شدة حرمة القول على الله بلا علم 2024.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال ابن بطة رحمه الله "وَلَا تُحَرِّمْ شَيْئًا مِمَّا أَحَلَّهُ اَللَّهُ U فَإنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ مُفْتِرٍ "

التحريم والتحليل حكمان شرعيان، لا يجوز لأحد أن يقول فيهما من عند نفسه؛ فمن فعل ذلك فقد شابه اليهود؛ فإن تحريم ما أحل الله للناس ليس بأقل من تحليل ما حرم الله على الناس؛ لأن ذلك كله نسبة إلى الشرع؛ وإذا لم يأتِ الشرع بشيءٍ من ذلك فأنت مفترٍ على الله تبارك وتعالى.

قَالَ جلَّ وعلا﴿قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنْزَلَ اَللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَّحَلَالًا * قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اَللَّهِ تَفْتَرُونَ﴾ [يونس : 58-59] هل الله أخبركم بهذا أم أنكم مفترون على الله تبارك وتعالى ولا شك أن من فعل ذلك فهو مفترٍ وهو من القول على الله بلا علم؛ والقول على الله بلا علم أعظم من الشرك بالله تبارك وتعالى إذا الشرك ما حصل إلا بسبب القول على الله بلا علم كما قال جلَّ وعلا ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف:33]

فرتب هذه المسائل على حسب قوتها فجعل القول على الله بلا علم أشد من الشرك؛ فإنه تدرج فيها من الأدنى إلى الأعلى من الأخف إلى الأشد:
﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ﴾ هذا أول شيء.
ثم ﴿ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ.
﴿وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا﴾ هذه الرابعة
﴿ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ هذه الخامسة

فأشدها القول على الله بلا علم؛ ما حصلت هذه الأمور السابقة إلا بسبب القول على الله بلا علم.
قال جلَّ وعلا ﴿ يَا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اَللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اَللَّهَ لَا يُحِبُّ اَلْمُعْتَدِينَ ﴾ [المائدة : 87] فسمى من حرم ما أحله الله من الطيبات معتديًا؛ لماذا معتدٍ ؟ لأنه تجاوز الحد الذي حُد له، فقال على الله بلا علم.

وقد أبان المصنف -رحمه الله تعالى- السبب في إيراد مثل هذا الكلام؛ أراد به الرد على الروافض حينما منعوا الجِري من السمك على وزن الذمي؛ نوع من السمك اسمه الجري مثل الذمي، فقالوا هذا حرام؛ مع أن النبي eيقول في البحرالجيريا( هُوَ الطَّهُورُ مَاؤهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ)) ((أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ ، فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ فَالْحُوتُ وَالْجَرَادُ، وَأَمَّا الدَّمَانِ فَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ)) وهؤلاء اختاروا هذا النوع من أنواع السمك فقالوا عنه إنه حرامٌ؛ فشابهوا اليهود حينما حرموا على أنفسهم بعض الأطعمة مصادمين بذلك ما أنزله الله عليهم في التوراة، فتحداهم الله – جلَّ وعلا- وبكتهم كما سمعتم في الآية ﴿ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [آل عمران/93] هل تجدون هذا فيها الذي حرمتموه؛ هكذا الروافض لما حرموا هذا النوع فشابهوا اليهود فيما افتروه من البهتان فحرموه؛ فحينئذٍ يكونون قائلين على الله بغير علم؛ ومفترين على الله تبارك وتعالى وكذابين على دين الله تبارك وتعالى نسأل الله العافية والسلامة.

منقول من فوائد مستفادة من شرح الابانة الصغرى الشيخ محمد بن هادي المدخلي حفظه الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.