من حكم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه 2024.

من حكم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه


لاَ غِنَى كَالْعَقْلِ، وَلاَ فَقْرَ كَالْجَهْلِ، وَلاَ مِيرَاثَ كَالْأَدَبِ، وَلاَ ظَهِيرَ كَالْمُشَاوَرَةِ.
الصَّبْرُ صَبْرَانِ: صَبْرٌ عَلَى مَا تَكْرَهُ، وَصَبْرٌ عَمَّا تُحِبُّ.
الْغِنَى فِي الْغُرْبَةِ وَطَنٌ، وَالْفَقْرُ فِي الْوَطَنِ غُرْبَةٌ.
الْقَنَاعَةُ مَالٌ لاَ يَنْفَدُ.
الْمَالُ مَادَّةُ الشَّهَوَاتِ.
مَنْ حَذَّرَكَ كَمَنْ بَشَّرَكَ.
الشَّفِيعُ جَنَاحُ الطَّالِبِ.
أَهْلُ الدُّنْيَا كَرَكْبٍ يُسَارُ بِهِمْ وَهُمْ نِيَامٌ.
فَقْدُ الْأَحِبَّةِ غُرْبَةٌ.
فَوْتُ الْحَاجَةِ أَهْوَنُ مِنْ طَلَبِهَا إِلَى غَيْرِأَهْلِهَا.
لاَ تَسْتَحِ مِنْ إِعْطَاءِ الْقَلِيلِ، فَإِنَّ الْحِرْمَانَ أَقَلُّ مِنْهُ.
الْعَفَافُ زِينَةُ الْفَقْرِ، والشُّكْرُ زِينَةُ الغِنَى.
لاَتَرَى الْجَاهِلَ إِلاَّ مُفْرِطاً أَوْ مُفَرِّطاً.
إِذَا تَمَّ الْعَقْلُ نَقَصَ الْكَلاَمُ.
نَفْسُ الْمَرْءِ خُطَاهُ إِلَى أَجَلِهِ .
كُلُّ مَعْدُودٍ مُنْقَضٍ، وَكُلُّ مُتَوَقَّعٍ آتٍ.
خُذِ الْحِكْمَةَ أَنَّى كَانَتْ، فَإِنَّ الْحِكْمَةَ تَكُونُ في صَدْرِ الْمُنَافِقِ فَتَتَلَجْلَجُ فِي صَدْرِهِ حَتَّى تَخْرُجَ فَتَسْكُنَ إِلَى صَوَاحِبِهَا فِي صَدْرِ الْمُؤْمِنِ.
أُوصِيكُمْ بِخَمْسٍ لَوْ ضَرَبْتُمْ إِلَيْهَا آبَاطَ الْإِِبِلِ لَكَانَتْ لِذلِكَ أَهْلاً: لاَ يَرْجُوَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلاَّ رَبَّهُ وَلاَ يَخَافَنَّ إِلاَّ ذَنْبَهُ وَلاَ يَسْتَحْيِيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لاَ يَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ: لاَ أَعْلَمُ وَلاَ يَسْتَحْيِيَنَّ أَحَدٌ إِذَا لَمْ يَعَلَمِ الشَّيْءَ أَنْ يَتَعَلَّمَهُ. وَ عَلَيْكُمْ َبِالصَّبْرِ، فَإِنَّ الصَّبْرَ مِنَ الْإِِيمَانِ كَالرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ، وَلاَ خَيْرَ فِي جَسَدٍ لاَ رأْسَ مَعَهُ، وَلاَ في إِيمَانٍ لاَ صَبْرَ مَعَهُ
.

. منقووووول

السلام عليكم
بارك الله فيك و نفع بك
نصائح و ارشادات من ذهب كنوز
من اخذ بها اغناه الله و رفع شأنه
كرم الله وجهه و رضي عنه باب مدينة العلم

بارك الله فيك.

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عماد الدين2 الجيريا

السلام عليكم
بارك الله فيك و نفع بك
نصائح و ارشادات من ذهب كنوز
من اخذ بها اغناه الله و رفع شأنه
كرم الله وجهه و رضي عنه باب مدينة العلم

جزاك الله خيرا أسعدني مرورك الكريم وردك القيم وبارك الله فيك

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ساجد لله الجيريا
بارك الله فيك.

جزاك الله خيرا أسعدني مرورك الكريم وردك القيم وبارك الله فيك

أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فحريُّ بالمسلم والمسلمة معرفة أصحاب الفضل ممن صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقاموا معه وجاهدوا في سبيل الله وصبروا على المشقة والعنت والأذى، والضيق لرفعة راية هذا الدين.

وممن لهم قدم صدق وجهاد معلوم أم المؤمنين خديجة بنت خويلد! فيا ترى من هي هذه الأم الفاضلة؟


نسبها وولادتها:


كان والدها خويلد بن نوفل زعيم بني أسد بن عبد العزى شقيق عبد مناف وخليفته.. إليه ينتهي الفضل والكرم والسيادة بين قومه وعشيرته يطيعونه ويهابونه ويحترمون رأيه ويقدرونه.


ولقد حفظت قريش له شجاعته عندما تصدى له تبع ملك اليمن حين أراد أن يحمل معه الحجر الأسود إلى بلاده فمنعه من ذلك فنصبته قريش زعيمًا عليها لا ينازعه في ذلك أحد.


وكان له أخ اسمه (ورقة) اشتهر بين الناس بالحكمة وسداد الرأي وهو أحد أربعة خاصموا قريشًا في وثنيتها وعبادتها للأصنام ولما لم تستجب لهم اعتزلوها وما تعبد من دون الله.


ولادتها:


تزوج خويلد من فاطمة بنت زائدة بن الأحم القرشية – أجمل سيدات مكة – وأكثرهن صباحة وجه، وروعة حسن، فولدت له خديجة – رضي الله عنها – فكانت صورة عن والدتها إذ ورثت عنها الجمال الرائع والحسن الفتان، كما ورثت عن والدها خويلد الحزم والذكاء، واكتسبت من عمها ورقة العلم والحكمة.


نشأتها:
نشأت خديجة رضي الله عنه في بيت طاهر كريم مترف، ولما بلغت الخامسة عشر من عمرها خطبها (أبو هالة بن زرارة) مفتي قومه بني تميم وأكثرهم مالاً وأوسعهم ثراء..


فعاشت معه تقدره ويقدرها، وولدت له بنتين هما هالة وهند.. ولكن عجل القدر بوفاة الأب قبل أن تشب الطفلتان عن الطوق، وخلف لأسرته ثروة طائلة وتجارة رائجة رابحة.


ولما عرف عن خديجة – رضي الله عنها – من حسن وخلق، تنافس فتيان العرب على الاقتران بها، وفاز من بينهم عتيق بن عائد المخزومي.


وكان القدر بالمرصاد أيضًا، فلم يدع الزوجين يهنأن وينعمان، فاختطفت يد المنون عتيقًا دون أن ينجب ولدًا.


في ميدان التجارة:


انتقل عتيق إلى الدار الآخرة، وقد خلف لزوجته مالاً وخيرًا وثروة عريضة وتجارة واسعة فقامت على إدارتها وتوجيهها بما أبدته من خبرة ومعرفة وذكاء واستطاعت أن تمضي في دروب الحياة وتشقها بمنتهى الحكمة والفطنة، وكانت كلما تقدم إليها خاطب ردته بأدب ولباقة.. عازفة عن الزواج: لأنها قد مرت من قبل بتجربتين مريرتين.


