أصبحنا اليوم وبكل أسف أمام قضية وطنية كبرى صنعها لنا سوء التخطيط وانعدام المواءمة بين مخرجات المؤسسات التعليمية ومتطلبات سوق العمل الحكومي والخاص من التخصصات.
استراتيجية «التوظيف مقابل القضاء على البطالة» يجب أن يتم العمل بها اليوم قبل الغد، وأن تُحوَّل إلى قضية وطنية كبرى توضع في صدارة الأولويات، وأن تهبَّ كل مؤسسات الدولة للمشاركة في حلها؛ فالسكوت والتطنيش ودفن الرؤوس في الرمال ليست حلولاً بل إنها التي خلقت الأزمة الخطيرة التي نعيشها حالياً وسط الخوف من أن تستفحل مستقبلاً فلا تفيد أية حلول؛ فنحن الآن على مواعيد قريبة لعودة آلاف المبتعثين والمبتعثات وعلى مقاعد الدراسة الجامعية ينتظم مئات الآلاف من الطلاب والطالبات، وكل واحد منهم تتجاذبه آمال التخرج الباسمة واليأس من المستقبل الغامض، فماذا أعددنا لهم؟
استراتيجية التوظيف مقابل القضاء على البطالة يجب أن تأخذ في حساباتها عدداً من القضايا المرتبطة بتوظيف المواطن، ومن أبرزها إعادة النظر في وجود العمالة الوافدة في بلادنا وبهذه الأعداد الكبيرة واستحواذها على معظم الوظائف، خاصة الوظائف الإشرافية والإدارية في القطاع الخاص وإدارة تلك العمالة للمشاريع من الباطن. والقضية الأخرى هي الوظائف الشاغرة التي لم يتم إشغالها، وظلت حبيسة الأدراج لسنوات، وكشف سرها وسربه تقرير مجلس الشورى. تصوروا لو أن مائة وثمانين ألف وظيفة تم إشغالها فكم من العاطلين سيُوظَّف؟ وقد يكون هناك أكثر من هذا العدد! لكن الكشف عنها يحتاج إلى البحث والمراجعة المستمرة.
القضية الثالثة ذات الصلة الوثيقة بالتوظيف مضمنة في السؤال عن وجود خطط سنوية لإحداث وظائف تقابل الطلب المتزايد، والسؤال عن وجود آليات للتوظيف وَفْق معايير دقيقة تأخذ في الاعتبار الكفاءة والجدارة والأقدمية!
القضية الرابعة والمهمة: لماذا لا يُعوَّض أي عاطل بمبلغ مالي يساعده على مواجهة ظروف الحياة حتى يتم توظيفه؟
يجب أن نحارب البطالة بتوظيف الشباب مثلما نحارب الإرهاب؛ فكلاهما عدو لدود للوطن
.