بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
ما هذا اليأس الذي تسرب إلى قلوب الدعاة إلى الله
الشيخ : مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى.
نص السؤال:
هناك بعض من كانوا يدعون إلى الله تعالى توقفوا عن الدعوة إما لضعف الإيمان أو لأي سبب آخر ، وأخذوا يحتجون على ذلك بأنهم يظنون أنه لن تقوم دولة الإسلام على أيدي الجماعات الإسلامية في هذا الزمان ، ولكنها ستقوم يمجئ المهدي الذي أخبر عنه النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يقول : " لتملأن الأرض ظلماً وجوراً فإذا ملئت ظلماً وجوراً بعث الله رجلاً من أمتي يملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً " فما مدى صحة هذا الكلام ؟
نص الإجابة:
هذه فكرة رافضية الذين يقولون : إن إمام الزمان لا يخرج إلا أن يخرج المهدي .
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن معاوية والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهما قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – : " لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم " .
نعم هذه الجماعات لا نتوقع أن ينصر الله الإسلام على أيديها ، هذه الجماعات هزيلة لا نتوقع أن ينصر الله الإسلام على أيديها لأنها قائمة على جهل وليست قائمة على تمسك بكتاب الله ولا على تمسك بسنة رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – ، وإلا فوعد الله حق " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا " [ النور : 55 ] .
لكن إذا كنا آيسين من هذه الجماعات ألا نقوم وندعو إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – ، رب العزة يقول في كتابه الكريم : " وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " [ آل عمران : 104 ] .
الرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يقول : " المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم " .
إننا نجد الإكرام من المسلمين ، ونجد المحبة للدعوة والدعاة ثم بعد ذلك ننزوي في بيوتنا ونترك المجتمع ؟ لا والله هذا لا يجوز ، الله عز وجل يقول في كتابه الكريم : " لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ " [ المائدة 78 – 79 ] .
فالمنكرات الشائعة من يبينها إذا لم يقم الدعاة إلى الله بتبينها ، ونحن لا نريد منك أن تقوم وتدعو الناس إلى ثورات وانقلابات ، الشعوب مسلمة والمسلمون محتاجون إلى من يبين لهم دين الله ، وهم كما هم فالدعوة إلى الله هي التي ستذيب أهل الباطل .
مر الحجاج بن يوسف بقاصٍ يقص ويذكر فضائل أبي بكر وعمر ، فقال الحجاج بن يوسف الثقفي وكان معه أبوه قال : لو أن لي من الأمر شيئاً لقتلته ( يعني القصاص ) فقال له أبوه : يا بني ما اراك إلا شقياً أتقتل رجلاً صالحاً يذكر الناس ؟ قال : إنه يعلم الناس سيرة أبي بكر وعمر وإذا علم الناس سيرة أبي بكر وعمر سيبغضون عبدالملك أو سليمان بن عبدالملك – لا أذكر الآن .
ثم بعد ذلك : الناس إذا عرفوا كتاب الله وسنة رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – هم سيبغضون أهل الباطل ويتباعدون عن أهل الباطل ، ويأخذون على أهل الباطل ، والحزبيات كلها ستزول وتذوب .
لسنا نتوقع أن يستريح المسلمون من الحزبيات إلا إذا انتشرت سنة رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – إذا انتشر دين الله ستذوب الشيوعية ، وتذوب البعثية ، وتذوب الناصرية ، وتذوب الرافضة الذين صدوا الناس عن الكتاب والسنة ، صدوا الناس عن الكتاب والسنة بـ< علي من المهد إلى اللحد > ، و < فاطمة من المهد إلى اللحد > ، وهكذا من تلكم الأباطيل ، ومن تلكم الكتب ، لو لم يمكن إلا أنها تشغل القارئ عن كتاب الله وعن سنة رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فضلاً عمّا فيها من الضلال والفساد .
فأنا أنصح إخواني في الله أن لا يتكاسلوا .. يا سبحان الله ! الشيوعية تفرض دينها بالمدفع والرشاش وأمريكا أيضاً والنصارى كذلك ، والرافضة تفرض خرافتها بالمدفع والرشاش وأنت يا مسكين تريد أن تنزوي في بيتك ، وتترك المسلمين يتخبطون .
ألا تعلم أن من المسلمين من لا يحسن أن يقرأ فاتحة الكتاب ؟!
ألا تعلم أن من المسلمين من لا يميز بين العالم والمنجم ؟! .
ألا تعلم أن من المسلمين من لا يميز بين المسلم والشيوعي ؟ !
فهم محتاجون إلى دعاة إلى الله يهبون أنفسهم لله عز وجل " وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ " [ فصلت : 33] .
من فرض عليك أنك لا تدعو إلا تحت راية فلان وفلان ؟ ادع إلى كتاب الله ، خذ من < صحيح البخاري > و < صحيح مسلم > ، علم الناس كيف يتوضأون ، كيف يعبدون ربهم ، كيف يصلون ، كيف يدعون إلى الله ، كيف يواجهون الشيوعية والبعثية ، تترك أبناء المسلمين في المدارس لمدرسين فسقة ؟؟؟ لا ، ينبغي أن تدخل الدعوة الدوائر الحكومية ، وينبغي أن تدخل الدعوة إلى كل مكان .
المسلمون يناشدون إخوانهم وإذا وصلوا إليهم يذبحون لهم الذبائح ويكرمونهم غاية الإكرام وأنت يا مسكين لعب عليك الشيطان تقول : أنا أدخل في بيتي حتى يأتي المهدي ، حتى يأتي المهدي المسلمون أحوج ما يكونون إلى العلم إلى من يعلمهم كيف يعبدون الله ، تنقذهم من الشركيات ، تنقذهم من البدع والله المستعان. انتهى .
وإلى لقاء آخر إن شاء الله
جزاكم الله خيرا ونفع بكم
جزاك الله ألف كل خيــــــــــــــــــــر
بارك الله فيك