جواب إدارة الموقع على منتقد فتوى الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس -حفظه الله-
الموسومة بـ
«في حكم جماعة التبليغ ودعوتها»
إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله أماّ بعد:
فقد تلقت إدارة الموقع مراسلة من بعض الإخوة ينتقد فيها ما كتبه فضيلة الشيخ أبو عبد المعز محمَّد علي فركوس -حفظه الله- في الفتوى رقم: 210، بعنوان: «في حكم جماعة التبليغ ودعوتها»، وهذا نص انتقاده:
«شدَّني فتوى قرأتها من الموقع وتقتضي تبديع تصويف -إن صح التعبير- لجماعة التبليغ، والحاصل في القول أنه الذي ليس له علم دقيق بهذه الجماعة لا يسوغ له أن يتكلم بما سمعه من الذين لا علم لهم أو يتوهمون أنهم يعرفون شيئًا أو ما ظهر لهم من بعض المنتسبين لهذه الحركة، وأطلب من الشيخ حفظه الله ومن هم قائمون على هذا الموقع بارك الله فيهم أجمعين أن يتحرَّوا دقة الصواب في كلامهم حول هذه الحركة أو الاتصال بمن هو أهل أن يمدهم بما يُعرِّفهم بأحوال هذه الحركة. فالاتهام بالصوفية وأنه رؤيا وما شابه ذلك من الافتراءات يجب إعادة النظر في هذا الكلام».
جواب الإدارة:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فلقد ساء إدارة الموقع ما جاء في انتقاد المعترض على فتوى شيخنا أبي عبد المعز محمَّد علي فركوس –حفظه الله- ليس ذلك فيما يتعلَّق بتبديع الشيخ لجماعة التبليغ ووصفهم بالتصوف، فإن كلَّ واحد يؤخذ من قوله ويرد إلاَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وآله وسلَّم، وإنما الذي ساءنا هو لمز المنتقِد الشيخَ محمّد علي فركوس-حفظه الله- بأنَّه تكلَّم في هذه الجماعة بغير علمٍ واطلاع على حقيقة أمرها، وإنما تكلَّم فيها بما سمعه من الذين لا علم لهم كما ذكره، فعملاً بقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾ [الأنعام: 152]، نقول بدون تحيز ولا تعصّب: إنّ المتتبع لكتب الشيخ أبي عبد المعز أو فتاويه بعين الإنصاف يدرك أنَّ الشيخ من أشدِّ الناس تحريًّا للدقَّة والصواب، كيف لا وهو يعلم أنَّه في منصب خطير جدًّا، وأنَّ الله سائله يوم يقف بين يديه عن كلِّ ما يصدر منه، إمَّا قولاً أو كتابة، ويعلم –أيضًا- أنَّ الله عزَّ وجلَّ يقول: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾ [الإسراء: 36]، فمثل هذه الافتراءات قد ألفها شيخنا -حفظه الله- ولا ولن تثني بإذن الله من عزيمته، ولن توقفه عمَّا نذر نفسه في سبيل الدعوة إلى الله على منهج السلف الصالح.
وبخصوص الجواب عن الاعتراض فسيكون من جهتين:
الأولى: إلقاء الضوء على هذه الجماعة بما تيسَّر من حيث تاريخُ نشأتها وأصولها، ودعوتها وأهدافها حتى يستبين أمرها حقًّا كان أم باطلاً، ليسهل الحكم عليها على وجه الإنصاف، عملاً بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: 8].
والثانية: بيان أقوال أهل العلم في هذه الجماعة ردًّا على من ينشر ويُروِّج تزكيتهم لها، وأن الشيخ أبا عبد المعز –حفظه الله- لم يأت ببدع من القول في فتواه المُبيِّنة لمخالفات جماعة التبليغ.