لقد عملت خديجة – رضي الله عنها – في ميدان التجارة واستطاعت أن تؤسس في مكة بيتًا ضخمًا أصبح من بعد علمًا عليها، يعرف بها ورحلت قوافلها تمضي مصعدة إلى الشام أو هابطة نحو اليمن.. تغزو الأسواق تحمل منها ما يدر عليها الربح الوفير والمال الكثير.


الطاهرة (سيدة قريش):


لكن شهرتها – رضي الله عنها – لم تقف عند حد المال والجمال.. بل تعدت ذلك إلى سيرتها التي كانت نبراسًا لكل فتاة ولكل أم، فعُرفت بين القاصي والداني بلقبي (الطاهرة) و (سيدة قريش) وكانت يد العناية الإلهية هي التي تحرك وتصرف.


وتعد خديجة لأن تكون بعد زمن يسير المسلمة الأولى.. وأم المؤمنين الأولى.. وسيدة نساء العالمين.. والزوجة المجاهدة الصابرة.


الأمين على تجارة خديجة:


كان الأمين صلى الله عليه وسلم حديث الناس في مكة بللا استثناء صفاته وأخلاقه ويحترمون أمانته وورعه، ويكبرون صدقه وصواب رأيه.


ولقد ترك كل ذلك في نفوس القرشيين عمومًا والمكيين خصوصًا انطباعًا في تقديره واحترامه صلى الله عليه وسلم.


وكانت خديجة بنت خويلد ممن يسمعون أخباره وأنباءه ويصغون إليها بإعجاب مشوق بلهفة، وكثيرًا ما حدثها بذلك خزيمة ابن عمها صديق (محمد) ورفيقه، وتحركت في أعماق نفسها مشاعرها وأحاسيسها.


فوجدت ذاتها يومًا ترسل رسولاً إلى أبي طالب تعرض عليه عرضًا سخيًا مقابل أن يتولى محمد الأمين أمر تجارتها وقوافلها المحملة بمختلف البضائع والعروض.. ورضي محمد بذلك واستبشر خيرًا بأفق جديد ينفتح في آفاق الحياة الرحبة وتهيأ للرحيل لكن (أبا طالب) كان شديد القلق على ابن أخيه الذي وصاه به خيرًا الراهب بحيرا فأتى إلى ميسرة غلام (خديجة) يحذره ويوصيه بمحمد وإزاء ذلك تركز اهتمام ميسرة على محمد صلى الله عليه وسلم يراقبه ويرعاه، تنفيذًا لوصية أبي طالب ولقد رأى ميسرة من أمر محمد العجب العجاب.


شخصية خارقة، وخلق دمث، وكلمة متزنة، ومشية كلها وقار، وحديث كله عذوبة وأمانة ما بعدها، وصدق بالغ وحنكة ودراية يعجز عنها فحول التجار، ورأى ما لا يمكن أن يستهان به، أو يمر به مرور الكرام.


رأى السماء تظله بظلالها حين يشتد لهيب الشمس وغمامة تتبعه في تنقلاته وتحركاته لتحميه من القيظ الشديد، وعندما آوى مرة إلى شجرة ليستريح في بعض ظلها أورقت.. واخضرت وزهت. لقد كان ما يراه ميسرة من أمر محمد صلى الله عليه وسلم غير مألوف بالنسبة إلى الناس فازداد حرصه الشديد عليه ورعايته له في الحل والترحال.

العودة الميمونة:


عندما عادت القافلة إلى البلد الحرام مكة المكرمة وقد ربحت بضاعتها وكثرت عليها وكان ربحها كثيرًا وفيرًا.. وعندما أذن مؤذن العير بالوصول فاقت خديجة – رضي الله عنها – على غير عادتها إلى سطح دارها تراقب القافلة، واللهفة بادية على وجهها.


وبكلمة وجيزة وأدب جم ووقار باسم أمضى (محمد) إلى (خديجة) بوقائع الرحلة وبعد انصرافه صلى الله عليه وسلم من عندها حدثها غلامها ميسرة عن البيع والشراء الوفير الذي يفوق أضعاف ما كانت تكسبه في المرات السابقة.. صفى ميسرة بين يدي سيدته شئون القافلة المالية، و (خديجة) – رضي الله عنها – في كل ذلك سماعة له مصغية بأذنيها وعواطفها تستزيده وسرح بها خيالها فكان قلبها يزداد خفقانًا ويضج بين جوانبها.


بين الواقع والرؤيا:


وقد رأت رضي الله عنها في منامها الشمس عظيمة مضيئة مشرقة.. أشد ما يكون الضوء جلالاً وجمالاً وسطوعًا تهبط إلى دارها من سماء (مكة) فيغمر ضؤوها ما يحيط به من أماكن وبقاع.


فسعت إلى ابن عمها (ورقة بن نوفل) تحدثه بذلك فقال لها: لك البشرى يا خديجة يا ابنة العم.. فهذه الشمس المضيئة علامة على قرب مجيء النبي الذي أظل زمانه.. ودخولها في ذلك دليل على أنك التي ستتزوجين منه.

رجع الرؤيا:


فكرت في ذلك مليًا، ثم استقرت على قرار، مضت إلى دار ابن عمها ورقة وحدثته من جديد بحديث ميسرة عن (محمد) والغمام الذي كان يظله في تنقلاته يحميه من وهج الشمس ولفحها وآذاها.. فهتف ورقة قدوس.. قدوس.. لقد قرب الأوان، واستدار الزمان، وآن له أن يشهد الآية الكربى وأبدت (خديجة) رغبتها لابن عمها بالاقتران من (محمد بن عبد الله) فوافقها.


وغادرت إلى دار هاشم ثم أرسلت نفيسة إلى محمد صلى الله عليه وسلم تذكرها عنده وتعرض عليه نفسها، فقال صلى الله عليه وسلم لنفيسة:


– ما بيدي ما أتزوج به..
– قالت: فإن كفيت ذلك.. ودعيت إلى الجمال والشرف.. ألا تجيب؟
– قال: فمن هي؟
– قالت: خديجة.
– قال: خديجة بنت خويلد.
– قالت: نعم.
– قال في ابتهاج: وكيف لي بذلك؟
– قالت: أنا أفعل.
– فقال صلى الله عليه وسلم: وأنا رضيت.


الزواج الميمون:


عمت الفرحة بيوت الهاشميين، وتناقل الناس النبأ العظيم وتقدم: (أبو طالب) يفتتح الحفل بالخطبة. فقال: الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل وجعل لنا بيتًا محجوبًا وحرمًا آمنًا، وجعلنا حكامًا على الناس.


أما بعد.. فإن ابن أخي هذا (محمد بن عبد الله) لا يوزن برجل إلا رجح به شرفًا ونبلاً وفضلاً وعقلا، وإذا كان في المال كل فإن المال ظل زائل وأمر حائل.


و (محمد) من قد عرفتم قرابته وقد خطب (خديجة بنت خويلد) وبذل ما عاجله خمسمائة درهم وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم وخطر جليل جسيم.


