تخطى إلى المحتوى

موضوع حول التعليم بالكفايات 2024.

يكثر الحديث عن الأساليب التربوية وطرائق التدريس الفاعلة، ولقد طورت المؤسسات الرائدة ومراكز البحث التربوي العديد من نظريات التعليم, وقامت بدراسة الوسائل والأساليب المستخدمة وخرجت بنتائج وتوصيات متنوعة، ومن بين الأبحاث التربوية الهادفة التي تم التوصل إليها: نظرية تعليم الكفايات, وهي التي استبدلت بها نظرية التعليم الهادف.
مبررات وجود هذه النظرية:
1. غزارة المعلومات وتكاثرها السريع, مما يجعل الطرق العادية المبنية على نقل المعارف عقيمة وجامدة.
2. الحاجة الملحة لتقديم معلومات ذات معنى للتلاميذ، تجلب اهتمامهم وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالحاجيات اليومية المعاشة.
3. محاربة الفشل الدراسي الذي يقلل من فعالية ومردودية المؤسسة التربوية.
تعريف الكفاية:
هي مجموع المعارف والمهارات التي تمكن من انجاز مهمة أو عدة مهام بشكل ملائم.
وتعرف أيضاً بأنها: تلك القدرة لدى الشخص على إنجاز مهمة معينة، إنها مجموع المعارف والمهارات والمواقف التي يتم استثارتها وتعبئتها أثناء القيام بانجاز مهمة محددة.
ويقول آخر: الكفاية ليست حالة أو معرفة مكتسبة فاكتساب معارف أو قدرات (مهارات) لا يعني أن الفرد أصبح ذو كفاية بحيث يمكن للمرء أن يكون على دراية واسعة بمبادئ المحاسبة والتدبير, ولكن قد لا يعرف توظيف هذه المعلومات في الوقت المناسب وفي المكان المناسب.
ولذا قرر التربويون أن الكفاية تكتسب أثناء ممارسة نشاط ما, يتم فيه تجنيد المعارف والقدرات والتوظيف المناسب لها، ولا يمكن اكتسابها من فراغ أو من خلال التلقي السلبي.
والخلاصة: أن الكفاية هي تجنيد مجموعة من الإمكانيات المعرفية (معارف، قدرات، معلومات…) لمواجهة فئة من الوضعيات (المشكلات) بدقة وفعالية.
أمثلة على الكفايات:
ـ التمكين من تحديد الاتجاه والمسار داخل مدينة مجهولة, هذه الكفاية تتطلب تجنيد قدرات مختلفة: القدرة على قراءة تصميم مدينة، القدرة على تحديد موقع، القدرة على طلب معلومات وإرشادات، وتجند كذلك معارف مثل: مفهوم المقياس، عناصر الطبوغرافيا، معرفة الإحداثيات الجغرافية.
ـ الحوار الفعال:
التمكن من محاورة شخص أو مجموعة وإقناعها بفكرة مخالفة لما هي عليه، فهذه الكفاية تحتاج إلى مهارات لغوية، وإلى مقدرة على قراءة الآخر، وإلى مهارة الاصغاء ومهارة استخدام لغة الجسد والمؤثرات، ومهارات استخدام الوسائل والتقنيات في العرض.
خصائص الكفاية:
هناك عدة خصائص لا بد من توافرها في الكفاية حتى تكون صحيحة، وهي في نفس الوقت ميزات في نظرية الكفايات.
أولاً: خاصية الإدماج : وهي تقابل خاصية تجزيء المعارف والمهارات التي تميز نظرية الأهداف.
وتسعى هذه الخاصية إلى إدماج المعارف والمهارات والمواقف لتشكل واقعاً منسجماً ومدمجاً، فهناك الجانب النفسي الوجداني وهو الذي يجعل التلميذ متحفزاً للقيام بعمل ما، والانغماس فيه وجدانياً ,باعتباره مشروعه الذاتي وانعكاساً لذاته، وما ينتظره من اعتراف اجتماعي وجزاء مرغوب, وهناك المعرفي الذهني المرتبط بالمعارف والاستراتيجيات التي ستوظف أو التي سيتم بناؤها واكتسابها أثناء القيام بالمهمة.
ثانياً:خاصية الواقعية: في مقابل الطابع النظري لعملية التعليم بالأهداف، فالهدف في التعلم ببناء الكفايات هو حل المشكلات العملية المرتبطة بالحياة اليومية الواقعية.
ثالثاً: خاصية التحويل: مقابل الطابع التخصصي في نظرية الأهداف، والمراد به القدرة على تحويل ما تم اكتسابه من معارف ومهارات وفي جوانب مختلفة (الرياضيات، اللغة، العلوم…) إلى موقف محدد يساهم في نجاحه استخدام هذه المعارف مجتمعة.
تصنيف الكفايات:
تبنت وزارة التعليم في "الكيبك بكندا" في سياساتها التربوية المعتمدة سنة 1997 تصنيف الكفايات فكانت على الشكل التالي:
أولاً: الكفايات المرتبطة بمستويات العمل الذهني (معالجة وتوظيف المعلومات، حل المشكلات، ممارسة الفكر النقدي، ممارسة التفكير الإبداعي).
ثانياً: الكفايات المرتبطة بالجوانب المنهجية، ( التزود بطرق ومنهجيات العمل الفعالة، استخدام تكنولوجيا الاتصال والمعلوماتية).
ثالثاً: الكفايات المرتبطة بالجانب الشخصي والاجتماعي (بناء الهوية ، التعاون….)
رابعاً: الكفايات المرتبطة بالتواصل (التمكن من آليات التواصل بكافة أشكاله، مثل الإلقاء الرائع، الاقناع، التحاور، الخطاب الجماهيري، المحاضرة العلمية ….. الكتابة الرسم المعبر….).
مستلزمات منهاج بناء الكفايات:
لهذا المنهج احتياجات ومستلزمات، منها ما يتعلق بالمعلم ومنها ما يتعلق بالكتاب والنشاط المدرسي، ومنها ما يتعلق بأساليب التقييم المتبعة.
ـ أولاً: تغيير أساليب التعليم والتعلم:
لأننا نرغب في تنمية كفايات علاوة على إكساب معارف ومعلومات، لا بد من استخدام تقنيات تعليم مميزة واعتماد أساليب ونشاطات تكسب الطلاب مهارة التعلم الذاتي, تعتمد على الملاحظة والبحث والتأمل وإعمال العقل ودوام التفكر. ومن أهم هذه الأساليب طريقة المشروع الذي تنخرط فيه مجموعات العمل بتوصية وإرشاد من المدرس، واختيار مشاريع التقصي والبحث التي تنطلق من حاجيات حقيقية للتلميذ لفهم واقعه ومحيطه، ويتم فيها تجنيد معارفه المكتسبة والمهارات وما ينتج من تفاعلات داخل مجموعة العمل.
ثانياً: تغيير في الكتاب المدرسي.
لا بد من تعديل على الكتاب المدرسي الذي تعودنا أن يعرض معرفة مهيكلة وجاهزة، وما على المدرِّس إلا شرحها وتبسيطها وتلخيصها ليتم توظيفها فيما بعد من طرف التلميذ يوم الامتحان.
وأما المقررات الدراسية اللازمة لبناء الكفايات, فإنها تحتاج إلى أفكار وابتكارات في مجال تصور وعرض وضعيات مختلفة لإشكالية مركبة, تمكن من شحن طاقات التلاميذ، ولذا فالحاجة هنا إلى أكثر من المقررات المدرسية، الحاجة إلى مكتبات ومختبرات ووسائل إتصال وقاعات ومصادر تعلُّم مجهزة، ومصادر معرفة تمتد إلى خارج المدرسة.
ثالثاً: ضرورة تغيير أساليب التقييم:
اهتم الباحثون في مجال تعليم الكفايات بالبحث عن أسلوب تقييم ينسجم مع هذا التصور ومن أهم خصائصه:
ـ المنطلق الأساسي هو أننا لا نقوم باكتساب معارف بل مدى تحقق كفايات، أي أن ما يهم هو الاستراتيجيات المتبعة لحل المشكلات أكثر من المعارف التي تم تداولها.
ـ اعتماد التقويم التكويني المرافق لنشاط التلميذ، وتفضيله على التقويم النهائي، بحيث تعوّض الامتحانات النهائية بحصيلة نهائية للكفايات تم تجميعها من خلال شبكات ملاحظة عمل التلاميذ بشكل مستمر.
ـ والتنافس بين التلاميذ يعوض بأخلاقيات العمل الجماعي التعاوني، وما يتم تقويمه ليس هو عمل التلميذ بالمقارنة مع عمل زملائه، بل المقارنة تتم بين ما تتطلبه المهمة المراد إنجازها وبين ما أنجزه التلميذ فعلاً، وبين ما يمكن فعله إن أصبح متمكناً من الكفاية المستهدفة، وهنا قد نبتعد عن مفهوم "الإمتحان" الذي يجعل كل التلاميذ في خط انطلاق واحد، والناجح هو من وصل نقطة الوصول في الوقت المناسب، فالتقويم هنا يتم بشكل مستمر ويركز على الإستراتيجيات المتبعة من طرف التلاميذ أثناء قيامهم بمهام قد تختلف أثناء حل المشكلات أو التخطيط لمشروع.
بين المعارف والكفايات:أكدت دراسات علمية هامة كتلك التي قام بها "فيليب بيرنود" واعتمد للوصول إليها على أبحاث ودراسات تطبيقية, أجريت في مدارس فرنسا والبرتغال وإسبانيا وبلجيكا والكيبك, وغيرها من المدارس التي تعتمد ابتداء من التعليم الأساسي بناء وتنفيذ مقررات وبرامج مدرسية موجهة نحو الكفايات،
