فأوصيكم ـ أيها الناس ـ ونفسي بتقوى الله عز وجل:
((وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ)) اتقوا يومًا الوقوف فيه طويل والحساب فيه ثقيل.
ثم أما بعد
عباد الله مع التقوى سيكون حديثنا مع صفات المتقين سنعيش في هذه الدقائق بإذن الله عز وجل
و التقوى عباد الله : أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه وقاية، تقيه منه.
وتقوى العبد لربه: أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من غضبه وسخطه وقاية تقيه من ذلك بفعل طاعته واجتناب معاصيه.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: ( المتقون هم الذين يحذرون من الله وعقوبته)
وقال طلق بن حبيب: ( التقوى: أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب الله. وأن
تترك معصية الله على نور من الله، تخاف عقاب الله)
وقال ابن مسعود رضي اللع عنه في قوله تعالى: ((اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ )) آل عمران:102 قال:
(تقوى الله أن يُطاع فلا يُعصى، ويذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر(.
وعرّف علي بن أبي طالب رضي الله عنه التقوى فقال: هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل.
(دخل علي رضي الله عنه المقبرة فقال: يا أهل القبور ما الخبر عندكم: إن الخبر عندنا أن أموالكم قد قسمت وأن بيوتكم قد سكنت وإن زوجاتكم قد زوجت، ثم بكى ثم قال: والله لو استطاعوا أن يجيبوا لقالوا: إنا وجدنا أن خير الزاد التقوى).
والتقوى وصية الله للأولين والآخرين، قال – تعالى -: ((وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ)) النساء ـ 132.
، قال القرطبي رحمه الله : الأمر بالتقوى كان عاماً لجميع الأمم، وقال بعض أهل العلم: هذه الآية هي رحى آي القرآن كله، لأن جميعه يدور عليها، فما من خير عاجل ولا آجل، ظاهر ولا باطن إلا وتقوى الله سبيل موصل إليه ووسيلة مبلّغة له، وما من شر عاجل ولا ظاهر ولا آجل ولا باطن إلا وتقوى الله عز وجل حرز متين وحصن حصين للسلامة منه والنجاة من ضرره.
فالتقوى أصلح للعبد وأجمع للخير، وأعظم للأجر، وهي الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، الكافية لجميع المهمات.
التقوى وصية النبي – صلى الله عليه وسلم – لأمته عن العرباض بن سارية: قال: صلى بنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الصبح فوعظنا موعظة بليغة زرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله كأنها موعظة مودع،
فقال (أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن كان عبدا حبشيا، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) وكان من دعاء النبي – صلى الله عليه وسلم -:
(اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها).
والتقوى هي وصية الرسل الكرام:
((كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ(123)إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ)) 124 الشعراء ((كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ))142 141الشعراء
((كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ )) 161 الشعراء.
والتقوى وصية السلف الصالح رضوان الله عليهم كان أبو بكر ـ رضي الله ـ عنه يقول في خطبته: أما بعد فإني أوصيكم بتقوى الله، ولما حضرته الوفاة، وعهد إلى عمر رضي الله عنه – دعاه فوصاه بوصيته قائلا: اتق الله يا عمر.
وكتب عمر – رضي الله عنه – إلى ابنه عبد الله:،أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله – عز وجل – فإنه من اتقاه وقاه، واجعل التقوى نصب عينيك وجلاء قلبك.
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى رجل: أوصيك بتقوى الله – عز وجل – التي لا يقبل غيرها، ولا يرحم إلا أهلها، ولا يثيب إلا عليها،
فإن الواعظين بها كثير، والعاملين بها قليل، ولما ولي خطب فحمد الله وأثنى عليه وقال:،
أوصيكم بتقوى الله – عز وجل – فإن تقوى الله خلف من كل سعي، وليس من تقوى الله خلف،وقال رجل لرجل أوصني، قال: أوصيك بتقوى الله، والإحسان، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، فيكفي المتقون شرفاً ان الله معهم برعايته وحفظه
ومن وصايا الرسول – صلى الله عليه وسلم – لمعاذ بن جبل اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن.)رواه الترمذي
ما ذا نفهم من وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه بالتقوى مع أن معاذ بهذه المنزلة؟
والتقوى هي أجمل لباس يتزين به العبد: ((يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ)) الأعراف 62.
إ ذا المرء لم يلبس ثياباً من التقى *** تقلب عريانا وإن كان كاسيا
وخير لباس المرء طاعة ربه *** ولا خير فيمن كان لله عاصيا
والتقوى هي أفضل زاد يتزود به العبد، قال – تعالى -: ((وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِي يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ))197البقرة.
وبها الطريق الى الجنة فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم ما أكثر ما يدخل الناس الجنة قال((تقوى الله وحسن الخلق ))رواه احمد
وعن أنس – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم (ثلاث مهلكات، وثلاث منجيات، شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه، وثلاث منجيات: خشية الله في السر والعلانية، والقصد في الفقر والغنى، والعدل في الغضب والرضا).
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يسألها في دعائه فيقول : (( اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى))رواه مسلم
بارك الله فيك
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل
بارك الله فيك
ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل
بارك الله فيك
اللهم اجعلنا من المتقين وجعلنا ممن يستمعون القول فياتبعون احسنه وبارك الله فيك
بارك الله فيك>>وجازاك الله خيرا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل
-مَتَى صَحَّتِ التَّقْوَى رَأَيْتَ كُلَّ خَيْرٍ
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ فِي وَصِيَّتِهِ المَشْهُورَةِ الَّتِي كَتَبَهَا لِابْنِهِ أَبِي القَاسِمِ: «يَا بُنَيَّ، وَمَتَى صَحَّتِ التَّقْوَى رَأَيْتَ كُلَّ خَيْرٍ، وَالمُتَّقِي لاَ يُرَائِي الخَلْقَ وَلاَ يَتَعَرَّضُ لِمَا يُؤْذِي دِينَهُ، وَمَنْ حَفِظَ حُدُودَ اللهِ حَفِظَهُ اللهُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: «احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ»، وَاعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَمَّا كَانَتْ ذَخِيرَتُهُ خَيْرًا نَجَا بِهَا مِنَ الشِّدَّةِ. قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ. لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ [الصّافات: 143-144]. وَأَمَّا فِرْعَوْنُ فَلَمَّا لَمْ تَكُنْ ذَخِيرَتُهُ خَيْرًا لَمْ يَجِدْ فِي شِدَّتِهِ مُخَلِّصًا فَقِيلَ لَهُ: ﴿آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [يونس: 91]. فَاجْعَلْ لَكَ ذَخَائِرَ خَيْرٍ مِنَ التَّقْوَى تَجِدْ تَأْثِيرَهَا» [«لفتة الكبد إلى نصيحة الولد» لابن الجوزيّ: (33)].