ثم تكلم ورقة بن نوفل ابن عم خديجة فقال:


الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت وفضلنا على ما عددت، فنحن سادة العرب وقادتها وأنتم أهل ذلك كله، لا تنكر العشيرة فضلكم، ولا يرد أحد عن الناس فخركم وشرفكم وقد غبنا في الاتصال بحيلكم وشرفكم فاشهدوا علي يا معشر قريش بأني قد زوجت (خديجة بنت خويلد) من (محمد بن عبد الله) على الصداق المسمى. ثم سكت.. فقال له أبو طالب قد أحببت أن يشركك عمها، فقام عمرو بن أسد فقال: اشهدوا علي يا معشر قريش أني قد أنكحت (محمد بن عبد الله) (خديجة بنت خويلد) فهو والله الفحل الذي لا يقرع أنفه.. ثم احتفل بالزفاف وأمرت خديجة مواليها أن يضربن بالدفوف ويغنين، وقال أبو طالب: الحمد لله الذي أذهب عنا الكرب ودفع عنا الغموم.. وتأسس البيت النبوي الكريم.



وكانت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها يومذاك في الأربعين من عمرها والنبي صلى الله عليه وسلم في الخامسة والعشرين.



وانتقل عليه الصلاة والسلام من بيت عمه أبي طالب إلى بيت خديجة ومرت أيام الحياة الزوجية على أهنأ ما تكون، فقد كان هذا الزواج في حقيقته زواج عقل راجح إلى عقل راجح وأدب جم وطيب خلق إلى مثله.



زهرات بيت النبوة:



وبعد مرور عام وبعض عام أنجبت خديجة رضي الله عنها (زينب) كبرى بنات النبي صلى الله عليه وسلم فملأت البيت بالحركة والحيوية.. وبعد ذلك بعام وضعت (رقية) فكانت محل الحب والإعزاز.. ثم عقبتها (أم كلثوم) ثالثة النجوم… فتهاجس الناس في أندية قريش بأن محمدًا لا يرزق إلا بنات.


وحين دخل العاشر من الزواج الميمون كانت قد حملت خديجة وتمنى المحبون الغيورون أن يكون المولود ذكرا.. وحلت في ذلك العام بقريش كارثة؛ إذ احترقت أستار الكعبة ومر بها سيل جارف فصدع جوانبها وأسقط بعض جدرانها، وتنافس الناس في البناء بعد رهبة وفزع وشمَّر الجميع عن ساعد الجد.. وحينما بلغوا موضع الحجر الأسود اختلفوا… إذ تطلعت كل قبيلة لأن تحظى بشرف إعادته إلى مكانه من الركن، ثم اشتد النزاع وامتدت الأيدي إلى مقابض السيوف، ولولا كلمة صدرت عن أمية بن المغيرة المخزومي فحجزتهم لفتك بعضهم ببعض إذ قال لهم: يا معشر قريش اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم، فقبلوا جميعًا ثم تعلقت عيونهم على الباب تنتظر القادم المجهول.. بينما هم كذلك إذ أقبل وجه يضيء كأنه البدر ليلة التمام عليه الصلاة والسلام، فصاح الناس جميعًا: هذا محمد بن عبد الله رضينا بحكمه واستبشرنا بطلعته.


الحكمة النبوية:



ثم حكموه فيما هم فيه مختلفون، وبحكمته البالغة صلى الله عليه وسلم حُقنت دماء قريش في قصة معروفة وغادرهم إلى بيته قلق البال على زوجته التي تركها وهي تعاني من آلام الوضع وعلى بعد خطوات من باب بيته صلى الله عليه وسلم تلقى البشرى لقد وضعت خديجة الوليدة الجديدة الرابعة (فاطمة الزهراء) وجاءت الزهراء مع البشرى.


وبعد أن رزق صلى الله عليه وسلم منها الذرية.. بدأ فجر الإسلام ينبثق فتتابعت الرؤى يردف بعضها بعضًا.. فأخذ يحدثها بكل ما يراه ويعتريه.. فتستمع له بنفس مبتهجة وصدر منشرح وجميع أحاسيسها ومشاعرها لا تفارق الابتسامة العذبة فمها ثم تثبته على ما هو فيه وتبعث في ذاته الشريف العزم والتصميم.. وفي غار حراء وعندما هل هلال رمضان من ذلك العام.. كان انصراف النبي صلى الله عليه وسلم وخلواته وتأملاته أشد من ذي قبل وأبلغ وكانت خديجة تهيئ له زاده وتوفر جو الخلوة في سكنه، داعية ربها بأن يحفظه ويكلأه ويرعاه وفي يوم البشرى هبط جبريل بالأمر إلى الرسول الأمين قائلاً له: اقرأ فقال: ما أنا بقارئ.. فغطه جبريل ثم أرسله وقال: اقرأ فعل ذلك ثلاث مرات بعد ذلك غادر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصدر الحنون والقلب الكبير والنفس المواسية إلى خديجة يحدثها بما رأى وسمع وهو يقول: زملوني.. زملوني فانصاعت رضي الله عنها لطلبه وزملته وهي تقول أبشر يا ابن العم واثبت فقد أريد بك الخير العظيم وإنك والله لأهل لكل خير والله لا يخزيك أبدًا.. إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقرئ الضيف، وتعين على نوائب الحق وما زالت به حتى طعم وشرب وضحك وذهب عنه روعه، ثم أنها رضي الله عنها قصدت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل تحدثه بحديثه وشأنه صلى الله عليه وسلم.. وما أن فرغ حتى هتف ورقة قدوس.. قدوس.. والذي نفس ورقة بيده لقد جاءك الناموس الأعظم الذي كان يأتي موسى.. وليتني أكون حيًا إذ يخرجك قومك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أمخرجي هم؟


فأجاب ورقة: نعم.. لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك لأنصرنك نصرًا موزرًا.


أول الناس إسلامًا خديجة – رضي الله عنها – وأرضاها.. أسلمت خديجة وآمنت الزوجة الوفية ولم تكتف بإسلامها وإيمانها بل قدمت كل ما لديها في سبيل الله.


عام الحزن:


وفي عام واحد، العام العاشر من البعثة النبوية أصيب
رسول الله صلى الله عليه وسلم بحادثين جليلين جعلاه يسمي ذلك العام (عام الحزن) فقد توفي عمه أبو طالب الذي كان درعه الواقي، والذي كفله صغيرًا ورعاه يافعًا وحماه نبيًا ورسولاً ثم لحقته خديجة بعد أن مرضت واشتد بها المرض فحزن النبي صلى الله عليه وسلم وأحاط بالفراش حولها بناتها زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة يبكين على خير الأمهات وأكثر المجاهدات ثم دنا منها رسول الله صلى الله عليه وسلم باكيًا وهو يقول: ما أمرَّ الفراق يا خديجة سيكون قصرك في الجنة أعده الله من لؤلؤة مضيئة.



فتجيبه الصديقة مع أخر نسمة من نسمات الحياة.. إن شاء الله.
ويبكي النبي صلى الله عليه وسلم وتبكي بناته.. ويخلو البيت الكريم من الشعلة الإيمانية التي أضاءت جوانبه وآفاقه ثمانية وعشرين عامًا.


