إلقاء السلام على المصلي ورد المصلي للسلام
عن ابن عمر – رضي الله عنهما – عن النبي صلى الله عليه وسلم :
( خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء يصلي فيه
فجاءته الأنصار فسلموا عليه و هو يصلي
قال : فقلت لبلال :
كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه و هو يصلي ؟قال : يقول هكذاو بسط كفه و بسط جعفر بن عون كفه , و جعل بطنه أسفل , و جعل ظهره إلى فوق )صحيح . الصحيحة برقم : ( 185 )
قال محدث عصره فضيلة الشيخ الألباني – رحمه الله – :
قال المروزي في " المسائل " ( ص 22 )
" قلت ( يعني : لأحمد ) : يسلم على القوم و هم في الصلاة ؟
قال : نعم فذكر قصة بلال حين سأله ابن عمر , كيف كان يرد ؟
قال : كان يشير قال إسحاق : كما قال "
و اختار هذا بعض محققي المالكية
فقال القاضي أبو بكر بن العربي في " العارضة " ( 2 / 162 ) :
" قد تكون الإشارة في الصلاة لرد السلام لأمر ينزل بالصلاة
و قد تكون في الحاجة تعرض للمصلي
فإن كانت لرد السلام ففيها الآثار الصحيحة كفعل النبي صلى الله عليه وسلم في قباء و غيره
و قد كنت في مجلس الطرطوشي , و تذاكرنا المسألة , و قلنا الحديث و احتججنا به
و عامي في آخر الحلقة , فقام و قال : و لعله كان يرد عليهم نهيا لئلا يشغلوه !
فعجبنا من فقهه !
ثم رأيت بعد ذلك أن فهم الراوي أنه كان لرد السلام قطعي في الباب
على حسب ما بيناه في أصول الفقه "
و من العجيبأن النووي بعد أن صرح في الأذكار بكراهة السلام على المصلي
قال ما نصه : " و المستحب أن يرد عليه في الصلاة بالإشارة , و لا يتلفظ بشيء "
أقول :
و وجه التعجب أن استحباب الرد منه أن يستلزم استحباب السلام عليه
و العكس بالعكس
لأن دليل الأمرين واحد ، و هو هذا الحديث و ما في معناه
فإذا كان يدل على استحباب الرد , فهو في الوقت نفسه يدل على استحباب الإلقاء
فلو كان هذا مكروها لبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم و لو بعدم الإشارة بالرد
لما تقرر أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز
و هذا بين ظاهر و الحمد لله
ومن ذلك أيضا
السلام على المؤذن و قارىء القرآن , فإنه مشروع
و الحجة ما تقدم فإنه إذا ما ثبت استحباب السلام على المصلي فالسلام على المؤذن و القارىء أولى و أحرى
و أذكر أنني كنت قرأت في المسند حديثا فيه سلام النبي صلى الله عليه وسلم على جماعة يتلون القرآن
و كنت أود أن أذكره بهذه المناسبة و أتكلم على إسناده
و لكنه لم يتيسر لي الآن
و هل يردان السلام باللفظ أم بالإشارة ؟
الظاهر الأول
قال النووي :" و أما المؤذن ؛ فلا يكره له رد الجواب بلفظه المعتاد لأن ذلك يسير , لا يبطل الأذان و لا يخل به "
***************************
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم :
( لا غرار في صلاة , و لا تسليم )
زاد أبو داود :
" قال أحمد : يعني – فيما أرى – أن لا تسلّم , و لا يُسلَّم عليك
و يغرر الرجل بصلاته , فينصرف و هو فيها شاك "
صحيح . الصحيحة برقم : 318
قال رحمه الله :
قال ابن الأثير في " النهاية " :
" ( الغرار ) النقصان ، و غرار النوم قلته
و يريد بـ ( غرار الصلاة ) نقصان هيأتها و أركانها
و ( غرار التسليم ) : أن يقول المجيب : " و عليك " ، و لا يقول : " السلام "
و قيل : أراد بالغرار النوم , أي ليس في الصلاة نوم
و " التسليم " : يروى بالنصب و الجر
فمن جره كان معطوفا على الصلاة كما تقدم
و من نصب كان معطوفا على الغرار , و يكون المعنى
لا نقص و لا تسليم في صلاة ؛ لأن الكلام في الصلاة بغير كلامها لا يجوز "
:
قلت :
و من الواضح أن تفسير الإمام أحمد المتقدم , إنما هو على رواية النصب
فإذا صحت هذه الرويةفلا ينبغي تفسير " غرار التسليم " بحيث يشمل تسليم غير المصلي على المصلي كما هو ظاهر كلام الإمام أحمد
و إنما يقتصر فيه على تسليم المصلي على من سلم عليه
فإنهم قد كانوا في أول الأمر يردون السلام في الصلاة , ثم نهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
و عليهيكون هذا الحديث من الأدلة على ذلك
و أماحمله على تسليم غير المصلي على المصلي
فليس بصواب
لثبوت تسليم الصحابة على النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث واحد
دون إنكار منه عليهم , بل أيدهم على ذلك بأن رد السلام عليهم بالإشارة
من ذلك:
حديث ابن عمر قال :
" خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء , يصلي فيه
قال : فجاءته الأنصار , فسلموا عليه , و هو يصلي
قال : فقلت لبلال :
كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه , و هو يصلي
قال : يقول : هكذا , و بسط كفه , و بسط جعفر بن عون – أحد رواة الحديث – كفه
و جعل بطنه أسفل , و جعل ظهره إلى فوق "
أخرجه أبو داود و غيره
و هو حديث صحيح
كما بينته في تعليقي على " كتاب الأحكام " لعبد الحق الإشبيلي ( رقم الحديث 1369 )
ثم في " صحيح أبي داود " ( 860 )و قد احتج به الإمام أحمد نفسه و ذهب إلى العمل به
فقال إسحاق بن منصور المروزي في " المسائل " ( ص 22 ) :
قلت : تسلم على القوم , و هم في الصلاة ?
قال : نعم
فذكر قصة بلال حين سأله ابن عمر : كيف كان يرد ? قال : كان يشير "
قال المروزي" قال إسحاق كما قال " .
نظم الفرائد مما في سلسلتي الألباني من فوائد
لعبد اللطيف بن أبي ربيع
يقول العلامة الألباني _رحمه الله_ في سلسلة الصحيحة الحديث رقم1104
صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يشير في الصلاة , رواه أنس و جابر و غيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الدارقطني : رواه ابن عمر و عائشة أيضا " .
و أما مصافحة المصلي , فهي و إن لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما علمت, فلا دليل على بطلان الصلاة , لأنها عمل قليل , لا سيما و قد فعلها عبد الله ابن عباس رضي الله عنه , فقال عطاء بن أبي رباح : " أن رجلا سلم على ابن عباس , و هو في الصلاة , فأخذ بيده , و صافحه و غمز يده ".و ليس كل عمل في الصلاة يبطلها , فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت : "جئت و رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في البيت , و الباب عليه مغلق , فمشى [عن يمينه أو يساره] حتى فتح لي ثم رجع إلى مقامه , و وصفت الباب في القبلة".
أخرجه أصحاب السنن و حسنه الترمذي و صححه ابن حبان و عبد الحق في "الأحكام" و إسناده حسن كما بينته في "صحيح أبي داود"…
بارك الله فيك وجزاك كل خير
بارك الله فيك