بطل وقائد من الناحية الأولى 2024.

بطل وقائد من الناحية الأولى محمد بن المسعود بلقاسمي

عاد من فرنسا بمجرد تسلمه علامة دالة على قرب موعد اندلاع ثورة التحرير، كان حريصا على المشاركة في ليلتها الأولى، غير أن عراقيل التفتيش والاستنطاق في مدينة الجزائر أخرته عن الموعد. في الخامس نوفمبر كان حاضرا، يجوب نواحي أحمر خدو رفقة القائد حسين برحايل وزملائه بلقاسمي محمد الشريف ومزياني علي. ولأنه ابن المنطقة العارف بكل خباياها قبل الثورة لكونه مناضلا في خلية حزب الشعب بتفلفال وتربطه علاقات وطيدة بمصطفى بن بولعيد ومحل ثقة الناس، استطاع في وقت قصير جمع المناضلين حوله ومضاعفة أعداد المجاهدين ليحول جبال أحمر خدو وما حولها إلى ميادين لمعارك وهجمات لا تنقطع. كان سي محمد رجلا منضبطا حريصا على الانضباط في صفوف الجند، وكان نشيطا كثير الحركة، يكره الفراغ، ولا ينهي يومه إلا بإنجاز ما. ساهم الرجل في تنظيم الناحية وتأسيس قاعدة للتموين جنّد لها مجموعة من المسبلين الذين تولوا عملية الإمداد والتوزيع، أنشأ المراكز والمخابئ في الجبال وداخل القرى والمداشر. في شهر ماي 1955 وبعد إلقاء القبض على القائد سي مصطفى بن بولعيد، وفي إطار جولة لقادة المنطقة عبر النواحي من أجل رفع معنويات المجاهدين وتطبيق مخطط مضاد للدعاية الاستعمارية التي حاولت استغلال الحادثة للتأثير على الناس، عُين المجاهد محمد بن المسعود بلقاسمي مسؤولا على ناحية مشونش خلفا للمجاهد حسين برحايل الذي حول إلى ناحية خنشلة. لم يمر على الناحية إلا القليل من الوقت لتبرز النتائج العسكرية والسياسية الناتجة عن هذا التغيير. عسكريا: اتسعت رقعة الجهاد، وتكاثفت العمليات، كما تضاعف عدد المجندين بفضل توفر السلاح الذي تم غنمه من العدو. سياسيا: تمكن المناضلون والمسبلون من التصدي للدعاية الفرنسية التي راحت تصف المجاهدين بقطاع الطرق ومحترفي الإجرام والذين تمت محاصرتهم في مناطق معينة استعدادا للقضاء عليهم بعد الإمساك بقائدهم، فوزعوا مناشير مضادة، وقاموا بعمليات فدائية داخل القرى وعلى أبواب مراكز الاستعمار، ووسعوا قاعدة الاشتراكات، وأقنعوا الشعب بمقاطعة الكثير من سلع العدو. عُرف الرجل بالحكمة وبعد النظر في معالجة المشاكل، لكنه لا يحب التخاذل ولا التراخي عندما يتعلق الأمر بالمعارك العسكرية، فهو لا يتأخر عنها ولا يسبقه أحد إليها، فإذا رأيته منزويا يفكر في أمر ما، فذاك يعني معركة قادمة عليك الاستعداد لها مسبقا. خاض معارك ضارية واشتباكات كثيرة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: – معركة أحمر خدو سنة 1955 – معركة جبل فوشي. – معركة إفري اللبلح. – معركة " أمنطان" بالجبل الأزرق. – معركة " غار علي أو عيسى ". – كمين " أوسروثان". – كمين " القطّار". – كمين " تيغانمين". – هجوم على مركز تفلفال. وغيرها كثير. ليلة فرار القائد سي مصطفى بن بولعيد من سجن الكدية وسماع الخبر بعد ذلك، عمت الناحية فرحة لا توصف ، وكان أول المستبشرين بذلك قائدها، وهنا لابد من تذكير الذين حاولوا الصيد في الماء العكر بعد استشهاد القائد الشهم سي مصطفى بن بولعيد، أولئك الذين أعمتهم رغبة التزعم من بعده فراحوا يكيلون التهم للمخلصين، حين ادعوا أن الرجل لم يستقبل الاستقبال اللائق في الناحية، لنلفت انتباههم إلى أمور يبدو أنهم نسوها أو تناسوها، فمعركة " غار علي أوعيسى" كما يعرفون كان سببها الفرحة العارمة للمجاهدين حينما علموا أن قائدهم العظيم " سي مصطفى" قد خرج سالما من معركة إفري اللبلح بفضل تضحيات جنود محمد بن مسعود بلقاسمي، فراحوا يطلقون البارود في كل اتجاه حتى تفطن العدو لوجودهم في النواحي فكانت المعركة الشهيرة. وفي كلتا المعركتين استمات هؤلاء الأبطال وعلى رأسهم بلقاسمي محمد للحفاظ على حياة القائد البطل، وقدموا من أجل ذلك الكثير من الأرواح، هذه الأرواح التي لم يراع البعض من هؤلاء المتخاذلين حرمتها وهم يدعون ما يدعون، معتقدين أن الناس قد نسوا فعلتهم يوم إفري اللبلح حين فروا من المعركة رغم أنهم كانوا من الحراس المقربين للقائد سي مصطفى بن بولعيد. لقد أرسى سي محمد بلقاسمي قاعدة جهادية منيعة في الناحية الأولى كبدت الاستعمار ما كبدته من الرجال والعتاد، وأصبحت منبع إشعاع للثورة نحو الصحراء حتى توسعت رقعتها واستحقت أن تصبح ولاية تحول بقرار من عميروش إلى الولاية الثالثة وفي طريقه تمت تصفيته سنة 57 ثم قيل أنه استشهد مع كاتبه في معركة لم يستشهد فيها غيرهما.

بارك الله فيك

بارك الله فيك اخي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.