وعليه نوضح: إنَّ جماعة الدعوة والتبليغ ليست وليدة اليوم، وإنما ظهرت في أوساط أمتنا منذ ما يقارب من مائة عام هجري، أسَّسها محمَّد إلياس الكاندهلوي المولود سنة (1303ﻫ)، والمتوفى سنة (1364ﻫ)، وكان ينتمي إلى المدرسة الدْيُوبَنْدِية(١)، التي كانت تقوم بتدريس مذهب الأحناف، أخذ إلياس البيعة الصوفية على يد شيخه أحمد الكنكوهي، وبعد وفاته أخذ البيعة على يد شيخه أحمد السهارنفوري، وهذا الأخير أجازه على مبايعة غيره على المنهج الصوفي، وقد كان محمَّد إلياس يجلس في الخلوة للتعبُّد عند قبر نور محمَّد البدايوني، وعند قبر قدوس الكنكوهي، الذي كان يدعم ويناصر فكرة وحدة الوجود.
وللعلم فإنَّ هذا الرجل مدفون هو وابنه محمَّد يوسف وغيرهما من رجال الجماعة وشيوخ التصوف في المقر الرئيس للجماعة في دلهي، وهذا المقرّ هو المسجد الرئيس لهم، فيقوم المصلون بالصلاة إلى القبور عندهم تبرُّكًا بهم.
وأمَّا أصول جماعة التبليغ التي تنبني عليها عقيدتهم، فهي بمثابة المنهج الحياتي للجماعة، والخط الذي عليه تسير، وهي للناظر جميلة المبنى طيبة المعنى، ولكن المستبصر بحقيقة تفسيرهم لكلمة التوحيد والأصول التي بنوا عليها معتقدهم يلمس فرقًا واسعًا وبَوْنًا شاسعًا مع تفسير أهل السُّنَّة والجماعة لها.
ومن أصول جماعة التبليغ ما يلي:
الأصل الأول: الكلمة الطيبة «لا إله إلا الله»: التي يفسِّرها التبليغيون بأنه لا خالق ولا رازق ولا مُدبِّر إلاَّ الله، وفي هذا قصور بلا شك، إذ أنهم حملوا معناها على توحيد الربوبية وحده، ولو كان هذا صحيحا لكان مشركو قريش من عموم المؤمنين وعصموا دماءهم وأموالهم وصاروا بذلك موحّدين.
الأصل الثاني: الصلاة ذات الخشوع والخضوع: ويعنون به: الصفة في الصلاة –على ما تفصح به كتبهم- أن الصلاة لا يتم خشوعها على وجه الكمال ولا يتحقق الخضوع فيها إلا عند قبر من قبور الصالحين، فقد نقل «محمَّد أسلم الباكستاني» عن مؤسِّس هذه الحركة «محمَّد إلياس» أنَّه كان يصلِّي بالناس عند قبر نور البدايوني.
الأصل الثالث: العلم مع الذكر، والقوم يقسمون العلم إلى: علم مسائل، وعلم فضائل.
فعلم المسائل هو: العلم الذي يشمل على التوحيد والفقه والتفسير والحديث وسائر العلوم الشرعية التي نبغ فيها علماء الأمة، منذ عهد الصحابة، وعلم الفضائل هو: علمهم المشتمل على فضائل الأعمال كالخروج للدعوة والتبليغ، مع تفضيلهم له على علم المسائل الذي يعدون الاشتغال به تضييعا للوقت ولا طائل تحته -زعموا-.
الأصل الرابع: إكرام المسلمين: تخصيص إكرام المسلمين ممن تبعهم في الخروج وغيره من الأصول، دون غيرهم.
الأصل الخامس: تصحيح النيَّة وإخلاصها: وعن هذه الصفة قال الشيخ سليم الهلالي -حفظه الله-: «وممَّا يدلُّ على فساد هذه الصفة عند التبليغيين أمور:
1- خلو هذه القاعدة من شرط أساسي وهو تصحيح العمل، فإن النية والعمل مقترنان لقوله صَلَّى الله عليه وآله وسلم: «إنما الأعمال بالنيات».
2- ممارسة التبليغيين لأعمال التصوف التي تفسد القلوب وتحبط العمل.
3- الإخلاص أمر قلبي لا يطلع عليه إلا الله، وإنما أمارة ذلك اتِّباع رسول الله صَلَّى الله عليه وآله وسلَّم والتقيُّد بما شرع الله في الظاهر والباطن؛ لأن الظاهر على الباطن دليل»(٢)
.
