مولاهم= كان عبدا لا حر فلما أعتق هو أو أبوه نسب إليهم: هكذا جائت الآثار بنسب العبد إلى سيده عند عتقه
و مع كون أصله عبدا إلا أنه حمل عنه ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد عد ابن الصلاح معرفة الموالي علما من علوم المصطلح
وهذا يذكرنا بقوله صلى الله عليه وسلم : من أبطئ به عمله لم يسرع به نسبه
وقوله عليه الصلاة والسلام لفاطمة: إعملي فلن أغني لك من الله شيئا
أبو البختري الطائي سعيد بن فيروز التابعي ، هو مولى طيئ .
أبو العالية رفيع الرياحي التميمي التابعي : كان مولى امرأة من بني رياح .
عبد الرحمن بن هرمز الأعرج الهاشمي أبو داود الراوي عن أبي هريرة وابن بحينة وغيرهما : هو مولى بني هاشم .
الليث بن سعد المصري الفهمي مولاهم .
عبد الله بن المبارك المروزي الحنظلي مولاهم .
عبد الله بن وهب المصري القرشي مولاهم .
عبد الله بن صالح المصري كاتب الليث الجهني مولاهم .
وربما نسب إلى القبيلة مولى مولاها كأبي الحباب سعيد بن يسار الهاشمي الراوي عن أبي هريرة وابن عمر ، كان مولى لمولى هاشم ، لأنه مولى شقران مولى رسول الله – صلى الله عليه وسلم . والله أعلم .
روينا عن الزهري قال : " قدمت على عبد الملك بن مروان فقال : من أين قدمت يا زهري ؟ قلت : من مكة
قال : فمن خلفت بها يسود أهلها ؟ قلت : عطاء بن أبي رباح
قال : فمن العرب أم من الموالي ؟
قال : قلت : من الموالي
قال : وبم سادهم ؟ قلت : بالديانة والرواية
قال : إن أهل الديانة والرواية لينبغي أن يسودوا .
قال : فمن يسود أهل اليمن ؟
قال : قلت : طاوس بن كيسان .
قال : فمن العرب أم من الموالي ؟
قال : قلت : من الموالي
قال : وبم سادهم ؟ قلت : بما سادهم به عطاء .
قال : إنه لينبغي .
قال : فمن يسود أهل مصر ؟
قال : قلت : يزيد بن أبي حبيب .
قال : فمن العرب أم من الموالي ؟
قال : قلت : من الموالي .
قال : فمن يسود أهل الشام ؟
قال : قلت : مكحول
قال : فمن العرب أم من الموالي ؟
قال : قلت : من الموالي ، عبد نوبي أعتقته امرأة من هذيل .
قال : فمن يسود أهل الجزيرة ؟
قلت : ميمون بن مهران
قال : فمن العرب أم من الموالي ؟
قال : قلت : من الموالي .
قال : فمن يسود أهل خراسان ؟
قال : قلت : الضحاك بن مزاحم .
قال : فمن العرب أم من الموالي ؟
قال : قلت : من الموالي .
قال : فمن يسود أهل البصرة ؟
قال : قلت : الحسن بن أبي الحسن .
قال : فمن العرب أم من الموالي ؟
قال : قلت : من الموالي .
قال : ويلك ! فمن يسود أهل الكوفة ؟
قال : قلت : إبراهيم النخعي
قال : فمن العرب أم من الموالي ؟
قال : قلت : من العرب .
قال : ويلك يا زهري ! فرجت عني ، والله لتسودن الموالي على العرب ، حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها
قال : قلت : يا أمير المؤمنين ؟ إنما هو أمر الله ودينه ، من حفظه ساد ، ومن ضيعه سقط " .
وفيما نرويه عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال : " لما مات العبادلة صار الفقه في جميع البلدان إلى الموالي إلا المدينة ، فإن الله خصها بقرشي ، فكان فقيه أهل المدينة سعيد بن المسيب غير مدافع " .
قلت : وفي هذا بعض الميل ، فقد كان حينئذ من العرب غير ابن المسيب فقهاء أئمة مشاهير ، منهم الشعبي والنخعي ، وجميع الفقهاء السبعة الذين منهم ابن المسيب عرب إلا سليمان بن يسار ، والله أعلم
الحمد لله وبعد :
إن الناظر في المصنفات التي صُنفت في مصطلح الحديث يجد أنها تذكر بابا يسمى " الموالي من الرواة " ، وعلى سبيل المثال لا الحصر :
1 – كتاب " الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث " (2/673) جعل بابا بعنوان :
النوع الرابع والستون في معرفة الموالي من الرواة والعلماء .
