هل الوسط يصنع الجريمة؟ 2024.


هل هناك مجرم أم جريمة؟ بكلمة ثانية هل الوسط يصنع الجريمة أم إن هناك (جينات) تدفع الإنسان المشوه نفسيا إلى فعلته. والقصة الحالية بين أيدينا تعطينا فكرة عن الجريمة وكيف تحدث؟
وأصل القصة موجود في حديث صحيح ويمكن مراجعته في الكتاب القيم الذي استفدت منه كثيرا (زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري ومسلم) وخلاصة هذه القصة أو الحديث أنه ينقلنا الى ظروف أناس سبقونا، حيث يظهر على خشبة المسرح رجل مجرم عاتٍ. وهي قصة تصلح أن تمثل فيلما لتوعية الرأي العام عن ظروف الجريمة؟
وأنا شخصيا رأيت فيلماً فرنسيا شبيها بهذه القصة، وكيف أن المجتمع يصنع المجرم. المهم أن المجرم أمامنا يبدو أنه يتحرك ذهابا وإيابا أمام تعذيب الضمير، فهو قد فتك بعشرات الناس واحترف الإجرام إلى حد الشبع، ولكن روحه لم تجد هدوءها في كل هذا القتل، بل ازدادت شؤما ويأسا، وكان الرقم الذي وصله في الجريمة حدا خرافيا سواء في العدد 99 إنسانا أو طرائق القتل. ما يسمى في علم الجريمة القاتل المتسلسل؟ ولعلنا نتصور إمكانياته العضلية ووسائل قتله المتعددة.
على كل حال فإن تعذيب الإنسان وقتله سهل ولا يحتاج إلى كثير من الشطارة.
بدأ المجرم يبحث عن رجل يهديه سواء السبيل ويدله على طريق التوبة؛ فهو أمام يقظة الضمير أصبح معذبا. قال له أصدقاؤه نسمع برجل تقي متعبد في رأس جبل فاقصده؟ فذهب إليه؛ فلما وصل وسأله نظر إليه الراهب باستخفاف وقال: أيها المجرم الشقي بعد كل ما فعلت هل تظن أن لك توبة أغرب عن وجهي. أحبط المجرم وغضب بنفس الوقت وتحت وطأة الانفعال والشعور بالإهانة هجم على الراهب يريد تأديبه فوكزه فقضى عليه؟ قال هذا من عمل الشيطان. ثم رجع إلى إخوانه يسألهم الرشاد من جديد؟ فمازال يأمل بالخلاص من العذاب، مع أن رقم ضحاياه اكتمل 100 بالكمال والتمام؟. دله رجل ذكي هذه المرة على رجل متعبد بل عنده علم من الكتاب، أي جمع ميزة الوعي والتقوى والفهم والتدين، ولا أجمل من جمع هاتين الخصلتين اللتين سماهما القرآن القوي الأمين. القوة عن الجانب الفني من فهم المشكلات، والأمانة عن الجانب النفسي الأخلاقي.
تقول القصة، إن هذا المثقف الواعي نظر إلى المجرم بحنان وعطف وابتسم في وجهه وقال له: عجيبة قصتك ومن يحول بينك وبين التوبة. ولكن يا صديقي لا يكفي النية الطيبة والصدق في مبتغاك، بل لابد من معالجة الموقف، ويبدو أن الوسط المحيط بك يساعدك على ارتكاب الجريمة فأنت في أعماقك طيب.
قال له وكيف أنجو من هذا العذاب الأليم؟ فأرواح الضحايا تزورني في المنام كل ليلة؟
قال أنا أرى أن تبدل المناخ الاجتماعي بالكامل، فانطلق إلى أرض كذا وكذا سوف أدلك عليها ففيها قوم صالحون، وبمجرد وصولك المكان سوف تندمج فيه ويتحسن مزاجك وأداؤك.
تقول الرواية أن الرجل حزم أمتعته ثم انطلق، وما حصل أنه في نصف الطريق جاءته المنية فمات. هنا وقفت ملائكة الرحمة والعذاب تختلف حوله؟ هكذا تقول القصة، ثم اتفقوا أن يقيسوا الأرض بين نقطة الانطلاق، والوصول، وهي ترميز عميق عن نقل المشكلة من النفس إلى الجغرافيا. فقبض الله الأرض التي ذهب إليها فكانت أقصر؟ فأصبح أقرب إلى هدفه؛ فأخذته ملائكة الرحمة. والمغزى العميق لهذه القصة هي عن رحمة الله والوعي الإنساني وتأثير الوسط الاجتماعي والمناخ على البشر، وكيف تخلق تصرفات الأفراد، وهو ما تقول به المدرسة السلوكية. ولكن ثقافتنا بكل أسف تغيب الوعي وتنسى الرحمة فتقرأ النصوص دون الواقع. والله كتب على نفسه الرحمة. والملائكة يستغفرون لمن في الأرض، ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما.

