بسم الله الرحمن الرحيم
تبادرت إلى خاطري ترسانة من الاسئلة المحرجة…
هل أنا ملتزم حقا ؟
فأي إلتزام أدعي ؟
و بماذا إلتزمت ؟
أألتزمت بما أمرنا الله به ورسوله ؟؟؟
أألتزمت بآداء الصلوات المفروضة جماعة و في الصف الأول ؟؟؟
أألتزمت ببر والدايا و السؤال عنهم كل يوم ؟؟؟
أألتزمت بالسؤال عن حال جيراني ؟؟؟
أألتزمت بإتباع سنن النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟؟
أألتزمت بالحفاظ على وردي اليومي من نوافل أو تلاوة القرآن أو حفظه ؟؟؟
أألتزمت….
أألزمت….
* * * * * *
و أنت يا أخي ….
هل أنت ملتزم حقا ؟
السؤال ليس غريباً و لا مستفزاً …
لو سألتَ أحد الشباب الملتزمين هذا السؤال ربما نظر إليك بازدراء
ولسانه حاله يقول : ألا تعرفني؟ أنا فلان، التزمت منذ سبع سنوات !
تعال معي يا أخي نقف وقفة تأمل قصيرة هادئة
بصدق و إخلاص وأمانة
ونصارح أنفسنا…
نلقي من خلالها الضوء على هذه الحقيقة ، حقيقة الالتزام !
تعجبت كثيراً من مقولةٍ نقلها ابن القيم رحمه الله في كتابه (مدارج السالكين)
عن الشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أنه كان يقول :
(والله إني إلى الآن أجدد إسلامي كل وقت ، وما أسلمت بعد إسلاماً جيداً ) !
من هنا نتساءل ، هل نحن ملتزمون حقيقة ؟
أم أننا نخدع أنفسنا بمظاهر الصلاح والاستقامة ونحن أبعد ما نكون عنها ؟!!
قد يكون أحدنا إماماً لأحد المساجد، أو مدرساً للقرآن الكريم ، أو موظفاً في مؤسسة إسلامية ، وطالبا للعلم …..
لكن هل هذا دليل كافٍ على استقامته وصلاحه ؟!
* * * * *
تعال معي نتأمل في حال بعض الملتزمين اليوم ، من خلال النقاط التالية :
– ملتزم لكنه :
لا يدري لماذا التزم ؟ رأى نفسه مع صحبة صالحة منذ صغرهواجتمع بهم في المسجد أو في حلقات تحفيظ القرآن فظن أنه من الصالحين ، ولم يجدد نيته في سلوك هذا الطريق .
– ملتزم لكنه :
يرائي بكثير من أعماله الصالحة ، ولا يفتأ يخبر الناس بما فعل بعبارة صريحة أو بإشارة خفية.
– ملتزم لكنه :
يدخل إلى المسجد يوم الجمعة مع قول الخطيب : (إن الله يأمر بالعدل والإحسان …)
– ملتزم لكنه :
قاطع لرحمه ، لا يزورهم ولا يسأل عن أخبارهم ، ولا يكاد يرى أحداً منهم إلا لماماً .
– ملتزم لكنه :
دائم التأخر عن صلاة الجماعة ، لا تراه إلا في آخر الصفوف يقضي ما فاته ، أما (الخشوع) فالثريا أقرب منالاً منه .
– ملتزم لكنه :
لم يحفظ القرآن أو لم يفكر حتى في حفظه حتى الآن ؛ فهو مشغول لا وقت له .
– ملتزم لكنه :
دائم العبوس ، مكفهر الوجه ، مقطب الجبين ، سيء الخلق ، إذا غضب رأيت وجهه كالليل إذا عسعس .
– ملتزم لكنه :
ما زال يصافح بعض النساء من أهله ؛ خوفاً من (الإحراج) !
– ملتزم لكنه :
ما زال يتابع المباريات المهمة في الدوري الأسباني ، وكأس العالم ، ومباريات الكأس المحلية !
