فضل الزهد في الدنيا والحث على التقلل منها وفضل الفقر 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم

فضل الزهد في الدنيا والحث على التقلل منها وفضل الفقر

ـ عن عمرو بن عوف الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه إلى البحرين يأتي بجزيتها فقدم بمال من البحرين ، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة ، فوافوا صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف ، فتعرّضوا له ، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم ، ثم قال : " أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين . فقالوا : أجل يا رسول الله ، فقال : " أبشروا وأمّلوا ما يسركم ، فوالله ما الفقر أخشى عليكم ، ولكني أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم " . متفق عليه .
ـ وعن أبي سعيد الخذري رضي الله عنه قال : جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر ، وجلسنا حوله . فقال : " إن ممّا أخاف عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها " . متفق عليه .
ـ وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إن الدنيا حلوة خضرة ، وإن الله تعالى مستخلفكم فيها ، فينظر كيف تعملون ، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء " . رواه مسلم .

الشرح

قال العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ :
هذه الأحاديث ذكرها المؤلف ـ رحمه الله ـ في باب الزهد في الدنيا والترغيب فيه ، وقد ذكر قبل ذلك آيات متعددة كلها تدل على أن هذه الدنيا ليست بشيء بالنسبة للآخرة ، وأنها ممر ومزرعة للآخرة ، فإن قال قائل : يقال ورع ، ويقال زهد ، فأيهما أعلى ؟ وما الفرق بينهما ؟
فالجواب : أن الزهد أعلى من الورع ، والفرق بينهما أن الورع ترك ما يضر ، والزهد ترك مالا ينفع ، فالأشياء ثلاثة أقسام : منها ما يضر في الآخرة ، ومنها ما ينفع ، ومنها ما لا يضر ولا ينفع .
فالورع : أن يدع الإنسان ما يضره في الآخرة ، يعني أن يترك الحرام .
والزهد : أن يدع ما لا ينفعه في الآخرة ، فالذي لا ينفعه لا يأخذ به ، والذي ينفعه يأخذ به ، والذي يضره لا يأخذ به من باب أولى ، فكان الزهد أعلى حالا من الورع ، فكل زاهد ورع ، وليس كل ورع زاهدا .
ولكن حذر النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ من أن تفتح علينا الدنيا كما فتحت على من كان قبلنا فنهلك كما هلكوا .
لما قدم أبو عبيدة بمال من البحرين ، وسمع الأنصار بذلك ، جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوافوه في صلاة الفجر ، فلما انصرف من الصلاة تعرضوا له ، فتبسم ـ عليه الصلاة والسلام ـ يعني : ضحك بدون صوت ، تبسم لأنهم جاءوا متشوقين للمال .
فقال لهم :" أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين ؟ " قالوا : أجل يا رسول الله ، يعني : سمعنا بذلك وجئنا لننال نصيبنا .
فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : " أبشروا وأملوا ما يسركم ، فوالله ما الفقر أخشى عليكم " فالفقر لا يخشاه علينا النبي صلى الله عليه وسلم .
والفقر قد يكون خيرا للإنسان ، كما جاء في الحديث القدسي الذي يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله قال : ( إن من عبادي من لو أغنيته لأفسده الغنى ) يعني : أطغاه وأضله وصده عن الآخرة ـ والعياذ بالله ـ ففسد ( وإن من عبادي لو أفقرته لأفسده الفقر ) .
فقال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ : " ما الفقر أخشى عليكم " يعني : لا أخشى عليكم من الفقر لأن الفقير في الغالب أقرب إلى الحق من الغني .
وانظروا إلى الرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ من الذي يكذبهم ؟ يكذبهم الملأ الأشرار الأغنياء وأكثر من يتبعهم الفقراء ، حتى النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أكثر من اتبعه الفقراء .
فالفقر لا يخشى منه ، بل الذي يخشى منه أن تبسط الدنيا علينا ، كما قال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ :" ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها ، فتهلككم كما أهلكتهم " .
وهذا هو الواقع ، وانظر إلى حالنا نحن ، لما كان الناس إلى الفقر أقرب ، كانوا لله أتقى ، وأخشع وأخشى ، ولما كثر المال ، كثر الإعراض عن سبيل الله ، وحصل الطغيان ، وصار الإنسان الآن يتشوف لزهرة الدنيا وزينتها : سيارة ، بيت ، فرش ، لباس ، يباهي الناس بهذا كله ، ويعرض عما ينفعه في الآخرة . وصارت الجرائد والصحف وما أشبهها لا تتكلم إلا عن الرفاهية وما يتعلق بالدنيا ، وأعرضوا عن الآخرة ، وفسد الناس إلا من شاء الله .
فالحاصل : أن الدنيا إذا فتحت ـ نسأل الله أن يقينا وإياكم شرها ـ أنها تجلب الشر وتطغي الناس (( كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى )) [ العلق : 6 ـ 7 ] .
وقد قال فرعون لقومه : (( يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي )) [ الزخرف : 51 ] . افتخر بالدنيا ، لذلك فالدنيا خطيرة جدا .
وفي هذه الأحاديث أيضا قال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ :" إن الدنيا حلوة خضرة " حلوة المذاق ، خضرة المنظر ، تجذب وتفتن ، فالشيء إذا كان حلوا ومنظره طيبا فإنه يفتن الإنسان ، فالدنيا هكذا حلوة خضرة .
ولكن :" إن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون " يعني جعلكم خلائف فيها ؛ يخلف بعضكم بعضا ، ويرث بعضكم بعضا ، " فينظر كيف تعملون " هل تقدمون الدنيا أو الآخرة ؟ ولهذا قال : " فاتقوا الدنيا واتقوا النساء " . ولكن إذا أغنى الله الإنسان ، وصار غناه عونا له على طاعة الله ، ينفق ماله في الحق ، وفي سبيل الله ، صارت الدنيا خيرا .
ولهذا كان رجل الدنيا الذي ينفق ماله في سبيل الله ، وفي مرضاة الله عز وجل ، في منزلة العالم الذي أتاه الله الحكمة والعلم وصار يعلم الناس .
فهناك فرق بين الذي ينهمك في الدنيا ويعرض عن الآخرة ، وبين الذي يغنيه الله ، ويكون غناه سببا لسعادته والإنفاق في سبيل الله (( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار )) [ البقرة : 201 ] .

