بسم الله الرحمن الرحيم
قرأت للشاعر العباسي ابن الرومي وصفاً كاريكاتيرياً للأنف مرات عديدة منها
1- حملتَ ااأنفاً يراه الناس كلهم = من ألف ميل عياناً لا بمقياس
لو شئتَ كسباً به صادفتَ مكتسَباً = أو انتصاراً مضى كالسيف والفاس
فكان تصويره للأنف رائعاً ، وجعل له فائدتين ، فمنظره الغريب يجلب له مالاً إن أظهره للناس ، وهو سيف يقاتل به .
2- لك أنف بل أنوفُ = أنِفَتْ منه الأنوفُ
أنت في القدس تصلي = وهو بالبيت يطوفُ
فأشكل عليه ، هل لهذا الرجل أنف كبير أم إنها أنوف مجتمعة؟! ولأن أنفه كبير وهو أمامه وصل قبله إلى البيت الحرام في مكة ، بينما يقف الرجل مصلياً في القدس الشريف . وتصور المسافة بين القدس ومكة ألفاً وثمان مئة كيلومتر .
3- يقتر عيسى على نفسه = وليس بباق ولا خالدِ
فلو يستطيع لتقتيره = تنفّس من منخر واحدِ
وتصور معي بخل عيسى هذا حتى تراه يستنشق الهواء من ثقب واحد من أنفه ، ليوفر على نفسه استعمال المنخر الثاني … قمة في السخرية والهزء من بخله الشديد.
4- أنفك يا عمرو فيه طول = وفي أنوف الكلاب طول ُ
والكلب واف وفيك غدر = ففيك عن قدره سفولُ
مستفعل فاعل فعولُ= مستفعل فاعل فعولُ
بيت كمعناك ليس فيـ = معنى سوى أنه فضولُ
فشبهه – في البيت الأول – بالكلب ، ثم جعله – في البيت الثاني أحط – من الكلب لأن الكلب وفيّ والمهجوّ غدّار . وفي البيت الثالث ذكر التفعيلات ليدلل في البيت الرابع أن المهجو فارغ المعنى لا قيمة له كالبيت الثالث تماماً .
إن ابن الرومي من أقدم الشعراء الساخرين الهاجين والرسامين الكاريكاتريين الذين لم يجد الزمان بمثله إلا قليلاً .