الإنصاف عباد الله كلمة تعني العدل والإحسان لا الظلم والاعتداء ، وتعني اتباع الشرع لا اتباع الهوى ، وتعني العلم لا الجهل ، وتعني الوسط بين المنحرفين والثبات بين المتفلتين والأصالة بين المضطربين .. المنهج في الإنصاف هو كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – والقدوة فيه هو رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وصحابته من بعده وسلف الأمة من العلماء الصادقين الناصحين .
——————————————-
قال الإمام مالك – رحمه الله – : "ما في زماننا شيءٌ أقل من الإنصاف " .. قال القرطبي – رحمه الله – معلقا على كلام مالك : " هذا في زمن مالك .. فكيف في زماننا اليوم الذي عم فيه الفساد وكثر فيه الطغام ؟! " ؛ أي أوغاد الناس ..ونحن نقول عباد الله : إن زمن مالك – رحمه الله – كان في القرن الثاني الهجري وزمن القرطبي – رحمه الله – كان في القرن السادس .. فما الظن بزماننا هذا ؟! ألا إن الهوة أشد والخطب أفجع ؛ فإلى الله المشتكى وعليه التكلان .
—————————————————
#]هذا هو الإنصاف – عباد الله – وجودًا وعدما .. إن قليل الإنصاف مذمومٌ على ألسن الناس مكروهٌ سماع اسمه في الآذان بغيضةٌ رؤيته بالأعين .. تتقى مجالسته وتدرأ مجاورته .. لحمه منهوش في نوادي الناس وعرضه مهريٌّ كلما طرأ ذكره بينهم.. لا يداري الناس اسمه ولا رسمه .. ودوا لو أن بينهم وبينه أمدًا بعيداً والناس شهود الله في أرضه .. فمن ترك الإنصاف وأحب الانفراد وآثر النفس على كل شيءٍ حتى على الحق فليكبر عليه أربعًا لوفاة قيمة الإنصاف في نفسه .. وإننا لو دققنا النظر في أجمع أسباب في عدم الإنصاف بين الناس لوجدنا الحسد أسها وأقنومها ؛ إذ لا يتأتى الإنصاف من حاسد،كما أنه لا يتأتى الظلم والجور من محبٍّ للغير .
والحسد – عباد الله – بحد ذاته داءٌ منصف كما قال الأصمعي – رحمه الله – لأنه يفعل بالحاسد كما يفعل بالمحسود ، بل هو عباد الله كرجع الصدى لما تنطق به .. فإن نطقت رد عليك رجع الصدى بالإنصاف ، وإن نطقت بعدم الإنصاف رد عليك رجع الصدى بعدم الإنصاف ، والجزاء من جنس العمل
كمَا تدينُ صَاحِبي تُدان **** إنَّ جزاءَ إحسانِنَا الإحسان
إذَا مَا رُمْتَ إِنْصَافًا تُسَرُّ لأجْلِه **** فكُنْ مثلَمَا ترجُو مِنَ الِإنصَاف
فإنَّ رجَالًا قَدْ سَمَو بِبُلُوْغِه **** وفَرَّطَ فِيْهِ جمُلةُ الأنْصَاف
https://shuraym.com/main/?show=570&video=show