2 – كتاب " تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي " (2/910) جعل بابا بعنوان :
النوع الرابع والستون معرفة الموالي من العلماء والرواة .
3 – كتاب " فتح المغيث شرح ألفية الحديث " (3/392) جعل بابا بعنوان :
الموالي من العلماء والرواة .
4 – كتاب " المقنع في علوم الحديث " (2/670) جعل بابا بعنوان :
النوع الرابع والستون : معرفة الموالي .
وغير ذلك من كتب المصطلح سواء المطولة أو المختصرة .
وغالب هذه المصنفات وتحت هذا الباب تذكر قصة جرت بين أحد أئمة الإسلام وبين والي من بني أمية ، والقصة عبارة عن حوار جرى بينهما .
والقصة هي مدار حديثنا في هذا الموضوع .
1 – نــــصُ الــقــصــةِ :
روى الحاكم في معرفة علوم الحديث (ص198) فقال :
أخبرنا أبو علي الحافظ ، قال : أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله البيروتي ، قال : ثنا محمد بن أحمد بن مطر بن العلاء ، قال : حدثني محمد بن يوسف بن بشير القرشي ، قال : حدثني الوليد بن محمد الموقري ، قال : سمعت محمد بن مسلم بن شهاب الزهري يقول : قدمت على عبد الملك بن مروان فقال لي : من أين قدمت يا زهري ؟ . قلت : من مكة . قال : فمن خلفت يسود أهلها ؟ . قال : قلت : عطاء بن أبي رباح . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قلت : من الموالي . قال : فبما سادهم ؟ قال : بالديانة والرواية . قال : إن أهل الديانة والرواية لينبغي أن يسودوا . قال : فمن يسود أهل اليمن ؟ قال : قلت طاوس بن كيسان . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت : من الموالي . قال : فبما سادهم ؟ قال : قلت : بما ساد به عطاء . قال : إنه لينبغي ذلك . قال : فمن يسود أهل مصر ؟ قلت : يزيد بن أبي حبيب . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت : من الموالي . قال : فمن يسود أهل الشام ؟ قلت : مكحول . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت : من الموالي عبد نوبي اعتقته امرأة من هُذيل . قال : فمن يسود أهل الجزيرة ؟ قال : ميمون بن مهران . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت : من الموالي . قال : فمن يسود أهل خرسان ؟ قال : قلت : الضحاك بن مُزاحم . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت : من الموالي . قال : فمن يسود أهل البصرة ؟ قال : الحسن البصري . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت : من الموالي . قال : ويلك فمن يسود أهل الكوفة ؟ قال : إبراهيم النَّخَعي . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ . قال : قلت : من العرب . قال : ويلك يا زهري فرّجت عني والله ليسودن الموالي على العرب في هذا البلد حتى يُخطب لها على المنابر والعرب تحتها . قال : قلت : يا أمير المؤمنين إنما هو دين من حفظه ساد زمن ضيعه سقط .
وقد أورد القصة أيضا :
– الإمام جمال الدين المزي في تهذيب الكمال (20/81-82) .
– الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء (5/85-86) .
2 – إســنــادُ الــقــصــةِ :
القصة في إسنادها الوليد بن محمد الموقري وإليكم أقوال العلماء في هذا الرجل :
قال يحيى بن معين : الموقري ليس بشيء .
وقال أيضا : الموقري كذاب .
وقال علي بن المديني : ضعيف لا يكتب حديثه .
وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث ، كان لا يقرأ من كتابه ، فإذا دفع إليه كتاب قرأه .
وقال ابن حبان : كان لا يبالي ما دُفع إليه قرأه ، روى عن الزهري أشياء موضوعة لم يروها الزهري قط ، ويرفع المراسيل ويسند الموقوف ، لا يجوز الاحتجاج به بحال .
وقال البزار : لين الحديث…. حدث عن الزهري بأحاديث لم يتابع عليها .
وقال ابن حجر في التقريب : متروك .
