رمضان شهر العزة وشهر الانتصارات 2024.


رمضان شهر العزة وشهر الانتصارات

الحمد لله الذي جعل لعباده في رحلة حياتهم محطات تذكير وتنبيه، وتكرم عليهم بمواسم مباركة يضاعف فيها الأجر والثواب وجعلها مظنة لاستجابة الدعوات، والصلاة والسلام على رسوله المصطفى القائل: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد:

يقول الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى) (البقرة من الآية 185).

فقد أظلنا موسم عظيم وشهر كريم شهر الخير والبركات شهر القرآن والفرقان شهر الفتوح والانتصارات شهر رمضان الذي كانت فيه من الوقائع والأحداث ما غير وجه التاريخ.

ففيه كانت غزوة بدر الكبرى التي كانت بداية عزة المؤمنين ويوم الفرقان المبين الذي فرق فيه الله بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان حين فرقت بينهم العقيدة، (إذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ) (الأنفال: 42).

فالتقى الآباء بالأبناء بين الأسنة والحراب في اليوم السابع عشر من شهر رمضان المبارك من السنة الثانية من الهجرة ذلك اليوم الذي أعز الله فيه أولياءه وخذل أعداءه وامتن به على عباده (وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).

وفي السنة الثامنة، وفي شهر رمضان أيضا، كان الفتح العظيم الذي أعز الله به دينه ونصر جنده، وطهر به بيته المحرم من رجس الأوثان والمشركين، ودخل الناس به في دين الله أفواجا.

وفي سنة ستمائة وثمانيةً وخمسين يوم الجمعة الخامس والعشرين من رمضان المبارك أيضا هب المسلمون بقيادة الملك المظفر قطز لقتال التتار الذين غزوا بلاد المسلمين وأسقطوا الخلافة وخربوا الدولة الإسلامية واستباحوا بيضة المسلمين وشردوهم شذر مذر، فقيض الله للأمة هذا القائد الصنديد والمقاتل الشجاع ليردها إلى عزتها ويذكرها بأمجادها فالتقاهم في معركة عين جالوت المجيدة حين زالت الشمس، وتفيئت الظلال، وهبت الرياح، ودعا الناس والخطباء على المنابر؛ فكان الظفر للمسلمين ودارت الدائرة على الكافرين، وقطع دابرالذين ظلموا والحمد لله رب العالمين.

وهذا غيض من فيض وإلا فلو ذهبنا نتتبع الانتصارات التي حازها المسلمون في هذا الشهر الكريم على مدار التاريخ لطال بنا المقام.

وإننا إذ نستذكر تلك الأيام العظام كلما زارنا هذا الشهر الكريم لنتشوق ونتطلع إلى مثلها وسط ما يعيشه المسلمون اليوم من ذل العباد،وتكالب الأمم والأعداء،وتسلط الكفار والطواغيت عليهم.

ويمر علينا هذا الشهر الكريم في هذه السنة بعد عام من الحرب العالمية الموحدة من قبل طواغيت العالم أجمع بقيادة أمريكا الصليبية ضد الإسلام وأنصاره من المجاهدين في كل مكان.. نعم حرب عالمية ضد الإسلام؛ هذه هي الحقيقة التي يجب أن يعيها كل مسلم وإن سماها الأعداء بمسميات أخر وألبسوها لباسا غير لباسها بدعاوى الحرب على الإرهاب ونحوه؛ فالمسلمون كل بحسب طاقته واجب عليهم أن يحاربوا ويرهبوا أعداء الله من الكفار والمرتدين ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.

فعلى المسلم أن يجعل من هذا الشهر محطة للمراجعة ورص الصفوف وإعادة ترتيب الجهود وجدولة المهمات؛ لتكون تطلعاتنا وتشوقاتنا إلى الأمجاد والانتصارات التي عاشها المسلمون في مثل هذا الشهر الكريم جادة لا كأماني السراب.

ولا ينبغي أن يكون هذا الشهر عندنا كأي زائر عابر؛ ما دام هو شهر الجد والاجتهاد وشهر الفتوحات والجهاد عند سلفنا الصالح.. فهو موسم الطاعات والخيرات، رفعه الله و شرفه على سائر الشهور و جعل صيامه و قيامه سبباً لمغفرة الذنوب والخطايا وعتق الرقاب من النار. يراجع فيه العباد أنفسهم ويتزودون من خير زاد إن خير الزاد التقوى.

يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).

فالحكمة العظمى منه كما قال الله لعباده: (لعلكم تتقون).

لعلكم تتقون الله فتقومون بحقوقه فتجرّدون له سبحانه العبودية وتحقّقون له التوحيد وتتبرّؤون من الشرك والتنديد وتجاهدون في ذلك حق جهاده.

لعلكم تتقون فتجتنبون مساخط الله وتكثرون من طاعاته فتسترون عوراتكم وعيوبكم بلباس التقوى.. ولباس التقوى ذلك خير.

سأل عمر أُبَي بن كعب عن معنى التقوى؟ فقال أُبَي: يا أمير المؤمنين أما سلكت طريقا ذا شوك؟ قال: بلى، قال: فما صنعت؟ قال: شمرتُ واجتهدت – أي اجتهدتُ في توقي الشوك – قال أُبَي: فذلك التقوى.

فالتقوى: حساسيةٌ المؤمن من التعرض للفتن والمعاصي والخطايا، وخشيةٌ دائمة من مخالفة أمر الله، وحذرٌ دائم من التفريط والتقصير في حقوقه، وتوقٍ دؤوب لأشواكِ الطريق من شهوات وشبهات وفتن وموبقات.

وقال علي رضي الله عنه عن التقوى: (هي الخوفُ من الجليل، والعملُ بالتنزيلُ، والقناعةُ بالقليل، والاستعدادُ ليوم الرحيل).

وقال غيره من السلف نحوا من ذلك، وجميعهم تدور أقاويلهم في الدائرة نفسها وتصب في إناء واحد فمن نبع واحد ارتوا وعن عين عذبة فريدة صدروا.

فعلى كل منتسب للإسلام أن يجتهد في هذا الموسم العظيم بتجديد إيمانه فهو سلاحه الأول الذي يواجه به مؤامرات الكفار؛ فيتزود من التقوى ويغترف وينهل في هذا الشهر الكريم من الصيام والقيام والذكر والتوبة والإنابة ما يصحح به سلوكه ومسيرته ويجدد به عزمه على أن يكون من أنصار الدين.

وهو فرصة كي يراجع كثير من المشايخ والمنتسبين للعلم تقصيرهم في حق دينهم ويقلعوا عن تسخيرهم الدين لخدمة الحكام وجعله مطية للطواغيت، ويجتنبوا تزوير الحقائق الشرعية لصالح الطواغيت؛ فيكفوا عن جعلهم ولاة أمور شرعيين ويرعووا عن تنصيبهم أئمة للمسلمين ويتوبوا ويصلحوا ويبينوا.. فيحذروا المسلمين من هذا الزور.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) أخرجه البخاري.

وهو فرصة يراجع فيها كثير من الدعاة تقصيرهم في دعوتهم ويتقوا الله فيها فيصفّوها من شوائب الانحراف والركون إلى أعداء الله وينقوها من شبهات الانهزام والتخذيل والإرجاف التي يعوقون بها الجهاد ويخذلون بها عن المجاهدين.

فمن لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه!!

وهو فرصة كي يراجع فيها كثير من أهل اليسار من أغنياء المسلمين واجبهم تجاه إخوانهم المجاهدين في كل مكان فالجهاد بالمال صنو الجهاد بالنفس وليتذكروا في جوعهم وصيامهم المعسرين والفقراء والمساكين والمستضعفين والمعوزين من أبناء ونساء إخوانهم المأسورين والمسجونين والملاحقين من قبل أعداء الله في كل بقاع الأرض، فلا بد لهم إن كانوا مؤمنين صادقين أن يشعروا بمصابهم ويحزنوا لحزنهم ويشاطروهم همومهم فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم،ومثل المسلمين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.. فيحمله ذلك على أن يتذكرهم ويدعوا لهم ويخلفهم في أهلهم ويرحم أولادهم ويعطف عليهم و يواسيهم ويعطيهم مما أعطاه الله ويسعى في تخفيف مصابهم وآلامهم.

