لا أريد أن أخوض في معترك الحلال والحرام في موضوع تمثيل الصحابة , فذلك
له علماء ومشايخ أفاضل مختصين في مجالهم , وقد قيل من تكلم في غير فنه
جاء بالعجائب , ولكن أريد أن اطرحه من ناحية أخرى ربما تربوية أو
اجتماعية أو ربما بدافع الغيرة أو سمّوها ما شئتم فلا مشاحة في
المصطلحات.
الجانب الأول هو الاحترام والتقدير وسمو الصورة التي نحملها لهم في
قلوبنا , ولست أعني الصورة القدسية كلا , بل صورة الأدب الجم لهم , وأنهم
بمقام القدوة لنا , وأنهم نجوم حقيقيون أضاءوا سماءنا بعلمهم وعملهم فرضي
الله عنهم أجمعين. فهل يستطيع أي شخص أن ينقل الصورة الحقيقة لإيمانهم
الكامن في قلوبهم والتي كانت و ما زالت تشع ضياء على أرض الواقع عن طريق
أقوالهم وأفعالهم, فمن يستطيع أن يجرؤ ويدعي أنه يمكنه أن يمثل ذلك
المشهد أو الموقف؟!.
ثانيا إن النشء الجديد سوف ترتبط لديهم الصورة بالصفة والتمثيل
بالحقيقة. إن عقولنا ركبت فيها ملفات تخزن الصورة مع الاسم , ففي كل مرة
نذكر اسم شخص بعينه ترتبط تلك الصورة في مخيلتنا شئنا ذلك أم أبينا.
فتخيلوا معي أنه في كل مرة نقرأ أو نسمع عن اسم صحابي سوف ترتبط تلك
الصورة التي رأينها له في ذلك المسلسل , وسوف تظل هذه صورة مخزنة في
الذاكرة هكذا خلقت عقولنا , ولن نستطيع أن نمحو تلك الصورة حتى و لو
أتينا بواحدة جديدة سوف تظل الصورة القديمة هناك مطبوعة في أرشيف المخ.
ثالثا لا أظن أن هناك حاجة ملحة وضرورية لتصوير الصحابة رضي الله عنهم,
فهناك مئات بل الآلاف من الشخصيات التاريخية الأخرى التي ممكن أن تمثل.
أضف إلى ذلك صحة النقل التاريخي فالذي سوف يُنقل إلينا يعبر عن وجهه نظر
كاتب السيناريو ومراجعيه ! , وعن كيفية فهمهم للنصوص والأحداث التاريخية
. وأشد من ذلك أنه قد تحدث أخطاء فادحة يتطلبها طبيعة العمل الفني
والبهرجة الإعلامية !.
رابعا هل سوف نتأثر بهذا المسلسل أو ذلك, وهل سينتج عن ذلك تغيير
لمفاهيمنا أو سلوكياتنا أو الرقي بها إلى مستوى أفضل ؟ لا أعتقد ذلك
أبدا. بل أننا في الأصل ننظر إلى المسلسلات على أنها مادة للتسلية وليست
وسيلة لتغيير الأفكار والمعتقدات ثم السلوك, فذالك معترك أخر له مواطن
كثيرة غير المسلسلات والتلفزيون!.
وأخيرا , فلنفكر ألف مرة ونحسب العواقب جيدا قبل طرح مثل هذه المسلسلات
والسيناريوهات, فنحن هنا نتكلم عن صفوة الصفوة في تاريخ البشرية رضوان
الله عليهم أجمعين. ويكفينا قوله عليه الصلاة والسلام في حقهم " إذا
ذكر أصحابي فأمسكوا " وفي الحديث الآخر " فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم
أنفق مثل أحد ذهبا ، ما بلغ مد أحدهم ، و لا نصفيه ".
ملاحظة : كاتب المقال عبدالله سعد الغنام
كلام موزون ومقنع ولا يجب ان تدفعنا غيرتنا المشروعة على الصحابة الكرام بالقول بالحرمة مطلقا فمن يتساهل في التحريم بدافع التدين مثله كمن يتساهل في التحليل بدافع الحداثة
هنا مقال قيم متعلق بالموضوع:
https://www.saaid.net/Doat/binbulihed/266.htm