3 – كــلامُ أهــلِ الــعــلــمِ عـلـيـها :
لقد تكلم العلماء والمحققون على هذه القصة وذلك من جهة عدم ثبوتها ، وهذه أقوالهم :
1 – قال الإمام الذهبي في السير (5/85) بعد إيرادها :
الحكاية منكرة ، والوليد بن محمد واه فلعلَّها تَّمت للزهري مع أحد أولاد عبد الملك ، وأيضا ففيها : من يسود أهل مصر ؟ قلت : يزيد بن أبي حبيب ، وهو من الموالي . فيزيد كان ذاك الوقت شابا لا يعرف بعد . والضحاك ، فلا يدري الزهري من هو في العالم ، وكذا مكحول يصغر عن ذاك .ا.هـ.
2 – وقال علي حسن في تحقيقه لكتاب الباعث الحثيث (2/675) :
راويها عن الزهري هو الوليد بن محمد المُوَقّري ، وقد رواها إليه الحاكم في معرفة علوم الحديث .ا.هـ.
ونقل كلام الذهبي في نكارة الحكاية .
3 – وقال عبد الله بن يوسف الجديع في تعليقه على القصة في كتاب " المقنع في علوم الحديث " : قلت : ولا يصح إسنادها ، فقد رواها عن الزهري الوليد بن محمد الموقري ولم يكن ثقة .ا.هـ.
4 – وقال د/ بشار عواد معروف محقق كتاب " تهذيب الكمال " (20/81) :
جاء في حواشي النسخ تعقيب للمصنف (أي المزي) على صاحب الكمال نصه : في ذكر يزيد بن أبي حبيب هنا نظر ، فإنه لم يكن له ذكر في هذا التاريخ مع إبراهيم النخعي وغيره .
قال بشار : وهذا يدل على أن هذه الحكاية ملفقة .أ.هـ.
وقال د/ بشار أيضا :
قال أفقر العباد بشار عواد : هذه الحكايات من وضع الشعوبية أعداء الإسلام يدسون السم بالدسم ، وراويها الوليد بن محمد الموقري مولى لبني أمية متروك ، كذبة يحي بن معين وغيره وضاع ، وأمره بيّن في الضعفاء ، كما سيأتي في ترجمة ، نسألك اللهم العافية والسلامة .ا.هـ.
وبعد هذا التخريج للقصة وكلام أهل العلم يتبين أنها لا تثبت ، والله أعلم .
4 – العـلـمُ يـرفـعُ أقـوامـاً ويـضـعُ آخـريـن :
وبعد بيان عدم ثبوت هذه القصة والحوار الذي جرى بين الخليفة عبد الملك بن مروان وبين الإمام الزهري فقد جاءت النصوص مبينة رفع أهل العلم الصادقين في الدنيا والآخرة .
قال تعالى : " يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ " [ المجادلة : 11 ] .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح :
قوله : ( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ )
قيل في تفسيرها : يرفع الله المؤمن العالم على المؤمن غير العالم .
ورفعة الدرجات تدل على الفضل ، إذ المراد به كثرة الثواب ، وبها ترتفع الدرجات ، ورفعتها تشمل المعنوية في الدنيا بعلو المنزلة وحسن الصيت ، والحسية في الآخرة بعلو المنزلة في الجنة .ا.هـ.
روى الإمام مسلم في صحيحه (1/559ح817) قال :
وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ : أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِيَ عُمَرَ بِعُسْفَانَ ، وَكَانَ عُمَرُ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى مَكَّةَ فَقَالَ : مَنْ اسْتَعْمَلْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي ؟ فَقَالَ : ابْنَ أَبْزَى ، قَالَ : وَمَنْ ابْنُ أَبْزَى ؟ قَالَ : مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا ، قَالَ : فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى ، قَالَ : إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَإِنَّهُ عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ ، قَالَ عُمَرُ : أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ .
ورواه الإمام أحمد في مسنده (1/35) ، والدارمي (2/443) ، وابن ماجة (218) .
وروى الإمام البخاري في صحيحه :
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ ، أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ قَالَ : كَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ يَؤُمُّ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ ، وَأَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ فِيهِمْ : أَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ ، وَأَبُو سَلَمَةَ ، وَزَيْدٌ ، وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ .
والكلام في هذا الباب طويل ويكفي ما أشرنا إليه من النصوص الماضية .