العنف المدرسي 2024.

استطلاع: فريدة نباش
11/12/2016
تعد ظاهرة ”العنف المدرسي” من أخطر الظواهر الاجتماعية والآفات الفتاكة بأجيال المستقبل وذلك بما تلقيه هذه الظاهرة من أثر سيئ في نفسية الأطفال المتمدرسين، تؤدي بهم إلى مقت المدرسة والمدرسين، فضلا عن وأد الإبداع الذي لا يمكن أن ينمو إلا في فضاء من الحرية، كما أنه يؤثر بشكل سلبي على القدرة الاستيعابية للتلاميذ. ومع استمرار العنف الموجه لهم سواء أكان لفظيا أو جسديا يتدهور مستواهم التعليمي من جهة كما تسوء حالتهم النفسية ويصبحون عرضة للاضطرابات النفسية وللانحراف. عرف المجتمع الجزائري عدة تغيرات وتحولات اجتماعية خاصة خلال ربع القرن الماضي على جميع المؤسسات الاجتماعية، منها المؤسسة التعليمية والتربوية بكل أطوارها ومراحلها التعليمية، فلقد عرف عدد الأطفال المتمدرسين ارتفاعا مستمرا. ويمكن قياس حدة الازدحام الديمغرافي في قطاع التعليم بالأعداد الهائلة المسجلة في كل سنة، حيث بلغت نسبة المتمدرسين إبان الاستقلال 20 بالمائة للفئة العمرية من 5 – 19 سنة في أول تعداد للجزائر ووصلت إلى حوالي 40 بالمائة سنة ,2017 ففي سنة 2024 التحق بالمدرسة حوالي 814000 تلميذ أي بارتفاع سنوي متوسط قدره 27بالمائة، كما أشار تقرير أخير إلى أن تعداد الذين سيدخلون إلى المدرسة سيتطور إلى 5,10 مليون نسمة مع حلول عام ,2020 هذه الأرقام تعكسها حالات الرسوب والعنف في كل المؤسسات التعليمية على اختلافها، فالجزائر تعيش في الآونة الأخيرة وبشكل لافت للنظر تفشي ظاهرة العنف والعدوان تجاه الأطفال المتمدرسين بشكل عام، ما يشير إلى وجود ظاهرة متنامية، تؤكدها الأخبار المؤسفة التي نسمعها بين الحين والآخر. يتطلع الطفل إلى مستقبل زاهر، حينما يدخل المدرسة في تلك السنوات الأولى التي تمثل أهم سنوات عمره لتكوين مستقبل حياته، وفيها ويحاول تطوير مقدراته الأكاديمية والاجتماعية، حتى يصل لطور المراهقة وهو يتمتع بصحة ذهنية وجسدية جيدة، وإذا تعرض الطفل لأي نوع من أنواع العنف فسوف يؤثر على مستقبل حياته ويتسبب في ضعف ذاكرته، وبالتالي يقلل من وعيه الإدراكي وتنخفض معدلات مقدراته. وكل الدراسات تشير إلى أن الأطفال الذين يتعرضون للعنف لا يثقون في مقدراتهم المستقبلية، وتتلاشى لديهم الأماني بحياة المستقبل وارتياد الآفاق الرحبة، أي لا يستشرقون المستقبل، وكمثال لأولئك الأطفال الذين تم خطفهم لمدة طويلة واستخدموا كرهائن، تبلد إحساسهم من الخوف والرعب، وأصبحوا لا يستشرقون المستقبل وأصابتهم غشاوة من عدم الثقة بمقدراتهم. أصيبت بالتأتأة ورسبت لسنتين على التوالي نتيجة صفعة من معلمتها أمثلة كثيرة في واقعنا لأطفال في الطور الابتدائي، تعرضوا إلى العنف من قبل المعلمين، ويمكن وصف الوضع الذي آلوا إليه بالكارثي كما هو الحال مع البنت ”سلمى. ب” من العاصمة بلدية عين البنيان، حالة من الحالات التي سنستشهد بها في هذا الاستطلاع، عمرها لا يتجاوز 6 سنوات، تدرس بالسنة الأولى الابتدائي، تعرضت إلى صدمة نفسية بعد تلقيها صفعة من قبل معلمتها، وبسبب تأثرها بهذا الموقف، لم تستطع الدراسة ورسبت