ولحقت خديجة – رضي الله عنها – بالرفيق الأعلى مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة seifellah الجيريا
بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فحريُّ بالمسلم والمسلمة معرفة أصحاب الفضل ممن صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقاموا معه وجاهدوا في سبيل الله وصبروا على المشقة والعنت والأذى، والضيق لرفعة راية هذا الدين.

وممن لهم قدم صدق وجهاد معلوم أم المؤمنين خديجة بنت خويلد! فيا ترى من هي هذه الأم الفاضلة؟


نسبها وولادتها:


كان والدها خويلد بن نوفل زعيم بني أسد بن عبد العزى شقيق عبد مناف وخليفته.. إليه ينتهي الفضل والكرم والسيادة بين قومه وعشيرته يطيعونه ويهابونه ويحترمون رأيه ويقدرونه.


ولقد حفظت قريش له شجاعته عندما تصدى له تبع ملك اليمن حين أراد أن يحمل معه الحجر الأسود إلى بلاده فمنعه من ذلك فنصبته قريش زعيمًا عليها لا ينازعه في ذلك أحد.


وكان له أخ اسمه (ورقة) اشتهر بين الناس بالحكمة وسداد الرأي وهو أحد أربعة خاصموا قريشًا في وثنيتها وعبادتها للأصنام ولما لم تستجب لهم اعتزلوها وما تعبد من دون الله.


ولادتها:


تزوج خويلد من فاطمة بنت زائدة بن الأحم القرشية – أجمل سيدات مكة – وأكثرهن صباحة وجه، وروعة حسن، فولدت له خديجة – رضي الله عنها – فكانت صورة عن والدتها إذ ورثت عنها الجمال الرائع والحسن الفتان، كما ورثت عن والدها خويلد الحزم والذكاء، واكتسبت من عمها ورقة العلم والحكمة.


نشأتها:
نشأت خديجة رضي الله عنه في بيت طاهر كريم مترف، ولما بلغت الخامسة عشر من عمرها خطبها (أبو هالة بن زرارة) مفتي قومه بني تميم وأكثرهم مالاً وأوسعهم ثراء..


فعاشت معه تقدره ويقدرها، وولدت له بنتين هما هالة وهند.. ولكن عجل القدر بوفاة الأب قبل أن تشب الطفلتان عن الطوق، وخلف لأسرته ثروة طائلة وتجارة رائجة رابحة.


ولما عرف عن خديجة – رضي الله عنها – من حسن وخلق، تنافس فتيان العرب على الاقتران بها، وفاز من بينهم عتيق بن عائد المخزومي.


وكان القدر بالمرصاد أيضًا، فلم يدع الزوجين يهنأن وينعمان، فاختطفت يد المنون عتيقًا دون أن ينجب ولدًا.


في ميدان التجارة:


انتقل عتيق إلى الدار الآخرة، وقد خلف لزوجته مالاً وخيرًا وثروة عريضة وتجارة واسعة فقامت على إدارتها وتوجيهها بما أبدته من خبرة ومعرفة وذكاء واستطاعت أن تمضي في دروب الحياة وتشقها بمنتهى الحكمة والفطنة، وكانت كلما تقدم إليها خاطب ردته بأدب ولباقة.. عازفة عن الزواج: لأنها قد مرت من قبل بتجربتين مريرتين.


لقد عملت خديجة – رضي الله عنها – في ميدان التجارة واستطاعت أن تؤسس في مكة بيتًا ضخمًا أصبح من بعد علمًا عليها، يعرف بها ورحلت قوافلها تمضي مصعدة إلى الشام أو هابطة نحو اليمن.. تغزو الأسواق تحمل منها ما يدر عليها الربح الوفير والمال الكثير.


الطاهرة (سيدة قريش):


لكن شهرتها – رضي الله عنها – لم تقف عند حد المال والجمال.. بل تعدت ذلك إلى سيرتها التي كانت نبراسًا لكل فتاة ولكل أم، فعُرفت بين القاصي والداني بلقبي (الطاهرة) و (سيدة قريش) وكانت يد العناية الإلهية هي التي تحرك وتصرف.


وتعد خديجة لأن تكون بعد زمن يسير المسلمة الأولى.. وأم المؤمنين الأولى.. وسيدة نساء العالمين.. والزوجة المجاهدة الصابرة.


الأمين على تجارة خديجة:


كان الأمين صلى الله عليه وسلم حديث الناس في مكة بللا استثناء صفاته وأخلاقه ويحترمون أمانته وورعه، ويكبرون صدقه وصواب رأيه.


ولقد ترك كل ذلك في نفوس القرشيين عمومًا والمكيين خصوصًا انطباعًا في تقديره واحترامه صلى الله عليه وسلم.


وكانت خديجة بنت خويلد ممن يسمعون أخباره وأنباءه ويصغون إليها بإعجاب مشوق بلهفة، وكثيرًا ما حدثها بذلك خزيمة ابن عمها صديق (محمد) ورفيقه، وتحركت في أعماق نفسها مشاعرها وأحاسيسها.


فوجدت ذاتها يومًا ترسل رسولاً إلى أبي طالب تعرض عليه عرضًا سخيًا مقابل أن يتولى محمد الأمين أمر تجارتها وقوافلها المحملة بمختلف البضائع والعروض.. ورضي محمد بذلك واستبشر خيرًا بأفق جديد ينفتح في آفاق الحياة الرحبة وتهيأ للرحيل لكن (أبا طالب) كان شديد القلق على ابن أخيه الذي وصاه به خيرًا الراهب بحيرا فأتى إلى ميسرة غلام (خديجة) يحذره ويوصيه بمحمد وإزاء ذلك تركز اهتمام ميسرة على محمد صلى الله عليه وسلم يراقبه ويرعاه، تنفيذًا لوصية أبي طالب ولقد رأى ميسرة من أمر محمد العجب العجاب.


شخصية خارقة، وخلق دمث، وكلمة متزنة، ومشية كلها وقار، وحديث كله عذوبة وأمانة ما بعدها، وصدق بالغ وحنكة ودراية يعجز عنها فحول التجار، ورأى ما لا يمكن أن يستهان به، أو يمر به مرور الكرام.


رأى السماء تظله بظلالها حين يشتد لهيب الشمس وغمامة تتبعه في تنقلاته وتحركاته لتحميه من القيظ الشديد، وعندما آوى مرة إلى شجرة ليستريح في بعض ظلها أورقت.. واخضرت وزهت. لقد كان ما يراه ميسرة من أمر محمد صلى الله عليه وسلم غير مألوف بالنسبة إلى الناس فازداد حرصه الشديد عليه ورعايته له في الحل والترحال.

العودة الميمونة:


عندما عادت القافلة إلى البلد الحرام مكة المكرمة وقد ربحت بضاعتها وكثرت عليها وكان ربحها كثيرًا وفيرًا.. وعندما أذن مؤذن العير بالوصول فاقت خديجة – رضي الله عنها – على غير عادتها إلى سطح دارها تراقب القافلة، واللهفة بادية على وجهها.


وبكلمة وجيزة وأدب جم ووقار باسم أمضى (محمد) إلى (خديجة) بوقائع الرحلة وبعد انصرافه صلى الله عليه وسلم من عندها حدثها غلامها ميسرة عن البيع والشراء الوفير الذي يفوق أضعاف ما كانت تكسبه في المرات السابقة.. صفى ميسرة بين يدي سيدته شئون القافلة المالية، و (خديجة) – رضي الله عنها – في كل ذلك سماعة له مصغية بأذنيها وعواطفها تستزيده وسرح بها خيالها فكان قلبها يزداد خفقانًا ويضج بين جوانبها.


