رمضان مدرسة التهذيب والتدريب 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم
يستقبل المسلمون شهر رمضان بفرح وسرور، وبشر وحُبور، وما ذلك عنهم بغريب، فقد كان نبيّهم، صلّى الله عليه وسلم، بَاش العاطفة إذا أقبل رمضان، يقول: ”مرحبا بالمٌطهّر”.
يجيء رمضان من كلّ عام قمري لتبدأ معه قصة الصّيام والقيام، ولا نتحدث عنها طويلاً، إنّما نُغلغل النّظر ونُجيل الفكر في مواقف وسلوكات نشاز، توحي بجهالة فاحشة وجهل فاضح لفلسفة رمضان، إذ كيف يتعاطى المسلمون مع ضيفهم بسوء أدب وتعامل فجّ؟ متى كان رمضان كفًا عن حاجات الجسد المدلّل سحابة النّهار، لتُقضى الفوائت بما جدّ ولذّ في عالم الطعام والمشروبات غشاوة اللّيل؟ أم كيف يتحوّل رمضان ساحة للملاسنات والاحتكاكات والعنف اللّفظي والبدني، والتّنفيس عن غرائز السّوء؟ وفي كلّ الأحوال: ”المسلم مَن سلِم المسلمون من لسانه ويده”.
ولماذا يصير رمضان مناسبة لركوب الديون على كواهل الضعاف والفقراء لإبراز مستوى طيّب من العيش؟ وهل من النّقل والعقل أن يصبح رمضان سوقًا رابحة تضخّم من خلالها الأرصدة بالغش والتحايل والاحتكار، وتطفيف الكيل والميزان ورفع الأثمان؟ وأن يتم تحويله كمينًا اقتصاديًا يترصّد ويتصيّد ذوي الحوج والدخل المتواضع لاستفزاز مشاعرهم، وابتزاز أموالهم وابتلاع جيوبهم وحرق أعصابهم؟ ومتى كان رمضان فضاء ليليًا مفتوحًا تُمارس فيه هواية الجلوس على مصاطب الفراغ والثـرثـرة، أو الاسترخاء على آرائك الخمول والكسل، وإنفاق السّاعات وبعثـرة الدينارات في اللاشيء؟
لقد انشقّت حناجر الأئمة والعلماء والاقتصاديين والأطباء، وهم يُرشّدون للنّاس مسيرتهم، ويصحّحون مسارهم. ولكن، ماذا يفعل هؤلاء المصلحون إذا غلبت كثافة الحس على شفافية الروح؟
قناعتُنا أنّ رمضان مدرسة التّهذيب والتّدريب، وسانحة زمنية للتربّص المغلق ضمن دورة تكوينية برنامجها التربوي بعيد المدى، وأنّه محطة أساسية من أجل ”البزنسة” الروحية ”وتزوّدوا فإنّ خير الزاد التّقوى”.
إنّ الصّوم المفروض هو الرمز العلمي لضبط النّفس، وأنّ المقصد التربوي منه هو التعبير العلمي عن أخذ المسلم نفسه بالدّين الإسلامي. نريد أن نحيا شهرنا بردًا وسلامًا، يقينًا والتزامًا، هدى وتقى، ذكرًا وفكرًا، نصوم نهاره ونقوم ليله، تحذونا الرغبة في مراجعة أنفسنا، وتقويم سيرنا، وتصويب اتجاهنا وإصلاح شأننا.
إنّ العقلاء من النّاس لهم في رمضان مع الله حالٌ، ومع أنفسهم وعباده سلوك، فحقيق بهم إزاءه أن ينفروا خفافًا وثقالاً، وأن يشدّوا الرِّحال إلى ساحاته وينيخوا الرواحل بعرصاته، وأن يستحلبوا بركاته ويستروحوا نسماته، ”يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشرّ أقصر” رواه الترمذي والنسائي والحاكم، أو ليس رمضان رحمة ومغفرة وعتقًا من النّار.
المصدر
الشيخ مراد رزازقة / إمام بولاية فالمة
الجزائر

بارك الله فيكم جوزيتم الجنة

جزاك الله خيرا

بارك الله فيكم