لسنتين على التوالي، أصيبت ” بالتأتأة ” وأصبحت تنطق بصعوبة وتعيد الكلمة الواحدة أو الحرف الواحد مرات عدة قبل النطق بها. المعلم والدها.. يريدها دائما مثالية بين تلاميذ القسم والبنت ”فريال هند” وهي في المرحلة ما دون الثامنة، تعيش بالخوف والقلق والأحلام المزعجة والخلط بين الواقع والخيال، وحسب ما أدلت به لنا والدتها فإن ”فريال ” تعاني ضغطا شديدا في المدرسة وفي البيت بسبب تدريس والدها لها، حيث يطالبها بأن تكون دائما مثالية في صفوف التلاميذ بالقسم، كما أنها تتعرض إلى الضرب عندما لا تتحصل على نقاط جيدة. وبحكم تكرار هذه الضغوط، أضحت منطوية في المدرسة وحتى في المنزل، وتعاقب نفسها بقضم اظافرها لتفريغ شحناتها التي لا تستطيع التعبير عنها أمام أهلها خوفاً من العقاب. بسبب الضرب المتكرر محمد أمين يتبول ليلا ونهارا يتعرض الطفل ”محمد أمين” ذو التسع سنوات والذي يقطن ببلدية الشراڤة بالعاصمة، هو الآخر إلى الضرب المتكرر من طرف معلمه، حيث تعرض إلى اضطراب نفسي وأصبح يتبول ليلا ونهارا، خوفاً من لجوء المعلم إلى معاقبته إذا أخفق في الدراسة. تقول والدته ”إن عامل الوراثة يلعب الدور الأكبر في استمرار التبول إلى ما بعد الخامسة، فأخذت ابني إلى الطبيب المختص لكي يتجنب التبول اللاإرادي ليلا ونهارا، إلا أن الطبيب أفادني بان ابني يعيش توترا شديدا واضطرابات نفسية وهي السبب في تبوله، قائلا لا بد من محاولة فهمه والعمل على التخفيف عنه”. أستاذ علم الاجتماع عبد اللاوي حسين العنف غطاء للتعويض عن ضعف كفاءة المدرس للوقوف على أسباب الظاهرة تطرقنا من الناحية الاجتماعية والناحية النفسية لكل من المعلم والتلميذ، وفي هذا الشأن أوضح لنا أستاذ الاجتماع بجامعة بوزريعة ”عبد اللاوي حسين”، أن الظروف التي مر بها المجتمع الجزائري في الآونة الأخيرة جميعها أثرت في بنية المجتمع وفي مختلف مؤسساته، السياسية والدينية والاجتماعية، كما أن المؤسسة التربوية بأكملها شملها العنف وتخلخل في جميع مفاصلها والذي ترك آثارها السلبية كالغش بالامتحانات التشرد والتغيب عن المدرسة وغيرها من الظواهر السلبية الأخرى، مؤكدا في قوله إن العنف بنوعيه المادي والرمزي، ظاهرة اجتماعية خطيرة جدا ولها أسباب عدة، منها النفسية والاجتماعية. ومن جانب آخر اعتبر محدثنا أن العنف الذي يوجهه المدرس أو المعلم إلى التلاميذ، قد يكون هو المهارة الوحيدة التي قد يتقنها البعض في إدارة وضبط الصف، فضلا عن جهل المدرسين والمعلمين بالخصائص الإنمائية للتلاميذ، والجهل بالآثار النفسية والصحية الناجمة عن العنف، الذي يوجهوه نحو تلامذتهم بما يجعلهم يستسهلون استخدام العنف في المدرسة، وربما يكون العنف غطاء للتعويض عن ضعف كفاءة ومهارة المعلم أو المدرس في الجانب العلمي. الأخصائية النفسانية مشتاوي فاطمة الزهراء: ضغط الحياة الاجتماعية للمعلم يولد سلوكا عنيفا ويؤدي إلى اضطراب الجو المدرسي اعتبرت الأخصائية النفسانية مشتاوي فاطمة الزهراء، السلوك العدواني ظاهرة ومشكلة خطيرة لدى بعض المتمدرسين داخل نطاق المدرسة، لما لهـا من تأثير سلبي يعيق سير العملية