الموضوع الثاني: قال سيجموند فرويد : " إن فرضية اللاشعور فرضية لازمة و مشروعة "
طريقة الحل : الاستقصاء بالوضع
1/ المقدمة ( طرح المشكلة ): 4/4
لقد ظل الفلاسفة الكلاسيكيون يعتقدون بأن الشعور يتسع لجميع حياتنا النفسية ، و أنه لا توجد حياة نفسية لا نشعر بها ، لكن التجربة النفسية كشفت بوضوح أننا نعيش كثير من الحالات نجهل أسبابها و هذا يدفعنا إلى الاعتراف بصدق الأطروحة التي ترى أن الحياة النفسية حياة لاشعورية ، و عليه ، كيف يمكننا إثبات وتبني الأطروحة التي ترجع نشاطاتنا النفسية إلى اللاشعور ؟
3/التوسيع (محاولة حل المشكلة ) 12/12
مما لاشك فيه أن حياتنا النفسية هي حياة لاشعورية ، فالدراسات التحليلية(1)الحديثة كشفت أن النفس أعمق من أن نحصرها في نطاقها الشعوري ، لأن هذا الأخير يشكل مجالا ضيقا فيفي حياتنا النفسية، لذ ا يجب التسليم بوجود مجال خفي من النفس الإنسانية يتحكم عن بُعد في أحوالنا الباطنية دون شعور منا ، ومن العلامات التي لفتت انتباه فرويدعلى وجود اللاشعور :زلات القلم واللسان ،النسيان...فمثلا الشخص الذي ينسى موعدا مع شخص آخر فإن ذلك يرمز إلى رغبة لا شعورية في الفرار منه و عدم لقائه لأمر ما ، يقول محمد وقيدي :" لابد من افتراض جانب لاشعوري من الحياة النفسية يُكبت لتعارضه مع متطلبات الواقع " وهو جانب يسيطر على الجزء الأعظم من حياتنا النفسية .
دعم الأطروحة بحجج شخصية:
ومن الحجج التي تؤكد هذه الأطروحة: أن المريض بالهستيريا أثناء تنويمه مغناطيسيا يصل الطبيب تدريجيا إلى تحديد أسباب خفيةتتحكم في ظهور أعراض نفسية لدى المريض دون أن يكون على وعي بها ، كما يرى علماء النفس أن الناس يطورون حيلا دفاعية شائعة مثل الكبت و ذلك من أجل طرد المشاعر المزعجة والذكريات المؤلمة من الجزء الواعيإلى الجزء غير الواعي من عقولهم ..
و التبرير نوع من الحيل التي تؤكد وجود اللاشعور ومن أمثلة ذلك أن الشخص الذي لم يتمكن من النجاح في مسابقات التوظيف فإنه يلجأ إلى اختلاق عيوب تبرر عدم نزاهة المسابقة .
و أيضا طريقة تداعي المعاني التي تبناها "يونغ " تكشف عن بعض هذه المعاني اللاشعورية في حياتنا النفسية بحيث يقوم الطبيب بإسماع مفحوصه مائة كلمة ، مع مطالبته بأن يجيب عما يمكن أن توحي إليه كل كلمة من معاني ،ـ و هذا يساعد على إخراج بعض الرغبات من حالة الغياب إلى حالة الحضور .كأن يقول له : ماذا تعني كلمة " خيانة"بالنسبة لك ، فربما يرتبك المريض قبل الإجابة ، أو تزداد نبضات قلبه ، مما يؤكد كبته لبعض الذكريات المؤلمة .ـ
وخلافا لهذه الأطروحة نجد أن مواقف خصومها تؤكد على دور الشعور كمبدأ للحياة النفسية وتستبعد وجود حياة لا يشعر بها الإنسان وقد عبر ديكارت عن هذا الرأي بقوله :" ليست هناك حياة خارح الروح سوى الحياة الفيزيولوجية" ، و هنا ينفي ديكارت الفصل بين الشعور و النفس لأنهما يمثلان شيئا واحدا بالنسبة إليه فيقول : " كل ماهو نفسي يرادف ما هو شعوري"
لكنمعطيات علم النفس التحليلي تنفي وجود تطابق بين الحياة النفسية و الحياة الشعورية ، فالأحلام مثلاتؤكد وجود رغبات منفية في ساحة اللاشعور تؤثر في الحياة النفسية و هذا يدل على التطابق الفعلي بين ما هو نفسي وما هو لاشعوري ، و لولا وجود هذا التطابق لما تمكن فرويد من إشفاء كثير من الحالات المرضية التي كانت تنذرعن وجود علاقة وطيدة بين الأمراض و الصدمات المكبوتة ، وهذا ما يبرره بقوله "أن النشاطات اللاشعورية بمجرد أن تصبح شعورية فإن أعراضها تزول" .
3/ الخاتمة ( تأكيد مشروعية الدفاع ) 4/4
و في الخلاصة يجب التسليم بحقيقة وجود النشاطات اللاشعورية ، التي تَأكد ـ بناءً على البراهين السابقة ـ أثرُها المباشر في التحكم في أحوالنا النفسية، و هذا أمام تهافت براهين الخصوم ، ومنه فإن مقولة فرويد القائلة بأن : " فرضية اللاشعور فرضية لازمة ومشروعة " هي مقولة صحيحة في سياقها .و يمكن تأكيد مشروعيتها من أنها لم تكتف بمعالجة السلوك المرضي فحسب بل انتقلت إلى " تفسير مظاهر السلوك العادي " و هذا ما عجزت عن فعله النظريات الشعورية .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مدرسة التحليل النفسي .
بوشويحة بوحركات ـ القنادسةـ بشار