الدكتور خالص جلبي …. جريدة الشرق
https://www.alsharq.net.sa/2015/01/20/1283312

السلام عليكم ،،

شكرا على الموضوع القيم والمفيد

تحياتي الطيبة لك

الخطيئه لا تولد معنا و لكن المجتمع يدفعنا اليها

الانسان ابن بيئته

هل العقاب كفيل بالقضاء على الجريمة؟ 2024.

المسؤولية والجزاء
هل العقاب كفيل بالقضاء على الجريمة؟
هل تتحدد العقوبة بنوع الجريمة؟

المقدمة:
من ناحية الواقعية تترتب عن حركة الإنسان مجموعة من الأفعال هذه الأخيرة قد ترتبط بقيمة الخير وقد ترتبط بقيمة الشر والحقيقة أنه إذا لحق الضرر بطرف ما فإنه من الواجب أن يسأل الفرد لأنه كائن مسؤول وبخاصة إذا تعلق الأمر بفعل الجريمة فإذا علمنا أن العقاب هو أحد أشكال الجزاء. هل العقاب كفيل بالقضاء على جريمة؟ – هل تتحدد العقوبة بنوع الجريمة؟

الرأي الأول: ترى هذه النظرية أنه من غير المعقول أن لا يعاقب الفاعل عن فعل سيء صدر منه لأن الفاعل برأيهم عاقل وحر مريد لأفعاله ولذلك فهو مسؤول ويجب عقوبته أيد هذا الموقف المعتزلة في الفكر الإسلامي بعدها نسبوا الحرية للإنسان واعتبروا الإنسان عاقل مخير وبالتالي فهو مسؤول ويلزم عقابه وأيد هذا الرأي أيضا أفلاطون قديما ففي الكتاب العاشر من الجمهورية ذكر أسطورة الجندي الذي عاد إلى الحياة بطريقة عجيبة قص على رفاقه أن الأموات يطالبون بتقمص مصير جديد وهذا بعدما يشربون من نهر النسيان لبث حين قال أن الشرور وسلوكات بشرية أختارها الإنسان بمحض إرادته والله يرى من هذه السلوكات ولا يفرضها على الإنسان وبالتالي فالمسؤولية بشرية وليست غير ذلك وهو نفس ما ذهب إليه حديث الألماني كانط أن الإنسان الشرير شخص مسؤول عن تصرفاته ولذلك يجوز معاقبته لأنه يختار فعله بإرادته منه قال كانط الفعل الخاطئ يختاره صاحب السوء بكل حرية يقطع النظر عن الزمان والطباع العفوية عند هؤلاء هو القصاص للعدالة تكفيه عن الخطيئة أي هي تطهير للنفس من الدنس الذي لحق بها ومنه تصبح العفوية عند الذهنيين ذات أغراض روحية محضة وفي هذا السياق قال مالبراكش في كتاب رسالة في الأخلاق…إن الذي لا يريد من الله ألا يعاقب الجور، وإدمان الخمر لا يحب الله وقال الألماني ينشر العقوبة تساهم في إعادة النظام ثابتة وقال إن العقوبة ليس لها دور التعديل أو إصلاح الشرور وإنما دورها التكفير عن الفعل النسيء وهكذا فالعقوبة تأسس على ثلاثة أسس وملخص الأطروحة لكل جريمة عقوبة –

نقد: يعاب على هذه النظرية قولهم إن مسؤولية الفاعل مسؤولية فردية في حين نجد الكثير من يقر بأن المسؤولية هي أيضا جماعية ومن جهة أخرى اهتموا بالفعل لكنهم أهملوا ظروف فاعل نهائيا.

