جهاز جديد في الانتظار كيف نعرف الغني من الفقير؟! 2024.

جهاز جديد في الانتظار كيف نعرف الغني من الفقير؟!
https://www.elbilad.net/archives/76709

شبعان وجوعان!!

كل الناس في هذه البلاد يقدمون أنفسهم على كونهم فقراء (غير بخلاء) و«زوالية” ومنكوبين وكل من لم ينل حظه في هذا يحضر نفسه لكن يصبح في عداد المنكوبين المستفيدين بعد أن تسعفه الحكومة!

يبدأ التكتم عن إظهار الثراء، أي الغنى من أصغر “حوانتي” وجزار، إلى أكبر مقاول وأكبر منتفع من المال العام بكل أشكاله عينا ونقدا ومايقابله من عقارات ومغارات على بابا والـ40 لصا! ومنقولات براء بحرا وجوا، فالجزار يزعم أنه “يبات” وعشاؤه لفت مع أنه يكوي بالنار كالتاجر الحر ومربي الأبقار والأغنام، والنجار، وقس عليه الحداد والربراب وهما رجلا أعمال (واعمايل) من درجة أولى، كلهم يزعمون أن مالهم وكل ماجمعوه ذهب في اللوح والمسمار والموظف في الحكومة، وهي أعلى مراتب الاستثمار، بما تفتحه من آفاق مع أصحاب المصالح والملهوفين والسراق أحسنهم يدعي أنه لم يصل طيلة حياته المهنية (والعملية) إلا لكسب دار من الحكومة لم يدفع إلا نصف ثمنها، فإذا حصل وأكمل النصف أمكننا عده في صفوف الأغنياء كما بشرنا بذلك مولود حمروش رئيس الحكومة السابق، وأبو الإصلاحات (والإسلاخات) حين سألوه قبل أكثر من عشرين عاما ماهي نهاية تلك الإصلاحات فقال سيكون فيها غنيا من كان يملك دارا!

فبهذا المنطق يصبح كل مواطن (وغاشي) ملك دارا أيا كانت الطريقة التي حصل بها في عداد الأغنياء وعدد هؤلاء عمليات مقبول وليس جيد جدا، كما يقول المربون حتى عن الرديئ! والأكيد أن هؤلاء ليسوا هم المقصودين من وراء إنشاء الجهاز الجديد لمراقبة المظاهر الخارجية للغنى، فهل تكون الحسابات البنكية في الداخل وفي الخارج هي المقصود بالنظر إلى كون بنك الفقراء، أي البوسطة تملك وحدها تسعة ملايين حساب لـ«الزوالية” ومتوسطي المال، وبعض الذين يريدون توزيع مالهم على طريقة توزيع البيض بين عدد من السلال لكي لايتعرض للخطر بكامله، بالنظر إلى ما تردده لويزة حنون مسؤولة حزب العمال أو ما تبقى منهم، فإن أرقاما تشير إلى وجود 150 مليار دولار لحساب جزائريين يبدون في عداد العاديين جدا وتراهم كالنجار الذي ينبت وليس بداره باب في غاية الحاجة لدعم الحكومة لكي يحصلوا على علاج بالخارج، حيث يقيمون على إمتيازات العودة في صندوق الأموات بالمال العام لكونهم من الكرام! ومن المحسوبين على الجهاد أو الاستحراك، بعد أن تلاقت مصالح العائلة الثورية مع العائلة الحركية منذ عقود!

بالنسبة للخارج، ثمة ولا شك مادية تشير إلى كون عدد من الجزائريين من أيام كنز الثورة المنهوب (الأول والثاني) يملكون مايملكه أمراء البترول في الخليج، والفرق بينهما أن الأخيرين يعملون في ضوء النهار. وهذا الخارج أيضا، ظل هو في كل مرة يفضح أصحاب المال المشبوه كما فعلت اسبانيا المجاورة معنا مرتين، بعد أن أثار انتابها ريب بأن حسابات مضخمة فتحها رجال أعمال جزائريين (يعملون بالطبع في العسل في مهن الاستيراد مع فتح باب التجارة الخارجية على مصراعيها حتى في المواد الحساسة).

فهل يجب الاستعانة بالخارج لكي يستطيع الجهاز الحكومي هذا العمل، أم أننا نعول على الحس (والعياط) المدني للفئة المستهدفة لكي تقر كما يقر بعض رؤساء البلديات السابقين بأنهم شبعوا حد التخمة، وأن انتخاب (وانتحاب) شبعان أفضل من انتخاب جوعان سيشرع من الأيام الأولى في العلف ما أمكن !