بين الواقع والرؤيا:


وقد رأت رضي الله عنها في منامها الشمس عظيمة مضيئة مشرقة.. أشد ما يكون الضوء جلالاً وجمالاً وسطوعًا تهبط إلى دارها من سماء (مكة) فيغمر ضؤوها ما يحيط به من أماكن وبقاع.


فسعت إلى ابن عمها (ورقة بن نوفل) تحدثه بذلك فقال لها: لك البشرى يا خديجة يا ابنة العم.. فهذه الشمس المضيئة علامة على قرب مجيء النبي الذي أظل زمانه.. ودخولها في ذلك دليل على أنك التي ستتزوجين منه.

رجع الرؤيا:


فكرت في ذلك مليًا، ثم استقرت على قرار، مضت إلى دار ابن عمها ورقة وحدثته من جديد بحديث ميسرة عن (محمد) والغمام الذي كان يظله في تنقلاته يحميه من وهج الشمس ولفحها وآذاها.. فهتف ورقة قدوس.. قدوس.. لقد قرب الأوان، واستدار الزمان، وآن له أن يشهد الآية الكربى وأبدت (خديجة) رغبتها لابن عمها بالاقتران من (محمد بن عبد الله) فوافقها.


وغادرت إلى دار هاشم ثم أرسلت نفيسة إلى محمد صلى الله عليه وسلم تذكرها عنده وتعرض عليه نفسها، فقال صلى الله عليه وسلم لنفيسة:


– ما بيدي ما أتزوج به..
– قالت: فإن كفيت ذلك.. ودعيت إلى الجمال والشرف.. ألا تجيب؟
– قال: فمن هي؟
– قالت: خديجة.
– قال: خديجة بنت خويلد.
– قالت: نعم.
– قال في ابتهاج: وكيف لي بذلك؟
– قالت: أنا أفعل.
– فقال صلى الله عليه وسلم: وأنا رضيت.


الزواج الميمون:


عمت الفرحة بيوت الهاشميين، وتناقل الناس النبأ العظيم وتقدم: (أبو طالب) يفتتح الحفل بالخطبة. فقال: الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل وجعل لنا بيتًا محجوبًا وحرمًا آمنًا، وجعلنا حكامًا على الناس.


أما بعد.. فإن ابن أخي هذا (محمد بن عبد الله) لا يوزن برجل إلا رجح به شرفًا ونبلاً وفضلاً وعقلا، وإذا كان في المال كل فإن المال ظل زائل وأمر حائل.


و (محمد) من قد عرفتم قرابته وقد خطب (خديجة بنت خويلد) وبذل ما عاجله خمسمائة درهم وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم وخطر جليل جسيم.


ثم تكلم ورقة بن نوفل ابن عم خديجة فقال:


الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت وفضلنا على ما عددت، فنحن سادة العرب وقادتها وأنتم أهل ذلك كله، لا تنكر العشيرة فضلكم، ولا يرد أحد عن الناس فخركم وشرفكم وقد غبنا في الاتصال بحيلكم وشرفكم فاشهدوا علي يا معشر قريش بأني قد زوجت (خديجة بنت خويلد) من (محمد بن عبد الله) على الصداق المسمى. ثم سكت.. فقال له أبو طالب قد أحببت أن يشركك عمها، فقام عمرو بن أسد فقال: اشهدوا علي يا معشر قريش أني قد أنكحت (محمد بن عبد الله) (خديجة بنت خويلد) فهو والله الفحل الذي لا يقرع أنفه.. ثم احتفل بالزفاف وأمرت خديجة مواليها أن يضربن بالدفوف ويغنين، وقال أبو طالب: الحمد لله الذي أذهب عنا الكرب ودفع عنا الغموم.. وتأسس البيت النبوي الكريم.



وكانت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها يومذاك في الأربعين من عمرها والنبي صلى الله عليه وسلم في الخامسة والعشرين.



وانتقل عليه الصلاة والسلام من بيت عمه أبي طالب إلى بيت خديجة ومرت أيام الحياة الزوجية على أهنأ ما تكون، فقد كان هذا الزواج في حقيقته زواج عقل راجح إلى عقل راجح وأدب جم وطيب خلق إلى مثله.



زهرات بيت النبوة:



وبعد مرور عام وبعض عام أنجبت خديجة رضي الله عنها (زينب) كبرى بنات النبي صلى الله عليه وسلم فملأت البيت بالحركة والحيوية.. وبعد ذلك بعام وضعت (رقية) فكانت محل الحب والإعزاز.. ثم عقبتها (أم كلثوم) ثالثة النجوم… فتهاجس الناس في أندية قريش بأن محمدًا لا يرزق إلا بنات.


وحين دخل العاشر من الزواج الميمون كانت قد حملت خديجة وتمنى المحبون الغيورون أن يكون المولود ذكرا.. وحلت في ذلك العام بقريش كارثة؛ إذ احترقت أستار الكعبة ومر بها سيل جارف فصدع جوانبها وأسقط بعض جدرانها، وتنافس الناس في البناء بعد رهبة وفزع وشمَّر الجميع عن ساعد الجد.. وحينما بلغوا موضع الحجر الأسود اختلفوا… إذ تطلعت كل قبيلة لأن تحظى بشرف إعادته إلى مكانه من الركن، ثم اشتد النزاع وامتدت الأيدي إلى مقابض السيوف، ولولا كلمة صدرت عن أمية بن المغيرة المخزومي فحجزتهم لفتك بعضهم ببعض إذ قال لهم: يا معشر قريش اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم، فقبلوا جميعًا ثم تعلقت عيونهم على الباب تنتظر القادم المجهول.. بينما هم كذلك إذ أقبل وجه يضيء كأنه البدر ليلة التمام عليه الصلاة والسلام، فصاح الناس جميعًا: هذا محمد بن عبد الله رضينا بحكمه واستبشرنا بطلعته.


الحكمة النبوية:



ثم حكموه فيما هم فيه مختلفون، وبحكمته البالغة صلى الله عليه وسلم حُقنت دماء قريش في قصة معروفة وغادرهم إلى بيته قلق البال على زوجته التي تركها وهي تعاني من آلام الوضع وعلى بعد خطوات من باب بيته صلى الله عليه وسلم تلقى البشرى لقد وضعت خديجة الوليدة الجديدة الرابعة (فاطمة الزهراء) وجاءت الزهراء مع البشرى.