الرأي الثاني: ذهب أنصار هذا الرأي إلى الدفاع عن فكرة أساسية عوامل الإجرام تعود إلى التكوين الطبيعي فهو الذي يدفع إلى الجريمة فالمجرم ليس مختارا كل الاختيار لأن الاختيار يكاد يكون منعدما وعندهم إن الإنسان ليس مسئولا دوما عما يصدر منه من سلوكات لأنه برأيهم يخضع للكثير من الضغوطات التي تمنعه من التصرف بإرادة حرة وتأتي هذه الضغوطات في شكل حتميات مختلفة أهمها الحتمية البيولوجية تحدث عنها الإيطالي تمبزازي الذي توفي عام 1909 طبيب في الأمراض العقلية وباحث في علم الجريمة وقد كان ضابطا في الجيش الإيطالي ثم أصبح إسناد للطب الشرعي في جامعة بافيا وقد أتاح له عمله في التشريح أن يقارن بين فئة الأخيار وفئة أشرار وخاص إلى وجود الصفات توجد عند الفئة الثانية دون الأولى كما شرح فيه قاطع طريق يدعي فيا فلاحظ عنده فارغا في مؤخرة جبهة يشبه الذي يوجد عند القرود فاعتبر المجرم وحش بدائي ومنه أصدر كتابه الإنسان المجرم 1876 وقال يوجد المجرم بالفطرة التي تتوفر فيه خمس علامات فالمجرم يتميز بعدم الانتظام في شكل الجمجمة وضيق تجاويف عظام الرأس، ضخامة الفكين، غزارة وجفاف الشعر، الطول أو القصر المفرط في الذراعين،لذا رأى أن إجرام يرجع إلى أسباب فيزيولوجية تدعى في مجموعتها بالنقائض البيولوجية كالوراثة مثلا وطريقة مكافحة الجريمة تكون حسب تصنيفه المجرم ومن الحتميات الحتمية الاجتماعية ويمثلها الإيطالي فيري ويرى أن الظروف الاجتماعية والبيئية الفاسدة هي التي تدفع الإنسان إلى الإجرام حيث أكد بعض البحوث أن التشرد أو الطلاق وحتى التربية في اللاجئ عوامل تساعد على انتشار الجريمة أما النمساوي فرويد فقد أكد أن الاضطرابات سلوكية وعدم استواء الشخصية والمتغيرات النفسية كالإحباط والكبت والتربية القائمة على القمع كلها عوامل تدفع بالإنسان إلى الجريمة وهذا يجعل المجرم لا يختار الجريمة بل يدفع إليها دفعا دون إرادة منه إذ يعتبر الإجرام متنفس المجرم من عقدة نفسية –

نقد: من نقائض هذه الأطروحة أن أصحابها نظروا إلى ظروف الفاعل ولم ينظروا إلى الفعل –

التركيب: لايمكن النظر إلى موضوع الجريمة والعقاب من زاوية فلسفية لان هذه النظرة تبعدنا عن الواقع قال ميشال فولو إن معرفة مخالفة ومعرفة المسئول ومعرفة القانون شروط ثلاثة تسمح بإقامة الحكم حقيقة عن خروج من الإشكالية تضفي نظرة توفيقية وهذا ما فكر به الهولندي هام والبلجيكي براد والألماني فون ليست وشعارهم العقوبة حق للمجرم وواجبة على مجتمع وعندهم ليست الاهم أن نعاقب بل المهم في الطريقة والأسلوب – الخاتمة: المسؤولية والجزاء من المجالات الكبيرة في فلسفة القانون تلك الفلسفة التي تحاول أن ترسم المعالم الكبيرة للقانون الذي ينظم حياة الأفراد وتظيف أن إشكالية العقاب والجريمة تضارب حولها الآراء حيث أن المدرسة الكلاسيكية والمدرسة الوضعية إصلاحه وبعد تحليل وتوسيع نستنتج أن نوعية العقاب تتحدد بحسب المجرم والجريمة معا.