في حكم خروج المرأة للعمل عند مقتضى الحاجة لشيخنا الوالد محمد علي فركوس حفظه الله 2024.

السؤال:
أختٌ تخرَّجت من الجامعة، وأبوها عاطلٌ عن العمل، ولها إخوةٌ صغارٌ وليس لهم من ينفق عليهم، فهل يجوز لها العمل لسدِّ حاجياتهم؟ هذا من جهةٍ، ومن جهةٍ أخرى تقدَّم لخطبة هذه الأخت رجلٌ يصلِّي الصلواتِ الخمسَ في المسجد، وهو متخلِّقٌ وتاجرٌ، لكنَّه ليس سنِّيَّ العقيدة ولا سلفيَّ المنهج، فهل تقبل به زوجًا أم تعمل لتَكسِب القوت؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فإنَّ المرأة ليست مطالبةً بالخروج للعمل قَصْدَ الإنفاق على أفراد أسرتها ما دام الأب قادرًا على التكسُّب والإنفاق، والأصل أنَّ المرأة يكفيها أولياؤها المؤونةَ إلى أن تنتقل إلى بيت الزوجية ليقوم الزوج عليها، هذا هو الأصل، لكنْ إذا لم يكن للمرأة مُنْفِقٌ يغطِّي نفقاتِها من مأكلٍ ومشربٍ وملبسٍ وأدويةٍ، ولها إخوةٌ صغارٌ قُصَّرٌ عاجزون عن العمل والتكسُّب، ولا يوجد قادرٌ على التكسُّب سواها؛ جاز لها -حالتئذٍ- الخروج للعمل وإن خالفت أصلَها للحاجة أو الضرورة على وجه الاستثناء، فتخرج بالضوابط الشرعية ملازِمةً للسَّتر والحياء، وتاركةً للزينة والطِّيب، متحاشيةً الاختلاطَ بالرجال الأجانبِ والخلوةَ بهم ونحوِ ذلك، فإذا زال خطرُ الإنفاق لوجودِ مَن يتكفَّل بالإنفاق؛ ففي هذه الحال تعود إلى أصلها فتبقى في بيتها لقوله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى﴾ [الأحزاب: ٣٣].
هذا، وإذا كانت المرأة مؤهَّلةً للزواج ورأت نَفْسَها إن تركت الزواجَ قد تخشى على نفسها الفتنةَ وهي قادرةٌ على إقامة حدود الله مع زوجها ووجدَتْ مَن يقوم على إخوتها الصغار؛ ففي هذه الحال ليس لها أن تتزوَّج إلاَّ من كفءٍ سنِّيٍّ عقدًا وعملاً وسلوكًا يُرضى خُلُقُه ودينُه.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر فـي: ٠٩ رجب ١٤٢٦ﻫ
الموافـق ﻟ: ١٤ أوت ٢٠٠٥م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.