وبعد أن رزق صلى الله عليه وسلم منها الذرية.. بدأ فجر الإسلام ينبثق فتتابعت الرؤى يردف بعضها بعضًا.. فأخذ يحدثها بكل ما يراه ويعتريه.. فتستمع له بنفس مبتهجة وصدر منشرح وجميع أحاسيسها ومشاعرها لا تفارق الابتسامة العذبة فمها ثم تثبته على ما هو فيه وتبعث في ذاته الشريف العزم والتصميم.. وفي غار حراء وعندما هل هلال رمضان من ذلك العام.. كان انصراف النبي صلى الله عليه وسلم وخلواته وتأملاته أشد من ذي قبل وأبلغ وكانت خديجة تهيئ له زاده وتوفر جو الخلوة في سكنه، داعية ربها بأن يحفظه ويكلأه ويرعاه وفي يوم البشرى هبط جبريل بالأمر إلى الرسول الأمين قائلاً له: اقرأ فقال: ما أنا بقارئ.. فغطه جبريل ثم أرسله وقال: اقرأ فعل ذلك ثلاث مرات بعد ذلك غادر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصدر الحنون والقلب الكبير والنفس المواسية إلى خديجة يحدثها بما رأى وسمع وهو يقول: زملوني.. زملوني فانصاعت رضي الله عنها لطلبه وزملته وهي تقول أبشر يا ابن العم واثبت فقد أريد بك الخير العظيم وإنك والله لأهل لكل خير والله لا يخزيك أبدًا.. إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقرئ الضيف، وتعين على نوائب الحق وما زالت به حتى طعم وشرب وضحك وذهب عنه روعه، ثم أنها رضي الله عنها قصدت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل تحدثه بحديثه وشأنه صلى الله عليه وسلم.. وما أن فرغ حتى هتف ورقة قدوس.. قدوس.. والذي نفس ورقة بيده لقد جاءك الناموس الأعظم الذي كان يأتي موسى.. وليتني أكون حيًا إذ يخرجك قومك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أمخرجي هم؟


فأجاب ورقة: نعم.. لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك لأنصرنك نصرًا موزرًا.


أول الناس إسلامًا خديجة – رضي الله عنها – وأرضاها.. أسلمت خديجة وآمنت الزوجة الوفية ولم تكتف بإسلامها وإيمانها بل قدمت كل ما لديها في سبيل الله.


عام الحزن:


وفي عام واحد، العام العاشر من البعثة النبوية أصيب
رسول الله صلى الله عليه وسلم بحادثين جليلين جعلاه يسمي ذلك العام (عام الحزن) فقد توفي عمه أبو طالب الذي كان درعه الواقي، والذي كفله صغيرًا ورعاه يافعًا وحماه نبيًا ورسولاً ثم لحقته خديجة بعد أن مرضت واشتد بها المرض فحزن النبي صلى الله عليه وسلم وأحاط بالفراش حولها بناتها زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة يبكين على خير الأمهات وأكثر المجاهدات ثم دنا منها رسول الله صلى الله عليه وسلم باكيًا وهو يقول: ما أمرَّ الفراق يا خديجة سيكون قصرك في الجنة أعده الله من لؤلؤة مضيئة.



فتجيبه الصديقة مع أخر نسمة من نسمات الحياة.. إن شاء الله.
ويبكي النبي صلى الله عليه وسلم وتبكي بناته.. ويخلو البيت الكريم من الشعلة الإيمانية التي أضاءت جوانبه وآفاقه ثمانية وعشرين عامًا.


ولحقت خديجة – رضي الله عنها – بالرفيق الأعلى مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.

الجيرياالجيرياالجيرياالجيرياالجيرياالجيرياالجيرياالجيريا

فإن الذكرى تنفع المؤمنين 2024.

كنت قد اقترحت على المشرفين ما يلي إلا أن الفكرة ماتت في المهد وصلى عليها الأعضاء أربعا :

اقترح حذف المواضيع التي لا تهدف إلى التثقيف و البعيدة عن النقاش الجاد وكذلك التي تكتب بالعامية غير المفهومة، الالتزام باللغة الفصحى أفضل، سواء كانت الفرنسية أو العربية أو غيرها دون أخطاء ما أمكن، ومن ظن أنه لا يقدر نقول له جرّب.
لو اطلع التلاميذ على بعض المداخلات والمواضيع لسخروا من رجال التربية والتعليم وهم لا يدركون أن أصحابها ليسوا في الغالب من أسرة التعليم.

أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم

زيد بن محمد:


هو زيد بن حارثة بن شرحبيل، وقصته طريفة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحياة زينب بنت جحش -رضي الله عنها- وكذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم.

كان طفلاً صغيرًا وقع في السبي، حين أغارت طائفة من قطاع الطرق والصعاليك على القافلة التي كان زيد فيها مع أمه، وقد قصدت زيارة أهلها فأخذ منها وبيع في أسواق مكة، واستقر في بيت خديجة وحين تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدته إليه.


وأخذ أهله يبحثون عنه في كل مكان ثم عرفوا أنه عند محمد بن عبد الله بن عبد المطلب في مكة فجاءوا لفدائه والعودة به.


فلما دخلوا الدار عرفوا بأنفسهم وغرضهم وأثنوا على طيب عنصر النبي صلى الله عليه وسلم وكريم خلقه، فأخرج إليه زيدًا ثم سأله: أتعرف هؤلاء؟
قال: نعم، هذا أبي وهذا عمي.
ثم قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتريدون خيرًا مما تطلبون؟».
قالوا: وما هو؟
قال صلى الله عليه وسلم: «أخيّره.. فإن أختاركم فهو حر لوجه الله -تعالى-، وإن اختارني فأشهدوا أنه مني بمنزلة الولد يرثني وأرثه».


فقالوا: لقد أنصفت.


وحين خير زيد في ذلك قال: أنا ليست بالذي أختار عليك أحدًا فخرج أهله من عند محمد صلى الله عليه وسلم وهم مطمئنون واثقون من حسن اختياره وطيب مقامه.


وكان ذلك قبل البعثة النبوية، ولقد أشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك أهل مكة إذ نادى به على الملأ من قريش عند الكعبة، ليعرف القاصى والداني ذلك ومن ذلك الحين أصبح زيد بن حارث يعرف بزيد بن محمد وكانت عادة التبني سارية وعرفًا متبعًا في الجاهلية واستمر الأمر على ذلك زمنًا حتى أنزل الله – تعالى – حكمه في كتابه العزيز: }ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ{ [الأحزاب: 5].


فعاد زيد إلى نسبه الأصلي الأول وظل على ولائه
لرسول الله صلى الله عليه وسلم مخلصًا محبًا وفيًا أمينًا مسلمًا مؤمنًا تقيًا والنسبة للآباء أولى وأجدى وأضمن لسلامة الأحساب والأنساب في المجتمعات الإنسانية حتى لا تضيع أو تضل في متاهات الصلات البشرية.



زينب فتاة قريش:


وكانت زينب بنت جحش بن رئاب المخزومية، وأمها أمية بنت عبد المطلب الهاشمية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت زينب زينة فتيات مكة تتباهي بأصالة أرومتها وطيب عنصرها فقد جمعت المجد من طرفيه قمة في فصاحة اللسان، وذروة في الفضائل والأخلاق.


أسلمت وآمنت وبايعت وظلت عزباء، إذ ردت كثيرًا من الأيدي التي تقدمت لها، لأنها لا تجد فيمن رغب بالزواج منها تكافؤًا اجتماعيًا.


زوجها من زيد المولى:


بعد أن هاجر المسلمون من مكة إلى المدينة، أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبني المجتمع المدني على أسس جديدة فيها الثورة على كل الأعراف الجاهلية وقيمها الزائفة، أراد أن يبني المجتمع على قاعدة صلبة في الإخاء الإنساني في الله، بحيث تكون بشرية الإنسان والفرد وتقواه مع الله هي مؤهلاته فقط.. لا ماله ولا حسبه ولا نسبه ولا سلطانه.