الأصل السادس: الخروج في سبيل الله: وهو أحد أخطر الأصول الملبَّسة على الناس بِشُبهٍ من الكتاب على مشروعية الخروج يحسبونها أَدِلَّةً، حتى صدقهم الناس وانتشر الخروج بينهم، مثل قوله تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾ [آل عمران: 110]، وقوله تعالى –أيضًا- :﴿وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـكِن كَرِهَ اللهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ﴾ [التوبة: 46]، وغيرها من الآيات، ففهم التبليغيون من الآية الأولى أنَّ الله وهب هذه الأُمَّة الخيرية بسبب الفعل «أُخرجَت» حيث يفسِّرونه بمعنى الخروج وهو تفسير مباين لفهم السلف الصالح، وفي هذه الآية يقول الحافظ ابن كثير –رحمه الله-: «يخبر تعالى عن هذه الأمة المحمَّدية بأنَّهم خير الأُمم، وروى البخاري بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه :﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ قال: خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام، وهكذا قال ابن عباس ومجاهد وعطية العوفي وعكرمة وعطاء والربيع بن أنس(٣)، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: يعني خير الناس للناس، وأنفع الناس للناس، ولهذا قال: ﴿تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾». قال العلامة السعدي -رحمه الله-: «هذا تفضيل من الله لهذه الأُمَّة بهذه الأسباب التي تميزوا بها، وفاقوا بها سائر الأمم، وأنَّهم خير الناس للناس نصحًا، ومحبَّة للخير، ودعوة، وتعليمًا، وإرشادًا، وأمرًا بالمعروف، ونهيًا عن المنكر، وجمعًا بين تكميل الخلق، والسعي في منافعهم بحسب الإمكان، وبين تكميل النفس بالإيمان بالله والقيام بحقوق الإيمان…»(٤)، فاجتمعت التفاسير على شيء مشترك في المعنى، وهو أنَّ خيرية هذه الأمة تكون بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإيمان بالله عزَّ وجلَّ، فمن اتَّصف بهذه الصفات دخل في هذا المدح والثناء القرآني، ومن لم يتصف بذلك أشبه أهل الكتاب الذين ذمّهم الله بقوله: ﴿كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ﴾ [المائدة: 79]، ولهذا لما مدح الله تعالى هذه الأمَّة على هذه الصفات شرع في ذم أهل الكتاب وتأنيبهم، فقال: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [آل عمران: 110]، أي قليل منهم من يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم، وأكثرهم على الضلالة والكفر والفسق والعصيان، ومعلوم أنَّ جماعة التبليغ تتحاشى القيام بهذا الأصل العظيم وهو النهي عن المنكر باعترافهم، بحجَّة أنه ينفِّر الناس عن دعوتهم، إذ أنَّ هدفهم تجميع الناس حولهم على الرغم من اختلاف عقائدهم، ومن جهة أخرى فليس في الآية ما يدُّل على هذا الخروج؛ لأنّ كلمة «أخرجت» معناها أظهرت، وليس معناها خَرجَت فرادى وزرافات كما يزعمون.
وأمَّا استدلالهم بالآية: ﴿وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً﴾ [التوبة: 46]، على مشروعية الخروج فباطل؛ لأنَّ الخروج -في الآية- معناه الخروج للغزو كما يتَّضح من سياق الآيات، وأنَّ المناسبة كانت في غزوة تبوك «حين جاء الجد بن قيس إلى النبيِّ صَلَّى الله عليه وآله وسلَّم يقول: يا رسول الله ائذن لي ولا تفتني، فلقد علم قومي أني من أشد الرجال إعجابا بالنساء، وأخشى لو رأيت نساء بني الأصفر-يعني الروم- ألاَّ أصبر، فأعرض عنه النبيُّ صَلَّى الله عليه وآله وسلَّم»(٥). وعليه فلا يستقيم استدلالهم بالآية؛ لأنّ جماعة التبليغ لا يخرجون للغزو، كما أنّ التخلّف عن الخروج معهم لا يعدّ من الذين كره الله انبعاثهم وثبَّطهم؟ وإنما هي مغالطات واتباع للهوى في فهم النصوص، ومن هنا نعلم أن الخروج للدعوة ملبَّس الشرعية حيث لا يسنده دليل شرعي، ولا علم صحيح يمكنهم من ذلك فيغلب خطؤهم صوابَهم، وربنا عزَّ وجلَّ يقول: ﴿ قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾ [يوسف: 108]، فالسبيل الموصلة إلى الله تعالى وإلى دار كرامته يتضمّن العلم بالحق والعمل به وإيثاره وإخلاص الدين لله وحده لا شريك له، فشرط الدعوة إلى الله العلم واليقين من غير شكّ ولا افتراء ولا مرية، وكل من اتبعه يدعو ما دعا إليه رسول الله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم على بصيرة وبرهان عقلي وشرعي.
