منشور وزاري مشترك بين التربية والتكوين المهني يثير فتنة
تعليم مهني مواز للثانوي بدون بكالوريا
الأولياء يرفضون التوجيه الإجباري ومديرو المدارس لم يتلقوا المنشور
أثار إصدار منشور مشترك بين وزارتي التربية والتكوين المهني، الذي استلمه مديرو التربية، تساؤلات عديدة في أوساط التلاميذ وأوليائهم وحتى الأساتذة، بعد إقرار زيادة شعبة التعليم والتكوين المهني في اختيارات التوجيه التي يرفضها، لحد الآن، الأولياء بعد تأكدهم أن أبناءهم سيدرسون في مراكز التكوين، مع حرمانهم، وفق هذا الاختيار، من إجراء امتحان شهادة البكالوريا.
المنشور الجديد الذي وقعه وزيرا القطاعين، في 8 أفريل الماضي، يصبح بموجبه مدير التكوين المهني يقاسم مناصفة مدير التربية في عملية توجيه التلاميذ. وبالعودة إلى الأعوام الماضية، كان للتلميذ، في نهاية الطور المتوسط، الحق في اختيارين، أن يتوجه إلى جذع مشترك آداب أو جذع مشترك علوم وتكنولوجيا، غير أنه بفعل هذا المنشور تمت إضافة شعبتي التعليم والتكوين المهني.
وجاء في المنشور الذي تحوز ”الخبر” نسخة منه، أنه يوجه إلى السنة الأولى من التعليم المهني تلاميذ السنة الرابعة متوسط المنتقلون إلى الطور ما بعد الإلزامي، والذين اختاروا هذا النمط وتحصلوا على نتائج تنسجم مع أهداف هذه المرحلة من التعليم. ويتضمن مسار التعليم المهني، حسب المنشور، تعليما تكنولوجيا ومهنيا يحضرهم لممارسة نشاط مهني وتعليم عام لتزويدهم بثقافة عامة. كما يتضمن مسار هذا النمط من التعليم مدة تكوين تتراوح بين 6 و8 أسابيع سنويا، ويتكون من طورين بسنتين لكل طور. أما فيما يتعلق بالتوجيه إلى التكوين المهني، فيمكن للتلاميذ المقبولين في الطور ما بعد الإلزامي الالتحاق بالتكوين المهني إن رغبوا في ذلك، وبلغوا سن 15 سنة بالنسبة للتمهين وسن 16 سنة للتكوين الإقامي. كما يمكن للتلاميذ الذين اختاروا التكوين المهني في أحد الاختصاصات الممنوحة بمؤسسات التكوين، أن يتحصلوا على شهادة الكفاءة المهنية بعد 12 شهرا من التكوين أو شهادة التحكم المهني بعد 18 شهرا من التكوين. وفي هذا السياق، قال مسعود عمراوي، المكلف بالإعلام بالاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، لـ”الخبر”، إن العديد من مديري المؤسسات التربوية أجمعوا على أن التلاميذ لم يعيروا أي اهتمام للشعبة الجديدة، ولم يدونوا في استمارة الرغبات التي سلمت لهم خلال الموسم الدراسي الحالي الاختيار الجديد، خصوصا بعدما علموا أن هذا الخيار سيحرمهم من اجتياز امتحان شهادة البكالوريا المصيرية للدخول إلى الجامعة. كما يرفض الأولياء، برأي الأستاذ عمراوي، هذا الخيار ”مجهول” العواقب، غير أنهم بالمقابل متخوفون من التوجيه الإجباري لأبنائهم طبقا للمنشور الجديد، خصوصا في ظل انعدام آفاق مستقبلية واضحة المعالم.
ويؤكد عمراوي أن التلميذ الذي يوجه إلى التعليم المهني يتحصل، بعد قضاء أربع سنوات كاملة، على شهادة التعليم المهني ”الدرجة الرابعة”، وبعدها يمكنه الالتحاق بمركز التكوين المهني لتحضير شهادة تقني سام خلال 18 شهرا، وبالتالي فإن التلميذ يدرس 5 سنوات ونصف السنة ليتحصل على شهادة تقني سام. وهذا برأي المتحدث ”ما لا يقبله لا المنطق ولا العقل”، لأن زملاءه سيكونون في السنة الثانية من الجامعة.
ومن خلال المعطيات المذكورة، يؤكد المكلف بالإعلام بالاتحاد أن هذا المنشور يهدف إلى الحفاظ على مراكز التكوين المهني التي تعاني عزوفا كبيرا من قبل الشباب، مشيرا إلى أنه يجب ألا يكون هذا التوجه الجديد على حساب مصلحة التلميذ ومستقبله الدراسي. وقال المتحدث إنه كان من الأولى على السلطات المعنية أن تسبق هذا المنشور بحملات تحسيس في المؤسسات التربوية قبل تنفيذه على أرض الواقع، من خلال الكشف بوضوح عن التخصصات التي ستفتح لهؤلاء التلاميذ، كون المنشور بهذا الشكل غير واضح ويكتنفه الغموض، ونتيجة لذلك من حق الأولياء والتلاميذ رفض هذا التوجيه.
كما عبر نفس المصدر أن نقابته ترفض التوجيه الإجباري للتلاميذ مهما تكن المبررات، لأن العملية لم تسبقها أي حملات تحسيس. وتساءل عن جدوى صدور المنشور الوزاري المشترك للتطبيق دون تهيئة الأجواء والأرضية الملائمة لضمان نجاح العملية. وهذه مشكلة أخرى تطرح بحدة نتيجة التسرع وعدم دراسة الأمور بواقعية وموضوعية، معتبرا أن مآل هذا المنشور سيكون حتما الفشل.
يذكر أن المنشور الوزاري المشترك بلغ جميع مديريات التربية من أجل التطبيق والتنفيذ، فيما لم يطلع عليه مديرو المؤسسات التربوية لحد الآن. بالمقابل شرعت وزارة التكوين المهني في الاتصال بمديريات التربية حول هذا المشروع.