– ملتزم لكن :
لسانه لا يسكت عن غيبة المسلمين ، والكلام في أعراضهم ، قد مكربه الشيطان فأوقعه في سوء عمله ، فولغ في أعراض العلماء والدعاة ، وأصبح لسانه يفري فيهم ليلاً ونهاراً ،
وهو يرى أنها غضبة لله ، ودفاعٌ عن السنة ،وذبٌ عن منهج السلف ،
ويبقى السؤال : أحقاً كان ذلك (لله) ؟
وما أصدق قول ابن القيم رحمه الله :
( ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ من أكلالحرام والظلم والسرقة وشرب الخمر ، ومن النظر المحرم وغير ذلك ، ويصعبعليه التحفظ من حركة لسانه ، حتى ترى ذلك الرجل يشار إليه بالدين والزهدوالعبادة ، وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله لا يلقي لها بالاً ، ينزلبالكلمة الواحدة منها أبعد ما بين المشرق والمغرب ، وكم ترى من رجل متورععن الفواحش والظلم ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات ، ولا يبالي مايقول) !
– ملتزم لكنه :
تزبب قبل أن يتحصرم ، أغراه طلبه للعلم عدة سنوات فظن أنهعلامة عصره ، ووحيد دهره ، فاغتر بذلك وأصيب بمرض التعالم ، وتجرأ على الفتوى في أمور لو عرضت على عمر بن الخطاب لجمع لها أهل بدر !
فترى الشاب الملتزم في زماننا يستطيع أن يفتي في أي مسألة ، فهو يتكلم عن مسائل الجهاد المعاصرة ، ويستطيع تنزيل أحكام التكفير على الأعيان ، ويصدر الأحكام على أهل العلم ، بل حتى على الجماعات والفرق ، بناء على ما أوصله إليه (اجتهاده)!
– ملتزم لكنه :
لا يقبل النصيحة ، فإذا نصحته تمعر وجهه ، وضاق صدره ، وتذمر منك .
– ملتزم لكنه :
ما زال مفتوناً بالدنيا ، فهو يتابع آخر الموضات ، ولا يستخدم إلا أحدث أجهزة الجوال ، ويبحث عن آخر موديلات السيارات ، وأغلى أنواع الساعات .
– ملتزم لكنه :
لا يتحمل البرامج الجادة ، فإذا كان البرنامج مرحاً ممتعاً بالنسبة له وجدته أول الحاضرين ، أما الدروس العملية والجلسات التربوية ، فلا يظهر له فيها أثر .
– ملتزم لكن :
الفوضى تملأ حياته ، فلا يلتزم بمواعيد ، ولا يعرف قيمة الوقت ،ولم يحدد أهداف حياته فضلاً عن التخطيط لها ومتابعة تنفيذها .
– ملتزم لكن :
ليس له تخصص واضح يسير عليه ، يخدم الدين من خلاله .
– ملتزم لكنه :
لا ينكر المنكرات ، يمر منذ الصباح بعشرات المنكرات في طريقه ،ومكان عمله ، ومع أصدقائه ، بل حتى في بيته ، فلا ينكر منها شيئاً ، بل ربما جالس أهل المنكر وهم على منكرهم .
– ملتزم لكنه :
متساهل ببعض المحرمات ، فهو يسبل إزاره أحياناً ، خصوصاً في وقت العمل ، ولا يجد بأساً في المزاح مع المرأة الأجنبية ، كما أنه لايبالي بسماع موسيقى الأخبار ، ولا يتورع عن النظر إلى بعض الصور المحرمة على الفيس بوك .
– ملتزم لكن :
لا حظ له من قيام الليل ، وليس له ورد يومي من القرآن ، وليسله دروس ثابتة في طلب العلم ، ولا يحرص على الأذكار ، والسنن الرواتب ، ولاتدمع عينه من خشية الله .
* * * * *
أليس هذا هو حال كثير من الملتزمين اليوم ؟!!
* * * * * *
فاللهم إننا عبادك أبناء عبادك أبناء إيماءك
لا حول ولاقوة لنا إلا بك
نسألك أن تهدينا الى أحسن الأخلاق والأعمال
لا يهدي الى أحسنها الا أنت
وأن لا تؤاخذنا إن أخطأنا أو نسينا
و أصرف عنا سيء الاخلاق و الاعمال
لا يصرف عنها الا أنت
و أرنا برحمتك وكرمك وجودك الحق حقا و أرزقنا اتباعه
و أرنا الباطل باطلا وجنبنا إتباعه
وأصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا
– منقول مع بعض التصرف –