أمَّا عن فكرة إنشاء جماعة التبليغ، وأنها مبنية على رؤيا رآها مؤسِّسها محمَّد إلياس فليست افتراء كما ذكره المنتقد، فإنَّ محمَّد إلياس نفسه بيَّن ذلك، حيث قال: « انكشفت عليَّ هذه الطريقة، وألقي في روعي في المنام تفسير الآية: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾ [آل عمران: 110]، إنك أُخرجت للناس مثل الأنبياء»، ويقول أبو الحسن الندوي في كتابه «الشيخ محمَّد إلياس ودعوته الدينية»: «أقام بعد الحج في المدينة المنورة، فكان يقول للشيخ: إني أمرت أثناء إقامتي في المدينة المنورة بالتبليغ، وقيل: نستخدمك، فقضيت أيَّاما في قلق واضطراب، كيف يقوم مثلي الضعيف بهذا العلم؟ فقصصت هذه القصة على عارف، فقال: لماذا أنت في هذا القلق؟ فما قيل لك أن تقوم بهذا العمل، وإنما قيل نستخدمك، فمن يرد أن يستخدمك فليستخدم»(٦).
بل ذهب محمَّد إلياس إلى أشدّ من هذا حيث كتب في خطاب عام أرسله إلى أعضاء جماعته «إذا لم يرد الله أن يقوم أحد بعمل، فلا يمكن حتى الأنبياء أن يبذلوا جهودهم فيقوموا بشيء، وإذا أراد الله شيئًا يقم أمثالكم الضعفاء بالعمل الذي لم يستطع عليه الأنبياء»(٧).
وإنَّ في تلك القصة التي أسَّس عليها محمَّد إلياس جماعته مخالفات شنيعة، منها: ادعاء الخيرية فوق خيرية الأنبياء والمرسلين، وادعاء الخيرية لصاحب الجماعة ولأعضائها، والطامة الكبرى في هذه القصة هو أصلها وأساسها الذي بنيت عليه ألا وهو الكذب على الله تعالى ويا لها من طامة، وهل يصحُّ أصلاً في ديننا أن نأخذ أحكامًا من أحلام؟ فضلاً عن أن نأخذ تفسيرًا وعقيدة ومنهجًا؟ فأين عقول القوم؟ أليس فيهم رجلٌ رشيد؟ ولكن الحمد لله على نعمة الهداية والعقل.
وأمَّا وصفهم بالتصوف فقد اعترف القوم أنفسهم بذلك، بل يفخرون به، فهذا أميرهم «إنعام الحسن» يعترف بأنهم يبايعون على الطرق القادرية والنقشبندية والجشتية والسهروردية، وقال: «إن البيعة في الطرق الصوفية رائجة ومنتشرة في شبه القارة الهندية، والواقع أننا إذا لم نبايعهم فإنهم حتمًا سيبايعون غيرنا»(٨).
ويقول شيخهم «عبد الرحمان الدهلوي»: «إنَّ أكابر أهل التبليغ رابطون على القبور، وينتظرون الكشف والكرامات والفيوض الروحية من أهل القبور»(٩).
بل إنَّ التبليغيِّين لهم شِركيات رائجة، يقول الشيخ حمود التويجري -رحمه الله-: «ومن الشركيات الرائجة عند التبليغيين، التمائم والحروز والأحجية التي تشتمل على طلاسم وأسماء غريبة ومربعات وأرقام ورموز مبهمة، لا تخلو من الالتجاء لغير الله والاستعانة بغير الله تعالى»(١٠).
