تخطى إلى المحتوى

التَوجِيهاتُ النَبَويَّة مَخرجٌ مِن الفِتَن وَعِصْمةٌ مِن الضّلالِ والزَلَلِ 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم

قال فضيلة الشيخ د.ربيع بن هادي المدخلي – حفظه الله تعالى -:
الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه
أما بعد:
فنحمد الله تعالى على هذا اللقاء الطيب على صعيد المحبة والأخوة في الله –عز وجل-, ونسأل الله أن يجمعنا بهذه المحبة في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله, وأن يجعلنا وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وإني لأنصح نفسي وإياكم بتقوى الله والإخلاص له, والثبات على الحق, والاعتصام بالكتاب والسنة, وبما كان عليه السلف الصالح من عقائد وعبادات ومنهج وأخلاق.
أوصيكم بهذه الأشياء وأن تهتموا بها غاية الاهتمام, وأن تجعلوها نصب أعينكم, وأن تتآخوا فيما بينكم, وأن تتحابوا, وأن تستخدموا أسباب المودة والمحبة والأُلفة, وأن تبتعدوا عن إثارة الفتن والمشاكل وأسباب الخلافات فيما بينكم, فالأسباب كثيرة فاجتنبوها.
واحرصوا على حفظ كتاب الله وما تستطيعون من سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -, والدراسة في كتب أهل العلم المعتبرين وتأليفات الأئمة المعتبرين من أئمة السنة, والبُعد عن كتب الأهواء والضلال, فإن كثيرًا ممن يتابع ويقرأ في مثل هذه الكتب والأشرطة يقع في انحرافات.
وقد حذر السلف من هذه المزالق, كتب الفتن والبدع وأشرطتهم إنها مدحضة ومزلة لكثير من الناس, وقد حذر السلف من كتب أهل الضلال؛ بل إن الصحابة أحرقوا بعض المصاحف لتتحد الأمة على مصحف واحد.
فهناك كثير من المغالطات لكثير من الناس يستخفون بعض الشباب في بعض النظريات الخطيرة, وهي القول أن نقرأ كتب الناس عمومًا بما فيها كتب الضلال ونأخذ الحق ونترك الباطل.
والواقع أن هذه مَصيَدَة ومكيدة للشباب السلفي, فإن الشاب الذي لم ترسخ قدمه في العلم ولم ترسخ قدمه في المنهج السلفي هو عرضة للانزلاق والانحراف إذا قرأ في كتب أهل الضلال والباطل.
وكثير من الشباب فعلاً اغتر بهذه المقولة الماكرة فذهب يقرأ ويستمع فكانت النتيجة هي الانحراف.
والرسول –عليه الصلاة والسلام– يوصي في أيام الاختلافات والتفرُّقات أن نتمسك بسنته وهديه وسنة وهدي الخلفاء الراشدين.
ولا يصل المرء إلى معرفة السنة وهدي النبي – صلى الله عليه وسلم – وهدي الخلفاء الراشدين إلا بالتشمير عن ساعد الجد لمعرفة هذه السنة وهذا الهدي, وأن يولي ظهره لأقوال المختلفين والمتفرقين.
فجِدوا في معرفة السنة وهدي النبي – صلى الله عليه وسلم – وتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ, وإياكم ومحدثات الأمور كما أوصاكم بذلك نبينا – صلى الله عليه وسلم -؛ فإن –والله- هذا هو المخرج من الفتن, وفيه العصمة, وذلكم سفينة النجاة, بارك الله فيكم.
فهذه التوجيهات النبوية فاحترموها وقدروها, واعلموا أن مخالفتها تؤدي إلى الانحراف -والعياذ بالله-؛ عدم العناية بها وعدم الاهتمام بها وعدم المبالاة بها كل ذلك يؤدي إلى الانحراف والوقوع في محدثات الأمور؛ فلا يعصم المرء من الوقوع في المحدثات إلا إذا اعتصم بكتاب الله وسنة رسوله وهدي خلفائه الراشدين.
