تاريخ القدس القديم 2024.

يعرض الكتاب تاريخ مدينة القدس القديم وسيرتها منذ عصور
ما قبل التاريخ حتى الاحتلال الروماني، اعتمادا على علم الآثار
وما جادت به أرض القدس من آثار منقولة وثابتة، وعلى استقراء هذه المصادر
ومحاولة كشف ما تخفيه الآثار والأحداث التاريخية، متجنبا المؤثرات الدينية والتوراتية
وخاصة تلك التي لها علاقة بنشوء المدينة ونموها في العصرين البرونزي والحديدي
أي خلال نحو ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد.

ما قبل التاريخ
يقوم علم دراسة الإنسان القديم على الربط بين البقايا العضوية والثقافية للإنسان القديم، وهي العصور الحجرية التي اعتمد فيها الإنسان على الحجر باعتباره أداة للعمل والدفاع، ولا يوجد في فلسطين من الآثار التي تدل على فعل حضاري في هذه الفترة التي تعود إلى نحو مليون إلى نصف مليون سنة.
فهذا العصر ما زالت آثاره المعروفة موجودة في أفريقيا، ولكن من المؤكد أن الإنسان انتقل من أفريقيا إلى فلسطين وبخاصة على جانبي نهر الأردن، فثمة بعض المؤشرات على وجود آثار للإنسان جنوب بحيرة طبرية.

وفي مراحل لاحقة من العصر الحجري وجدت آثار للإنسان في الجليل، وتعود أول آثار معروفة للإنسان في القدس إلى ما قبل 40 ألف سنة، ولكن في العصور الحجرية المتوسطة التي تعود إلى 8 آلاف سنة قبل الميلاد فيوجد آثار في وادي النطوف شمال غربي القدس تدل على ثقافة متطورة نسبيا، مثل البيوت والأكواخ وتماثيل الحيوان والإنسان. وعرف عن القدس في العصر الحجري الحديث العمليات الزراعية المنظمة، مثل الفخار والطواحين، والمستوطنات الزراعية، ولكن هذه الآثار لا تدل على أن القدس كانت تتمتع بمكانة عظيمة في تلك العصور، فربما كانت أريحا القريبة منها أهم منها بكثير.

العصر البرونزي
يمتاز هذا العصر باستعمال البرونز (خليط من النحاس والقصدير)، وظهرت فيه الكتابة (3200 ق.م) التي تعتبر نقطة تحول ما قبل التاريخ إلى العصور التاريخية، وكانت أول وأقدم الهجرات السامية هي الآمورية إلى فلسطين خلال الألف الخامس قبل الميلاد، ثم الكنعانية.

تشير الحفريات إلى أن مدينة القدس بنيت مع بداية العصر البرونزي المبكر أي قبل مجيء الكنعانيين واليبوسيين كما هو شائع، وكانت ذات هوية آمورية، وكانت بلدة صغيرة على مرتفع قرب عين جيحون، وشهدت استيطاناً بشرياً ونشاطاً زراعياً واضحاً، وامتاز عمران المدينة بالتخطيط المعماري الدائري في شكل البيوت، وحفر الآبار فيها، والاعتماد على الأعمدة الكبيرة وسط البيوت، والشكل الدائري للأسوار. وفي نهاية العصر البرونزي المبكر شهدت جفافاً قاسياً، فازدادت عمليات الهجرة العشوائية إلى شرق الأردن وشمال الجزيرة العربية.

وبنيت مدينة القدس ثانية في العصر البرونزي الأوسط (القدس الكنعانية) أو (أورو سالم) أي مدينة الإله سالم، وكان من تقاليد الكنعانيين الدينية عبادة آلهة كبرى تشترك فيها جميع المدن الكنعانية، وكان لكل مدينة إله خاص بها والذي غالباً ما تشتق اسمها منه مثل (بيت شان) بيسان فهي مدينة الإله شان، وأريحا مدينة إله القمر يرح.

وتظهر الآثار في العصر البرونزي الأوسط أن القدس الكنعانية كانت محاطة بسور من الطين والحجر من جهاتها الأربع، وتربطها بعين جيحون قناة سرية تنتهي بخزان داخل السور، وعرفت كذلك الصخرة المقدسة لبيت المقدس التي كانت مقدسة عند الكنعانيين عامة واليبوسيين خاصة.

وشاعت تسمية القدس كما في الوثائق والأواني المصرية في ذلك الوقت باسم "أورشليم"، وكان اسمها قبل ذلك "منورتا" الذي يوحي بأصل آموري، ومعناه الشمعة أو الضوء، وهو المعنى نفسه لكلمة "شالم" أو "سالم" الكنعانية.

وتحولت القدس في العصور البرونزية المتأخرة إلى يبوسية، واليبوسيون هم أشراف وزعماء الكنعانيين في القدس، ثم وقعت تحت الاحتلال المصري، ثم استولى عليها الحثيون عندما احتلوا بلاد الشام ودخلوا في حروب طويلة مع المصريين، ثم تحولت القدس إلى مركز للمجتعات الزراعية والرعوية التي تشكلت فيما بعد من الكنعانيين والحوريين والبدو "العابرين" من الصحاري والأراضي الزراعية الجافة.