الأثرياء الجدد والقدامى!!

واحدة من الأسباب التي تحول دون فرز الغني من الثري، بمن فيهم الأثرياء الجدد من حقبة الإرهاب الذي أنعش بورصات الكثيرين متكئين ومتوكلين على تحكم رجال السياسة والتسوس في المال، وليس العكس كما يفترض، خصوصا مع ظهور ما يسميه “سرجان” الحكومة الأسبق أحمد أويحى مافيا المال التي تريد أن تسوس (وتدوس) .. واحد من أسباب هذا الكتمان أقول يعود لأيام زمان مع تقليد محلي عنوانه احفظ الميم (أي ما رأيت وما شاهدت) تحفظك!

انطباعا بأن المواطن فيها يفترض أن يكون شعبيا أو ما يشبه الفقير، فالاشتراكية في معناها الشعبي تعني تكافؤ الفرص بين جميع أفراد المجتمع، وهي شركة (بكسر حرف الشين) أو ما يشبه “شريكي” عند التجار الشباب تفرض في كل مرة نوعا من الشفافية قد تصل إلى حد طرح السؤال المخيف والمخفي من أين لك هذا؟! والجواب معروف مسبقا إن كل هذا جاء من المال العام المنهوب بآلاف الأطياف والألوان التي لا يسلكها حتى الشيطان؟

ولهذا خرجت من عباءة بومدين الاشتراكية الدفعة الأولى من الأثرياء وعددهم 1500 مليونير…

وقد يكون الرقم مضروبا في عشرة حاليا بعد أن خلا السبيل أمامهم، واكتسبوا شرعية اقتصاد واغتصاب السوق، ولم يعودوا يجدون حرجا في تبني وبيان المظاهر الخارجية والداخلية للغنى. فهل يكون كبار القوم هم المطلوبين أساسا من جهاز الكسب والنصب الذي قد يرى النور؟

لعل هؤلاء قد يكونون المستهدفين مع أنهم مقارنة مع الروس الذين كانوا شيوعيين واشتراكيين وخلق منهم خلق بورجوازي تفوق على الأمر، لكن والانجليز لا تظهر أموالهم لا في إنجازات معمارية عملاقة ولا مجمعات إعلامية ولا حتى سلسلة مطاعم وأسواق ذات ماركات عالمية، فأين تذهب أموالهم إذن إن لم تكن موزعة في عقارات وحسناوات وبارات؟! خاصة أن مستواهم الثقافي هزيل وزادهم الجهل جمع المال الذي اقترن في هذه البلاد بالجهال! فهذا النوع من الأثرياء ليس من السهل ملاحقته بواسطة مصالح الضرائب، خاصة أن كل واحد يهينهم من الجزار الذي يجري وراءهم مطاردا وهو عريان بسكين، إلى التاجر الذي يغلق متجره حين يحس بأن مراقبهم قد أطل برأسه!

من يستطيع مصارعة هذا الغول الفاسد، وقبل هذا كيف يمكن اكتشافه إذا كان بهذه القوة والصلابة.

على طريقة معرفة السارق بالسارق أو مصاحبته وقس عليه معرفة الشريف بالشريف والمثقف بالمثقف وليس بالمثيقف والانتهازي، تستطيع عصابات خطف أولاد الأثرياء تحقيق جزء من عملية الصيد…

فهؤلاء الذين خطفوا 80 ولدا وبنتا خلال عشر سنوات في منطقة القبائل مثلا بالامكان الاستعانة بهم كل في منطقتهم..

فيعطون الجهاز قائمة الأثرياء وممتلكاتهم! أما سبب هذه الاستعانة فمردها كون اللصوص لم يختلفوا حتى الآن واختلافهم رحمة يمهد لمعرفة المال المسروق والمنهوب.

بقي سؤال واحد فقط هل تصدق نية الحكومة أولا في بعث جهاز من هذا النوع بعد أن ثبت أن أجهزة مكافحة الفساد الأخرى معطلة تماما أو أنها ظلت حبرا على ورق، لا يعبأ بها الفاسدون بعد أن اكتسبوا حصانة مؤكدة في مواجهة أي تهديد بملاحقتهم واختلطت المظاهر الخارجية للثراء الحقيقي والمزيف وتشابه أيضا تشابه الأبقار!