ولا يتم ذلك إلا بالدراسة الجادة والوعي والاستيعاب لهذه السنة في مجال العقيدة والعبادة والمنهج وفي كل مناحي الحياة, والجهل بذلك أو التساهل فيه يؤدي إلى الوقوع في البدع والضلالات وهي المحدثات الواردة في هذا الحديث ((وَشَر الأُمُورِ محُدَثَاتُهَا)) ([1]) كما في حديث جابر – رضي الله عنه – في صحيح مسلم.
فعليكم أن تأخذوا بهذه النصائح والوصايا والتحذيرات من النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم -, وبذلك إن شاء الله تسلم عقائدنا ومناهجنا وأخلاقنا.
وأوصيكم فيما بينكم بالتعاطف والتراحم والتواد, والحرص على الأسباب الطيبة المباركة التي توجب هذه الألفة والمحبة, والبعد عن أسباب البغضاء والتحاسد والتدابر وما شاكل ذلك مما يجري بين كثير من الشباب.
وعليكم بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى- بالحكمة والموعظة الحسنة, ادعوا الناس؛ أهل البدع والأهواء والتحزبات والنصارى واليهود وغيرهم, ادعوهم إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وبالحجة والبرهان ((لأَن يَهدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيرٌ لَكَ مِن حُمرِ النَّعَم)) ([2]).
واحرصوا على الثبات على هذا المنهج العظيم على الوجه الذي ألمحنا إليه, واحرصوا على هداية الناس, ولا يكون ذلك إلا إذا تسلحتم بالعلم, وتسلحتم بالحكمة التي يرافقها الحجة والبرهان.
والناس بأَمَسِّ الحاجة إلى هذا الخير الذي يتمثل في المنهج السلفي المنبثق من كتاب الله ومن سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -؛ ولو أن المسلمين التزموا هذا المنهج حق الالتزام لرأيت كثيرًا من هذه الشعوب تُقبِل على الاسلام وتأخذ به.
ولكن انحرافات كثير من المسلمين الذين يعايشون الأوربيين والأمريكان وغيرهم عندهم انحرافات في عقائدهم, في عباداتهم, في أخلاقهم, وسائر معاملاتهم, شوهت صورة الإسلام وجمال الإسلام ونفرت الناس منهم, ولو قدموا للناس الصورة الحقيقة للإسلام, لو رأيتم كيف يقبلون على الإسلام.
ولكن للأسف الشديد كما قلنا وكما قال غيرنا: إن المسلمين شوَّهوا الإسلام ونفروا أعداء الإسلام منه ومنهم, وذلك يرجع إلى الجهل أو الضلال الذي يعيشه كثير من الفرق التي تنتشر في هذه البلدان, وسوء التعامل وسوء الأخلاق الذي يعطي صورة شوهاء عنهم وعن الإسلام, فمثَّلوا الإسلام كما يقال, وطبقوا الإسلام دينًا وعقيدةً وأخلاقًا, وإن شاء الله يهدي الله على أيديكم الكثير من أعداء الإسلام النصارى واليهود وغيرهم, كما يئوب إلى الحق وإلى جادة الصواب من انحرف عنه من هذه الفرق التي تعايشونها وتعانون منها المعاناة التي يشكو منها الكثير منكم.
نسأل الله أن يؤلف بين القلوب وأن يأخذ بالنواصي إلى الحق والخير إن ربنا لسميع الدعاء.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: اللباب من مجموع نصائح وتوجيهات الشيخ ربيع للشباب ص [275- 279] – طبعة الميراث النبوي.

([1]) أخرجه مسلم (867) من حديث جابر بن عبد الله – رضي الله عنه -.

([2]) أخرجه البخاري (2942), ومسلم (2406) من حديث سهل بن سعد – رضي الله عنه -.
موقع ميراث الأنبياء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.