بدأت الأخوة في الله تأخذ سبيلها وتمضي نحو غايتها، ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لزينب بنت عمته: «إني أريد أن تتزوجي من زيد بن حارثة» وفاجأها الطلب وهز كيانها كله.


فقالت: يا رسول الله لا أرضاه لنفسي وأنا أيم قريش فقال – عليه الصلاة والسلام -: «أما أنا فقد رضيته لك».
وكان القول الفصل فما دام رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي ارتضى زيدًا لزينب فمعنى ذلك حكمة ما بعدها حكمة، وتم زواج المولى زيد بن حارثة من الفتاة القرشية ذات الحسب والنسب (زينب بنت جحش)، ولم يعد هناك من فرق بين الزوجين؛ لأن الإسلام سوى بينهما فأكرمهما عند الله اتقاهما.

حتى كان المفترق:


جاء ذات يوم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دار زيد يسأل عنه لحاجة يريدها فلما علمت زينب بمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجت مسرعة، وأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدم وجود زيد ثم دعته إلى الدخول فأبى -عليه الصلاة والسلام- رغم إلحاحها ثم غض بصره وأدار ظهره، وتمتم ببعض كلمات لم تسمعها زينب ولم تفهمها سوى أنها سمعته يقول: «سبحان الله سبحان مصرف القلوب».


قلب الرسول البشر:


}قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا{ [الإسراء: 93] لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرًا يحس إحساسهم ويتفاعل في كيانه عوامل البشرية الإنسانية.


عاد زيد إلى الدار فأخبرته زينب بكل الوقائع من سؤال
النبي صلى الله عليه وسلم عنه حتى منصرفه عن باب الدار إلى ما كان يردده من قول وهو في طريق الأوبة؛ عندئذ أسرع زيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولبى حاجته التي جاء من أجلها، ثم دار الحوار بين زيد وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن زينب فرد عليه الرسول الكريم قائلاً: «أمسك عليك زوجك» ردد العبارة أكثر من مرة في عزم وتصميم واستمساك بحبل الله المتين؛ لأنه كانت من عادة الجاهلية أن يمتنع المتبني عن الزواج من قريبة من تبناه، لأنه كان بمنزلة الولد فلما جاء الإسلام وأبطل عادة التبني ورد الأمر إلى أصوله وجذوره. قال تعالى: }ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ{ [الأحزاب: 5].



أراد أن يحق الحق بكلماته ويبطل تلك العادة كلية بأصولها وفروعها وأن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو القدوة في هذا الشأن: }لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا{ [الأحزاب: 21].


ودبر الأمر – سبحانه – على الكيفية والصورة المثالية ثم أعقبها بحكمه الشرعي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه: }لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ{ [الأحزاب: 37].


استحكم الخلاف بين زيد وزينب وذلك في شأن من شئون الدنيا ومتاع الحياة وغرض منزلي وهو يرى رأيًا وهي ترى رأيًا آخر.


فكان رضي الله عنه يأتي رسول الله طالبًا أن يساعده في الخلاص من زينب والتفريق بينهما ليأخذ طريقه في الحياة، فيردد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «أمسك عليك زوجك» وتكرر الطلب من زيد كما تكرر الرد من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخيرًا جاء الأمر من السماء بالتفريق وبزواجه صلى الله عليه وسلم من زينب، يقول الله – عز وجل – في كتابه الكريم: }فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا{ [الأحزاب: 37].


الزواج:


فلما انقضت عدتها من زيد، أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم خادمته سلمى لتخبر زينب برغبته – عليه الصلاة والسلام – بالزواج منها، فلما سمعت زينب بذلك خرت ساجدة وقد استبدت بها الفرحة ثم فأعطت الخادمة التي بشرتها هدايا قيمة ثمينة جزاء ما أخبرتها الخبر الطيب، الخبر الذي كانت تنتظره منذ أمد بعيد كي تنال الحظوة والشرف العظيم وتدخل في عداد أمهات المؤمنين، وتتفيأ ظلال بيت النبوة الكريم.


أعظم الولائم وليمة العرس التي أولمها رسول الله صلى الله عليه وسلم عند زواجه من زينب إذ ذبح فيها شاة ودعا إلى الوليمة ما يزيد عن سبعين رجلاً من جلة أصحابه وكبار إخوانه حتى قيل إنه لم يبق في المسجد يومها أحد إلا وحضر الطعام وأكلوا جميعًا باسم الله.


الأمر بالحجاب:


مكث الحاضرون المدعوون في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتًا طويلاً أطول من اللازم ومن المألوف يتحدثون ويتسامرون ورسول الله صلى الله عليه وسلم مشغول بينهم وبين زوجته زينب حتى إنه تأذى من ذلك ولكنه أخفاه في نفسه وفي هذا نزل قوله تعالى: }يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ…{ [الأحزاب: 53].


فرحة زينب – رضي الله عنها -:


قالت زينب – رضي الله عنها -: لما جاء الرسول بتزويج رسول الله إياي جعلت لله علي صوم شهرين.
فلما دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت لا أقدر أن أصومها في حضر ولا في سفر تصيبني فيه القرعة، فلما أصابتني القرعة في المقام صمتها، ولقد وصفتها أم سلمة أم المؤمنين – رضي الله عنها – فقالت: كانت لرسول الله معجبة وكان يستكثر منها وكانت امرأة صالحة صوامة قوامه (تجيد الصناعة باليد كالخياطة والغزل وغير ذلك) تتصدق بذلك كله على الناس.


مفاخرتها نساء النبي صلى الله عليه وسلم وإعجابها بنفسها:


كان فد سبق لنا القول عن إعجاب زينب بنفسها في الجمال والمال والحسب، وكان ذلك من أعراف الجاهلية والسبب المباشر في تأخر زواجها، ولقد كان من هموم النبي صلى الله عليه وسلم في بناء الشخصية أن يقتلع من جذور النفوس تلك الرواسب وينقيها ويهذبها ويهديها سواء السبيل، كما أننا عرفنا أن من أسباب تزوج زينب – رضي الله عنها – من زيد بن حارثة المولى، كسر حدة تلك الظاهرة لدى زينب، لقد خفت ولكنها لم تنته وما اضطربت حياتها مع زيد رضي الله عنه إلا بسبب ذلك، ثم بعد زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدت نفسها ضمن مجموع من لآلئ العقد الثمين، ومن أمهات المؤمنين – رضي الله عنهن – ولا تعدو أن تكون واحدة منهن لكن عامل الغيرة في الكيان الأنثوي يقبع إلى حين فإذا ما تبدت الفرصة تحرك وأعلن عن نفسه فيروى أنه جرت ذات يوم ملاحاة بينها وبين عائشة – رضي الله عنها – التي كانت تغار منها غيرة شديدة.
فقالت زينب: إني والله ما أنا كأحد من نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنهن زوجن بالمهور وزوجهن الأولياء، وزوجني الله رسوله، وأنزل في الكتاب يقرأ به المسلمون لا يبدل ولا يغير.


المتصدقة بالأموال:


كانت شهرة زينب – رضي الله عنها – بشأن الصدقة أكثر منهن جميعًا فما كانت لترضى أن تبيت درهمًا في دارها قبل أن تتصدق به على من هو بحاجة إليه، تنفق كل ما يصل إلى يدها من عطاء تقربًا إلى الله – تعالى – واقتداء بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.


يروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أرسل إلى أم المؤمنين زينب بالذي لها من الصلة والرزق فلما أدخل عليها قالت: غفر الله لعمر غيري من إخواني كان أقوى على قسم هذا مني، فقالوا: هذا كله لك قالت: سبحان الله، ثم استترت بثوب وقالت صبوه واطرحوا عليه ثوبًا وقالت لبرة بنت نافع: أدخلي يدك فاقبضي منه قبضة فاذهبي بها إلى بني فلان وبني فلان من أهل رحمها وأيتامها حتى بقيت بقية تحت الثوب فقالت لها برة: يا أم المؤمنين غفر الله لك والله لقد كان لنا في هذا حق، فقالت: لكم ما تحت الثوب، قالت برة: فوجدنا تحته خمسة وثمانين درهمًا ثم رفعت زينب يدها إلى السماء فقالت: اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هذا.


ويروى أن عطاءها بلغ اثني عشر ألف درهم، لم تأخذ إلا في عامها هذا وفرقته على اليتامي والمساكين والمحتاجين، لقد كانت جميع زوجاته صلى الله عليه وسلم حريصات على البر بالمساكين والمحتاجين ولا يدخرن وسعًا في الإنفاق والبذل راجيات من الرب الكريم أن يتقبل صدقاتهن أحسن القبول.


المتصدقة بالأكفان:


ولما حضرتها الوفاة في العام العشرين من الهجرة وكانت قد بلغت الثالثة والخمسين من عمرها أرسل لها عمر بن الخطاب رضي الله عنه بخمسة أثواب من الخزائن يتخيرها ثوبًا ثوبًا، فكفنت فيها وتصدقت أختها (حمنة) عنها كما أوصيت بكفنها الذي أعدته لتكفن فيه، وبهذا التصرف تعطي زينب أم المؤمنين – رضي الله عنها – للمؤمنين والمؤمنات من بعدها خير المثل وأعظمه في احتساب ماديات الدنيا كلها عرضًا زائلاً تبتغي به الدار الآخرة التي هي أخلد وأبقى.


والصلاة عليها ودفنها:


روى القاسم بن عبد الرحمن قال: لما توفيت زينب بنت جحش أم المؤمنين – رضي الله عنها – وكانت أول نساء النبي لحوقًا به (وقد سبق أن قلنا أن سودة بنت زمعة هي أول نسائه لحوقًا به وهو أولى) فلما حملت إلى قبرها فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إني أرسلت إلى النسوة يعني أزواج النبي حين مرضت هذه المرأة: أن من يمرضها ويقوم عليها، فأرسلت إليهن حيث قبضت: من يغسلها ويحنطها وكفنها فأرسلن نحن فرأيت أن قد صدقن.


ثم أرسلت إليهن: من يدخل قبرها؟ فأرسلن من كان يحل له الولوج عليها في حياتها فرأيت أن صدقن فاعتزلوا أيها الناس فنحاهم عن قبرها ثم أدخلها رجلان من أهل بيتها، وكان عمر رضي الله عنه هو الذي صلى عليها وتبع جنازتها حتى البقيع، وانتظر حتى فرغ من حفر القبر تكرمة لها واعترافًا بفضلها ومكانتها رضي الله عن أم المؤمنين وزوجة رسول رب العالمين.

بارك الله فيك

ساهموا في إتمام بيت الله مسجد خديجة أم المؤمنين 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم

ساهموا في إتمام بيت الله مسجد خديجة أم المؤمنين

العنوان: حي لقرابص
بلدية بكوش لخضر 21009
ولاية سكيكدة
الجزائر

الحساب البنكي:
البنك الوطني الجزائري بعزابة
رقم: 63/485.0201700108
قيمة الاشغال المتبقية حوالي :1000000دج (عشرة ملايين دينار جزائري)
القائم بالأشغال: اللجنة الدينية المسجدية لمسجد القرابص
الاعتماد رقم 59 بتاريخ 14/11/2017
المقيمة: ببكوش لخضر
الرئيس:قايدي أحسن
رقم الهاتف: 0557011382
e-mail: – ط§ظ„ط¨ط±ظٹط¯ ط§ظ„ط¥ظ„ظƒطھط±ظˆظ†ظٹ ط­ط°ظپ ظ…ظ† ظ‚ط¨ظ„ ط§ظ„ط¥ط¯ط§ط±ط© (ط؛ظٹط± ظ…ط³ظ…ظˆط­ ط¨ظƒطھط§ط¨ط© ط§ظ„ط¨ط±ظٹط¯) –

وذكر ان الذكرى تنفع المؤمنين 2024.

لغناء الذي يلعب على وتر الغريزة أصبح فن… !
و الرشوة أصبحت قهوة..
و الإختلاط أصبح تحضرا.
و التبرج أصبح أناقة.
و التعري أصبح حرية..
و الزنا أصبح علاقة عابرة..
و الأمر بالمعروف أصبح تزمتا..
و النهي عن المنكر أصبح تخلفا
إبليس كان صريحاً معنا منذ البداية وأخبرنا بأنه
سوف يضلنا في الدنيا ويتخلى عنا في الآخرة ولكن
" صمٌ بكمٌ عميٌ فهُم لايعقلون".
كلام يحزن القلب على زمن التحضر
إذا نصحت أحداً بترك معصية كانت ردة
يقول لك : أكثر الناس تفعل ذلك لست وحدي !!
وﻟﻮ ﺑﺤﺜﺖ ﻋﻦ ﻛﻠﻤﺔ ” ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ” ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻟﻮﺟﺪﺕ ﺑﻌﺪﻫﺎ
(أكثر الناس ﻻ‌ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ
-أكثر الناس ﻻ‌ ﻳﺸﻜﺮﻭﻥ
-أكثر الناس ﻻ‌ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ )
ﻭﻟﻮ ﺑﺤﺜﺖ ﻋﻦ ﻛﻠﻤﺔ ” ﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ” ﻟﻮﺟﺪﺕ ﺑﻌﺪﻫﺎ
(أكثرهم ﻓﺎﺳﻘﻮﻥ
– أكثرهم ﻳﺠﻬﻠﻮﻥ
-أكثرهم ﻣﻌﺮﺿﻮﻥ
-أكثرهم ﻻ‌ ﻳﻌﻘﻠﻮﻥ
-أكثرهم ﻻ‌ ﻳﺴﻤﻌﻮﻥ )
ﻓﻜﻦ أﻧﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻴﻬﻢ :
{ ﻭﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﻱ ﺍﻟﺸﻜﻮﺭ }
{ ﻭﻣﺎ ﺁﻣﻦ ﻣﻌﻪ ﺇﻻ‌ ﻗﻠﻴﻞ }
{ ﺛﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻷ‌ﻭﻟﻴﻦ ﻭﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻵ‌ﺧﺮﻳﻦ }… !!

حياكم الله وبارك الله فيك

نسال الله الرْحمة والهداية

~~ بــــآرك الله فيك موضوع رآئـــع .. أثــآبك الله الجنة ~~

جزاك الله ألف خير
شكرا جزيلا لك
كطلمات معبة وجميلة جدا جدا