أكدت هذه الدراسات أن سر تقدم التعليم ونجاحه في هذه المؤسسات اعتماد نظرية التعليم بالكفايات بدل التعليم بالمعارف والأهداف. كما أكدت هذه الدراسات أن البرامج الموجهة نحو الكفايات "لا تضحي بالمعارف" لحساب الكفايات، وإن كانت تنمية الكفايات تتطلب مزيداً من الوقت للعمل داخل الفصل وبالتالي النتيجة تقليص الوقت المخصص للمعارف، وخاصة إن كانت المقررات ذات طابع موسوعي، دون أي اعتبار لأعداد المتعلمين لاستثمار واستعمال ما تقدمه هذه البرامج من معارف في مجالات أخرى تتجاوز الفوز في الامتحانات، وبين تدريس نسبة أقل من المعارف بهدف تخصيص مزيد من الوقت لتمرين المتعلمين على تعبئة هذه المعارف وتجنيدها وترحيلها لحل قضايا ومشكلات واتخاذ قرارات وقيادة مشاريع.
فالكفاية ليست إلا القدرة على التحكم في فئة من الوضعيات المتقاربة، وفي مجموعة السيرورات المتتابعة، لأجل انجاز فعل محكم وليتحقق ذلك كله لا بد من:
ـ امتلاك موارد معرفية ملائمة، ومعارف وقدرات ومعلومات ومواقف وقيم.
_ التمكن من تعبئة هذه المكونات وجعلها تتآزر في الوقت المناسب بذكاء وفعالية.
ولذا فالمقاربة بالكفايات تقوم على مبدأين:
ـ أولهما اعتبار المعارف وسائل للعمل.
ـ وثانيهما أن استعمال وتوصيل هذه المعارف أمر قابل ليكون موضوع تعلم.
لاجدال أن المعارف هي "انتصارات حققتها الإنسانية" غير أن قيمتها الحقيقية تتحدد بمدى إمكانياتها في إضفاء المعنى على هذا العالم، وبمدى صلاحيتها لتكون أداة ووسيلة لقيادة الفعل وهداية الممارسة.
قد يحصل البعض على "حاسوب" ولكنه ليس قادراً بعد على استعماله, وكذلك شأن مواردنا العقلية، معارف كانت أو قدرات أو معلومات أو مواقف أو قيم، فعلى الرغم من أنها تسكن أدمغتنا, فإن ذلك ليس وحده ضامن جاهزيتها للاشتغال.
أهم الكفايات المعتمدة دولياً:ـ انصب اهتمام الكثير من دول العالم على السبل التي بمقدورها تحقيق جودة التعليم والرفع من مردوديته, اجتماعياً وتنموياً, وكل ذلك في إطار مشروع تربوي وتنموي محدد وواضح المعالم، فدول الاتحاد الأوروبي، انكبت منذ عقد من الزمن تقريباً على تدقيق ما سمي بالكفايات المفاتيح، فقد تمت إعادة النظر في بريطانيا في المناهج التعليمية خاصة المتعلقة بالتعليم الأساسي، منذ منتصف التسعينات، ويرجع ذلك إلى عدم رضا المشتغلين بمستوى الكفايات التي تتوفر لدى الوافدين الجدد لسوق العمل، ولذا حددت كفايات تتجاوز القراءة والكتابة والحساب إلى القدرة على استخدام كفايات داخل سياقات
متنوعة، وتم التركيز منذ إصلاح المناهج التعليمية عام 1995 على ترسيخ وتدقيق المقاربة المبنية على الكفايات المفاتيح أو الكفايات الأساس التي صارت كالتالي: التواصل، استخدام الأعداد، تكنولوجيا المعلومات، تحسين التعلم والإنجاز الشخصي، وأخيراً حل المشكلات.
في فرنسا حددت الكفايات المفاتيح بشكل واضح ودقيق بالنسبة للتعليم الأساسي في القراءة والكتابة والحساب, مميزة بين كفايات عامة وأخرى خاصة أو نوعية. وهذه الكفايات محددة انطلاقاً من كفاية أساسية هي التحكم في اللغة وتنمية الثقافة وتتمثل فيما يلي:
ـ منح التلاميذ التحكم في أهم الأشكال الخطابية.
ـ إعطاؤهم وسائل صياغة الأحكام الشخصية والتعبير عنها بحيث تكون مسموعة ومفهومة.
ـ منحهم المعارف الثقافية الأساسية الضرورية لتشكيل هويتهم الشخصية والاجتماعية.
ـ تمكينهم من إغناء مخيلاتهم، والتدرب على فهم الأشكال الرمزية.
واستكمالا لملف المنهجية ,فإن من المفيد جدا اعتماد أسلوب التعليم عن طريق الكفايات , ويتم ذلك من خلال تحديد الكفاياتلكل مادة في كل مرحلة ثم في كل صف وبعدها في كل فصل , ويبدأ العمل على بنائها بشكل منهجي , وهذا يحقق نتائج مميزة بإذن الله تعالى.

موضوع منقول للامانة

بارك الله فيك .

الجيريا

الجيريا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.