خيرِ الكلام في التَّقَصِّي عن أغلاطِ العوام " (ص21): ( ومِن اِختراعاتِهم الفاسدة الأنانية؛فإنّه لا أصلَ له في كلام العرب)،ونقله الشّيخُ بكرُ بنُ عبد اللّه أبو زيد في معجم المناهي اللّفظيّة (ص151)، وأغفلتها – في حدود علمي – معاجم اللّغة العربيّة ؛لأنّها عندهم غير معتبرةٍ لغةً ولا قياسًا.بينما أوردها صاحب معجم الأخطاء الشّائعة في (ص29 رقم 47)،ولم يُعرِّج على ما نبّهت إليه!،فكأنّه خفي عليه ذلك . وأقرّها أصحاب الفضيلة في المعجم الوسيط في (ص28، 668)،وعلّة ذلك ما جاء في:قرارات مجمع اللُّغة العربيّة بالقاهرة (14 / 5): ( … أمّا كلمة " الأنانية " فهي إمّا نسبة إلى الأنا؛فتكون بتشديد الياء،بزيادة ألف ونون كالمنظراني والمخبراني،وإمّا نسبة إلى " الأناني " كالاشتراكي نسبة إلى الاشتراكيّة). وفي مقالٍ للأستاذ د.نيقولا دوبريشان " طرق تنمية وتحديث متن اللّغة العربيّة في العصر الحديث " ضمن قرارت مجمع اللّغة العربيّة بالقاهرة 11 جاء فيه قوله: ( وقد أصبحتْ الحاجةُ إلى المصطلحات المجرّدة ماسّة في العصر الحديث … والجديرُ بالذِّكر أنّ مجمع اللّغة العربيّة في القاهرة أصدر قرارًا بصدد اشتقاق المصدر الصِّناعي منذ بداية نشاطه في عام 1934 " مجلّة المجمع العدد 1، 1934، 211 ": ويشتق المصدر الصناعي مثله في ذلك مثل النِّسبة من جميع أنواع الأسماء بما فيها صيغة التّكبير والصِّفة على وزن فعّال " أسبقية،أكثرية،أغلبية وشفافية،حساسية "،ومن الضّمير " أنانية "، ومن أسماء العدد " ثنائية،ثلاثية "،ومن الأعلام " ساداتية،ناصرية،ماركسية، برغسونية،هملتية "،ومن الألفاظ المعرّبة " وقد دخل بعضها إلى اللّغة العربيّة بشكل المصدر " الصناعي ": إمبريالية،دكتاتورية،ديمقراطية … إلخ) . قلت:كذا،عدّها – وغيرَها – مَن أجاز توظيفَ هاتين الكلمتين " الأنانية و الأنا " مصدرا صِناعيّا،وخفي عليه أنّ اعتبار اسميّة كلمة (الأنا) من حيث اللّغةُ غير ثابتٍ؛فإن كان كذلك فكيف يُصاغ منه المصدر الصّناعي. لقد حَلَّوا الضّمير (أنا) بالألف واللّام؛ليصير (الأنا)،ثمّ صاغوا منه بزيادة ياء النّسبة كلمة (الأنانيّة). وهل تقبل الضّمائر أن تُحَلَّى بالألف واللّام ؟،لست أعرف ذلك!. فكيف نجيزُ خرق أصول قواعد العربيّة لِتَسويغ توظيف بعض الكَلِم بحُجّة " وقد أصبحت الحاجة إلى المصطلحات المجرّدة ماسّة في العصر الحديث "،وهو كلام سليم،لكن،لنا عن الإقحام للكَلِم في منظومة مفردات اللّغة العربية مندوحة؛لِما عُلم من أنّ اللّغة العربيّة لها من القدرة على احتضان ما لا يكاد يُحصَى من المعاني الحديثة ضمن قوالب لفظيّة بعد أن يوجدَ لها نظيرٌ في العربيّة فيقاس عليه،أو بعد أن نُعمِلَ فيها نظام النَّحْت والاشتقاق . ثمّ أليس معنى " الأنانية " عندهم هو الأَثَرة كما أفصح عنه المعجم الوسيط (ص28)،وهي من فصيح الكَلِم.فلم يَطغى توظيفُ الدّخيلِ، ويَنزوي الحرُّ الأَصيل ؟!. أليس ما بُني على باطل كان باطلا مثله!،أَوَليس قد قيل قديما:أثبتِ العَرْشَ ثمّ اُنْقُش! . الهوامش: (1) الأنانية و الأنا . (2) لست أعني المعاجم الحديثة . يتبع / وكتب : محمد تبركان