ومن تصوفهم –أيضًا- أنَّهم يمارسون الأوراد الصوفية، فمثلاً يردِّدون «لا إله إلاَّ الله» مائتي مرَّة في الليل مع تحريك الرأس من اليمين إلى أعلى، ثمَّ خفضها حتى تقع في القلب، «الله الله» ستمائة مرة يوميًّا في أي وقت.
والذي يقرأ كتابهم الذي هو عمدتهم كتاب «تبليغي نصاب» ويعني بالعربية «منهاج التبليغيين» لمحمَّد زكريا الكاندهلوي، فهذا الكتاب مليء بالبدع والشركيات والمخالفات العقائدية الصارخة كوحدة الوجود، وأنَّ النبي والأولياء يحيون حياة دنيوية لا برزخية، وأنَّ النبي الكريم يتحدَّث من داخل القبر مع شيوخ جماعة التبليغ وشيوخ الصوفية، وكقولهم على ربنا تبارك وتعالى عمَّا قالوا علوًّا كبيرًا: «أنَّه لطم أحدهم على قفاه بسبب أنَّه نظر لامرأة في البيت الحرام»، وكقول أحدهم: «أنَّه تمنَّى أن يقبل يد النبي صَلَّى الله عليه وآله وسلَّم، فألقى بيتين من الشعر عند القبر الشريف فأخرج النبيُّ صَلَّى الله عليه وآله وسلَّم يده من القبر للرجل حتى يُقبِّلها»، وهذه الخرافات مذكورة في كتبهم فخذ على سبيل المثال قولهم بوحدة الوجود، ما كتب رشيد أحمد الكنكوهي قال: «أنا عذاب، وما أنا بشيء ليس هناك إلاّ ظلك ووجودك، وما أنا بشيء، إنما أنا أنت، وأنا وأنت شرك في شرك»، هذا في كتابهم «تبليغي نصاب»، أما كتاب «حياة الصحابة» لمحمَّد يوسف الكاندهلوي فهو الآخر تقترن به البدع والخرافات والإسرائيليات، وبه أحاديث ضعيفة وموضوعة ومكذوبة، والعجيب أنه لما حقَّق بعض أهل العلم هذا الكتاب فحذفوا منه ما لا يصحُّ، وبقيت النسخة المحقَّقة ما فيها إلاَّ الصحيح، ثار أمراء الجماعة على هذا، وغضبوا أشدّ الغضب من هذا الفعل، وادَّعوا أنَّ هذا تعدٍّ على مسيرة الدعوة إلى الله، حتى حذَّر أحد أمرائهم من هذه النسخ المحقَّقة، وقال: «إنَّها محاربة للدعوة».
وأمَّا بالنسبة لكلام العلماء عن جماعة التبليغ، فسنورد بعضا من أقوال أهل العلم العارفين بالجماعة وانحرافهم:
1- استطاع مشايخ التبليغ في بادئ الأمر أن يلبِّسوا على الشيخ محمَّد بن إبراهيم -رحمه الله- مفتي سابق للمملكة السعودية- حتى أصدر فتوى تدعو إلى فتح المساجد لحركة التبليغ والدعوة وتشجيعها وكان هذا سنة 1373ﻫ، لكن بمجرّد أن انكشف أمرهم أصدر -رحمه الله- فتوى متأخّرة ولاغية للأولى بعدها بتسع سنوات وبالتحديد في سنة 1382ﻫ، حيث صرّح إلى رئيس الديوان الملكي بخطاب مكتوب، جاء فيه: «وأعرض لسموِّكم أنَّ جمعية التبليغ والدعوة لا خير فيها، وإنها جمعية بدعة وضلال، فقرأت الكتيبات التي رفعها أصحابها إلى سموِّكم فوجدناها تشتمل على الضلال والبدعة، والدعوة إلى عبادة القبور والشرك»(١١).
