شيخوخة على قارعة الطريق 2024.

شيخوخة على قارعة الطريق…

الجيريا

شيخوخة على قارعة الطريق … والإسعاف السريع بطيء!


إن ما توحي لك به الصورة المرفقة مع هذا المقال للوهلة الأولى هو انطباع سيء بلا شك وحزين، وستظن فور وقوع نظرك على هذا المشهد المتوقف مع الزمن أنك وكالعادة تشاهد صورة لبائس من بؤساء هذا العالم الكثر، سواء كان ذلك في الصومال أم في دارفور أم جنوب إفريقيا، أو ربما غير ذلك من الأماكن المنكوبة إنسانياً.
لكن تمعن في الصورة أكثر، واستقر بعينيك فوق الرصيف المجاور للشيخ الكبير، وتأمل لباس الواقفين المتشحين بالسواد، بل تأمل السور الحديدي المستند إلى قامة الشيخ المنهك!! تأمل كل ذلك وستلاحظ فوراً أنك في مكان آخر مختلف تماماً وجديد، إنها منطقة منكوبة من نوع آخر، منطقة قلما تستطيع عدسات الكاميرات اختراقها وكشف سريرتها، لأن فيروسات أمنية ستصيب العدسات ( بالعطب )!
كان ذلك أمام كلية التربية وسط دمشق، وعلى مرأى من المارة ومئات الطلاب المجفلين والواقفين كملسوعين أمام مشهد عجيب وغريب لأكثر من أربع ساعات.
كان هذا الرجل الكبير والمقعد مرمياً على قارعة الطريق، ظننته ميتاً لكنه كان لا يزال ينبض بالحياة، ربما ليقول شيئاً للجيل الجديد قبل أن يرحل، بقينا هناك حوالي الساعتين وأخبرنا الطلاب أن ذلك العجوز كان قابعاً هناك منذ ساعتين، وفي هذه الفترة اتصلنا بالإسعاف السريع حوالي ست مرات دون فائدة، وفي كل مرة حدث الاتصال التالي :
• ـ ألو مرحبا الإسعاف؟؟
• ـ نعم.
• ـ هناك رجل مرمي على قارعة الطريق بجانب كلية التربية.
• ـ ما به؟؟
• ـ لا نعلم إنه لا يتحرك.
• ـ هل هو حي؟
• ـ نعم
• ـ لا بأس رش عليه الماء وسينهض!!
• ـ يا أخي إنه منهار وعلى وشك الموت.
• ـ أنت ما اسمك؟!
• ـ يا أخي أنا طالب.
• ـ وهل تعرف الرجل يا طالب؟!
• ـ لا، ولكنه سيموت.
• ـ ما رقم جوالك؟!
• ـ يا أخي ما دخل رقم جوالي بالموضوع، نريد الإسعاف وكفى.
• ـ هل رقم جوالك هو 099؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
• ـ نعم.
• ـ ابق هنا سأخبر الإسعاف.
وتأخر الإسعاف ولم يأت، وفي كل مرة كنا نتصل بهم كانوا يصرون أنهم أخبروا الإسعاف، ثم بعد ساعتين حضر الإسعاف… لكن المفاجأة التي قصمت ظهر البعير هي أن رجال الإسعاف رفضوا حمل الرجل لأنه لا يحمل هوية أو ما يدل على شخصيته، واشترطوا لحمله أن يتكفله أحد الطلاب على مسؤوليته ويرافقهم إلى المستشفى كشاهد عيان، لكن من يجرؤ على مرافقة رجل يوشك على الموت!!؟
بقيت سيارة الإسعاف حوالي ربع ساعة تنتظر من يتبرع بمرافقة العجوز إلى المستشفى!! وهنا لم يتمالك أحد الطلاب نفسه ولم يستطع أن يكظم غيظه فانهال على أحد الممرّضين بالشتائم والإهانات، وشاركه بعض الطلاب والطالبات من أصحاب النخوة والضمائر الحية.
إلا أن رجال الإسعاف لم يلينوا أمام الثورة الإنسانية الطلابية، وإنما هددوا بتركه في مكانه إذا لم يتوقف الطلبة عن الصراخ، وهنا حدث الحوار التالي بين أحد الطلاب وممرض بجانب السيارة:
• ـ الرجل يموت ما عندكم ضمير.
• ـ ما يصير.. يجب أن تأتي معه!!
• ـ ستأخذه أم نكسر السيارة هنا.
• ـ بلا حكي زيادة ولك حيوان.
• ـ أنت الحيوان..؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
