التمني نوع من التطلع، واستبعاد المنتَظَر المترقَّب، والتّرجّي نوع من المُقارَبَة والتّوقّع لِما يجوز أن يقعَ
وأكثر الناس لا يفرقون بين التمني والترجي، والفرق بينهما واضح:
– وهو أنّ التمني يقع على ما يجوز أن يكون ويجوز ألاّ يكون لقولهم: ليت الشبابَ يعود
– والترجي يختص بما يجوز وقوعه، فلا يقال: لعل الشباب يعود
ولهذا فرق النحاة بينهما في باب الجواب بالفاء، وأجازوا أن تقع الفاء جواب التمني في مثل قوله عز وجل: (يا لَيْتَني كُنتُ معَهُم فأفوزَ فوْزاً عظيماً)، ونهوا أن تقع الفاء جواباً للترجي،
أمّا التّمنّي في قولِه تعالى: [قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ] فـقد وردت فيه أقوالُ المفسّرينَ:
– عن عكرمة عن عبد الله بن عباس: لو تمنى اليهود الموتَ لماتوا [تفسير الطبري للآية]
– وذكر الطّبري في موضع آخَر أنّ قوله تعالى: [فتمنوا الموت] إنّما تأويله: تشهَّـوْه وأَريدوه. وقد روي عن ابن عباس أنه قال في تأويله: فَسَلوا الموت. قال الطّبري معلّقاًُ على مقالة ابنِ عبّاس: ولا يُعرَف"التمني" بمعنى"المسألة" في كلام العرب. ولكن أحسب أن ابن عباس وجه معنى"الأمنية" – إذ كانت محبة النفس وشهوتها – إلى معنى الرغبة والمسألة، إذْ كانت المسألة، هي رغبة السائل إلى الله فيما سأله.
– وعن ابن جريج في قوله تعالى : [فتمنوا الموت إن كنتم صادقين]، كانت اليهود أشد فرارا من الموت، ولم يكونوا ليتمنوه أبدا
– وقال القرطبي: [فتمنّوا الموتَ] لتصيروا إلى ما يصير إليه أولياء الله [ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم] أي أسلفوه من تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم، فلو تمنوه لماتوا، فكان في ذلك بطلان قولهم وما ادعوه من الولاية.
– وأمّا أما قوله تعالى : [ وَلَن يَتَمَنَّوْهُ ] فخبر قاطع عن أن ذلك لا يقع في المستقبل وهذا إخبار عن الغيب لأن مع توفر الدواعي على تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم وسهولة الإتيان بهذه الكلمة ، أخبر بأنهم لا يأتون بذلك فهذا إخبار جازم عن أمر قامت الأمارات على ضده فلا يمكن الوصول إليه إلا بالوحي . [ذَكَرَه الرّازي]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انظر:
تصحيح التصحيف وتحرير التحريف للصَّفَدي، سيد الشرقاوي / مراجعة : د. رمضان عبد التواب، مكتبة الخانجي للطباعة والنشر والتوزيع-القاهرة، 1987م
تفسير: الطبري – القرطبي – الرازي
وأكثر الناس لا يفرقون بين التمني والترجي، والفرق بينهما واضح:
– وهو أنّ التمني يقع على ما يجوز أن يكون ويجوز ألاّ يكون لقولهم: ليت الشبابَ يعود
– والترجي يختص بما يجوز وقوعه، فلا يقال: لعل الشباب يعود
ولهذا فرق النحاة بينهما في باب الجواب بالفاء، وأجازوا أن تقع الفاء جواب التمني في مثل قوله عز وجل: (يا لَيْتَني كُنتُ معَهُم فأفوزَ فوْزاً عظيماً)، ونهوا أن تقع الفاء جواباً للترجي،
أمّا التّمنّي في قولِه تعالى: [قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ] فـقد وردت فيه أقوالُ المفسّرينَ:
– عن عكرمة عن عبد الله بن عباس: لو تمنى اليهود الموتَ لماتوا [تفسير الطبري للآية]
– وذكر الطّبري في موضع آخَر أنّ قوله تعالى: [فتمنوا الموت] إنّما تأويله: تشهَّـوْه وأَريدوه. وقد روي عن ابن عباس أنه قال في تأويله: فَسَلوا الموت. قال الطّبري معلّقاًُ على مقالة ابنِ عبّاس: ولا يُعرَف"التمني" بمعنى"المسألة" في كلام العرب. ولكن أحسب أن ابن عباس وجه معنى"الأمنية" – إذ كانت محبة النفس وشهوتها – إلى معنى الرغبة والمسألة، إذْ كانت المسألة، هي رغبة السائل إلى الله فيما سأله.
– وعن ابن جريج في قوله تعالى : [فتمنوا الموت إن كنتم صادقين]، كانت اليهود أشد فرارا من الموت، ولم يكونوا ليتمنوه أبدا
– وقال القرطبي: [فتمنّوا الموتَ] لتصيروا إلى ما يصير إليه أولياء الله [ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم] أي أسلفوه من تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم، فلو تمنوه لماتوا، فكان في ذلك بطلان قولهم وما ادعوه من الولاية.
– وأمّا أما قوله تعالى : [ وَلَن يَتَمَنَّوْهُ ] فخبر قاطع عن أن ذلك لا يقع في المستقبل وهذا إخبار عن الغيب لأن مع توفر الدواعي على تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم وسهولة الإتيان بهذه الكلمة ، أخبر بأنهم لا يأتون بذلك فهذا إخبار جازم عن أمر قامت الأمارات على ضده فلا يمكن الوصول إليه إلا بالوحي . [ذَكَرَه الرّازي]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انظر:
تصحيح التصحيف وتحرير التحريف للصَّفَدي، سيد الشرقاوي / مراجعة : د. رمضان عبد التواب، مكتبة الخانجي للطباعة والنشر والتوزيع-القاهرة، 1987م
تفسير: الطبري – القرطبي – الرازي
بارك الله فيك.
شكرا جزيلا وجزاك الله عنا خير الجزاء