2- ومثله حصل للشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله- حيث قال –ابتداءً- كلامًا عامًّا، وهو عليهم لا لهم حيث قال: «ولا شكَّ أنَّ الناس في حاجة شديدة إلى مثل هذه اللقاءات الطيبة المجموعة على التذكير بالله والدعوة إلى التمسُّك بالإسلام، وتطبيق تعاليمه، وتجريد التوحيد من البدع والخرافات»(١٢)، فليس فيما صرّح به الشيخ ابن باز –رحمه الله- ثناء على جماعة التبليغ وإنما جاء توجيهه نصيحة موافقة لمقتضى قوله تعالى: ﴿قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي…﴾ الآية [يوسف: 108]، ومع ذلك فحين بيّنت له حقيقة جماعة التبليغ أعلن إنكاره لها صراحة في فتواه الأخيرة بتاريخ 6/12/1416ﻫ حيث قال: «كُلُّ مَن دعا إلى الله فهو مبلغ -بلغوا عني ولو آية- لكن جماعة التبليغ المعروفة الهندية عندهم خرافات، عندهم بعض البدع والشركيات، فلا يجوز الخروج معهم إلا إنسان عنده علم يخرج لينكر عليهم المنكر ويعلِّمهم، أما إذا خرج يتابعهم فلا؛ لأنَّ عندهم خرافات وعندهم غلط، عندهم نقص في العلم، لكن إذا كان جماعة تبليغ غيرهم أهل بصيرة وأهل علم يخرج معهم للتبصير والإنكار والتوجيه إلى الخير وتعليمهم حتى يتركوا المذهب الباطل ويعتنقوا مذهب أهل السنة والجماعة»(١٣)، ولعلّ جماعة التبليغ ومن يتعاطف معهم يستفيدون ويعملون بهذه الفتوى المبينة لواقعهم وعقائدهم ومنهجهم والناصحة لسلوك مذهب أهل السنة والجماعة.
3- سئل الشيخ ناصر الدين الألباني -رحمه الله تعالى-:
ما رأيكم في جماعة التبليغ: هل يجوز لطالب العلم أو غيره أن يخرج معهم بدعوى الدعوة إلى الله؟
فأجاب: «جماعة التبليغ لا تقوم على منهج كتاب الله وسنَّة رسوله عليه السلام وما كان عليه سلفنا الصالح.
وإذا كان الأمر كذلك؛ فلا يجوز الخروج معهم؛ لأنه ينافي منهجنا في تبليغنا لمنهج السلف الصالح.
ففي سبيل الدعوة إلى الله يخرج العالِم، أما الذين يخرجون معهم فهؤلاء واجبهم أن يلزموا بلادهم وأن يتدارسوا العلم في مساجدهم، حتى يتخرج منهم علماء يقومون بدورهم في الدعوة إلى الله.
وما دام الأمر كذلك فعلى طالب العلم إذن أن يدعو هؤلاء في عقر دارهم، إلى تعلم الكتاب والسنَّة ودعوة الناس إليها.
وهم – أي جماعة التبليغ – لا يعنون بالدعوة إلى الكتاب والسنَّة كمبدأ عام؛ بل إنهم يعتبرون هذه الدعوة مفرقة، ولذلك فهم أشبه ما يكونون بجماعة الإخوان المسلمين.
فهم يقولون إن دعوتهم قائمة على الكتاب والسنَّة، ولكون هذا مجرد كلام، فهم لا عقيدة تجمعهم، فهذا ماتريدي، وهذا أشعري، وهذا صوفي، وهذا لا مذهب له.
ذلك لأن دعوتهم قائمة على مبدأ: كتّل جمّع ثمّ ثقّف، والحقيقة أنه لا ثقافة عندهم، فقد مرّ عليهم أكثر من نصف قرن من الزمان ما نبغ فيهم عالم.
وأما نحن فنقول: ثقّف ثمّ جمّع، حتى يكون التجميع على أساس مبدأ لا خلاف فيه.
فدعوة جماعة التبليغ صوفيّة عصريّة، تدعو إلى الأخلاق، أما إصلاح عقائد المجتمع؛ فهم لا يحركون ساكناً؛ لأن هذا – بزعمهم- يفرق.
وقد جرت بين الأخ سعد الحصين وبين رئيس جماعة التبليغ في الهند أو في باكستان مراسلات، تبيّن منها أنّهم يقرون التوسل والاستغاثة وأشياء كثيرة من هذا القبيل، ويطلبون من أفرادهم أن يبايعوا على أربع طرق، منها الطريقة النقشبنديّة، فكل تبليغي ينبغي أن يبايع على هذا الأساس.