• ـ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
• ـ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وانهالت الشتائم بين الطلاب ورجال الإسعاف، وفي هذه الفترة تطوع بعض الطلاب لحمل الرجل العجوز وأدخلوه إلى سيارة الإسعاف، وتبرع اثنان بمرافقة الإسعاف على مسؤوليتهما كشاهدين على الحادثة!!
وفي وسط دمشق، كثيراً ما يفترش المشردون الحدائق العامة ويلتحفون السماء في مناطق معروفة جداً منها : ( حديقة تشرين ـ ساحة المرجة ـ حديقة الثورة ـ حديقة الفور سيزنس ـ حديقة المواساة ـ حديقة وزارة التعليم العالي…إلخ ).
ومعظم هؤلاء، إما من القادمين من المحافظات السورية حيث لا يملكون ثمن المبيت في الفنادق، أو من المشردين الفقراء الذين يعملون في مهن لا توفر لهم سوى لقمة عيشهم دون أن تؤمن لهم ثمن استئجار غرفة!!
تتنامى في دمشق يوماً بعد يوم ظاهرة التشرد، وخاصة الأطفال الذين يعملون في مهن بيع أوراق اليانصيب ومسح الأحذية ومسح السيارات. وفي الوقت الذي تتحدث فيه وسائل الإعلام عن اهتمام متزايد لحل هذه الأزمة، تزداد المشكلة عمقاً بشكل ليس له مثيل من قبل، حيث أصبح من الواضح للعيان في مختلف أرجاء المدن السورية ـ لا العاصمة وحدها، أناس يعملون في مثل هذه المهن وعلى وجه الخصوص أطفال الإشارات المرورية. حتى لا تكاد إشارة مرورية في دمشق تخلو من طفل معاق أو طفل يدعي الإعاقة يعمل تحت إشراف شخص من عائلته غالباً ما يكون الأب أو الأخ الأكبر، وتقف الجهات الحكومية والأهلية عاجزة عن السيطرة على هذه المشكلة وسط إجراءات محض نظرية لا تتعدى رسم الخطط والأفكار التي غالباً ما تبقى دون تنفيذ.
ويشكل تشرد العجائز والمجانين نسبة لا تقل عن تشرد الأطفال وأوضاعهم سوءاً، لأنهم لا يعملون مثل الأطفال، لذلك غالباً ما يستعيضون عن العمل بالتسول.
وأياً كانت الأسباب وراء تشرد العجائز في شوارع دمشق، فإنه لا توجد لجنة حكومية مختصة برعايتهم مجاناً، وحتى دور العجزة لا يستقبلون أي عجوز إلا مقابل مبلغ شهري يأخذونه عادة من ذويهم وأبنائهم.
كما يكثر المشردون في كراج البولمان في القابون من رجال ونساء، وتكثر كذلك شبكات الدعارة التي تستغل الفتيات المشردات وتؤمن لهن المأوى مقابل الرضوخ لعمليات البيع المنظم في سبيل الدعارة مقابل المال!!
يتواجد المشردون العجائز بكثرة، خاصة تحت جسر الرئيس في البرامكة، ومعظمهم يعيشون من كسرات الخبز التي يتعطف الناس عليهم بها، لكن مثل هذه الظاهرة أصبحت اعتيادية في شوارع دمشق، بعد أن أغفلت الجهات المختصة أعينها عنها وتناست الأمر، فصار الناس يتعاملون مع المشردين كأناس أصحاء ويعتبرون التشرد حالة طبيعية، بل يصف البعض المشردين على أنهم مجانين فقدوا سيطرتهم على عقولهم!! .

م/ن

رجل الأسعاف موظف لا ذنب له..هذا قرار صادر من الأداره كان المفروض يخبر الصحافه بالأمر
لتفضح هؤلاء الأداريين أو أصحاب القرار..
أما التشرد فكان الله في عون كبار السن والأطفال من لهم معين إن لم تحمهم دولتهم..

ظلم ما بعده ظلم

شكرا على التفاعل

***********************************

بارك الله فيك على الموضع الذي
يعالج قضية مهمة جدا
ربي يستر عيوبنا

وفيك البركة فيك اخ ايمن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.