وقد ظهر مصطلح كنعان عام 1280 ق.م، أي قبل ظهور التوراة بزمن طويل، وكان الكنعانيون قبل ذلك يسمون "شام".

وظهر اسم إسرائيل للمرة الأولى في لوح مرنبتاح في وصف مدينة كنعانية، ولم تذكر إسرائيل آثاريا في جميع منطقة الشرق الأدنى إلا عام 842 ق.م عندما حارب ميشع إسرائيل.

وقد عبد اليبوسيون الإله بعل وكان مقر عبادته جبل صهيون، وصهيون اسم كنعاني عرف قبل ظهور اليهود بألف سنة، ثم نسبه اليهود إلى أنفسهم كما نسبوا "سالم" إلى سليمان.

العصر الحديدي
يعتبر العصر الحديدي أكثر العصور جدلاً وأكثرها عرضة للتلفيق والتزوير، وقد مرت فلسطين في هذا العصر بتحولات اقتصادية واجتماعية جذرية كان من شأنها أن تعيد البنية الحضارية والسياسية، وتنهي المرحلة الأمورية والكنعانية.

فقد شهد غرب فلسطين الساحلي استيطان جماعات "الفستو" الإيجية التي اختلطت بالتراث الكنعاني وذابت فيه، والتي جاء منها اسم "فلسطين". وأما شمال فلسطين فقد شهد تدفقاً زراعياً كنعانياً، وحافظ على الهوية الكنعانية. وفي الوسط استقرت القبائل البدوية التي حاولت انتقاء ما يحلو لها من العقائد الكنعانية في سبيل تكوين هوية خاصة بها دون جدوى، فقد ظل التراث الكنعاني مهيمناً.

وتظهر الآثار في القرن العاشر والتاسع قبل الميلاد النشاطات الواسعة للبناء والعمران، وهو ما يشير إلى بقائها مدينة يبوسية كنعانية آثارياً، وعدم وجود ما يسمى "المملكة الموحدة" لإسرائيل ويهوذا، وعدم تميز القدس كمدينة خارجة عن السياق الكنعاني اليبوسي كأن تكون عبرية أو يهودية.

وكانت مدينة دولة إسرائيل كما تبدو في الآشوري العائد إلى عصر الملك شلمنصر الثالث (859-824)ق.م مدينة كنعانية، ولم تكن عبرية الهوية أو توراتية الدين.

وفي القرن السابع قبل الميلاد ظهر دين يهوذا الذي انفصل عن الديانة الكنعانية اليبوسية على يد الملك يوشيا الذي عثر على سفر الشريعة.

وتعرض أهل يهوذا وتحديداً أهل أورشليم للسبي البابلي الأول على يد نبوخذ نصر الثاني، وكانوا في أولى خطواتهم لتكوين دين خاص بهم وهو الدين اليهوذي وليس اليهودي، وأما الدين اليهودي فقد تكون في العصر الحديدي الثالث أثناء الهيمنة الفارسية على الشرق الأدنى القديم.

في عام 586 ق.م تعرضت القدس للتدمير وحدث السبي البابلي الثاني، وأغلب سكان القدس اقتلعوا من أرضهم وهجروا إلى أرض بابل، ولم يكن التدمير للقدس من قبل بابل متعلقاً بأية مسألة دينية.

وظهرت فكرة الشتات مع السبي البابلي وليس مع السبي الآشوري لأن السبي البابلي طال عاصمة يهوذا وأهلها الذين سيشكلون الدين اليهودي فيما بعد، والسبي الآشوري طال مدينة السامرة، وهذه الفترة كانت بداية تدوين التراث الديني (المرويات التوارتية) وظهور الأنبياء الذين بنوا الأسس الأولى للدين اليهودي، ثم تطورت كلمة الشتات وأصبحت تطلق على كل مجتمع يهودي خارج فلسطين.

ولم تعد القدس مدينة للمجتمع اليهودي إلا لفترات قليلة جدا بعد السبي الذي كان فيه مجتمع القدس, ولم تكن مدينة سياسية واجتماعية لليهود، وكانت هذه المدينة مثل باقي مدن فلسطين مكاناً لهجرة الناس ولقائهم من جميع أرجاء فلسطين وما حولها.

وسقطت بابل عام 539ق.م بيد كورش ملك الفرس، وأمر بإعادة أهل السبي إلى القدس ويهوذا، وكان أهل السبي خليطاً من الأقوام يعكس طبيعة سكان أهل القدس، وكان يقودهم زربابل وكانت أول أعمالهم بناء بيت الرب) أو الهيكل.

وظهر النبيان حجي وزكريا وبشرا بملوكية زربابل وبأنه المسيح المنتظر، وقد عاصر المؤرخ اليوناني هيرودوتس أحداث ما بعد السبي والعودة، ولم يذكر أي إشارة إلى اليهود وعودتهم وبناء الهيكل كما تقول المرويات التوراتية.

ماذا فعلنا للقدس
تركناها تضيع
بارك الله فيك اخي

شكرا بارك الله فيكم

بارك الله فيك

بارك الله فيك

بارك الله فيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.