وقد يسأل سائل: أن هذه الجماعة عاد بسبب جهود أفرادها الكثير من الناس إلى الله، بل وربما أسلم على أيديهم أناس من غير المسلمين، أفليس هذا كافياً في جواز الخروج معهم والمشاركة فيما يدعون إليه؟
فنقول: إن هذه الكلمات نعرفها ونسمعها كثيراً ونعرفها من الصوفيّة !!.
فمثلاً يكون هناك شيخ عقيدته فاسدة ولا يعرف شيئاً من السنّة، بل ويأكل اموال الناس بالباطل …، ومع ذلك فكثير من الفساق يتوبون على يديه…!
فكل جماعة تدعو إلى خير لابد أن يكون لهم تبع ولكن نحن ننظر إلى الصميم، إلى ماذا يدعون؟ هل يدعون إلى اتباع كتاب الله وحديث الرسول – عليه السلام- وعقيدة السلف الصالح، وعدم التعصب للمذاهب، واتباع السنَّة حيثما كانت ومع من كانت؟!.
فجماعة التبيلغ ليس لهم منهج علمي، وإنما منهجهم حسب المكان الذي يوجدون فيه، فهم يتلونون بكل لون»(١٤).
4- في كلام العلاَّمة ابن عثيمين -رحمه الله- ما يُدين جماعة التبليغ حيث قال: «بلغني عن زعماء هؤلاء الجماعة في الأقطار الإسلامية خارج بلادنا أنهم على انحراف في العقيدة، فإذا صحّ هذا فإنّ الواجب الحذر منهم»(١٥)، فقد صدق رحمه الله وقد صحّ انحرافهم بشهادة الثقات من العلماء وغيرهم، وبالنقل من كتبهم.
5- سئل الشيخ عبد الرزاق عفيفي-رحمه الله- عن خروج جماعة التبليغ لتذكير الناس بعظمة الله؟ فقال: «الواقع أنهم مبتدعة محرّفون وأصحاب طرق قادرية وغيرهم، وخروجهم ليس في سبيل الله ولكنه في سبيل "إلياس"، وهم لا يدعون إلى الكتاب ولا السُّنَّة، ولكن يدعون إلى "إلياس" شيخهم في بنغلاديش، أمَّا الخروج بقصد الدعوة إلى الله فهو خروج في سبيل الله وليس هذا هو خروج جماعة التبليغ، وأنا أعرف التبليغ من زمان قديم، وهم المبتدعة في أي مكان كانوا هم في مصر وإسرائيل وأمريكا والسعودية وكلهم مرتبطون بشيخهم "إلياس"»(١٦).
6- سئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- عن الذين يخرجون للدعوة، وهم لم يطلبوا العلم أبدًا؟ فأجاب بقوله: «الخروج في سبيل الله هو الخروج للغزو، أمَّا ما يسمُّونه الآن بالخروج فهذا بدعة لم يرد عن السلف، وخروج الإنسان يدعو إلى الله غير متقيِّد في أيام معينة، بل يدعو إلى الله حَسَب إمكانياته ومقدرته، بدون أن يتقيَّد بجماعة أو يتقيَّد بأربعين يومًا أو أقلّ أو أكثر، وكذلك ممَّا يجب على الداعية أن يكون ذا علم، لا يجوز للإنسان أن يدعو إلى الله وهو جاهل قال تعالى: ﴿قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾ [يوسف: 108]، أي على علم؛ لأنَّ الداعية لا بدَّ أن يعرف ما يدعو إليه من واجب ومستحب ومحرَّم ومكروه، ويعرف ما هو الشرك والمعصية والكفر والفسوق والعصيان، يعرف درجات الإنكار وكيفيته، والخروج الذي يشغل عن طلب العلم أمر باطل؛ لأنَّ طلب العلم فريضة، وهو لا يحصل إلاَّ بالتعلُّم، لا يحصل بالإلهام(١٧)، هذا من خرافات الصوفية الضالة؛ لأنَّ العمل بدون علم ضلال والطمع بحصول العلم بدون تعلم وهم خاطئ»(١٨).