ـ وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة " . متفق عليه .
ـ وعنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" يتبع الميت ثلاثة : أهله ، وماله وعمله ، فيرجع اثنان ويبقى واحد ، يرجع أهله وماله ، ويبقى عمله " . متفق عليه .
ـ وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة ، فيصبغ في النار صبغة ثم يقال : يابن آدم هل رأيت خيرا قط ؟ هل مرّ بك نعيم قط ؟ فيقول : لا والله يارب ، ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة ، فيقال له : يابن آدم هل رأيت بؤسا قط ؟ هل مرّ بك شدة قط ؟ فيقول : لا . والله ، ما مرّ بي بؤس قط ، ولا رأيت شدة قط " . رواه مسلم .
ـ وعن المستورد بن شداد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم ، فلينظر بم يرجع ؟ " . رواه مسلم .
ـ وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بالسوق والناس كنفتيه ، فمر بجدي أسك ميت ، فتناوله ، فأخذ بأذنه ، ثم قال :" أيكم يحب أن يكون هذا له بدرهم ؟ فقالوا : ما نحب أنه لنا بشيء ومانصنع به ؟ ثم قال : أتحبون أنه لكم ؟ قالوا : والله لو كان حيا كان عيبا ، إنه أسك . فكيف وهو ميت ، فقال : " والله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم " . رواه مسلم .
قوله كنفتيه أي : جانبيه . والأسك : الصغير الأذن .

اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك و بك عن من سواك.

|||ردد معي|||~~~|||~~~|||الله|||~~~|||أكبر|||
|||~~~|||~~~|||~~~اللهم ارزقنا الجــــــــــــــنه امين
|||ردد معي|||سبحان|||~~~|||الله|||~~~|||وبحمده|||
الجيريا
|||ردد معي|||~~~|||~~~|||الله|||~~~|||أكبر|||
|||~~~|||~~~|||~~~اللهم ارزقنا الجــــــــــــــنه امين
|||ردد معي|||سبحان|||~~~|||الله|||~~~|||وبحمده|||

اللهم نسألك الهدى والتقى والعفاف
شكرا على الموضوع

بارك الله فيك
اللهم لا عيش الا عيش الاخرة

بارك الله فيكم أجمعين على المرور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.