في حكم الاحتفال برأس السَّنَةِ الميلادية 2024.

في حكم الاحتفال برأس السَّنَةِ الميلادية

السـؤال:
ما رأيُ الإسلامِ فيما يُعرف الآن باسم: (Bonne Année)؟ أجيبونا مأجورين.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فيَجُدُرُ التَّنبيهُ أَوَّلاً إلى أنَّه ليس للإسلام رأيٌ في المسائل الفقهية والعقائدية على ما جاء في سؤالكم كشأن المذاهبِ والفِرَقِ، وإنَّما له حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يَتَجَلَّى في دليله وأمارته. ثمَّ اعلم أنَّ كلَّ عملٍ يُرادُ به التقرُّب إلى الله تعالى ينبغي أن يكون وَفْقَ شَرْعِهِ وعلى نحو ما أدَّاه نبيُّهُ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّمَ، مُراعيًا في ذلك الكمِّيةَ والكيفيةَ والمكانَ والزمانَ المعيَّنِين شرعًا، فإن لم يهتد بذلك فتحصل المحدثات التي حذَّرنا منها النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّمَ في قوله: «وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ»(١)، وقد قال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُم الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾ [الحشر: ٧]، وقوله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: ٦٣].
ومَوْلِدُ المسيحِ لا يَخْتَلِفُ في حُكْمِهِ عن الاحتفال بالمولدِ النبويِّ إذ هو في عُرْفِ النَّاس لم يكن موجودًا على العهد النبويِّ، ولا في عَهْدِ أصحابِه وأهل القرون المفضَّلة، وإنَّ كلَّ ما لم يكن على عهد رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّمَ وأصحابِه دينًا لا يكون اليوم دينًا على ما أشار إليه مالكٌ -رحمه الله- وقال: «مَنِ ابْتَدَعَ فِي الإِسْلاَمِ بِدْعَةً يَرَاهَا حَسَنَةً فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَانَ الرِّسَالَةَ، وَذَلِكَ لأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾ [المائدة: ٣]». فضلاً عن أنَّ مثلَ هذه الأعمالِ هي من سُنَنِ النَّصارى من أهلِ الكتاب الذين حذَّرنا الشرعُ من اتباعهم بالنصوص الآمرة بمخالفتهم وعدمِ التشبُّهِ بهم، لذلك ينبغي الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة اعتقادًا وعِلْمًا وعَمَلاً؛ لأنّه السبيلُ الوحيدُ للتخلُّص من البدع وآثارها السيِّئةِ.
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٤ شعبان ١٤١٦ﻫ
الموافق ﻟ: ١٥ جانفي ١٩٩٦م

(١) أخرجه أبو داود في «سننه» كتاب السنة، باب في لزوم السنة: (٤٦٠٧)، والترمذي في «سننه» كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع: (٢٦٧٦)، وابن ماجه في «سننه» باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين: (٤٢)، وأحمد في «مسنده»: (١٧٦٠٨)، من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه، والحديث صححه ابن الملقن في «البدر المنير»: (٩/ ٥٨٢)، وابن حجر في «موافقة الخبر الخبر»: (١/ ١٣٦)، والألباني في «السلسلة الصحيحة»: (٢٧٣٥)، وشعيب الأرناؤوط في «تحقيقه لمسند أحمد»: (٤/ ١٢٦)، وحسَّنه الوادعي في «الصحيح المسند»: (٩٣٨).موقع فضيلة الشيخ فركوس خفظه الله

بارك الله فيك واحسن اليك

وفيك يبارك الله .


جزاكم الله خيرا

جزاك الله خيرا وحفظ الشيخ وبارك في علمه. ثم إني قد وضعت الموضوع قبل يومين مرتين ثم حذفته وها قد تم إدراجه فبارك الله فيك

وأنتم جزاكم الله خيرا ,وبارك الله فيكم على الردود والمتابعة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.