ونختم هذا التوضيح بكلام الشيخ حمود التويجري -رحمه الله- المتضمن نصيحة وتحذير من الانضمام إلى جماعة التبليغ حيث قال: «إني أنصح السائل وأنصح غيرَه من الذين يحرصون على سلامة دِينهم من أدناس الشرك والغلوّ والبدع والخرافات، ألاَّ ينضمُّوا إلى التبليغيِّين ولا يخرجوا معهم أبدًا، وسواء كان ذلك في البلاد السعودية أو في خارجها؛ لأنَّ أهون ما يقال في التبليغيين أنهم أهل بدعة وضلالة وجهالة في عقائدهم وفي سلوكهم، ومن كانوا بهذه الصفة الذميمة فلا شك أنَّ السلامة في مجانبتهم والبعد عنهم»(١٩).
فاللَّهم اهد قومنا، وردَّهم إلى الإسلام المصفَّى ردَّا جميلاً، ونسأله سبحانه أن يهدينا وإياهم سواء السبيل وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصَلَّى الله على نبيِّنا محمَّد، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 14 شوال 1445ﻫ
الموافق ﻟ: 14 أكتوبر 2024م
١- الديوبندية: تنسب إلى جامعة ديونبند –دار العلوم- في الهند، وهي مدرسة تتخذ من مذهب الإمام أبي حنيفة مذهبًا فقهيًّا في الفروع، وفي الاعتقاد والأصول مذهب أبي منصور الماتريدي، وفي جانب السلوك تتبنَّى سلاسل الطرق الصوفية الأربع وهي: الجشتيَّة، والسهروردية، والقادرية، والنقشبندية. ومن أعلام المدرسة الديوبندية المعاصرين: الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي، رئيس جامعة ندوة العلماء في «لكنهو»، ورئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية، والشيخ المحدث حبيب الرحمن الأعظمي وغيرهما.
[انظر: «سوانح قاسمي» – مناظر أحسن كيلاني، مكتبة رحمانية لاهور، «المهند على المفند» – أحمد سهارنفوري، مكتبة المدينة – لاهور، «كرامات إمدادية» – أشرف علي تهانوي، «الديوبندية» – سيد طالب الرحمن «باكستان»، دعوة الإمام محمّد بن عبد الوهاب في شبه القارة الهندية بين مؤيديها ومعانديها – أبو أكرم بن عبد الجليل – مكتبة دار السلام – الرياض».
٢- «الجماعات الإسلامية في ضوء الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة» للشيخ سليم الهلالي: (521)، الدار الأثرية، عمان الأردن (1425ﻫ-2017م).
٣- «التفسير العظيم» لابن كثير (1/391).
٤- «تيسير الكريم الرحمن» للسعدي (128).
٥- «التفسير العظيم» لابن كثير (2/361).
٦- «الشيخ محمد إلياس ودعوته الدينية» للشيخ أبي الحسن الندوي.
٧- «القول البليغ في التحذير من جماعة التبليغ» للتويجري (217).
٨- المصدر السابق (7-8).
٩- المصدر السابق (12).
١٠- المصدر السابق (13).
١١- «فتاوى الشيخ محمّد بن إبراهيم»: (1/276-268).
١٢- انظر فتواه برقم (1007)، بتاريخ 17/08/1407ﻫ، والتي يقوم بنشرها الآن جماعة التبليغ.
١٣- «كشف الستار» للشيخ محمد العريني (116)، وهي آخر فتاوى الشيخ ابن باز وكانت قبل وفاته بسنتين تفريبًا في السادس من ذي الحجة 1416ﻫ.
١٤- الفتاوى الإماراتية للألباني س (73) ص (38).
١٥- «جماعة التبليغ في شبه القارة الهندية» للشيخ سيد طالب الرحمن (139).
١٦- انظر: «فتاوى ورسائل» سماحة الشيخ عبد الرزاق عفيفي (12/174).
١٧- لا كما يردد التبليغيون ويدَّعون أن من يخرج في سبيل الله للدعوة سيلهمه الله.
١٨- «ثلاث محاضرات في العلم والدعوة».
١٩- من كتاب: «القول البليغ في التحذير من جماعة التبليغ» لحمود التويجري (30).
https://www.ferkous.com/rep/R8.php
بارك الله فيك
هل من مساعد