التربويـة، ويؤدى إلى اضطراب الجو المدرسـي، كما تتسبب في هدر للطاقات البشرية والممتلكات المادية، حيث يقوم بها أشخاص قصر داخل فضاء المدرسة، أغلبهم يعانون الكثير من المشكلات الاجتماعية والنفسية، مشيرة في سياق كلامها إلى أن العنف ضد الأطفال في المدارس ينعكس سلبا عليهم، وهو ما يحدث اضطرابات نفسية وسلوكية ناتجة عن تعنيفهم من طرف المعلمين، خاصة الفروض والاختبارات لأنها أصبحت دورية وشائعة في الوسط المدرسي. وأضافت محدثتنا قائلة ”ضغط الحياة الاجتماعية على المعلم خارج المدرسة، طبعا يولد لديه سلوكا غير بيداغوجي ويبعد أخلاقيات مهنة المعلم، لأن بعضهم يعاني أزمة السكن، والبعض الآخر يعاني أزمة مواصلات، ناهيك عن أزمة مصاريف نهاية الشهر، وعموما تكاليف الحياة وأعباء الأسرة الكبيرة قد تسهم في الضغط على المعلم الذي يضغط بدوره على التلاميذ. كما قد يكون الطفل المتمدرس ضحية عنف عائلي إهمال ونقص في حنان الأبوين، حيث يكون المتمدرس في حالة فراغ أو يقع ضحية عنف لفظي عنف مادي أو معنوي من جهة أخرى. كل هذه العوامل السلبية المؤثرة في الطفل المتمدرس والتي مصدرها العائلة أو ظروف المعيشية قد يتعرض خلال تمدرسه أو وجوده داخل القسم أو المؤسسة التعليمية، لا يجد من يتكفل به أو يهتم به كأن يعطيه إحساسا تكميليا ايجابيا خلال أوقات الدراسة وبالتالي يصبح المتمدرس منطويا على نفسه، شارد الفكر غير اجتماعي وغير مندمج مع زملائه، ما يولد لديه النقص في الرغبة والإرادة الدافعة له من أجل التحصيل العلمي. فعوض أن يكتشف حالته المعلم، يمكن أن يزيده تعنيفا لفظيا وإهانة أو ضربا في بعض الحالات ليعطي به المثال السيئ لكل تلاميذ القسم بسبب أنه غير مهتم بالدروس أو لأنه لم يسمع الكلام حسب تفكير المعلم وهو أكبر خطأ يرتكبه المعلم، لأنه من المفروض أن يحافظ على التوازن النفسي والمعنوي لكل تلاميذه في القسم، كأن يحاول أن يكتشف معاناة بعض تلاميذه في وسطهم العائلي وأن يكون لهم سندا معنويا وأبا حنونا يسعى إلى التخفيف من معاناة تلاميذه الذين هم بمثابة أطفاله ولو بكلمات طيبة تشجيعية لهم، ويحاول أن يجعل من جو المدرسة داخل القسم أكثر حيوية ونشاط وأن يكون هذا القسم عازلا لكل مشاكل التلميذ الخارجية، وبمجرد أن يدخل التلميذ إلى القسم يصبح أكثر انشراحا وينسى همومه العائلية أي يكون هذا القسم منفذا أو متنفسا بديلا له عن كل ما هو سلبي داخل عائلته لأنه يعوض كل هذه السلبيات بما هو ايجابي داخل القسم ومحيطه المدرسي أو حتى معلمي الرياضة، التربية التشكيلية ومادة الموسيقى. والحالة الثانية للعنف الذي قد يتعرض له الطفل المتمدرس هو أن لا يتحصل على نقاط جيدة بالقسم، فيتلقى توبيخات من قبل المعلم وعائلته ويصاب بانهيارات عصبية”.

التربية الدينية المستمدة من ديننا الحنيف هي الحل الوحيد للقضاء على هذه الظاهرة فأعيدوا قيمة
مادة العلوم الإسلامية في جميع المدارس والاطوار واجعلوها مادة أساسية وإلا سيأتي يوم سيتعرض
حضرته إلى لكمات من حفظه الله ورعاه – فلذة كبده – بإسم المقاربة بالرغبات .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.