مسرحية : صراع الجهل والعلم
الجهل جالس مع خمسة من أتباعه وهو يحدثهم دون حذر ويثبت جهله
في عقولهم وإذا سأله أحد قال لا تسأل يا جاهل .ألا تدري بأن السؤال مفتاح العلم .
أحد أتباع الجهل : سيدي الجهل أريد أن أسألك سؤالا .
الجهل : لا تسأل يا جاهل ألا تدري بأن السؤال مفتاح العلم .
*يقف الجهــــــــل ويخــــــــــاطب أتبـــــــــــــاعه ويقـــــــــــــــــول لهم:
يـــــا معشر الجهال ، لقد تعلمت من الجهال الذين رحلوا أن الرجل إذا بلغ سن الأربعين حرم عليه العمل وأما الفتى الصغير فإنه لا يعمل حتى يصير عمره أربعين سنة .
أحــد إتباعه : لقد قلت لنا أن الرجل إذا بلغ سن الأربعين حرم عليه العمل وقلت أن الفتى لايعمل حتى يصير عمره أربعين سنة .أليس هذا تناقض ؟!
الجهـــل : إيه أيها الجاهل الصغير إن ما قلته هو الحق لأننا نحن معاشر الجهال لا نحكم بالعقل والقاعدة وهي إذا أردت أن تصير جاهلا مهذبا فلا تستعمل عقلك بل أغمض عينيك وامشي .واعتقـــــــد وأنت أعمــــــــى
آخـــــــر : إذا لم نعمل فمن أين نأكل ؟
الجهــــل : ألم تسمع أيها الغبي قول الشاعر
جرى قلم القضاء بما يكون فنسيان التحرك والسكون
جنون منك أن تسعى لرزق ويرزق في غشاوته الجنين
أحد اتباعه : الباب يطرق يا سيدي
الجهـــل : انظر من القادم
*يدخــــــل رجــــــل رث الهيــــأة ويسلم على رأس الجهــــــل ويقـــــول :
هل يسمح لي سيدي أن أتعلم على يديه فإني أتمنى أن أصير جاهلا كبيرا احفظ الناس من خطر العلم .
الجهـــل : يجب أن تكون تابعا مطيعا. أعطينــــي بطاقتك الشخصيـــــــة .
*يقدمها له
الجهل يعطيها إلى أحد أتباعه ليقرأها على مسامع الحاضرين .
الاســــــم : بعطـــــوش
اللقـــــب : التـــــايه
تاريخ الإزديـــاد : عام الجراد مع غروب الشمس .
مهنــــة الأب : مدير الشركة العالمية لنشر الجهل ومحاربة العلم .
العنــــوان : شارع السافلين حي التائهين بلدية الغواية دائرة الغفلة ولاية الضياع
الهوايــــة : الأكل والشرب والنوم .
الجهــــل : حتى تكون تابعا حقيقيا فإنك مطالب بأن تتصف بالصفات التالية .
يأمر الجهــــل أحد أتباعه بقراءتها .
أحد أتباعه : الضعف – اليأس – القنوط – الفخر – الظلم البغي – الجحود – العجلة – الطيش – البخل – الشح – الجدل – الشك – الريبة – الجهل – الغفلة – الغرور – الإدعاء – الكذب – الهلع – الجزع – التمرد – العناد – الطغيان – تجاوز الحدود – حب الباطل – الغش …….. الخ
التـــابع : سأعمل جاهدا من أجل طبع هذه الصفات في نفسي .
*الجهل يلتفت إلى أتباعه قائلا :
ألا تدرون من هو عدونا الأكبر؟
الإتباع : لا ندري ومن هو يا ترى ؟
الجهـــل : إنه العلم الذي لا هم له إلا مطاردتي ومع هذا فأنا أتغلب عليه في كثير من الأحيان وإني أقسم لكم لو التقي به فسوف أفضحه أمامكم . وأثبت لكم أنه لا خير فيه ولا راحة في إتباعه فطريقه وعرة المسالك ، وحياة أتباعه كد وتعب وسهر وعماء، ألا تلاحظون أن أغلب أتباعه يضعون على أعينهم نظارات.هاهاها ( يضحك الجهل مع إتباعه) .
بينما هم يضحكون يأتي أحد الإتباع لاهثا ويقول للجهل .
أحد الأتباع : يا سيدي يا سيدي لقد رأيت العلم في الطريق متجها إلى هنا ورأيت الشرريتطاير من عينيه.