فقد كان النبي صلى الله عليه و سلم أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، فقد كان صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة.

وهي فرصة يراجع فيها المسلمون أنفسهم فيحاسبوها على هجر القرآن.. فرمضان شهر القرآن (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَان) والله تعالى ذمّ الذين يهجرون كتابه، فقال: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) (الفرقان:30).

ومن أعظم أنواع هجره هجر تطبيقه وتحكيمه وتحكيم شرائعه وحدوده في حياة المسلمين عموما وفي محاكمهم وسياساتهم وعلاقاتهم.

وهي فرصة يراجع فيها أهل الدعة والترف والإخلاد إلى الأرض أنفسهم فيعدّوا أنفسهم للجهاد ويهيئوها لتحمل المشاق والصعاب في سبيل نصرة دينهم؛ إذ قد جعل الله هذا الشهر مدرسة يتربى فيها المسلم على قوة الإرادة والصبر، واحتمال الشدائد وترك التنعم، فإن النعيم لا يدرك بالنعيم ومن رافق الراحة فارق الراحة.

ونصرة دين الله بحاجة للجد والجلد والاجتهاد.

عن أبي عثمان النهدي قال: أتانا كتاب عمر بن الخطاب وفيه: (اخشوشنوا واخشوشبوا واخلولقوا وتمعددوا وإياكم والتنعم وزي العجم).. والتمعدد: هو العيش الخشن الذي تعرفه العرب نسبة إلى معد.

وأخيرا…

فشهر رمضان بما فيه من تجديد التوبة وصدق التوجه واحتساب الصيام والقيام لا شك موسم لإجابة الدعاء؛ فقد قال تعالى في آخر آيات الصيام: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة:186).

فإذا دعوت الله تعالى لنفسك وأهلك فلا تبخل على إخوانك الدعاة والمجاهدين في كل مكان بالدعاء في هذا الموسم العظيم؛ واجتهد أن تجعل في دعائك دوما الدعاء بنصر الإسلام وتمكين المسلمين ودحر الشرك وإذلال المشركين وإنجاء المستضعفين والتفريج عن المأسورين؛ فذلك من أقل حقوق إخوانك عليك فالمسلم أخو المسلم لا يخذله ولا يسلمه ولا ينبغي لك أن تستهين بسلاح الدعاء فهو سلاح عظيم فانصر دينك وإخوانك به إن عجزت عن نصرتهم بالقوة والسلاح.

اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أولياؤك ويذل فيه أعداؤك ويحكم فيه كتابك.

وصل اللهم وسلم على نبيك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

الجيريا

الجيريا

الجيريا

الجيريا

الجيريا

ி ιllιl رمضًــــآن كــَريـــمَ (( ^_^ ))

الجيريا

بارك الله فيك

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة fatimazahra2016 الجيريا
الجيريا

الجيريا

الجيريا

الجيريا

الجيريا

ி ιllιl رمضًــــآن كــَريـــمَ (( ^_^ ))

شكرا لمرورك الدائم فاطمة الزهراء نفعنا الله واياك

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قلب متعلق با لله الجيريا
الجيريا

شكرا لمرورك أختي الكريمة وادام الله قلبك متعلقا به

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة kounbata الجيريا
بارك الله فيك

وفيك بارك الله أخي الكريم تقبل الله صيامك وقيامك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أولياؤك ويذل فيه أعداؤك ويحكم فيه كتابك.آمييييييييييييين
بارك الله فيكم وجزاكم المولى أجزل الثواب وأوفره

يقول الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى) (البقرة من الآية 185
رمضانكم مبارك يا اخ كريم

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة @سلمى@ الجيريا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أولياؤك ويذل فيه أعداؤك ويحكم فيه كتابك.آمييييييييييييين
بارك الله فيكم وجزاكم المولى أجزل الثواب وأوفره
وفيك بارك الله أختي سلمى تقبل الله دعائك وصيامك وقيامك واحل الله شهر رمضان عليكم باليمن والبركة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم منير الجيريا
يقول الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى) (البقرة من الآية 185
رمضانكم مبارك يا اخ كريم
شكرا لمرورك أختي الفاضلة وجزاك الله خيرا وتقبل الله منك الصيام والقيام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.