الجهل يقوم مرتعدا من مكانه باحثا عن مكان ليختبئ فيه ويتبعه أتباعه ويختلط الأمر عليهم ويكثر االلفظ والكلام ولا يدرون ماذا يفعلون
وفجأة يقف أحدهم وقفة الشجاع وينادي بأعلى صوته : أيها الجهال لماذا هذا الخوف كله من العلم .
ثم يتوجه إلى شيخه بالكلام قائلا :
ألم تقل لنا أنك إذا إلتقيت بالعلم فسوف تنافسه وتجادله وتفضحه أمامنا أثبت جهالتك الآن إن كنت فحلا.
الجميع يصرخون في وجهه: نعم برهن الآن…. و يدفعونه إلى مكانه الأول وهو يحاول الفرار والهروب معتذرا لهم استعداده ومفاجأة العلم له. لكن الأتباع يصرون على سيدهم أن يقابل العلم و يفحمه كما زعم لهم.
الجهل يرتعد خائفا من الفضيحة.
الباب يطرق يا سيدي .
الحاجب: جاء العلم فليتقدم
الجهل: ينهض فزعا ويبدأ يمشي متبخترا.
العلم: كثيرا ما اسمع الناس يتحدثون فمن تكون أنت يا هذا .
الجهل: أنا الجهل لا فرق بين الإنسان والحيوان إلا بمنطق اللسان ومن تكون أنت يا هذا.
العلم: أنا العلم مدارس وثانويات ومعاهد وجامعات في كل الجهات.
الجهل: أنا الجهل ارتكاب المعاصي والجنايات والتسكع في الشوارع والطرقات.
العلم: أنا العلم جد وعمل لا وقت للخمول ولا وقت للكسل والهفوات.
الجهل: أنا الجهل انتشار الأوبئة والآفات في جميع المخلوقات.
العلم: أنا العلم القضاء على الأوبئة والآفات بفضل الأطباء في المستشفيات.
الجهل: أنا الجهل فقر وتعزيات وشقاء ووفيات من بنين وبنات.
العلم: أنا العلم تمنيا وأمنيات هناء وساعات في ظل العدل والمساواة.
الجهل : أنا الجهل إهمال الدروس والتوصيات والهروب إلى الوديان والمستنقعات.
العلم: أنا العلم إحترام المعلمين والمعلمات والمطالعة في الكتب والمجلات.
الجهل: أنا الجهل بيوت قصديرية من القش البالية والخردوات.
العلم: أنا العلم قرى نموذجية بها مساجد مآذنها عالية نعبد فيها الله وندرس فيها الشريعة الإسلامية ونقيم فيها مختلف الطاعات.
الجهل: كفاني كفاني من هذه البينات أكاد أن أموت بالثقافة الموجودة في كل الجهات.
العلم: أنت جهل وأبوك شقاء وأمك عبودية فخذ مني هذه الطعنات.
الجهل: آي آي إرحموني يا أهل العلم والمعرفة.
العلم: وهل أنت رحمت الناس بالأمس فإليك يا عدو الإنس هكذا إنتصرت هكذا إنتصرت.
*العلم نور والجهل ظلام تعاد ثلاث مرات.
الــــــــــــــراوي
وهكذا أعزائي المتفرجين ينتصر العلم ويبسط نفوذه ويفرض سيطرته فهو جديروخليق بذلك ولقد نوه القرآن الكريم بشأن العلم والعلماء في آيات كثيرة فقال عز من قائل :
الآية الأولى : " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون" الآية 09 من سورة الزمر
الآية الثانية : " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات " الآية 11 من سورة المجادلة
الآية الثالثة : " إنما يخشى الله من عباده العلماء " الآية 28 من سورة فاطر
الراوي : ودعانا الحبيب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طلب العلم فقال :
الحديث الأول : عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" من خرج في طلب العلم . كان في سبيل الله حتى يرجع " .
الحديث الثاني : وقال أيضا صلى الله عليه وسلم : " إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في حجرها وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير "
الحديث الثالث : وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من سلك طريقا يلتمس فيه علما ، سهل الله له به طريقا إلى الجنة"
لقد صدق الشاعر حين قال : العلم يرفع بيوتا لاعماد لها والجهل يهدم بيت العز والشرف .
فالأحق بنا أن نتعلم ولا نستغني عن العلم لأنه مفتاح الحضارة الحديثة ومعيد الحضارة القديمة لقول الشاعر :
بالعلم نبني ما انطوى من مجدنا ونزكي به في الورى ذكراك
التلاميذ معا : دام العلم ودام عشاقه ، ومات الجهل وتخربت أسواقه .
**** انتهـــى ***
"لاَيُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ
رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَاأَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَاأَنتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ"